نقاش المستخدم:Rejebb

محتويات الصفحة غير مدعومة بلغات أخرى.
أضف موضوعًا
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


ويكيبيديا هي مشروع تحرير جماعي لـموسوعة علمية وثقافية بمختلف اللغات. لطلب المساعدة في أي وقت تجد وصلة (مساعدة) في هامش كل صفحة على اليمين.

لا تتردد في قراءة الوصايا الأولى للتحرير و التعديل و إنشاء المقالات الجديدة و تنسيقها وفقا لمعايير ويكيبيديا. تم تخصيص ساحة التجربة لاحتواء تجاربك وخطواتك الأولى في التحرير والتعديل.

يمكنك الاستفسار و طرح الأسئلة المتعلقة بطبيعة العمل في ويكيبيديا، كما يمكنك أيضا طرح الأسئلة العلمية أو الأدبية.

يمكنك أيضا التعريف بنفسك في صفحتك الشخصية، بكتابة معلومات عنك: اللغات التي تتكلمها، من أي بلد أنت، ما هي محاور اهتمامك...

لا تنس التوقيع في صفحات النقاش بكتابة أربع مدّات، هكذا ~~~~. ولكن يجب عدم التوقيع في صفحات المقالات الموسوعية، لأنها تصبح ملكا للجميع لحظة إنشائها .

نرجو منك الاطلاع على ركائز ويكيبيديا الخمسة و المعايير المتبعة (الحياد، و عرض مصادر ومراجع التحرير، و أسلوب التحرير، و معايير السيرة الشخصية، وتفادي كتابة السيرة الذاتية). كما وجب ألاّ تنس عدم النسخ من الإنترنت لأسباب حقوق التأليف والنشر. يمكنك أيضا المساهمة في أحد مشاريع ويكيبيديا وانتقاء موضوع يعجبك.

نرحب بمساهمتك في رفع الصور لإثراء المقالات، مع الأخذ بعين الاعتبار احترام القوانين الصارمة المتعلقة باستعمال الصور واحترام حقوق التأليف والنشر. يوجد أيضا ويكيبيديون متطوعون في ورشة الصور لتحسين صورك وترجمة الصور المطلوبة.

أخيرا، وهو أهم شيء، نرجو منك أن تتمتع بالمساهمة معنا في هذا المشروع!

إذا كانت لديك أي استفسارات أو أسئلة أخرى، يمكنك طرحها في هذه الصفحة أو في صفحة نقاشي.

-- باسم19راسلني 22:00، 28 أكتوبر 2011 (ت ع م)

المصادرة التشريعية

                                                                      رجب بسرور 
                                                                         مستشار مقرر بنزاعات الدولة

