تغير المناخ والنوع الاجتماعي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

لا يتأثر التغير المناخي والنوع الاجتماعي بالاختلافات المتعلقة بالنوع الاجتماعي (الجندرية)، ولا بموازين القوى الطبيعية والمنفصلة الناشئة عن هذه الاختلافات. تُميز تأثيرات التغير المناخي بين الجنسين – يتأثر الرجال والنساء بشكل مختلف. هذا ليس بسبب الاختلافات البيولوجية المتعلقة بنوع الجنس، لكن بسبب البناء الاجتماعي للمعايير الجندرية، ودور كل منها والعلاقات فيما بينها، والتي تمس بالسلوكيات المُسلّم بها للرجال والنساء.[1][2]

في العديد من الحالات، تعني اللا مساواة الجندرية أن النساء عرضة أكثر للتأثيرات السلبية للتغير المناخي. هذا بسبب الأدوار الجندرية، خصوصًا في العالم النامي، الذي يعني أنهم يعتمدون كثيرًا على البيئة الطبيعية من أجل كفاف عيشهم ومصدر دخلهم. بالحد أكثر من وصولهم المُقيد أصلًا للمصادر الطبيعية والاجتماعية والسياسية والمالية، فإن التغير المناخي غالبًا ما يكون عبئًا على النساء أكثر من الرجال ويمكنه أن يزيد حالة عدم المساواة الجنسية الموجودة أساسًا.[3][4][5]

على أي حال، لا يقتصر التحليل القائم على نوع الجنس في حالات التغير المناخي على النساء. وهو يعني أيضًا أنه لا يستخدم نظام تحليل ثنائي رجل/امرأة على مجموعات من البيانات الكمية فقط، لكن أيضًا فحص البنى العشوائية التي تشكل علاقات القوى المتصلة بالتغير المناخي.[6][7]

تأثيرات الكوارث المرتبطة بالنوع الاجتماعي[عدل]

أعداد وفيات متفاوتة بين الرجال والنساء[عدل]

وجدت دراسة أعدتها كلية لندن للاقتصاد أنه في الكوارث الطبيعية في 141 بلد، ارتبطت الاختلافات الجندرية في الوفيات بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للنساء في هذه البلدان. بسبب مكانتهم الاجتماعية، لا تتعلم النساء في البلدان النامية مهارات البقاء مثل السباحة أو التسلق، ما يعني أن احتمالية موتهن أكبر في حالة حدوث كارثة طبيعية. عندما يكون للنساء حقوق قليلة وقوة أقل في المجتمع، يموت الكثير منهن بسبب التغير المناخي، لكن حين يكون هناك حقوق متساوية لكل المجموعات، فإن معدلات الوفيات تتساوى.[8][9]

الاستغلال الجنسي وانتقال الأمراض[عدل]

تُزعزع الكوارث الطبيعية نظام الحياة اليومي وتُعقد دور العائلة والجندر، الذي يمكن أن يُشعر ضحايا الكوارث الطبيعية بالعجز والإحباط. تؤدي هذه المشاعر غالبًا إلى العدوانية تجاه الجماعات الأقل قوة. تكون النساء والأطفال في البلدان النامية والمتطورة أكثر عرضة للاعتداء الجنسي خلال وبعد الكوارث الطبيعية. استخدام الواقي الذكري خلال الكوارث أقل أيضًا من أوقات أخرى، بسبب صعوبة الحصول عليه. إضافةً إلى الانتشار المتسارع للأمراض والعدوى في البلدان النامية، قاد انهيار في النظام الاجتماعي وسوء التغذية الذي يترافق أحيانًا مع التغير المناخي، إلى مستويات أعلى من حمى الضنك والملاريا ونقص المناعة المكتسب والأمراض المنقولة جنسيًا، خصوصًا عند النساء. النساء الأكبر سنًا في خطر أيضًا خلال الكوارث الطبيعية وأوقات الأزمات لأنهن أكثر عرضة للمخاطر الصحية التي يستحثّها المناخ مثل الأمراض، ولأنهن معزولات أكثر عن الدعم الاجتماعي الذي يتمكن الرجال وبعض النساء الأصغر سنًّا من الحصول عليه.[10][11][12]

الاختلافات الجندرية في مفاهيم التغير المناخي[عدل]

أظهرت دراسة على الشباب في فنلندا أن القلق حول التغير المناخي له أثر أكبر على الاستهلاك الصديق للبيئة (المناخ) عند النساء مقارنةً بالرجال. يمكن أن يكون هذا بسبب الاختلاف في تصور التغير المناخي. تميل النساء إلى الموافقة مع الرأي العلمي القائل بأن انبعاثات الغازات الدفيئة البشرية المصدر، هي المسؤولة بشكل أساسي عن التغير المناخي (الرجال: 56%، النساء: 64%) وقلقين أكثر حول تأثيراته: 29% من الرجال و35% من النساء في الولايات المتحدة «قلقين حول الاحتباس الحراري باعتباره مسألة مهمة».[13][14]

مساهمة الاختلافات الجندرية في التغير المناخي[عدل]

المساهمة في التغير المناخي – من خلال انبعاثات الغازات الدفيئة- مرتبط بالجندر. على سبيل المثال، وجدت دراسة على استخدام السيارة في السويد، أن الرجال يستخدمون السيارة أكثر، ولمسافات أطول ولوحدهم مقارنة بالنساء، الأمر الذي يؤدي إلى انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بكمية أكبر (وهو من الغازات الدفيئة).[13][14]

الاختلافات الجندرية من ناحية التأثر بالتغير المناخي[عدل]

الزراعة[عدل]

يعتمد الفقراء والمُعدمون على البيئة ومصادرها الطبيعية لكفاف عيشهم ودخلهم المادي؛ كشف بحث حول الفقر أن أغلب الفقراء هم من النساء لأنهن، كمجموعة، يملكن قوة اجتماعية أقل. العديد من النساء في البلدان النامية من المزارعات، لكن النساء كمجموعة لديهم مشكلة في الحصول على التعليم، والدخل، والأرض، والماشية والتكنولوجيا، ما يعني أنه سيكون للتغير المناخي أثر سلبي على المزارعات أكثر من المزارعين لأنه سيحد من مصادرهن أكثر. في عام 2009، أنتجت النساء بين من 60 إلى 80 من كل الطعام في البلدان النامية، ومع ذلك امتلكن 10 بالمئة من كل الأراضي الزراعية واثنان بالمئة تقريبًا من حقوقهم في هذه الأراضي.[15][16][17]

بارتفاع حرارة الكوكب وتغير إمكانية الوصول إلى المياه، فإن إنتاج المحاصيل يميل إلى التناقص. هذه التأثيرات ليست منتظمة، وتعتبر أكبر في مناطق العالم التي يعتمد الاقتصاد فيها على الزراعة ويتأثر بالتغير المناخي. في البلدان النامية، غالبًا ما تكون النساء مسؤولة عن جلب المياه والحطب ومصادر أخرى لعائلاتهن، لكن هذه المصادر متأثرة بشكل مباشر بالتغير المناخي، ما يعني أنه يجب على النساء أن يتنقلن أبعد ويعملن لوقت أطول للحصول على هذه المصادر خلال الأزمات. يزيد التغير المناخي من الأعباء المفروضة التي تتكبدها النساء من قِبل المجتمع، ويحد أكثر من إمكانية حصولهن على التعليم والتوظيف.[18][18]

تزايد حالة اللا مساواة خلال التغير المناخي[عدل]

لم تَخلُص آثار تقرير التقييم الخامس للجنة الدولية للتغير المناخي إلى أنه هناك «دليل قوي» لتزايد حالة عدم المساواة الجندرية فقط كنتيجة للظواهر المناخية بل أيضًا استمرارية وجود مواطن الضعف المختلفة. يمكن أن يكون لزيادة حالة اللامساواة بسبب التغير المناخي أسباب عديدة. على سبيل المثال، تواجه الفتيات في أغلب الأحيان مخاطر جمة أكثر من الصبيان بسبب التقسيم غير المتساوي للمصادر القليلة داخل الأسرة. تفاقم هذا التأثير بالتغير المناخي الذي يُحدث شحًّا بالمصادر.[19]

