انتقل إلى المحتوى

مستخدم:Tarawneh/ملعب/هيمنة الشركات الأميركية الكبرى على العالم غير الاشتراكي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

هيمنة الشركات الأميركية

لم تظهر آ ثار هيمنة الشركات الأميركية الكبرى على اقتصاديات العالم غير الاشتراكي بين ليلة وضحاها، بل بدأت تتسلل إلى حنايا الاقتصاد العالمي منذ الستينات. ففي محاضرة ألقاها السير هيرمان أبس، حاكم المصرف المركزي في المانيا الاتحادية في أيلول - سبتمبر عام 1971 قدر رؤوس الأموال الأميركية المستثمرة خارج حدود الولايات المتحدة بحوالي 150 مليار دولار. أما في أواخر عام 1976 فلقد تقافزت رؤوس تلك الأموال حتى وصلت إلى حوالي 300 مليار دولار. وهي كلها أموال تستثمرها الشركات الأميركية الكبرى في فروع لها في مختلف أنحاء العالم، وهي تبداً بالشركات النفطية، وتتتهي بالحاسبات الالكترونية، مروراً بصناعة السيارات، والآليات المختلفة. أما أرباحها السنوية فتتأرجح في الأعم الأغلب بين 15 إلى 20%.

ضخامة تلك الأرباح تعود إلى ضآلة أجور اليد العاملة خارج الحدود الأميركية، وقلة الضرائب التي تدفعها، والإعفاءات الضريبية التي تمنحها إياها الحكومة الأميركية. ففي عام 1971 مثلا، بلغت أرباح الشركات الأميركية العاملة في الخارج حوالي عشرين مليار دولار، اقتطعت الشركات النفطية 28% من مجموعها، وشركات السيارات وتوابعها 41% و 31% لغيرها من الصناعات المختلفة.

وتقول إحصاءات أجهزة الأمم المتحدة الرسمية : ان عدد فروع الشركات الأميركية في الخارج قد تصاعّد ما بين عامي 1950 و 1966 من 7000 إلى 23000 فرع. فشركة جنرال موتورز، مثلاً، لها فرع أو أكثر من فرع في 27 بلداً ؛ وشركة اكسون النفطية في 25 بلداً، وشركة جنرال الكتريك في 23 بلداً، وشركة غولف اويل في 61 بلدا ؛ وشركة آي. بي. أم. في 80 بلدا .

وفي عام 1971 اقتطعت الشركات الأميركية حصّة الأسد من مجموع الشركات الصناعية الكبرى في العالم. إذ بلغ عددها 358 شركة من إجمالي 650 شركة. ولم تقف هيمنة الشركات الأميركية عند ذلك الحد، بل لقد فاق إنتاج، وأرباح، وتثمير أموال الفروع الأميركية لتلك الشركات، إنتاج و أرباح 292 شركة كبرى لبقية البلدان الصناعية . ولقد بلغت تلك المقارنة الصناعية في عام 1976 حداً جعل الشركات الأميركية الكبرى تعتبر، حسب قانون التجارة الأميركي، أجنبية بنسبة 25% من رأسمالها واستثماراتها . وتتصدر لائحة تلك المفارقة شركة آي. بي. أم.. إذ بلغت أجنبيتها 50% من مجموع رأسمالها وتوظيفاتها.

وليس بسر أن هناك علاقة عضوية وتلاحمية بين ازدياد حجم الاستثمارات الأميركية في الخارج، ومصاحبة المصارف الأميركية لها في حلها وترحالها. فهما كالليل والنهار، متصلان - منفصلان. فبين عامي 1965 و 1972 قفز عدد فروع المصارف الأميركية خارج حدود الولابات المتحدة من 303 إلى 1009 فروع : وامتلأت خزائن المصارف النيويوركية بودائع تلك الشركات الأميركية-الأجنبية مما جعلها تبلغ ثلثي حجم الودائع التابعة في جوف صناديقها.

من الواضح أن تمويل المصارف الأميركية لفروع تلك الشركات واستثماراتها في الخارج يفرض على الفريقين تلاحماً وتحالفاً ربحيا يعود مردوده الضخم فيصبً في «القناة الأم» » أي في الولايات المتحدة ذانها .

ولم تكتف تلك الشركات والمصارف باقتطاع الجزء الأكبر من قطعة حلوى أرباح استثماراتها في الخارج، بل عمدت إلى التهام القروض ذات الفائدة المخفضة نسبياً في أسواق البورصات الأوروبية، وإعادة توظيفها في الولايات المتحدة ذاتها، نظراً إلى قدرة السلع الأميركية على منافسة مثيلاتها الأوروبية واليابانية في الأسواق العالمية بعد انخفاض قيمة السعر الرسمي للدولار، وارنفاع أسعار الين الياباني الغربي. فنصف القروض تقرياً التي تتم في أسواق ما يسمى بسوق عملة « الأورو - دولار » تفوز بها الشركات الأميركية وفروعها، مباشرة أو عبر فروع المصارف الأميركية الموجودة في كل مكان تقريباً .

وهكذا بلغت الاستثمارات الأميركية في الخارج في في نهاية السبعينيات 50% من مجموع استثمارات جميع البلدان الصناعية المتطورة. وهو رقم يدل على مدى سيطرة الشركات الأميركية، ومقدار قوة ضغطها على الاقتصاد العالمي الرأسمالي، وتحكمها بقدراته، و تجيير تلك القوة الضاغطة الهائلة لصالح الحفاظ على مصالحها الحيوية العليا، وتثبيت أقدام هيمنتها الاقتصادية على العالم السابح في فلكها، وتشديد قبضتها السياسية على أصدقائها وحلفائها، والمتمسكين بالنظام الرأسمالي أو النيوليبرالي، لتستطيع نقل أحجارها الرابحة على رقعة شطرنج لعبة الأمم.