انتقل إلى المحتوى

معركة جبل بوكحيل بمسعد (ولاية الجلفة)

هذه المقالة يتيمة. ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالة متعلقة بها
يرجى مراجعة هذه المقالة وإزالة وسم المقالات غير المراجعة، ووسمها بوسوم الصيانة المناسبة.
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
معركة جبل بوكحيل
جزء من ثورة التحرير الجزائرية
معلومات عامة
التاريخ 17 و 18 سبتمبر1961
الموقع جبل بوكحيل، مسعد
المتحاربون
جيش التحريرالوطني جيش الفرنسي
القادة
العقيد محمد شعباني
الضابط مخلوف بن قسيم
الملازم الاول بوجمعة قرمة
الملازم ثامر بشيري
Pierre Chateau-Jobert
Edmond Jouhaud
القوة
400 مجاهد 1400 جندي فرنسي
40 طائرة منها..
- 15 طائرة MS.733 Alcyon
- 12 طائرة P-26
- 150 دبابة مختلفة
الخسائر
09 شهداء
07 مصاب
700 قتيل فرنسي
80 مصاب
اسقاط 3 طائرات

مقدمة

معركة جبل بوكحيل[1] او كما تسمي معركة 48 ساعة، في قلب سلسلة جبال أولاد نايل [2] وعلي بعد 18 كيلومتر من مدينة مسعد[3] (الجلفة)، هناك يرتفعُ جبلُ بوكحيل شامخًا، شاهداً على ملحمةٍ بطوليةٍ هزّت أرجاءَ الوطن، ودُوّنَت بِحروفٍ من ذهبٍ في صفحاتِ تاريخِ الثورةِ الجزائريةِ[4] المجيدة.

فجرُ يومِ السابع عشرِ من سبتمبرَ عامَ ألفٍ وتسعمئةٍ وواحدٍ وستين، حَملَ معه نذرَ معركةٍ ضاريةٍ، ستُخلّدُ في ذاكرةِ الأجيالِ، وتُصبحُ رمزًا للصمودِ والتضحيةِ في سبيلِ الحفاظِ على وحدةِ الوطنِ.

جبلُ بوكحيل، ذلك الحصنُ الطبيعيّ، الذي اتّخذهُ الثوّارُ معقلًا لهم، واجهَ هجمةً شرسةً من قِبلِ جيشِ الاحتلالِ الفرنسيّ، الذي سعى جاهدًا لِكسرِ شوكةِ المقاومةِ، وفَصْلِ الصحراءِ عن باقيِ الوطنِ.

احد الطائرات التي تم أسقاطها في معركة جبل بوكحيل

دامت المعركةُ يومينِ وليلتينِ، اتّسمت بِعنفِها وضراوتِها، بفضلِ صمودِ الثوّارِ وبسالتهم، تمكّنوا من إلحاقِ هزيمةٍ فادحةٍ بجيشِ الاحتلالِ، كانت معركةُ جبلِ بوكحيلِ انتصارًا عظيمًا للثورةِ الجزائريةِ، ونقطةَ تحوّلٍ هامّةٍ في مسارِ النضالِ ضدّ الاستعمارِ الفرنسيّ.

تداعيات المعركة

وتعتبر معركة جبل بوكحيل هذه من أعنف المعارك التي خاضها عناصر جيش التحرير الوطني بالولاية السادسة، وهي معركة تزامنت مع إجراء المفاوضات بين الحكومة المؤقتة والجانب الفرنسي،  معركة أفشلت كل محاولات فرنسا لفصل منطقة الصحراء عن باقي الوطن وبرهنت و بقوة على شمولية الثورة وعدم التفريط في أي شبر من التراب الوطني، معركة ذاع صيتها في الداخل وفي الخارج وكتبت عنها صحف أجنبية شاهدة على تلك المقاومة الباسلة لدحر الاستعمار والرافضة لأي مساومة على صحراء الجزائر، معركة رغم أهميتها لا يعرف عنها الكثيرون من أبناء هذه المنطقة و لهذا حاولنا تسليط الضوء عليها لتُخلّد ذكراها لأجيالنا على مرّ السنين.

