مستخدم:LABAT EDKHIL

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الإعلام وأنماط التواصل بالصحراء المغربية -  الإرهاصات والنشأة[عدل]

من المعلوم أن منطقتي الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب قبل الاستعمار الإسباني عرفتا أشكالا عدة من أنماط التواصل والإخبار وتبادل المعلومات على الطريقة البدائية المستوحاة من إكراه المعيش اليومي وما تفرضه الطبيعة والنسق الاجتماعي القبلي من إلزامية التبليغ والتواصل (البواه – أمنير – الديار...)([1])،كرس واقعا يعتمد على الرواية الشفوية كشكل من أشكال الإعلام والاتصال آنذاك الأكثر إتاحة وشيوعا، "قد يبدو  الحديث عن الإعلام في مجتمع الصحراء على قدر غير قليل من الغرابة، بل ولا يخلو من بعض الطرافة فلا وجود عنده للجرائد ولا للإعلام السمعي ولا البصري في الحقب السابقة ... حتى ليخيل للمتتبع أن هذا المجتمع لا يولي أهمية تذكر للمعلومة وللخبر، والحق أن هذا التصور سيبدو بعيدا عن الصحة إذا ما تعرفنا على تقنيات أخرى كانت بمثابة المعادل الموضوعي لكل وسائل الإعلام المعروفة... وهي تقنيات أثبتت نجاعتها بشكل لا جدال فيه، نقصد بذلك "البواه" و"الحاسي" و"السوگ" و"اجماعت الطبلة" و"إيگاون" ..."([2])، كما كان لسلوكيات الرحل والبدو على حد سواء وميلهم إلى الرواية الشفوية أيضا دور كبير في غياب أدوات التوثيق وآلياته، وكيف كانت تملي فضاءات الصحراء القاسية شروطها التواصلية على النسيج المجتمعي آنذاك، مما أفرز لنا وضعية استثنائية تحت إكراه الطبيعة استخدم فيها الإنسان كل إمكانياته العفوية في تطويع الطبيعة وتسهيل أدوات العيش فيها، مع الجزم أنها قنوات بدائية لا ترقى إلى تسميتها إعلاما أو صحافة، وإنما هي أشكال اتصالية فرضتها قساوة العيش وإلزامية السؤال عن المحيط، "كانت الرواية الشفوية واحدة من أعمدة التراث الثقافي في الصحراء بارتباط مع نمط العيش السائد في المنطقة المعتمد في غالبيته على الترحال، فهي الخزان الرئيسي لثقافة الناس اليومية التي تتداولها أفواه الرجال والنساء، مما كرس النظرية القائلة بأنه متى كان الترحال كانت الرواية الشفوية ومتى كان الاستقرار كانت الوثيقة ...وكانت الرواية الشفوية هي قناة التواصل الاستراتيجي التي نسجها مجتمع الصحراء"([3]).

وفي السياق ذاته، فإن حياة البدو لدى أهل الصحراء كانت بمثابة نشرة أخبار على امتداد ساعات النهار، تبدأ أحداثها منذ البكور حديثا عن متفرقات خفيفة سواء فيما يتعلق بالحاجيات الضرورية أو السؤال عن سبل افتكاك بعض الأمور العالقة، ومن ثمة الانتقال إلى الأحاديث ذات العلاقة بالصحة والماشية والتاريخ وأمور الدين والتضاريس والغذاء والسلاح والزواج والموت والأمطار ...إلخ، أما بخصوص حالة الطقس فكانت تستقرأ انطلاقا من الظواهر الطبيعية وسلوكيات بعض الحيوانات فعلى سبيل المثال: عندما تتمرغ الكلاب على ظهورها في وقت الهجير يدل ذلك على قرب هطول المطر، وعندما يسيل لعاب الإبل بشكل كثيف يدل ذلك على مجيء الغيث والمطر، أما عندما يكثر عواء الذئاب ليلا يدل ذلك على الجفاف والقحط، إذ يفسر سلوك الحيوان على أنه تضرع لله من أجل الفرج ونشر الرحمة، وعندما تكون النجوم ساطعة يدل ذلك على أن الطقس غدا بارد والعكس صحيح، في حين إذا كان قرص الشمس أحمرا متوهجا فيدل ذلك على حرارة الطقس ذلك اليوم وهكذا، وفي هذا الصدد قد تكون المادة الخبرية نثرا وقد تكون شعرا، ومن الأمثلة على الحاجة إلى الخبر وتداول المعلومة في هذا المجتمع، ما جاء به الشاعر محمد سالم ولد الدخيل (الداه) مادحا أحد الشخصيات بقوله([4]):

