نقاش المستخدم:محمد فوزى الصباغ/ملعب
أضف موضوعًامن هم أهل السنة والجماعة
[عدل]من هم أهل السنة والجماعة.
أهل السُّنَّة والجماعة "جماعة من المسلمين يتبعون منهاج السنة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين المهدين وتابعيهم وأصحاب المذاهب الفقهيية المعتبرة من أئمة وفقهاء أهل أهل الحديث وأهل الرأي ومن سار على نهجهم واخذ منهم نقلا واسنادا متصلا غير منقطع" - وتسمية أهل السنة بهذا المصطلح أو هذا المفهوم لم يكن أمرا متعارفا عليه وهو أمر طبيعى إذ لم تكن هناك فرقا ولا انقسامات ولا خلافات،إلا أن الامر أصبح مختلفا تمام الإختلاف بعيد الخلاف بين على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنهم جميعا،وكان هذا الإصطلاح ضمنيا يطلق دون تصريح على علماء الصحابة رضوان الله عليهم ومن يتبعهم على ذلك في الدين . - وان الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مقتل الخليفة عثمان بن عفان لم يسألوا عن إسناد حديث فكانوا يأخذون الحديث عن أهل السنة ولا يؤخذ عن اهل البدع وبذلك ظهر لأول مرة في تاريخ الامة الإسلامية مصطلح الإسناد. إذا نحن امام الحديث ومتنه وسنده لأول مرة في التاريخ الإسلامي، وأصبح ينظر إلى أئمة الدين من الصحابة ومن تبعهم على طريقهم بإحسان أنهم أهل السنة.
وهؤلاء الصحابة سموا فيما بعد بالفقهاء والعلماء بعدما كانوا يسمون بالقراء وهم بذلك "أصحاب الطريقة المتبعة في الدين فهم اتباع منهاج الهدي النبوي الذى بينوه فيما بعد سواء أكان ظاهرا لا يحتاج إلى تاويل أو استنباط او انهم استنبطوا من منهج النبوة ما التبس على الناس وفق أصول وأسس الشريعة". ولا يخفى على أهل العلم ان علم الدين انتقل من الصحابة إلى التابعين ثم الأئمة من بعدهم - كان أخذ علم الدين مختصا بالحاملين له من الصحابة وكانوا في صدر الإسلام يسمونهم القراء لقراءتهم القرآن وعلمهم في الدين، وبحسب ما ذكر ابن خلدون أنه بعد تمكن الاستنباط الفقهي وكمل الفقه وصار علما بدلوا باسم الفقهاء والعلماء بدلا من القراء، وانتقل علم الصحابة إلى التابعين وأخذ عنهم الأئمة من بعدهم، ثم انقسم الفقه فيهم إلى: طريقة أهل الرأي في العراق ومقدم جماعتهم الذي استقر المذهب فيه وفي أصحابه أبو حنيفة، وطريقة أهل الحديث في الحجاز وإمامهم مالك بن أنس والشافعي من بعده. - بعد القرن الهجري الثاني بحسب ما ذكر ابن خلدون وغيره أن جماعة من السلف تعلقوا بظواهر نصوص متشابهة وبالغوا في إثبات الصفات فوقعوا في التجسيم،
وبالمقابل فأن المعتزلة بالغوا في التنزيه فأنكروا صفات ثابتة، وأما أهل السنة حينها فكان منهم جماعة مثل: أحمد بن حنبل وداود بن علي الأصفهاني وآخرون أخذوا بمنهج المتقدمين عليهم من أصحاب الحديث كمالك بن أنس وغيره فقالوا في النصوص المتشابهة: نؤمن بها كما هي ولا نتعرض لتأويلها، وكان جماعة من أهل السنة في عصر السلف أيدوا عقائد السلف بحجج كلامية وبراهين أصولية. بعد حدوث بدعة المعتزلة والمشبهة وغيرها وانتشار مقولاتهم في أواخر عصر السلف بحسب ما ذكر ابن خلدون وغيره قام أبو الحسن الأشعري وأبو منصور الماتريدي بإيضاح عقائد السلف من أهل السنة ودفع الشبه عنها وتأييدها بالأدلة العقلية والنقلية بمناهج كلامية وكتبا عن مقالات الفِرق،فكان من ذلك تمايز هذه الفِرق التي كتب العلماء عنها في "كتب الفِرق" جلها في القرن الرابع الهجري ومنهم عبد القاهر البغدادي من فقهاء المذهب الشافعي في كتابه: "الفَرق بين الفِرق"، ذكر فيه أهل السنة والجماعة هي الفِرقة الثالثة والسبعون وأنهم جماعة واحدة من فريقي الرأي والحديث، وكلهم متفقون على قول واحد في أصول الدين، وربما اختلفوا في بعض فروعها اختلافا لا يوجب تضليلا ولا تفسيقا، وكانت التسمية تطلق على أهل السنة والجماعة تمييزا لهم عن الخوارج والمعتزلة والمجسمة وفرق التشيع وغيرها من الفِرق
والسُّنة لغةً : الطريقة والسيرة، وتكون بمعنى الطريقة المسلوكة في الدين، أو المثال المتبع والإمام المؤتم به، أو في مقابل البدعة، ويختلف معنى السنة عند علماء الشريعة بحسب المقصود منها. قال الشافعي: إطلاق السنة يتناول سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسنة الرسول منهج لكل المسلمين، فهو إمام الأمة وأولى الناس بأمته ومعلمهم الأول، والمقصود بالسنة التي دلت نصوص الشرع على لزومها ووجوب اتباعها هي الطريقة النبوية المشار إليها في النصوص إشارة نوعية لا شخصية،
قال العيني: السُّنَّة طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته طريقته في الدين وسبيله إلى الله وعلمه ومنهجه وهديه الذي كان عليه هو وأصحابه، فإنهم أخذوا عنه علم الدين واهتدوا بهديه وكانوا من بعده قدوة للأمة، فالسنة هي الطريقة المسلوكة في الدين التي كان عليها هو وأصحابه والخلفاء الراشدون من بعده في الهدى والعلم والعمل والاعتقاد، وهذه الطريقة عند أئمة أهل السنة والجماعة هي المثال المتبع في الدين، الذي كان عليه الخلفاء الراشدون وأئمة الدين من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، فيشمل سنة الخلفاء الراشدين ومن سار سيرتهم من أئمة الإسلام المجتهدين في الأحكام فإنهم خلفاؤه من بعده المبلغون عنه الحاملون لهديه، واتباع طريقتهم في الدين عند الاختلاف هو اتباع لطريقته في الرجوع إليهم فيما أشكل من الأمور، واتباعهم فيما اجتهدوا فيه واجتمعوا عليه بعد عصر النبوة، لكونه اتباعا لسنة ثبتت عندهم لم تنقل إلينا، أو اجتهادا مجتمعا عليه منهم أو من خلفائهم؛ فإن إجماعهم إجماع.
