هو مَـجـيـد لطيف جاسم محمد حسين إسماعيل شلال القيسي من عشيرة الكرخية التي تقطن منذ القدم ضواحي نهر مهروت كنعان ومهروت ترعة من نهر ديالى وكنعان إحدى نواحي بعقوبة، وقبيلة قيس غنية عن التعريف بإبائها وسخائها وشهامتها وأرومتها وأصالتها العربية فقد أنجبت كثير من الشعراء والادباء والكتاب والقادة الميامين أمثال عامر بن الطفيل وملاعب الاسنة في العصر الجاهلي والصحابي الجليل مالك الاشتر صاحب الامام علي عليه السلام وفي هذه القبيلة قال الشاعر المتنبي:
ولد الشاعر في بغداد سنة 1930 في محلة باب الشيخ إحدى محلات الرصافة في بغداد، من عائلة كبيرة تقطن هذه المحلة منذ زمن طويل وتعرف عائلته ب (بيت جاسم المحمد) الكرخي القيسي وفي عام 1934 أنتقل والد الشاعر إلى محلة البو شبل حيث يسكن هناك أخواله من عشيرة الكروية القيسية حيث تنحدر والدة الشاعر من بيكَات الكروية وهُم بيت (إبراهيم النجم بن محمد بيك بن الأمير عبد الله بن الأمير بايزيد بن الأمير ناصر بن الأمير حسين بن الأمير حازم) وهم من رؤساء الكروية الاصليين. وأدخله أبوه الكتّاب لتعلم القراءة لكنه تركها لمرافقة أبيه في عمله (البناء) واستطاع فيما بعد تعلم القراءة والكتابة على يد أصدقاء أبيه.[1]
تتلمذ الشاعر على يد والده الذي كان يقول الشعر ارتجازاً، حيث كانت له قصيدة مرتجزة في مدح رئيس عشيرة الكرخية (مخيبر مرهج الكرخي القيسي) أثناء اشتراك العشيرة في ثورة العشرين حيث قام بالسيطرة على مدينة بعقوبة مع أفراد عشيرته:
مخيبر ربـعه ينـادونه
صنكر للطوب ايحطونه
حي مخيبر حي افعاله
خلد اسمه ابطيب اعماله
لبلاده ايريد استقلاله
ثار وكل قومه ايأيدونه
وكان يسمع من والده وأخيه الأكبر أبيات النايل والابوذية والموال وبذلك تكونت عنده ملكة النظم.
استطاع الشاعرمجيد لطيف القيسي أن يجاري والده في مهنته الشاقة وعمره لا يتجاوز التاسعة ولهذا أصبح يلقب بالـبـنـاء ويفاخر بهذا اللقب الذي يدل على القوة والمهارة ومع هذا العمل المنهك لم يفارق نظم الشعر ولم ينشغل عنه وكثيراً ما كان يصف التعب الذي يلاقيه إذ قال في إحدى قصائده في سنة 1946:
عايش يشاغول الطين
عمرك سـكم
مشغول بالك كل حين
دوم بظلم
مهموك دوم بعيشتك
وتريد منك عـيلتك
وانته ضعيفة حالتك
ظل انحب وجر ونين
واشبع هظم
......
وهنا نرى بانه كان شعبياً بحق حيث ربط مصيرهُ بمصير جماهير الشعب وكان هو لسانها البليغ في التعبير عن إرادتها في جميع المناسبات، فعند قيام ثورة مايس 1941 ضد المستعمر الإنكليزي يشارك في كتائب الشباب (الفتوة) التي ضمت فريقا من الشباب المثـقف المتحمس للتطوع لخدمة الوطن وهم يحملون السلاح ويقفون إلى جانب قوات الجيش العراقي التي قامت بالثورة حينها وكانت لهُ قصيدة على طريقة الهوسة لتحميس الشباب:
انتفض جيش العراق بقوة ايمانه
على المستعمر العابث بأوطانه
وتحية للفتوة المست سهرانه
تحمينا من المستعمر..ها..تحمينا من المستعمر.
وعندما كانت الغارات الجوية البريطانية تحوم في سماء العراقوبغداد وكانت صافرة الإنذار تنبه وتحذر الناس للدخول إلى الملاجيء واطفاء الانوار تجنبا للقصف العشوائي كانت للشاعر البناء القيسي قصيدة:
الله الحافظ يا ستار
دكت صافرة الانذار
هب يالشعب كلك ثور
عالانكليزي المغرور
جيشك مُـأيـد منصور
بالنبي وصحبة الابرار.