شكرك شهدت به الخطار  *** تستخبر به فكل لسنة

فكل شهر وفكل انهار *** وكل أسبوع وكل اسنة

وفي الإطار نفسه، يزدرى الفرد بالصحراء ويقدم نموذجا عن ضعف الشخصية والدناءة، عندما يكون غير مهتم بالأخبار وغير مكترث بالمحيط حيث يقال "فلان ما يجيب أخبار ولا يدي وحدة" ([5])، ويقال "فلان أخبارو زگية أزگى من گعدتك"([6]) كناية عن صدق الخبر وقوة مصادره، وفي رواية أخرى تعزز ما تمت تلاوته سابقا يحكى أن أحد المارين على مضارب إحدى التجمعات البدوية قديما وبعدما سألوه عن أحوال الطريق والمطر أنشد قائلا:

ألوس گبلتكم حوصة *** تراب زينة واعفية

لو كانت ما هي كردوسة *** نجيب لخبار اعشية([7])

وبهذا، يمكن القول إن أهل الصحراء على امتداد خارطتها لم يكونوا في عزلة عن المحيط، ولم يكونوا منقطعين عن العالم رغم غياب وسائل الاتصال، غير أن الحاجة كانت ملحة في العيش والتعايش وتطويع الطبيعة عن طريق فهمها واستكناه أسرارها، وتحويل ذلك الروتين اليومي إلى تدافع وتلاقح وتواصل أشبه بحركية ودينامية النحل في البحث والتقصي عن الحاجات والمنافع ودرء كل ما من شأنه تعطيل هذه الانسيابية المرنة في التعاطي مع المحيط.  

وتأسيسا على ما سبق، فقد اتفقت معظم الآراء والمراجع على قلتها على أن ظهور الإرهاصات الأولى للإعلام والصحافة بشكل فعلي، كانت مع التواجد الإسباني بالمنطقة نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، رغم التجاذب القائم حول حقيقة ما تم تداوله بشأن وجود مجلة صحفية تدعى AFRICA OCCIDENTALE ESPANOLA التي تم طبع العدد الأول منها في مدينة سيدي ايفني سنة 1943، تلتها محاولة أخرى في 15 أبريل 1945 تحمل نفس الاسم A.O.E ([8])، باستصدار عددها الأول التي عمدت فيه إلى طمس حقيقة الاحتلال، وإظهار تفاصيل المشروع الإسباني الاستعماري آنذاك، ويذكر أن هذه الصحيفة استمرت في النشر إلى غاية سنة 1969، في حين تزايد الاهتمام بمنطقة الصحراء على المستوى الإعلامي بتخصيص ركن خاص يحمل اسمها على صفحات مجلة تدعى موريتانيا MAURITANIA التابعة للمؤسسة العسكرية الإسبانية، "إن إسبانيا لم توسع من اهتمامها الإخباري بالصحراء إلا بعد سنة 1958، حيث خصصت ركنا خاصا بالمنطقة يحمل إسم (SAHARA)، ولم تخرج عن المواضيع المنشورة بهذا الركن وحتى حدود 1975 عن السياق العسكري الاستعماري والتطبيل للسيادة الإسبانية على الصحراء والمنجزات والمشاريع الاستعمارية، ويظهر أن أغلب هذه المواضيع كتبت بأقلام الضباط الإسبان الموجودين بالمنطقة، وقد أغفلت جملة وتفصيلا المواضيع المرتبطة بمشاكل المنطقة في المجالين الاجتماعي والاقتصادي"([9]).

