يوم الكلاب الثاني

صفحة محمية جزئيًّا (سماح للمؤكدين تلقائيا)
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

يوم الكلاب الثاني
جزء من حروب الجاهلية
معلومات عامة
التاريخ 57 ق.هـ
الموقع عالية نجد في وادي الكلاب في بلدة الشعراء حاليًا
النتيجة انتصار بني تميم على التحالف اليماني ومقتل عبد يغوث الحارثي
المتحاربون
بني تميم قبائل بني الحارث من مذحج وبعض بني جارمة من قضاعه وبعض همدان وكنده.[1]
القادة
قيس بن عاصم التميمي
الحسحاس بن النعمان التميمي
.[2]
عبد يغوث الحارثي
وعلة الجرمي القضاعي
مسروح الهمداني
البراء بن قيس الكندي.[3]
القوة
2000 أو 3000 12.000 ألف من أهل اليمن وأحلافهم من قضاعة.[4]

يوم الكلاب الثاني هو أحد أكبر وأشهر أيام العرب لبني سعد من بني تميم على الحلف اليماني المكون من خمسة قبائل قحطانية يمانية كبرى مذحج، همدان، كندة، قضاعة وحمير.[5] وقد برز في هذا اليوم قيس بن عاصم المنقري الذي صارت إليه الرئاسة و الزعامة في تميم[6]

بداية التجهيز

قال أبو عُبيدة: فذكر أنه اجتمع من مذحج ولفها اثنا عشر ألفا ولم يعلم في الجاهلية جيش مثله بالإضافة لجيس كسرى في ذي قار وحشد لقيط بن زرارة في شعب جبلة، وكان رئيس مذحج عبد يغوث بن صلاءة المذحجي ورئيس همدان يقال له مُسرح الهمداني، ورئيس كندة البراء بن قيس الكندي، وحامل لوائهم ورئيس قضاعة وحمير هو وعلة بن عبد الله الجرمي القضاعي الحميري، فأقبلوا إلى بني تميم في جيش بلغ تعداده 12.000 ألف مقاتل.[7]

تجهّز تميم

فبلغ ذلك سعدًا والرباب وهما إحدى بطون تميم الرئيسية ولم تشارك بقية بطون بني تميم مثل حنظلة وعمرو في المعركة، فانطلق ناس من أشرافهم إلى أكثم بن صيفي التميمي، وهو قاضي العرب يومئذ، فاستشاروه، فقال لهم: «أقلوا الخلاف على أمرائكم، واعلموا أن كثرة الصياح من الفشل، والمرء يعجز لا محالة. يا قوم تثبتوا فإن أحزم الفريقين الركين، ورب عجلة تهبُ ريثا، واتزروا للحرب، وادرعوا الليل فإنه أخفى للويل، ولا جماعة لمن اختلف». فإجتمعت تميم وولت قياتهم لقيس بن عاصم التميمي سيد أهل الوبر.[8]

اليوم الأول للحرب

كان التحالف اليماني مكوناً من خمس قبائل قحطانية، وعلى كل قبيلة قائد؛ أما بالنسبة للجيش التميمي كان تحت قيادة وقيس بن عاصم المنقري التميمي من بني سعد ويلاحظ أن التنظيم العسكري مختلف في الفريقين، ولا يشير إلى وجود توازن بين القوتين، ولكن تميم قاتلت وبعد التحام الجيشين بدأ الضعف في أجنحة جيش التحالف اليماني، باستثناء الجناح الذي كان يقوده عبد يغوث بن صلاءة الحارثي المذحجي حيث تمكن من الدفاع عن جنده بمكانته كفارس معروف ومرهوب الجانب، وبتشجيعه المستمر لجنوده على الصمود وأستمر القتال والكر والفر حتى اقتراب ظلام اليوم الأول وافترق الفريقان.[9]

اليوم الثاني للحرب

عند بزوغ صباح اليوم الثاني أشتد حمى وطيس المعركة عمّا كان عليه في اليوم الأول، وبعد التحام الفريقين أخذ كل فريق ينتخي بذويه، فسمع وعلة الجرمي حامل راية التحالف اليماني، انتخاء التميميين بمقاعس إحدى قبائل تميم، فتشاءم كما يروى، وطرح الراية، وفر هارباً وهو يقول:

لا تلومــــوا على الفــــرار فتميم
يال نهد .. يخافها من يراهـا
تركــوا مذحجــا حديثــاً مشاعــــــا
مثل طسم وحمير وصداها

فنادى قيس بن عاصم : يال سعد، ونادى عبد يغوث: يال سعد. قيس بن عاصم يدعو سعد بن زيد مناة بن تميم، وعبد يغوث يدعو سعد العشيرة. فلما سمع ذلك قيس نادى: يال كعب، فنادى عبد يغوث: يال كعب. قيس يدعو كعب بن سعد، وعبد يغوث يدعو كعب بن عمرو. فلما رأى ذلك قيس من صنيع عبد يغوث، قال: ما لهم أخزاهم الله ما ندعو بشعار إلا دعوا بمثله، وحملت عليهم بنو سعد والرباب، فهزموهم أفظع هزيمة، وأخذ القحطانيون با الفرار والهرب بعضهم على الخيل والقسم الأخر على أقدامهم وجعل قيس بن عاصم ينادي: يال تميم: لا تقتلوا إلا فارساً، فإن الرجالة لكم وجعل يأخذ الأسارى، فإذا أخذ أسيراً قال له: ممن أنت؟ فيقول: من بني زعبل، وهو زعبل بن كعب، أخو الحارث بن كعب، وهم أنذال، فكأن الأسارى يريدون بذلك رخص الفداء، فجعل قيس إذا أخذ أسيراً منهم، دفعه إلى من يليه من بني تميم، ويقول: أمسك حتى أصطاد لك زعبلة أخرى، فذهبت مثلاً. فما زالوا في آثارهم يقتلون ويأسرون، حتى أسر عبد يغوث قائد القحطانيون، أسره فتى من بني عمير بن عبد شمس من تميم. وقتل يومئذٍ علقمة بن سباع القريعي، فارس هبود، وهبود فرس عمرون الجعيد المرادي المذحجي، أما رئيس كندة البراء بن قيس الكندي فقد استطاع الهرب والنجاة وهو يقول ويحذر من بني تميم وشدة بأسهم:

قتلتـنـا تميم يومـاً جـديداً
قتل عـاد وذاك يوم الـكـلاب
يوم جئنا يسوقنا الحـين سـوقـاً
نحو قوم كأنهـم أسـد غـاب
سرت في الأزد والمذاحج طراً
بين صـل وكـاشـر الأنـياب
لقيتنا أسـود سـعـد وتميم
خلقت في الحروب سوط عذاب

أما وعلة الجرمي القضاعي صاحب اللواء فأخذ يقول ويحذر القحطانيون و بكر بن وائل من بني تميم ويأمرهم بمصالحتهم وهو يقول:

لا تلوموا على الفرار فتميم
يال نهد يخافهـا مـن يراهـا
يال قحطان وادعـوا حـي سـعـد
وابتغوا سلمها وفـضـل نـداهـا
إن سعد السـعـود أسـد غـياض
باسل بـأسـهـا شـديد قـواهـا
قل لبكر وائل تسـتـر عـمـراً
عمرو قيس فرأي عمرو قـراهـا
عن تميم ولو غزتـهـا لـكـانـت
مثل قحطان مستباحـاً حـمـاهـا

ولحق أحد بني سعد من تميم بوعلة الجرمي وعقر بطنه وقتله، وقتل تيم بن أوبرالحارثي، وآخر من بني الحارث يقال له معاوية، قتلهما النعمان بن جساس التميمي، وقتل يومئذٍ من أشرافهم خمسة، وقتلت بنو ضبة ضمرة بن لبيد الحماسي الكاهن، قتله قبيصة بن ضرار الضبي التميمي، وأما عبديغوث المذحجي القائد الأكبر للحلف اليماني فقد أسره فتى أهوج وهو من بني عبشمس من تميم وأنطلق به العبشمي إلى أهله، فقالت له أمه الفتى ورأت عبد يغوث عظيماً جميلاً جسيماً: من أنت؟ قال: أنا سيد القوم. فضحكت، وقالت: قبحك الله من سيد قوم حين أسرك هذا الأهوج فقال عبد يغوث:

وتضحك مني شيخةٌ عبشمية
كأن لم ترا قبلي أسيراً يمانياً

ثم قال لها: أيتها الحرة، هل لك إلى خير؟ قالت: وما ذاك؟ قال: أعطي ابنك مئة من الإبل وينطلق بي إلى الأهتم التميمي، فإني أتخوف أن تنتزعني سعد والرباب منه، فضمن له مئة من الإبل، وأرسل إلى بني الحارث، فوجهوا بها إليه، فقبضها العبشمي، فانطلق به إلى الأهتم وكان أحد سادات تميم، فمشت سعد والرباب فيه. فقالت الرباب: يا بني سعد، قتل فارسنا ولم يقتل لكم فارس مذكور، فدفعه الأهتم إليهم، فأخذه عصمة بن أبير التيمي الربابي التميمي، فانطلق به إلى منزله، فقال عبد يغوث: يا بني تيم، اقتلوني قتلة كريمة. فقال له عصمة: وما تلك القتلة؟ قال: اسقوني الخمر، ودعوني أنح على نفسي، فقال له عصمة: نعم. فسقاه الخمر، ثم قطع له عرقاً يقال له الأكحل، وتركه ينزف، ومضى عنه عصمة، وترك مع ابنين له، فقالا: جمعت أهل اليمن وجئت لتصطلمنا، فكيف رأيت الله صنع بك؟ فقال عبد يغوث يهجو قومه ويندب نفسه:

ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بـيا
فما لكما في اللوم نفعٌ ولا لـيا
ألم تعلما أن الملامة نفـعـهـا
قليل وما لومي أخي من شماليا
جزى الله قومي بالكلاب ملامةً
ندامي من نجران أن لا تلاقـيا
ولو شئت نجتني من الخيل نـهـدةٌ
ترى خلفهما الحو الجياد تـوالـيا
ولكنني أحـمـي ذمـار أبـيكـم
وكان الرماح يختطفن المحـامـيا

وهنا يقول: إن قومه هربوا فجازهم الله عار وأنه كان يستطيع الهرب ولاكنه لم يهرب وأخذ يدافع عن قومه حتى أسر وهلك ثم صلب في ديار تميم، وقتل من الحلف اليماني مذحج وهمدان وكندة وقضاعة وحمير خلق كثير وأسر كثير منهم وكان هاذ اليوم من أكبر وأشد أيام العرب في الجاهلية وهو مفخرة كبيرة لقبائل بني تميم التي أستطاعة صد الحلف اليماني المكون من خمسة قبائل قحطانية كبرى.[10]

افتخار بني تميم بالنصر الكبير

قال محرز بن مكعبر الضبي التميمي

فدى لقومي ما جمعت من نشب
إذ ساقت الحرب أقواماً لأقوام
قد حدثت مذحج عنا وقد كذبـت
أن لا يورع عن نسواننا حـام
دارت رحاهم قليلاً ثم واجههـم
ضرب يصبح منهم مسكن الهام

وقال أوس بن مغراء القريعي التميمي:

وفي يوم الكلاب إذ اعترتنا
قبائل أقبلوا متناسـبـينـا
قبائل مذحج اجتمعت وجرم
وهمدان وكندة أجمعـينـا
وحمير ثم ساروا في لهـام
على جرد جميعاً قادرينـا
فلما أن أتونا لـم نـكـذب
ولم نسألهم أن يمهلـونـا
قتلنا منهم قتـلـى وولـى
شريدهم شعاعاً هاربينـا

المراجع

  1. ^ أيام العرب في الجاهلية ص56
  2. ^ أيام العرب في الجاهلية ص55.
  3. ^ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ص 2/134.
  4. ^ عبدالقادر البغدادي : خزانة الأداب ج4 ص271.
  5. ^ عبدالقادر البغدادي: خزانة الأداب 270/4.
  6. ^ توفيق برو (1996). تَارِيخُ الْعَرَبِ الْقَدِيمِ (ط. الثانية). دمشق: دار الفكر. ص. 225. ISBN:1-57547-317-8. OCLC:1103838126. QID:Q107564545 – عبر المكتبة الشاملة.
  7. ^ أبو عبيدة: النقائض بن جرير والفرزدق ج2 ص159.
  8. ^ الأصفهاني: الأغاني 5/476.
  9. ^ أبو عبيدة: النقائض بن جرير والفرزدق ص 3/89.
  10. ^ عبدالقادر البغدادي : خزانة الأداب ج4 ص499.