وأكثر من ذلك، يؤدي التغير المناخي غالبًا لزيادة في عدد الرجال المهاجرين إلى الخارج. ما يجعل النساء يحملن حملًا زائدًا في العمل المنزلي، مؤديًا إلى تأنيث المسؤوليات. من المتوقع أن يزيد التغير المناخي من وتيرة  وجسامة المخاطر الطبيعية مثل الحرارة الشديدة. تكون النساء خصوصًا، خلال وبعد هذه المخاطر مُحملّة بأعمال الرعاية المتزايدة للأطفال والمرضى والكبار في السن، أضف إليها الكمية الهائلة الموجودة أساسًا من الواجبات المنزلية.[1]

الفروقات الجنسية في علم التغير المناخي[عدل]

وفقًا للاستبيان الذي أجراه الرؤساء المشاركون في اللجنة الدولية للتغيرات المناخية في مجموعة العمل الأولى ووحدة الدعم التقني يوم 25 أبريل عام 2014، صرح العديد من المشاركين المشمولين في الدراسة بأنه هناك حاجة إلى زيادة التوازن بين الأجناس. تجلى هذا في التوازن بين جنسي المشاركين في تقرير التقييم الخامس للجنة الدولية للتغيرات المناخية. اهتم 27% فقط من المشاركين في مجموعة العمل الثانية، بتقييم الآثار، والقدرة على التكيف وقابلية التعرض للأذى، واهتم 18,5% من المشاركات الإناث في مجموعة العمل الثانية، إزاء أساس العلم الطبيعي للتغير المناخي. ينطبق هذا الأمر على منظمات أخرى، فعلى سبيل المثال 7% فقط من المناصب القيادية في مكاتب خدمات الطقس الوطنية هم من الإناث. وفي نفس السياق، وجدت دراسة أجرتها جامعة أوكسفورد بالتعاون مع شركة نيلسن أن 18 من أصل 22 «من المتحدثين الأكثر تأثيرًا في مواضيع التغير المناخي» هم من الذكور. لم تكن المتحدثات الإناث لا سياسيات ولا عالمات ولذلك كان ارتباطهن المباشر بموضوع التغير المناخي مشكوكًا به. توجد لائحة من العالمات البارزات في النساء في التغير المناخي.[20][21][22][23][24]

انظر أيضًا[عدل]

مراجع[عدل]