1-     ستينيات القرن الماضي: صحيفة الصحراء SAHARA:[عدل]

- الصحافة المكتوبة

هذا الاسم أي الصحراء (SAHARA) تم اقتباسه مرة أخرى ليكون عنوانا لأول صحيفة أسبوعية موجهة للرأي العام المحلي في ستينيات القرن الماضي بمطبعة بالعيون تدعى IMPRENTA IDITORIAL SAHARIANA ، ولم تذكر المصادر الكثير من التفاصيل عن هذه الصحيفة، حتى أنه لم يبق لها أثر مادي سواء بالمنطقة أو في المكتبات الإسبانية، اللهم ما تم العثور عليه في الأرشيف الرقمي لجامعة لاس بالماس بكناريا الإسبانية  Universidad de Las Palmas de Gran Canaria التي نسخت جميع الأعداد ضمن الركن الخاص بمجال الصحافة، وهناك أيضا ما تواتر من معلومات ومعطيات حول ذات الموضوع خصوصا ما قدمته مجلة "إفريقيا" في صفحتها التاسعة من العدد رقم 257 الصادر في مايو 1963 بمقال معنون ب"الصحراء: الناطق باسم إسبانيا في الصحراء PORTAVOZ DE ESPANA EN EL SAHARA"([10])، والذي أكدت فيه أن العدد الأول من أسبوعية الصحراء صدر بمناسبة الاحتفال بما كانت تسميه إسبانيا أنداك بيوم النصر أو ثورة أبريل، حيث حضر مراسيم صدور العدد الأول الحاكم العام الإسباني بالصحراء المدعو "PEDRO LETORRE ALCUBIERRE" (13/10/1961-21/02/1964) ([11])، الذي تسلم النسخة الأولى من يد مدير الجريدة آنذاك "ألونصو أيوسطانتي ALONSO ALLUSTANTE" والتي تضمن غلافها صورة لوجه الجنرال فرانكو  مع عنوان المجلة، إضافة إلى صور ودرجات بعض الشخصيات السامية في السلك العسكري والسياسي الإسباني في باقي الصفحات، ناهيك عن بعض الأخبار الثانوية والهامشية الدولية والإقليمية مركونة في آخر العدد، وقد طبع حوالي 1000 نسخة من العدد الأول لم يأت على ذكر المشاكل التي تتخبط فيها المنطقة والساكنة، ولا حتى الوضع الاجتماعي والسياسي القائم الذي اتسم بتوالي أحداث ومتغيرات متسارعة أهمها أن المنطقة ستعرف حدثا كبيرا  بعد هذا الاحتفال بشهر واحد فقط، وهو إجراء أول انتخابات محلية صورية في الإقليم للمستشارين المحليين في مدن العيون والسمارة ولگويرة، من أجل إضفاء الشرعية على الاحتلال ونزع فتيل الاضطرابات المتلاحقة والهجومات المتكررة لرجالات المقاومة، ورغم إصرار الحكومة الإسبانية على استصدار أعداد أخرى من هذه الصحيفة وزيادة أعداد النسخ المطبوعة إلى حوالى 3000 نسخة بدل الألف نسخة، إلا أن تأثيرها محليا والإقبال عليها من طرف الساكنة لم يكن بالشكل الكبير نظرا للمزاج العام آنذاك برفض كل ما يطرح من طرف المستعمر، إضافة إلى كون اللغة الإسبانية لم تتوغل بعد في تلابيب الحياة اليومية كتابة وقراءة، وهكذا يبدو أن الهدف من التركيز الإعلامي للمستعمر الإسباني لم يكن داخليا بهدف خلق رأي عام محلي أو نشر الثقافة والتغول الإسباني بالمنطقة وزيادة الوعي المحلي بأهمية "المشروع الإسباني الموعود"، وإنما كان ذا غايات خارجية ترمي إلى التأكيد على أن الصحراء لم تعرف وطنا آخر غير إسبانيا وأن المجهود على قدم وساق من أجل تنمية المنطقة وتأهيلها بالمشاريع ومظاهر التنمية، وتسويق صورة الارتباط بين الساكنة والحكومة الإسبانية وامتدادها إداريا وسياسيا ومعيشيا ...    