المصادرة هي نزع جبري نهائي للملكية الخاصة لفائدة الدولة على وجه العقوبة ودون عوض. فهي كنزع نهائي للملكية وكعقوبة تتميز عن التسخير الذي هو إجراء مؤقت غير عقابي يمكن الإدارة من التصرف في ملك خاص لفائدة المصلحة العامة دون أخذ ملكيته وينتهي بإرجاع الملك إلى صاحبه، وبنفس المعيار تتميز المصادرة عن الحجز الخاص الذي هو تدبير احترازي وقتي قضائي أو إداري يسبق البت في مآل الأشياء المحجوزة إما بالمصادرة أو البيع أو الإتلاف أو الإرجاع. والمصادرة من حيث كونها لا تفتح الحق في التعويض تتميز عن الانتزاع للمصلحة العمومية والتأميم. وتنقسم المصادرة من حيث موضوعها إلى مصادرة خاصة ومصادرة عامة، فالخاصة هي التي تسلط على أملاك محددة يتم حصرها بواسطة الحجز، أما العامة فهي التي تتسلط على كافة أملاك شخص ما ولا تتوقف على ضبط مسبق لتلك الأملاك. أما من ناحية السلطة المصادِرة، فيفرّق بين المصادرة القضائية والمصادرة غير القضائية. فالمصادرة القضائية هي التي تنطق بها المحاكم الزجرية كعقوبة تكميلية تبعا للتصريح بالإدانة من أجل جريمة معينة، وقد أقر المشرع التونسي بالفصل 5 رابعا من المجلة الجزائية مبدأ المصادرة كعقوبة تكميلية في الصور التي نص عليها القانون. وعلى ذلك، فإن الأصل في المصادرة القضائية أن تكون خاصة فلا تتسلط إلا على الشخص الواقع تتبعه من أجل جريمة معينة يقضي نص تجريمها بمصادرة الأشياء التي استعملت في ارتكابها أو التي حصلت منها، ونجد تطبيقات هذا المبدإ في جرائم الإرشاء والارتشاء والتحيل والخيانة والاستيلاءات غير المشروعة الواردة بالفصول 94 و115 و302 من المجلة الجزائية وكذلك في نصوص متفرقة خارج هذه المجلة في مادة الجنح الديوانية (الفصل 301 وغيره من مجلة الديوانة) وقانون الصرف (الفصل 36) والقانون عدد 75 لسنة 2003 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال (الفصل 67) والقانون عدد 52 لسنة 1992 المتعلق بالمخدرات (الفصل 28) وغيرها من النصوص. كما أن المصادرة القضائية تكون اختيارية وفق مبدإ الفقرة الثانية من الفصل 28 م ج أي ترجع لاجتهاد المحكمة ولهذا المبدإ عدة تطبيقات في القانون التونسي، أما الأشياء التي يشكل صنعها واستعمالها ومسكها جريمة فعلى المحكمة أن تقضي بمصادرتها طبق الفقرة الأخيرة من الفصل 28 م ج كما تضمن القانون عدة صور للمصادرة الوجوبية مثل صورة الفصل 94 م ج المتعلق بالرشوة وقانون الصرف وقانون المنافسة والأسعار (الفصل 47) وقانون المخدرات وقانون مكافحة الإرهاب. وفي المقابل نجد المصادرة غير القضائية وهي المصادرة التي تقررها سلطة غير قضائية وهي لا تخلو من نوعين: مصادرة إدارية ومصادرة تشريعية. فالمصادرة الإدارية هي إجراء تتخذه السلطة التنفيذية دون إدانة جزائية سابقة، وهو إجراء تكرسه قوانين الدول التي تشكو ظاهرة الجريمة المنظمة، فالقانون الإيطالي يخول لجهاز الأمن أثناء إجراء الأبحاث بحجز الأملاك المشتبه في رجوعها لعصابات المافيا ووضعها تحت الائتمان ثم يتولى وضعها على ذمة الدولة أو المؤسسات العامة وكذلك القانون السويسري الذي يجيز للإدارة في إطار القانون الفدرالي المتعلق بالعقوبات الإدارية حجز الأشياء في إطار صلاحيات الضبط الإداري ومصادرتها، وقرار المصادرة ينشر ويقبل الاعتراض في آجال معينة وإلا أضحى بمثابة الحكم البات ويحرز القوة التنفيذية. أما في القانون التونسي فتنحصر صلاحيات الإدارة غالبا في ممارسة الحجز الوقتي كتدبير احترازي في إطار الضبط الإداري أو الضابطة العدلية على أن لا تصبح المصادرة نافذة ونهائية إلا بحكم قضائي من ذلك في مادة الجنح الديوانية وكذلك مادة تسجيل العربات (الفصل 103 من مجلة الطرقات) بمعنى أن المصادرة تبدأ إدارية وتنتهي قضائية ومن ثم فإن هذا الإجراء لا يخرج عن إطار المصادرة القضائية، لكن في بعض الصور التي تتسلط فيها الجريمة على ملك الدولة أو على اختصاص راجع للدولة، تتولى الإدارة الحجز والمصادرة النهائية دون توقف على حكم قضائي من ذلك مصادرة المنقولات المحمية التي تحجزها وهي بصدد إخراجها من الترتب التونسي دون ترخيص من الوزير المكلف بالثقافة التهريب (الفصل 57 من مجلة حماية التراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية) وكذلك مصادرة الطوابع الجبائية التي تحجز لدى شخص غير مرخص له من وزير المالية بتوزيعها (الفصل 140 من مجلة التسجيل والطابع الجبائي). أما المصادرة التشريعية فهي المصادرة التي تتم بمقتضى نص تشريعي، والمصادرة من هذه الزاوية هي عقوبة ذات بعد سياسي، وهي تمثل إلى جانب المصادرات التي تتم بقرار من السلطة التنفيذية إحدى أبرز الآليات التي تستخدمها الدولة بعد تغيير الحكم فيها عبر ثورة شعبية أو انقلاب أو تدخل عسكري أجنبي أو دولي وتساعد على استرجاع أموال المجموعة وجبر الضرر الذي لحقها من جراء الإخلالات والتجاوزات التي ارتكبها كل من تقلد سلطة من السلطات في فترة الحكم السابقة وكل من ارتكب جرائم فساد وإهدار للأموال العمومية وتربح على حساب الدولة دون وجه شرعي، والتي كان يحول فيها الاستبداد وعدم احترام القانون والمؤسسات دون محاسبتهم. لكن هذا الجانب الإيجابي للمصادرة لا يمكن أن يحجب السلبيات التي ينطوي عليها هذا النوع من المصادرة التي غالبا ما توجه لها انتقادات من قبيل كونها غالبا ما تكون عامة وتأتي على كافة الأملاك ولا تتأسس على إدانة جزائية ثابتة وغياب طرق الطعن وانعدام الضمانات أو على الأقل عدم توفير ضمانات بنفس القيمة التي توفرها المحاكمة الجزائية للمصادرة القضائية. وفي هذه المداخلة، سأتطرق أساسا إلى المصادرة التشريعية، فإلى جانب كونها من المواضيع الهامة والمستجدة في تونس باعتبارها إحدى نتائج ثورة 14 جانفي 2011، وتجسدت في المرسوم عدد 13 لسنة 2011 المؤرخ في 14 مارس 2011، فهي تثير عدة إشكاليات. والسؤال الذي يطرح في هذا الصدد هو التالي: هل يمكن في النظام القانوني التونسي توقيع عقوبة المصادرة بمقتضى قانون؟ وهل للمصادرة التشريعية في صورة الالتجاء إليها مبررات؟ وهل هي دائما أقل ضمانات من المصادرة القضائية؟ سأحاول في هذه المداخلة الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال تقييم مرسوم المصادرة عدد 13 لسنة 2011، ولكن قبل استعراض الإشكاليات التي يطرحها هذا المرسوم، لعله يكون من المناسب التطرق إلى بعض تجارب المصادرات التشريعية السابقة.

