نقاش المستخدم:Bassetrazig/أرشيف 1

محتويات الصفحة غير مدعومة بلغات أخرى.
أضف موضوعًا
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
أرشيف هذه الصفحة صفحة أرشيف. من فضلك لا تعدلها. لإضافة تعليقات جديدة عدل صفحة النقاش الأصيلة.
أرشيف 1


حكايات قوس قزح

عمر الإنسان يتناقص مع مرور الزمان . والزمن سيف مغروس وسط الساعة . وعقارب الساعة تلدغ كل من ينط فوق أذرعتها الممتدة .ويركض الجميع في مضمار دائرة الساعة .. ويلهث الجميع بين أرقام الساعة ودقائقها المنصرمة وأصوات رياح الخريف المزمجرة.. التي تعري الأشجار من ملابسها وزينتها..وتحمل أورقها المصفرة إلى أعلى الجبل .معلنة عن بداية شتاء قارص ..و ولدا ت جديدة ..القسوة تولد منها الأشياء.. والدفء رومانسية العواطف .. والأمطار مع الوحل إخصاب . و ِولدا ت البذور ..ورائحة حليب الأمهات ..ورائحة شجرة التين . ورائحة التربة التي امتزجت بأول قطارات المياه .. كل ذلك عناصر توالد الحياة .. نكبر بين أرقام السنين .ونركض وسط حقول القمح ..ونركض خلف حمار الشيخ رضوان .أولاداَ صغار.. نحلم بان يكون لنا قوس قزح .. نلمس ألوانه بأناملنا الصغيرة ..ونحلم بحوريات البحار الشقراوات. وهنا على شواطئ الرمال .. ونحلم بحلوى قديمة المذاق .ألوانه تشبه قوس قزح .. ولكن دائما الجدات يحكينا عن الأشباح.. التي تأكل أحلام الأطفال الأشقياء . وتلتهمه في الظلام .. وعندما كبرنا وتركنا الأحلام الوردية وقوس قزح والعشق للأشياء .. أصبحنا نحلم بالحرية .. فوجدنا عصا الشرطي والبندقية .ووطن محتل وأقطار ممزقة.. وحكام باعوا الأوطان والإنسان .. وهكذا بداء سقوط الأوطان في فلسطين ولبنان والعراق احتلال ودمار وسجن أبو غريب شاهد على شواذ وشاذات جنود الأمريكان ..في قتل كرامة الإنسان ..صورا لعنها الإله وخجلت منها السماء .. وذات صباح عيداً نحرنا الأضاحي مبتهجين بالعيد ..فطالعتنا وسائل الأعلام بمشهد شنق رئيس بلد عربي الزعيم صدام حسين . إرهابا لنا نحن أبناء الإسلام .. وماتت في نفوسنا الأحلام ..ليتنا ماكبرنا وما عرفنها حروف الأبجدية ..ولا عرفنا حدود الوطن .., وخريطة القرية الممتدة ..من شجرة السرو إلى شجرة الزيتون …في أعلا الجبل والى المنحدر حيث نبع القرية الوحيد .. الذي كان يحرسه ذلك الشيخ البشوش الطاعن في السن الأسمر.. المقطوعة رجله من لغم من الحرب العالمية الثانية.. وكان ننظر إليه أطفالا بحزن… وهو يركب على ساقه المبتورة الرجل الصناعية .وكان يمازحنا وهو يركب حماره الأبيض … العالم تغير .و ذلك الإسفلت الأسود . الممتد وسط القرية و تفرع فيه كإخطبوط طويل ..أكلت الجرا فات بعض البيوت ..والحجر والشجر ..وابتلعت طريق حمار الحاج رضوان .. المتعرج على الجبل ممر الدواب .. وذات صباح صحت القرية على صراخ وعويل النسوة ,وتجمع الناس إمام بيت الحاج رضوان . الذي وفه الأجل.,مفتى القرية وكبيره . مات الحاج رضوان . وتساءل الناس .. من يكون الحاج رضوان . وأين أهله ؟؟؟.. فقد عرفوه وحيداً .!!! سكن معهم وعاش بينهم .منذ زمن بعيد ..منذ الاحتلال وسنوات الجهاد .. وتسألوا لماذا هو وحيد ولم يتزوج طيلة حياته . وبقائه في القرية !!!., كان الحاج رضوان المرجع الديني في القرية .هو من يتقصى عن شهر رمضان . و يترصد نهاية شهر شعبان..ويقول لهم غداً الصيام .. ويحكم بين الناس في أمورهم ومشاكلهم .والمتحدث باسمهم في القرى المجاورة .. واغلب أبناء وفتيات القرية هو من منحهم الأسماء.. صرخت النسوة وولولنا عندما خرج تابوت الحاج رضوان من بيته .. وتسارع حشد من الناس خلف تابوت الحاج رضوان .في جنازة طويلة إلى المقبرة.. في الطرف القبلي للقرية .. وهم يدعون له بالرحمة .والمغفرة ., وانتهت حياة الحاج رضوان .. الذي قال بعضهم أن عمره تجاوز المائة وعام وبضع سنين ..والذي ترك و راءه لغز . إلى الآن ليس معروف ..من يكون الحاج رضوان ؟؟؟ ومن أين آت ؟؟ وكيف تغلغل في القرية . وأصبح زعيمهم الروحي !!! ولازلت النسوة القرية ..يروينا حوله القصص الخيالية والبطولات .. ويدعيان بأنه رجل مبارك .. وظل حماره مربوط تحت شجرة اللوز يطعمنه نسوة القرية ..حتى مات . بعد فترة وجيزة.., وذهب الحاج رضوان وحماره ..وكان أسطورة القرية.. ولا زال الاعتقاد عند الكثير من أهل القرية .. بأنه ولي صالح له كرماته .,

