محمد بن عبد الرحمن: الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
اصلاح وسائط قالب:مرجع كتاب
سطر 29: سطر 29:


== نشأته ==
== نشأته ==
ولد محمد بن عبد الرحمن للأمير عبد الرحمن بن الحكم من أم ولد تدعى تهتز،<ref>{{Harvnb|رسائل ابن حزم2|1987|p=192}}</ref> وقيل بهير في ذي القعدة من عام 207 هـ.<ref name="عذاري93">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=93}}</ref>
ولد محمد بن عبد الرحمن للأمير عبد الرحمن بن الحكم من أم ولد تدعى تهتز،<ref>{{Harvard citation no brackets|رسائل ابن حزم2|1987|p=192}}</ref> وقيل بهير في ذي القعدة من عام 207 هـ.<ref name="عذاري93">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=93}}</ref>


ولاه أبيه على [[سرقسطة]]، كما صحب محمد أباه في غزوته إلى بنبلونة عام 228 هـ، كما ندبه أباه لمقابلة رسل ملك الإفرنج.<ref>{{Harvnb|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|1997|p=289}}</ref> وفي عام 231 هـ، أرسل الأمير عبد الرحمن جيشًا بقيادة ابنه محمد لمحاصرة مدينة [[ليون (إسبانيا)|ليون]]، فضيّق عليها، مما أضطر الكثير من أهلها إلى الفرار واللجوء للجبال.<ref name="عذاري88">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=88}}</ref> كما استخدمه والده عام 232 هـ، لقتال [[موسى بن موسى]] في [[تطيلة]]، بعد أن ثار موسى على الأمير عبد الرحمن وتحالف مع [[باسكيون|البشكنس]]، فقاتل محمد حتى طلب موسى الصلح، فأجازه الأمير عبد الرحمن. ثم سار محمد إلى [[بنبلونة]]، فأوقع بالبشكنس الخسائر، وعاد غانمًأ إلى قرطبة.<ref name="المقتبس143">{{Harvnb|ابن حيان القرطبي| Ref =المقتبس من أنباء أهل الأندلس|1994|p=143}}</ref> وبعد وفاة أبيه، تولى محمد بن عبد الرحمن في يوم الخميس 3 ربيع الآخر 238 هـ الإمارة بعهد من أبيه.<ref name="أخبار131">{{Harvnb|مؤلف مجهول| Ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس|1989|p=131}}</ref>
ولاه أبيه على [[سرقسطة]]، كما صحب محمد أباه في غزوته إلى بنبلونة عام 228 هـ، كما ندبه أباه لمقابلة رسل ملك الإفرنج.<ref>{{Harvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|1997|p=289}}</ref> وفي عام 231 هـ، أرسل الأمير عبد الرحمن جيشًا بقيادة ابنه محمد لمحاصرة مدينة [[ليون (إسبانيا)|ليون]]، فضيّق عليها، مما أضطر الكثير من أهلها إلى الفرار واللجوء للجبال.<ref name="عذاري88">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=88}}</ref> كما استخدمه والده عام 232 هـ، لقتال [[موسى بن موسى]] في [[تطيلة]]، بعد أن ثار موسى على الأمير عبد الرحمن وتحالف مع [[باسكيون|البشكنس]]، فقاتل محمد حتى طلب موسى الصلح، فأجازه الأمير عبد الرحمن. ثم سار محمد إلى [[بنبلونة]]، فأوقع بالبشكنس الخسائر، وعاد غانمًأ إلى قرطبة.<ref name="المقتبس143">{{Harvard citation no brackets|ابن حيان القرطبي| Ref =المقتبس من أنباء أهل الأندلس|1994|p=143}}</ref> وبعد وفاة أبيه، تولى محمد بن عبد الرحمن في يوم الخميس 3 ربيع الآخر 238 هـ الإمارة بعهد من أبيه.<ref name="أخبار131">{{Harvard citation no brackets|مؤلف مجهول| Ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس|1989|p=131}}</ref>


== عهده ==
== عهده ==
=== الثورات ===
=== الثورات ===
في بداية عهده، ثار أهل [[طليطلة]]، وحبسوا عامل الأمير، فأرسل لهم الأمير محمد أخاه الحكم بن عبد الرحمن بحملة لتأمين أهالي [[قلعة رباح]] الذين فرّوا من مدينتهم خوفًا من أهل طليطلة، فنزل بالمدينة، وأمّن أهلها، ودعّم تحصيناتها. كما أرسل الأمير بجيش آخر لقتال أهل طليطلة، إلا أن تلك الحملة انهزمت. فخرج لهم الأمير محمد بنفسه في العام التالي 240 هـ، وحين علموا بخروجه، أرسلوا [[أردونيو الأول ملك أستورياس]] يستمدونه، فبعث لهم بقوات بقيادة شقيقه، فالتقاهم محمد بجيشه ووقعت [[معركة وادي سليط]]، وكان النصر للأمير على أهل طليطلة وحلفائهم.<ref>{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=94-95}}</ref> وفي عام 242 هـ، بعث بجيش بقيادة ابنه [[المنذر بن محمد|المنذر]]، حاصر المدينة وضيّق على أهلها.<ref name="عذاري96"/>
في بداية عهده، ثار أهل [[طليطلة]]، وحبسوا عامل الأمير، فأرسل لهم الأمير محمد أخاه الحكم بن عبد الرحمن بحملة لتأمين أهالي [[قلعة رباح]] الذين فرّوا من مدينتهم خوفًا من أهل طليطلة، فنزل بالمدينة، وأمّن أهلها، ودعّم تحصيناتها. كما أرسل الأمير بجيش آخر لقتال أهل طليطلة، إلا أن تلك الحملة انهزمت. فخرج لهم الأمير محمد بنفسه في العام التالي 240 هـ، وحين علموا بخروجه، أرسلوا [[أردونيو الأول ملك أستورياس]] يستمدونه، فبعث لهم بقوات بقيادة شقيقه، فالتقاهم محمد بجيشه ووقعت [[معركة وادي سليط]]، وكان النصر للأمير على أهل طليطلة وحلفائهم.<ref>{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=94-95}}</ref> وفي عام 242 هـ، بعث بجيش بقيادة ابنه [[المنذر بن محمد|المنذر]]، حاصر المدينة وضيّق على أهلها.<ref name="عذاري96"/>


وفي عام 254 هـ، خرج الأمير محمد بحملة أخضع بها تمرد [[ماردة]]، وصالحه أهلها على أن يخرج عددًا من قادتهم منهم [[عبد الرحمن بن مروان الجليقي]] بعائلاتهم إلى قرطبة. وفي عام 256 هـ، أرسل حملة إلى [[وشقة]]، لإخضاع تمرد عاملها عمروس بن عمر بن عمروس، الذي فرّ من المدينة قبل أن تصلها قوات الأمير.<ref name="عذاري100"/> وفي عام 258 هـ، غدر [[بنو قسي]] بعاملي الأمير على [[تطيلة]] و[[سرقسطة]]، فخرج لهم الأمير بنفسه عام 259 هـ، وأسر منهم جماعة، وقدم بهم إلى قرطبة، ثم أمر بأن تضرب أعناق مطرف بن موسى وأولاده.<ref name="عذاري101">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=101}}</ref> وفي عام 260 هـ، أخرج ابنه المنذر وقائده [[هاشم بن عبد العزيز]] إلى سرقسطة، فأخضعا تمردها.<ref name="عذاري102">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=102}}</ref>
وفي عام 254 هـ، خرج الأمير محمد بحملة أخضع بها تمرد [[ماردة]]، وصالحه أهلها على أن يخرج عددًا من قادتهم منهم [[عبد الرحمن بن مروان الجليقي]] بعائلاتهم إلى قرطبة. وفي عام 256 هـ، أرسل حملة إلى [[وشقة]]، لإخضاع تمرد عاملها عمروس بن عمر بن عمروس، الذي فرّ من المدينة قبل أن تصلها قوات الأمير.<ref name="عذاري100"/> وفي عام 258 هـ، غدر [[بنو قسي]] بعاملي الأمير على [[تطيلة]] و[[سرقسطة]]، فخرج لهم الأمير بنفسه عام 259 هـ، وأسر منهم جماعة، وقدم بهم إلى قرطبة، ثم أمر بأن تضرب أعناق مطرف بن موسى وأولاده.<ref name="عذاري101">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=101}}</ref> وفي عام 260 هـ، أخرج ابنه المنذر وقائده [[هاشم بن عبد العزيز]] إلى سرقسطة، فأخضعا تمردها.<ref name="عذاري102">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=102}}</ref>