1- بعض تجارب المصادرات التشريعية: 

مثلت المصادرة في التجارب العربية المعاصرة أحد أهم التدابير التي تلجأ إليها السلطة الجديدة، وكثيرا ما غابت عنها الضمانات، ففي مصر إثر ثورة سنة 1952 صدر قانون أحدث محكمة الثورة كمحكمة استثنائية تقضي بالمصادرة ويصادق على أحكامها مجلس قيادة الثورة وقد منع القانون صراحة الطعن قضائيا في المصادرة، كما أحدثت إدارة لتصفية الأموال المصادرة، وقد تعرضت بعض المصادرات المجراة بمقتضى هذا القانون لاحقا للطعن لدى المحكمة الإدارية العليا في مصر التي تم الدفع لديها بعدم دستورية قانون المصادرة، واستبعدت المحكمة تطبيق النص ونظرت في الأصل وقضت بمراجعة بعض المصادرات. كما نجد تجربة هامة للمصادرة في الدول العربية يمثلها القانون الصادر في العراق في 17/7/2009 والمتعلق بحجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة المكتسبة منذ 17/7/1979 ولغاية 8/4/2003 تاريخ سقوط نظام بغداد والراجعة لصدام حسين وعائلته وأركان نظامه وكل من استغلً صفته الوظيفية أو الحزبية أو علاقته بأحد منتسبي الدولة أو الحزب الحاكم وعرّض أموال الدولة للإهدار، وقد أحدث القانون لجنتين الأولى إدارية تتولى البحث عن تلك الأموال وحجزها وإحصاءها والثانية قضائية تؤيد المصادرة بشكل نهائي ويمكن الاعتراض على قراراتها، والملاحظ أن هذا القانون وفّر بعض الضمانات خلافا للتجربة المصرية السابقة، وفي تونس، وبعد إعلان الجمهورية، صدر القانون عدد 2 لسنة 1957 المؤرخ في 29/7/1957 المتعلق بأخذ جميع الأملاك المنقولة والعقارية لمحمد الأمين باي وزوجته وأولاده وأحفاده وأزواج أبنائه وأزواج بناته، واتسم هذا القانون بالصرامة حيث نص على عدم إمكانية معارضة مفعول المصادرة بأي سند تعاقدي أو قانوني ولم يستثن القانون من نطاق المصادرة إلا العقارات المنجرة لبعضهم بطريق الإرث، ثم صدر القانون عدد 13 لسنة 1957 المؤرخ في 17 أوت 1957 المتعلق بمصادرة المكاسب غير المشروعة الذي نظم إجراءات مصادرة الأموال الناتجة عن استغلال النفوذ من الموظفين أو الوزراء أو العائلة الحاكمة أو من تحمل نيابة انتخابية، وأحدث لجانا إدارية جهوية للمصادرة تتولى البحث في التجاوزات ورفع تقارير عنها لمحكمة القضاء العليا وهي محكمة خاصة أحدثت بأمر 9 أفريل 1956. وشرعت المحكمة العليا إثر ذلك في محاكمات شملت عدة أفراد من العائلة الحسينية وأصدرت سنة 1958 أحكاما بالسجن ومصادرة ما وقع حجزه لدى المتهمين كما شملت المحاكمات أعضاء وزارة صلاح الدين البكوش وأعضاء حكومة محمد صالح مزالي. ثم تتابعت قوانين المصادرة مثل القانون عدد 136 وعدد 137 لسنة 1959 والقانون عدد 34 لسنة 1969 وانحصرت في الأملاك العقارية لمجموعة من المقربين من العائلة المالكة مثل ورثة أحمد باي وحسين بن محمد الناصر باي لكن سرعان ما تم بموجب القانون عدد 140 لسنة 1959 المؤرخ في 22 أكتوبر 1959 إلغاء القانون عدد 2 لسنة 1957 الذي نظم إجراءات المصادرة بواسطة اللجان الجهوية والمحكمة العليا والتي كانت تقر للمشمولين بها بعض الضمانات، فأضحى مفعول تلك المصادرات فوريا بصدور تلك القوانين الفردية التي لم تنص على أي ضمانات أو طرق للتظلم. من خلال هذه التجارب، يتضح أن توفر الضمانات في المصادرات التشريعية أمر نسبي يتفاوت بحسب الظروف والأنظمة القانونية الخاصة بكل دولة، بقي أن نتساءل الآن عن موقف القانون التونسي من المصادرة التشريعية ؟