وقد جاء هذا التهافت الإسباني بالاهتمام بالجانب الدعائي أيضا نتيجة لمجموعة من العوامل؛ أبرزها رغبتها التوسعية وأطماعها بالمنطقة، خصوصا بعدما أكدت الدراسات وجود كميات هائلة من معدن الفوسفاط في منطقة بوكراع، واكتشاف 32 بئرا للنفط في منطقة "افيم الواد"، التي تبعد عن مدينة العيون بحوالي عشرين كلم، وزيادة الشعور بوجود معدن الحديد في المناطق الوسطى وكذلك منطقة الداخلة بعد عملية التنقيب التي تم القيام بها سنة 1964، وهكذا أقدمت إسبانيا على الشروع في عملية إنشاء واستغلال المناجم في المنطقة، وعلى إثره تم إنشاء ما سماه الإسبان بالشركة الوطنية للمعادن الصحراوية سنة 1962 من جهة، واشتداد الضغط عليها من طرف رجال المقاومة وما شهدته المنطقة من حركات التمرد والكر والفر الذي كلف خسائر كبيرة للمستعمر في العديد من المعارك (ثگل، ارغيوة...) من جهة أخرى، كما كان للحملة الإعلامية التي قامت بها الحركة الوطنية شمال المغرب دور كبير من خلال صفحات وافتتاحيات التحريض والتأجيج وكشف الحقائق وفضح زيف نوايا المستعمر خصوصا بعد استقلال شمال المغرب من الاستعمار الفرنسي ومبايعة بعض شيوخ القبائل والأعيان سلطان المغرب بعد عودته من المنفى أبرزهم القائد لحبيب ولد البلال الذي وشحه الملك الراحل محمد الخامس بالرباط بوسام في يونيو 1960([12]).

هذا وقد عرفت المنطقة خلال هذه السنوات حصارا إعلاميا مشددا على الحياة اليومية، وحجرا كبيرا على الوضع السياسي والاجتماعي، تمثل في منع العمل الصحفي بالصحراء لغير الإسبان المرخص لهم من طرف المؤسسة العسكرية وإغلاق المنطقة أمام الصحف والإذاعات والوكالات الأجنبية، في المقابل لم تسجل أي محاولة محلية في هذا الاتجاه اللهم بعض الأشعار المتداولة التي تذكي الحماس وتؤجج الثائرين نحو حمل السلاح والمقاومة ورفض المستعمر لكنها لم ترقى إلى تصنيفها جنسا صحفيا كما هو متعارف عليه اليوم، وقد كانت جل هذه الغنائيات محفوظ في الصدور وطي الرواية الشفوية بسبب الخشية من تتبع وملاحقة المستعمر الغاشم من جهة وعدم شيوع وإتاحة عنصر التدوين والكتابة من جهة أخرى. 

- الصحافة المسموعة:

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية زاد الاهتمام الشعبي بالراديو بعدما أصبح متاحا للجميع مع  تطوير إنتاج وتسويق مكونات أجهزة الاستقبال، وقد كان للتطورات الإقليمية والدولية المتلاحقة والتحولات الاستراتيجية التي عرفها العالم بداية الستينيات خصوصا مع نيل العديد من الدول الإفريقية لاستقلالها دورا بارزا في الحرب الدعائية القائمة آنذاك ومحاولة استقطاب المعارضين والثوار وتلميع صورة المستعمر ومجابهة معنويات رجال المقاومة بالتخوين والإرهاب، وبالموازاة كان صوت الإذاعات العربية ذات التوجه القومي آنذاك صداحا بالشعارات المناوئة للاستعمار خصوصا إذاعة صوت العرب دون أن نغفل عن الدور الطلائعي الذي لعبته إذاعة طنجة في توازن الضخ الإعلامي بين الجانبين حيث  أنشأت قسما فرعيا أطلق عليه اسم "إذاعة موريتانيا وإفريقيا" يبث أخبار الموريتانيين وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء وفضح ألاعيب إسبانيا في مناطق سيدي إيفني والساقية الحمراء ووادي الذهب ونقل الصورة الحقيقية للوجود الإسباني وأطماعه، وحض الساكنة على النضال من أجل نيل الحرية والاستقلال، وقد كانت هذه الإذاعة تبث برامجها بالعربية والحسانية ...

وهكذا، أرغمت إسبانيا على زيادة فاعلية خطابها الإعلامي بعدما قررت إطلاق أول محطة إذاعية بالصحراء بتاريخ 18 يوليوز 1662، بمناسبة ثورة فرانكو، أطلق عليها اسم "راديو الصحراء"، تحت إدارة المدعو "بابلو الماسيس" و"فريديريكو كامبوس"، وكان طاقمها خليط بين الإسبان وبعض الصحراويين المنوط بهم تقديم البرامج باللهجة الحسانية .