ويدخل كل ما حدث منهم مثل جمع القرآن في مصحف واحد وتدوين الدواوين وكتب العلم وغير ذلك من الأمور لكونها موافقة لأصول الدين وإن أحدثت بعد عصر النبوة. - فالسنة عند أئمة أهل السنة والجماعة : هي هذه الطريقة المأمور في الشرع باتباعها على أساس أن اتباع هؤلاء الأئمة قائم على اتباع هدي النبوة الذي هو سبيل الاهتداء إلى الصراط المستقيم. والمتفقون على هذه الطريقة هم الجماعة وهم أهل العلم الشرعي. والجماعة في هذه التسمية تشير إلى جماعة أهل السنة والجماعة من معنى الاجتماع على هذه الطريقة. وقد جاء في الحديث الأمر باتباع السنة واجتناب البدعة، وأهل السنة والجماعة يفسرون البدعة بمعناها الشرعي بأنها البدعة في الدين التي لا أصل لها في الشريعة، وهي التي ورد في الشرع ذمها ووصف صاحبها بالضلال والموعود عليها بالنار، وهي عندهم تشمل صنوف البدع التي استحدثتها الفرق التي ظهرت في العصور المتقدمة من التاريخ الإسلامي، مثل: بدع الخوارج ومن تبعهم والقدرية والمجسمة وغيرهم
وفى سؤال لدار الإفتاء المصرية 2013م عن التعريف الجامع والمانع لأهل السنة والجماعة. برقم 2366 كان الجواب كاتالى:
- يطلق مصطلح أهل السنة والجماعة في مقابل أصحاب البدع الاعتقادية، واستعمال ذلك المصطلح في هذا المعنى استعمال قديم، يرجع إلى العصر الأول؛ حيث ورد ذكره في بعض الأحاديث المرفوعة والموقوفة؛ فأخرج الخطيب فِي "رُوَاة مالك" والديلمي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النَّبِي صلى الله عَلَيه وآله وسلم فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: 106] قَالَ: «تَبْيَضُّ وُجُوه أَهْلِ السُّنَّةِ وَتَسْوَدُّ وُجُوه أهْلِ الْبِدَعِ».
- وَأخرج أَبُو نصر السِّجْزِي فِي "الإبانة" عَن أبي سعيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وسلم قَرَأَ: ﴿ي َوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران: 106]، قَالَ: «تبيض وُجُوه أهل الْجَمَاعَات وَالسُّنَّة، وتَسْوَدُّ وُجُوه أَهْلِ البِدَعِ والأَهْوَاءِ». نقلًا عن "الدر المنثور" للسيوطي (2/ 291، ط. دار الفكر). - وروى الآجُرِّي في "الشريعة" عن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي هَذِه الْآيَة قال: [فأما الذين ابيضت وجوههم فأهل السنة والجماعة، وأما الذين اسودت وجوههم فأهل البدع والأهواء] اهـ. - ثم إنه لما انتُدِب جماعة من علماء أصول الدين إلى تقرير عقائد السلف وبسط الكلام فيها ونصرتها وتدعيمها بالحجج والبراهين والرد على أهل الزيغ والإلحاد، وارتضى ما وصل إليه هؤلاء جماهيرُ أئمة الإسلام ونقلة الشرع الشريف عبر العصور إلى يومنا هذا، وتبعوهم عليه، وسلكوا مسالكهم، وانتسبوا إليهم، صار السواد الأعظم من المسلمين على هذا النحو، وقد روى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَاتَّبِعُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ، فَإِنَّهُ مَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ»، فكان اصطلاح أهل السنة والجماعة عَلَمًا على هؤلاء وأتباعهم في مقابل أهل الابتداع والانحراف. - وسبب وصف أهل السنة بأنهم أهل الجماعة كونهم -كما يقول الإمام عبد القاهر البغدادي في "الفَرْق بين الفِرَق" (ص361، ط. المدني)-: [لا يُكَفِّر بعضهم بعضًا، وليس بينهم خلاف يوجب التبري والتكفير، فهم إذن أهل الجماعة القائمون بالحق، والله تعالى يحفظ الحق وأهله، فلا يقعون في تنابذ وتناقض، وليس فريق من فرق المخالفين إلا وفيهم تكفير بعضهم لبعض وتبري بعضهم من بعض؛ كالخوارج والروافض والقدرية؛ حتى اجتمع سبعة منهم في مجلس واحد فافترقوا عن تكفير بعضهم بعضًا] اهـ. - قال العلامة ابن السبكي في "شرح عقيدة ابن الحاجب": [اعلم أن أهل السنة والجماعة كلهم قد اتفقوا على معتقد واحد فيما يجب ويجوز ويستحيل، وإن اختلفوا في الطرق والمبادي الموصلة لذلك، أو في لِمِّية ما هنالك. وبالجملة فهم بالاستقراء ثلاث طوائف: - الأول: أهل الحديث، ومعتمد مباديهم: الأدلة السمعية؛ أعني: الكتاب، والسنة، والإجماع. - الثانية: أهل النظر العقلي والصناعة الفكرية؛ وهم: الأشعرية، والحنفية. وشيخ الأشعرية: أبو الحسن الأشعري، وشيخ الحنفية: أبو منصور الماتريدي، وهم متفقون في المبادي العقلية في كل مطلب يتوقف السمع عليه، وفي المبادي السمعية فيما يدرك العقل جوازه فقط، والعقلية والسمعية في غيرها، واتفقوا في جميع المطالب الاعتقادية إلا في مسألة التكوين ومسألة التقليد. - الثالثة: أهل الوجدان والكشف؛ وهم الصوفية، ومباديهم مبادي أهل النظر والحديث في البداية، والكشف والإلهام في النهاية] اهـ. نقلًا عن "إتحاف السادة المتقين" للزبيدي (2/ 6-7، ط. مؤسسة التاريخ العربي بلبنان).
