مأوى النساء

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
برينجل - باتريك هاوس، واحد من أول مآوي ضحايا العنف المنزلي من النساء في الولايات المتحدة، تم بناؤه عام 1877

ويعني مصطلح مأوى النساء مكانًا للجوء المؤقت وتوفير الدعم للنساء الهاربات من العنف أو المواقف التي تنطوي على سوء المعاملة، مثل الاغتصاب والعنف المنزلي.

ولا شك أن التمتع بالقدرة على الخروج من موقف ينطوي على العنف أمر بالغ القيمة لمن يخضعون لهجوم. وهذه المواقف كثيرًا ما تتميز بعدم توازن القوى الذي يحد من الخيارات المالية المتاحة أمام الضحية. والوقت الأكثر خطورة لأي شخص يعاني من العنف المنزلي هي نقطة الخروج. فالشخص الذي يتعرض لموقف عنف منزلي يجب أن يضع خطة لسلامة الخروج، وذلك للتخلص من الموقف بطريقة آمنة.[1]

تُظهر عينات بيانات تمثيلية أجرتها مراكز مكافحة الأمراض واتّقائها تعرّض واحدة من كل ثلاث نساء لعنف جسدي خلال فترة حياتها،[2] وتعرّض واحدة من عشرة نساء لعنف جنسي،[2] وهنا يأتي دور مآوي النساء في مساعدة أولئك الضحايا على النجاة من أحداث مشابهة لعنف منزلي أو عنف حميمي من قبل الشريك، وتقوم مقام مكان لحمايتهن لدى اختيارهن تخطي تلك المآسي، كما تؤمن العديد من المآوي خدمات أخرى متنوعة لمساعدة النساء وأطفالهن، بما يتضمن الإرشاد النفسي والقانوني.[3]

وكاستجابة أولية لمواجهة العنف ضد النساء، يمكن أن يعمل مأوى النساء أيضًا كمكان للنساء يستطعن فيه التنظيم من أجل تحقيق المساواة،[4] والتي تمثل اختلافًا بالغ الأهمية مقارنة بالمناهج القياسية القائمة على الخدمات والممولة من الحكومة لمواجهة العنف المنزلي. يوجد في العديد من الولايات والمدن ائتلافات لمواجهة العنف المنزلي تدعم مآوي النساء.[5] ففي الولايات المتحدة، توفر الشبكة الوطنية للقضاء على العنف المنزلي صوتًا قوميًا يدعم توفير مآوي لضحايا العنف المنزلي إلى جانب موارد أخرى.[6]

معلومات تاريخية[عدل]

تم إنشاء مآوي النساء لتستضيف النساء الذين تمت إساءة معاملتهم بطريقة أو بأخرى، واللاتي تسعين إلى ملجأ يحميهن ممن أساء إليهن. ولا تعتبر مآوي النساء اللاتي تعرضن لإساءة المعاملة مفهومًا جديدًا. ففي اليابان الإقطاعية، كانت هناك بعض المعابد البوذية تعرف باسم كاكيكومي ديرا، وهي معابد للهروب حيث تستطيع السيدات اللاتي تعرضن لإساءة المعاملة اللجوء إليها قبل التقدم بدعوة لطلب الطلاق.[7][8]

وفي الغرب، توفرت أماكن الإقامة أثناء الأزمات للنساء لبعض الوقت. وفي عام 1964، تم افتتاح هافن هاوس، أول مأوى نساء «حديث» في العالم في ولاية كاليفورنيا.[9] وتم افتتاح شيسويك لمساعدة النساء، وهو أول مأوى معروف على نطاق واسع للنساء اللاتي يتعرضن للضرب في لندن، عام 1971 بواسطة إيرين بيزي.[10] وتم لاحقًا افتتاح مآوي أخرى في أماكن مثل كريستشيرش ونيوزيلاند وسيدني مع التفكير في نفس الأهداف.[11] تم افتتاح أول مأوى مشردين وخاصة من أجل النساء، وهو Rosie's Place في بوسطن، ماساتشوستس عام 1974 بواسطة كيب تيرنان.

