نقاش المستخدم:هديل كامل/أرشيف 1

محتويات الصفحة غير مدعومة بلغات أخرى.
أضف موضوعًا
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
أرشيف هذه الصفحة صفحة أرشيف. من فضلك لا تعدلها. لإضافة تعليقات جديدة عدل صفحة النقاش الأصيلة.
أرشيف 1


اثر الاسلوبية في بناء العمل الدرامي التلفزيوني

ان لكل انسان فلسفته الخاصة في الحياة التي تشكل ملامح شخصيته وطريقة تعامله واسلوب حياته وان كان لم يتقصد ذلك ...فالاسرة وطريقة التربية والبيئة التي ينشأ بها الفرد تحدد مسار حياته والصورة الخارجية لسلوكه فكيف بالمبدع الذي يتعامل مع مفردات المادة ليعيد بث الحياة الجمالية فيها.

ان الفلسفة الخاصة والرؤيا الشخصية والموقف من العالم والحياة حيثيات لابد من توفرها في المبدع لتشخص اسلوبه الخاص في الابداع الفني على مختلف اشكاله.

ولقد اهتم النقد كثيراً بالاساليب الابداعية للمبدعين ...شعراء او رسامين او مخرجين او ممثلين ...حيث وصل الحال الى ان الناقد يمكن ان يجزم بأن اللوحة الفلانية تعود الى الرسام الفلاني ... والفلم الفلاني يعود الى المخرج الفلاني ... من دون الرجوع الى الاسم المثبت على اللوحة في مقدمة الفلم.

والدراسات في مجال تحديد الاسلوبية قديمة جداً في كافة مجالات الادب والفنون واللغة والشعر ولقد (نشأ علم الاسلوب في الحقيقة من مدرسة قديمة في علم اللغة والتاريخ وكان ذلك علماً لغوياً)-1- ... الا ان الدراسات الاسلوبية في الفن قد ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمبادئ الشكل والمضمون لان المخرج من خلال طريقة العرض والتقديم واختيار الموضوع الذي يتجانس معها يستطيع ان يجد له مسار او طريقة او كما يسمىاسلوباً (فالتعاون الوثيق بين الشكل والمعنى هو سر الاسلوب الاكبر) -2- ...حيث ان عناصر الصورة هي الوحدات الشكلية التي يركبها المخرج لتقديم الفكرة بأختزال معبر وموحي .... لذا يمكن ان نعالج فكرة ما عدت معالجات فنية وتقدم بعدة اشكال من قبل عدة مخرجين كلٌ حسب اسلوبه في التقديم ....والمخرج الذي لا يحدد اسلوباً خاصاً به في التعامل مع المادة الدرامية لا يمكن ان يجد طريقه للوصول الى خلق هوية واسم يميزه عن الاخرين بطريقة تشكل العمل وهيئته وقوامه الذي يقدم فيه (ودون وجهة نظر وهدف محدد وقصد معلوم لا يمكن للمرء ان يضع اية تصورات مؤثرة)-3- .

ويستطيع الدارس والناقد ان يميز بين مخرج وآخر في حركة السينما العالمية والعربية من خلال استخدامهم لعناصر الصورة وتركيبها حيث (ان الاسلوب في الفلم بوصفه عملاً فنياً ينتج من عناصر متعددة مثل تأثير الايقاع والتكوين واللون وتفاعل الضوء والظل وايقاع حركة الكامرة ...كل هذه الاشياء تجتمع لدى المخرج ...فهو يختار اسلوبه من خلال اختياراته وعينه الابداعية المدركة للجمال) -4- .

وهذه الوحدات التقنية التي تضع خيارات عديدة تتطلب من المخرج مواصفات خاصة ...اولها العين المدربة والحس المرهف والفلسفة التي يتفرد بها كي يصوغ مادته الفنية ولذلك فأن طريقة تعامل المخرج مع المادة الدرامية هي انعكاس شرطي ومعادل موضوعي لفهمه الحياة واسلوبه المعيشي ...... وكثيراً ما يقال ان العمل الفلاني هو تعبير لا شعوري عن ازمة حياتية مر بها المخرج ....ولعل افلام السيرة التي اتسمت بها افلام المخرج المصري يوسف شاهين مثل ( عودة الابن الضال ...حدودة مصرية ....الاسكندرية ليه....اسكندريه كمان وكمان) خير مثال على اثر فلسفة المخرج وموقفه من طبيعة افلامه حيث (منبع الفن واساسه هو نزعة الانسان التي تمثل تجربته الحياتيه واستنباط مفهومها ودلالاتها القيمية وتثبيت هذا الاستنباط وايصاله الى الاخرين عن طريقة استعادة التجربة) -5- ...