- وقال العلامة السَّفَّاريني الحنبلي في "لوامع الأنوار البهية" (1/ 73، ط. مؤسسة الخافقين): [أهل السنة والجماعة ثلاث فرق: الأثرية: وإمامهم أحمد بن حنبل رضي الله عنه، والأشعرية: وإمامهم أبو الحسن الأشعري رحمه الله، والماتريدية: وإمامهم أبو منصور الماتريدي، وأما فرق الضلال فكثيرة جدًّا] اهـ. - وقال الإمام المرتضى الزبيدي في "شرح الإحياء" (2/ 6): [إذا أُطْلِق أهل السنة والجماعة فالمراد بهم الأشاعرة والماتريدية] اهـ. - وقال العلامة ابن عابدين في "حاشيته رد المحتار على الدر المختار" (1/ 48-49، ط. دار الكتب العلمية): (قوله -أي: الحصكفي-: عن معتقدنا) أي: عما نعتقد من غير المسائل الفرعية، مما يجب اعتقاده على كل مكلف بلا تقليد لأحد، وهو ما عليه أهل السنة والجماعة؛ وهم: الأشاعرة والماتريدية، وهم متوافقون إلا في مسائل يسيرة، أرجعها بعضهم إلى الخلاف اللفظي، كما بُيِّن في محله] اهـ. فالإمام أبو الحسن الأشعري المتوفى ببغداد في الثلث الأول من القرن الرابع الهجري، هو أحد الذين قرروا العقائد الإسلامية، وردوا على طوائف المبتدعة، وقد صارت طريقته في تقرير العقائد هي الطريقة المعتمدة في الحواضر العلمية والجامعات الإسلامية العريقة؛ كالأزهر الشريف بمصر، والزيتونة بتونس، والقرويين بالمغرب، بالإضافة إلى المدارس الشرعية في الشام، والعراق، والمحاظر العلمية في شنقيط، وغيرها من أماكن الدرس في معظم الديار الإسلامية. - وصرح الأئمة المحققون بمدحه وبتزكية منهجه وطريقته؛ من ذلك قول القاضي عِياض المالكي في "ترتيب المدارك" (5/ 24-25، ط. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب): [وصَنَّف لأهل السنة التصانيف، وأقام الحُجج على إثبات السنة وما نفاه أهل البدع من صفات الله تعالى، ورؤيته، وقدم كلامه، وقدرته، وأمور السمع الواردة؛ من الصراط والميزان والشفاعة والحوض وفتنة القبر التي نفت المعتزلة، وغير ذلك من مذاهب أهل السنة والحديث، فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل الواضحة العقلية، ودَفَعَ شُبَهَ المبتدعة ومَنْ بَعْدَهُم من الملحدة والرافضة، وصَنَّف في ذلك التصانيف المبسوطة التي نفع الله بها الأمة، وناظر المعتزلة، وكان يقصدهم بنفسه للمناظرة ... إلى أن قال: فلما كثرت تواليفه، وانتفع بقوله، وظهر لأهل الحديث والفقه ذَبُّهُ عن السنن والدين، تعلق بكتبه أهل السنة، وأخذوا عنه، ودرسوا عليه، وتفقهوا في طريقه، وكثر طلبته وأتباعه؛ لتَعَلُّم تلك الطرق في الذب عن السنة، وبَسْط الحُجَج والأدلة في نصر المِلَّة، فسُمُّوا باسمه، وتلاهم أتباعهم وطلبتهم، فعُرِفوا بذلك -يعني الأشاعرة-، وإنما كانوا يُعرَفون قبل ذلك بالمُثْبِتة، سِمةٌ عَرَّفتهم بها المبتدعة؛ إذ أثبتوا من السنة والشرع ما نَفَوه ... إلى أن قال: فأهل السنة من أهل المشرق والمغرب بحججه يحتجون وعلى منهاجه يذهبون، وقد أثنى عليه غير واحد منهم، وأثنَوا على مذهبه وطريقته] اهـ.
- وقال الإمام الحافظ الحُجَّة أبو بكر البيهقي: [إلى أن بلغت النوبة إلى شيخنا أبي الحسن الأشعري رحمه الله، فلم يحدث في دين الله حَدَثًا، ولم يأتِ فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين فنصرها بزيادة شرح وتبيين، وأن ما قالوا في الأصول وجاء به الشرع صحيح في العقول، خلاف ما زعم أهل الأهواء من أن بعضه لا يستقيم في الآراء، فكان في بيانه تقوية ما لم يدل عليه من أهل السنة والجماعة ونصره أقاويل من مضى من الأئمة؛ كأبي حنيفة وسفيان الثوري من أهل الكوفة، والأوزاعي وغيره من أهل الشام، ومالك والشافعي من أهل الحرمين، ومن نحا نحوهما من الحجاز وغيرها من سائر البلاد؛ وكأحمد بن حنبل وغيره من أهل الحديث، والليث بن سعد وغيره، وأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري إمامي أهل الآثار وحفاظ السنن التي عليها مدار الشرع، رضي الله عنهم أجمعين] اهـ. نقلًا عن "تبيين كذب المفتري" للحافظ ابن عساكر (ص103، ط. دار الكتاب العربي).
- وقال الإمام تاج الدين بن السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (3/ 365، ط. هجر): [اعلم أنَّ أبا الحسن لم يُبدِع رأيًا، ولم يُنشِ مذهبًا، وإنما هو مقرر لمذاهب السلف، مناضل عما كانت عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عَقَد على طريق السلف نطاقًا، وتمسك به، وأقام الحجج والبراهين عليه، فصار المقتَدي به في ذلك، السالك سبيله في الدلائل يسمى أشعريًّا] اهـ.