بقلم عبد الباسط رزق عبد الحميد

          ليبيا

قصة قصيرة الخيول الجامحة

الخيول الجامحة تتقافز الحروف والكلمات والأفكار في رأسي ... ,وهن حائرات مشتتات .. كخيول برية تركض وتتقافز في الفضاء الواسع... وسط الحقول الشاسعة ... تقطع المسافات بدون كلل أو ملل .., وتسابق الريح وهي تعدو مسرعة يتطاير الغبار من خلفها ... وتصهل في الفضاء الشاسع تبحث عن الأشياء المفقودة ... وتنطلق بُمحاذاة البحر ... تركض إلى المحيطات الكبيرة.., تتدافع.. تبحث عن فضاءات جديدة واسعة ..., تركض وتنظر من بعيد للفلاحين في حقولهم ... والعمال في مصانعهم ., تشاهدهم وهي تشرد عنهم بعيداً نحو الأفق .., وهاهي تتقافز على اسطر مفكرتي الناصعة البياض... وتصهل تريد إن تركض وتتقافز من على الأوراق.., إلى باب المدينة النائمة ..تتجول في أزقته وميادينها ... في غفلة من الحرس .., تنظر إلى الناس باستغراب .. أحبها الناس وهي تدخل بيوتهم .., تفتش عن سعادتهم المخفية وراء الأبواب .. وفي دهليز وأقبية المدينة ..,