وهذا يؤكد ان المخرج له ارتباط جذري بتركيب المجتمع فهو يعكس تقاليده ونظمه وتتشكل لديه خبرات متنوعة وطويلة كونه فرداً متميزاً بحساسية انتباهه للظواهر الحياتية وبهذا فهو ينقل تجربته الشخصية لعمله الفني ليبلورها ويؤثر في مشاهديه من خلال مفردات نراها غالباً ما تتكرر في معظم اعماله الفنية.

ولو اعتمدنا اسلوب المخرج الايطالي (فيدريكو فيلليني)مثالاً على ما ذهبنا اليه لوجدنا انه من اهم الاسماء بين المخرجين الذين اكدوا الاسلوبية في اعمالهم ونقصد بها المنهج في الاخراج الذي شاع في النصف الاول من القرن العشرين (والذي يعارض المذهب الطبيعي الذي يسعى لتصوير الواقع كما هو بينما تعتمد الاسلوبية على تكثيف الموجودات في المشهد واختصارها لتركيز الانتباه على المؤدي بصفته اهم اداة لدى المخرج) -6- .

ونجد هذا المنهج واضحاً بصورة خاصة عند فيلليني (... فأذا كان صحيحاً ان الانتاج الالماني التعبيري هو الذي ادخل بالقوة المذهب الفلسفي الذاتي الى السينما فيجب الاقرار بأن الايطالي فيلليني هو الذي اكد هذا الاتجاه)-7- .

لقد مر هذا المخرج بطفولة قاسية تركت آثاراً واضحة المعالم في افلامه .... فهو يلجأ الى مبدأ التسجيل لومضات خاطفة من ذكرياته وانطباعاته الذاتية التي ميزت اسلوبه في بناء العمل والذي يصوغه بشكل كرنفالي في معظم افلامه حيث نجد ذلك واضحاً في (الطريق...المهرجون...المقابلة...ساتيريكون) حيث ان الطابع الاحتفالي الزاخر بالالوان وبريق الاضواء الساحرة والشخصيات البهلوانية والازياء المبهرجة صارت قاسماً مشتركاً في كل افلامه ..... وهكذا نرى ان لكل مخرج منهج خاص واتجاه واضح يقوده الى اهدافه الفنية ضمن مفردات تكاد تكون متكررة يشكل علامة مميزة وبصمة خاصة به.

الهوامش

1. هاف،غراهام،الاسلوب والاسلوبية ،ترجمة كاظم سعد الدين ،دار افاق عربية ،بغداد 1985 ص108 . 2. ويليك،رينيه،مفاهيم نقدية ،ترجمة د.محمد عصفور ،عالم المعرفة العدد 11 الكويت 1987 ص54 . 3. سبرزسني،بيتر،جماليات التصوير والاضاءة في السينما والتلفزيون،ترجمة فيصل الياسري،دار الشؤون الثقافية العامة ،بغداد 1992 ص9 . 4. Regnerjson,A.j,The work of the divector,communication arts books,hastiny house,1970,p15 5. صليحة،د.نهاد ،المسرح بين الفن والفكر ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة 1985 ص11 . 6. تريلز،كرستوف،معجم المسرح ،دار هنشيل للفن والمجتمع ،برلين 1977 ص518 . 7. غرامون،روبير لافون،السينما المعاصرة ،ترجمةموسى بدر ،شركة نرادكسيم ،جنيف 1977 ص86 .


هديل كامل

دمشق

hadeel1967@yahoo.com

http://hadeelkamil.jeeran.com

المظهر التنبؤي في المقدمة الدرامية المنطقية

بعد إن أصبح التلفزيون حقيقة متطورة له من الاهمية مايوازي باقي الفنون الاخرى ان لم يكن اخطر منها امست الحاجة ملحة الى اجراء البحوث والدراسات في هذا الميدان بما ينطوي عليه من دراما وبرامج وغيرها من الاشكال الفنية التلفزيونية .