  1. ^ أ ب Olsson, Lennart et al. "Livelihoods and Poverty." نسخة محفوظة 2014-10-28 على موقع واي باك مشين. Climate Change 2014: Impacts, Adaptation, and Vulnerability. Part A: Global and Sectoral Aspects. Contribution of Working Group II to the Fifth Assessment Report of the Intergovernmental Panel on Climate Change. Ed. C. B. Field et al. Cambridge and New York: Cambridge University Press, 2014. 793–832. Web.(accessed October 22, 2014).
  2. ^ CARE. "Adaptation, Gender, and Women's Empowerment." نسخة محفوظة 2013-08-05 على موقع واي باك مشين. Care International Climate Change Brief. (2010). (accessed March 18, 2013).
  3. ^ Aboud, Georgina. "Gender and Climate Change." (2011).
  4. ^ Dankelman, Irene. "Climate change is not gender-neutral: realities on the ground." Public Hearing on “Women and Climate Change”. (2011)
  5. ^ Birkmann, Joern et al."Emergent Risks and Key Vulnerabilities." نسخة محفوظة 2014-09-23 على موقع واي باك مشين. Climate Change 2014: Impacts, Adaptation, and Vulnerability. Part A: Global and Sectoral Aspects. Contribution of Working Group II to the Fifth Assessment Report of the Intergovernmental Panel on Climate Change. Ed. C. B. Field et al. Cambridge and New York: Cambridge University Press, 2014. 1039–1099. Web. (accessed October 25, 2014).
  6. ^ MacGregor, Sherilyn. "A Stranger Silence Still: The Need for Feminist Social Research on Climate Change." The Sociological Review 57 (2010): 124–140. Web.(accessed October 25, 2014). نسخة محفوظة 15 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ "Challenging assumptions about gender and climate change adaptation" (PDF). Adaptation at Scale in Semi Arid Regions. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2019-07-14. اطلع عليه بتاريخ 2019-08-08.
  8. ^ Adeniji, Grace. "Adapting to climate change in Africa." Jotoafrika. no. 6 (2011).
  9. ^ Dr Virginie Le Masson and Lara Langston, Mind the gap: new disasters agreement must be more proactive on gender نسخة محفوظة 23 أغسطس 2014 على موقع واي باك مشين.
  10. ^ Curtis, Thom, Brent C. Miller, and E. Helen Berry. "Changes in reports and incidence of child abuse following natural disasters." Child abuse & neglect 24, no. 9 (2000): 1151-1162.
  11. ^ Lane, Ruth, and Rebecca McNaught. "Building gendered approaches to adaptation in the Pacific." Gender & Development. 17. no. 1 (2009): 67 - 80.
  12. ^ Rodenberg, Birte. Climate Change Adaptation from a Gender Perspective: A Cross-cutting Analysis of Development-policy Instruments. German Development Institute, 2009.
  13. ^ أ ب orkala, Essi a E, Timo T Hugg, and Jouni J K Jaakkola. "Awareness of Climate Change and the Dietary Choices of Young Adults in Finland: A Population-Based Cross-Sectional Study." PLoS ONE 9.5 (2014): 1-9. Web.(accessed October 20, 2014). نسخة محفوظة 11 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
  14. ^ أ ب McCright, Aaron M. "The Effects of Gender on Climate Change Knowledge and Concern in the American Public." Population and Environment 32.1 (2010): 66–87. Web.(accessed October 8, 2014). نسخة محفوظة 15 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
  15. ^ Boyd, Emily. "The Noel Kempff Project in Bolivia: Gender, Power, and Decision-Making in Climate Mitigation." Climate Change and Gender Justice. Ed. Geraldine Terry and Caroline Sweetman. Warwickshire: Practical Action Publishing, Oxfam GB, 2009. 101–110. Web.(accessed October 24, 2014). نسخة محفوظة 11 سبتمبر 2020 على موقع واي باك مشين.
  16. ^ Polk, Merritt. "Are Women Potentially More Accommodating than Men to a Sustainable Transportation System in Sweden?" Transportation Research Part D: Transport and Environment 8.2 (2003): 75–95. Web. (accessed October 25, 2014). نسخة محفوظة 26 يونيو 2018 على موقع واي باك مشين.
  17. ^ FAO. "Women in Agriculture: Closing the gender gap for development." The State of Food and Agriculture. (2011) (accessed March 18, 2013). نسخة محفوظة 14 فبراير 2019 على موقع واي باك مشين.
  18. ^ أ ب Rosenzweig, Cynthia, and Martin L. Parry. "Potential impact of climate change on world food supply." Nature 367, no. 6459 (1994): 133-138.
  19. ^ Demetriades, Justina, and Emily Esplen. "The Gender Dimensions of Poverty and Climate Change Adaptation." IDS Bulletin 39.4 (2009): 24–31. Web.(accessed October 26, 2014). نسخة محفوظة 11 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  20. ^ IPCC. "AR5 Contributors, WGII." نسخة محفوظة 2014-10-25 على موقع واي باك مشين. N. p., 2014. Web.(accessed October 27, 2014).
  21. ^ IPCC. "WGI Questionnaire for WGI AR5 Authors and Review Editors - Synthesis of Results." Bern: N. p., 2014. Web.(accessed October 25, 2014). نسخة محفوظة 13 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
  22. ^ IPCC. "AR5 Contributors, WGI." N. p., 2014. Web.(accessed October 27, 2014). نسخة محفوظة 27 سبتمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  23. ^ Smyth, Ines. "Gender in Climate Change and Disaster Risk Reduction, Manila, October 2008." Development in Practice 19.6 (2009): 799–802. Web.(accessed October 20, 2014). نسخة محفوظة 3 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  24. ^ Nielsen Company. "Climate Change & Influential Spokespeople Global - a Global Nielsen Online Survey." The Nielsen Company and the Oxford University Environmental Change Institute, 2007. Web.(accessed October 24, 2014). نسخة محفوظة 23 سبتمبر 2015 على موقع واي باك مشين.