2- مبدأ خروج المصادرة عن ميدان السلطة التشريعية أ- أساس المبدإ: من المعلوم أن معظم القوانين الوضعية تعتبر المصادرة من مشمولات المحاكم الجزائية وهي عقوبة تكميلية يتوقف توقيعها على ثبوت الإدانة، ولم يشذ القانون التونسي عن هذا المبدإ، فالفصل 34 من دستور 1 جوان 1959 المعلق يقتضي أن تتخذ شكل قوانين النصوص التي تضبط الجنايات والجنح والعقوبات المنطبقة عليها، وأكد الفصل 12 من الدستور على قرينة البراءة وأن الإدانة من أجل جرم معين لا تكون إلا بمقتضى محاكمة تتوفر فيها الضمانات كما اقتضى الفصل 13 من نفس الدستور أن العقوبة شخصية ولا تكون إلا بمقتضى نص قانوني سابق الوضع، وهو نفس المبدإ المقرر بالفصل الأول من المجلة الجزائية. ويؤخذ من هذه النصوص أن تدخل المشرع يكون بشكل مسبق ويقتصر على سن القوانين التي تمثل سند التجريم وضبط العقوبات بنوعيها الأصلية والتكميلية وإجراءات المحاكمة وليس من مشمولاته توقيع العقوبة مباشرة، وبما أن المرسوم عدد 13 لسنة 2011 صدر في إطار التفويض المسند لرئيس الجمهورية بمقتضى القانون عدد 5 لسنة 2011 طبق الفصل 28 من الدستور وذلك قبل تعليق العمل به بإصدار المرسوم المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية، فإن هذا النص لم يخرج عن إطار المنطق والمنظومة الدستورية السابقة، ومن ثم، فإن فحص المصادرة التشريعية المقررة بالمرسوم عدد 13 لسنة 2011 يتم بالرجوع إلى قواعد دستور 1959، وعلى هذا الأساس، فإن توقيع عقوبة المصادرة بمفعول القانون هو خروج عن ميدان السلطة التشريعية وتدخل في اختصاص السلطة القضائية وخرق لمبدإ تفريق السلط. لكن بالرجوع إلى قانون المصادرة عدد 2 لسنة 1957 والقوانين اللاحقة له فهي لا تثير مشكلا جديا حول السلطة الراجع لها توقيع هذه العقوبة باعتبار أنها صدرت حين كان الدستور في طور الصياغة والنظام القانوني لا يزال في طور البناء، فلا توجد مرجعية دستورية يمكن من خلالها تقييم مسألة الاختصاص في المصادرة، وحتى إقرار مبدإ المصادرة القضائية كعقوبة تكميلية فلم تتم إضافته إلى المجلة الجنائية إلا لاحقا بمناسبة تنقيحها بالقانون عدد 34 لسنة 1964 المؤرخ في 2/7/1964.

