بوابة:الخلافة الراشدة/مقالة مختارة/9

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
أقصى الحدود التي بلغتها الخلافة الراشدة في عهد عثمان بن عفَّان سنة 654م.

كانت دولة الخلافة الراشدة مقسمة إلى عدّة ولايات ذات حدود غير ثابتة، فقد كانت تتغير بين الحين والآخر وفق توسع الدولة. واختلفت سياسات الخلفاء الراشدين وطرق تعاملهم مع شؤون الدولة فيما بينهم، فكانت لكلِّ منهم معاييره الخاصة في انتقاء الولاة والعمَّال على أقاليم الدولة. فعمر بن الخطاب كان يرى دائماً تقديم الصحابة للولاية، وأما عثمان بن عفان فلم يكن يهتم بذلك كثيراً، وكان يضع الأولوية لقوة وأمانة الوالي، فيما أنَّ علياً كان يضع الأولوية للقوة والشدة، وعندما يأتي ولاته الأفعال غير المناسبة كان يعالج ذلك بمعاقبتهم وتقويمهم. ورغم ذلك، فقد اتَّجه جميع الخلفاء بالمجمل إلى تولية الصحابة، وكان معظم ولاتهم من صحابة الرسول. ولم تدم ولاية العامل لمدَّة معيَّنة، وإنَّما كانت ترجع إلى رضا الخليفة عنه وعن نجاحه في إدارة ولايته. وقد شملت مهامُّ الوالي تحصين الثغور وتدريب الجنود وتقصِّي أخبار الأعداء، وتعيين العمال والموظَّفين الأقل رتبة على المدن، وإعمار الولايات (كحفر العيون والأنهار وتعبيد الطرق وإقامة الجسور والأسواق والمساجد وتخطيط المدن وغيرها). إلا أنَّ سلطات العمَّال وأعمالهم اتسعت تدريجياً مع تقدم الخلافة الراشدة، حتى امتلكوا في عهد عثمان سلطاتٍ عسكرية كاملة، حيث يقومون بالفتوحات ويبنون الحصون، إلا أنَّ هذه الصلاحيات لم تتسع لتشمل السلطة المالية التي بقيت في أيدي عمَّال الخراج وجامعي الصدقات والزكوات.

بعد تولِّي أبي بكرٍ الحكم، رفض عددٌ من ولاة الرسول محمد أن يعملوا لغيره من الخلفاء، فتنازلوا عن مناصبهم، وقام أبو بكر بتعيين ولاة جدد. قام عمر بن الخطاب - بعد الفتوحات الواسعة التي شهدها عصره - بتقسيم دولة الخلافة الراشدة إلى ولاياتٍ مختلفة، وعيَّن على كل ولاية منها عاملاً ينوب عنه في تدبُّر شؤون حكمها، وكان يراقب ويحاسب هؤلاء العمَّال بدقَّة، حيث كان أقسى الخلفاء الراشدين في معاملة الولاة وأشدَّهم إصراراً على التقشُّف والتزام العدل، حتى أنه كان يستدعيهم في موسم الحج من كلِّ عامٍ لتفقُّد أحوالهم، وكان يطلب من حملة البريد أن يقفوا (بعد وصولهم إلى الولايات والأقاليم) فيسألوا الناس من عنده شكوى على الوالي، وذلك ليرسلها إلى الخليفة دون تدخُّل الوالي نفسه وحيوله دون وصول الشكوى.