وقال في الذكرى الأولى للثورة في عام 1942 قصيدة القاها في حشد جماهيري وألقت القبض عليه بعدها شرطة أبي سيفين وأُودع التوقيف وجاء فيها:
انتفض جيش العراق بثورة جبارة
ابوجه الطامع الاجنبي واخطاره
اثنين بمايس الثوار حياها
للقمة بهممها اعتلت علياها
لسان المجد ظل يلهج بطرواها
وشعار التضحية رفعت بيمناها
لمن صممت .... ونيتها انطوت
مفاخر سجلت .... حين استبسلت
بوجه الطاغية انكلترا الغدارة
.......
وفي عام 1948 عندما وثب الشعب العراقي مستنكرا توقيع معاهدة بورتسموث ومطالباً بسقوط حكومة صالح جبر، أعتلى الشاعر القيسي منبر جامع الحيدرخانه منطلق الانتفاضات والوثبات الشعبية ببغداد منذ اندلاع ثورة العشرين وأنشد قصيدتهُ التي إستعرض بها مجزرة جسر الشهداء وجاء فيها:
يوم معركة الجسر واهوالها
نهضت اشبول الوطن حي فالها
لعد تحرير الوطن وكفت رصد
وعل جسر بذلت لعزتها الجهد
اتحدت واصبحت جالروح بجسد
بزودها وبفعالها وبقوالها.
وفي نفس العام قامت حرب فلسطين 1948 حيث شارك شاعرنا بنظم عدة قصائد ألقى بعضها في الإذاعة العراقية، ومن خلال احتكاكه بالعمل في الإذاعة أخذ انطباع سيء عنها وكتب قصيدة ارسلها إلى الإذاعة قال فيها:
اريداحجي حقايق مو خيالية
ووصف دار اذاعتنا العراقية
جنت اعتقد حر منبر اذاعتنا
الوساطة يزيلها وتنور فكرتنا
بملفوظ الشرف تتحد جلمتنا
ونحجي بكل صراحة وكل رفاهية.
وفي عام 1954 وعلى أثر تزييف الانتخابات النيابية كتب قصيدة لحث الجماهير وبأسلوب حماسي يشجب فيها تدخل السلطة انذاك في إجراء الانتخابات ودعاهم إلى مقاطعتها وقد القاها في جامع قنبر علي ومطلعها:
انصح كل غيور وعنده تفكير
بعد كنطرة لأهل الدجل لا يصير
يكفي تنطلي عليه الدعايات
من اهل المعالي والفخامات
انقاطع عن وعي للأنتخابات
وناخذ لعد انفسنا التدابير.
ويقول أيضا:
نفع للوطن لا تعتقد بيهم
اشباح وللنيابة امرشحيهم
مطايا والاسياد موجهيهم
واتفوز القوايم كلها تزوير.
ترأس الشاعر مجيد لطيف القيسي لفترة من الزمن في ستينات القرن الماضي جمعية الشعراء الشعبيين التي كان من مؤسسيها في بغداد كما قام بتصنيف الشعر الشعبي حسب بحور وأوزان تربوا عن (39) وزناً في كتابه معرفة أوزان الشعر الشعبي العراقي.[2]
قصيدة من وزن الدارمي نشرت في مجلة المتفرج البغدادية سنة 1969م:
حيرة
متحير او مشدوه
وبكلبي لوبه
شو للملح والزاد
مابقت حوبه
انشد يهالى الراي
والنشد يكلون
مو عيب والطيبين
كثره او يرشدون
شخص اليخون الزاد
حكمة شنو ايكون
حلها عليه اثكيل
صار او صعوبه
يعثر الخان الزاد
مكيوله تدرون
شو ما يأثر ليش
بل لي يخونون
او بل ينكروه النوب
ما يأثر اشلون
التفكير عندي ابهاي
مغلوكة بوبه
ادري الملح والزاد
عند الاجاويد
ملتزمة بيه او دوم
عدها تقاليد
والياكل ابماعون
غيرة اويمد ايد
منه الحفظ مريود
لو اكل نوبه
وسامع عن اهل الزاد
قصة اكيده
ماياكـل اللي راد
مـطلبة ابأيده
ياكل اذا بختوه
بل لي يريده
هذي سواني الزاد
عند العروبه
هم هل سواني هاي
مفقوده امست
المتعلقة بل زاد
والشرب جانت
لو بعد الهة اوجود
لي هسة ظلت
بيها الشهم يعتز
واصبحت ثوبه
الزاد او ملح ادريه
عند اليعرفه
ايقرب الصلة يكلون
معناه وصفه
او يزرع ابين اثنين
نبتة الالفه
ويثمر الطيب ابروض
ارض الخصوبه
الزادوالملح تكريم
للعرف قدره
سفره وتصفي اكلوب
بغـضه او مكدره
اتبدل الشر بالخير
وتـزيـل ذجره
والخابط المر بيه
تصبح عذوبه
ابطعم الملح والزاد
تتصــافة لكلوب
والحـقد لو اثار
جـانت اله اتذوب
من حيث للماعون
حك شرعي مطلوب
للما يصونه اتكون
اقصـــة العقوبه
مو للعبث سويت
هاي القصيده
الحكم بين اثنين
منكم اريده
وبماده اتحكمون
قسوه اوشديده
او للمعتدي تسووه
عبره او عجوبه.
