أسرار إيزيس

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
Fresco of a figure standing at an altar before a shrine
حفل عبادة ناووس أوزوريس، مصور في لوحة جدارية في معبد إيزيس في بومبي من القرن الأول الميلادي. كانت وفاة أوزوريس فكرة بارزة في عبادة إيزيس. قد يشير ظهور الناووس الحجري هنا إلى التركيز على أوزوريس والحياة الآخرة الموجودة في الأسرار المخصصة لإيزيس.[1]

أسرار إيزيس (بالإنجليزية: The mysteries of Isis)‏ هي شعائر استسرار دينية [الإنجليزية] كانت تُؤدَّى بقصد الانضمام إلى نِحْلةِ الإلهة الأُم إيزيس في العالم اليونانيِّ الرومانيِّ. وقد نُسِجَت على منوال الشعائر المستورة الأخرى، ولا سِيَّمَا الأسرار الإليوسيَّة التي وُضِعَت على شرفِ الإلهتين الإغريقيَّتينِ: «ديميتر»، وابنتها «بيرسيفون». وكان بِدء نُشُوء أسرار إيزيس في وقتٍ ما بين القرن الثالث قبل الميلاد والقرن الثاني الميلادي. وفضلًا عن كون أسرار إيزيس ذات أصول هلنستيَّةٍ، إلَّا أنَّها تُلمِّحُ إلى اشتمالها على مُعتقداتِ من الديانة المصرية القديمة، وهي الديانة التي نشأت ضمنها نِحْلة إيزيس، وربَّما تكون أيضًا قد ضمَّت إليها بعض جوانب الطقوس المصريَّة. ومع أنَّه من المعروف أنَّ الشعائر المستورة أو الغامضة كانت تُؤدَّى أو تُمارس فقط في بعض المناطق المحددة، إلَّا أنَّ إيزيس كانت تُعبد على امتداد العالم اليوناني الروماني. وفي المناطق التي كانت تُمارس فيها هذه الأسرار، كانت تعمل على تعزيز التزام المُريدين بعبادة إيزيس، غير أنَّهم لم يكونوا مُطالبين بعبادتها بشكل حصريٍّ، وربَّما كان من بينهم مَن قد ارتقى في التسلسل الهرمي للعبادة بخضوعه لطقوس التربية الروحية. ويُعتقد أنَّ الشعائرَ تضمن أنَّ روح المُربَّى روحيًا، وبعون الإلهة، سيُكمِلُ حياته بعد موته في عالمٍ لا يجد فيه إلَّا النعيم والهناء.

هُناك العديد من النصوص التي تعود إلى زمن الإمبراطوريَّة الرومانية تُشير إلى أسرار إيزيس، ولكنَّ المصدر الوحيد الذي قام بوصفها هو عمل خياليٌّ روائيٌّ اسمه «التَّحوُّلات أو الحمار الذهبي»، والذي هو من تأليف «لوكيوس أبوليوس»، حيث إنَّه كتبه في القرن الثاني الميلادي. وقد ذُكِرَ في الرِّواية بإنَّ المُربَّى روحيًا يخضع لتطهير طقوسيٍّ مُسهبٍ قبل نزوله إلى أقصى جُزءٍ من معبد إيزيس، حيث إنه سيختبر موتًا رمزيًّا وولادة جديدة ويحوز تجربة دينيَّة مُكثَّفة بشهوده تجلِّيًا للآلهة.

وقد وُجِدَ أنَّ بعضَ جوانب أسرار إيزيس وغيرها من العبادات المستورة الأُخرى، وخاصَّةً تلك التي لها صِلة بالحياة الآخرة، تتشابه مع عناصر مهمة في العقيدة المسيحية، ويبدو أنَّ مسألة «تأثير الأسرار في المسيحية» لهي مسالة خِلافيَّة، وأنَّ البراهين عليها يُجانبها الوضوح؛ وذلك لأنَّ بعض العُلماء اليوم قد أرجعوا حدوث هذا التَّشابُه إلى خلفيَّةٍ ثقافيَّةٍ مُشتركةٍ عِوضًا عن مسألةِ التأثيرِ المُباشرِ. وعلى النقيض من ذلك، فإننا نجد بأنَّ رواية أبوليوس قد كان لها وقْعٌ وتأثير مُباشر في العصر الحديث. فمن خلال وصفه الأسرارَ في روايته، نرى بأنَّ أسرار إيزيس قد أثَّرت على العديد من الأعمال الأدبيَّة والمُنظَّمات الأخويَّة الحديثة، علاوة على الاعتقاد السائد الذي مفاده بأنَّه كان لدى المصريين القدماء نظامًا مُفصَّلًا للتربية الروحية.

الأصول[عدل]

الأسرار اليونانية والمصرية[عدل]

Statue of a woman in an elaborate robe with a small headdress
تمثال روماني لإيزيس من القرن الثاني الميلادي

كانتِ الأسرار اليونانيَّة الرومانيَّة طقوس تربية روحية يكتنفها الغموضُ، ولم تكُن تُفرضُ فرضًا بل كانت تُقصَدُ طوعًا.[2] وكانت وقْفًا على إلهٍ بِعينِهِ أو مجموعةٍ مِنَ الآلِهةِ، وقصدت إلى استخدام ضروب مختلفة من التجارب ذات الوقع الثقيل، مثل أنْ يقطعَ ضوءٌ ساطِعٌ ظُلمةً ليليَّةً دامسةً، أو موسيقى صاخبة أو ضجيجًا، والقصد من هذه الوسائل هو أنْ تُحدِثَ حالة من التوهان وخلقَ تجربة روحيَّة عميقة التأثير عند المُربَّى روحيًا. وإنَّ بعض هذه الأسرارَ يشتمل على رموزٍ [الإنجليزية] لا يُدركُ معناها إلَّا بعد نظر وتفكر. ولم يكن مسموحًا للمُتربين روحيًا الحديث عمَّا مرُّوا به [الإنجليزية] ولا إفشاء أسرارَ ما اختبروه، الأمر الذي جعل الفهم الحديث لهذه الشعائر مُقيَّدًا بهذا التكتم.[3] وكانت أكثر الأسرارِ شهرةً في العالم اليوناني هي طقوس التربية الروحية الإليوسية التي هي وقفٌ على الإلهة ديميتر، والتي أُجريت في إلفسينا بالقرب من أثينا، من القرن السادس قبل الميلاد،[4] على الأقل، حتى نهاية القرن الرابع الميلادي.[5]

وكان مدارُ الأسرار الإليوسية، ومحلُّ انشغالها هو سرديَّة بحث الإلهة دميتر عن ابنتها بيرسفون، رَبَّة الحُبُوب والعالم السُّفليّ. ويُذكر أنَّ مَن يُلقَّنُونَ هذه الأسرار يدلفون، بدايةً، إلى داخل مذبح، وهو مكان رحب مُظلم أشبه بالقاعة يُدعى «تلسيتريون [الإنجليزية]»، فيتعرضون لمشاهد تبعث الرعب في نفوسهم قبل أنْ يشرعوا بالدخول إلى حُجرة أخرى تتوهج بريقًا بفعل النار. وعند هذا الحدِّ، يرفع الكاهن الذي يُدعى «هيروفاثس»(أ)، المُشرف على سير المراسم، صوته بإعلانٍ ذي دلالة مُعمَّاة قد يكون يُلمِّح فيه إلى حدوث ولادة الإله بلوتوس، ويُرِي أيضًا أمورًا تُمثِّلُ سُلطة الإلهة دميتر على الخُصوبةِ، كأنْ يُريهم حُزمة من القمح.[6]

وجريًا على ما سبق، فقد كان للإله ديونيسوس «أسرار» اِتَّفق أنْ تُقامَ في أماكنَ مُختلفة بموطن اليونانيين. وكان المُنخرطون فيها يحتسون المُسكرات، ويؤدون الرقصات في اِحتفالات عربيدة تُقام ليلًا.[7] واتَّفق أنْ يكون للاحتفالات الديونيسيَّة صِلة تربطها، من عدة جوانب، بالدِّيانة الأورفيَّة، وهي مجموعة من المُعتقدات الرُّوحيَّة التي تُسلِّط الضوء على ماهيَّة الحياة الآخرة.[8]