وفي عام 261 هـ، فرّ عبد الرحمن بن مروان الجليقي ورجال ماردة من قرطبة، ولجأوا إلى [[قلعة الحنش]]،<ref>{{Harvnb|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|1997|p=304}}</ref> فخرج لهم الأمير وحاصرهم 3 شهور، حتى طلبوا الأمان، فأمنهم محمد بن عبد الرحمن، وأجازهم على أن يقيموا في [[بطليوس]].<ref name="عذاري102"/> إلا أنه عاد للتمرد في العام التالي، فأرسل له الأمير ابنه المنذر وقائده هاشم بن عبد العزيز، فحاصره في حصن كركي. وأرسل ابن مروان [[ألفونسو الثالث ملك أستورياس|لملك أستورياس]] يستمده، فأمده بقوة، تصدى لها ابن عبد العزيز، في معركة هُزم فيها هاشم وأُسر، ولم يفك أسره إلا بعد عامين.<ref name="عذاري103">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=103}}</ref> وفي عام 263 هـ، أرسل الأمير ابنه المنذر لقتال ابن مروان ثانيةً، ففر منه ابن مروان، ولجأ إلى ألفونسو الثالث.<ref name="عذاري103"/> وفي عام 264 هـ، أرسل محمد بن عبد الرحمن ابنه المنذر إلى سرقسطة وتطيلة، لقتال بني قسي، فهزمهم. وفي عام 265 هـ، ثار يحيى الجزيري في كورة [[رية]] والجزيرة الخضراء وتاكرنا، فأخرج له الأمير حملة بقيادة هاشم بن عبد العزيز، هزمته وأسرته وجلبته إلى قرطبة.<ref name="عذاري103"/>
وفي عام 261 هـ، فرّ عبد الرحمن بن مروان الجليقي ورجال ماردة من قرطبة، ولجأوا إلى [[قلعة الحنش]]،<ref>{{Harvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|1997|p=304}}</ref> فخرج لهم الأمير وحاصرهم 3 شهور، حتى طلبوا الأمان، فأمنهم محمد بن عبد الرحمن، وأجازهم على أن يقيموا في [[بطليوس]].<ref name="عذاري102"/> إلا أنه عاد للتمرد في العام التالي، فأرسل له الأمير ابنه المنذر وقائده هاشم بن عبد العزيز، فحاصره في حصن كركي. وأرسل ابن مروان [[ألفونسو الثالث ملك أستورياس|لملك أستورياس]] يستمده، فأمده بقوة، تصدى لها ابن عبد العزيز، في معركة هُزم فيها هاشم وأُسر، ولم يفك أسره إلا بعد عامين.<ref name="عذاري103">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=103}}</ref> وفي عام 263 هـ، أرسل الأمير ابنه المنذر لقتال ابن مروان ثانيةً، ففر منه ابن مروان، ولجأ إلى ألفونسو الثالث.<ref name="عذاري103"/> وفي عام 264 هـ، أرسل محمد بن عبد الرحمن ابنه المنذر إلى سرقسطة وتطيلة، لقتال بني قسي، فهزمهم. وفي عام 265 هـ، ثار يحيى الجزيري في كورة [[رية]] والجزيرة الخضراء وتاكرنا، فأخرج له الأمير حملة بقيادة هاشم بن عبد العزيز، هزمته وأسرته وجلبته إلى قرطبة.<ref name="عذاري103"/>


وفي عام 267 هـ، كانت بداية ثورة [[عمر بن حفصون]] في كورة رية، بثورته على عامل الأمير وطرده،<ref name="عذاري104">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=104}}</ref> إلى أن غزاه هاشم بن عبد العزيز، وهو في جبل [[ببشتر]] عام 270 هـ، حيث طلب الأمان، فأمنه الأمير على أن يسكن قرطبة. وفي العام التالي 271 هـ، فر عمر بن حفصون إلى جبل ببشتر، فأرسل له حملة في عام 272 هـ حاصرته.<ref name="عذاري105">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=105}}</ref> كما أرسل الأمير في نفس العام حملة أخرى لقتال ابن مروان الجليقي، بقيادة ابنه [[عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن|عبد الله]] ووزيره هاشم بن عبد العزيز.<ref name="عذاري105"/> وفي عام 273 هـ، أرسل الأمير ابنه المنذر لقتال بني رفاعة المتمردين في كورة رية، وبينما هو محاصرهم، أتاه خبر وفاة الأمير محمد بن عبد الرحمن.<ref name="عذاري106">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=106}}</ref>
وفي عام 267 هـ، كانت بداية ثورة [[عمر بن حفصون]] في كورة رية، بثورته على عامل الأمير وطرده،<ref name="عذاري104">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=104}}</ref> إلى أن غزاه هاشم بن عبد العزيز، وهو في جبل [[ببشتر]] عام 270 هـ، حيث طلب الأمان، فأمنه الأمير على أن يسكن قرطبة. وفي العام التالي 271 هـ، فر عمر بن حفصون إلى جبل ببشتر، فأرسل له حملة في عام 272 هـ حاصرته.<ref name="عذاري105">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=105}}</ref> كما أرسل الأمير في نفس العام حملة أخرى لقتال ابن مروان الجليقي، بقيادة ابنه [[عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن|عبد الله]] ووزيره هاشم بن عبد العزيز.<ref name="عذاري105"/> وفي عام 273 هـ، أرسل الأمير ابنه المنذر لقتال بني رفاعة المتمردين في كورة رية، وبينما هو محاصرهم، أتاه خبر وفاة الأمير محمد بن عبد الرحمن.<ref name="عذاري106">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=106}}</ref>