أُنشئ مأوى النساء الأول من نوعه في كندا عام 1965 في هاملتون الواقعة في أونتاريو، سُمّي (Inasmuch)، وصُمم بشكل رئيسي ليكون مكاناً لتطبيق القيم المسيحية المتعلقة بالعدالة والرعاية، ورُغم الاعتقاد بدايةً بأنه مخصص للنساء الخارجات من السجن، ارتادته لاحقاً نساء هاربات من إساءة شركائهن.[12] من جهة أخرى أُقيمت المآوي الكندية الأولى الناشئة عن منظور نسوي في كندا عام 1973، وكانت هذه الدور عبارة عن منظمات صغيرة قامت على هبات قصيرة الأمد بدايةً، فعمل كادرها غالباً على مبدأ التضحية من أجل استمراريتها وضمن الأمان للنساء.[13]

التمويل[عدل]

معظم التمويل لمآوي النساء في الولايات المتحدة يأتي من الحكومة الفيدرالية، بنسبة تبلغ في المتوسط أربعين إلى خمسين بالمائة عام 2010.[14][15] وهذه المنح تتم إدارتها عبر مكتب مكافحة العنف ضد المرأة، وزارة الإسكان والتنمية الحضرية ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية.[16] وقد قامت العديد من الولايات بقطع التمويل المخصص لتوفير مآوي النساء. ففي عام 2009، قام الحاكم شوارزنيجر حاكم كاليفورنيا بقطع جميع تمويلات الولاية لبرامج مكافحة العنف المنزلي.[17] وفي وقت متأخر من عام 2011 قام حاكم واشنطن كريستين جريجوري بطرح اقتراح ميزانية يقضي بإيقاف جميع التمويلات من طرف الولاية لمكافحة العنف المنزلي وتوفير مآوي النساء في جميع أنحاء ولاية واشنطن.[18] وهذه الأنواع من عمليات قطع الميزانية جعلت العديد من مآوي النساء تغلق أبوابها، مما ترك النساء دون مأوى آمن للهروب من العنف. كما تقوم المجتمعات المحلية الآن بتولي مسؤولية إنشاء مكان آمن للاجئين الفارين من العنف المنزلي. في جراند فوركس، كولومبيا البريطانية، هناك مجتمع صغير يقل أفراده عن 3600 شخص قام بتنظيم ائتلاف نساء الحدود، وذلك لدعم قضية توفير مأوى محلي للنساء هناك.[19]

الضحايا الذكور[عدل]

في المملكة المتحدة، تم افتتاح المزيد من الأماكن لاستضافة الذكور من ضحايا العنف المنزلي، أو استضافة الأسر المحرومة من أي مأوى آخر، مثل النساء ذوات الأطفال الذكور الأكبر سنًا.[20] تؤكد مجموعة الحقوق المتساوية بالمملكة المتحدة التكافؤ على أن الرجال لا تتم معاملتهم على نحو عادل في توفير أماكن اللاجئين، مع توضيح أن هناك أماكن متوفرة لعدد 7500 سيدة لاجئة بينما الأماكن المخصصة للرجال تكفي 60 رجلاً فقط في إنجلترا وويلز.[21] وتعترض المؤسسات الخيرية الرجالية الأخرى مثل DYN Project وMen's Advice Line الرأي القائل إن معظم الضحايا من الضروري أن يريدوا أو يحتاجوا إلى ملاجئ للرجال فقط، مدعية أن القضية قد تم تمثيلها بطريقة غير صحيحة نتيجة لكراهية النساء بدلاً من السبب الحقيقي.[22]

وفي الولايات المتحدة ترفض العديد من مآوي النساء توفير الملجأ للرجال، وقد تم الاعتراض على هذا التمييز القائم على النوع في ولاية كاليفورنيا (بلامشورت ضد هيفين هيلز وآخرين، المحكمة العليا بلوس أنجلوس القضية رقم BC291977). ورغم ذلك، تم رفض القضية لأن المدعي افتقر إلى الأدلة القوية للمقاضاة نظرًا لأنه لم يكن بالفعل في علاقة تنطوي على إساءة المعاملة أو بحاجة إلى مأوى.[23]

