انتقل إلى المحتوى

تاريخ السل: الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
This contribution was added by Bayt al-hikma 2.0 translation project
(لا فرق)

نسخة 10:02، 26 أبريل 2021

لا ميزريا بريشة الرسام كريستوبال روجاس (1886). كان روجاس يعاني من مرض السل عندما رسم هذا. صور الرسام في لوحته الجانب الاجتماعي للمرض وعلاقته بالظروف المعيشية في نهاية القرن التاسع عشر.

عُرف مرض السل على مر التاريخ بأسماء مختلفة كالتدرن والطاعون الأبيض. يعتقد بنشوء المتفطرة السلية المسببة للمرض من كائنات أخرى أكثر بدائية من جنس المتفطرات، وهذا الأمر مقبول عمومًا.

أجريت في عام 2014 دراسة على الحمض النووي لجينوم سل معاد تركيبه من بقايا بشرية في جنوب البيرو، وقد أشارت نتائجها إلى أن عمر السل البشري أقل من 6000 عام. افترض الباحثون أن البشر حصلوا عليه لأول مرة في إفريقيا منذ نحو 5000 عام. مع ذلك، يوجد دليل على أن أول إصابة بالسل حدثت منذ نحو 9000 عام. انتقل السل إلى البشر الآخرين على مسارات الطرق التجارية، وانتقل كذلك إلى الحيوانات المستأنسة -كالماعز والبقر- في إفريقيا. يعتقد البعض أن فقمات وأسود البحر التي تعيش على الشواطئ الأفريقية أصيبت بالسل، وأنها من نقلته عبر المحيط الأطلسي إلى أمريكا الجنوبية؛ فقد كان الصيادون أول من أصيب بالمرض في تلك المنطقة.[1][2]

المنشأ

درست عدة أعمال الأصول التطورية لمعقد المتفطرة السلية، ووجدت أن أحدث سلف مشترك للمعقد كان نوعي للبشر. اقترحت الدراسات خضوع هذا السلف لظاهرة عنق الزجاجة التي يعتقد أنها حدثت منذ 40000 سنة، وهذا يتوافق مع الفترة التي تلت خروج الإنسان العاقل من إفريقيا. اعتمد تحديد تاريخ الظاهرة على تحليل وحدات التكرار المتفطرية المبعثرة. وبناءً على نفس التحليل، وجد الباحثون أن سلالة المتفطرة البقرية بدأت بالانتشار منذ نحو 6000 سنة، وهذا قد يكون مرتبطًا باستئناس الحيوانات وبدايات الزراعة.[3]

عثر الدارسون على البكتيريا في عظام إنسان تعود للعصر الحجري الحديث، ويدعي البعض وجود آفات مميزة لمرض السل في مستحاثات تعود للإنسان المنتصب عمرها 500000 عام، ولكن ما يزال هذا الاكتشاف مثير للجدل.[4]

تشير نتائج دراسة الجينوم المنشورة في عام 2014 إلى أن مرض السل أحدث من ما اعتقد في السابق. تمكن العلماء من إعادة تكوين جينوم البكتيريا من بقايا هياكل عظمية عمرها 1000 عام من جنوب البيرو. وجد الباحثون أن عمر المرض أقل من 6000 عام، وعثروا على صلة وثيقة بينه وبين السلالة التي تصيب الفقمات بالسل. افترض الباحثون أن هذه الحيوانات كانت وسيلة انتقال الفيروس من إفريقيا إلى أمريكا الجنوبية. يعتقد فريق من جامعة توبنغن أن البشر أصيبوا بالمرض في إفريقيا منذ نحو 5000 عام، وأنهم من نقله للحيوانات المستأنسة كالماعز والبقر. يعتقد أن الفقمات أصيبت بالمرض بعد وصولها الشواطئ الأفريقية للتكاثر، وأنها حملته معها عبر المحيط الأطلسي. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد بانتشار السل عن طريق البشر عبر طرق التجارة في العالم القديم. قدم باحثون آخرون أدلة أخرى تشير إلى أن عمر بكتيريا السل أكثر من 6000 عام. تختلف سلالة السل الموجودة في البيرو عن السلالة المنتشرة اليوم في الأمريكتين؛ إذ ترتبط الأخيرة ارتباطًا وثيقًا بسلالة أوراسية لاحقة قد يكون المستعمرون الأوروبيون من أحضرها للبلاد. مع ذلك، انتقد خبراء آخرين من هذا المجال تلك النتيجة؛ إذ يوجد دليل على وجود المتفطرة السلية في بقايا هيكل عظمي عمرها 9000 عام.[5]