=== المعارك الخارجية ===
=== المعارك الخارجية ===
في عام 240 هـ، حاولت سفن [[نورمان|النورمان]] غزو غرب الأندلس بأربع وستين مركبًا، لكنهم فوجئوا باستعدادات سفن المسلمين التي كان الأمير [[عبد الرحمن الأوسط]] قد أمر بإعدادها بعد غزو النورمان الأول لغرب الأندلس في عام 230 هـ، وحاول مركبين أن يجوزا، فاعترضتهم سفن المسلمين بالقرب من [[باجة (البرتغال)|باجة]]، وأسرتهما. فاستكملت سفن النورمان حركتها حتى مصب نهر [[الوادي الكبير]] في [[إشبيلية]]، فلقيوا مقاومة أيضًا، فتقدموا إلى [[الجزيرة الخضراء (إسبانيا)|الجزيرة الخضراء]] وتغلبوا عليها وأحرقوا مسجدها. ثم انصرفوا إلى [[المغرب]]، ومنه إلى ساحل [[تدمير]]، فحصن [[أريولة]]، ومنه إلى جنوب [[فرنسا]]، ثم اعترضتهم سفن المسلمين مرة أخرى في طريق عودتهم وكانوا قد فقدوا نحو أربعين مركبًا من مراكبهم، فأسروا منها اثنين بالقرب من [[شذونة]].<ref>{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=96-97}}</ref>
في عام 240 هـ، حاولت سفن [[نورمان|النورمان]] غزو غرب الأندلس بأربع وستين مركبًا، لكنهم فوجئوا باستعدادات سفن المسلمين التي كان الأمير [[عبد الرحمن الأوسط]] قد أمر بإعدادها بعد غزو النورمان الأول لغرب الأندلس في عام 230 هـ، وحاول مركبين أن يجوزا، فاعترضتهم سفن المسلمين بالقرب من [[باجة (البرتغال)|باجة]]، وأسرتهما. فاستكملت سفن النورمان حركتها حتى مصب نهر [[الوادي الكبير]] في [[إشبيلية]]، فلقيوا مقاومة أيضًا، فتقدموا إلى [[الجزيرة الخضراء (إسبانيا)|الجزيرة الخضراء]] وتغلبوا عليها وأحرقوا مسجدها. ثم انصرفوا إلى [[المغرب]]، ومنه إلى ساحل [[تدمير]]، فحصن [[أريولة]]، ومنه إلى جنوب [[فرنسا]]، ثم اعترضتهم سفن المسلمين مرة أخرى في طريق عودتهم وكانوا قد فقدوا نحو أربعين مركبًا من مراكبهم، فأسروا منها اثنين بالقرب من [[شذونة]].<ref>{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=96-97}}</ref>


وفي عام 241 هـ، خرج الأمير محمد لغزو [[ألافا (مقاطعة)|ألبة]] و[[قشتالة (منطقة تاريخية)|القلاع]]، وعاد من حملته تلك غانمًا.<ref name="عذاري95">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=95}}</ref> وفي العام التالي 242 هـ، أمر [[موسى بن موسى]] بحشد الجموع، وغزو [[برشلونة]]، فافتتح فيها حصن طراجة وغنم من غزوته تلك.<ref name="عذاري95"/>
وفي عام 241 هـ، خرج الأمير محمد لغزو [[ألافا (مقاطعة)|ألبة]] و[[قشتالة (منطقة تاريخية)|القلاع]]، وعاد من حملته تلك غانمًا.<ref name="عذاري95">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=95}}</ref> وفي العام التالي 242 هـ، أمر [[موسى بن موسى]] بحشد الجموع، وغزو [[برشلونة]]، فافتتح فيها حصن طراجة وغنم من غزوته تلك.<ref name="عذاري95"/>


وفي عام 246 هـ، أغزى الأمير محمد أحد قواده إلى [[بنبلونة]]، فهزم قوات [[غارسيا إنيغيز ملك نافارا]] المتحالفة مع قوات أردونيو الأول ملك أستورياس، وأسر [[فرتون غارسيز ملك نافارا|فرتون]] ابن غارسيا، الذي ظل أسيرًا في قرطبة لعشرين عام.<ref name="عذاري97">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=97}}</ref> وفي عام 249 هـ، أغزى الأمير ابنه عبد الرحمن وقائده عبد الملك بن العباس ألبة والقلاع، فوقعت بين المسلمين وقوات أستورياس بقيادة أخ لملكهم أردونيو معركة انتهت بنصر المسلمين.<ref name="عذاري98">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=98}}</ref> كما أغزى محمد بن عبد الرحمن ابنه عبد الرحمن إلى ألبة والقلاع في عامي 251 هـ و 252 هـ، فعاد منها منتصرًا، ثم أتبعها الأمير بغزوة خرج فيها بنفسه في عام 253 هـ.<ref>{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=98-99}}</ref>
وفي عام 246 هـ، أغزى الأمير محمد أحد قواده إلى [[بنبلونة]]، فهزم قوات [[غارسيا إنيغيز ملك نافارا]] المتحالفة مع قوات أردونيو الأول ملك أستورياس، وأسر [[فرتون غارسيز ملك نافارا|فرتون]] ابن غارسيا، الذي ظل أسيرًا في قرطبة لعشرين عام.<ref name="عذاري97">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=97}}</ref> وفي عام 249 هـ، أغزى الأمير ابنه عبد الرحمن وقائده عبد الملك بن العباس ألبة والقلاع، فوقعت بين المسلمين وقوات أستورياس بقيادة أخ لملكهم أردونيو معركة انتهت بنصر المسلمين.<ref name="عذاري98">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=98}}</ref> كما أغزى محمد بن عبد الرحمن ابنه عبد الرحمن إلى ألبة والقلاع في عامي 251 هـ و 252 هـ، فعاد منها منتصرًا، ثم أتبعها الأمير بغزوة خرج فيها بنفسه في عام 253 هـ.<ref>{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=98-99}}</ref>


=== أحداث في عهده ===
=== أحداث في عهده ===
شهد بداية عهد الأمير محمد، استمرار الأحداث التي بدأت في نهاية عهد أبيه، من إقدام جماعة من [[مسيحيون|المسيحيين]] على تحدي سلطات ومشاعر المسلمين عن طريق سب [[إسلام|الدين الإسلامي]] وسب [[محمد|نبيه]]، والتي كان ورائها قس مسيحي يدعى [[القديس يولوجيوس|إيولوخيو]] الذي ألّب بعض مسيحيي قرطبة وأثارهم ضد المسلمين، ودون كتيبًا بعنوان [[شهداء قرطبة (مسيحية)|شهداء قرطبة]] جمع فيه الأحكام التي صدرت بإعدام 48 مسيحيًا بعضهم من الرهبان والكهنة [[كنيسة الروم الكاثوليك|الكاثوليك]] في [[الأندلس]] في الفترة بين عامي 236 هـ/851 م-244 هـ/859 م، بتهمة سب الدين الإسلامي وسب نبيه، إضافة إلى المسلمين أو أبناء التزاوج بين المسلمين والمسيحيات الذين ارتدوا عن الإسلام.<ref>[http://www.gutenberg.org/files/15262/15262-h/15262-h.htm#CHAPTER_IV christianity & islam in spain (A.D. 756-1031 by C.R. Haines, M.A CHAPTER IV]</ref>
شهد بداية عهد الأمير محمد، استمرار الأحداث التي بدأت في نهاية عهد أبيه، من إقدام جماعة من [[مسيحيون|المسيحيين]] على تحدي سلطات ومشاعر المسلمين عن طريق سب [[إسلام|الدين الإسلامي]] وسب [[محمد|نبيه]]، والتي كان ورائها قس مسيحي يدعى [[القديس يولوجيوس|إيولوخيو]] الذي ألّب بعض مسيحيي قرطبة وأثارهم ضد المسلمين، ودون كتيبًا بعنوان [[شهداء قرطبة (مسيحية)|شهداء قرطبة]] جمع فيه الأحكام التي صدرت بإعدام 48 مسيحيًا بعضهم من الرهبان والكهنة [[كنيسة الروم الكاثوليك|الكاثوليك]] في [[الأندلس]] في الفترة بين عامي 236 هـ/851 م-244 هـ/859 م، بتهمة سب الدين الإسلامي وسب نبيه، إضافة إلى المسلمين أو أبناء التزاوج بين المسلمين والمسيحيات الذين ارتدوا عن الإسلام.<ref>[http://www.gutenberg.org/files/15262/15262-h/15262-h.htm#CHAPTER_IV christianity & islam in spain (A.D. 756-1031 by C.R. Haines, M.A CHAPTER IV]</ref>


وكان من أحداث عهده أيضًا مجاعتين شديدتين عام 253 هـ<ref name="عذاري100">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=100}}</ref> وعام 260 هـ،<ref name="القوطية100">{{Harvnb|ابن القوطية| Ref =تاريخ افتتاح الأندلس|1989|p=100}}</ref> كما ضرب الأندلس [[زلزال|زلزالاً]] شديدًا عام 267 هـ.<ref name="عذاري104"/>
وكان من أحداث عهده أيضًا مجاعتين شديدتين عام 253 هـ<ref name="عذاري100">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=100}}</ref> وعام 260 هـ،<ref name="القوطية100">{{Harvard citation no brackets|ابن القوطية| Ref =تاريخ افتتاح الأندلس|1989|p=100}}</ref> كما ضرب الأندلس [[زلزال|زلزالاً]] شديدًا عام 267 هـ.<ref name="عذاري104"/>


== وفاته وأولاده ==
== وفاته وأولاده ==
توفي في الأول من ربيع الأول لعام 273 هـ<ref name="أخبار131"/> في قرطبة، ودفن [[قصر قرطبة|بالقصر]]، وصلّى عليه ولده المنذر.<ref name="عذاري106"/> وكان له ثلاث وثلاثون ولدًا منهم [[المنذر بن محمد|المنذر]] و[[عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن|عبد الله]] والعاصي والقاسم وعبيد الله وإبراهيم وأحمد وهشام والمطرّف وعثمان،<ref>{{Harvnb|ابن حزم1| Ref =جمهرة أنساب العرب|1982|p=99}}</ref> وعبد الرحمن،<ref name="الحلة162">{{Harvnb|ابن الأبار| Ref =الحلة السيراء - الجزء الأول|1985|p=162}}</ref> ومسلمة والأصبغ،<ref name="الحلة366">{{Harvnb|ابن الأبار| Ref =الحلة السيراء - الجزء الثاني|1985|p=366}}</ref> وإحدى وعشرين بنتًا.<ref name="عذاري94"/>
توفي في الأول من ربيع الأول لعام 273 هـ<ref name="أخبار131"/> في قرطبة، ودفن [[قصر قرطبة|بالقصر]]، وصلّى عليه ولده المنذر.<ref name="عذاري106"/> وكان له ثلاث وثلاثون ولدًا منهم [[المنذر بن محمد|المنذر]] و[[عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن|عبد الله]] والعاصي والقاسم وعبيد الله وإبراهيم وأحمد وهشام والمطرّف وعثمان،<ref>{{Harvard citation no brackets|ابن حزم1| Ref =جمهرة أنساب العرب|1982|p=99}}</ref> وعبد الرحمن،<ref name="الحلة162">{{Harvard citation no brackets|ابن الأبار| Ref =الحلة السيراء - الجزء الأول|1985|p=162}}</ref> ومسلمة والأصبغ،<ref name="الحلة366">{{Harvard citation no brackets|ابن الأبار| Ref =الحلة السيراء - الجزء الثاني|1985|p=366}}</ref> وإحدى وعشرين بنتًا.<ref name="عذاري94"/>


== أعماله ==
== أعماله ==
في عام 250 هـ، تمت الزيادة التي أضافها الأمير عبد الرحمن في [[جامع قرطبة]] في عهد ابنه الأمير محمد،<ref name="القوطية88">{{Harvnb|ابن القوطية| Ref =تاريخ افتتاح الأندلس|1989|p=88}}</ref> كما زاد في مسجد [[سرقسطة]] الجامع من فيء غزوة موسى بن موسى على برشلونة.<ref name="عذاري96">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=96}}</ref> كما أصلح جامع [[إستجة]]، وجامع [[شذونة]]، وعني بتجديد منية الرصافة التي أنشأها الأمير [[عبد الرحمن الداخل]]، وجدد حدائقها ومتنزهاتها.<ref>{{Harvnb|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|1997|p=314}}</ref>
في عام 250 هـ، تمت الزيادة التي أضافها الأمير عبد الرحمن في [[جامع قرطبة]] في عهد ابنه الأمير محمد،<ref name="القوطية88">{{Harvard citation no brackets|ابن القوطية| Ref =تاريخ افتتاح الأندلس|1989|p=88}}</ref> كما زاد في مسجد [[سرقسطة]] الجامع من فيء غزوة موسى بن موسى على برشلونة.<ref name="عذاري96">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=96}}</ref> كما أصلح جامع [[إستجة]]، وجامع [[شذونة]]، وعني بتجديد منية الرصافة التي أنشأها الأمير [[عبد الرحمن الداخل]]، وجدد حدائقها ومتنزهاتها.<ref>{{Harvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|1997|p=314}}</ref>


كان محبًا للعلماء، حاميًا لهم. فيروى أن [[بقي بن مخلد]] حين دخل الأندلس ب[[مصنف ابن أبي شيبة]] من الشرق،<ref name="المقري519">{{Harvnb|المقري| Ref =نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب-المجلد الثاني|1968|p=519}}</ref> وقرأه على الناس فاستنكروه وحاولوا منعه. وحين علم الأمير محمد بذلك، أرسل في طلبه هو وكتابه، وتصفحه، وأمر بنسخ الكتاب إلى خزائنه، وأمر بقي بنشر ما في كتابه، ونهى الناس أن يتعرضوا له.<ref>{{Harvnb|رسائل ابن حزم2|1987|p=192-193}}</ref> وكان من جملة من دخل الأندلس في عهده [[الأشتر النخعي]].<ref name="المقري143">{{Harvnb|المقري| Ref =نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب-المجلد الثالث|1968|p=143}}</ref>
كان محبًا للعلماء، حاميًا لهم. فيروى أن [[بقي بن مخلد]] حين دخل الأندلس ب[[مصنف ابن أبي شيبة]] من الشرق،<ref name="المقري519">{{Harvard citation no brackets|المقري| Ref =نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب-المجلد الثاني|1968|p=519}}</ref> وقرأه على الناس فاستنكروه وحاولوا منعه. وحين علم الأمير محمد بذلك، أرسل في طلبه هو وكتابه، وتصفحه، وأمر بنسخ الكتاب إلى خزائنه، وأمر بقي بنشر ما في كتابه، ونهى الناس أن يتعرضوا له.<ref>{{Harvard citation no brackets|رسائل ابن حزم2|1987|p=192-193}}</ref> وكان من جملة من دخل الأندلس في عهده [[الأشتر النخعي]].<ref name="المقري143">{{Harvard citation no brackets|المقري| Ref =نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب-المجلد الثالث|1968|p=143}}</ref>


اهتم الأمير محمد بتحصين الثغور، فابتنى حصن [[شنت إشتيبن]] لحماية [[مدينة سالم]]، وشيد حصني: طلمنكة و[[مدريد|مجريط]] بمنطقة [[غوادالاخارا (إسبانيا)|وادي الحجارة]] للدفاع عن طليطلة، على الرغم من إلغائه ضريبة الحشود التي كانت تجمع لتمويل الحملات العسكرية، واكتفى بدعوة رعاياه إلى التطوع و[[جهاد|الجهاد]].<ref>{{Harvnb|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|1997|p=311}}</ref>
اهتم الأمير محمد بتحصين الثغور، فابتنى حصن [[شنت إشتيبن]] لحماية [[مدينة سالم]]، وشيد حصني: طلمنكة و[[مدريد|مجريط]] بمنطقة [[غوادالاخارا (إسبانيا)|وادي الحجارة]] للدفاع عن طليطلة، على الرغم من إلغائه ضريبة الحشود التي كانت تجمع لتمويل الحملات العسكرية، واكتفى بدعوة رعاياه إلى التطوع و[[جهاد|الجهاد]].<ref>{{Harvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|1997|p=311}}</ref>