2-    سبعينيات القرن الماضي: [عدل]

- جريدة الواقع LA REALIDAD: 

صدر أول عدد من جريدة "الواقع LA REALIDAD" بتاريخ 18 يونيو من سنة 1975 ، واستمرت في الصدور إلى حدود 24 أكتوبر من نفس السنة وطبع منها حوالي 99 عددا ، تحت إدارة المدعو Pablo Ignacio de Dalmases ([13])، تميزت كونها أول جريدة تدرج اللغة العربية في صفحاتها، وذلك من خلال الصفحة الأولى التي تحمل عنوان الجريدة ثنائي اللغة وبخط عريض (الواقعLa Realidad -)، مرفقة بالديباجة التالية: "تحررها صحافة ونشر الصحراء وهي مسجلة في سجلات مصالح أنباء الحكومة الصحراوية العامة"، أما بقية التحرير العربي فكان مدرجا في ثنايا الصفحة الأخيرة من خلال عمودين يحمل الأول اسم "بعض الأنباء العالمية"، متناولا بعض الأحداث البارزة في العالم العربي، بما في ذلك المغرب وموريتانيا وفلسطين ... وما يدور في أروقة الأمم المتحدة من تجاذبات وأقطاب بين الدول، والعمود الآخر يدعى "الواقع" ينهج خطه التحريري أسلوب التحريض والدعاية ضد المملكة المغربية بزعمهم أنها دولة تهدد الأمن الإقليمي وذات أطماع في الصحراء، بالإضافة إلى اللغة الإسبانية التي كانت تأخذ الحيز الأكبر في باقي الصفحات التي تراوحت بين الثمانية والعشرة صفحات، متضمنة في صفحتها الأولى لافتتاحية بعنوان "صباح الخير BUENOS DIAS"، وكانت تنشر أعدادها بشكل يومي باستثناء يوم الاثنين.

  إذاعة الطرفاية والعيون:

أعطي انطلاق إذاعة الطرفاية سنة 1974، بأمر مرفوع من العاهل المغربي آنذاك المغفور له الراحل الحسن الثاني إلى وزير الإعلام وقتئذ محمد بنهيمة، وهو ما كان بالفعل حيث تم تعيين الصحفي "محمد جاد " مديرا عليها مع ثلة من الصحفيين من قبيل مصطفى العلوي وبنعيسى الفاسي ومحمد ضاكا وماجد عبد الرحمان ووياه أحمد الهيبة و سعيد الجديدي (مكاف بالقسم الإسباني)... وكان يطلق عليها أول الأمر إذاعة صوت التحرير والوحدة ردا على الالة الإعلامية الاستعمارية الإسبانية ومواجهة الخطاب الإعلامي التحريضي المشحون بالشعارات المناوئة للمغرب، إذ كان لهذه الإذاعة دور مهم في الذود عن حياض الوطن وإظهار الحقائق حول قضية الصحراء المغربية خصوصا مع الشروع في تنظيم المسيرة الخضراء، وقد كانت تبث برامجها باللغتين الإسبانية والعربية وتضم خريطتها البرامجية نشرتي أخبار وتعاليق سياسية موجهة وبرامج أخرى من قبيل "صوت الصحراء" و "قبل أن ننسى" و "سمر ونغم " و" صباح الخير" و"جولة الميكروفون"...  لكنها سرعان ما توقفت مع اندحار المستعمر ودخول المغرب لمدينة العيون، حيث شرع في تسلم مقر إذاعة العيون الذي أسسه المستعمر بكامل معداته، وتم تعيين الصحفي "محمد جاد" مديرا عليها، هذا الأخير الذي كان له شرف السبق في الإعلان الأول منها حيث أخذ الميكروفون في أول إرسال لها بتاريخ 25 ديسمبر 1975 مرددا اللازمة المعروفة "هنا إذاعة المملكة المغربية من عيون الساقية الحمراء"، فيما كانت الصحفية "ليلى ماء العينين" أول من قدمت النشرة الإخبارية، وكان إلى جانب هذه الأسماء كل من: وياه أحمد الهيبة ومولود لمرابط وسيداتي السلامي وعياش مصطفى والناجم بدا وبناهي فال وتقي الله ولد أدو والناجم محمد عمر إضافة إلى امباركة الزروالي ومحمد الخياط والناجم اعميرة وفاطمة الهاشمي وعبيد ماء العينين ولحسن لحريطاني والنعمة زين الدين ومحمد عبد الرحمان الرباني وعبداتي الشكوطي والشيخي عبد الرحمان وماء العينين حمنا وغيرهم، مع العلم أن بعض هؤلاء قد استفادوا وقتئد من تكوين مهني باستوديوهات الإذاعة والتلفزة الوطنية بالرباط... وبعد أن أرست هذه الإذاعة قواعدها وانتزعت صيتا كبيرا وتوهجا برامجيا بالأقاليم الجنوبية وشمال موريتانيا وتندوف تولى "ضاكا محمد" منصب مدير الإذاعة وبعده "ماء العينين هيبة أحمد" تحت إشراف السيد "محمد بنددوش"... وعليه فإن إذاعة العيون تعتبر استمرارا لإذاعة صوت التحرير والوحدة بطرفاية([14]).