- وقال الإمام المايُرْقي المالكي: [ولم يكن أبو الحسن أول متكلم بلسان أهل السنة، إنما جرى على سَنَن غيره، وعلى نصرة مذهبٍ معروف، فزاد المذهب حجة وبيانًا، ولم يبتدع مقالة اخترعها ولا مذهبًا انفرد به؛ ألا ترى أن مذهب أهل المدينة نُسِب إلى مالك، ومن كان على مذهب أهل المدينة يقال له: مالكي، ومالك إنما جرى على سنن من كان قبله، وكان كثيرَ الاتِّباع لهم، إلا أنه لما زاد المذهب بيانًا وبسطًا عُزِي إليه، كذلك أبو الحسن الأشعري لا فرق، ليس له في مذهب السلف أكثر من بسطه وشرحه، وتواليفه في نصرته] اهـ. نقلًا عن "طبقات الشافعية الكبرى "3/ 367.
- وقد ذكر شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام أن: [عقيدة الأشعري اجتمع عليها الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة، ووافقه على ذلك من أهل عصره شيخ المالكية في زمانه أبو عمرو بن الحاجب، وشيخ الحنفية جمال الدين الحصيري] اهـ. نقلًا عن "طبقات الشافعية الكبرى " 3/ 365 - وقال العلامة ابن السبكي أيضًا في "معيد النعم ومبيد النقم" (ص75، ط. الخانجي): [وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة -ولله الحمد- في العقائد يد واحدة كلهم على رأي أهل السنة والجماعة، يدينون لله تعالى بطريق شيخ السنة أبي الحسن الأشعري رحمه الله تعالى، لا يحيد عنها إلا رعاع من الحنفية والشافعية لحقوا بأهل الاعتزال، ورعاع من الحنابلة لحقوا بأهل التجسيم، وبرأ الله المالكية؛ فلم نرَ مالكيًّا إلا أشعريًّا عقيدة، وبالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول ورضوها عقيدة] اهـ. - وقال الإمام أبو إسحاق الشيرازي: [وأبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة، وعامة أصحاب الشافعي على مذهبه، ومذهبه مذهب أهل الحق] اهـ. نقلًا عن "طبقات الشافعية الكبرى" (3/ 367). ولهذا كله صار مصطلح أهل السنة والجماعة عَلَمًا على أتباعه، وعلى أتباع صِنوه الإمام أبي منصور الماتريدي، فمتى ما أطلق هذا المصطلح في كتب أهل العلم المعتبرين انصرف الذهن إليهم. والله سبحانه وتعالى أعلم.
محمد فوزى الصباغ جمهورية مصر العربية - دمنهور فى 2022/4/9 م الموافق 8 من رمضان 1443هـ. محمد فوزى الصباغ (نقاش) 08:44، 9 أبريل 2022 (ت ع م)
أهل السنة والجماعة
[عدل]كتبه / محمد فوزى الصباغ
مصر - محافظة البحيرة - دمنهور
فى 30 من أبريل 2023م الموافق 29 من رمضان 1444هـ
محمد فوزى الصباغ (نقاش) 10:28، 20 أبريل 2023 (ت ع م)
اشكالية أهل السنة والجماعة - المقال الثانى
[عدل]كتب / محمد فوزى الصباغ
مصر - محافظة البحيرة - دمنهور
فى 20 من أبريل 2023م الموافق 29 من رمضان 1444هـ
أهل السُّنَّة والجماعة
"جماعة من المسلمين يتبعون منهاج السنة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين المهدين وتابعيهم وأصحاب المذاهب الفقهيية المعتبرة من أئمة وفقهاء أهل أهل الحديث وأهل الرأي ومن سار على نهجهم واخذ منهم نقلا واسنادا متصلا غير منقطع"
- وتسمية أهل السنة بهذا المصطلح أو هذا المفهوم لم يكن أمرا متعارفا عليه وهو أمر طبيعى إذ لم تكن هناك فرقا ولا انقسامات ولا خلافات،إلا أن الامر أصبح مختلفا تمام الإختلاف بعيد الخلاف بين على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنهم جميعا،وكان هذا الإصطلاح ضمنيا يطلق دون تصريح على علماء الصحابة رضوان الله عليهم ومن يتبعهم على ذلك في الدين .
- وان الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مقتل الخليفة عثمان بن عفان لم يسألوا عن إسناد حديث فكانوا يأخذون الحديث عن أهل السنة ولا يؤخذ عن اهل البدع وبذلك ظهر لأول مرة في تاريخ الامة الإسلامية مصطلح الإسناد.[2]
إذا نحن امام الحديث ومتنه وسنده لأول مرة في التاريخ الإسلامي، وأصبح ينظر إلى أئمة الدين من الصحابة ومن تبعهم على طريقهم بإحسان أنهم أهل السنة. وهؤلاء الصحابة سموا فيما بعد بالفقهاء والعلماء بعدما كانوا يسمون بالقراء وهم بذلك "أصحاب الطريقة المتبعة في الدين فهم اتباع منهاج الهدي النبوي الذى بينوه فيما بعد سواء أكان ظاهرا لا يحتاج إلى تاويل أو استنباط او انهم استنبطوا من منهج النبوة ما التبس على الناس وفق أصول وأسس الشريعة". ولا يخفى على أهل العلم ان علم الدين انتقل من الصحابة إلى التابعين ثم الأئمة من بعدهم
- كان أخذ علم الدين مختصا بالحاملين له من الصحابة وكانوا في صدر الإسلام يسمونهم القراء لقراءتهم القرآن وعلمهم في الدين، وبحسب ما ذكر ابن خلدون أنه بعد تمكن الاستنباط الفقهي وكمل الفقه وصار علما بدلوا باسم الفقهاء والعلماء بدلا من القراء، وانتقل علم الصحابة إلى التابعين وأخذ عنهم الأئمة من بعدهم، ثم انقسم الفقه فيهم إلى: طريقة أهل الرأي في العراق ومقدم جماعتهم الذي استقر المذهب فيه وفي أصحابه أبو حنيفة، وطريقة أهل الحديث في الحجاز وإمامهم مالك بن أنس والشافعي من بعده.
- بعد القرن الهجري الثاني بحسب ما ذكر ابن خلدون وغيره أن جماعة من السلف تعلقوا بظواهر نصوص متشابهة وبالغوا في إثبات الصفات فوقعوا في التجسيم، وبالمقابل فأن المعتزلة بالغوا في التنزيه فأنكروا صفات ثابتة، وأما أهل السنة حينها فكان منهم جماعة مثل: أحمد بن حنبل وداود بن علي الأصفهاني وآخرون أخذوا بمنهج المتقدمين عليهم من أصحاب الحديث كمالك بن أنس وغيره فقالوا في النصوص المتشابهة: نؤمن بها كما هي ولا نتعرض لتأويلها، وكان جماعة من أهل السنة في عصر السلف أيدوا عقائد السلف بحجج كلامية وبراهين أصولية. بعد حدوث بدعة المعتزلة والمشبهة وغيرها وانتشار مقولاتهم في أواخر عصر السلف بحسب ما ذكر ابن خلدون وغيره قام أبو الحسن الأشعري وأبو منصور الماتريدي بإيضاح عقائد السلف من أهل السنة ودفع الشبه عنها وتأييدها بالأدلة العقلية والنقلية بمناهج كلامية وكتبا عن مقالات الفِرق،فكان من ذلك تمايز هذه الفِرق التي كتب العلماء عنها في "كتب الفِرق" جلها في القرن الرابع الهجري ومنهم عبد القاهر البغدادي من فقهاء المذهب الشافعي في كتابه: "الفَرق بين الفِرق"، ذكر فيه أهل السنة والجماعة هي الفِرقة الثالثة والسبعون وأنهم جماعة واحدة من فريقي الرأي والحديث، وكلهم متفقون على قول واحد في أصول الدين، وربما اختلفوا في بعض فروعها اختلافا لا يوجب تضليلا ولا تفسيقا، وكانت التسمية تطلق على أهل السنة والجماعة تمييزا لهم عن الخوارج والمعتزلة والمجسمة وفرق التشيع وغيرها من الفِرق
والسُّنة لغةً :
الطريقة والسيرة، وتكون بمعنى الطريقة المسلوكة في الدين، أو المثال المتبع والإمام المؤتم به، أو في مقابل البدعة، ويختلف معنى السنة عند علماء الشريعة بحسب المقصود منها.
قال الشافعي:
إطلاق السنة يتناول سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسنة الرسول منهج لكل المسلمين، فهو إمام الأمة وأولى الناس بأمته ومعلمهم الأول، والمقصود بالسنة التي دلت نصوص الشرع على لزومها ووجوب اتباعها هي الطريقة النبوية المشار إليها في النصوص إشارة نوعية لا شخصية،
قال العيني:
السُّنَّة طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته طريقته في الدين وسبيله إلى الله وعلمه ومنهجه وهديه الذي كان عليه هو وأصحابه، فإنهم أخذوا عنه علم الدين واهتدوا بهديه وكانوا من بعده قدوة للأمة، فالسنة هي الطريقة المسلوكة في الدين التي كان عليها هو وأصحابه والخلفاء الراشدون من بعده في الهدى والعلم والعمل والاعتقاد، وهذه الطريقة عند أئمة أهل السنة والجماعة هي المثال المتبع في الدين، الذي كان عليه الخلفاء الراشدون وأئمة الدين من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، فيشمل سنة الخلفاء الراشدين ومن سار سيرتهم من أئمة الإسلام المجتهدين في الأحكام فإنهم خلفاؤه من بعده المبلغون عنه الحاملون لهديه، واتباع طريقتهم في الدين عند الاختلاف هو اتباع لطريقته في الرجوع إليهم فيما أشكل من الأمور، واتباعهم فيما اجتهدوا فيه واجتمعوا عليه بعد عصر النبوة، لكونه اتباعا لسنة ثبتت عندهم لم تنقل إلينا، أو اجتهادا مجتمعا عليه منهم أو من خلفائهم؛ فإن إجماعهم إجماع.ويدخل كل ما حدث منهم مثل جمع القرآن في مصحف واحد وتدوين الدواوين وكتب العلم وغير ذلك من الأمور لكونها موافقة لأصول الدين وإن أحدثت بعد عصر النبوة.
- فالسنة عند أئمة أهل السنة والجماعة :
هي هذه الطريقة المأمور في الشرع باتباعها على أساس أن اتباع هؤلاء الأئمة قائم على اتباع هدي النبوة الذي هو سبيل الاهتداء إلى الصراط المستقيم. والمتفقون على هذه الطريقة هم الجماعة وهم أهل العلم الشرعي.
والجماعة في هذه التسمية
تشير إلى جماعة أهل السنة والجماعة من معنى الاجتماع على هذه الطريقة. وقد جاء في الحديث الأمر باتباع السنة واجتناب البدعة، وأهل السنة والجماعة يفسرون البدعة بمعناها الشرعي بأنها البدعة في الدين التي لا أصل لها في الشريعة، وهي التي ورد في الشرع ذمها ووصف صاحبها بالضلال والموعود عليها بالنار، وهي عندهم تشمل صنوف البدع التي استحدثتها الفرق التي ظهرت في العصور المتقدمة من التاريخ الإسلامي، مثل: بدع الخوارج ومن تبعهم والقدرية والمجسمة وغيرهم
وكانت أول بدعة ظهرت في الإسلام فتنة الخوارج [3]
الذين انشقوا عن جماعة المسلمين وأعلنوا خروجهم عن علي بن أبي طالب، وغالوا في الوعيد فقالوا بتكفير العصاة وتخليدهم في النار، واتخذوا من تكفير المسلمين مبررا للخروج على ولاة الأمر واستباحوا بذلك دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم بغير حق، وقصروا الإيمان على جماعتهم، وتشعبت منهم فرق كثيرة.