كانت إيزيس، من حيث الأصل، إلهة في الدين المصري القديم. ولم يكن في هذا الدين أسرارٌ على الطِّراز اليوناني، ولكنه تضمن عناصر تشبه ما في الأسرار اليونانية اللاحقة.[9] ولقد كابد الفراعنة مشاق التكريس بخضوعهم لمراسم التتويج، حيث كان يُعتقد أنَّ ذلك سيمكِّنهم من نوال صِلة مُباشرة بالآلهة.[10] وقد يكون الكهنة قد خضعوا أيضًا لمراسم تكريس من نوع ما، مرتبطة بالمعرفة الدينية المتخصصة أو بالتدريب المطلوب الذي سيعدهم لشغل المنصب الذي يتطلعون إليه.[11] وقد تضمَّنت النصوص الجنائزية المصرية القديمة معلومات عن دوات، أو العالم السفلي، ووصفت هذه المعرفة بأنها سرية للغاية، حيث اِعتُقِد بأنها تسمح لأرواح الموتى بالوصول إلى حياة سارة بعد الموت.[12] واقترح بعض علماء المصريات، مثل يان آسمان [الإنجليزية]، أن بعض النصوص الجنائزية قد استخدمت أيضًا في طقوس التكريس الكهنوتي. ويرى آسمان بأن «الاِستنساب للمعابد والطوائف الدينية المصريَّة من المتوقع أن يَسبِقَ طقوس الاِستنساب النهائية لأسرار العالم السفلي.»،[13] بينما وقف علماء آخرون بالضد من فكرة أنَّ المصريين قد استخدموا النصوص الجنائزية أثناء الطقوس.[14]

كان من أهمِّ عناصر الأسرار اليونانية التي لم تتوفر عليها الأسرار المصرية هو اِتاحة الفرصة أمام السواد الأعظم الخضوعَ لطقوس التربية الروحية.[9][15] وكان منشأ هذا التفاوت يرجع إلى استئثار عِلية القوم، وهم هنا الكهنة، بإجراء أشد الطقوس قداسة في سَكْتٍ في المعابد، مبتعدين بذلك عن تطفل العامَّة، وبذلك فلم يبقى أمام مَن ليس لديهم أي انتماء طبقي من فرصة سانحة إلَّا الأعياد الاحتفالية للمُشاركة في المراسم العامَّة.[16] وكان البعض من هذه التجمعات الاحتفالية أو الأعياد يُعيدُ تمثيل أحداثٍ ذُكِرَت في الميثولوجيا المِصريَّة،[17] وخاصَّةً، عيد كيهك الذي يُقام على شرف الإله أوزوريس (إله الحياة الآخرة وزوج إيزيس الأسطوري)، فكان يُعاد تمثيل موت أوزوريس الأسطوري؛ كيف قُطِّعَت أوصاله، وكيف أُعيد إحياؤه مرة أُخرى، كل ذلك كان يُؤدى على أعين الناس.[18] وقد دعا أصحاب صنعة التأليف من اليونان هذه الشعائر المصرية باسم «الأسرار أو عبادة الأسرارِ». ويُعزا إلى هيرودوت (مؤرخ يوناني من القرن الخامس ق.م) أنَّه كان أوَّل مَن استخدم هذا المصطلح. وقد استعمل هيرودوت هذا المصطلح ليصف به عيد كيهك؛ لأنَّه ذهب إلى تشبيه هذا العيد بالعيد الخاص بالأسرار الديونيسيَّة الذي كان مألوفًا لديه، ولأنَّ كليهما أُقيما ليلًا وتضمنا أسطورة تصف تقطيع أوصال الإله الخاص بهما.[19] وذهب هيرودوت أيضًا إلى القول بأنَّ عبادة ديونيسوس قد تأثَّرت بعبادة أوزوريس المصرية.[20]

كان الكتاب اليونانيون الذين أتوا بعد هيرودوت ينظرون إلى مصر وكهنتها على أنهم مصدر كل الحكمة الباطنيَّة.[21] وقد زعموا أنَّ العديد من عناصر الفلسفة والثقافة اليونانية،[22] بما في ذلك شعائرهم المستورة، أتت من مصر.[9] ويجادل كلٌّ من العالم الكلاسيكي والتر بوركيرت وعالم المصريات فرانشيسكو تيرادريتي بأنَّ هناك وجه من الحقيقة في هذه المزاعم، حيث تطورت أقدم الأسرار اليونانية في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد، في نفس الوقت الذي كانت فيه اليونان في طور تثاقف مع الثقافة المصرية. وبالتالي، قد تكون صور الحياة الآخرة الموجودة في تلك الأسرار قد تأثرت بتلك الموجودة في معتقدات الحياة الآخرة المصرية.[20][23]

انتشار عبادة إيزيس[عدل]

تنتمي إيزيس إلى مجموعةٍ من الآلهةِ غير اليونانية التي تجاوزت عبادتها دائرتها المحلِّيَّة لتمتد خارجها ولتُصبح، في الفترة الهللنستية (323-30 ق. م)، جزءً من الديانة اليونانية ثم الرومانية. حدث ذلك عندما أخذ الشعب اليوناني وثقافته بالتمدد نحو الأراضي الواقعة على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، وهي نفس الأراضي التي غزتها فيما بعد الجمهورية الرومانية.[24][25] وقد حدث خلال هيمنة التقاليد الإغريقية/الرومانية أن ذهبت بعض هذه العبادات، ومن ضمنها عبادة إيزيس، نحو عملية ترقية وتطوير لشعائرها المستورة.[26] وقد تضمنت عبادة إيزيس الكثير من الفعاليات الظاهرة حتَّى لأنَّها فاقت ما انطوت عليه من شعائر مستورة، ومن أمثلتها: تقديس التماثيل التي ترمز إليها والموضوعة داخل معابدها، أو المهرجانات التي تُجرى في الخلاء، مثل: «مَرْكَب إيزيس».[27][28] ومع ذلك، فإنَّ العلماء يرون بأنَّ الأسرارَ كانت من أكثر السمات المميزة لعبادتها.[29]

كان السبب الذي دعا عبادة (نِحْلة) إيزيس لابتداع أسرارها هو شيوع دعوة تزعم أنَّ المساريَّة أو عبادات الأسرار اليونانية قد نشأت أو تأصَّلت في مصر مع عبادة إيزيس وأوزوريس.[9] وقد عبَّر أستاذ الكلاسيكيات «ڤيرسلويس(ب)» عن ذلك بقوله: «أنَّ صورة مصر بوصفها قديمة ومتدينة كانت حاضرة بقوة في وجدان اليونانيين بحيث لم يكونوا ليتصورا إيزيس إلَّا بوصفها إلهة سرَّانيَّة».[30] وأنَّه يُحتمل أنَّ طالبي إيزيس قد عدَّلوا على الطقوس المصرية؛ لكي تتناسب مع صيغة الأسرار الإليوسيَّة، وقد يكونوا أدمجوا عناصر من أسرار ديونيسوس معها أيضًا. وما كان ذلك إلَّا بقصد أن يضفوا على الأسرار اليونانية نوعًا من الأصالة، ولتكتسب -الأسرار- مصداقية في عيون اليونانيين.[9][31] وفي نهاية المطاف، زعمت العديد من المصادر اليونانية الرومانية أن إيزيس نفسها هي مَن اِبتدعت هذه الشعائر.[32]

هناك اختلاف بين أهل الاختصاص حول ما إذا كانت الأسرار قد نشأت قبل زمن الإمبراطورية الرومانية؛ ذلك لأنَّ الأدلة عليها من الفترة الهلنستية لا تُعين على التعيين الدقيق.[33] بيد أنَّها -الأسرار- يمكن أن تكون قد ظهرت في أوائل القرن الثالث قبل الميلاد بعد أن سيطرت سلالة البطالمة اليونانية على مصر. حيث أخذ البطالمة بالدعوة لعبادة الإله سيرابيس، الذي ضُمَّت إليه سمات كل من: أوزوريس والآلهة اليونانية مثل ديونيسوس، وإله العالم السفلي بلوتو. وقد وُحِّدَت عبادة إيزيس مع عبادة سيرابيس. وامتدادًا لذلك، فقد جرت إعادة قراءة شخصية إيزيس لكي تتشابه مع الإلهات الإغريقيات، وخصوصًا دميتر، على أنَّها لم تفقد جميع ما يميزها من خصائص مصرية. ولربما تكون أسرار إيزيس، وعلى غرار أسرار دميتر التي وضعت على شرفها في إليوسيس، قد وضعت في نفس هذا الوقت.[34] ووفقًا للمؤرخ اليوناني بلوتارخ والمؤرخ الروماني تاسيتوس، أنَّ رجلًا يُدعى تيموثاوس، وهو عضو في عائلة يومولبيد [الإنجليزية] التي كانت تُشرِفُ على الأسرار الإليوسيَّة، قد كان له دورًا مُساعدًا في ترسيخ نظرة لسيرابيس بوصفه إلهًا راعيًا في بلاط البطالمة. ويقترح الخبير الكلاسيكي خايمي ألفار أن تيموثيوس كان بإمكانه إدخال عناصر من الأسرار الإليوسية في عبادة إيزيس في نفس الوقت.[35] والاحتمال الآخر هو أنَّ الأسرار قد ظهرت في اليونان نفسها في وقت ما بعد أن تأسست عبادة إيزيس هناك واتصلت مباشرة بطقوس ديميتر في إليوسيس.[36]

المصادر[عدل]

الأدلة المادية المُجزَّأة[عدل]

Statue of a woman holding a jug or basket
كاهنة إيزيس تحمل «سيتولا» (وعاء شبيه بشكل الجرة من البرونز) أو «كِيسْتَا» (ما يشبه السلة وهي لغرض طقوسي)، القرن الثاني الميلادي

الأدلة والإثباتات التي تدعم وتعزز وجود أسرار إيزيس مُتفرقة هنا وهناك، ومع ذلك فإنه يمكن استخلاص وجمع بعض المعلومات من عدة مصادر قد أشارت إلى الأسرار بشكل عابر، وتتضمن هذه المصادر النقوش والنصوص الأدبيَّة.[37] أحد الأدلة (نقش) المبكرة المحتملة هو لوح تذكاري في مدينة سالونيك من أواخر القرن الثاني قبل الميلاد يربط أوزوريس بشعائرٍ مستورة.[38] وهناك أدلة أخرى على عبادة إيزيس في اليونان تأتي من السير، وهي نصوص تُمجد وتمدح الإلهة. تتحدث هذه السير الفاضلة، والتي هي من مارونيا وأندروس، وتعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، بأن إيزيس منحت كتابات مقدسة أو باطنيَّة للمُسارَرِين.[29][39] ترى الكاتبة الكلاسيكية بيترا باكانين أن هذه الأدلة تثبت أن أسرار إيزيس كانت موجودة في ذلك الوقت،[39] ولكن يان إن بريمر [الإنجليزية] يجادل بأنها تربط بين إيزيس والأسرار الإليوسيَّة لا غير، وليس بطقوس مميزة خاصة بها.[29] وقد أشار الشاعر الروماني ألبيوس تيبولوس، القرن الأول قبل الميلاد، إلى نذور إيزيس التي أخذتها عشيقته على نفسها، ديليا، وبذلك فقد تكون عشيقته داخلة في الأسرار.[40]

لوحظ أنَّ نقوشًا من القرن الثاني الميلادي كانت تتضمن ألفاظًا خاصة بها، مثل اللقب (أورجا [الإنجليزية]، وهي طقوس احتفالية تقام على شرف باخوس)، تُشير بها إلى أنَّ أسرار إيزيس كانت تُمارس في الأماكن التي عُثر فيها على هذه النقوش، وهي روما وبرينديزي الإيطاليتان، وكنشري اليونانية، وتراليس وساموس في آسيا الصغرى.[41] أما بريمر فهو يرى بأن مثل هذه النقوش موجودة فقط في إيطاليا وشرق البحر الأبيض المتوسط وأن الأسرار كانت تمارس فقط في تلك المناطق،[41] إلَّا أنَّه قد تم العثور على معابد إيزيس في كل مقاطعة من مقاطعات الإمبراطورية.[42] ولم يكن في مصر نفسها سوى نصين معروفين، كلاهما من البرديات من أوكسيرينخوس، قد يلمحان إلى أسرار إيزيس.[43]

وقد ورد ذِكرٌ لكاهنٍ مُكرَّس لإيزيس على نقش عُثِرَ عليه في قرية «بروسا» في منطقة «بيثينيا» يقال له «مَنَكَتْس» كانت وظيفته، بحسب النقش، تجهيز وإعداد أسِرَّةٍ تحظى بخصوصية جعلتها «مُحرَّمة على عامة الناس أو غير المُلقَّنين». ولأنها كذلك، فقد يمكن أن تكون لها علاقة، بنحو أو آخر، بأسرار إيزيس.[44] ولربما كانت لها وظائف طقوسية أخرى؛[45] لأنَّ «بركرت» رأى أنَّ هذه الأسِرَّة كان لها صلة بنوع من أنواع طقوس الزواج المُرتبطة بإيزيس وأوزريس.[46]

قد تشير بعض التمثيلات المجازية والأيقونات والتماثيل الموجودة في الفن إلى أسرار إيزيس. حيث استعملت «السيستا [الإنجليزية]» في عبادة إيزيس، وهو نوع من السلال التي تخزن فيها المُتعلقات الطقوسية في العديد من النِّحَل اليونانية السرية. يرى ريتشارد فيمييرز، وهو عالم كلاسيكيات، أنَّ صور المريدين لإيزيس وهم يحملون السِّلال (السيستا) تشير إلى أنهم كانوا ذوو تربية روحية (مُلقنين).[47] وغالبًا ما كان يُصوَّر المُريدون لإيزيس وهم يرتدون عباءة مع عقدة كبيرة في الصدر، مستعارة من أيقونية إيزيس نفسها، وتشير مؤرخة الفن «إليزابيث والترز» إلى أنَّ هذا الرداء هو علامة على أن المُريد كان مُربًّى روحيًا (مُلقنًا).[48] وتحتوي مقبرة تيغران في كوم الشقافة، بالقرب من الإسكندرية، على لوحة لرجل يحمل أغصان نخيل فسرتها مؤرخة الفن «مارجوري فينيت» على أنَّها صورة لمُلقَّنٍ جديد قد تخرج لتوه من تلقي الشعائر.[49]

كانت عمارة المعابد الهلنستية والرومانية المُكرسة لإيزيس تختلف عن بعضها البعض اختلافًا كبيرًا. وكان أسفل المعابد هذه حُجرات تقع في جوف الأرض يُظنُّ أنَّها كانت المحل الذي أُجريت فيه أسرار إيزيس، غير أنَّ الأدلَّة على ذلك ظَنِّيَّة.[50] وقد رأى عالم الآثار «ويليام ي. آدامز [الإنجليزية]» بأنَّ أطلالًا لضريح في قصر إبريم في المملكة الكوشية، التي تقع خارج الإمبراطورية الرومانية ولكن بالقرب من حدود مصر الرومانية [الإنجليزية]، تشير إلى أنَّ أسرار إيزيس كانت تمارس هناك بالفعل.[51]

الأسرار برواية أبوليوس[عدل]

سياق الرواية ومصداقيته[عدل]

Stone foundations in shallow water
أطلالُ معبد إيزيس على الشاطئ في كخريس [الإنجليزية]، كورنث، اليونان.

إنَّ المصدرَ الوحيد الذي أتى على وصف أسرار إيزيس وصفًا مُفصَّلًا ودقيقًا هو رواية قديمة من تأليف الكاتب والروائي الروماني «لوكيوس أبوليوس»، واسم الرواية هو «الحمارُ الذَّهبيُّ»، ويُقال لها أيضًا، «التَّحوُّلات» (باللاتينية: Metamorphōsēs)، وهي رواية يغلب عليها طابع الفكاهة، ويرجع تاريخها إلى أواخر القرن الثاني من الميلاد.[52]

بطل الرواية هو لوسيوس، الرجل الذي تحول بطريقة سحرية إلى حمار. جاء في الكتاب الحادي عشر والأخير من الرواية، أنه يستيقظ، بعد أن نام على شاطئ في سينكريا في اليونان، لرؤية القمر وقد صار بدرًا. وهنا، أخذ يتضرع إلى إلهة القمر، مستخدمًا أسماء العديد من إلهات القمر المعروفات في العالم اليوناني الروماني، وراح يطلب منها أن تعيده إلى سيرته الأولى. فتظهر إيزيس في رؤية أمام لوسيوس وتعلن نفسها بوصفها الأعظم من بين الإلهات الأُخر طُرًّا. وأخبرته أن مهرجانًا على شرفها يُقال له «مركب إيزيس» يقام في مكان قريب، وأن موكب المهرجان يحمل معه أكاليل من الورد التي ستعيد شكله البشري إذا أكلها. وبعد أن أصبح لوسيوس إنسانًا مرة أخرى، أعلن الكاهن الأكبر في المهرجان أن الإلهة أنقذت لوسيوس من محنته، وأنه سيكون الآن خاليًا من حب الاستطلاع والانغماس في الذات الذي جذب إليه العديد من المصائب التي مر بها. وأخيرً، انضم لوسيوس إلى المعبد المحلي لإيزيس، وأصبح من أتباعه المخلصين، وفي النهاية خضع لطقوس التربية الروحية.[53]

إنَّ التزام لوسيوس الديني الجِدِّي، حسب الظاهر، بالنِّحْلة الإيزيسيَّة في هذا الكِتاب، يقف في موقف التضاد الصارخ مع الشَّدائدِ الهَزَلِيَّةِ التي تُشكِّل محور الرِّواية. ومن أجل ذلك، فقد اختلف الباحثون حول ما إذا كان المقصود من الرواية أنْ تُمثل بجدية ولاء لوسيوس للإلهة، أو ما إذا كانت خلاف ما تبدو عليه لوجود السخرية والفكاهة فيها، أو وربما تكون انتقاد لاذع لعبادة إيزيس. وقد استند، الذين رأوا أنَّها تُعبر عن نقد أو مفارقة ساخرة، إلى موقف يظهر فيه لوسيوس وهو يُساق سوقًا للخضوع لعدة إدخالات دينية كُلٌّ منها يتطلب دفع رسوم، وهو أمر تزامن مع حالة الفقر المدقع التي كان لوسيوس عليها، فمثل هذا الموضوع مفارقة ساخرة.[54] ومع ذلك، فقد افترض العديد من الباحثين، الذين حاولوا تحليل الأسرار الموجودة في الكتاب، أنها مُهمَّة وجدية، وتفاصيلها دقيقة بشكل عام، ولا ضير في أن يكون الكتاب قد احتوى المفارقة الساخرة.[55] إن وصف أبوليوس لنِحلة إيزيس وأسرارها يتناسب عمومًا مع الكثير من الأدلة الخارجية عنها.[41][54] إذ رأى الكلاسيكي ستيفن هاريسون إن الرواية تَعرض «معرفة تفصيليَّة بالنِّحلة المصريَّة، بغض النظر هل كان أبوليوس نفسه في الواقع تلقى أسرار إيزيس أم لا».[56] وفي عمل آخر من أعماله، اسمه الدفاع أو الأبولوجيا، يدعي أبوليوس أنه خضع لعدة تنشآت روحية، إلَّا أنه لا يذكر أسرار إيزيس على وجه التحديد.[57] وفي كتابته «الحمار الذهبي»، ربما يكون قد اعتمد على تجربة شخصية لتلقي أسرار إيزيس[58] أو من التلقينات الأخرى التي خضع لها.[57] ومع ذلك، قد يكون الوصف التفصيلي الوارد في الرواية مثاليا بدلا من أن يكون دقيقا تمامًا، وربما تضمنت نِحل إيزيس العديد من أنواع الطقوس المستورة. وقد ذكرت الرواية ثلاثة شعائر للتنشئة الروحية متميزة في مدينتين، بيد أن الأول منها فقط موصوف بتفصيل دقيق.[59]

الشعائر[عدل]

ذكرت روايةُ «الحمارِ الذهبي» أنَّ طقوسَ التلقينِ كانت تُجرى بممارسةِ عرضٍ شعائري لموتِ وخلاصِ المُريدِ الذي أُنعِمَ عليه بالرضا والقبول.[60] وكانت إيزيس نفسها هي مَن تختار المُريد، والساعة التي ستُنعِمُ بها عليه بتلقي أسرارها. لذلك نلاحظُ في الرواية أنَّ لوسيوس يبدأ بتهيئة نفسه لتلقي الأسرار مُباشرة بعد أن رأى إيزيس في الرُّؤيا.[61] وقد حظي ما ذكرته الرواية، من أنَّ إيزيس توجه مُريديها مُباشرة، بتأييد باوسانياس، الكاتب الإغريقي المُعاصر لأبوليوس، إذ قال أنَّه لم يكن يُسمح لأحدٍ بالانخراطِ في المهرجانات المُقامة على شرف إيزيس في ضريحها الكائن في تيثوريا إلَّا بدعوة مُباشرة من الإلهة في الرؤيا،[62] وأيضًا، من خلال النقوش الكتابية التي يدعي كهنتها أنَّها دعتهم بها ليصيروا إلى خدمتها.[63] وذكر أبوليوس، أيضًا، أنّ الإلهة هي مَن تُحدد الرسوم التي على المُريد المستعد للاستنساب أن يدفعها للمعبد؛ لكي يخضع لمُمارسة الشعائر.[61]

أثناء تنسيب لوسيوس، كان الكهنة يقرؤون الإجراءات الشعائرية الخاصة باستنسابه من كتاب للطقوس محفوظ في المعبد. وكان على الكتاب شخصيات مبهمة، بعضها أشكال حيوانية، في حين أن البعض الآخر عبارة عن زخارف ورموز مجردة.[61] وكان استخدام الكتاب لأغراض الطقوس أكثر شيوعا في الدين المصري منه في التقاليد اليونانية أو الرومانية، وغالبا ما يعتقد أن الشخصيات في هذا الكتاب هي هيروغليفية أو هرطيقية، والتي في نظر المصلين اليونانيين والرومان أنها تؤكد على الخلفية المصرية للطقوس وتخلع عليها الجدية والتقدير.[64] ويقترح ديفيد فرانكفورتر، الباحث في ديانات البحر الأبيض المتوسط القديمة، أن هذه الشخصيات والزخارف والنقوش على الكتاب تشبه الرموز السحرية المُطلسمة والتي كانت شائعة الاستخدام في السحر اليوناني الروماني.[65]

كان على لوسيوس أن يخضع لسلسلة من طقوس التطهير قبل أن يخوض في تنشئته الروحية المقصودة. فتبدأ الطقوس بأن يُغَسِّله الكاهن، ويسأل الآلهة أن تتجاوز عن سيئاته، ثمَّ يرشه بالماء.[61] ويبدو أنَّ الاعتراف والتوبة عن خطايا الماضي يتناسب مع التركيز على العفة وغيرها من أشكال إنكار الذات الموجودة في العديد من المصادر الأخرى حول عبادة إيزيس.[66] ومن ثمَّ، يجب على لوسيوس أن يمتنع نهائيًّا عن تناول اللحوم وشرب النبيذ لمدة عشرة أيام كاملة، وبعد ذلك فقط يحق له أن يبدأ في تنشئته الروحية.[67] كان الغسل أو الاستحمام التطهري ممارسة شائعة في العديد من الطقوس في جميع أنحاء العالم اليوناني الروماني. وكانت ذريعة المغفرة التي يقدمها الكهنة إلى المريد تستند إلى القسم الذي كانوا يؤدونه، والذي كانوا يصرحون فيه أنَّهم أصبحوا خلوًا من ارتكاب الاثم، ما يخلع عليهم شيء من القداسة والطهارة.[68] ويبدو أن مصدر طقوس الرش بالماء والامتناع عن بعض الأطعمة أتى من طقوس التطهير التي كان على الكهنة المصريين الخضوع لها قبل الانضمام إلى المعبد.[69] وأخيرًا، وفي مساء اليوم العاشر، يتلقى لوسيوس مجموعة متنوعة من الهبات والهدايا غير المحددة من زملائه المريدين لإيزيس قبل أن يلبس رداءً من الكتان الطاهر ويلج إلى أعمق جزء من المعبد.[61]

وأمَّا ما أعقب الطقوس آنفة الذكر أعلاه، فيكتنفها الغموض والتكتم؛ إذ يقول لوسيوس بأنَّه من المتعذر على المُلقنين البوح بأي شيء تلقوه عبر الطقوس؛ لأنه غير مسموح بذلك البتة قبل أن يصف تجربته بمصطلحات مُبهمة.[70] فيقول عن تجربته:

بلغت برزخ الموت ووطئت عتبة بروسربينة ثُمَّ عدتُ محمولًا عبر كل العناصر. ورأيت في أوج اشتداد الليل الشمسَ تستطع بضيائها المُتوهج. ومثلت أمام آلهة العالم السفليِّ (التي في الأسفل)، وآلهة العالم الأعلى (التي في الأعلى) وجهًا لوجهٍ. وقدَّمت لهم عن كثب عبادتي وتبجيلي.[71](ت)

Painted niche in a wall
لوحة من قبر تيغران في سراديب الموتى في كوم الشقافة، تظهر رجلا يحمل أغصان النخيل قد يكون من مريدي إيزيس.[72]

في سلسلة من المفارقات، يسافر لوسيوس إلى العالم السفلي وإلى السماء، ويرى الشمس وسط الظلام، ويقترب من الآلهة.[73] تكهن الكثير من الناس حول كيفية محاكاة الطقوس لهذه التجارب المستحيلة. ربما كانت «الشمس» المتوهجة التي يذكرها لوسيوس نارًا في ظلمة الليل، وهي ميزة معروفة بأنها كانت موجودة في ذروة الأسرار الإليوسية. ربما كانت الآلهة التي رآها وجها لوجه تماثيل أو لوحات جدارية للآلهة.[74] يعتقد بعض العلماء أن التنشئة الروحية استلزمت أيضًا نوعًا من إعادة تمثيل أو الإشارة إلى موت أوزوريس، ولكن إذا حدث ذلك، فإن نص أبوليوس لا يذكره.[75]

يخرج لوسيوس من هذه التجربة في الصباح، ويلبسه الكهنة طيلسانًا مطرزًا بإتقان. ثم يقف على منبرٍ وهو يحمل مشعلًا متقدًا وعُصِّب رأسه بإكليل مصنوع من السعف، تشبه أوراق السعف أشعة الشمس، وبعد ذلك أوقفوه منتصبًا كالتمثال. وهناك، يُزيح الكهنة الستائر للكشف عن لوسيوس لحشد من زملائه. وخلال الأيام الثلاثة التالية، راح لوسيوس يستمتع بسلسلة من الولائم والوجبات المقدسة مع زملائه، وإكمال طقوس تربيته الروحية.[76]

وبعد أن انتهت طقوس الاستنساب، قفل لوسيوس راجعًا إلى روما، وانضم إلى معبد إيزيس الرئيسي، وهو معبد إيسيوم كامبينسي. وهنا، راحت الإلهة تستحثه بالرؤى التي ترسلها له بأن يخضع لاستنسابين آخرين، الأمر الذي كلفه المزيد من النفقات؛ مثل الاضطرار إلى شراء طيلسان آخر عوض القديم الذي تركه خلفه. أما تفاصيل هذين الاستنسابين، فلم يذكرها أبوليوس بالتفصيل كما فعل سابقًا. والاستنساب الثاني مُخصص لأوزيريس وهو مختلف عن الأول المُكرس لإيزيس.[77] حيث يسميه أبوليوس "الأسرار الليلية للإله الأول طُرًّا" لكنه لا يعطي أي تفاصيل أخرى. وقد يكون الاستنساب الثالث مخصص لكل من إيزيس وأوزوريس.[78] وكان قبل هذا الاستنساب، لدى لوسيوس رؤية يتحدث فيها أوزوريس نفسه إليه، مما يشير إلى أنه الشخصية المهيمنة في الطقوس. وفي نهاية الرواية، تم قبول لوسيوس في منصب رفيع في العبادة من قبل أوزوريس، وهو واثق من أن الإله سيضمن نجاحه المستقبلي في عمله كمدافع عن نحلته.[79]

المعنى والتفسيرات[عدل]

الآلهة والرمزية الدينية[عدل]

ارتبطت معظم الشعائر السرانيَّة بالأساطير التي نُسجت حول الآلهة وأخذت تُركِّز عليها، وزُعِمَ أنَّها تُلقِّنُ السالكين في التربية الروحية تفاصيلًا عن الأساطير التي لم تكن معروفة بصورة عامة. وقد أنتج العديد من الكتاب اليونانيين الرومان تفسيرات لاهوتية وفلسفية في سبيل استكناه ما تعنيه هذه الشعائر، حتى دفعت الأدلة الجزئية التي عثر عليها خلال السنوات الماضية العلماء المعاصرين لبذل العديد من المحاولات في فهم وتبين ما تعنيه الأسرار بالنسبة لمتلقيها.[80] وقد رأى الكلاسيكي هيو بودين بأنه لم يكن هناك تفسير واحد موثوق للشعائر، وأن الرغبة في حسم أمر السر المفقود - وهو أمر، بمجرد تحديده بشكل صحيح، سوف يفسر ما كانت تدور حوله العبادة السرَّانيَّة- محكوم عليه بالفشل.[81] ورأى بأن الجهد المبذول لمقابلة الآلهة مباشرة، والذي تجسد في ذروة استنساب لوسيوس في الحمار الذهبي، لهو أهم سمة من سمات الشعائر المميزة لها.[82] على أنَّ فكرة مقابلة الآلهة وجها لوجه تتناقض مع المعتقدات اليونانية والرومانية الكلاسيكية،[83] إذ يمكن أن تكون رؤية الآلهة، على الرغم من أنها قد تكون تجربة مذهلة، خطيرة بل وحتى مميتة.[84] فعلى سبيل المثال، تذكر الأساطير اليونانية أن الشكل الحقيقي لزيوس قد أحرق المرأة الفانية سيميلي حين شهدته بنفسها. ومع ذلك، فإن لقاء لوسيوس مع الآلهة يتناسب مع النزعة الموجود في العديد من الجماعات الدينية في العصر الروماني، والتي تقول بأنَّ لقاء الآلهة توثق العلاقة بين العباد والآلهة.[83]

قد تشير "العناصر" التي يمر عبرها لوسيوس في أول تنشئته الروحية إلى العناصر الكلاسيكية: الأرض، والهواء، والماء، والنار، والتي كان يُعتقد أنَّها تُشكل العالم، أو إلى مناطق الكون.[85] بيد أنَّ عالم الدراسات الدينية، بانايوتيس باتشيس (بالإنجليزية: Panayotis Pachis)‏، يرى أن الكلمة تشير، على وجه الخصوص، إلى الكواكب التقليدية [الإنجليزية] في علم التنجيم الهلنستي [الإنجليزية].[86] ويبدو أنَّ الموضوعات الفلكية كانت ظاهرة في العديد من العبادات الأخرى في الإمبراطورية الرومانية، بما في ذلك العبادة السرانية المكرسة لميثرا.[87] كتب باتشيس يقول: أنَّ الرموز الفلكية في عبادة إيزيس ربما ألمحت إلى الاعتقاد بأن إيزيس تحكم حركات النجوم وبالتالي مرور الوقت وترتيب الكون، وهي معتقدات يشير إليها لوسيوس عند الصلاة للإلهة.[88]