- محطة المسيرة للتلفزة:

تم إنشاؤها بأمر من الملك الراحل الحسن الثاني بمدينة طرفاية سنة 1975 واستمرت في البث سنة واحدة بعد ذلك، وقد تم استرجاع بثها بداية الثمانينات بمدينة العيون واستمرت في البث إلى حدود 1983 بعدما تم تعويضها بإرسال مركزي يشمل جميع تراب الأقاليم الجنوبية، وقد كانت تفتتح برامجها بالأبيض والأسود ابتداء من الساعة الثامنة مساء إلى حدود 11 مساء بمجموعة متنوعة من الفقرات سواء الإخبارية أو البرامج السياسية أو المسلسلات من قبيل "سمرة" و " آثار على الرمال"... هذه المحطة كانت تضم ضمن طاقمها الإعلامي طاقات من أبناء الأقاليم الجنوبية نذكر منها على سبيل المثال: وياه أحمد الهيبة وقد كان مكلفا بالربط بين البرامج والناجم اعميرة، ولمرابط مولود، وحسن الداودي ... إضافة إلى بعض التقنيين الوافدين من قبيل أحمد حضري، دراي، الشايب ... فيما كان الصحفي المخضرم "الصديق معنينو" مكلفا بالتعاليق والتدييع ... وفي هذا الإطار لم تذكر المصادر والمراجع الكثير من المعطيات عن هذه القناة اللهم فقط ما رشح من معلومات شفهية ممن عاصر هذه المرحلة([15]).


_[1]   أمنير: يقصد به ذلك الشخص الذي ينير طريق التائه خوفا من التيه في الفيافي، البواه: و ذاك الشخص الذي يبحث عن أماكن خصبة ذات النفع، الديار: هو ذاك الشخص الذي يبحث عن شيء ما مفقود،

[2] - الحسين باتا، الإعلام الشعبي في الصحراء تجارب ونماذج، مجلة ثقافة الصحراء، إصدار جمعية أصدقاء متحف الطنطان، العدد الأول، طبع وكالة الجنوب، خريف2013، ص: 130

[3] - عمر ناجيه، "التراث الثقافي للصحراء والتنمية، أية علاقة؟، مجلة ثقافة الصحراء، إصدار جمعية أصدقاء متحف الطنطان، العدد الأول، طبع وكالة الجنوب، خريف2013، ص: 70

[4] - محمد سالم ولد الدخيل ولد سيدي بابا ولد سيدي لعبيد ولد سيدي الدخيل ولد سيدي عبد الرحمان التهالي الرقيبي، الملقب بالداه والدته هي فاطمة منت محمد ولد مولاي اعلي ولد الشريف ولد مولاي الزين، عاش متنقلا بين أراضي الصحراء وفيافيها بكل من تيرس وأدرار وبئر ام اكرين وتفاريتي وكلتة زمورووادي الساقية وروافده، ثم انتقل إلى الطانطان وبعدها إلى أسواق كلميم زاهدا متصدقا وموثرا على نفسه، قبل أن يتجه مرة أخرى جنوبا وبعد اشتداد الغارات الاسبانية سنة 1957 (اخبيط الطايير-السفيرات)انتقل إلى ضواحي كليميم ثم ضواحي الطانطان خصوصا بمنطقة الشبيكة التي عاش فيها ردحا من الزمن، عرف قيد حياته بالعلم والفقه وقوة قريحته في النظم والشعر، وقد أصبح بعد ذلك رمزا كبيرا من رموز الشعر بالصحراء وموضع تقدير واعجاب لدى العامة، وتفسير هذين البيتين أعلاهما هو كالآتي: شكرك ويقصد الممدوح شهدت به كل الناس وتداولته كل الألسنة، في كل شهر ونهار وأسبوع وسنة، ونلاحظ هنا استعمال الجناس التام في قافية البيت إذا نطقت بلسان حساني محلي كما نلاحظ أيضا حاجة الناس وغايتها نحو الاستخبار والحديث.