موقع معركة

جرت أحداث المعركة في موقعين هما ( الكرمة ) و( جريبيع) وهما عبارة عن جبال صخرية ترابية تتخللها شعاب عميقة وتتدفق منها مياه عذبة ومغطيان بنباتات الحلفاء وبعض أشجار العرعار، ويعتبر الموقعان من الأماكن الإستراتيجية المحصنة والمفضلة للقتال لدى المجاهدين ، وكلا الموقعين في الوجه الجنوبي لجبل بوكحيل[5] غير أن موقع جريبيع أكثر إستراتيجية وحصانة من الكرمة .

قادة الولاية التاريخية السادسة/ محمد الشريف خير الدين، عمر صخري، محمد شعباني، حسين الساسي، سليماني سليمان لكحل

أما من جهة التقسيم الإداري الثوري :

الكرمة  في قسمة 57 الناحية 2 المنطقة 3 الولاية 6.

جريبيع في قسمة 56 الناحية 2 المنطقة 3 الولاية 6 .

وهما في التقسيم الإداري الحالي بتراب بلدية عمورة دائرة فيض البطمة ولاية الجلفة ( حوالي 110 إلى 115 كم جنوب مقر الولاية ).

تشكيلة جيش التحرير الوطني التي قادت المعركة

-  شارك فيها من الناحية الأولى من المنطقة الثالثة ولاية السادسة:[6]

12 مجاهد من كتيبة قسمة 53 بقيادة العريف الأول العسكري بلقاسم مستاوي.

50 مجاهدا من كتيبة قسمة 54 بقيادة المساعد عبد الجبار بن المداني.

فرقة من المجاهدين الذين شاركوا في معركة جبل بوكحيل يتوسطهم الشهيد عثمان ركبة والشهيد الصادق شبشوب و زوجـته "عيدة"

- شارك من الناحية الثانية من المنطقة الثالثة  ولاية السادسة:

70 مجاهدا من كتيبة قسمة  55 بقيادة المساعد محمد كحلة.

60 مجاهدا من كتيبة قسمة 56 بقيادة المساعد على قوجيل.

70 مجاهدا من كتيبة قسمة 57 بقياد المساعد لخذاري زيان.

50 مجاهد من كتيبة قسمة 58 بقيادة المساعد محمد الهادي عبد السلام.

- شارك من مركز الناحية الثانية من المنطقة الثالثة  ولاية السادسة:

20 مجاهدا بقيادة الضابط على الشريف،

10 مجاهدين من مركز قيادة المنطقة الثانية بقيادة الضابط الشهيد البطل مخلوف بن قسيم [7] والملازم الاول بوجمعة قرمة والملازم ثامر بشيري.

30 مجاهدا من مركز قيادة الولاية السادسة على رأسهم العقيد محمد شعباني [8] والضابط الصادق شبشوب من الولاية الأولى (أوراس) رفقة زوجته وكانا ضيفين على الولاية السادسة.

أسباب المعركة

ومن أسباب المعركة تسربت معلومات إلى قيادة الجيش الفرنسي حول يوم ومكان الاجتماع الذي قاده قائد الولاية السادسة العقيد محمد شعباني ومجموعة من قادة القوات الإقليمية برفقة حوالي 400 عنصر من المجاهدين.

من اليمين الى اليسار :مناد لعراف – مختار شرون –على الشريف – مختار مخلط

ومن الاسياب كذلك الاجتماع الموسع لقيادة الولاية بالمنطقة الثالثة بهدف تقديم التوجيهات وتوزيع الترقيات، ترأس الاجتماع العقيد محمد شعباني وحضرة على الخصوص: عمر صخري قائد المنطقة الرابعة، سليماني سليمان قائد المنطقة الثانية، مخلوف بن قسيم   قائد المنطقة الثالثة

ومن الاسباب اخرى انضمام ثلاثة من المجندين في الجيش الفرنسي من مركز مسعد بتاريخ 12 أوت 1961 محملين ببعض الأسلحة والذخيرة مما أثار غضب السلطات الاستعمارية بالمنطقة.

أحداث اليوم الأول من المعركة 17 سبتمبر 1961

في مساء 16 سبتمبر 1961 وبينما قيادة الولاية السادسة تحضر جانبا من تدريبات الكتائب المكونة للجيش فإذا بسرب من الطائرات الاستكشافية تعبر سماء الموقع وبحكم أن الموقع كان عاريا تماما فقد تم اكتشافه وتم إعلام قيادة العدو فوراً. أما قيادة الولاية فقد أسرعت في اتخاذ الأوامر الفورية تحسبا لأي طارئ حيث تم مباشرة تحديد المواقع وتوزيع الكتائب عليها، وفي حدود منتصف الليل علمت القيادة من دورية الحراسة بأن أضواء شاحنات وسيارات متعددة منبعثة وفي طريقها إلى الموقع لكنها لا تزال عند السفوح البعيدة للجبل. وفي ظرف وجيز تم استعداد جيش الولاية وبقي في مواقعه بالأخاديد...