كما ابتعد الأمير محمد عن الترف والبذخ الذي كان سائدًا في عهد أبيه، كما قل نفوذ الجواري و[[صقالبة (الأندلس)|الصقالبة]] في القصر في عهده.<ref>{{Harvnb|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|1997|p=312}}</ref>
كما ابتعد الأمير محمد عن الترف والبذخ الذي كان سائدًا في عهد أبيه، كما قل نفوذ الجواري و[[صقالبة (الأندلس)|الصقالبة]] في القصر في عهده.<ref>{{Harvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|1997|p=312}}</ref>


== وصفه وشخصيته ==
== وصفه وشخصيته ==
وصفه [[ابن عذاري]]، قائلاً: {{اقتباس مضمن|أبيض مشرب بحمرة، ربعة، أوقص، وافر اللحية، يخضب بالحناء.<ref name="عذاري94">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=94}}</ref>}} أما عن شخصيته، فقد كان محمد بن عبد الرحمن حليمًا عفيفًا، كاظمًا لغيظه، مجتملاً حسن الأدب، بصيرًا بالحساب<ref name="أخبار126">{{Harvnb|مؤلف مجهول| Ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس|1989|p=126}}</ref> وكان لا يأخذ أحدًا بالظن، فروي أنه عاتب وزيره هاشم بن عبد العزيز، في شيء أنكره عليه من عدم التثبّت، قائلاً : {{اقتباس مضمن|يا هاشم. من آثر السرعة، أمضت به إلى الهفوة.<ref name="عذاري107">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=107}}</ref>}}
وصفه [[ابن عذاري]]، قائلاً: {{اقتباس مضمن|أبيض مشرب بحمرة، ربعة، أوقص، وافر اللحية، يخضب بالحناء.<ref name="عذاري94">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=94}}</ref>}} أما عن شخصيته، فقد كان محمد بن عبد الرحمن حليمًا عفيفًا، كاظمًا لغيظه، مجتملاً حسن الأدب، بصيرًا بالحساب<ref name="أخبار126">{{Harvard citation no brackets|مؤلف مجهول| Ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس|1989|p=126}}</ref> وكان لا يأخذ أحدًا بالظن، فروي أنه عاتب وزيره هاشم بن عبد العزيز، في شيء أنكره عليه من عدم التثبّت، قائلاً : {{اقتباس مضمن|يا هاشم. من آثر السرعة، أمضت به إلى الهفوة.<ref name="عذاري107">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=107}}</ref>}}


كما كان محبًا للأدب، مقربًا لأهل الأدب،<ref name="أخبار129">{{Harvnb|مؤلف مجهول| Ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس|1989|p=129}}</ref> فجمع حوله صفوة الشعراء والعلماء مثل [[عباس بن فرناس]] و[[ابن عبد ربه]]، ومن العلماء [[عبد الملك بن حبيب]] و[[بقي بن مخلد]].<ref>{{Harvnb|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|1997|p=315}}</ref> كما كان يحسن اختيار عمّاله إلى أن أصبح يأخذ بمشورة هاشم بن عبد العزيز، الذي أفسد عليه حسن اختياراته.<ref name="القوطية86">{{Harvnb|ابن القوطية| Ref =تاريخ افتتاح الأندلس|1989|p=86}}</ref> وكان نقش خاتمه: {{اقتباس مضمن|بالله يثق محمد، وبه يعتصم.<ref name="عذاري94"/>}}
كما كان محبًا للأدب، مقربًا لأهل الأدب،<ref name="أخبار129">{{Harvard citation no brackets|مؤلف مجهول| Ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس|1989|p=129}}</ref> فجمع حوله صفوة الشعراء والعلماء مثل [[عباس بن فرناس]] و[[ابن عبد ربه]]، ومن العلماء [[عبد الملك بن حبيب]] و[[بقي بن مخلد]].<ref>{{Harvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|1997|p=315}}</ref> كما كان يحسن اختيار عمّاله إلى أن أصبح يأخذ بمشورة هاشم بن عبد العزيز، الذي أفسد عليه حسن اختياراته.<ref name="القوطية86">{{Harvard citation no brackets|ابن القوطية| Ref =تاريخ افتتاح الأندلس|1989|p=86}}</ref> وكان نقش خاتمه: {{اقتباس مضمن|بالله يثق محمد، وبه يعتصم.<ref name="عذاري94"/>}}


وقد كان محمد بن عبد الرحمن على علاقة طيبة بمحمد بن أفلح حاكم [[تاهرت]]، وبنو مدرار حكام [[سجلماسة]]، كما كان [[شارل الأصلع]] ملك الفرنجة يسترجح عقله، ويهاديه.<ref name="عذاري108">{{Harvnb|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=108}}</ref>
وقد كان محمد بن عبد الرحمن على علاقة طيبة بمحمد بن أفلح حاكم [[تاهرت]]، وبنو مدرار حكام [[سجلماسة]]، كما كان [[شارل الأصلع]] ملك الفرنجة يسترجح عقله، ويهاديه.<ref name="عذاري108">{{Harvard citation no brackets|ابن عذاري| Ref =البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - الجزء الثاني|1980|p=108}}</ref>


== المراجع ==
== المراجع ==
سطر 78: سطر 78:


== مصادر ==
== مصادر ==
* {{مرجع كتاب|title=أخبار مجموعة في فتح الأندلس|given=تحقيق: إبراهيم الإبياري|surname=مؤلف مجهول|publisher=دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت|year=1989|isbn=977-1876-09-0|authorlink=| ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس}}
* {{مرجع كتاب|العنوان=أخبار مجموعة في فتح الأندلس|الأول=تحقيق: إبراهيم الإبياري|الأخير=مؤلف مجهول|الناشر=دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت|سنة=1989|الرقم المعياري=977-1876-09-0|وصلة المؤلف=| ref =أخبار مجموعة في فتح الأندلس}}
* {{مرجع كتاب|title=تاريخ افتتاح الأندلس|given=أبو بكر محمد بن عمر|surname=ابن القوطية|publisher=دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت|year=1989|isbn=977-1876-09-0|authorlink=ابن القوطية| ref =تاريخ افتتاح الأندلس}}
* {{مرجع كتاب|العنوان=تاريخ افتتاح الأندلس|الأول=أبو بكر محمد بن عمر|الأخير=ابن القوطية|الناشر=دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت|سنة=1989|الرقم المعياري=977-1876-09-0|وصلة المؤلف=ابن القوطية| ref =تاريخ افتتاح الأندلس}}
* {{مرجع كتاب|title=البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب|given=أبو العباس أحمد بن محمد|surname=ابن عذاري|publisher=دار الثقافة، بيروت|year=1980|isbn=|authorlink=ابن عذاري| ref =البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب-الجزء الثاني}}
* {{مرجع كتاب|العنوان=البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب|الأول=أبو العباس أحمد بن محمد|الأخير=ابن عذاري|الناشر=دار الثقافة، بيروت|سنة=1980|الرقم المعياري=|وصلة المؤلف=ابن عذاري| ref =البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب-الجزء الثاني}}
* {{مرجع كتاب|title=جمهرة أنساب العرب|given=علي|surname=ابن حزم|publisher=دار المعارف، القاهرة|year=1982|isbn=977-02-0072-2|authorlink=علي بن حزم الأندلسي| ref =جمهرة أنساب العرب|ignore-isbn-error=true}}
* {{مرجع كتاب|العنوان=جمهرة أنساب العرب|الأول=علي|الأخير=ابن حزم|الناشر=دار المعارف، القاهرة|سنة=1982|الرقم المعياري=977-02-0072-2|وصلة المؤلف=علي بن حزم الأندلسي| ref =جمهرة أنساب العرب|تجاهل خطأ ردمك=true}}
* {{مرجع كتاب|title=رسائل ابن حزم الأندلسي - الجزء الثاني|given=علي|surname=ابن حزم|publisher=المؤسسة العربية للدراسات والنشر - تحقيق [[إحسان عباس]]|year=1987|isbn=|authorlink=علي بن حزم الأندلسي| ref =رسائل ابن حزم الأندلسي}}
* {{مرجع كتاب|العنوان=رسائل ابن حزم الأندلسي - الجزء الثاني|الأول=علي|الأخير=ابن حزم|الناشر=المؤسسة العربية للدراسات والنشر - تحقيق [[إحسان عباس]]|سنة=1987|الرقم المعياري=|وصلة المؤلف=علي بن حزم الأندلسي| ref =رسائل ابن حزم الأندلسي}}
* {{مرجع كتاب|title=الحلة السيراء|given=ابن الأبّار|surname=القضاعي|publisher=دار المعارف، القاهرة|year=1997|isbn=977-02-1451-5|authorlink=ابن الأبار| ref =الحلة السيراء، الجزء الأول والثاني}}
* {{مرجع كتاب|العنوان=الحلة السيراء|الأول=ابن الأبّار|الأخير=القضاعي|الناشر=دار المعارف، القاهرة|سنة=1997|الرقم المعياري=977-02-1451-5|وصلة المؤلف=ابن الأبار| ref =الحلة السيراء، الجزء الأول والثاني}}
* {{مرجع كتاب|title=[[نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب]] - المجلد الثاني والثالث|given=أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد|surname=المقري|publisher=دار صادر، بيروت|year=1988|isbn=|authorlink=المقري التلمساني| ref =نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب}}
* {{مرجع كتاب|العنوان=[[نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب]] - المجلد الثاني والثالث|الأول=أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد|الأخير=المقري|الناشر=دار صادر، بيروت|سنة=1988|الرقم المعياري=|وصلة المؤلف=المقري التلمساني| ref =نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب}}
* {{مرجع كتاب|title=المقتبس من أنباء أهل الأندلس|given=ابن حيان|surname=القرطبي|publisher=وزارة الأوقاف المصرية، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي|year=1995|isbn=977-205-073-0|authorlink=ابن حيان القرطبي| ref =المقتبس من أنباء أهل الأندلس}}
* {{مرجع كتاب|العنوان=المقتبس من أنباء أهل الأندلس|الأول=ابن حيان|الأخير=القرطبي|الناشر=وزارة الأوقاف المصرية، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي|سنة=1995|الرقم المعياري=977-205-073-0|وصلة المؤلف=ابن حيان القرطبي| ref =المقتبس من أنباء أهل الأندلس}}
* {{مرجع كتاب|title=دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|given=محمد عبد الله|surname=عنان|publisher=مكتبة الخانجي، القاهرة|year=1997|isbn=977-505-082-4|authorlink=محمد عبد الله عنان| ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|ignore-isbn-error=true}}
* {{مرجع كتاب|العنوان=دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|الأول=محمد عبد الله|الأخير=عنان|الناشر=مكتبة الخانجي، القاهرة|سنة=1997|الرقم المعياري=977-505-082-4|وصلة المؤلف=محمد عبد الله عنان| ref =دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول|تجاهل خطأ ردمك=true}}


{{-}}
{{-}}

نسخة 18:05، 30 يناير 2016

محمد بن عبد الرحمن
محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية.
درهم سكت في عهد محمد عبد الرحمن

معلومات شخصية
الميلاد 823 (207 هـ)
قرطبة
الوفاة 886 (273 هـ) (65 سنة)
قرطبة
مكان الدفن قصر قرطبة
مواطنة إمارة قرطبة  تعديل قيمة خاصية (P27) في ويكي بيانات
الكنية أبو عبد الله
الديانة مسلم سني
الزوجة أثل · عشار
الأولاد ثلاث وثلاثون ذكرًا منهم:
المنذر · عبد الله · العاصي · القاسم · عبيد الله · إبراهيم · أحمد · هشام · المطرّف · عثمان.
وإحدى وعشرون بنتًا.
الأب عبد الرحمن بن الحكم
الأم (أم ولد) نهتز
إخوة وأخوات الحكم · سليمان · المطرف · المنذر · هشام · يحيى · مروان · مسلمة · أمية · عبد الملك.
عائلة أمويو قرطبة  [لغات أخرى]‏  تعديل قيمة خاصية (P53) في ويكي بيانات
منصب
أمير الدولة الأموية في الأندلس الخامس
الحياة العملية
معلومات عامة
الفترة 35 سنة 852 - 886
(238 - 273 هـ)
التتويج 852 (238 هـ)
عبد الرحمن بن الحكم
المنذر بن محمد
السلالة الأمويون
المهنة سياسي  تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات

أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن (207 هـ/823 م - 273 هـ/886 م) خامس أمراء الدولة الأموية في الأندلس. حكم الأندلس لخمسة وثلاثين عامًا، قضاها في مقاومة الثورات والاضطرابات المتلاحقة في عهده.

نشأته

ولد محمد بن عبد الرحمن للأمير عبد الرحمن بن الحكم من أم ولد تدعى تهتز،[1] وقيل بهير في ذي القعدة من عام 207 هـ.[2]

ولاه أبيه على سرقسطة، كما صحب محمد أباه في غزوته إلى بنبلونة عام 228 هـ، كما ندبه أباه لمقابلة رسل ملك الإفرنج.[3] وفي عام 231 هـ، أرسل الأمير عبد الرحمن جيشًا بقيادة ابنه محمد لمحاصرة مدينة ليون، فضيّق عليها، مما أضطر الكثير من أهلها إلى الفرار واللجوء للجبال.[4] كما استخدمه والده عام 232 هـ، لقتال موسى بن موسى في تطيلة، بعد أن ثار موسى على الأمير عبد الرحمن وتحالف مع البشكنس، فقاتل محمد حتى طلب موسى الصلح، فأجازه الأمير عبد الرحمن. ثم سار محمد إلى بنبلونة، فأوقع بالبشكنس الخسائر، وعاد غانمًأ إلى قرطبة.[5] وبعد وفاة أبيه، تولى محمد بن عبد الرحمن في يوم الخميس 3 ربيع الآخر 238 هـ الإمارة بعهد من أبيه.[6]

عهده

الثورات

في بداية عهده، ثار أهل طليطلة، وحبسوا عامل الأمير، فأرسل لهم الأمير محمد أخاه الحكم بن عبد الرحمن بحملة لتأمين أهالي قلعة رباح الذين فرّوا من مدينتهم خوفًا من أهل طليطلة، فنزل بالمدينة، وأمّن أهلها، ودعّم تحصيناتها. كما أرسل الأمير بجيش آخر لقتال أهل طليطلة، إلا أن تلك الحملة انهزمت. فخرج لهم الأمير محمد بنفسه في العام التالي 240 هـ، وحين علموا بخروجه، أرسلوا أردونيو الأول ملك أستورياس يستمدونه، فبعث لهم بقوات بقيادة شقيقه، فالتقاهم محمد بجيشه ووقعت معركة وادي سليط، وكان النصر للأمير على أهل طليطلة وحلفائهم.[7] وفي عام 242 هـ، بعث بجيش بقيادة ابنه المنذر، حاصر المدينة وضيّق على أهلها.[8]

وفي عام 254 هـ، خرج الأمير محمد بحملة أخضع بها تمرد ماردة، وصالحه أهلها على أن يخرج عددًا من قادتهم منهم عبد الرحمن بن مروان الجليقي بعائلاتهم إلى قرطبة. وفي عام 256 هـ، أرسل حملة إلى وشقة، لإخضاع تمرد عاملها عمروس بن عمر بن عمروس، الذي فرّ من المدينة قبل أن تصلها قوات الأمير.[9] وفي عام 258 هـ، غدر بنو قسي بعاملي الأمير على تطيلة وسرقسطة، فخرج لهم الأمير بنفسه عام 259 هـ، وأسر منهم جماعة، وقدم بهم إلى قرطبة، ثم أمر بأن تضرب أعناق مطرف بن موسى وأولاده.[10] وفي عام 260 هـ، أخرج ابنه المنذر وقائده هاشم بن عبد العزيز إلى سرقسطة، فأخضعا تمردها.[11]

وفي عام 261 هـ، فرّ عبد الرحمن بن مروان الجليقي ورجال ماردة من قرطبة، ولجأوا إلى قلعة الحنش،[12] فخرج لهم الأمير وحاصرهم 3 شهور، حتى طلبوا الأمان، فأمنهم محمد بن عبد الرحمن، وأجازهم على أن يقيموا في بطليوس.[11] إلا أنه عاد للتمرد في العام التالي، فأرسل له الأمير ابنه المنذر وقائده هاشم بن عبد العزيز، فحاصره في حصن كركي. وأرسل ابن مروان لملك أستورياس يستمده، فأمده بقوة، تصدى لها ابن عبد العزيز، في معركة هُزم فيها هاشم وأُسر، ولم يفك أسره إلا بعد عامين.[13] وفي عام 263 هـ، أرسل الأمير ابنه المنذر لقتال ابن مروان ثانيةً، ففر منه ابن مروان، ولجأ إلى ألفونسو الثالث.[13] وفي عام 264 هـ، أرسل محمد بن عبد الرحمن ابنه المنذر إلى سرقسطة وتطيلة، لقتال بني قسي، فهزمهم. وفي عام 265 هـ، ثار يحيى الجزيري في كورة رية والجزيرة الخضراء وتاكرنا، فأخرج له الأمير حملة بقيادة هاشم بن عبد العزيز، هزمته وأسرته وجلبته إلى قرطبة.[13]

وفي عام 267 هـ، كانت بداية ثورة عمر بن حفصون في كورة رية، بثورته على عامل الأمير وطرده،[14] إلى أن غزاه هاشم بن عبد العزيز، وهو في جبل ببشتر عام 270 هـ، حيث طلب الأمان، فأمنه الأمير على أن يسكن قرطبة. وفي العام التالي 271 هـ، فر عمر بن حفصون إلى جبل ببشتر، فأرسل له حملة في عام 272 هـ حاصرته.[15] كما أرسل الأمير في نفس العام حملة أخرى لقتال ابن مروان الجليقي، بقيادة ابنه عبد الله ووزيره هاشم بن عبد العزيز.[15] وفي عام 273 هـ، أرسل الأمير ابنه المنذر لقتال بني رفاعة المتمردين في كورة رية، وبينما هو محاصرهم، أتاه خبر وفاة الأمير محمد بن عبد الرحمن.[16]

المعارك الخارجية

في عام 240 هـ، حاولت سفن النورمان غزو غرب الأندلس بأربع وستين مركبًا، لكنهم فوجئوا باستعدادات سفن المسلمين التي كان الأمير عبد الرحمن الأوسط قد أمر بإعدادها بعد غزو النورمان الأول لغرب الأندلس في عام 230 هـ، وحاول مركبين أن يجوزا، فاعترضتهم سفن المسلمين بالقرب من باجة، وأسرتهما. فاستكملت سفن النورمان حركتها حتى مصب نهر الوادي الكبير في إشبيلية، فلقيوا مقاومة أيضًا، فتقدموا إلى الجزيرة الخضراء وتغلبوا عليها وأحرقوا مسجدها. ثم انصرفوا إلى المغرب، ومنه إلى ساحل تدمير، فحصن أريولة، ومنه إلى جنوب فرنسا، ثم اعترضتهم سفن المسلمين مرة أخرى في طريق عودتهم وكانوا قد فقدوا نحو أربعين مركبًا من مراكبهم، فأسروا منها اثنين بالقرب من شذونة.[17]

وفي عام 241 هـ، خرج الأمير محمد لغزو ألبة والقلاع، وعاد من حملته تلك غانمًا.[18] وفي العام التالي 242 هـ، أمر موسى بن موسى بحشد الجموع، وغزو برشلونة، فافتتح فيها حصن طراجة وغنم من غزوته تلك.[18]

وفي عام 246 هـ، أغزى الأمير محمد أحد قواده إلى بنبلونة، فهزم قوات غارسيا إنيغيز ملك نافارا المتحالفة مع قوات أردونيو الأول ملك أستورياس، وأسر فرتون ابن غارسيا، الذي ظل أسيرًا في قرطبة لعشرين عام.[19] وفي عام 249 هـ، أغزى الأمير ابنه عبد الرحمن وقائده عبد الملك بن العباس ألبة والقلاع، فوقعت بين المسلمين وقوات أستورياس بقيادة أخ لملكهم أردونيو معركة انتهت بنصر المسلمين.[20] كما أغزى محمد بن عبد الرحمن ابنه عبد الرحمن إلى ألبة والقلاع في عامي 251 هـ و 252 هـ، فعاد منها منتصرًا، ثم أتبعها الأمير بغزوة خرج فيها بنفسه في عام 253 هـ.[21]

أحداث في عهده

شهد بداية عهد الأمير محمد، استمرار الأحداث التي بدأت في نهاية عهد أبيه، من إقدام جماعة من المسيحيين على تحدي سلطات ومشاعر المسلمين عن طريق سب الدين الإسلامي وسب نبيه، والتي كان ورائها قس مسيحي يدعى إيولوخيو الذي ألّب بعض مسيحيي قرطبة وأثارهم ضد المسلمين، ودون كتيبًا بعنوان شهداء قرطبة جمع فيه الأحكام التي صدرت بإعدام 48 مسيحيًا بعضهم من الرهبان والكهنة الكاثوليك في الأندلس في الفترة بين عامي 236 هـ/851 م-244 هـ/859 م، بتهمة سب الدين الإسلامي وسب نبيه، إضافة إلى المسلمين أو أبناء التزاوج بين المسلمين والمسيحيات الذين ارتدوا عن الإسلام.[22]

وكان من أحداث عهده أيضًا مجاعتين شديدتين عام 253 هـ[9] وعام 260 هـ،[23] كما ضرب الأندلس زلزالاً شديدًا عام 267 هـ.[14]