[5] - ومعناه: أن هذا الفرد لا يأتي بالأخبار ولا يقدم جديدا كناية عن احتقاره والازدراء به.

[6]  - يعني فلان لديه أخبار أكيدة ومؤكدة.

[7] - ألوس: هضبة قليلة الارتفاع/كبلتكم: جنوبكم / حوصة: عبارة تدل على قراب المكان (هناك)/ اعفية: خالية من قطاع الطرق وآمنة/ زينة: دلالة على وجود المطر/ كردوسة: اسم أنثى يدل على انشغال الشاعر بحبيبته/ نجيب لخبار اعشية: يعني أتحقق من الأخبار وانقلها بدقة وسبق.

[8]  يقصد بها AFRICA OCCIDENTALE ESPANOLA  أي افريقيا الغربية الاسبانية، ويرجح ان يكون هذا المصطلح  قد اطلق على الجنود الذين خدموا في الجيش الاستعماري في (محمية المغرب). حيث تمكن فرانسيسكو فرانكو من التمركز في المغرب وقد تمكن من الوصول إلى منصب جنرال وهو بسن ال 33، ومكن حكم فرانكو من الاهتمام بالمشروع الإسباني من خلال التدخل بشكل قوي في مستعمراته في افريقيا (الإسبانية). وأيضا التدخل الدبلوماسي واستئناف نشر الثقافة الإسبانية، وأدت في حالة أفريقيا إلى إنشاء معهد الدراسات الأفريقية ومجلة الدراسات الأفريقية، فضلا عن بعض الإنتاجات الأكاديمية.

[9] - محمد سبى، إسبانيا والصحراء1975-1935: دراسة تاريخية واجتماعية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر-الرباط(2015)، ص:202

[10] - محمد سبى، نفس المرجع. ص:205

[11] - من مواليد 2/06/1900 في لاناخا بإسبانيا وتوفي في سرقسطة سنة 30/06/1995، شارك في العديد من الحروب ضد المغرب ما بين (1926-1925)، ثم في الحرب الأهلية الإسبانية (1939-1936)، عين حاكما عاما بالصحراء ما بين عامي 1961/1964، ثم المفوض العام بمستعمرة غينيا الاستوائية (1964-1966).

- محمد بنسعيد أيت إيدر، صفحات من ملحمة جيش التحرير المغربي،(تقديم: عبد الله ابراهيم)، مطبعة النجاح الجديدة، ط1، 2011، ص: 116[12]

[13] - حصل Pablo-Ignacio de Dalmases على شهادة في الصحافة والإعلان والعلاقات العامة، ودرجة الماجستير في التاريخ المعاصر، وعمل صحفيا منذ أن كان في الثامنة عشرة من عمره وكان يدير إذاعة الصحراء وصحيفة La Realidad  ورئيس المكتب الصحفي لـ RTVE ورئيس خدمات المعلومات في Radiocadena في كاتالونيا، كما خدم لمدة 33 عامًا في الإذاعة الوطنية الإسبانية، ويدير حاليًا مجلة Travelport للسفر والسياحة، ومحرر العديد من البرامج الإذاعية والتلفزية، وقد شغل أيضًا منصب نائب مدير مجلتي Viajeros وViajeros Cuba ومحرر مجلتي Destino Cuba و Caribbean Travel News، كما كرس نفسه للتدريس. عمل أستاذاً ورئيس شعبة الإعلام المعلوماتي في المدرسة الرسمية للإعلان ويعمل كمستشار في الجامعة المتحدة مهتمًا بأفريقيا وهو مؤلف، للعديد من الكتب من بينها: "أرض الرجال الزرق" ، و"أريد أن أكون علي بك" و"آخر إفريقيا ورحلات عبر التاريخ".

- المعلومات الواردة أعلاه مستقاة من مقابلة مع السيد وياه أحمد الهيبة (صحفي منذ 1974 بطرفاية  ثم العيون ثم مدير إذاعة  الداخلة)، بتاريخ 20/11/2019 بالداخلة.[14]

[15] - المعلومات الواردة أعلاه مستقاة من مقابلة مع السيد وياه أحمد الهيبة (صحفي منذ 1974 بطرفاية  ثم العيون ثم مدير إذاعة  الداخلة)، بتاريخ 20/11/2019 بالداخلة