رأى بعض العلماء أنَّ المعتقدات المصرية القديمة هي أحد المصادر المحتملة لفهم رمزية أسرار إيزيس. فقد أشار عالم المصريات والباحث الكلاسيكي جون غريفيث، الذي درس بشكل مستفيض الباب الحادي عشر من رواية الحمار الذهبي عام 1975، ورجح خلفيته المصرية المحتملة- أشار إلى أوجه الشبه بين ما تضمنته التربية الروحية الأولى في الحمار الذهبي ومعتقدات الآخرة المصرية، قائلاً إن المريد أخذ دور أوزوريس من خلال خضوعه لموت رمزي. وفي رأيه، تشير تصورات التربية الروحية إلى العالم السفلي المصري، دوات.[89] وجادل غريفيث بأن الشمس في منتصف الليل، في رواية لوسيوس عن التربية الروحية، ربما تأثرت بتناقضات الضوء والظلام في طقوس الغموض الأخرى، لكنها مستمدة بشكل أساسي من تصوير العالم السفلي في النصوص الجنائزية المصرية القديمة. وفقا لهذه النصوص، يمر إله الشمس رع عبر العالم السفلي كل ليلة ويتحد مع أوزوريس ليخرج متجددا، تماما كما تفعل الأرواح المتوفاة.[90] ولكن العلماء الخمسة الذين كتبوا تعليقًا عام 2015 على الكتاب الحادي عشر من رواية الحمار الذهبي يحذرون من أن صور العالم السفلي والشمس يمكن أن تستند فقط إلى السوابق اليونانية والرومانية، وهم يشككون في تأكيد غريفيث أن لوسيوس يخضع لاتحاد صوفي مع أوزوريس.[91]

يرى فالنتينو غاسباريني أن سياق الرواية يُظهر بجلاء كيف انتزع أوزوريس مكانة إيزيس بوصفها الكائن الأسمى ليحل هو محلها فيكون محورًا لتفاني لوسيوس.[92] ويتماشى ظهور وأهمية وبروز أوزوريس في الحمار الذهبي مع الأدلة الأخرى حول عبادة إيزيس في روما، مما يشير إلى أنها تبنت أفكارًا وصورًا من الديانة الجنائزية المصرية وأعطت أهمية متزايدة لأوزوريس في أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني الميلادي.[93] أمَّا سيرابيس فلم تأتِ الرواية على ذكره، وهو الذي تتداخل هويته إلى حد كبير مع هوية أوزوريس والذي كان يُعبد بشكل متكرر مع إيزيس، غير مرة واحدة، وذلك في وصف موكب المهرجان. وقد رأى المؤرخ خايمي ألفار أن النص يعامل سيرابيس وأوزوريس كشخصيتين مُتمايزتين، في حين أن مؤلفي تعليق 2015 رأوا أن أبوليوس لم يكن يقصد التمييز بين الاثنين بشكل حدِّي. وقد أشاروا إلى أن لوسيوس يشير إلى أوزوريس باستخدام النعوت التي غالبًا ما كانت تُعطى لسيرابيس.[94] ويجادل غاسباريني بأن التحول في التركيز في الكتاب يعكس الاعتقاد بأن أوزوريس كان الكائن الأسمى وأن إيزيس كانت وسيطا بينه وبين البشر. حيث عثر على هذا التفسير في مقال عن إيزيس وأوزوريس بقلم بلوتارخ، والذي يحلل أسطورة أوزوريس بناء على فلسفة بلوتارخ الأفلاطونية الوسطى، ويرى غاسباريني أن أبوليوس وافق ما ذهب إليه بلوتارخ وبالتالي شاركه الرأي.[92] وقد رأى ستيفن هاريسون أن التحول المفاجئ في التركيز على أوزوريس بدلا من إيزيس هو نوع من أنواع عدم الرضا على التعظيم المبالغ فيه والتفاني الموجه لإيزيس.[95]

الولاء والالتزام بالعبادة[عدل]

نظرًا لأنه لم تكن جميع نِحَل إيزيس المحلية تمتلك شعائرَ مستورة، فلم يكن جميع المُريدين قد خضعوا لتربية روحية.[96] إذ تشير كلٌّ من قصة أبوليوس وبلوتارخ عن إيزيس وأوزوريس، اللتان تذكران بإيجاز التربية الروحية الإيزيسية، إلى أن شعائر التربية الروحية كانت تعتبر جزءً من عملية أكبر للانضمام إلى العبادة وتكريس النفس للإلهة.[97]

كانت معظم العبادات في العالم اليوناني الروماني تسمح لمُريديها أن يُقدسوا الآلهة الأخرى -أي لم تكن تفردية-، ولم تكن عبادة إيزيس بدعًا من هذه العبادات الأخرى. ولكن، ولتمييز أنفسهم عن بقية الجماعات الدينية، اتخذ مُريدوا إيزيس اسمًا خاصًا بهم يُشير إلى انتمائهم لإيزيس، ويكشف عن مدى تفانيهم تجاهها. وهو يتشابه، إلى حد ما، مع تسمية "مسيحي" أو يهودي". والاسم هو " Isiacus" أو "Isiac"، أي الإيزيسيون للجماعة، وإيزيسي للفرد. وكان قلما يستخدمونه،[98] ومستوى التفاني والالتزام الذي توحي به هذه التسمية يختلف حسب الظروف المحيطة بالأشخاص الذين كانوا يستخدمونها. ففي بعض الأحيان قد يكون التفاني كاملاً وملتزماً، وفي أحيان أخرى قد يكون غير ذلك.[99] كما ترأس العديد من كهنة إيزيس طوائف أخرى أيضًا. وقد انضم العديد من الأشخاص في أواخر العصر الروماني، مثل الأرستقراطي فيتيوس أغوريوس برايتكستاتوس [الإنجليزية]، إلى عدة جماعات كهنوتية وخضعوا لعدة تنشئات روحية مكرسة لآلهة مختلفة.[100] إنَّ المراسم السرية لا تفرض على المشاركين التخلي عن ديانتهم أو هويتهم الدينية السابقة. بمعنى آخر، يمكن للأفراد الذين يشاركون في هذه المراسم الاحتفاظ بديانتهم الأصلية والاستمرار في ممارستها بجانب الممارسات الجديدة. وبموجب تعريف ضيق للمصطلح، فإن هذه العمليات لا يمكن أن تعتبر "تحولات دينية". وإن بعض هذه المراسم تنطوي على تغييرات صغيرة في الهوية الدينية للمشاركين. وهذا يعني أنهم قد يقومون بتغييرات بسيطة في معتقداتهم أو ممارساتهم الدينية. هذه التغييرات الصغيرة قد تشمل انضمامهم إلى جماعة دينية جديدة. أو يمكن أن تشمل تعزيز التزامهم بطائفة كانوا ينتمون إليها بالفعل، مما يجعلهم أكثر حماسًا والتزاماً بها. وفي هذا السياق، يمكن أن تُعتبر هذه التغييرات "تحويلات" بمعنى أوسع.[101] تُشير الكثير من المصادر القديمة، سواء كانت مؤلفةً من قبل المخلصين لإيزيس أنفسهم أو من المراقبين الخارجيين، إلى أن العديد من أتباع إيزيس اعتبروها محور حياتهم وأن الطقوس الخاصة بالعبادة أكدت على النقاء الأخلاقي وانكار الذات، وكذلك التصريحات العلنية أو الإشهار بالولاء للإلهة. لذلك كان الانضمام إلى عبادة إيزيس يعني أن هُناك تغييرًا أكثر قوة وتأثيرًا يقع على هوية الفرد مقارنة بما يحدث عند انضمامه إلى بعض العبادات الأخرى مثل عبادة ديونيسوس. إنَّ الوصف في رواية "الحمار الذهبي" يرى بأن تلقي التربية الروحية قد يمكن تصنيفه على أنه تحوّل صوفي، مميز بتجارب رؤيوية وعواطف مكثفة وتغيير مثير للانتباه في سلوك المُلقَّن، في حين تشير الأدلة المتعلقة بالميثرائية إلى أن عملية الانضمام إليها كانت أقل صوفية وأكثر فكرية.[102]

لا توفر رواية الحمار الذهبي أي معلومات أو تفاصيل حول الطريقة التي يمكن أن تؤثر بها التربية الروحية على مكانة الفرد داخل الطقوس الدينية أو على رتبته أو مكانته ضمن الطائفة الدينية.[103] بعد أن تلقى لوسيوس تربية روحية ثالثة،، أصبح باستوفوروس "pastophoros"، عضوًا في فئة معينة من الكهنة. وهذا يُشير إلى أنه إذا كان الذي يتلقى تربية روحية ثالثة يصبح باستوفوروس، فمن الممكن أن يكون الأعضاء قد ارتقوا في التسلسل الهرمي للعبادة من خلال المرور بسلسلة من الاستهلالات.[104] ويشير أبوليوس إلى المبتدئين والكهنة كمجموعات منفصلة داخل العبادة. يمكن أن يكون الانضمام إلى الطقوس شرطًا أساسيًا ليصبح المؤمن كاهنًا، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه سيصبح كاهنًا تلقائيًا.[105]

الارتباط بحياة ما بعد الموت[عدل]

أشارَت بعض الأدلة الجُزئيَّة إلى أنَّ أسرار إيزيس مُرتبطة، من حيثية ما، بالخلاص من الشقاء، وبالأمان في حياة ما بعد الموت، أي تضمن للمُريد الأمن والأمان هُناك.[106] شمل التصور اليوناني بخصوص حياة ما بعد الموت الحقول الإليزية الفردوسية، وطور الفلاسفة أفكارًا حول خلود النفس، لكن الإغريق والرومان أعربوا عن عدم اليقين بشأن ما سيحدث لهم بعد الموت. في كل من الديانات التقليدية اليونانية والرومانية، لم يُعتقد أن هناك إلهًا يضمن حياة بعدية مُرضية لعباده أو عبادها. وقد تكون آلهة بعض العبادات المستورة استثناءًا، لكن الأدلة حول معتقدات تلك العبادات بخصوص حياة ما بعد الموت مبهمة.[107] تقدم رواية أبوليوس، إذا كانت دقيقة وصحيحة، دليلا قويًا على معتقدات حياة ما بعد الموت الخاصة بالنحلة الإيزيسية أقوى مما هو متاح للعبادات الأخرى. يقول الكتاب إن حاكمية إيزيس على القدر، والتي أشار إليها أتباعها اليونانيون والرومان كثيرًا، تمنحها التحكم والسيطرة على الحياة والموت.[106] وفقًا للكاهن الذي لقَّن لوسيوس، أنَّ أتباع إيزيس الذين أنهوا فترة الحياة المقررة لهم وكانوا يقفون بالفعل على أعتاب نهاية النور (عتبة بين الحياة والموت أو التي تُشرف على الموت)، وفقط إذا كان من الممكن الوثوق بهم بأن يحفظوا الأسرار العظيمة غير المعلنة للعبادة، أن تجذبهم الإلهة بقوتها، ويُولدوا ثانية بمعية عنايتها الإلهية، وتضعهم في تيار الحياة الجديد والمُتجدد تحت عنايتها، أي ليُصنعوا على عينها.[108] وفي فقرة آخر، تقول إيزيس نفسها أنه عندما يموت لوسيوس سيكون قادرًا على رؤيتها مشرقة في ظلام العالم السفلي وسيعبدها هناك.[109]

يرى بعضُ المُتخصصين - بعين الشك يرون- بأنَّ عقيدة حياة ما بعد الموت لم تكن محورية في النحلة الإيزيسية.[110] إذ يقول المؤرخ رامزي ماكمولين أنه عندما تدعو الشخصيات في رواية الحمار الذهبي لوسيوس باسم "المُجدد روحيًا أو مَن ولد من جديد"، فإنها تشير إلى حياته الجديدة كعبدٍ مُخلصٍ ولا تسميه أبدًا "مَن أُحيي إلى الأبد" (باللاتينية: renatus in aeternam)، والتي تشير إلى الحياة الآخرة.[111] ويقول الكلاسيكيون ماري بيرد وجون نورث وسيمون برايس إن الحمار الذهبي تُظهر أن "عبادة إيزيس كانت تتضمن تلميحات مُبهمة وغامضة بخصوص الحياة والموت، ولكن مع ذلك يتم التركيز بشكل أكبر على تمديد فترة الحياة الفعلية للمريد أكثر من الحياة الآخرة - والتي يتم تصويرها بعبارات غير متمايزة إلى حد ما".[112]

تقدم بعض النقوش الجنائزية دليلاً على معتقدات الإيزيسيين بخصوص الحياة الآخرة خارج أعمال أبوليوس. وتظهر هذه النقوش أن بعض أتباع إيزيس اعتقدوا أنها سترشدهم إلى حياة أفضل بعد الموت، لكنها تشير أيضًا إلى أن عبادة إيزيس لم يكن لديها صورة ثابتة عن الحياة الآخرة وأن أعضائها اعتمدوا على السوابق اليونانية والمصرية لتصورها. وتتحدث بعض النقوش عن أن المريدين سيستفيدون من مياه أوزوريس المفعمة بالحياة، بينما يشير بعضها الآخر إلى جزر السعادة أو المُباركين في التراث اليوناني.[113] ولم يشر أي منها بشكل محدد إلى الطقوس السرانية،[45] بيد إن نقش مينيكيت يؤكد أنه قد حلت عليه البركة جزئيًا بسبب عمله في جلب أثاث عبارة عن أسرة طقسية.[44] وربما لم يكن الانتساب ضروريًا للحصول على مباركة إيزيس.[45]

اعتقد المصريون القدماء أن أوزوريس استمر بالحياة في دوات بعد موته، وذلك بفضل معونة إيزيس على نحو ما، وبهذا فقد اعتقدوا أنَّهم بعد وفاتهم سيمُكن إحياؤهُم بمعونة آلهة أخرى بالإضافة إلى إيزيس.[93] ربما انتقلت هذه المعتقدات إلى عبادة إيزيس اليونانية الرومانية، على الرغم من أن أسطورة موت أوزوريس نادرًا ما يُشار إليها في عبادة إيزيس اليونانية الرومانية وربما لم تلعب دورًا رئيسيًا في نظام معتقداتها، حتى لو كانت الاتحاد الليلي لأوزوريس ورع فعل ذلك.[114] إذا كانت الرمزية في تكريس لوسيوس الأول إشارة إلى الشمس في العالم السفلي المصري، فإن ذلك يشير إلى أنها تتضمن معتقدات أوزوريس عن الحياة الآخرة، على الرغم من عدم ذكر أوزوريس في وصف الطقوس.[115] وكما قال الكلاسيكي روبرت توركان، عندما يتم الكشف عن لوسيوس للجمهور بعد تكريسه، فإنه "يتم تكريمه تقريبًا مثل أوزوريس الجديد، الذي تم إنقاذه وتجديده من خلال قوى إيزيس الإلهية". والنخيل التي تشع من رأسه كانت علامة انتصار الشمس على الموت.[116]

الهوامش[عدل]

أ. هيروفاثس ἱεροφάντης أو هَايروفَنْت (بالإنجليزية: Hierophant)‏ هو كاهن إغريقي قديم الذي يُفسِّر أو يُؤوِّلُ أو يشرح الأسرار الدينية، وهو مَن يُعلم أو يُلقِّن شعائر القرابين والعبادة أو هو مَن يُري الأمور المُقدَّسة.[117]

ب. ميگيل جون ڤيرسلويس (بالإنجليزية: Miguel John Versluys)‏ هو أستاذ علم الآثار الكلاسيكية والمتوسطية في جامعة لايدن.[118]

ت. أُوْرد ترجمتان لنفس النص: الأولى للدكتور أبو العيد دودو، والثانية للمترجم عمَّار الجلاصي:

  • ترجمة دودو:

«لقد اقتربت من حدود الموت، ونزلت فوق عتبة بروسيربينا، وعدت عبر العناصر جميعها. وفي منتصف الليل رأيت الشمس تلمع بضوء أبيض، واقتربت من آلهة الموت وآلهة السماء وجهًا لوجه، ودعوتها عن قريب قريب جدًا».[119]

  • ترجمة الجلاصي:

«بلغت برزخ الموت ووطئت عتبة بروسربينة ثم عدت محمولا عبر كل العناصر. ورأيت في عزِّ الليل الشمس تسطع بنورها الشعشاعي. ومثلت أمام آلهة العالم السفلي والآلهة الأعلين وجهًا لوجه. وقدمت لهم عن كثب عبادتي».[120]