تتوفر معلومات شحيحة عن تواتر المرض قبل القرن التاسع عشر، ولكن يعتقد أن حدوثه بلغ ذروته بين نهاية القرن الثامن عشر ونهاية القرن التاسع عشر. بمرور الوقت، أعطت ثقافات العالم المختلفة المرض عدة أسماء تصفه جميعها بالمرض المضني المسبب للهزال والدنف، ومن هذه الأسماء: phthisis (اليونانية) و consumptione (اللاتينية) وyaksma (الهندية) وchaky oncay (لغة الإنكا).

ارتفع معدل الوفيات الناجم عن السل بين الشباب ومتوسطي العمر في القرن التاسع عشر بالتزامن مع نهضة الحركة الرومانسية (التي تهتم بالمشاعر أكثر من المنطق)، ولهذا يصف الكثيرون المرض بالرومانسي.

السل في مهد الحضارة

اكتشفت أدلة على السل في عام 2008 ضمن بقايا بشرية من العصر الحجري الحديث عمرها نحو 9000 عام في عتليت يام، وهي مستوطنة في شرق البحر الأبيض المتوسط. أثبتت وسائل التحليل المورفولوجية والجزيئية صحة تلك النتيجة. يعتبر ذلك أقدم دليل على إصابة السل للبشر حتى الآن.[6]

وجد الدارسون أدلة على إصابة السل للبشر في مقبرة بالقرب من هايدلبرغ في بقايا عظمية تعود للعصر الحجري الحديث. تظهر البقايا تزوي يشاهد عادةً لدى المرضى المصابين بسل العمود الفقري. يصف بعض المؤلفين مرض السل بأنه المرض الأول الذي عرفته البشرية.[7]

عثر على علامات المرض في المومياوات المصرية التي يرجع تاريخ حياتها إلى نحو 3000 و2400 سنة قبل الميلاد. وجد الباحثون المرض في مومياء القس نيسبيرهين التي اكتشفها غريبارت في عام 1881؛ فقد احتوت المومياء على أدلة تشير إلى إصابتها بسل العمود الفقري مع خراجات قطنية مميزة. اكتشفت صفات مماثلة في مومياوات أخرى -كمومياء الكاهن فيلوك- وفي جميع مقابر طيبة، ويرجح أن يكون السل سبب موت أخناتون وزوجته نفرتيتي. تشير الأدلة إلى وجود مستشفيات خاصة بمرض السل في مصر منذ 1500 سنة قبل الميلاد.[8][9][10]

وصفت بردية إيبرس، وهي مخطوطة طبية مصرية مهمة كتبت منذ 1550 سنة قبل الميلاد، مرض رئوي مرتبط بالعقد اللمفاوية في العنق. أوصت البردية بعلاج المرض عبر البضع الجراحي للكيسة مع وضع خليط مطحون من نبات السنط السيال والبازلاء والفواكه والعسل والملح مع دم حيوانات وحشرات.

ذكر العهد القديم مرض مضني سيصيب الشعب اليهودي إذا ابتعد عن الله، وهذا مذكور في قسم اللعنات المنزل قبل الدخول إلى الأراضي الكنعانية.[11]