ومما ورد بعد ذلك عن هذه الحشود العسكرية أنها كانت قادمة من مدينة الأغواط التي كانت بها أكبر ثكنة عسكرية لـ"اللفيف الأجنبي" . وكذلك من مدن : أولاد جلال، الجلفة، بسكرة، مسعد، عين الملح، فيض البطمة، بوسعادة و تقرت، وكان قوامها من حيث الأفراد في اليوم الأول 1200 عسكري .

وفي حدود الساعة السابعة صباحا يوم 17 سبتمبر 1961، كان موقع " الكرمة " مكان تمركز جيش الولاية مطوقا ومحاصرا من قبل قوات العدو، و أول عمل شرعت فيه هذه القوات هو تحليق الطائرات الكاشفة مدة في سماء جيش التحرير، تم تلتها مباشرة الطائرات القاذفة والمقنبلة حيث قصفت بوحشية المواقع مدة ساعة تقريبا دون انقطاع...وقد كانت تحلق أسراباً أسراباً، حيث يضم السرب الواحد بين 9 و 12 طائرة .

و قد علم من مصالح الرصد التابعة للثورة أن هذه الأسراب تنطلق من القواعد التالية، وتعود إليها ذهابا و إيابا : عين وسارة،  تلاغمة، الاغواط و الجلفة...أما طائرات الهيلوكوبتر فكانت من عين الديس بوسعادة...

وقد قدر عدد الطائرات التي شاركت في المعركة بنحو 40 طائرة بأنواعها المختلفة : منها  ب 26 ، ب 29 ، ت س ، و الطائرات الصفراء ( كما يسميها المجاهدون)، إضافة إلى طائرات الهيليكوبتر بأنواعها. وكانت بذلك سماء المعركة مغطاة بالطائرات طوال اليوم.

أما عن القنابل التي استعملت في القصف فهي متعددة الأنواع منها القنابل الكبرى التي تزن بالأطنان والتي إذا سقطت في موقع تترك به حفرة عميقة ينبع بعدها الماء، وكذا قنابل النار المحرقة " قنابل النابالم"،  قنابل الغاز المتعفنة ذات الرائحة الكريهة والتي تأتي على الأخضر واليابس و قنابل الروكات . وهذه الأنواع لا يزال حطامها بالموقع يمكن لأي مختص أن يتعرف على أنواعها مشافهة . والوسيلة الوحيدة التي يحمي بها المجاهد نفسه تتمثل في غطاء أو جلابة .

وبعد مدة من القصف المكثف جاء دور المدفعية الثقيلة (لارتيري) والدبابات لتدك المواقع بالقصف وخاصة من الناحية الجنوبية من جهة سفع الجبل ، والمدفعية من نوع  هاون 60 و  80 ، شرعت بدورها في القصف الجنوني عدة ساعات دون انقطاع،

أما الدبابات التي كانت أثناء هذه القصف تزحف نحو الموقع، حيث كان عددها حوالي 150 دبابة مختلفة الأنواع ترافقها الحشود القوية للعدو من مشاة وفرق خاصة من اللفيف الأجنبي مدعمة بالمدافع الثقيلة ، وضاقت حدود موقع جيش التحرير وطوقت بشدة ومع ذلك لم تنطلق منه أية رصاصة، لأن إستراتيجية القتال التي حددها القادة العسكريين للمعركة تقتضي إطلاق النار عند اقتراب مشاة العدو وفرقه إلى أماكن قريبة يراقبها أفراد جيش التحرير لينزلوا بهم الضربة القاضية... وبالفعل كانت ضربات قاضية تلقتها كل الفرق التي اقتربت من مواقع الجيش خصوصا من الناحية الغربية أين توجد كتبية المساعد "علي قوجيل" التي فتحت نيرانها بقوة وبسرعة على الواجهة الأمامية للعدو واضطرتها إلى الرجوع هلوعة فاستقبلها ضباطها بالهراوة والسياط دافعين بها إلى موقع المعركة .