وفيما يخص الدراما فانها تحتل المساحة الاكبر الخاضعة للتحليل والرصد لانها جزء لا يتجزء من الثقافة البشرية العامة ...فاصبحت مهمة التمكن من اسس الدراما وقواعدها من اهم المسؤوليات التي يتحملها المخرج ومنذ بداية نشوء الدراما كان الاغريق يؤسسون لمقدمة المسرحية بمونولوج يشرح طبيعة المسرحية ويوحي باجوائها وصراعاتها ويعرف بابطالها كما نرى ان الاداب والفنون الاخرى تهتم اهتماما كبيرا ببنائية المقدمة , ففي فن المقالة تتولى المقدمات مهمة جذب القارىء والا فانه ينصرف الى خيارات اخرى (الا اذا طالعته باديء ذي بدء بصورة جذابة ومشوقة ومجلوة باسلوب طبيعي سلس وبطريقة متالقة تسترعي انتباهه وتجتذبه اليه بقوة واغراء )1

ان المقالة وغيرها من انماط الصياغات الادبية لها وسائلها في اختبار تاثيرها على جذب القاريء العابر ولا يقل هذا الجانب اهمية في فنون التلفزيون لانه كمتلقي يكون سريع النفور لو لم يرق له العمل منذ الاستهلال وبهذا فالمقدمة لا بد ان تحمل في طياتها فكرة العمل من دون شرح او تفصيل وان تؤسس لعلاقات سنراها شاخصة في مشاهد العمل اللاحقة فهي (ليست عنصرا منفصلا عن بنية العمل الفني كله كما انها ليست حالة سكونية يمكن عزلها والتعامل معها كما لو كانت بنية مغلقة على ذاتها وانما هي السدى البنائي والتاريخي المتولد عن العمل الفني كله والخاضع لمنطق العمل الكلي وله خصوصيته التعبيرية...فالبداية هي المحرك الفاعل لعجلة النص كله )2

وبما ان المقدمة هي المفجر الحقيقي للطاقة الفنية الابداعية وهي اساسية في توجيه كافة مظاهر النشاط في العمل الدرامي وبالذات الفعل الرئيسي الذي يتجلى فيه العمل لدوره الكبير في تعزيز الاحداث اللاحقة بما يقوم به من ربط الاسباب ببعضها فبذا يشترط فيه :

اولا: الوضوح

ثانيا :الاختزال

فالوضوح في بناء المقدمة يسري على وضوح البنية الدرامية للعمل ذاته وليس ثمة شك من الاعمال التي ننجذب اليها من البداية وحتى النهاية انها تقوم على تطابقات قوية مابين الطرفين مما يجعل من الوسط نسيجا بنائيا قويا ورصينا يتاكد فيه دور الابتداء الواضح .

اما الاختزال فلا يقل اهمية عن سابقه حيث ان ضغط الافكار الرئيسية في العمل والتنويه عن طبيعة الشخصيات التي تمثل اطراف الصراع يحتاج الى لغة مختزلة تعتمد الايماءة والدلالة المقتضبة ذلك لان المخرج ملتزم بمشاهد محددة تشكل مساحة المقدمة قبل الدخول الى احداث العمل....وعلى هذا الاساس فان للمقدمة مجموعة وظائف اساسية يجب توفرها ومراعاتها بدقة:

اولا :التشويق

ان التشويق هو الهدف الجوهري للتمهيد وهو اساس بناء المقدمة الذي يقودنا الى قنوات العمل وتفصيلاته وحيث تشترط الفنون الدرامية قاطبة تناميا تصاعديا في عنصر التشويق وهذا مايضمن مواصلة الفرجة ومتابعة الحدث بلهفة كبيرة الى فك الرموز وتوقع النهايات .

ثانيا : الكشف عن مكان الاحداث وزمانها

وهذه الوظيفة هي الاكثر اهمية للمقدمة الدرامية المنطقية فهي المخطط الذي يوضح علاقة الشخصيات مع المحيط الذي تتحرك فيه زمانيا وبيئيا وكذلك تاثير الاحداث الواقعية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا على شخصيات العمل ومالذلك من اثر في بناء الاحداث وتصاعدها وخلق الجو الايهامي الذي يحقق عنصر المشاركة في الفرجة .