- وأهل السنة والجماعة "هم السواد الأعظم من أهل العلم الشرعي أصحاب المذاهب الفقهية الأئمة المجتهدون وعلماء الشريعة عبر التاريخ الإسلامي"، ويدخل فيهم من سواهم ممن تبعهم ووافقهم من المسلمين، واستقر الفقه عندهم في عصور المتأخرين على تقليد المذاهب الأربعة في الأمصار وعمل كل فقلد بمذهب من قلده، وأئمتهم المتقدمون قد اتفقوا على قول واحد في أصول الاعتقاد، وعلى صحة خلافة الخلفاء الأربعة الأوائل: أبوبكر وعمر وعثمان وعلي، ويؤمنون بعدالة كل الصحابة، وبوجوب السكوت عما جرى بين الصحابة، وإثبات أجر الاجتهاد لهم، ولا يكفرون أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه، واتفقوا على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمور وعدم جواز الخروج عليهم وإن كانوا عصاة، قال النووي: "وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين".
- إذا أصبح معلوم لدينا من هم اهل السنة والجماعة بأبسط المعانى أنهم "هم السواد الأعظم من أهل العلم الشرعي أصحاب المذاهب الفقهية الأئمة المجتهدون وعلماء الشريعة عبر التاريخ الإسلامي، وهم الذين يتبعون طريقة النبى صلى الله عليه وسلم وما أمر باتباعه والمتفقون على هذه الطريقة هم الجماعة وهم أهل العلم الشرعي.
- وهي الطريقة المسلوكة في الدين التي كان عليها النبى وأصحابه والخلفاء الراشدون من بعده في الهدى والعلم والعمل والاعتقاد، وهذه الطريقة عند أئمة أهل السنة والجماعة هي المثال المتبع في الدين.
[1] - دار الإفتاء المصرية 2013م عن سؤال التعريف الجامع والمانع لأهل السنة والجماعة. برقم 2366
- يطلق مصطلح أهل السنة والجماعة في مقابل أصحاب البدع الاعتقادية، واستعمال ذلك المصطلح في هذا المعنى استعمال قديم، يرجع إلى العصر الأول؛ حيث ورد ذكره في بعض الأحاديث المرفوعة والموقوفة؛ فأخرج الخطيب فِي "رُوَاة مالك" والديلمي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النَّبِي صلى الله عَلَيه وآله وسلم فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: 106] قَالَ: «تَبْيَضُّ وُجُوه أَهْلِ السُّنَّةِ وَتَسْوَدُّ وُجُوه أهْلِ الْبِدَعِ».
- وَأخرج أَبُو نصر السِّجْزِي فِي "الإبانة" عَن أبي سعيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وسلم قَرَأَ: ﴿ي َوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران: 106]، قَالَ: «تبيض وُجُوه أهل الْجَمَاعَات وَالسُّنَّة، وتَسْوَدُّ وُجُوه أَهْلِ البِدَعِ والأَهْوَاءِ». نقلًا عن "الدر المنثور" للسيوطي (2/ 291، ط. دار الفكر).
- وروى الآجُرِّي في "الشريعة" عن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي هَذِه الْآيَة قال: [فأما الذين ابيضت وجوههم فأهل السنة والجماعة، وأما الذين اسودت وجوههم فأهل البدع والأهواء] اهـ.
- ثم إنه لما انتُدِب جماعة من علماء أصول الدين إلى تقرير عقائد السلف وبسط الكلام فيها ونصرتها وتدعيمها بالحجج والبراهين والرد على أهل الزيغ والإلحاد، وارتضى ما وصل إليه هؤلاء جماهيرُ أئمة الإسلام ونقلة الشرع الشريف عبر العصور إلى يومنا هذا، وتبعوهم عليه، وسلكوا مسالكهم، وانتسبوا إليهم، صار السواد الأعظم من المسلمين على هذا النحو، وقد روى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَاتَّبِعُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ، فَإِنَّهُ مَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ»، فكان اصطلاح أهل السنة والجماعة عَلَمًا على هؤلاء وأتباعهم في مقابل أهل الابتداع والانحراف.
- وسبب وصف أهل السنة بأنهم أهل الجماعة كونهم -كما يقول الإمام عبد القاهر البغدادي في "الفَرْق بين الفِرَق" (ص361، ط. المدني)-: [لا يُكَفِّر بعضهم بعضًا، وليس بينهم خلاف يوجب التبري والتكفير، فهم إذن أهل الجماعة القائمون بالحق، والله تعالى يحفظ الحق وأهله، فلا يقعون في تنابذ وتناقض، وليس فريق من فرق المخالفين إلا وفيهم تكفير بعضهم لبعض وتبري بعضهم من بعض؛ كالخوارج والروافض والقدرية؛ حتى اجتمع سبعة منهم في مجلس واحد فافترقوا عن تكفير بعضهم بعضًا] اهـ.
- قال العلامة ابن السبكي في "شرح عقيدة ابن الحاجب": [اعلم أن أهل السنة والجماعة كلهم قد اتفقوا على معتقد واحد فيما يجب ويجوز ويستحيل، وإن اختلفوا في الطرق والمبادي الموصلة لذلك، أو في لِمِّية ما هنالك. وبالجملة فهم بالاستقراء ثلاث طوائف:
- الأول: أهل الحديث، ومعتمد مباديهم: الأدلة السمعية؛ أعني: الكتاب، والسنة، والإجماع.
- الثانية: أهل النظر العقلي والصناعة الفكرية؛ وهم: الأشعرية، والحنفية. وشيخ الأشعرية: أبو الحسن الأشعري، وشيخ الحنفية: أبو منصور الماتريدي، وهم متفقون في المبادي العقلية في كل مطلب يتوقف السمع عليه، وفي المبادي السمعية فيما يدرك العقل جوازه فقط، والعقلية والسمعية في غيرها، واتفقوا في جميع المطالب الاعتقادية إلا في مسألة التكوين ومسألة التقليد.
- الثالثة: أهل الوجدان والكشف؛ وهم الصوفية، ومباديهم مبادي أهل النظر والحديث في البداية، والكشف والإلهام في النهاية] اهـ. نقلًا عن "إتحاف السادة المتقين" للزبيدي (2/ 6-7، ط. مؤسسة التاريخ العربي بلبنان).