واستمرت المعركة طوال اليوم على هذا المنوال قصف وهجوم بالعساكر والدبابات وهي طريقة العدو دائما في معارك بهذا القدر. و أما المجاهدون فقد عززوا المواقع الدفاعية بأسلحة ثقيلة رشاشة لمواجهة الطائرات مما يفرض عليها التحليق في علو شاهق .

وعند غروب شمس اليوم الأول هدأت حدة القتال بينما استمر القصف المدفعي المركز لمنطقة العمليات تحت الأضواء الكاشفة ومعه بعض المناوشات المتقطعة، فكان من الطبيعي مع هذا الهدوء النسبي أن يعقد قادة الكتائب اجتماعا مع قائد الولاية ، ويتم بعد تفقد كل قائد لأفراد كتيبته، فحصل الاجتماع مع العقيد شعباني وتم فيه عرض الوضع: شهيدان وهما محمد الهادي عبد السلام قائد كتيبة قسمة 58و إبراهيم قبطان. بالإضافة إلى ثلاثة مجاهدين أصيبوا بجروح خطيرة وهم: بلقاسم مستاوي، أحمد مغازي و الطاهر محجوب .

وبعد تقديم قادة الكتائب عروضهم اتخذت قيادة المعركة الإجراءات الفورية بنقل الجرحى  وإخراجهم من منطقة العمليات مهما كلف الأمر، توزيع المؤونة والذخيرة مجددا على الجيش، والخروج من هذا المركز والتنقل إلى آخر أكثر حصانة. وكلها مهام صعبة التنفيذ لأن مهمة التسلل إلى الجندي الجريح وغالبا ما يكون في حالة إغماء وتعب وحمله أمام الأضواء الكاشفة ومن بين الدبابات ليس بالأمر الهين. والأمر كذلك بالنسبة لمهمة الخروج من المركز .

وبعد التشاور تقرر التسلل من المنطقة الجنوبية من جهة كتيبة لخذاري زيان لكنه حذر القيادة من خطورة الجهة لان الحصار بها مكثف ويتعذر اختراقها وتبين بعد الاستطلاع أنه بالإمكان الانسحاب من الجهة الشمالية للموقع حيث يوجد فراغ أهمله العدو ، فأمر قائد الولاية بالخروج عبره .

وأثناء تسلق المجاهدين وقعت مناوشات واشتباكات عنيفة تحت الأضواء الكاشفة وقصف الطائرات ولما رأى العقيد محمد شعباني أن مواصلة تنفيذ هذه الخطة له ماله من المخاطر قام بعمل حربي ذكي وجريء حيث أطلق قذيفة مضيئة بالألوان أنزلت الرعب والذهول في صفوف العدو وشخصت لها أبصاره ظنا منه أن المجاهدين بصدد استعمال سلاح جديد متطور وقد يظن معها انه احتفال بالنصر مما أضعف معنوياته وشتت صفوفه فانتثرت مبعثرة من الموقع حيث فسحت المجال لكتائب جيش التحرير واجتازت مجال الخطر منقذة جرحاها وذخيرتها ومؤونتها ودوابها، وكل ذلك حدث في حدود الحادية عشر ليلا وواصل الجيش بقيادة العقيد شعباني طريقه ليلا مسرعا متسلقا مرتفعات جبل بوكحيل ومخترقا شعابه في همة وعزم وكانت وجهته مركز"جريبيع " أكثر إستراتيجية وحصانة وتوفرا  على الماء والتموين ويبعد عن موقع الكرمة بحوالي  15 إلى 20 كم .

من اليمين إلى اليسار الصف الخلفي : أحمد مغازي – على قوجيل

فوصله جيش التحرير قبل  طلوع الشمس وعلى الفور أخذ كل جندي نصيبه من الذخيرة والمؤونة ودخل أخدوده وكانت الأخاديد محضرة مسبقا من جراء معارك سابقة بهذا المركز، وبينما المجاهدون مستسلمين إلى الراحة في خنادقهم بعد يوم كامل من القتال وليلة من السير السريع ، وفي الوقت الذي خلا فيه جميعهم إلى الراحة ، كان احدهم وهو المجاهد "مونس احمد " رامي الرشاشة 30 المان نائما عند فتحة خندقه لم يدخله قد غلبه النعاس والتعب الشديدين فنام خارج الخندق .   