ثالثا: اثارة عنصر التنبؤ

وهي الوظيفة الاساسية للمقدمة وتحتل اهم المواقع وتجتمع كل الوظائف السالفة الذكر تحت لوائها حيث تعتمد على تحقيق التنبؤ بما يتلو المقدمة من احداث وصراعات وصولا الى نهاية العمل وذلك من خلال اشارات دالة يؤسسها المخرج في المقدمة وتقودنا الى جو الاحداث ومسارات العمل اعتمادا على اثارة الفضول في التعرف على نهاية الصراع بين شخوص العمل.

يختلف شكل المقدمة الدرامية المنطقية تبعا لانفتاحها على احداث العمل وطبيعة الموضوع ذاته حيث ان العمل الفني له فرضيته الخاصة التي تتطلب صياغة فنية للمقدمة تنسجم ومؤهلات الفكرة الاساسية للعمل وكذلك اسلوب المخرج وطريقته في التصور والتفسير والكشف عن مكنونات العمل ومع ذلك فان المقدمة تطل علينا اما عن طريق (عرض جزء من فعل مدهش او بظهور شخصية حيوية وساخرة او بتصوير لحوادث مكان مشوق )3 وبذا يمكننا تقسيمها الى ثلاثة انواع رئيسية وهي :

في هذا النوع من المقدمات تتفتق مفردات الصورة من شخصيات واحداث واجواء ومعطيات اخرى ومايرتبط بها من تاسيس لاحق سنجده شاخصا في مشاهد العمل الدرامي التالية ونرى افقه واضحا تمام الوضوح في النهاية كاقصى نقطة ترتبط البداية بها منى حيث البناء والترصين.

ثالثا : المقدمة متعددة الابعاد

ان المقدمة الدرامية المنطقية التي تندرج تحت هذا النوع من المقدمات والتي تسير بموازاة السرد متعدد الاصوات يعمد الى عرض فكرة معينة من عدة زوايا مختلفة أي انها تشير الى تعدد محاور الصراع واطرافه في العمل.

ان المقدمة الدرامية المنطقية ترتبط ارتباطا مباشرا مع المشاهد بشكل حساس لانها المقياس الاول والوحيد لجس نبض المتلقي في شدة تفاعله وانسجامه مع العمل لانه يستمد ايقاعه الداخلي من خلال ايقاع العمل وبذا فان المخرج اللماح يحاول ان يستثير الاستجابات والانتباهات التي تلامس تجربة المشاهد على نحو فعال ومؤثر فهو يتحمل العبء الاكبر في تحفيز مخيلة المتفرج وخلق حالة الاندهاش منذ الوهلة الاولى وعلى الرغم من اختلاف الية بناء هيكل المقدمة من عمل الى اخر ومن مخرج الى اخر استنادا الى نسبية اعتماد القواعد والاسس في مجال الفنون والاداب نظرا لان المنجز الابداعي قيمة متحولة وليست ثابتة فان المقدمة الدرامية المنطقية يجب ان تتوافر على الفعل المركزي الذي يحقق الصدمة الاولى للمشاهد وكذلك التنويه عن البطل والشخصيات اطراف الصراع واجواء الاحداث وزمان ومكان وقوعها وكافة المكونات الاساسية لبناء هيكل المقدمة الدرامية.

الهوامش:

1-نجم،د محمد يوسف،فن المقالة،دار بيروت للطباعة والنشر.ص126

2-النصير،ياسين،الاستهلال فن البدايات في النص الادبي،دار الثقافة

العامة ،بغداد،1993.ص 12

3-مليت فردر ب ،جيرالدين ايدز،فن المسرحية،ترجمة صدقي حطاب

،مؤسسة فرنكلين للطباعة والنشر ،1966.ص 399


هديل كامل

دمشق

hadeel1967@yahoo.com

http://hadeelkamil.jeeran.com

الممثل وخيوط اللعبة

الممثل هذا الكائن الذي يمتلك خيوط اللعبة كاملة ويهيمن على اسرارها بالفطرة غالباً او عن طريق التأويل والتفكيك وكل الاساليب التي تقوده الى استكشاف الحقيقة والغوص فيها بعيداً عن مظهرها الحياتي اليومي الذي يحيلها الى ظاهرة استهلاكية نمطية ... عندما تكون ممثلاً تكون مجساً متحركاً في تضاريس الحياة المختلفة فحيث يكون المحيط ...يكون الاستشعار الذي لا يحظى به سوى الممثل...فهو لا يتعامل مع الاشياء كما الف الاخرون على التعامل معها ...فهو له نظرته الثاقبة وله محطاته التي لا يتوقف عندها الا الذين ترتفع لديهم حالة التوهج ...فيكون متفاعلاً ومحركاً مهماً للحدث الذي يواجهه لماذا يجمع كل هذه المتناقضات وتراها سمفونية متناغمة ...ان هناك اسباب موجبة وضرورية تدعونا الى ان نفكر ملياً في شخصية الممثل الذي يتأثر بشكل او بآخر بالظروف الاجتماعية وقوانين التطور في الحياة وفي صلب عمله واختصاصه كممثل....ولعل اهم الجوانب التي تسترعي الاهتمام هي الجوانب النفسية ومن ثم المؤهلات الادراكية التي تتعلق بالعقل والمنطق والوعي الفني والثقافي...ففي الجانب النفسي والسلوكي نرى ان من اهم مواصفات الممثل الناجح هو ان يكون ديناميكياً متفاعلاً مع الاخرين وبهذا فهو يتعامل مع عدة اطراف مهمة تقوده للمنجز الفني الابداعي ...اول الاطراف ...هو مفردات الحياة عموما...والثاني هو المخرج الذي يستلهم منه الرؤيا ويتعايش معها وفق سياقات ادراكه الخاصة...وثالث الاطراف ... هو الممثل الذي يشاركه العمل وعملية الانسجام والتواءم والترفع عن كل الاهداف الذاتيةالتي تقود الى انهيار العمل....اما رابع هذه الاطراف وهو الاهم هي علاقته مع المتلقي والذي هو المتفرج ،الناقد،والصحفي . ان الانسان العادي بطبيعته مقلد جيد... فما بالك بالممثل الذي تكون اولى وظائفه الاساسية هي التقليد...ولا نعني بالتقليد نسخ الحياة كما هي وتجسيدها عبر قنوات الفن وانما قراءة الموقف قراءة واعية ومعمقة وتأمل الواقع بطريقة غير تقليدية تدفع الممثل لأن يبحث عن طرق تعبيرية ارفع من مستويات التعبير الحياتي اليومي...كل هذه الجهود تحدث تلقائياًعند الممثل لانه مطبوع على ان يكون منجذباً لها..وهذا ما ندعوه بالموهبة ...اي ان نجاحه يتبلور من حيث يدري ومن حيث لا يدري احياناً ...وبهذا نرى كثيراً من المبدعين في مجال التمثيل لا يملكون اي شهادة علمية... ولكنهم يتفوقون بقابلياتهم وامكانياتهم الفنية نسبة الى الموهبة التي لا سلطان لهم عليها سوى ان يكونوا اسرى بأرادتهم ورغبتهم الجامحة لها. اما عن علاقة الممثل بالمخرج ..فهي علاقة اسطورية في الواقع قدر تعلق الموضوع بعبقرية المخرج وقدراته الخلاقة ...فمتى ما توفرت هذه السمات عند المخرج ترى الممثل يهيم بفلكه متبحراً بعلومه مدققاً بتأملاته مستلهماً روح الموقف المسرحي من خلال شروحاته وتحليلاته للنص...ولكن يفترق عنه بكيفية ونوعية التطبيق ...وهنا المفارقة ...فبنفس مقدار الاهمية التي يتطلبها عمل الممثل في تقليد شخوص الحياة( سلوكياً او نمطياً) بنفس المقدار يجب ان يبتعد الممثل كل الابتعاد عن تقليد المخرج في طريقة ادائه للمشهد... وهنا تكمن شخصية الممثل وهنا يكمن حضوره الطاغي وهنا تكمن (الانا) التي لا يملكها الا الممثل الساحر الذي يمتلك وقعاً وألقاً لا يستطيع حتى المخرج ان يرتقي اليه ولكنه بكل تأكيد الجسر الذي يقوده لهذه (الانا)المبدعة. وفي خضم هذه الحالات المتراكمة من عملية البناء للشخصية تظهر لنا على السطح قضية في غاية الاهمية والخطورة وهي علاقة الممثل بأبطال العمل...فكم تحتاج هذه العلاقة الى الحوار الواضح الذي يستند الى المكاشفة والنقد البناء والفكر السديد... ولطالما كان الاستبداد بالرأي والخصومات الشخصية لها اثر خطير في سير العمل وجره الى الهاوية عندما تغيب الروح الغيورة الهادفة لانجاح العمل ونرى ان من لا يتصف بهذه الصفات يطوف بمرور الوقت لانه لا يستطيع ان يرسخ قاعدة فنية اساسها الخلق وقيم الفن السامية. يبقى الطرف الاخير الاهم في علاقته مع الممثل ... هو المتفرج سواء كان مشاهداً او ناقداً ... ان الثقافة الفنية عموماً تخسر الكثير عندما يمتنع الممثل عن سماع الآراء الجادة والبناءة وعندما ينقطع الحوار الفاعل والسبل التي تدعو الى الاتصال والتفاعل اثناء المشاهدةفالممثل المبدع هو اسير المعرفة دائماً............كل هذه الاجراءات وغيرها لها القدرة على ان تجعل الخطاب الثقافي في طليعة الآفاق الرحبة التي يحذو لها الممثل... وينهل منها ليطور قابلياته ومهاراته.. ويظل الممثل المبدع هو التلميذ النجيب الى النهاية.


هديل كامل

دمشق

hadeel1967@yahoo.com

http://hadeelkamil.jeeran.com

مستوى التعبير في جماليات الصورة التلفزيونية

لعل مفردة التعبير هي اكثر المفردات شيوعاً في اللغة الفنية المتداولة في وسط الابداع الجمالي حيث اننا نستخدمها في مواضيع عديدة فنقول كان تمثيل (فلان) معبراً وكانت اللوحة الفلانية ذات قيم تعبيرية عالية وكانت القصيدة معبرة ....... الخ.

اما استخدام المفردة اصطلاحاً نقدياً وفنياً فأن التعبيرية تشكل مذهباً في الادب والفن جاء بعد الرومانسية وحقق انتشاراً واسعاً بكافة اشكال الادب والفن .

ولكن ما يهمنا هنا هو قيمة التعبير في الصورة ومدى ما تنطوي عليه من رموز ودلالات يرغب المخرج في بلورتها داخل اللقطة كي تصبح مشحونة في اثارة تخيليه واصداء انفعاليه توحي بأكثر مما تصوره مادياً حيث يمكن ان نؤسس لتعبيرية اللقطة بأحتوائها على:

1.صورة جمالية.

2.انفعالات درامية.

3.افكار مرجعية.

فجمالية الصورة التي يصنعها المخرج في مشاهد العمل الدرامي تتوافر على عناصر الانفعال باللقطة ذاتها ولذاتها على الرغم من اثارة مبدأ مرجعية الافكار الموحية التي يتضمنها التكوين الشكلي الخارجي للصورة..... يقول جورج سانتيانا((في كل تعبير يمكننا ان نميز بين حدين ...الاول هو الموضوع المعروض بالفعل وهو اللفظ والصورة والشئ المعبر ...والثاني هو الموضوع الموحى به والفكرة اللاحقة والانفعال هو الصورة المثارة والشئ المعبر عنه)) -1- ان المخرج المعني في صياغة الطاقة التعبيرية للعمل الدرامي التلفزيوني من خلال استثمار كل الوسائل التقنية استثماراً قصدياً لأختزال الفكرة والتمهيد لها بما يخلق عنصر التشويق في اللقطة المعبرة يعتمد على التراكم الدرامي للحدث . كما ان التعبير يعتمد أصلاً على مبدأ التداعي المدرك ليس اعتماداً على التجربة السابقة وانما في ضوء التأسيس المنجز للقطة او المشهد ذاته اي عندما(يفلت الانفعال او الفكرة الموحى بها من الذاكرة ويتشتت في الشئ المدرك) -2-

عندما يتحقق التعبير في الصورة الجمالية للمشهد.

ان العمل الدرامي التلفزيوني يحمل على عاتقه مسؤولية تكثيف الرموز التعبيرية لانها المفاتيح الدالة على محتوى العمل الدرامي وبالتالي فأنها تحتاج الى العناية في التصميم والدقة في التركيب (مونتاجياً) لضبط الايقاع واقتناص انتباه المشاهد لاننا نقدم للمتفرج محتوى المشهد المنظور من قبله وما خلف المحتوى من ابعاد اخرى تعمل على تعميق الشخصيةوالمشكلة الرئيسية في العمل وبما ان خاصية الفن التلفزيوني تكمن بالذات في المستوى التعبيري للصورة وعناصره التي تتمثل بالأضاءة والديكور والموسيقى والصورة والمعالجات المونتاجية وكذلك تكوين اللقطة والعناية بتشكيلها وكل ما تتضمنه الصورة من الامكانيات التعبيرية لذا تعد دراسة المستوى التعبيري للصورة من المهمات الاساسية التي ينشغل بها المخرج وكنموذج فني تجلى فيه المستوى التعبيري بشكل واضح هو فلم (د.كاليجاري ... وقد تجسدة قيمة التعبير في هذا الفلم في رسم الاضواء والظلال على الديكورات وتعمد المخرج ان تبدو الديكورات مشوهه للناظرين بما يتفق ومخيلة رجل مجنون... رسمت الظلال بحيث تبدو غير طبيعية وهذه عملية مقصودة)-3- .

الا ان بعض المخرجين يتجهون اتجاه اخر ..ويؤكدون ضرورة ان يكون العمل الفني من مشاهد الحياة الواقعية بلا حياء او ترميز(وذلك لتيسير الدخول في الموضوع وعرض العقدة النفسية التي سينطلق منها البطل كالرصاصة ليندفع في المناضر الكثيرة التالية الى مصيره)-4-.. وهذا يتقاطع مع الاسلوب التعبيري الاول الا انه يؤدي الى هدف واحد.

اما فيما يخص التكوين الشكلي للصورة فأن للميزانسين دوراً مهماً في تصنيع اللقطة وتشكيل الكتل وتوزيعها في الكادر وكذلك توزيع الضوء والظل وبرمجة الالوان ليجعلها لغة مقروءة وذات دلالات معبرة ..... والميزانسين ... هذه هي مفردة مأخوذة عن الفرنسية (والتي تعني ببساطة اخراج)-5- ..حيث اصبحت مصطلحاً فنياً يقصد به (لغة المخرج المتميزة ... فهو يعبر عن الافكار .. عن الحدث... عن محتوى المشهد....ان يوصل بنية الشعور به ويحدد الايقاع ويميز الاساس من الثانوي وبالتالي يركز انتباه المتفرج على الاهم بالذات وأخيراً ان يخلق اللوحة الخارجية ...الفرجة...)-6- .

اي ان اهتمام المخرج بتركيب الشكل هو ما يقود الى خلق لغة المضمون في العمل الدرامي التلفزيوني.

الهوامش

سانتيانا ،جورج،الاحساس بالجمال ، عن النقد الفني ص378 . ستولينتز ،جيروم ،النقد الفني ،ترجمة د.فؤاد زكريا ،المؤسسة العربية للدراسات ،بيروت 1981 ص383 . فولتون ،البرت،السينما آلة وفن ، ترجمة صلاح الدين وفؤاد كامل ،مكتبة مصر 1958 ص128 . خشبة ،دريني ،اشهر المذاهب المسرحية ،وزارة الثقافة والارشاد القومي ،مكتبة الادب، القاهرة ،1961 ص214 علي ،د.سيد ،المصطلحات السينمائية في خمس لغات ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،1981 ص24 . روم، ميخائيل،احاديث حول الاخراج السينمائي ،ترجمة عدنان مدانات ،دار الفرابي ،بيروت 1981 ص104 .

هديل كامل

دمشق


hadeel1967@yahoo.com

http://hadeelkamil.jeeran.com

ابعاد الفلم التسجيلي

اول مفارقة جدلية يواجهها الفيلم التسجيلي هي سيادته التامة في نقل الحقائق دون تزوير وبهذا فصراعه يكمن في البلدان التي تضيق فيها الحريات على مستوى الصحافة والادب وكل مجالات الفكر والثقافة…فالفيلم التسجيلي في الواقع لا ينقل الحقائق فقط من خلال الصورة التي تسجل الوثيقة والتعبير الصارخ عن الواقع في كل حالاته البهيجة والمنكوبة…وانما هناك عبارة اعمق ترتبط بفكر ووعي المخرج يكوّن كلماتها من خلال بناء صوري مدروس يجسده عبر خطابه الاعلامي ويعلّم لاسمه علامة المفكر والمدرك لواقعنا العربي ومنزلقاته وربما مظاهر التحضر والانخراط في اوساط المجتمعات التي تنحو الى التقدم والرقي ….وبغير هذه الطريقة لا يسمى مخرجا بل مؤرشفا ..فالمخرج في الافلام التسجيلية يقرأ الواقع بقراءات متعددة ولهذا تكون له رواه الخاصة في بناء جسد الفيلم؛ فاللقطات الواقعية انما هي حروفه الخاصة ولهذا من الممكن جدا ان تكون المادة الخام متاحة لاكثر من مخرج وتتشكل على اكثر من شاكلة حسب مخيلته في ربط الحقائق…فهنا ترى الواقع من خلال عين حالمة …وهنا ترى الواقع نفسه من خلال عين وعقل قاتم …وبهذا فأن أستفزاز المشاهد يكون هدفا مهما عند المخرج …لشحن مخيلته نحو اهداف بناءة …واولى المهام التي يتحمل عبئها المخرج الذي يتصف بشعور عالي بالمسؤولية تجاه الحقيقة ... تكمن في في ايجاد مساحة كبيرة ومنطقية للواقع المغيب عن الاعلام المرئي والمقروء عندذاك يكون دور الكاتب له من الاهمية في ابتكار الفكرة الجذابة التي تفتح الابواب واسعة على واقع مرير او على حقائق تستولي الاهتمام والرعاية ولهذا نرى ان الكتابة في الفلم التسجيلي قد يستسهلها البعض الا انهم غير دقيقين تماما في هذا التقييم لانه يعد من اصعب انواع الكتابة واكثرها فاعلية وهي بهذا تتطلب وعيا استثنائيا في جانب التاليف …فالحقائق موجودة في كل الاحوال ولكن ينبغي ان لا تمر عليه مرورا عاديا ويوميا …بل ان ذلك يتطلب النظرة الثاقبة والفهم الكامل لعناصر بناء الفلم التسجيلي بامتلاك الرؤية والتصور الكامل للافكار التي يقترح لها المعالجة لانها بالاساس عملية ابداعية ذات معمار تركيبي متنامي ..وبهذه الروحية عند اندماج العمل بطريقة تكافلية بين المؤلف والمخرج يكون الفلم التسجيلي قد تعدى مرحلة الارشفة وانتقل الى حالة فنية ابداعية لها القدرة على التاثير وتغيير مسار الفكر العام واصبح منجزا فنيا له دوره الواضح في بناء المجتمع والتقدم بوعيه لرؤية الحقائق والنظر الى التاريخ والمستقبل بعين التعايش الفعلي مع الاحداث البعيدة عن التزويق. ان الاقبال على متابعة الفلم التسجيلي يتطلب من المعنيين ان يسوّقوا له جيدا من خلال الاعلام المرئي عن طريق الاعلان والترويج له وايضا هذا يتبع اهمية الموضوع الذي يتطرق له الفلم وايضا من خلال الاعلام المقروء (الصحافة ) وكيف تقيم وتنظر بعين فاحصة لابعاد الفلم واصدائه على المتلقي وبهذا فهي تمنحه المكانة التي يستحقها من خلال المواكبة والوقوف على اسباب نجاحه وتطوره والارتقاء به كظاهرة سينمائية لها عمقها الواضح في بناء المجتمع وكتابة تاريخ الشعوب

هديل كامل

دمشق

hadeel1967@yahoo.com

http://hadeelkamil.jeeran.com