وفاته وأولاده

توفي في الأول من ربيع الأول لعام 273 هـ[6] في قرطبة، ودفن بالقصر، وصلّى عليه ولده المنذر.[16] وكان له ثلاث وثلاثون ولدًا منهم المنذر وعبد الله والعاصي والقاسم وعبيد الله وإبراهيم وأحمد وهشام والمطرّف وعثمان،[24] وعبد الرحمن،[25] ومسلمة والأصبغ،[26] وإحدى وعشرين بنتًا.[27]

أعماله

في عام 250 هـ، تمت الزيادة التي أضافها الأمير عبد الرحمن في جامع قرطبة في عهد ابنه الأمير محمد،[28] كما زاد في مسجد سرقسطة الجامع من فيء غزوة موسى بن موسى على برشلونة.[8] كما أصلح جامع إستجة، وجامع شذونة، وعني بتجديد منية الرصافة التي أنشأها الأمير عبد الرحمن الداخل، وجدد حدائقها ومتنزهاتها.[29]

كان محبًا للعلماء، حاميًا لهم. فيروى أن بقي بن مخلد حين دخل الأندلس بمصنف ابن أبي شيبة من الشرق،[30] وقرأه على الناس فاستنكروه وحاولوا منعه. وحين علم الأمير محمد بذلك، أرسل في طلبه هو وكتابه، وتصفحه، وأمر بنسخ الكتاب إلى خزائنه، وأمر بقي بنشر ما في كتابه، ونهى الناس أن يتعرضوا له.[31] وكان من جملة من دخل الأندلس في عهده الأشتر النخعي.[32]

اهتم الأمير محمد بتحصين الثغور، فابتنى حصن شنت إشتيبن لحماية مدينة سالم، وشيد حصني: طلمنكة ومجريط بمنطقة وادي الحجارة للدفاع عن طليطلة، على الرغم من إلغائه ضريبة الحشود التي كانت تجمع لتمويل الحملات العسكرية، واكتفى بدعوة رعاياه إلى التطوع والجهاد.[33]

كما ابتعد الأمير محمد عن الترف والبذخ الذي كان سائدًا في عهد أبيه، كما قل نفوذ الجواري والصقالبة في القصر في عهده.[34]

وصفه وشخصيته

وصفه ابن عذاري، قائلاً: «أبيض مشرب بحمرة، ربعة، أوقص، وافر اللحية، يخضب بالحناء.[27]» أما عن شخصيته، فقد كان محمد بن عبد الرحمن حليمًا عفيفًا، كاظمًا لغيظه، مجتملاً حسن الأدب، بصيرًا بالحساب[35] وكان لا يأخذ أحدًا بالظن، فروي أنه عاتب وزيره هاشم بن عبد العزيز، في شيء أنكره عليه من عدم التثبّت، قائلاً : «يا هاشم. من آثر السرعة، أمضت به إلى الهفوة.[36]»

كما كان محبًا للأدب، مقربًا لأهل الأدب،[37] فجمع حوله صفوة الشعراء والعلماء مثل عباس بن فرناس وابن عبد ربه، ومن العلماء عبد الملك بن حبيب وبقي بن مخلد.[38] كما كان يحسن اختيار عمّاله إلى أن أصبح يأخذ بمشورة هاشم بن عبد العزيز، الذي أفسد عليه حسن اختياراته.[39] وكان نقش خاتمه: «بالله يثق محمد، وبه يعتصم.[27]»

وقد كان محمد بن عبد الرحمن على علاقة طيبة بمحمد بن أفلح حاكم تاهرت، وبنو مدرار حكام سجلماسة، كما كان شارل الأصلع ملك الفرنجة يسترجح عقله، ويهاديه.[40]

المراجع

  1. ^ رسائل ابن حزم2 1987، صفحة 192
  2. ^ ابن عذاري 1980، صفحة 93
  3. ^ عنان 1997، صفحة 289
  4. ^ ابن عذاري 1980، صفحة 88
  5. ^ ابن حيان القرطبي 1994، صفحة 143
  6. ^ أ ب مؤلف مجهول 1989، صفحة 131
  7. ^ ابن عذاري 1980، صفحة 94-95
  8. ^ أ ب ابن عذاري 1980، صفحة 96
  9. ^ أ ب ابن عذاري 1980، صفحة 100
  10. ^ ابن عذاري 1980، صفحة 101
  11. ^ أ ب ابن عذاري 1980، صفحة 102
  12. ^ عنان 1997، صفحة 304
  13. ^ أ ب ت ابن عذاري 1980، صفحة 103
  14. ^ أ ب ابن عذاري 1980، صفحة 104
  15. ^ أ ب ابن عذاري 1980، صفحة 105
  16. ^ أ ب ابن عذاري 1980، صفحة 106
  17. ^ ابن عذاري 1980، صفحة 96-97
  18. ^ أ ب ابن عذاري 1980، صفحة 95
  19. ^ ابن عذاري 1980، صفحة 97
  20. ^ ابن عذاري 1980، صفحة 98
  21. ^ ابن عذاري 1980، صفحة 98-99
  22. ^ christianity & islam in spain (A.D. 756-1031 by C.R. Haines, M.A CHAPTER IV
  23. ^ ابن القوطية 1989، صفحة 100
  24. ^ ابن حزم1 1982، صفحة 99
  25. ^ ابن الأبار 1985، صفحة 162
  26. ^ ابن الأبار 1985، صفحة 366
  27. ^ أ ب ت ابن عذاري 1980، صفحة 94
  28. ^ ابن القوطية 1989، صفحة 88
  29. ^ عنان 1997، صفحة 314
  30. ^ المقري 1968، صفحة 519
  31. ^ رسائل ابن حزم2 1987، صفحة 192-193
  32. ^ المقري 1968، صفحة 143
  33. ^ عنان 1997، صفحة 311
  34. ^ عنان 1997، صفحة 312
  35. ^ مؤلف مجهول 1989، صفحة 126
  36. ^ ابن عذاري 1980، صفحة 107
  37. ^ مؤلف مجهول 1989، صفحة 129
  38. ^ عنان 1997، صفحة 315
  39. ^ ابن القوطية 1989، صفحة 86
  40. ^ ابن عذاري 1980، صفحة 108

مصادر

  • مؤلف مجهول، تحقيق: إبراهيم الإبياري (1989). أخبار مجموعة في فتح الأندلس. دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت.
  • ابن القوطية، أبو بكر محمد بن عمر (1989). تاريخ افتتاح الأندلس. دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت.
  • ابن عذاري، أبو العباس أحمد بن محمد (1980). البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب. دار الثقافة، بيروت.
  • ابن حزم، علي (1982). جمهرة أنساب العرب. دار المعارف، القاهرة. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |تجاهل خطأ ردمك= تم تجاهله (مساعدة)
  • ابن حزم، علي (1987). رسائل ابن حزم الأندلسي - الجزء الثاني. المؤسسة العربية للدراسات والنشر - تحقيق إحسان عباس.
  • القضاعي، ابن الأبّار (1997). الحلة السيراء. دار المعارف، القاهرة.
  • المقري، أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد (1988). نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب - المجلد الثاني والثالث. دار صادر، بيروت.
  • القرطبي، ابن حيان (1995). المقتبس من أنباء أهل الأندلس. وزارة الأوقاف المصرية، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي.
  • عنان، محمد عبد الله (1997). دولة الإسلام في الأندلس، الجزء الأول. مكتبة الخانجي، القاهرة. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |تجاهل خطأ ردمك= تم تجاهله (مساعدة)


قبلــه:
عبد الرحمن بن الحكم
أمارة الأندلس

852 - 886
بعــده:
المنذر بن محمد