أحداث اليوم الثاني من المعركة 18 سبتمبر 1961

كان الشهيد "أحمد مونس " حامل الرشاش الثقيل والذي نام خارج خندقه بسبب التعب والنعاس سببا في اكتشاف موقع المجاهدين من قبل طائرتين كاشفتين كانتا تحلقان بتركيز فوق الموقع على الساعة السادسة ونصف من صباح 18 سبتمبر 1961 وعلى الفور من اكتشاف المجاهد المستلقي خارج الخندق أطلقتا النار عليه ما فاستشهد ومعه المجاهدان " شريف قرماط "والبشير محداد" اللذان كان خندقاهما بجواره . وبالطبع أسرعت الطائرتان لإعلام قوات العدو .

من اليمين إلى اليسار : محمد خليف ، السعيد عبادو ، أحمد امغازي

حشد العدو قواته تجاه موقع جريبيع بقوة أكثر من اليوم الأول بتعداد 1400 عسكريا معززة بالمدرعات والسيارات المصفحة ومدفعية الميدان الثقيلة تحت حماية أسراب الطائرات بأنواعها لغرض محاصرة الموقع من جميع النواحي ودكه .

ولأن العدو تلقى درسا في اليوم الأول من المعركة، فقد ركز جهوده بقوة هذه المرة معتمداً على الطائرات المقاتلة ومدفعية الميدان الثقيلة والمدرعات ، حيث أمطر مركز المجاهدين بوابل من القذائف المختلفة والقنابل المتواصلة إلى غاية الساعة التاسعة، إذ استأنف القتال مع القوات البرية التي كانت دائما تسير تحت هراوات الإرغام والسياط من قبل ضباطها ووقع قتال بري رهيب بين الطرفين، وتراءت أعمدة الدخان من مسافات بعيدة، والجدير بالذكر أن زوجة الضابط الصادق شبشوب قد أبلت في المعركة مظهرة شجاعة فائقة من أخدودها مقدمة صورة عن كفاح المرأة الجزائرية .

واشتدت حدة المعركة وزاد لهيبها ولم تنل قوة العدو ولا وسائله الحربية من عزيمة وثبات المجاهدين فقد رسموا في جبل بوكحيل الأشم لوحة رائعة في القتال يعجز الوصف عن إبرازها.

السيد المجاهد أحمد مغازي و آثار النابالم من معركة بوكحيل

ومن أغرب ما حدث في هذا اليوم أنه لما تتقدم أية فرقة من مشاة العدو وتكتسحها رشاشات المجاهدين فتفر مؤخرات هذه الفرق مولية الأدبار هاربة . ولم تجدي معها الهراوات ولا السياط ، مما أثار غضب قادتها فأعطوا الإشارة إلى الطائرات المقنبلة لتمطرهم بوابل من القنابل، وقد شاهد المجاهدون بأم أعينهم ومن مواقعهم وباستغراب الطائرات وهي تصب رشاشاتها وقذائفها على وحداتها التي انهارت معنوياتها، فأبادت الكثير منها والأمر طبيعي لأن هذه القوات ليست فرنسية اصلا ولكنها من المرتزقة الأفارقة ...

واستمرت المعركة على هاته الحال والعدو ورغم وجوده في دور المحاصِر إلا أن معنوياته كانت منهارة وقواته مبعثرة بين الكرّ والفرّ وكانت من حين إلى حين تتعالى أصوات  المجاهدين بالتكبير رافعة لمعنويات بعضها البعض ومضعفة لمعنويات العدو. إلى غاية حلول الظلام حيث هدأت حدة القتال بينما استمر القذف المدفعي تحت الأضواء الكاشفة ، وكان من الطبيعي أن يجتمع قادة الكتائب مجددا بقائدهم لعرض وقائع ونتائج اليوم الثاني .

وكان الشغل الشاغل في هذا الاجتماع كيفية الخروج من دائرة الحصار المفروض، في الوقت الذي أرسلوا فيه سرية لاستطلاع الوضع الطبيعي والعسكري للحاجز الترابي الذي رأوا انه المنفذ الذي ستمر عبره الكتائب . وكانت نتيجة الاستطلاع إيجابية إذ يمكن تسلق الحاجز وهو خال من وجود العدو عندها قررت القيادة الشروع في الاستعداد لعملية التسلق بعد أن أمرت بدفن شهداء  اليوم الثاني وعددهم سبعة وأوصت بالاعتناء بالمصابين، فنقلوا على ظهور زملائهم إلى مكان آمن يبعد حوالي 1 كلم عن المركز وغطوا بالحلفاء والعرعار على أن تعود إليهم سرية بعد وقت قريب...