هذه قصيدة على (طريقة المجرشة) نشرت للشاعر مجيد لطيف القيسي في جريدة الشرق في عددها المرقم 657 في 14-12-1962: عابر سبيل
واحد سألني على الوكت
ويكلي بيش الساعة
اهـجـس لهدني بخـنجره
ما تنوصـف اوضاعه
مستعجل وماشـي الصبـح
لسمر نحرني يا خلكَـ
ناشر كذلته على الوجن
من شفته دلالي احتركَـ
ياناس بـعيوني شـفـت
بدر وعلى البيده شركَـ
سـدر وكـبالي ابتسـم
والله عـجبتني اطباعه
كتله يبـعـد رويحتـي
الساعةاخبرك بالدعش
كلي كذبت دنيا الصبح
جن عقلك اختل واندهش
كتله بجمالك تـيـهـت
حين السمع مني ابتهش
ليلو انتثر من مبسمه
وثغره يتلاله رياعه
وسنونه ولسانه العذب
والحنج قط ما ينوصف
زردومه احلى من الشهد
لفتاته لفتات الخشف
ذرعانه لو هزها ومشه
للينظره يحود الحتف
ويطيح مغشي عله الارض
من يمتثل بانواعه
محله جبينه وحـاجبـه
والخشم يشبه جوهره
والعين سوده والهـدب
اشكـر ويفتن منظـره
وخدوده مـا يتوصـفـن
وشـفاف عنده محمره
اتمنه كون اتنه الامر
منه وعليه الطاعه
روحـي تـطيـع لأمـرته
ولا عن امر تتوانه
من حيث مالك مهـجتـي
بجـفونه النعسانة
بهالصوره جلـت قدرته
اللي صوره سبحانـه
وجهه مثل بدر الدجى
يضوي بكمال اشعاعه.
وهذه قصيدة من نوع من الشعر يسمى الموال الزهيري وهذا مقطع منها للشاعر مجيد القيسي:
يشبول يعرب يقومي يااسودالفله
يا من عدلكم لعد جمع الظلاله فله
العز حليف الكم اما لسواكم فله
انتم رجال الوغى يكرام ابٍ وجد
ابسطح الكرة للوفه ما غير حيكم وجد
كل فرد منكم صخه ابروحه وجاهد وجد
حازم ويوفي ابعهوده للذي يوفله.