ب- سلبيات المصادرة بمفعول القانون ومخاطرها تستمد هذه السلبيات أساسا من طبيعة النص ومن نطاق المصادرة المقررة بموجبه ومفعولها فالطبيعة التشريعية للنص تترتب عليها نتيجتان أولاهما أن النص التشريعي يتسم بالعمومية والتجرد وهو ما يتناقض مع مبدإ شخصية العقوبة وتفريدها بالنسبة إلى كل شخص والثانية أنه لا يوجد في القانون التونسي نظام مراقبة دستورية لاحقة للقوانين بطريق الطعن فيها بالإلغاء لدى محكمة دستورية، لكن من الناحية العملية هل تقبل المحاكم الدفع بعدم دستورية قانون المصادرة وتقرر استبعاد تطبيقه ؟ وهل يمكن النظر إلى المرسوم من زاوية المعيار العضوي لكونه نصا صادرا رئيس السلطة الجمهورية ولم تتم المصادقة عليه بعد واعتباره بالتالي من النصوص الترتيبية العامة، وبناء على هذا التحليل يكون المرسوم قابلا للطعن بالإلغاء لدى القضاء الإداري؟ يبدو أن القانون الأساسي للمحكمة الإدارية الذي هو نص إجرائي بالأساس لا يخول ذلك فهو لم يتضمن أحكاما وإجراءات خاصة بالطعن في المراسيم على غرار الأوامر ذات الصبغة الترتيبية، ومن ثم فلا يمكن سحب هذه الإجراءات على المراسيم. أما من حيث نطاق المصادرة، فبالنظر إلى شمولية النص التشريعي وعموميته، فقد تصبح المصادرة اعتباطية بحيث تشمل أملاكا اكتسبت بصورة شرعية فالمرسوم عدد 13 لسنة 2011 ولئن وضعا حيزا زمنيا للمصادرة يمتد من 7/11/1987 إلى 14/1/2011، فإنه لم يربط المصادرة بقائمة من الجرائم وهو إخلال بمبدإ شرعية الجرائم الوارد به الفصل 13 من الدستور، كما أن قائمة الأشخاص الملحقة بالمرسوم لم يرتبطوا بالرئيس السابق وعائلته إلا لاحقا علاوة على الإخلال قرينة البراءة، يضاف إلى ذلك أن هذا الحيز الزمني يتعارض مع قاعدة التقادم المسقط، فإذا ما طبقنا قواعد مرور الزمن بصورة عادية كما لو تعلق الأمر بمحاكمة جزائية، لوجدنا أن الدعوى العمومية أدركها التقادم وانقرضت بالنسبة إلى عدة أفعال وأملاك وأشخاص. أما فيما يتعلق بمفعول المصادرة فهو ناقل للملكية للدولة بصورة فورية طبق الفصل الأول من المرسوم، وهو ما يخول للدولة فيما بعد التصرف في الأملاك المصادرة، وذلك بالتفويت فيها بالبيع ولو قبل إعداد لجنة المصادرة تقريرها النهائي مثلما أصبح يسمح بذلك المرسوم بعد تنقيحه بالمرسوم عدد 47 لسنة 2011 المؤرخ في 31/5/2011، وهو ما يطرح إشكالا بالنسبة إلى الأشخاص الذين تمت تبرئة ساحتهم قضائيا لاحقا ثم وجدوا أملاكهم قد صودرت وتم التفويت فيها، فقد لا يتسنى لهم الاسترجاع العيني لما تم مصادرته.

3- مبررات المصادرة التشريعية من خلال المرسوم عدد 13 لسنة 2011 إن السلبيات والإخلالات التي تتسم بها المصادرة التشريعية لا تثنينا عن البحث في مبرراتها، فيجب أن لا نقتصر على انتقاد هذا النوع من المصادرة من زاوية الأسس الدستورية والمبادئ القانونية الثابتة إنما يكون من الأجدى التأسيس لها من خلال رؤية موضوعية متحركة وذلك من خلال البحث عن مبررات إصدار المرسوم عدد 13 لسنة 2011، لكن بما أن الأمر يتعلق بمرسوم صادر عن رئيس الجمهورية، فلن نجد شرحا للأسباب أو أعمالا تحضيرية أو مداولات لمجلس النواب قد تعيننا على البحث عن مبررات سن المرسوم، ولكن الأمر لا يخلو في اعتقادي من ثلاث مجموعات من المبررات