وقد تم تقسيم الكتائب إلى أفواج صغيرة لضمان سلامتهم وتفاديا لحدوث المواجهة مع العدو. بعد مغادرة الجنود لخنادقهم من جهة ولنقص الذخيرة الحربية والمؤونة من جهة أخرى ...

طائرات العدو التي شاركت في قصف المجاهدين في معركة جبل بوكحيل

وبالفعل شرع في تنفيذ خطة الانتقال بحيلة حربية من إبداع الضابط الاول العسكري قائد المنطقة الشهيد مخلوف بن قسيم ، حيث اقترح تسريح البغال التي كان جيش التحرير ينقل عليها المؤونة ودفعها تسير عبر الوادي منحدرة ومحدثة ضجيجا يعتقد العدو من حركتها أنها أفراد المجاهدين فينشغل بها ويغفل عن حركة المجاهدين وتم ذلك فعلا ففي الوقت الذي كانت فيه البغال تتلقى وابلا من نار الرشاشات كانت أفواج المجاهدين تتسلق الممر الصخري الترابي حيث اجتازته سالمة غانمة منتصرة.

نتائج معركة جبل بوكحيل

من جهة المجاهدين : شهيدان في اليوم الأول، و سبعة شهداء في اليوم الثاني، بالإضافة إلى سبعة جرحى خلال اليومين...

من جهة العدو  :  400 قتيل في اليوم الأول ، و 300 قتيل في اليوم الثاني ومن المصادر من تذكر 500 قتيل، ومثلها من الجرحى في اليومين...

- إسقاط طائرات : أسقط المجاهدون في هذه المعركة ثلاث طائرات: واحدة من نوع ت 6، واثنتين من نوع ب 29 .

- الغنائم : عدة بنادق من نوع خماسي ألمان، بنادق خماسي أمريكان، 7 رشاشات ثقيلة 24 و 30 أمريكان، رشاش ألمان، رشاش ماط 49، بنادق 86 عشاري انجليزي ،  قنابل نار، قنابل متفجرة.

مقالات ذات صلة

المصادر

  1. La bataille de Djbel Bouk’hil 1961
  2. Bataille de Djbel Bouk'hil
  3. La région de Djebel Boukhil à Djelfa
  4. معركة جبل بوكحيل أو "كرمة وجريبيع"
  5. معركة جبل بوكحيل المنطقة الثالثة الولاية السادسة
  6. معركة جبل بوكحيل أفشلت كل محاولات الاستعمار الفرنسي
  7. كتاب combats sahariens (تاليف Patrick-Charles Renaud)
  8. Guerre d'Algérie (1954-1962) francearchives
  9. وزارة المجاهدين الجزائرية
  10. La Révolution de Libération Nationale وزارة الدفاع الجزائرية
  11. Les opérations se poursuivent dans le djebel Bou-Kahil lemonde.fr
  12. الولاية السادسة التاريخية تنظيم ووقائع - الهادي درواز -دارهومه للنشر 2002
  13. تاريخ جهاد مذكرات ضابط جيش التحرير - مختار مخلط -دار النعمان للطباعة و النشر 2016 ، ص 164

مراجع

  1. ^ "جبل بوكحيل". ويكيبيديا. 8 أبريل 2024.
  2. ^ "جبال أولاد نايل". ويكيبيديا. 14 فبراير 2021.
  3. ^ "مسعد". ويكيبيديا. 31 ديسمبر 2023.
  4. ^ "ثورة التحرير الجزائرية". ويكيبيديا. 16 يونيو 2024.
  5. ^ "Bots verification - التحقق البشري". djelfainfo.dz. مؤرشف من الأصل في 2024-07-13. اطلع عليه بتاريخ 2024-07-12.
  6. ^ "الولاية التاريخية السادسة". ويكيبيديا. 8 أبريل 2024.
  7. ^ "مخلوف مخلوفي بن قسيم". ويكيبيديا. 25 مارس 2023.
  8. ^ "محمد شعباني". ويكيبيديا. 9 ديسمبر 2022.