- وقال العلامة السَّفَّاريني الحنبلي في "لوامع الأنوار البهية" (1/ 73، ط. مؤسسة الخافقين): [أهل السنة والجماعة ثلاث فرق: الأثرية: وإمامهم أحمد بن حنبل رضي الله عنه، والأشعرية: وإمامهم أبو الحسن الأشعري رحمه الله، والماتريدية: وإمامهم أبو منصور الماتريدي، وأما فرق الضلال فكثيرة جدًّا] اهـ.
- وقال الإمام المرتضى الزبيدي في "شرح الإحياء" (2/ 6): [إذا أُطْلِق أهل السنة والجماعة فالمراد بهم الأشاعرة والماتريدية] اهـ.
- وقال العلامة ابن عابدين في "حاشيته رد المحتار على الدر المختار" (1/ 48-49، ط. دار الكتب العلمية): (قوله -أي: الحصكفي-: عن معتقدنا) أي: عما نعتقد من غير المسائل الفرعية، مما يجب اعتقاده على كل مكلف بلا تقليد لأحد، وهو ما عليه أهل السنة والجماعة؛ وهم: الأشاعرة والماتريدية، وهم متوافقون إلا في مسائل يسيرة، أرجعها بعضهم إلى الخلاف اللفظي، كما بُيِّن في محله] اهـ.
فالإمام أبو الحسن الأشعري المتوفى ببغداد في الثلث الأول من القرن الرابع الهجري، هو أحد الذين قرروا العقائد الإسلامية، وردوا على طوائف المبتدعة، وقد صارت طريقته في تقرير العقائد هي الطريقة المعتمدة في الحواضر العلمية والجامعات الإسلامية العريقة؛ كالأزهر الشريف بمصر، والزيتونة بتونس، والقرويين بالمغرب، بالإضافة إلى المدارس الشرعية في الشام، والعراق، والمحاظر العلمية في شنقيط، وغيرها من أماكن الدرس في معظم الديار الإسلامية.
- وصرح الأئمة المحققون بمدحه وبتزكية منهجه وطريقته؛ من ذلك قول القاضي عِياض المالكي في "ترتيب المدارك" (5/ 24-25، ط. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب): [وصَنَّف لأهل السنة التصانيف، وأقام الحُجج على إثبات السنة وما نفاه أهل البدع من صفات الله تعالى، ورؤيته، وقدم كلامه، وقدرته، وأمور السمع الواردة؛ من الصراط والميزان والشفاعة والحوض وفتنة القبر التي نفت المعتزلة، وغير ذلك من مذاهب أهل السنة والحديث، فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل الواضحة العقلية، ودَفَعَ شُبَهَ المبتدعة ومَنْ بَعْدَهُم من الملحدة والرافضة، وصَنَّف في ذلك التصانيف المبسوطة التي نفع الله بها الأمة، وناظر المعتزلة، وكان يقصدهم بنفسه للمناظرة ... إلى أن قال: فلما كثرت تواليفه، وانتفع بقوله، وظهر لأهل الحديث والفقه ذَبُّهُ عن السنن والدين، تعلق بكتبه أهل السنة، وأخذوا عنه، ودرسوا عليه، وتفقهوا في طريقه، وكثر طلبته وأتباعه؛ لتَعَلُّم تلك الطرق في الذب عن السنة، وبَسْط الحُجَج والأدلة في نصر المِلَّة، فسُمُّوا باسمه، وتلاهم أتباعهم وطلبتهم، فعُرِفوا بذلك -يعني الأشاعرة-، وإنما كانوا يُعرَفون قبل ذلك بالمُثْبِتة، سِمةٌ عَرَّفتهم بها المبتدعة؛ إذ أثبتوا من السنة والشرع ما نَفَوه ... إلى أن قال: فأهل السنة من أهل المشرق والمغرب بحججه يحتجون وعلى منهاجه يذهبون، وقد أثنى عليه غير واحد منهم، وأثنَوا على مذهبه وطريقته] اهـ.
- وقال الإمام الحافظ الحُجَّة أبو بكر البيهقي: [إلى أن بلغت النوبة إلى شيخنا أبي الحسن الأشعري رحمه الله، فلم يحدث في دين الله حَدَثًا، ولم يأتِ فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين فنصرها بزيادة شرح وتبيين، وأن ما قالوا في الأصول وجاء به الشرع صحيح في العقول، خلاف ما زعم أهل الأهواء من أن بعضه لا يستقيم في الآراء، فكان في بيانه تقوية ما لم يدل عليه من أهل السنة والجماعة ونصره أقاويل من مضى من الأئمة؛ كأبي حنيفة وسفيان الثوري من أهل الكوفة، والأوزاعي وغيره من أهل الشام، ومالك والشافعي من أهل الحرمين، ومن نحا نحوهما من الحجاز وغيرها من سائر البلاد؛ وكأحمد بن حنبل وغيره من أهل الحديث، والليث بن سعد وغيره، وأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري إمامي أهل الآثار وحفاظ السنن التي عليها مدار الشرع، رضي الله عنهم أجمعين] اهـ. نقلًا عن "تبيين كذب المفتري" للحافظ ابن عساكر (ص103، ط. دار الكتاب العربي).
- وقال الإمام تاج الدين بن السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (3/ 365، ط. هجر): [اعلم أنَّ أبا الحسن لم يُبدِع رأيًا، ولم يُنشِ مذهبًا، وإنما هو مقرر لمذاهب السلف، مناضل عما كانت عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عَقَد على طريق السلف نطاقًا، وتمسك به، وأقام الحجج والبراهين عليه، فصار المقتَدي به في ذلك، السالك سبيله في الدلائل يسمى أشعريًّا] اهـ.
- وقال الإمام المايُرْقي المالكي: [ولم يكن أبو الحسن أول متكلم بلسان أهل السنة، إنما جرى على سَنَن غيره، وعلى نصرة مذهبٍ معروف، فزاد المذهب حجة وبيانًا، ولم يبتدع مقالة اخترعها ولا مذهبًا انفرد به؛ ألا ترى أن مذهب أهل المدينة نُسِب إلى مالك، ومن كان على مذهب أهل المدينة يقال له: مالكي، ومالك إنما جرى على سنن من كان قبله، وكان كثيرَ الاتِّباع لهم، إلا أنه لما زاد المذهب بيانًا وبسطًا عُزِي إليه، كذلك أبو الحسن الأشعري لا فرق، ليس له في مذهب السلف أكثر من بسطه وشرحه، وتواليفه في نصرته] اهـ.
