مستخدم:Abdelhakim chenaf/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

عرفت قصر الحيران بمقاومة الاستعمار الفرنسي منذ وصوله إلى هذه المنطقة والتحقوا بصفوف جبهة التحرير الوطني، أسست جبهة التحرير الوطني مراكز بالمدينة ونواحيها للتموين والتخطيط والراحة والانطلاق منها للإغارة على مراكز العدو، وكونت لجان للتنظيم والتخطيط وغيرها. وقائع هذه المعركة جرت في بداية الأسبوع الرابع من شهر ماي سنة 1959 بين قوة لجيش التحرير الوطني قوامها فرقة كوماندو، ضد وحدات العدو ونستعرض مراحلها من خلال هذا المقال.

الموقع تقع المنطقة التي شهدت أحداث هذه المعركة في الجنوب الشرقي لمدينة الأغواط على بعد 40 كلم وتقع حاليا ببلدية قصر الحيران بدائرة قصر الحيران أما خلال الثورة فكانت ضمن حدود القسم الثاني من الناحية الرابعة المنطقة الثالثة من الولاية الخامسة، والمنطقة أرض سهلة واسعة الأرجاء بها مساحات كبيرة صالحة للزراعة وتربية الحيوانات كما توجد بها بعض السواقي تستخدم في ري الأراضي الزراعية، ويعبر هذه الأراضي واد يعرف بواد مزي الذي يوجد على ضفتيه بعض الأشجار المختلفة كما تنتشر عبر المنطقة قرى تسكنها بعض الأسر ممن تعيش على فلاحة الأرض وتربية بعض الحيوانات، بها قرى غابق الشمالية والجنوبية وغيرها وبهذه القرى توجد مراكز لجيش التحرير الوطني تستخدم غالبا كمراكز استراحة وعبور في مختلف الاتجاهات ويشرف عليها بعض مناضلي الجهة مثل دهوب الدولة ومعاش علي وغريس الطاهر وسي قويدر احمد وسي حرزالله السايحي وتعرف في هذه الفترة باللجنة.

خريطة

عدد جيش التحرير الوطني[عدل]

المجاهد كريريش عيسى والعريف أول شرفي الحاج والملازم صدوقي الحاج وبوقرين من اليمين الى اليسار على التوالي .

تتألف قوة جيش التحرير الوطني من فرقة كوماندو واحدة تعرف بالكوماندو الثالث وهي متكونة من 35 مجاهد تحت قيادة الملازم الشهيد صدوقي الحاج المعروف بسي بن عيسى ومساعده عريف أول الشهيد شرفي الحاج مع أربعة عرفاء آخرين والباقي جنود، حيث كانت مهمتهم هي مهاجمة مراكز العدو في الأغواط والعسافية ومسعد وحاسي الدلاعة وقصر الحيران وسيدي مخلوف وغيرها.

تسليح جيش التحرير الوطني[عدل]

كانت الفرقة مسلحة تسليحا جيدا، إذ كان بحوزتها قطعتين جماعيتين واحدة من نوع FM BAR 24/29 والأخرى من نوع MG 42، والباقي أسلحة فردية آلية بالإضافة إلى القنابل اليدوية، لكن ثلاثة عناصر من الفرقة كانوا من دون سلاح.

قوات العدو وأسلحته[عدل]

الطائرة الهجومية مارتن B-26.


شارك العدو في هذه العملية بعدة فيالق من مختلف تشكيلات القوات البرية وبمشاركة كتائب من الدبابات والعربات المجنزرة بالإضافة إلى الطيران الحربي وهي عبارة عن طائرات هجومية من نوع B-26 وطائرات استطلاعية وأخرى مروحية، وكانت هذه القوة تحت إمرة الجنرال تين Tain القائد العام للقوات الفرنسية بالجهة الجنوبية للبلاد وتنفيذ العقيد تروماي Trumay وقد جيشت هذه القوات خصيصا لشن حملة تمشيط كبرى لناحية القعدة بأفلو الواقعة بسلسلة جبال عمور بالأطلس الصحراوي.

نظرة على الوضع بالجهة قبل المعركة[عدل]

يتفق الإخوة المجاهدون والذين التقينا بهم والذين حضروا وقائع هذا اليوم على أن الوضع العام بالجهة تميز بنشاطات عدة في المجالين السياسي والعسكري، وفي هذا الإطار شن جيش التحرير هجمات مركزة على مراكز العدو المنتشرة بالجهة وكان آخر هذه الهجمات هو ذلك الذي وقع يوم 23 ماي على مراكز العدو بمدينة مسعد والذي نفذه الكوماندو الثالث نفسه، وبعد انتهاء العملية توجهت القوة جنوبا ونزلت بتاونزة التي وصلتها صباح يوما الأحد 24 ماي 1959، وبمجرد وصول عناصر الفرقة المركز لأخذ قسط من الراحة وصل على أثرها المناضل دهوب الطيب برسالة من مصالح الرصد والإخبار تفيد بضرورة الاستعداد واخذ الاحتياطات الضرورية لان العدو قد تمكن بوسائل عدة من معرفة أخبار الفرقة وكذلك خط سيرها بعد انسحابها من مدينة مسعد اثر انتهاء العملية، وعلى الفور شرع قائد الكوماندو بن عيسى بحضور نائبه بدراسة الوضع على ضوء المعلومات الجديدة وفي النهاية قرر البقاء بالجهة حيث اقترح ذلك نائبه وهذا اعتبارا لموقع الجهة ولتوفرها على بعض المواقع الصعب على العدو وصولها بسهولة حيث يمكن استخدامها في حالة ما إذا وقع أي هجوم على العدو ولان الفرقة كذلك لازالت متعبة من عناء الطريق ولم تسترجع بعد قوتها في اليوم السابق، والذي تم فيه كما ذكرنا الهجوم على مواقع العدو بمدينة مسعد، ولكن وتحسبا لآي طارئ وضع قائد المجموعة الحراسة في نقاط مناسبة، وفي حدود الساعة السابعة صباحا شاهدت نقاط الحراسة والمراقبة تحركات لقوات العدو في شكل طوابير من الشاحنات العسكرية والعربات المجنزرة وهي قادمة من جهة الأغواط اتجاه مركز في قصر الحيران الذي يقع جنوب تاونزة وغير بعيد عنها وبمجرد أن أخبرت الحراسة بما شاهدته جرى نقاش وتشاور بين القائد بن عيسى ونائبه حول كيفية المواجهة وكذلك جهة العدو والاحتمالات المتوقع حدوثها ولما كان العدو في طريقه نحو قصر الحيران تصور البعض بان القوة آتية لتدعيم المركز بينما اعتقد البعض أن عددها أكثر من ذلك، وبقي المجاهدون في مواضعهم بتاونزة يرقبون الوضع عن كثب وينتظرون كيفية تطور الموقف، ولما وصلت قوة العدو لقصر الحيران واصلت سيرها واتضح منذ اللحظة الأولى أن خط سيرها هو في اتجاه تاونزة وعلى الفور أعطى قائد الكوماندو صدوقي الحاج الملقب (بن عيسى) أمر برفع درجة الاستعداد لحالاتها القصوى قبل أن يتطور الوضع ويصبح أكثر حدة، بيد انه وبعد فترة تبين لقيادة جيش التحرير من خلال وضعية تقدم قوات العدو أنها لاتعلم بتواجدهم بتاونزة وتأكد هذا بصورة واضحة بعد أن وصلت هذه القوات لقرية غابق حيث انقسمت إلى قسمين، قسم واصل سيره نحو الشرق والقسم الأخر واصل تنقله في اتجاه أخر، وفجأة لوحظ أن هذه القوات عادت أدراجها وانضمت لبعضها ثم اتجهت في نسق واحد بعد فترة قصيرة من سيرها بعد أن اكتشفت أثار أحذية المجاهدين المتبقية على الأرض الرطبة المبلولة، وشرعت بعدها في إعادة انتشار قواتها بغرض إحكام الحصار حول منطقة تاونزة بكاملها بحكم معرفتها الجيدة للمنطقة وطبيعتها وهكذا سار الوضع بسرعة نحو التردي والتفاقم على المجاهدين فقد أيقنوا أن القتال مع العدو أصبح أمرا مفروغا منه، وعلى هذا الأساس وبعد تحديد مواضع انتشار قوات العدو وكمحاولة أخيرة لتأخير لحظة الاشتباك معه حتى ينقضي جزء كبير من النهار أعطى قائد المجاهدين أوامره بالانسحاب من الموقع في أنحاء الغرب مع مجرى الوادي الذي يجري بالمنطقة وهو وادي مزي، لكن العدو كان قد دفع بقوة أخرى مع مجرى الوادي في الاتجاه المعاكس وكانت قادمة من الجهة الشمالية وتقابلا وجها لوجه وتوقف كل طرف في مكانه ولم يقع أي تبادل لإطلاق النار بينهما، لقد ظن العدو في البداية أنهم سيستسلمون له بعد أن أضحوا في وضع حرج للغاية...

بداية القتال[عدل]

في اليمين صورة لاسقاط طائرة استطلاعية في ارض المعركة وفي اليسار مجاهدين شاركوا في المعركة.

لما تبين لقائد قوات الكوماندو المجاهد بن عيسى حقيقة المأزق الذي وقع فيه تصرف معه بطريقة تنبئ بمدى قدرته وخبرته العسكرية في مواجهة مثل هذه المواقف الصعبة وذلك بان قسم الفرقة إلي مجموعتين، المجموعة الأولى تتقدم نحو مواقع العدو زاحفة متخفية عبر الأشجار وغيرها حتى إذا وصلت لمسافة قريبة فاجأت العدو بنيرانها الشديدة والمركزة، في حين ظلت المجموعة الثانية في موقعها لإيهام العدو بأنها تدرس كيفية استسلامها، وفي نفس الوقت تقوم بالتغطية على المجموعة الأولى عندما تبدأ في قتال العدو، ونجحت الخطة وقامت المجموعة الأولى بتنفيذ الخطة وجرى خلالها قتالا شديدا حيث قتل العديد من جنود العدو، وتمكن الخوف منهم وبلغت الصدمة ذروتها عندما تمكن احد المجاهدين من إسقاط طائرة استطلاعية بالقرب من دشرة أولاد خليفة وهو الشهيد الغويني بوفاتح، وشوهدت قوات العدو تتقهقر إلى الخلف الأمر الذي مكن المجاهدين من مواصلة انسحابهم مع مجرى الوادي قبل أن تتطور الأمور وتتعقد أكثر ولما وصلوا لمكان مناسب توقفوا عن السير بهدف اخذ قسط من الراحة، ولاستطلاع الوضع ثم التدبر في الكيفية التي ستمكنهم من مغادرة المنطقة لتجنب المواجهة مع قوات العدو التي تفوقهم عددا وعدة، لكن ما كان يجري الاستعداد له في الجانب الأخر عكس هذه التوقعات تماما إذ بعد حوالي ثلاث ساعات وبالضبط في حدود منتصف النهار استأنف العدو هجماته بقوات أكثر عددا وعدة وركز هجومه على مجرى الوادي وطال خط انتشار قواته مواقع جيش التحرير الوطني واشتعلت المنطقة من جديد في قتال شديد وواجه المجاهدون الموقف بكل بطولة وشجاعة مفضلين الجهاد في سبيل تحرير البلاد والعباد على العيش في ذلة، حيث أوقعوا من جديد خسائر هامة في صفوف العدو مابين قتيل وجريح وحاول المجاهدون تجميع قواتهم بهدف شن هجوم كاسح على إحدى نقاط العدو للخروج من الحصار المضروب عليهم لكن المحاولة لم تنجح وضاعف العدو من تركيز هجماته بعد أن تدخلت الدبابات في المعركة وأصبحت القوات البرية تعمل بشيء من المرونة بفضل الحماية التي أمنتها لها الطائرات الحربية والمدرعات، الأمر الذي اضطر المجاهدون إلى التوزع عبر المنطقة لتجنب الخسائر، ورغم هذا فقد واصلت إحدى المجموعات هجماتها وتمكنت بعد جهد شاق أن تباغت من الخلف إحدى وحدات العدو فرفعوا أيديهم وكادوا بهذه الحيلة أن يقضوا على المجموعة لولا أن تنبه المجاهدون لها واكتشفوا عناصر منهم كانت منبطحة أرضا وهي في حالة استعداد لمفاجأة المجاهدين بإطلاق النار عليهم فدارت معركة رهيبة بين الطرفين تم خلالها وللمرة الثالثة قتل وجرح العديد من عساكر العدو، وعطب طائرة أخرى وغنم كمية من السلاح..، وتكالب العدو على ميدان المعركة بقوات أخرى جلبت على وجه السرعة إلى الميدان جوا وتداخل الجيشان وأصبح القتال بعدها يجري عبر المنطقة بكاملها، كما قام طيران العدو بمساعدة قواته البرية بقصف مواقع المجاهدين من الجو، لكن المحاولة لم تنجح بسبب تداخل الجيشان واستمر الوضع هكذا...، وفي المساء أمر قائد قوة المجاهدين جنوده بالانسحاب مرة أخرى في الاتجاه الذي انطلقوا منه بعد أن تأكدوا أن العدو سيواصل مطاردتهم في اتجاه مجرى الوادي نحو الشرق، ورغم أن تنفيذ خطة الانسحاب بهذه الطريقة يعتبر مجازفة خطيرة إلا أن ما هو متاح في مثل هذه الوضعية يتطلب ذلك، وتمكن المجاهدون من بلوغ هدفهم بعد أن اهتدى احدهم لحيلة وهي رفع العلم الفرنسي ومواصلة السير لتجنب قصف الطيران، ونجحت الحيلة جزئيا وتنبهت قيادة العدو لهذه الخطة البارعة وقامت الطائرات الحربية بقصفهم بقنابل النابالم أصابت بعض المجاهدين إصابات مختلفة، كما استطاع العدو الحصول على حقيبة قائد الكوماندو واطلع على محتوياتها التي كان من بينها أسماء وعناوين بعض الأفراد المجندين في صفوف العدو ويمدون الثورة بالمعلومات والأسرار...، وتوقف القتال بحلول ظلام الليل ثم واصل المجاهدون انسحابهم مع مجرى الوادي في الاتجاه الشرقي....

نتائج المعركة[عدل]

خسائر العدو[عدل]

استنادا للمعلومات التي وردت فيما بعد يؤكد الأخوة المجاهدون على خسائر العدو في الأفراد والمعدات كانت كالتالي:

  • مقتل 101 عسكري فرنسي، وإصابة عدد أخر بجروح مختلفة.
  • إصابة طائرتين سقطت إحداهما بميدان المعركة وهي من نوع MH1521 وأعطبت الثانية وسقطت بالقرب من العسافية وهي من نوع B 26.

خسائر المجاهدين[عدل]

المجاهد العكسي عبد القادر أمام النصب التذكاي الذي أقيم في مكان المعركة يستحضر بعض صفحات التاريخ المشرق.
المجاهد معزوز مبارك المدعو الفقيقي.

استشهد في ساحة الشرف ستة مجاهدين منهم:

  • الغويني بوفاتح رامي القطعة الجماعية.
  • ممرض الفرقة.
  • طبعي قويدر قائد الفوج.
  • حيدار...

كما جرح ثلاثة مجاهدين واسر أربعة عشر والجرحى هم:

  • صدوقي الحاج (بن عيسى) قائد الكوماندو استشهد في معركة النثيلة التي جرت في 14 نوفمبر 1959.
  • باباي..
  • عبد الله عبد الرحمن.

أما الأسرى فمنهم:

  • كريريش عيسى.
  • العكسي عبد القادر.
  • معزوز مبارك المدعو الفقيقي.
  • عاشور عمر.
  • بوبقرة احمد.
  • مجاهد من مسعد( غير معروف اسمه، وقد استشهد من بعد في مسعد ).

الناجون من المعركة نجا من المعركة ما يزيد عن سبعة عشر مجاهدا شاركوا بعدها في معركتي رأس مادنة استشهد منهم أربعة، ومعركة قرية النثيلة أين استشهد الشهيد البطل عياشي عبد الله وآخرون.

رد فعل العدو على الخسارة في المعركة[عدل]

  • انتحار العقيد تروماي قرب جسر رؤوس العيون تاركا رسالة تثبت فشله في المعركة.
  • حرق المحاصيل الزراعية للمواطنين العزل ونهب منازلهم.
  • الزج بالعشرات من مواطني المنطقة في السجون واستجوابهم.
  • استشهاد نوعي جلول وقديم عطالله بعد إعدامهما من طرف العدو.
  • اعتبار سهل تاونزة منطقة محرمة مدة ثلاث أشهر وترحيل سكانها.