المراجع[عدل]

فهرس المراجع[عدل]

  1. ^ Brenk 2009، صفحات 219, 225–229.
  2. ^ Bremmer 2014، صفحات xi–xii.
  3. ^ Bowden 2010، صفحات 14–18, 23–24.
  4. ^ Burkert 1987، صفحة 2.
  5. ^ Bowden 2010، صفحات 29–31.
  6. ^ Bremmer 2014، صفحات 5–16.
  7. ^ Bowden 2010، صفحات 105, 110–112.
  8. ^ Casadio & Johnston 2009، صفحة 7.
  9. ^ أ ب ت ث ج Burkert 1987، صفحات 40–41.
  10. ^ Quack 2002، صفحات 99–100, 108.
  11. ^ Bommas 2005، صفحة 11.
  12. ^ Assmann 2005، صفحات 188, 191.
  13. ^ Assmann 2005، صفحات 201, 204–206.
  14. ^ DuQuesne 2002، صفحات 41–43.
  15. ^ Quack 2002، صفحة 108.
  16. ^ Teeter 2011، صفحة 56.
  17. ^ O'Rourke 2001، صفحات 408–409.
  18. ^ Teeter 2011، صفحات 58–60.
  19. ^ Bremmer 2014، صفحات 110–111.
  20. ^ أ ب Burkert 2004، صفحات 87–88, 98.
  21. ^ Hornung 2001، صفحة 1.
  22. ^ Hornung 2001، صفحات 19–23.
  23. ^ Tiradritti 2005، صفحات 214–217.
  24. ^ Woolf 2014، صفحات 73–76.
  25. ^ Alvar 2008، صفحة 6.
  26. ^ Alvar 2008، صفحة 10.
  27. ^ Turcan 1996، صفحات 109–115.
  28. ^ Bowden 2010، صفحات 164–165.
  29. ^ أ ب ت Bremmer 2014، صفحة 113.
  30. ^ Versluys 2013، صفحة 254.
  31. ^ Bremmer 2014، صفحة 116.
  32. ^ Griffiths 1970، صفحات 390–391.
  33. ^ Veymiers 2020، صفحة 131.
  34. ^ Alvar 2008، صفحات 58–61, 187–188.
  35. ^ Alvar 2008، صفحة 59.
  36. ^ Pakkanen 1996، صفحات 49–50, 80.
  37. ^ Bremmer 2014، صفحات 113–114.
  38. ^ Veymiers 2020، صفحة 132.
  39. ^ أ ب Pakkanen 1996، صفحات 79–82.
  40. ^ Burkert 1987، صفحات 15–17.
  41. ^ أ ب ت Bremmer 2014، صفحة 114.
  42. ^ Hornung 2001، صفحة 67.
  43. ^ Venit 2010، صفحة 90.
  44. ^ أ ب Veymiers 2018، صفحات 2–3.
  45. ^ أ ب ت Gasparini 2016، صفحة 138.
  46. ^ Burkert 1987، صفحة 107.
  47. ^ Veymiers 2020، صفحات 155–156, 160–161.
  48. ^ Walters 1988، صفحات 5–6, 56.
  49. ^ Venit 2010، صفحات 109–113.
  50. ^ Veymiers 2018، صفحات 49–50.
  51. ^ Adams 2013، صفحة 60.
  52. ^ Burkert 1987، صفحة 97.
  53. ^ Griffiths 1975، صفحات 71–93.
  54. ^ أ ب Bowden 2010، صفحات 166–167.
  55. ^ Alvar 2008، صفحات 336–337.
  56. ^ Harrison 2002، صفحة 255.
  57. ^ أ ب Bowden 2010، صفحات 179–180.
  58. ^ Griffiths 1975، صفحات 3–6.
  59. ^ Alvar 2008، صفحات 342–343.
  60. ^ Hanson 1989، صفحات 333–335.
  61. ^ أ ب ت ث ج Hanson 1989، صفحات 333–339.
  62. ^ Turcan 1996، صفحة 119.
  63. ^ Bøgh 2015، صفحة 278.
  64. ^ Bremmer 2014، صفحات 118–119.
  65. ^ Frankfurter 1998، صفحات 255–256.
  66. ^ Alvar 2008، صفحات 181–183.
  67. ^ Griffiths 1975، صفحة 99.
  68. ^ Bremmer 2014، صفحات 119–120.
  69. ^ Griffiths 1975، صفحات 286–291.
  70. ^ Alvar 2008، صفحات 339–340.
  71. ^ Hanson 1989، صفحة 341.
  72. ^ Venit 2010، صفحات 110–111.
  73. ^ Alvar 2008، صفحات 340–341.
  74. ^ Bremmer 2014، صفحات 121–124.
  75. ^ Griffiths 1975، صفحات 299–301.
  76. ^ Hanson 1989، صفحات 341–343.
  77. ^ Hanson 1989، صفحات 347–357.
  78. ^ Griffiths 1975، صفحة 341.
  79. ^ Hanson 1989، صفحات 357–359.
  80. ^ Burkert 1987، صفحات 69–74.
  81. ^ Bowden 2010، صفحات 44–46, 213–214.
  82. ^ Bowden 2010، صفحات 1, 216.
  83. ^ أ ب Bremmer 2014، صفحات 123–124.
  84. ^ Bowden 2010، صفحات 21–22.
  85. ^ Keulen et al. 2015، صفحات 399–400.
  86. ^ Pachis 2012، صفحات 88–91.
  87. ^ Griffiths 1975، صفحة 283.
  88. ^ Pachis 2012، صفحات 81–91.
  89. ^ Griffiths 1975، صفحات 296–297, 308.
  90. ^ Griffiths 1975، صفحات 303–306.
  91. ^ Keulen et al. 2015، صفحات 400–401.
  92. ^ أ ب Gasparini 2011، صفحات 706–708.
  93. ^ أ ب Brenk 2009، صفحات 217–218.
  94. ^ Alvar 2008، صفحة 295.
  95. ^ Harrison 2002، صفحة 253.
  96. ^ Bowden 2010، صفحة 178.
  97. ^ Bøgh 2015، صفحات 278, 281–282.
  98. ^ Beard, North & Price 1998، صفحات 307–308.
  99. ^ Veymiers 2018، صفحات 8–9.
  100. ^ Burkert 1987، صفحات 46–50.
  101. ^ Bøgh 2015، صفحات 271–273.
  102. ^ Bøgh 2015، صفحات 278–283.
  103. ^ Burkert 1987، صفحة 40.
  104. ^ Bowden 2010، صفحات 168, 177.
  105. ^ Alvar 2008، صفحات 343–344.
  106. ^ أ ب Alvar 2008، صفحات 122–125, 133–134.
  107. ^ MacMullen 1981، صفحات 53–55.
  108. ^ Hanson 1989، صفحة 335.
  109. ^ Hanson 1989، صفحات 303–305.
  110. ^ Alvar 2008، صفحة 134.
  111. ^ MacMullen 1981، صفحات 53, 171.
  112. ^ Beard, North & Price 1998، صفحة 290.
  113. ^ Gasparini 2016، صفحات 134–137.
  114. ^ Bommas 2005، صفحة 29.
  115. ^ Griffiths 1975، صفحات 297–299.
  116. ^ Turcan 1996، صفحة 121.
  117. ^ "hierophant | Search Online Etymology Dictionary". www.etymonline.com. مؤرشف من الأصل في 2022-01-31. اطلع عليه بتاريخ 2022-01-30.
  118. ^ "Miguel John Versluys". Leiden University (بالإنجليزية). Archived from the original on 2020-11-29. Retrieved 2022-03-07.
  119. ^ لوكيوس أبوليوس (2004). ترجمة: أبو العيد دودو (المحرر). الحمار الذهبي، أول رواية في تاريخ الإنسانية. الدار العربية للعلوم-ناشرون، منشورات الاختلاف. ص. 241. مؤرشف من الأصل في 2022-10-21.
  120. ^ لوكيوس أبوليوس. ترجمة: عمار الجلاصي (المحرر). الحمار الذهبي أو التحولات. ص. 298.

ثبت المراجع[عدل]

وصلات خارجية[عدل]