                                      ********

أخرجوه من الكيس الكبير ... أمام كبيرهم ... نعتوه بألا ألفاظ الجارحة ... سائلوه عن أشياء كثيرة ؟؟ .., وعن خيوله الجامحة كيف دخلت المدينة النائمة وعبثت بأسرارها الخفية.. أجابهم لا اعلم .. جلدوه حتى الصباح .. سائلوه أين كنت ؟.., أجابهم اقسم إني كنت في فراشي نائم أحلم.., فوجدت جسدي محشواَ في الكيس الكبير أمامكم.. أُ لملم جراحي ودمي الذي امتزج مع أحبار أقلامي وبقيا أحلامي.., ومع ذعر أطفالي وتحطيم بابي ودخول محرابي ..وتفتيش أوراقي والعبث بأشيائي .., سائلوه كم عدد الخيول الجامحة وكيف تسربت من أوراقك. وجنحت نحو المدينة..أين قلمك ..؟ وأين مفكرتك ..؟ و لماذ أنت تحلم و بما ذ أنت تحلم ..؟ لقد أزعجت المدينة النائمة و الهادئة.. لقد جمعوا عدد من الخيول الجامحة .. وخيول شردت بعيداً .., أنت المسئول يا غبي عن كل الفوضى في المدينة ..,صادروا مفكرته وأقلامه و خيوله وخياله وذكرته و كل أشيائها ., أخرجوه وانزعوها من رأسه الكبير... كم تخرجون ذاكرة الهاتف ..والبثوث .. ودعوه بدون ذاكرة .. أشبعوه ضرباً .., يا هذا أتعرف إن العقوبة في مدينتنا معاقبة الأيدي التي تحمل القلم .., أوقف رأسه ودعوا جسده يمر...,

