حديد زهر

حديد الزَّهْر[1][2][3] أو حديد الصب[1][4] (بالإنجليزية: Cast iron) هو نوع من سبائك الحديد والكربون تكون نسبة الكربون فيه تزيد عن 2٪.[5] تنبع فائدته من درجة حرارة انصهاره المنخفضة نسبيًا. ينتج الحديد من الأفران العالية وتبلغ كثافته 7.86 جم/سم3، و درجة انصهاره ما بين 1,275 إلى 1,505 درجة مئوية. وهو سهل الكسر ولا يقبل التشكيل.
يحتوي حديد الزهر على نسبة كربون تفوق حد ذوبانه في طور الأوستنيت عند درجة حرارة اليوتكتي فينفصل الكربون في صورة قشور أو شبه كريات (حديد زهر رمادي) أو قد يكوّن سمنتيتاً (حديد زهر أبيض).
لصناعة الحديد الصلب (الفولاذ) تجرى عدة طرق لخفض نسبة الكربون من حديد الزهر، منها طريقة بسمر، و فرن أكسجين قاعدي وفرن القوس الكهربي.
يعتبر الكربون (C) الذي تتراوح نسبته من 1.8 إلى 4٪ بالوزن، والسيليكون (Si) الذي نسبنه من 1 إلى 3٪ بالوزن، هما عنصرا السبائك الرئيسية في الحديد الزهر. أما سبائك الحديد ذات المحتوى المنخفض من الكربون فتعرف بالفولاذ.
الإنتاج
[عدل]يصنع حديد الزهر من حديد الغفل الذي ينتج من صهر خام الحديد في فرن الصهر أو في الفرن اللافح. يمكن صنع حديد الزهر مباشرةً من حديد الغفل المنصهر أو بإعادة صهره، وغالبًا ما تضاف إليه كميات كبيرة من الحديد والصلب والحجر الجيري والكربون (فحم الكوك)، مع اتخاذ خطوات متنوعة لإزالة الملوثات غير المرغوب فيها. قد يحرق الفوسفور والكبريت من الحديد المنصهر، لكن هذا يؤدي أيضًا إلى حرق الكربون الذي يجب استبداله. حسب الاستخدام، تضبط نسبة الكربون والسيليكون إلى المستويات المطلوبة التي قد تتراوح بين 3.5-2% و3-1% على التوالي. عند الحاجة، تضاف عناصر أخرى إلى المصهور قبل إنتاج الشكل النهائي بالسبك.
يصهر أحيانًا حديد الزهر في نوع خاص من أفران الصهر المعروفة باسم فرن الدست، لكن في التطبيقات الحديثة، يصهر غالبًا في أفران الحث الكهربائية أو أفران القوس الكهربائي. بعد اكتمال الصهر، يسكب حديد الزهر المنصهر في فرن احتجاز أو ضمن مغرفة.[6]
الأنواع
[عدل]عناصر السبائك
[عدل]تتغير خصائص حديد الزهر بإضافة عناصر سبائك مختلفة. ويعد السيليكون أهم مسبكات حديد الزهر بعد الكربون، إذ يجبر الكربون على الخروج من المحلول. تسمح نسبة منخفضة من السيليكون للكربون بالبقاء في المحلول، مشكلًا كربيد الحديد ومنتجًا حديد الزهر الأبيض. في حين تجبر نسبة عالية من السيليكون الكربون على الخروج من المحلول، مشكلًا الجرافيت ومنتجًا حديد الزهر الرمادي. تعاكس عوامل السبائك الأخرى، مثل المنغنيز والكروم والموليبدينوم والتيتانيوم والفاناديوم، عمل السيليكون، فتعزز احتباس الكربون وتكوين تلك الكربيدات. أما النيكل والنحاس فيزيدان من المتانة لكنهما لا يغيران كمية الجرافيت المتكون. ينتج الكربون، كالجرافيت، حديدًا أكثر ليونة، ويقلل الانكماش، ويخفض القوة، ويقلل الكثافة. أما الكبريت، وهو ملوث إلى حد بعيد في حال وجوده، فيشكل كبريتيد الحديد الذي يمنع تكوين الجرافيت ويزيد من الصلادة. يضفي الكبريت على حديد الزهر المنصهر لزوجةً، ما يسبب عيوبًا. ولمقاومة آثاره، يضاف المنغنيز، لأن كليهما يشكل كبريتيد المنغنيز بدلًا من كبريتيد الحديد. كبريتيد المنغنيز أخف من المصهور، لذا يميل إلى الخروج منه إلى الخبث القاعدي. إن كمية المنغنيز اللازمة لمعادلة الكبريت هي 1.7 × محتوى الكبريت + 0.3%. إذا أضيفت كمية أكبر من المنغنيز، يتكون كربيد المنغنيز، ما يزيد الصلابة والصلادة، باستثناء الحديد الرمادي، إذ تزيد نسبة المنغنيز فيه حتى 1%، من القوة والكثافة.[7]
النيكل هو أحد أكثر عناصر السبائك شيوعًا، لأنه ينقي هياكل البرليت والجرافيت، ويحسن المتانة، ويوازن فروق الصلابة بين سماكات المقاطع. يضاف الكروم بكميات صغيرة لتقليل الجرافيت الحر، وإنتاج الصلادة، ولأنه مثبت كربيد قوي، وغالبًا ما يضاف النيكل بالتزامن. يمكن إضافة كمية صغيرة من القصدير بديلًا للكروم بنسبة 0.5%. يضاف النحاس في المغرفة أو في الفرن، بنسبة تتراوح بين 0.5% و2.5%، لتقليل الصلادة، وتنقية الجرافيت، وزيادة السيولة. يضاف الموليبدينوم بنسبة تتراوح بين 0.3% و1% لزيادة الصلادة وتنقية بنية الجرافيت والبيرلايت. وغالبًا ما يضاف بالتزامن مع النيكل والنحاس والكروم لتكوين حديد عالي القوة. يضاف التيتانيوم نازعًا للغازات ومزيلًا للأكسدة، لكنه يزيد أيضًا من السيولة. يضاف الفاناديوم بتركيز 0.15-0.5% إلى الحديد الزهر لتثبيت السمنتيت، وزيادة صلابته، ومقاومته للاهتراء والحرارة. أما الزركونيوم بتركيز 0.1-0.3% فيساعد على تكوين الجرافيت، وإزالة الأكسدة، وزيادة السيولة.[8]
في مصاهر الحديد القابل للطرق، يضاف البزموت بنسبة 0.01-0.002% لزيادة كمية السيليكون المضافة. أما في الحديد الأبيض، فيضاف البورون للمساعدة في إنتاج الحديد القابل للطرق، ويقلل كذلك من تأثير البزموت الخشن.
حديد الزهر الرمادي
[عدل]يتميز حديد الزهر الرمادي ببنيته المجهرية الجرافيتية، ما يسبب ظهور كسور المادة بلون رمادي. وهو أكثر أنواع حديد الزهر استخدامًا من حيث الوزن. تتكون معظم أنواع حديد الزهر من 2.5% إلى 4% كربون، و1% إلى 3% سيليكون، والباقي حديد. يتسم حديد الزهر الرمادي بمقاومة شد ومتانة أقل من الفولاذ، لكن مقاومة الانضغاط تضاهي قوة الفولاذ منخفض ومتوسط الكربون. يتحكم حجم رقائق الجرافيت الموجودة في البنية المجهرية وشكلها في هذه الخصائص الميكانيكية، ويمكن وصفها وفقًا لإرشادات الجمعية الأمريكية لاختبار المواد (ASTM).[9]
حديد الزهر الأبيض
[عدل]يظهر حديد الزهر الأبيض أسطحًا متشققة بيضاء بسبب وجود راسب كربيد الحديد الذي يسمى سمنتيت. وبفضل انخفاض محتوى السيليكون -عامل الجرافيت- ومعدل التبريد السريع، يترسب الكربون الموجود في حديد الزهر الأبيض خارج المصهور على شكل سمنتيت الطور شبه المستقر، Fe3C، بدلًا من الجرافيت. يشكل السمنتيت الذي يترسب من المصهور جزيئات كبيرة نسبيًا. ومع ترسب كربيد الحديد، فإنه يسحب الكربون من المصهور الأصلي، ما يحرك الخليط نحو مرحلة أقرب إلى النظام الأصهري، والطور المتبقي هو أوستنيت الحديد-الكربون الأدنى، الذي قد يتحول عند التبريد إلى مارتنسيت. كربيدات النظام الأصهري هذه كبيرة جدًا بحيث لا توفر فائدة ما يسمى «التصلب بالترسيب»، كما هو الحال في بعض أنواع الفولاذ، إذ قد تمنع رواسب السمنتيت الأصغر بكثير التشوه البلاستيكي، بإعاقة حركة الانحراف عبر مصفوفة فيريت الحديد النقي.
بل إنها تزيد من صلابة الحديد الزهر الكلية ببساطة بفضل صلابتها العالية جدًا ونسبتها الحجمية الكبيرة، بحيث يمكن تقريب صلابة الحديد الزهر الكلية بقاعدة الخلط. على أي حال، فهي تعطي صلابة على حساب المتانة. ونظرًا إلى أن الكربيد يشكل جزءًا كبيرًا من المادة، يمكن تصنيف حديد الزهر الأبيض بشكل معقول على أنه سيرمت. إن الحديد الأبيض هش للغاية للاستخدام في عديد من المكونات الهيكلية، لكن بفضل صلابته الجيدة ومقاومته للتآكل وتكلفته المنخفضة نسبيًا، فإنه يستخدم في تطبيقات مثل أسطح التآكل -الدفاعة واللولب- في المضخات، وبطانات الغلاف، وقضبان الرفع في مطاحن الكرات والمطاحن ذاتية التوليد، والكرات والحلقات في مفتات الفحم.[10]
انظر أيضًا
[عدل]- الفولاذ
- الفولاذ المقاوم للصدأ – المعروف بالستانلس ستيل وهو خليط من الحديد.
المراجع
[عدل]- ^ ا ب منير البعلبكي؛ رمزي البعلبكي (2008). المورد الحديث: قاموس إنكليزي عربي (بالعربية والإنجليزية) (ط. 1). بيروت: دار العلم للملايين. ص. 197. ISBN:978-9953-63-541-5. OCLC:405515532. OL:50197876M. QID:Q112315598.
- ^ "LDLP - Librairie Du Liban Publishers". www.ldlp-dictionary.com. مؤرشف من الأصل في 2019-12-10. اطلع عليه بتاريخ 2019-03-14.
- ^ "TermDetails". www.arabization.org.ma. مؤرشف من الأصل في 2019-12-10. اطلع عليه بتاريخ 2019-03-14.
- ^ "TermDetails". www.arabization.org.ma. مؤرشف من الأصل في 2019-12-10. اطلع عليه بتاريخ 2019-03-14.
- ^ Campbell، F.C. (2008). Elements of Metallurgy and Engineering Alloys. Materials Park, Ohio: ASM International. ص. 453. ISBN:978-0-87170-867-0. مؤرشف من الأصل في 2020-08-01.
- ^ Harry Chandler (1998). Metallurgy for the Non-Metallurgist (ط. illustrated). ASM International. ص. 54. ISBN:978-0-87170-652-2. مؤرشف من الأصل في 2023-02-13. Extract of page 54
- ^ Electrical Record and Buyer's Reference (بالإنجليزية). Buyers' Reference Company. 1917. Archived from the original on 2024-05-07.
- ^ Gillespie، LaRoux K. (1988). Troubleshooting manufacturing processes (ط. 4th). SME. ص. 4–4. ISBN:978-0-87263-326-1. مؤرشف من الأصل في 2024-12-07.
- ^ Committee، A04. "Test Method for Evaluating the Microstructure of Graphite in Iron Castings". DOI:10.1520/a0247-10. مؤرشف من الأصل في 2021-05-15.
{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link) - ^ Zeytin، Havva (2011). "Effect of Boron and Heat Treatment on Mechanical Properties of White Cast Iron for Mining Application". Journal of Iron and Steel Research, International. ج. 18 ع. 11: 31–39. DOI:10.1016/S1006-706X(11)60114-3. S2CID:137453839.