التأثيرات[عدل]

عادة ما تعاني النساء من حالات عاطفية ذهنية جراء تعرضهن للإساءة، بما يتضمن اضطرابات القلق، والاكتئاب والاضطرابات الكربية التالية للرضح،[24] فتتأثر قدرتهن على عيش حياة طبيعية أو الحصول على فرص عمل،[25] وتحاول مآوي النساء أن تناهض هذه الآثار إلى جانب تفادي تعرض أولئك النساء لحالات إساءة جديدة في المستقبل، ولكن يمكن للاضطرابات الكربية التالية للرضح أن تعيق استفادة النساء من موارد هذه المآوي بشكل فعال.[24]

انتقادات[عدل]

تُبلغ نساء عديدات عن تعرّضهن للإساءة من جديد بعد مغادرتهن المأوى، ولدى إجراء بيبي وسوليفان لدراسة عينة حللت بيانات من 124 ضحية استخدمت مآوي للنساء، لم يجدا أي تأثير إيجابي لدى التعرض للإساءة من جديد بعد ثلاث سنوات من ارتياد هذه المآوي.[26]

كما أن المآوي المعيارية في الولايات المتحدة الأمريكية، ونظراً لمحدودية الموارد حالياً، لا تؤمن المعالجات النفسية أو التدبيرات للاضطرابات الكربية التالية للرضح الضرورية للدعم الكامل، علاوةً على قلة الكادر الممول وثنائي اللغة، وعدم كفاية المنشآت المخصصة.[27]

إن المآوي في أوروبا محدودة بشكل مشابه، ولا تحقق سوى ثماني دول المعايير الدنيا الضرورية التي حددتها اتفاقية إسطنبول،[28] ومن الانتقادات الأخرى الموجهة للمآوي الأوروبية أنها تفرض قيوداً عمرية صارمة تستبعد الأطفال الذكور، كما أن بعضها يميّز ضد النساء القادمات من بلدان أخرى، أو اللاتي يُعرّفن كمثليات أو متحولات جنس.[28]

انظر أيضًا[عدل]

  • الملجأ، مؤسسة خيرية بالمملكة المتحدة لمكافحة العنف المنزلي
  • مجموعة فيفوس

المراجع[عدل]