بقلم / عبد الباسط رزق عبد الحميد

              ليبيا

قصة قصيرةاجتماع المرايا

اجتماع المرايا

في تمام الساعة الثانية عشر ليلاً , بدأ الاجتماع الخاص بالمرايا التي فضلت عقد اجتماعاً سرياً.. بعيداَ عن البشر للبحث في قضايا المرايا واضطهادها من قبل البشر, وبدأت رئيسة الاجتماع بافتتاح الجلسة بعبارات الترحيب.. وشكرها على الحضور الكثير خصوصاً من المدن والمناطق البعيدة التي استجابت لدعوة الاجتماع, وطرقت على الطاولة لوقف الأحاديث الجانبية !! والإنصات. فأكملت , لقد اجتمعنا الليلة يا عزيز أتي المرايا.. للبحث والتداول في كيفية ومحاولة الإضراب عن العمل, حتى يعرف البشر مدى أهميتنا بالنسبة لحياتهم وإننا لسنا مجرد مرايا باردة تعكس خيالهم . تضحك إذ هم أرادوا الضحك .. وتعبس إذ ا هم أرادوا العبوس .., بل نحن نعيش أفراحهم و آت راحهم . ونشاطرهم فرحتهم . . إذ أحدهم قص شعره أو لبس ملابس جديدة نظر ألينا بسرور , وسرنا نعرف عنهم الكثير .نعكس لهم أجسادهم .. وعريهم . ولا يخجلون منا .., اعتادوا على أن ينظروا لنا نظرة عابرة باردة .., ولا ينظروا إلى أنفسهم وظلمهم للحياة .., يضعون أقنعة الزيف والخداع على وجوههم أمامنا . وبكل بشاعة يحاولون أن يلبسوا أقنعة الوداعة والهدوء والجمال.., مرآة رفعت يدها . ترغب في التحدث , وكان بها شرخاً كبيراً .. وآذن لها بالكلام وتقدمت إلى مكبر الصوت .. وأخذت مكانها هناك… ووقفت صامته للحظات . و شفقت عليها كل المرايا بشفق المرايا .., وتهدج صوتها وقالت … نعم أنا أحد ا ضحايا الإنسان.. !!! لقد كنت في منزل فتاة أزين لها غرفته ..أعيش معها أشاركها فرحتها وحزنها ..,و عندما تستيقظ و تنظرا لي أبتسم لها وتبتسم بدلال .. وتنطلق للعمل ., وهي سعيدة .., وكنت أعرفها وأعرف خبايا جسدها وحدي .., كانت تستعرض مفاتنها دائماَ أمامي ..و كنت سعيدة بذلك ., أشاطرها الفرح .. وكانت تضع أمامي المشط والأصباغ والعطور وأحمر الشفاه .., وكم تمنيت أن أحمل المشط و أسرح شعري واعقدها في ضفيرتان طويلتان .., كم كانت هي تفعل … وأن أضع أحمر الشفاه على ثغري . وأصبح جميلة ., كنت تضع يدها على جسدي .. وكنت سعيدة بالدفء الذي أتحسسها من يدها الناعمة .., وكنت تشعر ببرودة جسدي المصقول . وتبتعد , وان احزن لذلك ..حسدتها على جمالها وعلى جسدها الذي يضج بالأنوثة ..,كنت كزهرة نرجس ..حلوة رائعة وسط الزهور .. ,, ومر الزمن وهي وحيدة !!! عزفت عن كل من تقدم لخطبتها ألاقتران به … غرها جمالها وألا صباغ والمساحيق التي تجمل به وجهها .., ومر الزمن سريعاَ… وصحت ذات يوم .. ! والتجعيد أخذت طريقاً في وجهها .., وظلت تعبس في وجهي دائماَ .. وهي تتفقد الشيب الأبيض . الذي بدا يدب في ضفائرها ..,وكنت تلجا إلى زجاجات الكريم والأصباغ وغيرها ..,فأصبحت تكرهني.. وأنا احمل لها انعكاس جسدها بكل صدق…ولم أكذب عليها ولم أخدعها يوما,َ!!! ولكن هي أصبحت تخدع الناس .. فأصبحت أمقتها .., وهي تكرهني وتصرخ في وجهي … عندما وجدت نفسها وحيدة .. وذهب عنها كل الناس .. وظلت تقضي جل الوقت في حجرتها .. تنظر إلي وهي تتحسس بيدها كل الشقوق والأخاديد التي حفرها ونقشها الزمن في وجهها.., إلى أن صحت ذات صباح وهي غاضبة ونظرت إلي بكل مقت .. وصرخت في وجهي ورمتني بأحد الزجاجات المصطفة أمامي وهشمت