أ‌- المبررات السياسية الكل يعلم أن الثورة في تونس قامت على غياب الحريات واختلال التنمية، وسرعان ما ارتفعت الشعارات خلال الثورة ضد ظاهرة الفساد، وبقي الشارع بعد الثورة يطالب باستئصال رموزه ومحاسبتهم، فما كان من الحكومة المؤقتة الباحثة عن شرعيتها في ذلك الوقت إلا أن تسارع باتخاذ مرسوم المصادرة عسى أن تضفي على نفسها بعضا من الشرعية الثورية، وقد أصبح هذا الإجراء محل إجماع من أفراد الشعب والمجتمع المدني من حيث المبدأ. وبما أن الفساد ارتبط بالاستبداد السياسي الذي نتج عن هيمنة الحزب الواحد على سلطة القرار من خلال وضع يده على المنظومة السياسية والتشريعية وتطويع أحكام الدستور والقوانين والنصوص الترتيبية لتوفير غطاء قانوني لخدمة مصالح عائلة الرئيس السابق وأفراد عائلته وكل من ارتبطت مصالحه بهم وحمايتهم من كل ملاحقة ممكنة، ومن هذا المنطلق جاء مرسوم المصادرة كقرار سياسي يمثل رد فعل على هذا الانحراف الوظيفي للمؤسسات السياسية. ومن هنا تلعب المصادرة التي تقوم بها السلطة نفس الدور الرمزي الذي لعبه التأميم بالنسبة للسلط التي تسلمت الحكم بعد الاستقلال، باعتبار أن التأميم عمل سيادي يرمي إلى إرجاع الأموال المنهوبة من قبل المستعمر إلى الشعب بما يحمله هذا الإجراء من دلالة معنوية ورمزية وتعبير عن استرجاع الشعب لسيادته.

ب‌- المبررات القانونية صادقت تونس على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 بالقانون عدد 16 لسنة 2008 المؤرخ في 25/2/2008 ، وبمفعول هذه المصادقة أصبحت مقتضيات هذه الاتفاقية جزءا لا يتجزأ من القانون الداخلي التونسي فيما يتعلق بعقوبة المصادرة إلى جانب المصادرة القضائية كعقوبة جزائية تكميلية. وقد اقتضت الفقرة ج من المادة 54 من هذه الاتفاقية اتخاذ ما قد يلزم من تدابير للسماح بمصادرة الممتلكات دون إدانة جنائية في الحالات التي لا يمكن فيها ملاحقة الجاني بسبب الوفاة أو الفرار أو الغياب أو في حالات أخرى مناسبة، ومن منطلق هذا النص، تعتبر اتفاقية مكافحة الفساد إطارا وأساسا قانونيا لاتخاذ تدابير المصادرة في تونس بعد الثورة جارج إطار الملاحقة الجزائية. وقد تركت الاتفاقية للدول اختيار الشكل القانوني لهذه المصادرة غير المرتبطة بالإدانة وفق ما يقتضيه قانونها الداخلي، وقد ارتأت الحكومة المؤقتة في تونس بعد ثورة 14/1/2011 اعتماد المصادرة بمرسوم له قيمة تشريعية، وهذا الاختيار تفرضه طبيعة المادة، فهو يمس بالملكية التي هي من ميدان التشريع وفي نطاق التفويض الصادر بالقانون عدد 5 لسنة 2011، أما من حيث الأصل، فإن عبارة حالات أخرى مناسبة تفتح للدول مجال التقدير وذلك بحسب متطلباتها، ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار أن ظاهرة الفساد التي شكلت في تونس منظومة متشعبة ارتبطت بالاستبداد السياسي الذي استمر لأكثر من عقدين وتداخل فيها القطاعان العام والخاص مثلت وفق اجتهاد سيادي للدولة مبررا كافيا وحالة مناسبة لاتخاذ عقوبة مصادرة الأموال دون انتظار إدانة جنائية. بقي السؤال المطروح هل هذا التأسيس القانوني لمرسوم المصادرة وتجاوز المصادرة القضائية كاف لإقناع الدول الأجنبية بمساعدة تونس في جهودها الرامية إلى استرجاع الأموال المصادرة الموجودة بالخارج أم أنها لا تعترف في هذا الصدد إلا بالمصادرة القضائية وهل يمثل المرسوم عائقا يحول دون استرجاعها على الأقل في الوقت الحاضر؟ في الحقيقة هناك تباين في المواقف بين الدول الأجنبية حول الاعتراف بالمرسوم ومساعدة تونس في استرجاع الأموال الموجودة بها والمصادرة بموجبه. أما على المستوى الداخلي، فهل أن التشريعات النافذة في بلادنا حاليا جاهزة وكافية لمحو آثار الفساد والنهب الذي عرفته المرحلة السابقة ولتجسيم مصادرة ناجعة؟ أي بعبارة أخرى، هل نحن بحاجة في نظامنا القانوني إلى مرسوم يقضي بالمصادرة أم يمكن الاكتفاء بالمصادرة القضائية لاسيما وقد شملت الأشخاص المصادرة أموالهم تتبعات جزائية؟ للوهلة الأولى يمكن الجواب بالنفي، فلقائل أن يقول إن لنا في تونس عددا كبيرا من النصوص القانونية التي تنظم المصادرة القضائية في عدة ميادين، لكن بالتأمل في هذه النصوص القانونية نجد أنها في معظمها نصوص قطاعية ومتفرقة وتتعلق دائما بالأشياء المستعملة لارتكاب الجريمة أو محصولها بحيث إن المصادرة القضائية يتعين أن تكون مسبوقة بحجز تلك الأموال وإحصائها بمناسبة كل قضية، فمن الممكن حينئذ أن تفلت عدة أملاك مكتسبة بصورة غير مشروعة من المصادرة، ثم إن الفساد في النظام السابق شكل منظومة تعمل تحت غطاء قانونيا من ذلك على سبيل المثال الأوامر العديدة التي صدرت بإخراج العقارات من الملك العمومي البحري والغابي وأوامر تغيير صلوحية الأراضي الفلاحية وقرارات إسقاط الحق ورفع الترتيب عن الملك العمومي الأثري والتي صدرت بغاية تسهيل التفويت في تلك العقارات التي غالبا ما تكون لها قيمة مالية ضخمة لفائدة الرئيس السابق وعائلته وأصهاره وكل من اختلط بهم من قريب أو من بعيد كي يتولوا استثمارها أو بيعها وجني أرباح طائلة من ورائها، فهذه العمليات لا تشكل جرائم في حد ذاتها، لذلك فإن التعامل القضائي التقليدي مع هذه الأفعال بتطبيق النصوص القانونية، سيؤدي إلى الحكم بالبراءة ومن ثم فلا يمكن للمحاكم التصريح بمصادرة تلك الأموال المتأتية من هذه العمليات. أما على صعيد الضمانات القانونية، فإن المرسوم عدد 13 ليس مجرد نص يقضي بالمصادرة إنما أرسى منظومة مركزية تتمثل في لجنة مختصة تتولى جمع المعلومات وإحصاء الأملاك وتلقي التصاريح في شأنها والمحافظة عليها من خلال إحداث لجنة المصادرة التي تضم قضاة من جهاز القضاء العدلي ومجلس الدولة ومستشارين من نزاعات الدولة مع مختصين من المؤسسات والهياكل المعنية بالمصادرة كما نص بالفصل 11 من المرسوم على إمكانية منازعتها لدى القضاء في خصوص الأموال المصادرة كما أن المرسوم أعطى للقضاء دورا من خلال تعيين الخبراء لتقدير قيمة الأملاك المصادرة والتدخل لإصدار أذون وأحكام تكفل بحفظ الأموال المصادرة وحسن إدارتها من خلال تعيين مؤتمنين عدليين ومتصرفين قضائيين عليها، كما أنه يحمي حقوق الدائنين حيث أوجب عليهم المرسوم التصريح بديونهم في أجل 6 أشهر تمهيدا لاستخلاصها. وفي المقابل، فإن النصوص القانونية المنظمة للمصادرة القضائية لا توفر الضمانات دائما، فهي تكون أحيانا عامة لجميع الأملاك لا خاصة بموضوع الجريمة بل أحيانا يكون لها مفعول مستمر في الزمن، فقد نص الفصل 71 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية نص على وجوب أن تقضي المحكمة بالمصادرة العامة لكافة الأملاك المنقولة وغير المنقولة المشاعة وغير المشاعة الموجودة أو المستقبلة على كل من تثبت إدانته غيابيا من أجل الفرار إلى العدو أو الفرار أمام العدو أو المتخلف الذي التحق ببلاد أجنبية زمن الحرب، كما أن المصادرة القضائية لا تنقرض بموت المحكوم عليه عملا بأحكام الفصل 352 م إ ج كما اقتضى الفصل 377 م إ ج أنه لا يمكن لمن تمتع بالعفو العام أن يسترجع أمواله المصادرة كما أن المصادرة القضائية لا تراعى فيها حقوق المالكين أو الدائنين فالمصادرة حسب الفصل 28 م ج تتم بقطع النظر عن مالك المال المصادر وكذلك الفصل 28 من قانون المخدرات الذي نص على مصادرة جميع المكاسب المتأتية من جرائم المخدرات مباشرة أو بصورة غير مباشرة سواء كانت على ملك المحكوم عليه أو غيره والفصل 348 من مجلة الديوانة الذي نصه لا يمكن لمالكي الأشياء المحجوزة أو المصادرة أن يطالبوا بإرجاعها ولا يمكن للدائنين ولو كانوا من ذوي الامتياز أن يطالبوا بثمن تلك الأشياء سواء كان هذا الثمن مؤمنا أم لا غير أنه يمكن لهم الرجوع على المحكوم عليه.