أمريكا قبل كولومبوس

كشفت تقارير دراسة أجريت في أغسطس 2014 أن السل قد انتشر إلى أمريكا الجنوبية عن طريق الفقمات التي أصيبت به على شواطئ إفريقيا ونقلته عبر المحيط الأطلسي. يعتقد أن هذه الحيوانات أصيبت بالمرض بعد انتقاله من البشر إلى الحيوانات المستأنسة. قام فريق من جامعة توبنغن بتحليل الحمض النووي لمرض السل في هياكل عظمية عمرها 1000 عام تعود لحضارة التشيريبايا في جنوب البيرو. استرد الباحثون جزء كبير من المادة الوراثية للبكتيريا، وبذلك تمكنوا من إعادة بناء الجينوم الخاص بها. اكتشف الباحثون خلال هذه الدراسة صلة وثيقة بين سلالة السل التي أصابت البشر آنذاك والسلالة الموجودة لدى الفقمات بشكل خاص. انتشر المرض في أمريكا الجنوبية بين الصيادين أولًا بسبب تعاملهم مع اللحوم الملوثة. تختلف سلالة السل المكتشفة عن السلالة المنتشرة اليوم في الأمريكتين؛ إذ ترتبط الأخيرة ارتباطًا وثيقًا بسلالة أوراسية لاحقة.[12]

قبل هذه الدراسة، اكتشف أول دليل على المرض في أمريكا الجنوبية في بقايا تعود لحضارة الأراواك عمرها 1050 سنة قبل الميلاد. يعود الاكتشاف الأهم إلى مومياء عمرها 700 سنة بعد الميلاد لطفل ناسكاني يبلغ من العمر 8- 10 سنوات من هاسيندا أجوا سالا؛ إذ تمكن العلماء من عزل دليل على العصيات منها.[13]

انظر أيضًا

مراجع

  1. ^ Carl Zimmer, "Tuberculosis Is Newer Than Thought, Study Says", New York Times, 21 August 2014
  2. ^ Hershkovitz، Israel؛ Donoghue، Helen D.؛ Minnikin، David E.؛ Besra، Gurdyal S.؛ Lee، Oona Y-C.؛ Gernaey، Angela M.؛ Galili، Ehud؛ Eshed، Vered؛ Greenblatt، Charles L. (15 أكتوبر 2008). "Detection and Molecular Characterization of 9000-Year-Old Mycobacterium tuberculosis from a Neolithic Settlement in the Eastern Mediterranean". PLoS ONE. ج. 3 ع. 10: e3426. Bibcode:2008PLoSO...3.3426H. DOI:10.1371/journal.pone.0003426. PMC:2565837. PMID:18923677.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: دوي مجاني غير معلم (link)
  3. ^ Wirth T.؛ Hildebrand F.؛ وآخرون (2008). "Origin, spread and demography of the Mycobacterium tuberculosis complex". PLoS Pathog. ج. 4 ع. 9: e1000160. DOI:10.1371/journal.ppat.1000160. PMC:2528947. PMID:18802459.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: دوي مجاني غير معلم (link)
  4. ^ Roberts, Charlotte A.; Pfister, Luz-Andrea; Mays, Simon (1 Jul 2009). "Letter to the editor: Was tuberculosis present in Homo erectus in Turkey?". American Journal of Physical Anthropology (بالإنجليزية). 139 (3): 442–444. DOI:10.1002/ajpa.21056. ISSN:1096-8644. PMID:19358292.
  5. ^ "Sea Lions And Seals Likely Spread Tuberculosis To Ancient Peruvians", National Public Radio, Aug 21, 2014 [1]
  6. ^ Hershkovitz I.؛ Donoghue H. D.؛ وآخرون (2008). "Detection and molecular characterization of 9,000-year-old Mycobacterium tuberculosis from a Neolithic settlement in the Eastern Mediterranean". PLOS ONE. ج. 3 ع. 10: e3426. Bibcode:2008PLoSO...3.3426H. DOI:10.1371/journal.pone.0003426. PMC:2565837. PMID:18923677.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: دوي مجاني غير معلم (link)
  7. ^ Madkour 2004:3
  8. ^ Zink 2003:359-67
  9. ^ Madkour 2004:6
  10. ^ Madkour 2004:11–12
  11. ^ Deuteronomy 28:22
  12. ^ Bos، Kirsten I.؛ Harkins، Kelly M.؛ Herbig، Alexander؛ Coscolla، Mireia؛ وآخرون (20 أغسطس 2014). "Pre-Columbian mycobacterial genomes reveal seals as a source of New World human tuberculosis". Nature. ج. 514 ع. 7523: 494–7. Bibcode:2014Natur.514..494B. DOI:10.1038/nature13591. PMC:4550673. PMID:25141181. {{استشهاد بدورية محكمة}}: روابط خارجية في |last1= (مساعدة)
  13. ^ Prat 2003:153