جزء من جسدي .. وهذا الآخديد العميق في جسدي شاهداَ على أعمال البشر.., سيداتي آنساتي المرايا نحن نطالب نحن نطالب با لإضراب عن العمل ., حتى يصحوا البشر ولا يجدوا مرايا تعكس لهم أجسادهم .. ويجدونا ذوا تهم حتى لا يخدعوا الكون والحياة .., ويجدوا أنفسهم .. , نعم نضرب عن العمل.., !!!! قالت مرآة أخر .. نعم بالتأكيد نعمل إضراب .. ونمتنع عن نقل وجوه وأجساد البشر., حتماً سوف يذهلون ..!!!!!! أنا عندما لا احمل انعكاس وجه صاحب المنزل الذي أنا في بيته في الصباح.. ! عندما يستيقظ ويغتسل ويأتي ليقوم بحلاقة وجه , أو يصفف شعره .. وينظر إلي و لا يرى انعكاس وجهه ..! حتماً سوف يذهل ويعتريه الخوف ويبحث عن رأسه بكلتي يداه يتحسس وجه وجسده ., ويبحث عن أشياءه المفقودة .. يبحث عن الصدق وعن الأشياء النبيلة في حياته وفي الكون ., وقالت أخرى أنا في سيارة عندما أتوقف عن نقل أشباح الأشياء أنا وزميلاتي حتماَ سوف تصطدم السيارة ببعضها . وأخرى قالت : أنا في محل للحلاقة سوف يتضايق الحلاقون والزبائن عندما إعلان الإضراب عن العمل ., ويهرب الزبائن خوفاَ من أن تختفي رؤوسهم .., !!!! وتعددت المرايا في طرح أنواع إضرابهن ., وماذا سوف يحدث .., ووقفت مرآة صغيرة السن وحديثة الصقل والصنع على ما يبدو .. وقالت أخواتي و عزيزاتي المرايا .., هناك نقطة واحدة لم ننتبه لها !!! الأوهى عندما لا يجد الإنسان خياله وجسده . . ونضرب نحن عن نقل أشباح الإنسان., حتماً سوف يتركوننا .., ويركضون نحو جداول المياه الرقراقة وبصفائها ينحنون لها .. وسوف تعيد لهم رؤوسهم المفقودة وأجسادهم وأشباحهم الضائعة , وتعيد لهم قلوبهم .., وصور عشقهم للحب وللحياة وللإنسانية …, وتعالت الأصوات في القاعة الكبيرة .., ودبت الفوضى في القاعة .. وأقلقهن كلام المرآة الصغيرة …, و أرتفع صوت مرآة كبيرة في السن , ويبد أنها أكبرهن جميعاً وأقدمهن صنعاَ., لثقلها وخشونة صوتها.. ولوجود أثار تحطيم في إطارها ذو الخشب المهترى .., وتقدمت ببطء نحو مكبر الصوت وهي تردد , عزيزاتي عزيزاتي!!! المرايا لا تقلقن بشأن جداول المياه الرقراقة, كما قالت حفيدتي الصغيرة ., الإنسان اليوم لم يعد يسعفه الوقت بالتمتع بمياه الجداول الصافية., لقد مضى ذلك الزمن ., زمن عشق الحياة الهادئة ..وحياته الآن صاخبة ومعقدة .. ! ثم طرقت على الطاولة رئيسة الاجتماع!!وقالت غداً ننفذ الإضراب عن العمل . وعندما لا يتراجع البشر عن أعمالهم وينظروا إلي ذوا تهم والى أعماق قلوبهم .ويتركون الغش والخداع ولا يتراجعون عن الظلم.., سوف نخرج في مظاهرة كبيرة.. وسط شوارع المدينة .., سوف نركض من محلات الملابس ومحلات الحلاقة والمزينين ومن المطاعم والفنادق والمنازل والمدارس .. ونلتحم في مسيرة طويلة وسط الشوارع والأزقة..., حتماً سوف يغضبون ويرموننا بالحجارة ..والعصي.. وقنابل الدخان., والرصاص كم في المظاهرات التقليدية ضد الحكام .. ويقوموا بتحطيمنا إلى قطع صغيرة.., وهم لا يعرفون بأننا نتوالد إلى ألاف القطع الصغيرة … وهم يحطموننا .. ونحن نزرع الحياة ونعكس الشمس التي بداخلنا للوجود ونؤذى كل من يؤذي الحياة وندمي أقدامهم وأيديهم.. ونذهب إلى أمنا الشمس في الأفق البعيد والى أبانا رمل الشاطئ الناعم .. ونختفي وسط مياه البحر الزرقاء . وكلنا حب للحياة النبيلة.