نقلًا عن "طبقات الشافعية الكبرى "3/ 367.
- وقد ذكر شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام أن: [عقيدة الأشعري اجتمع عليها الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة، ووافقه على ذلك من أهل عصره شيخ المالكية في زمانه أبو عمرو بن الحاجب، وشيخ الحنفية جمال الدين الحصيري] اهـ. نقلًا عن "طبقات الشافعية الكبرى " 3/ 365
- وقال العلامة ابن السبكي أيضًا في "معيد النعم ومبيد النقم" (ص75، ط. الخانجي): [وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة -ولله الحمد- في العقائد يد واحدة كلهم على رأي أهل السنة والجماعة، يدينون لله تعالى بطريق شيخ السنة أبي الحسن الأشعري رحمه الله تعالى، لا يحيد عنها إلا رعاع من الحنفية والشافعية لحقوا بأهل الاعتزال، ورعاع من الحنابلة لحقوا بأهل التجسيم، وبرأ الله المالكية؛ فلم نرَ مالكيًّا إلا أشعريًّا عقيدة، وبالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول ورضوها عقيدة] اهـ.
- وقال الإمام أبو إسحاق الشيرازي: [وأبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة، وعامة أصحاب الشافعي على مذهبه، ومذهبه مذهب أهل الحق] اهـ. نقلًا عن "طبقات الشافعية الكبرى" (3/ 367).
ولهذا كله صار مصطلح أهل السنة والجماعة عَلَمًا على أتباعه، وعلى أتباع صِنوه الإمام أبي منصور الماتريدي، فمتى ما أطلق هذا المصطلح في كتب أهل العلم المعتبرين انصرف الذهن إليهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
[2] - مقدمة صحيح مسلم عن ابن سيرين
[3] - الخوارج هو مصطلح تاريخي على ثلاثة مجموعات من المسلمين خلال فترات زمنية مختلفة،
- معارضة سياسية تخرج على الحاكم
- وطائفة دينية منحرفة تفسر الدين بشكل مغلوط وتستبيح دماء المسلمين
- وغلاة متشددين يكفرون المسلمين
واستعمل مصطلح "الخوارج" أيضا من باب تكفير المسلمين المعارضين، فالجماعة السياسية المعارضة المتمردة على الحاكم يتم قتالها وإبادتها بتهمة انتماءها للخوارج وخروجها على الحاكم،
وتاريخياً
ظهر مصطلح الخوارج بعد فتنه مقتل عثمان خلال الحرب الأهلية الأولى بين علي ومعاوية والزبير ومعارضيهم والتي قتل فيها 100 ألف مسلم، وتربط المصادر التراثية بين حفظة القرآن في شبة الجزيرة العربية وبين الثوار المصريين الذين قتلو عثمان وبين أهل النهروان واتباع علي المنشقين عنه وتقول انهم خوارج
- ويرى بعض المشايخ أن المعني بالخوارج هم القرامطة الذين سرقوا الحجر الأسود وقتلوا 30 ألف مسلم من أهل مكة والحجاج
- والقرامطة هم فرقة إسماعيلية أقامت دولة إثر ثورة اجتماعية وسياسية ضد الدولة العباسية وانشقت من باقي الشيعة الإسماعيلية بعد رفضهم إمامة عبيد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية. أنشأ القرامطة دولتهم في بلاد البحرين (شرق شبه الجزيرة العربية). يعدها بعض الباحثين من أوائل الثورات الاشتراكية في العالم
- ويرى البعض ان الخوارج هم الخارجين من ملة الإسلام الذين يخرجون على المسلمين بالسيف
- كان أغلب الخوارج من "القراء" أي حفظة القرآن الكريم، وقد بايعوا علي بن أبي طالب بعد مقتل عثمان بن عفان . ثم خرج معاوية في جيش لملاقاة عليّ وكانت موقعة صفين. كاد جيش معاوية القادم من الشام أن ينهزم أمام جيش علي القادم من العراق فأمر عمرو بن العاص (قائد الجيش الشامي) الجيش: برفع المصاحف على أسنة الرماح، ثم طلبوا التحكيم لكتاب الله. شعر علي بن أبي طالب أن هذه خدعة لكنه قبل وقف القتال احتراما للقرآن الكريم وأيضا نتيجة رغبته في حقن الدماء،
- وبعد توقف القتال والتفاهم على أن يمثل أبو موسى الأشعري عليا بن أبي طالب ويمثل عمرو بن العاص معاوية بن أبي سفيان، وحددوا موعداً للتحكيم وفي طريق عودتهم إلى العراق خرج إثنا عشر ألف رجل من جيش علي يرفضون فكرة التحكيم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان في النزاع. فهم رأوا أن كتاب الله قد "حكم" في أمر هؤلاء "البغاة" (يقصدون معاوية وأنصاره) ومن ثم فلا يجوز تحكيم الرجال عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري - فيما حكم فيه الله فقالوا القولة المشهورة عنهم : "لا حكم إلا لله".
- ومن هنا أطلق عليهم "المُحَكِّمة". ما كان من عليّ إلا أن علق على عبارتهم تلك قائلا: "إنها كلمة حق يراد بها باطل". بعد اجتماع عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري نتج عنه تضعيف لشرعية عليّ وتعزيز لموقف معاوية، ازداد المُحَكِّمة يقينا بسلامة موقفهم وطالبوا عليّا برفض التحكيم ونتائجه والتحلل من شروطها، والنهوض لقتال معاوية. ولكن علي بن أبي طالب رفض ذلك قائلا: "ويحكم! أبعد الرضا والعهد والميثاق أرجع؟ أبعد أن كتبناه ننقضه؟ إن هذا لا يحل". وهنا انشق المُحَكِّمة عن عليّ، واختاروا لهم أميرا من الأزد وهو عبد الله بن وهب الراسبي.
كتب / محمد فوزى الصباغ
مصر - محافظة البحيرة - دمنهور
فى 20 من أبريل 2023م الموافق 29 من رمضان 1444هـ