ج- المبررات العملية إن المنظومة القضائية التقليدية الحالية غير جاهزة من الناحية اللوجستية وباعتماد الإجراءات العادية للتعاطي مع منظومة فساد اتسع نطاقها ليشمل مختلف أوجه الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية والإعلامية وقامت على تشابك مصالح مالية عامة وخاصة وتركيبات مالية montages financiers معقدة، لأن التعامل القضائي يتسم بالطابع الفردي والشخصي ويكون حالة بحالة وهو ما قد يحول دون التنسيق خاصة وأنه لا يمكن تعهيد مكتب تحقيق واحد أو دائرة قضائية واحدة بكافة الملفات زيادة على ما تتسم به المحاكمات الجزائية من بطء حيث تمر من طور التحقيق إلى الاتهام ثم المحاكمة مع ما فيها من طرق طعن لنصل في النهاية إلى الإدانة أو البراءة، وهو ما لا يتماشى من جهة أخرى مع الطابع الاستثنائي للظرف الذي يقتضي تجاوز تداعيات المرحلة الانتقالية ومخاطرها السياسية والاقتصادية وحسن إدارة الأزمة والإسراع بالخروج منها وهو ما يبرر اعتماد نظام العدالة الانتقالية الذي لا يقوم بالضرورة على محاكم خاصة أو استثنائية، بل هو تكييف للعدالة بمفهومها العام على نحو يتلاءم مع متطلبات المرحلة الانتقالية، وقد حاول المرسوم عدد 13 في هذا الإطار التوفيق بين مطلب السرعة والنجاعة وتوفير بعض الضمانات وذلك من خلال إقرار المصادرة الفورية للأموال وإقرار بطلان العقود التي تعلقت بها من تاريخ مفعول المصادرة وذلك بغية قطع الطريق دون تبديد هذه الأموال وتهريبها وكذلك من خلال اختصار الحيز الزمني المخصص لتصفية الأموال المصادرة في أجل ستة أشهر وهو أجل أقصر بكثير من المدة التي تستغرقها محاكمة جزائية واحدة بمختلف أطوارها، ثم إن المرسوم خول اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة للمحافظة على تلك الأموال وإدارة المؤسسات المصادرة بواسطة مساعدي القضاء تمهيدا لنقلها نهائيا للدولة مع مراعاة حقوق الغير، وقد يقترح البعض أن تأذن المحاكم الجزائية بتجميد الأموال ريثما يتم البت في الجريمة، لكن التجميد قد تكون له نتائج وخيمة على الأموال والمؤسسات لاسيما إذا ما طالت مدته على مدى أطوار محاكمة جزائية كاملة، وذلك من قبيل تعطيل نشاطها وعرقلة تعاملاتها مع المستثمرين التونسيين والأجانب وقد يعرضها لصعوبات اقتصادية خاصة إذا تعلق الأمر بشركات مسجلة بالبورصة والتي يمكن أن يؤثر التجميد على قيمها المنقولة، ويحد من تدفق الاستثمارات الخارجية خاصة إذا علمنا أن الشركات الراجعة للرئيس السابق وعائلته وأصهاره تعمل أساسا في قطاعات تنافسية ومربحة، مما قد يؤدي في النهاية، إن صدر حكم بالمصادرة، إلى إحالة مؤسسات متعثرة إلى الدولة، بينما المصادرة الفورية بمقتضى قانون تمكن من إعادة الأموال المصادرة إلى الدورة الاقتصادية. ويتضح مما سبق بيانه أن مرسوم المصادرة عدد 13 لسنة 2011 جاء ليستجيب لمطلبين أساسيين هما السرعة والنجاعة، لكن هل أن السعي إلى تحقيق هذين المطلبين أدى إلى التضحية بحقوق الأشخاص المصادرة أموالهم لأشخاص والضمانات المكفولة لهم قانونا ؟ وهل أن هذا المرسوم وفّر للدولة في المقابل إطارا قانونيا ملائما للاستفادة من نتائج المصادرة؟