عبد الباسط رزق عبد الحميد

        ليبيا

حكاية الشيخ العجوز

حكاية الشيخ العجوز كان ذلك الشيخ العجوز ذو الملابس المُُهترئة.. .وذلك الشعر المجعد والمهمل.. له لحية بيضاء طويلة ..يسدل على رأسه وشاح أبيض كبير.. يصل إلي أسفل أكتافه ويغطيها. وكان متسخ وملطخ بالوحل… كان يسير في ذلك الشارع الطويل والعريض وينظر لوجهات المحلات التجارية و أضوائها ,.. يسير ويقف متأملاً في حياة البشر من حوله.. وهو يضغط على السيجارة المشتعلة بين أسنانه الصفراء و شنبه.. الذي اكتساب اللون الأصفر من كثرة تدخين السجائر .. تعود أن يحمل على ظهره كيس كبير أبيض كان مُعد لدقيق الخبز . يحمل فيه بقايا ملابسه البالية وأشيائه المتنوعة وفتات من الخبز وقطع الجبن .. وكل ما يتحصل عليه من الناس .. وتعود أصحاب المحلات التجارية رؤيته من حين لأخر يمر من أمام محلاتهم ., ويقف إمام وجهات متاجرهم ينظر إليهم ويطلب منهم شربة ماء .. أو سجائر .. أو كوب من الشاي بكل تهذيب ويظل واقف وصامت لبرهة من الزمن حتى يتحصل على كوب الشاي .., الذي أوقد سيجارته في انتظاره.., من صاحب المحل الذي لبىله طلبه بكل سرور .. و يبتسم العجوز لمن حوله وينزل من على ظهره كيسه ويضعه على جانب باب المحل ..ويجلس بجانبه وهو مسرور ممسك بكوب الشاي بيًده و سيجارته بين أسنانه مشتعلة .., ويبدأ في التحدث لنفسه وهو يشرب الشاي ويضع الكوب على الأرض .. ويشرع بالتحدث عن نفسه وأشياء تشغل باله مضى عليه زمن بعيد ..يحكي عن خيول ..ونجع.. وحفل زواج.. فتاة جميلة ويصفها بكل شوق وعذوبة . ويشرع في قص الحكاية حيث يقول أذكر ذلك اليوم الذي كنت أنا وأهل النجع في حقول القمح والشعير .. نقوم بحصد محصول الشعير .. وبجانبنا وادي كبير كأنه بحر أزرق متكون من سنابل القمح تتماوج سنابله مع هبات الرياح..حيث تتمايل سنابله كأنها عرائس بشعرها الأسود وقوامها الرقيق والرشيق . تتحرك مع نسمات الرياح محدثة صوت رهيف ومع صوت المناجل وهي تقطع السنابل وتجني الحصاد . ومع أهازيج الحصاده وهم يرددون أغانيهم بأصوات عذبة .. وهم فرحون بالنعمة التي أعطاهم الله أياها .وهم ينظرواً للأزهار البرية بالوانها الحمراء والبيضاء والصفراء .. المنتشرة بين السنابل وهي تعطي بهجة وجمال للمكان ., ويأخذ ذلك العجوز رشفة من كوب الشاي ويصمت لفترة طويلة !!! ويقول كان بجانبي أبن عمي على مال على أذني برأسه وقال اليوم خطبة جميلة أبنة عمك أخبر عمتي للحضور معك لتناول وجبة العشاء في بيت عمك الحاج., ويوقد سيجارة أخرى من طرفه وهو سارح في فضاء بعيد ويشرع… في وصفه وهو يقول جميلة ذات الشعر الأسود الحالك الطويل.. المنسدل على أكتافها.. والذي يُلمس الأرض عندما تملأ الماء .. من البئر. وتنهمك في جمعه وتلفه وتعقده على رأسها ويسقط من جديد وهي تتأفف بدلال مع بنات النجع ..,وجمال وجهها المدور الذي يشبه البدر ليلة اكتماله .. وعينيها الزرقاء زرقة البحر , ورنة ضحكتها المجلجلة والساحرة للب.., ونقش الحنة المخضبة على يديها مرسومة بنقوش جميلة ورائعة,وملابسها الليبية الملونة و الجميلة تزيده فتنة وجمال كاسمها تماماً.., وما هي إلي أيام حتى بدأت مراسم الزفاف … زواج فتاة صغيرة وحسناء عمرها لا يتعًد الثالثة عشر ربيعاً ..,على رجل عجوزاً ثري سمع عن جمالها الساحر للقلوب ..المتداول بين حديث الناس ..,فأتاها من مدينة كبيرة وبعيدة ينشد جمالها ويدفع الغالي والنفيس لامتلاكها والتمتع بمفاتنها وساحرها الأخاذ.., وصمت العجوز قليلاً وأخذ يعبث ببقايا السيجارة على الأرض ليطفئها .. ورفع نظرها من على الأرض وهو يبتسم لمستمعيه. وأكمل الحكاية .., وقال وات يوم العرس والزفاف . وكان للعريس العجوز أقارب في نجع يبعد عنه ساعة من الزمن .,خلف الجبل الكبير ..احتفال العريس عند أقربائه .. وذبحة الذبائح وصنع وليمة كبيرة لأهل النجع.., وكان الفرسان على خيولهم يستعرضون مهارتهم أمام بيوت النجع . وينطلقون كالسهم. وتسمع أصوت البارود المدوية في أرجاء المكان … المختلطة بزغاريد النسوة العذبة …وأهازيج الغناء .., ويصمت الشيخ العجوز للحظات و هو مبتسماً . ويعبث بيديه في جيوبه الكبيرة.. ويخرج علبة فارغة و يضحك ويتفحصها جيداً .. ثم يرمي بهاء في قارعة الطريق…,ويطلب سيجارة من احد الوقوف فيسارع بعطائه سيجارة ويشعله من طرفها للعجوز فيبتسم الشيخ العجوز ..,ويطلب منه احد الوقوف بإكمال حكايته .. فيقول رايتها وهي تركب الجمل البارك أمام بيتهم والنسوة يودعنها وهي تدخل ذلك( الكرمود) الهودج الذي كان عليه غطاء ملون بألوان زاهية من الداخل ..,ومخطط باللون الأحمر والأخضر من الخارج .. وكان الجمل يرغي بصوت عالي اختلط بزغاريد النسوة… وهن يضعن مع جميلة صرر صغيرة من الأمتعة والملابس .., ووقف الجمل وهو يرغي والهودج يتمايل يميناً وشمالا. ورحلة جميلة على الجمل بصحبة بعض الفرسان., كان إخوتها الصغار وأطفال وصبية النجع ينظرون إليها باستغراب. . وانطلقوا خلف الموكب حتى غادر النجع.. وسارع الجمل والفرسان بعيداً.. ووقف الصبية للحظات وأصوات أنفسهم تتعالى من التعب ..وعادوا إلى النجع والحزن على وجوههم .. ودمعت عينا العجوز حتى ابتلت لحيته .. وتهدج صوته وصمت برهة من الزمن ., وتابع حكايته وقال الله يسامح والدها..,!!! وبقية جميلة في المدينة البعيدة سنتين .,أنجبت بنت .وكانت تأتي لزيارة أهله في النجع عند قدوم العيد الكبير بصحبة زوجها .. الذي يمتلك سيارة (لند روفر خضراء اللون )., وبعد زيارتها للنجع الأخيرة سمعنا بأنه ألم به المرض ولم يمهلها طويلاً .. وماتت جميلة في المدينة الكبيرة والبعيدة .. وحزن عليها وبكاها النجع كله .. وانأ لا زلت حزين عليها .. ومر على وفاتها قرابة الخمسين سنة… ولم أحب من النساء غيرها ولم أتزوج ولا زلت أذكرها وهي فتاة تمرح وتلعب بين البيوت بضحكاتها المجلجلة . التي اسمعها حتى الآن ..,وهي تركض في إرجاء النجع وصوت ضحكاتها يتجاوب في البئر.. و أتخيله وهي تركض في الحقول بين سنابل القمح وفي الوديان والجبال تقطع المسافات وكنت اركض وراء ضحكاتها المجلجلة في كل مكان .. حتى الآن لا زلت أرها وهي تبتسم وتتجول في إرجاء المكان.. ووقف ذلك الشيخ العجوز وحمل كيسه على ظهره وهو يعظ على السيجارة بين أسنانه … ويردد ليسامح الله أبوها.., وانطلق في ذلك الشارع الطويل …وهو يحمل الكيس الكبير على ظهره المنحني . حتى ابتلعه الشارع و اختفى.. وترك حكايته القديمة بين مستمعيه وهم في حيرة وحزن واستغراب ., بقلم عبد الباسط رزق عبد الحميد