  1. ^ "What Can I do to be Safe". مؤرشف من الأصل في 2018-09-24. اطلع عليه بتاريخ 2012-05-23.
  2. ^ أ ب Breiding MJ, Chen J, Black MC. Intimate Partner Violence in the United States – 2010. Atlanta, GA: National Center for Injury Prevention and Control, Centers for Disease Control and Prevention; 2014.
  3. ^ Chanmugam, A. (2011). Perspectives on US Domestic Violence Emergency Shelters: What do Young Adolescent Residents and their Mothers Say?. Child Care In Practice, 17(4), 395. doi:10.1080/13575279.2011.596814
  4. ^ "Women's Shelters". مؤرشف من الأصل في 2019-01-01. اطلع عليه بتاريخ 2012-05-23.
  5. ^ "Office on Violence Against Women". مؤرشف من الأصل في 2014-07-13. اطلع عليه بتاريخ 2012-05-23.
  6. ^ "National Network to End Domestic Violence". مؤرشف من الأصل في 2017-08-06. اطلع عليه بتاريخ 2012-05-23.
  7. ^ "NPO tackles cybercrime as government drags its feet". The Japan Times Online. 2 May, 2001. مؤرشف من الأصل في 16 July 2012. اطلع عليه بتاريخ 9 June 2011. {{استشهاد بخبر}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  8. ^ Kaori Shoji (8 يوليو 2009). "It's still tough being a man, but it's a whole new ball game". The Japan Times Online. مؤرشف من الأصل في 2012-07-23. اطلع عليه بتاريخ 2011-06-09.
  9. ^ "jfsla.org". Jewish Family Service of Los Angeles. 29 مايو 2012. مؤرشف من الأصل في 2012-03-25. اطلع عليه بتاريخ 2012-06-05.[إخفاق التحقق]
  10. ^ Tierney، Kathleen (فبراير 1982). "The Battered Women Movement and the Creation of the Wife Beating Problem". Social Problems. ج. 29 ع. 3: 207–220. مؤرشف من الأصل في 2016-06-04. اطلع عليه بتاريخ 2012-05-29.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: التاريخ والسنة (link)
  11. ^ "Rotary Club Sydney CBD newsletter" (PDF). 2 يونيو 2008. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2009-10-14. اطلع عليه بتاريخ 2012-06-05.
  12. ^ "History - Mission Services of Hamilton". Mission Services of Hamilton (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2019-04-27. Retrieved 2017-05-09.
  13. ^ "The Haven Of Rest Ministries - Inasmuch House (for Women And Children)". www.shelterlistings.org (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2013-09-21. Retrieved 2017-05-09.
  14. ^ Galen، E. (25 يناير 2012). "US budget cuts devastate shelters for victims of domestic violence". مؤرشف من الأصل في 2012-07-27.
  15. ^ Varolli، Regina (6 يناير 2010). "Federal Funding for Safe Havens Not Tracked". Women's News. مؤرشف من الأصل في 2016-01-06. اطلع عليه بتاريخ 2013-01-06.
  16. ^ "Office on Violence Against Women". مؤرشف من الأصل في 2014-07-13.
  17. ^ "CA Governor Eliminates State Funding to Domestic Violence Programs". مؤرشف من الأصل في 15 يوليو 2012. اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 2020. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  18. ^ Dunivan، Casey (15 ديسمبر 2011). "The bully pulpit: State to eliminate domestic violence shelters". Caseyspulpit.blogspot.com. مؤرشف من الأصل في 2012-04-26. اطلع عليه بتاريخ 2012-06-05.
  19. ^ "EWU Ezproxy". Chatelaine. ج. 66 ع. 11: 46. 11/1993. مؤرشف من الأصل في 2019-12-11. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-10. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: التاريخ والسنة (link)
  20. ^ "First refuges for battered husbands offer support to male victims". dailymail.co.uk. 16 فبراير 2009. مؤرشف من الأصل في 2016-06-10. اطلع عليه بتاريخ 2010-09-13.
  21. ^ Campbell, Denis (5 سبتمبر 2010). "More than 40% of domestic violence victims are male, report reveals". The Observer. مؤرشف من الأصل في 2013-07-25. اطلع عليه بتاريخ 2010-09-13.
  22. ^ House of Commons (20 May 2008) House of Commons Sixth Report House of Commons. Retrieved February 4, 2012. نسخة محفوظة 26 أكتوبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  23. ^ "Clinic Helps Keep Women-Only Shelters From Being Defunded". Berkeley Law. مؤرشف من الأصل في 2014-11-09. اطلع عليه بتاريخ 2012-06-04.
  24. ^ أ ب McNulty, M., Crowe, T., Kroening, C., VanLeit, B., & Good, R. (2009). Time use of women with children living in an emergency homeless shelter for survivors of domestic violence. OTJR: Occupation, Participation & Health, 29(4), 183 8p.
  25. ^ Perez, S., Johnson, D. M., & Wright, C. V. (2012). The Attenuating Effect of Empowerment on IPV-Related PTSD Symptoms in Battered Women Living in Domestic Violence Shelters. Violence Against Women, 18(1), 102–117 16p. doi:10.1177/1077801212437348
  26. ^ Bybee, D., Sullivan, C. (. (0001). Predicting re-victimization of battered women 3 years after exiting a shelter program (English). American Journal of Community Psychology, 36(1–2), 85–96.
  27. ^ Roberts, A. R., & Lewis, S. J. (2000). Giving them shelter: National organizational survey of shelters for battered women and their children. Journal of Community Psychology, 28(6), 669–681.
  28. ^ أ ب Logar، Rosa (1 يناير 2016). "WAVE Report 2015" (PDF). WAVE – Women against Violence Europe, Bacherplatz 10/6, A-1050 Vienna. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2019-01-17. اطلع عليه بتاريخ 2016-05-17.

وصلات خارجية[عدل]