هذه قصيدة للشاعر مجيد لطيف القيسي من بحر الطويل نشرت بتاريخ 18-10-1969 في مجلة الفكاهة العدد 152 بعنوان (يا حادي العيس):
يا هيه يا مطوي الفيافي ومِهمْ
يا هيه بدياري غِثيث النَسـِمْ
يا هيه يل راجب هجينك دمـر
يمّي ترى كلبي لهابَه جـمر
يا هي ما تم لِي أخبرك صبر
يا هيه برْحيلك رأيت الحتم
يا هيه يا سايِجْ النوك العِجف
لآ وين متكلي بمسيرك مخف
انبيك كَلبي من سريت يخذف
خلف اليوده والـدمع منسجم
يا هيه لآ وين بضـعونكم مجد
خلفت نيـران بدلِيلِي تجد
يل حادي تانيني وسير برشد
من عندي من عندي أخذتو الشهِم
يا هيه يا ناحر ديار الخَلى
يل حادي كلبي ولف عدكم اله
بمسراك صـدّك بل هموم ابتله
وبظامره اثّر رِحيلك وِسَم
يا هيه يل تِحدّي ابكفل الزمل
ابهونك وخليني اودع النفِل
دمعي على الوجنات دم يهمل
ياهيه أنحب والكلب منلجم
يا هيه من سِرتم وسار الضَعن
ايست منه وخاب مني المِضَن
بشوف الأوده لوَن احظه لوَن
يا هيه ما نار الكلب تضطرِم
يا هيه يل ماشي بحَماد ووعر
ريض مسيرك لعد كلبي فطر
العي وعل خد دمع عيني انحدر
يا هيه من مثلي شخص منظلُم
يا هيه يالحادي شِجاك ارْحلتْ
ولا خبر عن مسراك اليَ وصلت
وياك سمحين الطبايع خذِت
وخليت حالي خْلافهم ينعدم
يا هيه يل سايج ابتيهيتك
يل حادي ونّي وارشد ابنيتك
يل حادي طريت الحشة بشيلتك
وتشمت بحالي تراه الينم
حادي الضعن بالضعن ما ون لي
واظلم علي الوكت والبر خلي
حاير صفيت وبس دموعي تهلي
واشبج عشر عل هام وارعه النجم
ايست لاجن نفذ مني الصبر
من زود وجدي كمت حسرة اجر
لآ وين اتوجه ومـن يا كِتر
الحك ظعنهم والوكت مدلِهِم
تمحّنت وين اتجه واتحيرت
وجلت اجدامي اخلافهم من سِرِت
وبحيت صوتي بكثر ما صيحت
قوتّي اضْعفَت ونهار مني العزِم
والجو صفر بذني وما تم اثر
عيني تراه ومنّه آخذ خبر
عفيــة اش كلب عندي يتحمَل قهر
وجروحه تتوسع ولا تلتحم
خايب يا كلبي نوح عل لي غدو
عنك ولا ودو خبر من مشو
كـوطـرو وبلا صوج من كوطرو
و بدارهم خلفو بس الاسم
وادعوك نيرانك تظل تلتهب
انـحَــب عليهم لا تبطل النحِب
واعتـب على الحـظ من تريد تْعتـِب
الخّلاك من شوف الولف تنحرم
اصبغ ثياب الحزن طول الزمن
بشوك الذي مدوا بخـفيه الظعن
وخلـّـوك وحــدك منــفرد بـل وطــن
محروم من عـدهم بيقظه وحلم
هذه قصيدة من بحر الطويل نشرت عام 1961 للشاعر مجيد لطيف القيسي:
انطي للعقل حكمي
واحكم للعقل آنه
العقل مقياس للتفكير
العقل للبشر سلطانه
العقل للمتزن وضعه
يدليه اعله درب الخير
ويتصرف باعماله
يخليه ابحسن تدبير
او بيه ايحصل من الناس
عزة شخصه والتقدير
نظرته صائبه تصبح
اوما يفشل بسعوانه
العقل جوهرة اموصفينه
العقل ميزان للانسان
العقل زينه ومن عدها
ابصفه الطيبه الرجل ينزان
العقل موهبه ومن سرها
الكامل يكسب العرفان
العقل شارع هدى والبيه
يسلك ، ثبت ايمانه
العقل بي ميز الانسان
نفعه من الذي يضره
وبي اصبح يره ليله
الدامس من ضوه فجره
والحق بي من الباطل
اعلانه اتضح من سره
وبي يتميز الصالح
من الطالح وادرانه
البشر بالعقل يتمجد
ويتقدر ويتزعم
البشر بالعقل يترجح
بآرائه ويتعظم
البشر بالعقل يتوصل
لأهدافه ويتقدم
ولغايته ايحققها
ابعقله ويرتفع شانه
العقل كنز البشر هوه
العقل مصدر الاشعاعات
العقل طاقة ومن عدها
البشر ياخذ التعليمات
العقل حكمةابحكمتها
البشر شرع الاصلاحات
العقل جلت عظمته الله
الذي صوره وسبحانه
مقطع من قصيدة (ألمـن؟) للشاعر مجيد لطيف القيسي من وزن النصارى (بحر الوافر) ويسميه البغداديون (الهيـليـة) القيت في امسية لجمعية الشعراء الشعبيين في عام 1968م: