انتقل إلى المحتوى

نقد كتابي: الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
MenoBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت: إصلاح التحويلات
لا ملخص تعديل
سطر 1: سطر 1:
{{يحرر}}
[[ملف:Gutenberg Bible.jpg|تصغير|[[الكتاب المقدس (طبعة غوتنبرغ)|بيبل غوتنبرغ]] أول طبعة للكتاب المقدس]]
{{شريط جانبي الكتاب المقدس|expanded=studies}}
[[ملف:Title page of the "Histoire critique du vieux testament" by Richard Simon.jpg|thumb|صفحة العنوان لكتاب التاريخ النقدي للكاهن ريتشارد سيمون (1685م)، أحد أقدم أعمال نقد الكتاب المقدس]]


'''النقد الكتابي''' هو استخدام التحليل النقدي لفهم وتفسير الكتاب المقدس. خلال القرن الثامن عشر الميلادي، عندما بدأ النقد الكتابي كنقد تاريخي كتابي، كان يعتمد على خاصيتين مميزتين: أولها "العلمية" بتجنب [[جزمية|الجزم]] و[[انحياز|التحيز]] من خلال تطبيق أحكام محايدة و[[اللاطائفية|غير طائفية]] مبنية على العقل في دراسة الكتاب المقدس؛ وثانيها "الاعتقاد" بأن إعادة بناء الأحداث التاريخية وراء النصوص، وكذلك تاريخ كيفية تطور النصوص نفسها، من شأنه أن يؤدي إلى الفهم الصحيح للكتاب المقدس. هذا ما ميّزها عن الأساليب السابقة لفترة ما قبل النقد الكتابي؛ وعن الأساليب المناهضة للنقد لأولئك الذين يعارضون الدراسة المبنية على النقد؛ وعن التوجهات ما بعد النقدية في الدراسات اللاحقة؛ وعن مدارس النقد المتعددة والمتميزة التي تطورت إليها في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين الميلاديين.
'''النقد الكتابي''' هو البحث والدراسة في [[الكتاب المقدس|الأسفار الكتابية]] بقصد التوصل لأحكام مميزة مستبصرة عن تلك الكتابات.<ref>[http://www.bibletexts.com/glossary/biblical-criticism.htm Biblical criticism], Harper's Bible Dictionary, 1985 {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20171218000906/http://www.bibletexts.com/glossary/biblical-criticism.htm |date=18 ديسمبر 2017}}</ref> يسأل النقد الكتابي عن زمان ومكان صدور نص معين وعن السبب والكيفية والمؤلف والمؤلَف له وظروف إنتاج النص والمصادر التي استعملت في تأليفه والرسالة المقصود إيصالها. يتعامل النقد الكتابي أيضا مع النص بما في ذلك معنى الكلمات وطريقة استعمالها وحفظها وتاريخها ووثوقيتها. يستغل النقد الكتابي عدة علوم متنوعة منها علم اللسانيات والآثار والفلكور و[[علم الإنسان]] ودراسات التقاليد الشفهية والدراسات التاريخية والدينية.


غالبًا ما يُنسب العلماء ظهور النقد الكتابي إلى [[عصر التنوير]] ({{قرابة|1650م|1800م}})، لكن البعض يُرجع جذوره إلى أبعد من ذلك، إلى حركة [[إصلاح بروتستانتي|الإصلاح الديني]]. كانت دوافع هذه الحركة العلمية الأساسية [[عقلانية (فلسفة)|عقلانية]] و[[بروتستانتية]] التوجُّه. وقد لعبت حركتا [[تقوية (مسيحية)|التقوى]] الألمانية وال[[ربوبية]] البريطانية دورًا في تطور النقد الكتابي. بدافع من شكوك عصر التنوير حول سلطة الكتاب المقدس والكنيسة، بدأ العلماء في دراسة حياة [[يسوع]] من خلال عدسة تاريخية، وكسروا التركيز الديني التقليدي حول طبيعته وتفسير ألوهيته. كان هذا التحول التاريخي بمثابة بداية {{وإو|تر=quest for the historical Jesus|عر=البحث عن يسوع التاريخي}}، والذي سيظل مجال اهتمام العلماء لأكثر من 200 سنة.
==إقراء أيضا==

* [[مراجعة كبسولية]]
يتضمن النقد الكتابي التاريخي مجموعة واسعة من المقاربات والأسئلة ضمن أربع منهجيات رئيسية: {{ال|نقد|نصي}} و[[نقد المصدر]] و[[تاريخ الصيغة اللغوية|نقد الصياغة]] و{{ال|نقد|أدبي}}. يدرس النقد النصي [[مخطوطات الكتاب المقدس]] ومحتواها لتحديد ما قد يقوله النص الأصلي. ويبحث نقد المصدر في النص عن أدلة على مصادره الأصلية. أما نقد الصياغة، فيحدد وحدات قصيرة من النص، ويفحصها سعيًا نحو تحديد مصدرها. وقد ظهر لاحقًا [[نقد تحريري|النقد التحريري]] باعتباره مشتقًا من نقد المصدر والصياغة. كانت كل طريقة من هذه الأساليب تاريخية في المقام الأول، وركزت على ما حدث قبل أن تصل النصوص إلى شكلها الحالي. وبخصوص النقد الأدبي الذي ظهر في القرن العشرين الميلادي، فقد اختلف عن هذه الأساليب السابقة، حيث ركّز على البنية الأدبية للنصوص في حالتها اليوم، بهدف تحديد، حيثما أمكن، غرض المؤلف، وتمييز استجابة القارئ للنص من خلال أساليب مثل {{ال|نقد|بلاغي}}، و{{وإو|تر=canonical criticism|عر=نقد قانوني|نص=النقد القانوني}}، و{{وإو|تر=narrative criticism|عر=نقد سردي|نص=النقد السردي}}. غيرت هذه الأساليب المختلفة لنقد الكتاب المقدس معًا وبشكل دائم كيفية فهم الناس للكتاب المقدس ورؤيتهم له.

في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين الميلاديين، تأثر نقد الكتاب المقدس بمجموعة واسعة من [[تخصص أكاديمي|التخصصات الأكاديمية]] الإضافية ووجهات النظر ال[[نظرية]] التي أدت إلى تغيره. فبعد أن هيمن عليه الأكاديميون [[بروتستانتية|البروتستانت]] الذكور البيض لفترة طويلة، شهد القرن العشرين الميلادي مشاركة علماء آخرين من غير البيض والنساء وأولئك الذين ينتمون إلى خلفيات يهودية وكاثوليكية، وأصبحوا أصواتًا بارزة في نقد الكتاب المقدس. قدمت ال[[عولمة]] مجموعة واسعة من وجهات النظر العالمية في هذا المجال، وظهرت تخصصات أكاديمية أخرى، فمثلًا شكّلت {{ال|دراسات|شرقية}} و[[فقه اللغة]] أساليب جديدة للنقد الكتابي. في هذه الأثناء، بدأت تفسيرات [[حركة ما بعد الحداثة|ما بعد الحداثة]] وما بعد النقد في التساؤل عما إذا كان لنقد الكتاب المقدس أي دور أو وظيفة على الإطلاق. مع هذه الأساليب الجديدة جاءت أهداف جديدة، حيث انتقل النقد الكتابي من النقد التاريخي إلى النقد الأدبي، وتغيرت فرضيته الأساسية من الحكم المحايد إلى الاعتراف بالتحيزات المختلفة التي يجلبها القارئ لدراسة النصوص.

==التعريف==
يُعرّف [[دانيال جاي هارينجتون|دانيال هارينجتون]] النقد الكتابي بأنه: {{مض|الجهد المبذول لاستخدام المعايير العلمية (التاريخية والأدبية) والعقل البشري لفهم وشرح، بأكبر قدر ممكن من الموضوعية، المعنى الذي قصده كتبة الكتاب المقدس.}}<ref>{{استشهاد ويب|last1=Harrington |first1=Daniel J. |title=Biblical Criticism |url=https://www.oxfordbibliographies.com/view/document/obo-9780195393361/obo-9780195393361-0066.xml |website=Oxford Bibliographies |publisher=Oxford University Press |access-date=15 November 2020 |archive-date=8 January 2021 |archive-url=https://web.archive.org/web/20210108115933/https://www.oxfordbibliographies.com/view/document/obo-9780195393361/obo-9780195393361-0066.xml |url-status=live }}</ref> قديمًا وفي الغالب، كان يتم تعريف النقد الكتابي من الناحية التاريخية، حيث ركّز النقاد على الأحداث التاريخية وراء النص، بالإضافة إلى كيفية تطور النصوص نفسها مع مرور الزمن.<ref name="John Barton">{{استشهاد بكتاب| last1= Barton | first1= John | title= The Nature of Biblical Criticism | year= 2007 | publisher= Westminster John Knox Press | isbn= 978-0-664-22587-2 | url = https://books.google.com/books?id=Vocz7rnZ0IwC}}</ref>{{صفحات مرجع|33}} ركّزت الكثير من أعمال النقد الكتابي مع الجانب التاريخي، وليس الديني، حتى أنه كان يُطلق عليه أحيانًا [[نقد تاريخي|طريقة النقد التاريخي]] أو النقد الكتابي التاريخي (أو أحيانًا النقد الأعلى) بدلاً من النقد الكتابي فقط.<ref name="John Barton"/>{{صفحات مرجع|31}} استخدم النقاد الكتابيون نفس الأساليب العلمية والمقاربات التاريخية التي استخدمها نظرائهم العلمانيين، وشدّدوا على العقل والموضوعية.<ref name="John Barton"/>{{صفحات مرجع|45}} وكان يُنظر إلى الحيادية على أنها هدفًا محددًا.<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Fitzmyer |first1=Joseph A. |title=The Biblical Commission's Document "The Interpretation of the Bible in the Church": Text and Commentary |year=1995 |publisher=Editrice Pontificio Istituto Biblico |isbn=978-88-7653-605-2 |pages=37, 44}}</ref><ref name="John Barton"/>{{صفحات مرجع|27}}

بحلول سنة 1990م، أدت وجهات النظر الجديدة والعولمة والمدخلات من مختلف المجالات الأكاديمية إلى توسيع نطاق النقد الكتابي، مما نقله إلى ما هو أبعد من معاييره الأصلية، وغيره إلى مجموعة من التخصصات ذات الاهتمامات المختلفة، والمتضاربة في كثير من الأحيان.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|21,22}} تغيّر المفهوم الأساسي للنقد الكتابي من الحكم المحايد إلى البدء من الاعتراف بالتحيزات المختلفة التي يجلبها القارئ لدراسة النصوص.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|21,22}} أصبحت الأشكال الأحدث من النقد الكتابي في المقام الأول أدبية، فلم تعد تركز على الجانب التاريخي، بل تهتم بالنص كما هو موجود الآن.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|21,22}}

== التاريخ ==
=== القرن الثامن عشر ===
[[ملف:Faculté de Médecine Purpan 01.jpg|thumb|[[جان أستروك]] الذي يُطلق عليه غالبًا "أبو النقد الكتابي"، في مستشفى جامعة تولوز.]]
في [[عصر التنوير]] في أوروبا الغربية، بدأ فلاسفة ولاهوتيون مثل [[توماس هوبز]] و[[باروخ سبينوزا]] و[[ريتشارد سيمون (قسيس)|ريتشارد سيمون]] في التشكيك في النص اليهودي المسيحي الراسخ الذي يقول بأن [[موسى]] هو مؤلف الأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس المعروفة باسم [[التوراة|أسفار موسى الخمسة]].<ref>{{استشهاد بكتاب|author1=Walther League |title=The Walther League Messenger |date=1924 |publisher=University of Wisconsin |page=332}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Popkin |first1=R. H. |title=The Books of Nature and Scripture Recent Essays on Natural Philosophy, Theology and Biblical Criticism in the Netherlands of Spinoza's Time and the British Isles of Newton's Time |date=2013 |publisher=Springer Netherlands |isbn=978-94-017-3249-9 |page=5}}</ref> كتب سبينوزا أن موسى لم يكن بإمكانه كتابة مقدمة السفر الخامس، [[سفر التثنية]]، لأنه لم يعبر [[نهر الأردن]] إلى [[أرض الميعاد]]. كانت هناك أيضًا مشاكل أخرى مثل [https://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showChapter.php?book=5&chapter=31 التثنية 31: 9] التي تشير إلى موسى بضمير الغائب. وفقًا لسبينوزا: {{مض|كل هذه التفاصيل وطريقة السرد، والشهادة، وسياق القصة بأكملها تؤدي إلى استنتاج واضح مفاده أن هذه الأسفار كتبها شخص آخر، وليس موسى شخصيًا}}.<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=de Spinoza |first1=Benedictus|translator= Robert Harvey Monro Elwes |title=The Chief Works of Benedict de Spinoza: Introduction. Tractatus theologico-politicus. Tractatus politicus |year=1900 |publisher=G. Bell and sons |page=123&ndash;124 |url=https://books.google.com/books?id=FNFRAAAAYAAJ}}</ref>

اعتقد الطبيب الفرنسي [[جان أستروك]]، أن هؤلاء النقاد كانوا مخطئين بشأن [[التأليف الموسوي]]. وفقًا لعالم [[العهد القديم]] [[إدوارد جوزيف يونغ|إدوارد يونغ]]، اعتقد أستروك أن موسى قام بتجميع أول أسفار موسى الخمسة، [[سفر التكوين]]، باستخدام الروايات التي توارثها الشعب العبراني.<ref name="Edward Joseph Young">{{استشهاد بكتاب|last1= Young |first1= Edward Joseph |title= An Introduction to the Old Testament |year= 1989|orig-year= 1964 |publisher= Eerdmans |isbn= 978-0-8028-0339-9| pages=119&ndash;120}}</ref> ويقال في كثير من الأحيان أن النقد الكتابي قد بدأ عندما استعار أستروك أساليب {{ال|نقد|نصي}} (المستخدمة في تحقيق النصوص اليونانية والرومانية) وطبّقها على الكتاب المقدس بحثًا عن الروايات الأصلية في النص.<ref name="Jean Astruc">{{استشهاد بكتاب|last= Nahkola|first= Aulikki|editor1-last= Jarick |editor1-first= John|chapter= The ''Memoires'' of Moses and the Genesis of Method in Biblical Criticism: Astruc's Contribution|title= Sacred Conjectures: The Context and Legacy of Robert Lowth and Jean Astruc |year= 2007 |publisher= T&T Clark |isbn= 978-0-567-02932-4}}</ref>{{صفحات مرجع|204,217}} اعتقد أستروك أنه من خلال هذا النهج، قد حدّد المصادر المنفصلة التي جُمعت معًا لتحرير سفر التكوين. فسّرت فكرة وجود مصادر منفصلة عدم الاتساق في أسلوب ومفردات سفر التكوين، والتناقضات في السرد، والروايات المختلفة والصعوبات التاريخية، وإن كان لا زال محتملًا أن تكون من تأليف موسى.<ref name="Jean Astruc"/>{{صفحات مرجع|xvi}}<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Grieve |first1=Alexander James |editor1-last=Peake |editor1-first=Arthur Samuel |editor2-last=Grieve |editor2-first=Alexander James |title=A Commentary on the Bible |year=1920 |publisher=Harvard University |page=133}}</ref> كان عمل أستروك هذا بداية أعمال النقد الكتابي، ولأنه أصبح نموذجًا لكل من تبعه، غالبًا ما يُطلق عليه "أبو النقد الكتابي".<ref name="Jean Astruc"/>{{صفحات مرجع|204,217,210}}

ساهم تشكيك حركة [[تقوية (مسيحية)|التقوى]] الألمانية في السلطة الدينية في ظهور النقد الكتابي.<ref name="Peter Hans Reill"/>{{صفحات مرجع|6}} كما كان [[عقلانية (فلسفة)|للعقلانية]] أيضًا أثرها الكبير،<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Thielman |first1=Frank S. |title=Theology of the New Testament A Canonical and Synthetic Approach |year=2011 |publisher=Zondervan |isbn=978-0-310-86433-2 |pages=20, 22}}</ref><ref name="David R. Law1">{{استشهاد بكتاب|last1= Law |first1= David R. |title= The Historical-Critical Method: A Guide for the Perplexed |year= 2012 |publisher= T&T Clark |isbn= 978-0-56740-012-3}}</ref>{{صفحات مرجع|8,224}} ويُعد اللاهوتي السويسري جان ألفونس توريتان (1671–1737) مثالًا على "العقلانية المعتدلة" في ذلك العصر. اعتقد توريتان أن الكتاب المقدس هو وحي إلهي، لكنه أصر على أن الوحي يجب أن يكون متسقًا مع الطبيعة ومتناغمًا مع العقل، "لأن الله الذي هو مؤلف الوحي هو أيضًا خالق العقل".<ref name="Baird">{{استشهاد بكتاب|last1=Baird |first1=William |title=History of New Testament Research, Volume One: From Deism to Tübingen |year=1992 |publisher=Fortress Press |isbn=978-1-4514-2017-3}}</ref>{{صفحات مرجع|94,95}} أما العقلانية المتطرفة، فقد مثّلتها أعمال [[هاينريش باولوس]] الذي أنكر وجود المعجزات. وقد حاول يوهان زملر (1725–1791) في عمله التنقل بين الوحي الإلهي والعقلانية المتطرفة من خلال دعم وجهة النظر القائلة بأن الوحي كان "كشفًا إلهيًا عن الحقيقة المُدركة من خلال عمق التجربة الإنسانية".<ref name="Baird"/>{{صفحات مرجع|201,118}} ميّز زملر بين الدين "الداخلي" و"الظاهري": بالنسبة لبعض الناس، دينهم هو هدفهم الداخلي الأسمى، بينما بالنسبة للآخرين، الدين معظمه ممارسة خارجية - وسيلة لتحقيق أغراض أخرى أكثر أهمية للفرد، مثل السياسة أو الأهداف الاقتصادية. ويُشكّل الاعتراف بهذا التمييز الآن جزءًا من مجال [[علم الدين المعرفي|للعلوم المعرفية للدين]] الحديث.<ref name="David R. Law1"/>{{صفحات مرجع|43}}<ref>{{استشهاد بدورية محكمة|last1=Psiquiatr |first1=Bras |last2=Moreira-Almeida |first2=Alexander |last3=Neto |first3=Francisco Lotufo |last4=Koenig |first4=Harold G |title=Religiousness and mental health: a review |journal=Brazilian Journal of Psychiatry |date=10 August 2006 |volume=28 |issue=3 |pages=242–250 |doi=10.1590/S1516-44462006005000006|doi-access=free }}</ref> دعا زملر إلى وضع حد لجميع الافتراضات العقائدية، معطيًا النقد التاريخي طابعه [[اللاطائفية|غير الطائفي]]. ونتيجة لذلك، غالبًا ما يُطلق على زملر لقب "أبو البحث [[نقد تاريخي|النقدي التاريخي]].<ref name="David R. Law1" />{{صفحات مرجع|43}} على الرغم من الاختلاف في المواقف بين المفكرين والمؤرخين في عصر التنوير الألماني، إلا أن الجميع نظروا إلى التاريخ باعتباره المفتاح في بحثهم نحو الفهم.<ref name="Peter Hans Reill">{{استشهاد بكتاب|last1= Reill |first1= Peter Hanns |title= The German Enlightenment and the Rise of Historicism |year= 1975 |publisher= University of California Press |isbn= 978-0-520-02594-3}}</ref>{{صفحات مرجع|214}}

يقول عالم الاتصالات [[جيمس أ. هيريك|جيمس هيريك]] إنه على الرغم من أن معظم العلماء يتفقون على أن النقد الكتابي تطور من عصر التنوير الألماني، إلا أن هناك بعض مؤرخي النقد الكتابي وجدوا "روابط مباشرة قوية" مع حركة ال[[ربوبية]] البريطانية. أشار هيريك إلى اللاهوتي الألماني هينينغ غراف ريفينتلو (1929–2010) بأنه ربط الربوبية [[إنسانوية (فلسفة)|بالرؤية الإنسانية]] للعالم، والتي كانت ذات أهمية في النقد الكتابي.<ref name="James A. Herrick">{{استشهاد بكتاب| last1 = Herrick | first1 = James A. | author-link1 = | chapter = Characteristics of British Deism | title = The Radical Rhetoric of the English Deists: The Discourse of Skepticism, 1680–1750 | url = https://books.google.com/books?id=7DPn4RtTbUgC | series = Studies in rhetoric/communication| publisher = University of South Carolina Press | year = 1997 | page = 40 | isbn = 978-1-57003-166-3 | quote = ويخلص [ريفنتلو] إلى: "لا يمكننا المبالغة في تقدير التأثير الذي يمارسه الفكر الربوبي، ومبادئ النظرة الإنسانية للعالم التي جعلها الربوبيون معيارًا لنقدهم الكتابي، على التفسير النقدي التاريخي أثناء القرن التاسع عشر [...]' (ريفنتلو، سلطة الكتاب المقدس، ص 412).}}</ref><ref name="Ulrich Groetsch"/>{{صفحات مرجع|13–15}} أكد ماثيو تيندال (1657–1733)، أحد أعضاء حركة الربوبية البريطانية، أن يسوع علّم {{وإو|تر=natural religion|عر=دين طبيعي|نص=دينًا طبيعيًا}} غير عقائدي قامت الكنيسة فيما بعد بتغييره إلى شكله العقائدي الخاص. كانت وجهة نظر تيندال حول المسيحية أنها "مجرد تأكيد للدين الطبيعي وإنكاره الحازم لما هو خارق للطبيعة"، وقادته إلى استنتاج أن "الدين الموحى به غير ضروري".<ref>{{استشهاد بدورية محكمة|last1=Lucci |first1=Diego |last2=Wigelsworth |first2=Jeffrey R. |title=God does not act arbitrarily, or interpose unnecessarily: providential deism and the denial of miracles in Wollaston, Tindal, Chubb, and Morgan |journal=Intellectual History Review |year=2015 |volume=25 |issue=2 |pages=176, 177 |doi=10.1080/17496977.2014.992628 |s2cid=170989245 |url=https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/17496977.2014.992628?journalCode=rihr20}}</ref> كان للربوبية البريطانية أيضًا تأثير على الفيلسوف والكاتب [[هيرمان صمويل ريماروس|هيرمان ريماروس]] في تطوير نقده للوحي.<ref name="Ulrich Groetsch"/>{{صفحات مرجع|13}}

دعا عالم الكتاب المقدس [[ميخائيلس|يوهان ميكايليس]] إلى استخدام [[لغات سامية|اللغات السامية]] الأخرى إلى جانب العبرية لفهم العهد القديم. وفي سنة 1750م، كتب أول مقدمة نقدية حديثة للعهد الجديد.<ref name="Michaelis1802">{{استشهاد بكتاب|last=Michaelis |first=Johann David |title=Introduction to the New Testament |url=https://books.google.com/books?id=52suAAAAYAAJ |edition=Second |volume={{بدون لف|II (part II)}} |year=1802 |publisher=F. and C. Rivington}}</ref><ref name="J. W. Rogerson">{{استشهاد بكتاب|last= Rogerson |first= J. W.|chapter= Johann David Michaelis|editor1-last= McKim |editor1-first= Donald K. |title= Dictionary of Major Biblical Interpreters|year= 2007|publisher= InterVarsity Press |isbn=978-0-8308-2927-9|page=737}}</ref> وبدلاً من تفسير الكتاب المقدس تاريخيًا، استخدم [[يوهان غوتفريد آيكهورن|يوهان آيشهورن]] و[[يوهان فيليب جابلر|يوهان جابلر]] و[[جورج لورينز باور|جورج باور]] مفهوم [[الأسطورة]] كأداة لتفسير الكتاب المقدس. كما استخدم [[رودولف بولتمان]] هذا النهج لاحقًا، وأصبح مؤثرًا بشكل خاص في أوائل القرن العشرين الميلادي.<ref name="Baird"/>{{صفحات مرجع|117, 149–150, 188–191}}

يقول عالم الدراسات السامية جورج بيري إن مصطلح "النقد الأعلى"، والذي يستخدم أحيانًا كاسم بديل للنقد التاريخي، استخدمه آيشهورن لأول مرة في عمله المؤلف من ثلاثة مجلدات «مقدمة للعهد القديم» الذي نُشر بين عامي 1780م و1783م. وقد استُخدم هذا المصطلح في الأصل للتمييز بين النقد الأعلى، وهو مصطلح النقد التاريخي، والنقد الأدنى، وهو المصطلح الشائع الاستخدام للنقد النصي في ذلك الوقت،<ref>{{استشهاد بدورية محكمة|last1=Berry |first1=George Ricker |title=Biblical Criticism and Archaeology |journal=Journal of Bible and Religion |year=1938 |volume=6 |issue=3 |pages=131–171 |jstor=1457569 |url=http://www.jstor.org/stable/1457569 |access-date=22 October 2020 |archive-date=31 October 2020 |archive-url=https://web.archive.org/web/20201031150702/https://www.jstor.org/stable/1457569 |url-status=live }}</ref> والذي لم يعد يستخدم كثيرًا في دراسات القرن الحادي والعشرين.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|108}} وتُعد وجهة نظر القرن الحادي والعشرين الميلادي حول أصول النقد الكتابي، والتي تُرجعها إلى الإصلاح هي وجهة نظر أقلية، إلا أنهم يرون أن الإصلاح هو مصدر دفاع الكتاب المقدس عن التحرر من السلطة الخارجية التي تفرض وجهة نظرها على تفسير الكتاب المقدس.<ref name="Rogerson">{{استشهاد بكتاب|last= Rogerson |first= J. W. |chapter= Higher Criticism |editor1-last= Hastings |editor1-first= Adrian |editor2-last= Mason |editor2-first= Alistair |editor3-last= Pyper |editor3-first= Hugh |title= The Oxford Companion to Christian Thought |year= 2000 |publisher= Oxford University Press |isbn= 978-0-19-860024-4 |chapter-url= https://archive.org/details/oxfordcompaniont00hast |url-access= registration |url= https://archive.org/details/oxfordcompaniont00hast}}</ref>{{صفحات مرجع|297–298}}<ref name="John Barton"/>{{صفحات مرجع|189}} قبل وقت طويل من عصر ريتشارد سيمون، كان السياق التاريخي لنصوص الكتاب المقدس مهمًا ليواكيم كاميراريوس (1500م–1574م) الذي كتب دراسة [[فقه اللغة|فقهية]] لأوجه الكلام في نصوص الكتاب المقدس باستخدام سياق الكلام لفهم مقاصد النص.<ref>{{استشهاد بكتاب|editor1-last=Baier |editor1-first=Thomas |title=Camerarius Polyhistor Wissensvermittlung im deutschen Humanismus|language=de |year=2017 |publisher=Narr Francke Attempto Verlag |isbn=978-3-8233-0037-3}}</ref> كما مهّد [[هوغو غروتيوس]] الطريق لدراسات [[مقارنة الأديان]] من خلال تحليل نصوص [[العهد الجديد]] في ضوء الكتابات القديمة واليهودية والمسيحية المبكرة.<ref name="Richard Muller">{{استشهاد بكتاب|last1= Muller |first1= Richard |editor1-last= McKim |editor1-first= Donald K. |editor1-link= |title= Historical Handbook of Major Biblical Interpreters |year= 1998 |publisher= InterVarsity Press |isbn= 978-0-8308-1452-7 |chapter= Biblical Interpretation in the Sixteenth and Seventeenth Centuries |url= https://archive.org/details/historicalhandbo0000unse_d6x3 }}</ref>{{صفحات مرجع|140}}

==== يسوع التاريخي: البحث الأول ====
يُشار أحيانًا إلى البحث الأول عن يسوع التاريخي باسم "البحث القديم".<ref name="Holmén">{{استشهاد بكتاب|last1=Holmén |first1=Tom |title=Handbook for the Study of the Historical Jesus |year=2011 |publisher=Brill |isbn=978-90-04-16372-0 }}</ref>{{صفحات مرجع|888}} بدأ البحث مع نشر عمل [[هيرمان صمويل ريماروس|لهيرمان ريماروس]] بعد وفاته، حيث إدعى [[إفرايم ليسينغ]] أنه اكتشف نسخًا من كتابات ريماروس في مكتبة فولفنبوتل عندما كان أمين المكتبة هناك.<ref name="Holmén"/>{{صفحات مرجع|862}} ترك ريماروس إذنًا بنشر أعماله بعد وفاته، وقد فعل ليسينغ ذلك بين عامي 1774م و1778م، ونشرها تحت عنوان «مقاطع لمؤلف مجهول».<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Spalding |first1=Almut |editor1-last=Spalding |editor1-first=Almut |editor2-last=Spalding |editor2-first=Paul S. |title=The Account Books of the Reimarus Family of Hamburg, 1728–1780 |date=2015 |publisher=Brill |isbn=978-90-04-30079-8 |page=58}}</ref> بمرور الوقت، أصبحت تُعرف باسم مقاطع فولفنبوتيل. فرّق ريماروس بين ما علّمه يسوع، وكيف تم تصويره في العهد الجديد. وفقًا لريماروس، كان يسوع [[مشيح|مسيحًا]] سياسيًا فشل في إحداث تغيير سياسي، وأُعدم من قبل الدولة الرومانية باعتباره متمردًا، ثم سرق تلاميذه جسده، واخترعوا قصة قيامته لتحقيق مكاسب شخصية.<ref name="Ulrich Groetsch">{{استشهاد بكتاب|last1= Groetsch |first1= Ulrich |title= Hermann Samuel Reimarus (1694–1768): Classicist, Hebraist, Enlightenment Radical in Disguise |year= 2015 |publisher= Brill|isbn= 978-90-04-27299-6|pages=239, 240}}</ref> يعترف [[ألبرت شفايتزر]] في كتابه [[البحث عن يسوع التاريخي]] بأن عمل ريماروس جدلي، وليس دراسة تاريخية موضوعية، وأشار إليه أيضًا على أنه "تحفة من روائع الأدب العالمي".<ref name="Schweitzer">{{استشهاد بكتاب|last1=Schweitzer |first1=Albert |editor1-last=Bowden |editor1-first=John |title=The Quest of the Historical Jesus |year=2001 |publisher=Fortress Press |isbn=978-1-4514-0354-1}}</ref>{{صفحات مرجع|22,16}} وفقًا لشفايتزر، كان ريماروس مخطئًا في افتراضه أن أحاديث يسوع حول نهاية العالم لم تكن سماوية وذات أهداف سياسية، ولكنه كان على حق في النظر إلى يسوع باعتباره واعظًا متنبّئًا بنهاية العالم، كما يتضح من تحذيراته المتكررة حول تدمير القدس ونهاية الزمان. أصبح هذا النهج الأخروي لفهم يسوع منذ ذلك الحين عالميًا في النقد الكتابي الحديث.<ref name="Schweitzer"/>{{صفحات مرجع|viii,23,195}} علّق شفايتزر أيضًا بأنه بما أن ريماروس كان مؤرخًا وليس لاهوتيًا أو باحثًا في الكتاب المقدس، فإنه لم يكن لديه أدنى فكرة عن "إن نقد المصدر هذا من شأنه أن يوفر الحل لمشاكل الاتساق الأدبي التي أثارها رايماروس".<ref name="Schweitzer"/>{{صفحات مرجع|15}}

رد زملر على عمل ريماروس المثير للجدل سنة 1779م بكتابه «الرد على مقاطع المؤلف المجهول».<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Brown |first1=Colin |editor1-last=Wilkens |editor1-first=Steve |editor2-last=Padgett |editor2-first=Alan G. |editor3-last=Brown |editor3-first=Colin |title=Christianity and Western Thought From the Ancient World to the Age of Enlightenment |year=2010 |publisher=InterVarsity Press |isbn=978-0-8308-3951-3 |page=305}}</ref> كتب شفايتزر أن زملر "قام وقتل ريماروس باسم اللاهوت العلمي".<ref name="Schweitzer"/>{{صفحات مرجع|25}} أدت مكانة زملر إلى قمع نشر ودراسة أعمال ريماروس مؤقتًا، لكن لم يكن لرد زملر تأثيرًا طويل المدى.<ref name="Schweitzer"/>{{صفحات مرجع|25,26}} من ناحية أخرى، كان لكتابات ريماروس تأثيرًا طويل المدى، حيث أحدثت تغييرًا دائمًا في أسلوب النقد الكتابي من خلال توضيح أنه بالإمكان وجود منحى مستقل عن اللاهوت والإيمان.<ref name="David R. Law1"/>{{صفحات مرجع|46}}<ref name="Schweitzer"/>{{صفحات مرجع|23–26}} أظهر عمل ريماروس أيضًا أن النقد الكتابي يمكن أن يخدم أهدافه الخاصة، وأن يكون محكومًا فقط بالمعايير العقلانية الرافضة للإذعان للتقاليد الدينية.<ref name="David R. Law1"/>{{صفحات مرجع|46–48}} ظل تساؤل ريماروس الذي يدور حول "إلى أي حد كان يسوع سياسيًا؟"، موضع نقاش من قبل اللاهوتيين والمؤرخين مثل فولفغانغ شتيجمان وجيرد ثيسن و[[كرايغ إس. كينر|كريج كينر]].<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Stegemann |first1=Wolfgang |editor1-last=Malina |editor1-first=Bruce J. |editor2-last=Stegemann |editor2-first=Wolfgang |editor3-last=Theissen |editor3-first=Gerd |title=The Social Setting of Jesus and the Gospels |year=2002 |publisher=Fortress Press |isbn=978-1-4514-2043-2 |page=225}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Theissen |first1=Gerd |last2=Merz |first2=Annette |title=The Historical Jesus A Comprehensive Guide |publisher=Fortress Press |isbn=978-1-4514-0863-8 |page=443}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Keener |first1=Craig S. |title=The Historical Jesus of the Gospels |year=2012 |publisher=Eerdmans |isbn=978-0-8028-6888-6 |pages=174, 320}}</ref>

بالإضافة إلى إشرافه على نشر أعمال ريماروس، قدم ليسينغ مساهمات خاصة به، زاعمًا بأن الدراسة الصحيحة للنصوص الكتابية تتطلب معرفة السياق الذي كتبت فيه، وهو ما يقبله الآن أهل العلم.<ref name="David R. Law1"/>{{صفحات مرجع|49}}

===القرن التاسع عشر الميلادي===
يقول ريتشارد وكيندال سولين أن النقد الكتابي وصل إلى ذروته في القرن التاسع عشر الميلادي، ليصبح "تحوّلًا حقيقيًا رئيسيًا في الدراسات الكتابية في العصر الحديث".<ref name="Soulenthird" />{{صفحات مرجع|79}} تمثّلت ذروة تأثير النقد الكتابي في [[مدرسة تاريخ الأديان]]،{{Refn|group=note|تُعرف بالألمانية باسم ''Kultgeschichtliche Schule'' أو ''Religionsgeschichtliche Schule''.<ref name="Soulenthird" />{{صفحات مرجع|161}}}} حين تشارك مجموعة من اللاهوتيين البروتستانت الألمان مع [[جامعة غوتينغن]]<ref name="Soulenthird" />{{صفحات مرجع|161}} في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي في سعيهم إلى فهم اليهودية والمسيحية من خلال دراسة شاملة لتاريخ الدين.<ref name="Baird"/>{{صفحات مرجع|222}} استخدم علماء كتاب مقدس آخرون من خارج مدرسة غوتينغن، مثل هاينريش يوليوس هولتزمان (1832–1910) النقد الكتابي أيضًا، حيث قام هولتزمان بتطوير القائمة الأولى للترتيب الزمني لنصوص العهد الجديد بناءً على الدراسات النقدية.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|82}}

لا تزال العديد من الأفكار حول فهم الكتاب المقدس التي بدأت في القرن التاسع عشر الميلادي قيد المناقشة للآن في القرن الحادي والعشرين الميلادي. فمثلًا، في سنة 1835م ثم في سنة 1845م، افترض اللاهوتي [[فرديناند كريستيان باور|فرديناند باور]] أن هناك جدالاً دار بين [[تلاميذ المسيح|التلميذين]] [[بطرس]] و[[بولس الطرسوسي|بولس]] أدى إلى شقاق بينهما، وبالتالي أثّر على نمط المسيحية من ذاك الحين.<ref name="Martin Hengel">{{استشهاد بكتاب|last1=Hengel |first1=Martin |translator=Thomas Trapp|orig-year=2006 |title=Saint Peter: The Underestimated Apostle |year=2010 |publisher= Eerdmans |isbn= 978-0-8028-2718-0 |pages=viii,58}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|last=Hafemann |first=S. J. |author-link= |chapter=Baur, F. C. |editor1-last=McKim |editor1-first=Donald K. |title=Historical Handbook of Major Biblical Interpreters |year=1998 |publisher=InterVarsity Press |isbn=978-0-8308-1452-7 |url=https://archive.org/details/historicalhandbo0000unse_d6x3 }}</ref>{{صفحات مرجع|91–95}} لا زالت تلك الفرضية تثير جدلاً واسع النطاق في موضوعات مثل الدراسات البولسية، ودراسات العهد الجديد، ودراسات الكنيسة المبكرة، والشريعة اليهودية، و[[نعمة (مسيحية)|لاهوت النعمة]]، و[[تبرير (علم اللاهوت)|عقيدة التبرير]].<ref name="Martin Hengel"/>{{صفحات مرجع|286–287}} كما لا يزال تحدي [[ألبرخت ريتشل]] لنظرية الكفارة الأرثوذكسية مؤثرًا على الفكر المسيحي.<ref name="Baird"/>{{صفحات مرجع|92}}

اعتقد علماء النقد الكتابي في القرن التاسع عشر الميلادي أن عملهم يُعد استمرارًا لأهداف الإصلاح البروتستانتي.<ref name="Soulenfourth">{{استشهاد بكتاب|last1=Soulen |first1=Richard N. |last2=Soulen |first2=R. Kendall |title=Handbook of Biblical Criticism |edition=Fourth |year=2011 |publisher=Westminster John Knox Press |isbn=978-0-664-23534-5 |url=https://archive.org/details/handbookofbiblic0000soul_j8z4 }}</ref>{{صفحات مرجع|89}} وفقًا ل[[روبرت إم. غرانت|روبرت غرانت]] و[[ديفيد تريسي]]، كانت إحدى أبرز السمات لفتًا للانتباه في تطور تفسير الكتاب المقدس خلال القرن التاسع عشر الميلادي هي الطريقة التي كانت توجّه بها الافتراضات الفلسفية هذا التطوّر ضمنيًا.<ref name="Joseph G. Prior"/>{{صفحات مرجع|91 fn.8}} أشار مايكل جوزيف براون إلى أن النقد الكتابي كان يعمل وفقًا لمبادئ ترتكز على عقلانية أوروبية متميزة.
بحلول نهاية القرن التاسع عشر، تم الاعتراف بهذه المبادئ من قبل [[إرنست ترويلتش]] في مقال بعنوان "المنهج التاريخي والعقائدي في اللاهوت"، حيث وصف ثلاثة مبادئ للنقد الكتابي: الشك المنهجي (البحث عن اليقين من خلال الشك في كل شيء)؛ التشبيه (فكرة فهم الماضي من خلال ربطه بحاضرنا)؛ والاعتماد المتبادل (ربط كل حدث بالأحداث التي سبقته).<ref name="Michael Joseph Brown">{{استشهاد بكتاب|last1=Brown |first1=Michael Joseph |title=Blackening of the Bible: The Aims of African American Biblical Scholarship |year=2004 |publisher=Bloomsbury Academic |isbn=978-1-56338-363-2 |pages=[https://archive.org/details/blackeningofbibl0000brow/page/3 3, 4] |url=https://archive.org/details/blackeningofbibl0000brow }}</ref>

أدى تركيز النقد الكتابي على العقل الخالص إلى إحداث نقلة نوعية أدت إلى تغيير عميق في اللاهوت المسيحي فيما يتعلق باليهود. استخدم أندرس جيردمار المعنى القانوني للتحرر، حيث قال "إن عملية تحرير العقل من الكتاب المقدس ... تسير بالتوازي مع تحرير المسيحية من اليهود".<ref name="Anders Gerdmar">{{استشهاد بكتاب|last1=Gerdmar |first1=Anders |title=Roots of Theological Anti-Semitism German Biblical Interpretation and the Jews, from Herder and Semler to Kittel and Bultmann |year=2009 |publisher=Brill |isbn=978-90-04-16851-0}}</ref>{{صفحات مرجع|22}} في القرن الماضي، كان زملر أول بروتستانتي تنويري يدعو إلى "نزع اليهودية" عن المسيحية، وكتب أيضًا مقالًا دينيًا كان سلبيًا بشدة تجاه اليهود واليهودية؛<ref name="Anders Gerdmar"/>{{صفحات مرجع|25,27}} وقال بأن المسيحية تُلغي ما قبلها.<ref name="Anders Gerdmar"/>{{صفحات مرجع|39, 40}} أصبحت عقيدة ال[[استبدالية]] بديلة [[ألفية (مسيحية)|للتفسير الحرفي]] عند [[يوهان جوتفريد هردر|يوهان هردر]] و[[فريدريك شلايرماخر]] وفيلهلم مارتن ليبرخت دي فيت و[[فرديناند كريستيان باور|فرديناند باور]] و[[دافيد فريدريك شتراوس|ديفيد شتراوس]] وألبرخت ريتشل أعضاء مدرسة تاريخ الأديان في تسعينيات القرن التاسع عشر الميلادي، وفي مجال [[تاريخ الصيغة اللغوية|نقد الصياغة]] خلال القرن العشرين الميلادي حتى [[الحرب العالمية الثانية]].<ref name="Anders Gerdmar"/>{{صفحات مرجع|vii–xiii}}

==== يسوع التاريخي: حيوات يسوع ====
شهد أواخر القرن التاسع عشر اهتمامًا متجددًا بالبحث عن يسوع التاريخي، والذي تضمن في المقام الأول كتابة عدة إصدارات من حياة يسوع. كان [[دافيد فريدريك شتراوس|ديفيد شتراوس]] من أبرز العلماء المهتمين بهذا المجال حيث استخدم في كتابه "حياة يسوع" تفسيرًا خُرافيًا للأناجيل لتقويضها تاريخيًا. كان لهذا الكتاب أهمية ثقافية لمساهمته في إضعاف سلطة الكنيسة، كما كانت له أهمية لاهوتية لأنه تحدى [[كرستولوجيا|لاهوتية المسيح]].<ref>{{استشهاد بكتاب|last=Morgan |first=R. |chapter=Strauss, David Friedrich |editor1-last=McKim |editor1-first=Donald K. |title=Historical Handbook of Major Biblical Interpreters |year=1998 |publisher=InterVarsity Press |isbn=978-0-8308-1452-7 |pages=[https://archive.org/details/historicalhandbo0000unse_d6x3/page/364 364, 365] |url=https://archive.org/details/historicalhandbo0000unse_d6x3 }}</ref> في سنة 1900م، وصف [[أدولف فون هارناك]] في كتابه "جوهر المسيحية" يسوع بأنه كان مُصلحًا.<ref name="Holmberg">{{استشهاد بكتاب|last1=Holmberg |first1=Bengt |editor1-last=Holmén |editor1-first=Tom |editor2-last=Porter |editor2-first=Stanley |title=Handbook for the Study of the Historical Jesus |year=2011 |publisher=Brill |isbn=978-9-00416-372-0 |chapter=Futures for the Jesus Quest |page=888}}</ref> كما رفض [[ويليام وريد]] جميع الجوانب الدينية ليسوع، وأكّد أن وصف يسوع بالمسيح ظهر فقط في مجتمع المسيحية المبكر، ولم يأت باعتراف من يسوع نفسه.<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Dunn |first1=James D. G. |title=Jesus Remembered Christianity in the Making, Volume 1 |date=2003 |publisher=Eerdmans |isbn=9780802839312 |page=625}}</ref> أما [[إرنست رينان]]، فقد روّج للمنهج النقدي، وكان معارضًا للعقيدة التقليدية حول يسوع.<ref>{{استشهاد بموسوعة|last=Wardman |first=Harold W. |title=Ernest Renan|encyclopedia=Encyclopaedia Britannica |edition=Online |date=28 September 2020 |url=https://www.britannica.com/biography/Ernest-Renan}}</ref> حصل {{وإو|تر=Wilhelm Bousset|عر=فيلهلم بوسيت}} على تكريمات من مدرسة تاريخ الأديان من خلال مقارنته لما أسماه التعاليم المبهجة لبر يسوع الجديد في مقابل ما رآه بوسيت الدعوة القاتمة للتوبة التي دعا إليها [[يوحنا المعمدان]].<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Backhaus |first1=Knut |editor1-last=Porter |editor1-first=Stanley |editor2-last=Holmén |editor2-first=Tom |title=Handbook for the Study of the Historical Jesus |year=2011 |publisher=Brill |isbn=978-90-04-16372-0 |page=1750 |chapter=Echoes from the wilderness: The historical John the Baptist}}</ref> أثناء تواجده في غوتينغن، كتب [[يوهانس وايس|يوهانس فايس]] أكثر أعماله أثرًا عن تصريحات يسوع حول [[نهاية العالم]].<ref name="Gregory W. Dawes">{{استشهاد بكتاب|last1=Dawes |first1=Gregory W. |editor1-last=Dawes |editor1-first=Gregory W. |title=The Historical Jesus Quest: Landmarks in the Search for the Jesus of History |year=2000 |publisher=Westminster John Knox Press|isbn=978-0-664-22262-8 |pages=172–173}}</ref>

في سنة 1896م، كتب مارتن كاهلر كتابه "ما يسمى بيسوع التاريخي والمسيح التاريخي الكتابي"، الذي انتقد فيه منهجية البحث عن يسوع التاريخي، حيث ذكّر بحدود البحث التاريخي، حيث قال بأنه من المستحيل فصل يسوع التاريخي دون الإيمان بيسوع، حيث أن يسوع معروف فقط من خلال الوثائق التي اعتبرته المسيح.<ref name="Witherington III1997"/>{{صفحات مرجع|10}} لم يُعتبر منهج "البحث القديم عن يسوع التاريخي" مغلقًا، حتى كتب [[ألبرت شفايتزر]] كتابه "البحث عن يسوع التاريخي" سنة 1910م، الذي انتقد فيه بشكل لاذع السير المختلفة عن حياة يسوع التي كُتبت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، ووصفها بأنها تعكس حياة مؤلفيها أكثر من حياة يسوع.<ref name="J. A. McGuckin">{{استشهاد بكتاب|author-last=McGuckin|author-first=J. A.|editor1-last=Hastings|editor1-first=Adrian|editor2-last=Mason|editor2-first=Alistair|editor3-last=Pyper|editor3-first=Hugh|chapter=Quest of the Historical Jesus|title=The Oxford Companion to Christian Thought|year=2000|publisher=Oxford University Press|isbn=978-0-19-860024-4|chapter-url=https://archive.org/details/oxfordcompaniont00hast|url-access=registration|url=https://archive.org/details/oxfordcompaniont00hast|page=587}}</ref> أحدث كتاب شفايتزر ثورة في دراسة العهد الجديد في مطلع القرن العشرين الميلادي من خلال إثباته لمعظم العالم الأكاديمي أن تعاليم يسوع وأفعاله كانت منطلقة من نظرته [[علم الآخرات|الأخروية]]؛ وبذلك أنهى مجال البحث حول يسوع الأخروي،<ref name="Soulenfourth"/>{{صفحات مرجع|173}}<ref name="Casey2010"/>{{صفحات مرجع|2–4}} لذا قال شفايتزر بأن أي بحث مستقبلي عن يسوع التاريخي لا معنى له.<ref name="Witherington III1997">{{استشهاد بكتاب|last1=Witherington III |first1=Ben |title=The Jesus Quest: The Third Search for the Jew of Nazareth |year=1997 |publisher=InterVarsity Press |isbn=978-0-8308-1544-9}}</ref>{{صفحات مرجع|10}}

=== القرن العشرين الميلادي ===
في أوائل القرن العشرين الميلادي، تشكّل النقد الكتابي من خلال عاملين رئيسيين يتصارعان فيما بينهما. أولاً، نشأة نقد الصياغة وتحوُّل محور النقد الكتابي من المؤلف إلى النص الأدبي، ومن الفرد إلى المجتمع. ثانيًا، بدأ الجهد العلمية لاستعادة الأهمية الدينية للكتاب المقدس.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|20}} ابتعد [[كارل بارث]] و[[رودولف بولتمان]] وغيرهم عن الاهتمام بيسوع التاريخي، وركّزوا بدلاً من ذلك على [[كرازة|البشارة]]: رسالة العهد الجديد.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|20}}<ref name="William Stacy James">{{استشهاد بكتاب|author1-last=James |author1-first=William Stacy |editor1-last=McKim |editor1-first=Donald K. |title=Historical Handbook of Major Biblical Interpreters |year=1998 |publisher=InterVarsity Press |isbn=978-0-83081-452-7 |chapter=Karl Barth |page=[https://archive.org/details/historicalhandbo0000unse_d6x3/page/433 433] |url=https://archive.org/details/historicalhandbo0000unse_d6x3 }}</ref>

يتفق معظم العلماء على أن بولتمان هو أحد أكثر اللاهوتيين تأثيرًا في القرن العشرين الميلادي، لكنه كان يتمتع أيضًا "بسمعة سيئة السمعة لنزعته نحو نزع الأساطير"، وهو الأمر الذي أثار جدلًا حول العالم.<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Labron |first1=Tim |title=Bultmann Unlocked |date=2011 |publisher=Bloomsbury Academic |isbn=978-0-567-03153-2 |page=4}}</ref><ref name="Konrad Hammann">{{استشهاد بكتاب|last1= Hammann |first1= Konrad |title= Rudolf Bultmann: a Biography |year= 2012 |publisher= Polebridge Press |isbn= 978-1-59815-118-3}}</ref> يشير مصطلح "نزع الأساطير" إلى إعادة تفسير القصص الكتابية من خلال أفكار [[وجودية|الفلسفة الوجودية]] ل[[مارتن هايدغر]].<ref name="Chan">{{استشهاد بكتاب|last1=Chan |first1=Mark L. Y. |editor1-last=Martinez |editor1-first=Juan F. |editor2-last=Chan |editor2-first=Simon |editor3-last=Kärkkäinen |editor3-first=Veli-Matti |editor4-last=William A. |editor4-first=William A. |title=Global Dictionary of Theology: A Resource for the Worldwide Church |year=2009 |publisher=InterVarsity Press |isbn=978-0-8308-7811-6 |pages=381–382 |chapter=Hermeneutics}}</ref> زعم بولتمان أن القصص "حقيقية" من الناحيتين الأنثروبولوجية والوجودية، ولكنها لا تتفق مع دراسات نشأة الكون.<ref>{{استشهاد بكتاب|editor1-last=Miles-Watson |editor1-first=Jonathan |editor2-last=Asimos|editor2-first=Vivian |title=The Bloomsbury Reader in the Study of Myth |year=2019 |publisher=Bloomsbury Publishing |isbn=978-1-350-08226-7 |page=280}}</ref> وبصفته مؤيدًا رئيسيًا [[تاريخ الصيغة اللغوية|لمنهج نقد الصياغة]]، وضع بولتمان جدول أعمال لجيل لاحق من علماء العهد الجديد الرائدين في هذا المجال.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|21}} وفي منتصف القرن تقريبًا، بدأت التوجهات الجماعية للنقاد الكتابيين تتغير. كان ذلك بسبب اسهامات علماء من خلفيات غير بروتستانتية.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|21}} كما بدأ {{ال|نقد|تحريري}} أيضًا مع منتصف القرن العشرين الميلادي. وفي الوقت الذي كان فيه نقد الصياغة يُقسّم النص إلى وحدات صغيرة، كان النقد التحريري بدلًا من ذلك يهتم بالتأكد من السلامة الأدبية للوحدات الأدبية الأكبر حجمًا.<ref name="Norman Perrin">{{استشهاد بكتاب|last1= Perrin |first1= Norman|title= What is Redaction Criticism? |year= 2002 |publisher= Wipf & Stock |isbn= 978-1-57910-545-7 |page=vi}}</ref><ref name="Handbook">{{استشهاد بكتاب|editor1-last= McKim |editor1-first= Donald K. |title= Historical Handbook of Major Biblical Interpreters |year= 1998 |publisher= IVP Academic |isbn= 978-0-8308-1452-7 |url= https://archive.org/details/historicalhandbo0000unse_d6x3 }}</ref>{{صفحات مرجع|443}}

جدّد اكتشاف [[مخطوطات البحر الميت]] في [[خربة قمران|قمران]] سنة 1945م الاهتمام بمساهمات الآثار المكتشفة في الدراسات الكتابية، لكنه شكّل أيضًا تحديات للنقد الكتابي.<ref name="James H. Charlesworth">{{استشهاد بكتاب|last1= Charlesworth |first1= James H. |editor1-last= Charlesworth |editor1-first= James H. |title= The Bible and the Dead Sea Scrolls: Scripture and the scrolls |year= 2006 |publisher= Baylor University Press |isbn= 978-1-932792-19-5|chapter= The Dead Sea Scrolls: Their Discovery and Challenge to Biblical Studies}}</ref>{{صفحات مرجع|9,149}} فمثلًا، ترتبط غالبية نصوص البحر الميت ارتباطًا وثيقًا [[المخطوطات الماسورتية|بالنص الماسوري]] الذي يرتكز عليه العهد القديم المسيحي، بينما تشابهت نصوص أخرى أكثر مع [[الترجمة السبعينية]] (النسخة اليونانية القديمة من النصوص العبرية)، وتشابهت مجموعة ثالثة مع نصوص من [[توراة سامرية|أسفار موسى الخمسة السامرية]].<ref name="James H. Charlesworth"/>{{صفحات مرجع|241,149}}<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=VanderKam |first1=James |last2=Flint |first2=Peter |title=The Meaning of the Dead Sea Scrolls Their Significance For Understanding the Bible, Judaism, Jesus, and Christianity |year=2005 |publisher=Bloomsbury Academic |isbn=978-0-567-08468-2 |page=[https://archive.org/details/meaningofdeadsea0000vand/page/143 143] |url=https://archive.org/details/meaningofdeadsea0000vand }}</ref> أثار ذلك التساؤلات حول ما إذا كان هناك شيء يسمى "النص الأصلي" أم لا؟. وإذا لم يكن هناك نص أصلي، فإن الهدف من النقد النصي نفسه، سيصبح محل تساؤل.<ref name="David R. Law1"/>{{صفحات مرجع|82}}

استخدم عالم العهد الجديد يواكيم إيريمياس (1900–1979) علم اللغة والبيئة اليهودية التي عاش فيها يسوع في القرن الأول الميلادي لتفسير العهد الجديد.<ref name="Handbook"/>{{صفحات مرجع|495}} أثارت حركة اللاهوت الكتابي في الخمسينيات جدلاً بين علماء العهد القديم والعهد الجديد حول وحدة الكتاب المقدس. أدى ظهور {{ال|نقد|تحريري}} إلى إنهاء هذا الجدال من خلال التركيز بشكل أكبر على الاختلافات.<ref>{{استشهاد بكتاب|last1= Sheppard |first1= G. T. |last2= Thiselton |first2= A. C. |editor1-last= McKim |editor1-first= Donald K. |title= Dictionary of Major Biblical Interpreters |year= 2007 |publisher= IVP Academic |isbn= 978-0-8308-2927-9 |chapter= Biblical Interpretation in Europe in the Twentieth Century |page=82}}</ref> وفي سنة 1953م، بدأت موجة جديدة من البحث عن يسوع التاريخي.<ref name="Holmén"/>{{صفحات مرجع|34}}

بعد سنة 1970م، تغيّر النقد الكتابي بشكل جذري وشامل.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|vii,21}} كان {{ال|نقد|جديد}} الذي تطور كمساعد للنقد الأدبي، يهتم بتفاصيل الأسلوب.<ref>{{استشهاد بكتاب|last=Ward |first=Graham |editor1-last=Hastings |editor1-first=Adrian |editor2-last=Mason |editor2-first=Alistair |editor3-last=Bennett |editor3-first=Cecily |editor4-last=Pyper |editor4-first=Hugh |editor5-last=Lawrie |editor5-first=Ingrid |title=The Oxford Companion to Christian Thought |year=2000 |publisher=Oxford University Press |isbn=978-0-19-860024-4 |page=[https://archive.org/details/oxfordcompaniont00hast/page/13 13] |url=https://archive.org/details/oxfordcompaniont00hast }}</ref> كما تطورت [[تاريخانية جديدة|التاريخية الجديدة]]، وهي [[نظرية أدبية]] تنظر إلى التاريخ من خلال الأدب.<ref name="Greenspahn">{{استشهاد بكتاب|last1= Berlin |first1= Adele |editor1-last= Greenspahn |editor1-first= Frederick E. |title= The Hebrew Bible: New Insights and Scholarship |year= 2008 |publisher= New York University Press|isbn= 978-0-8147-3188-8 |chapter= Literary Approaches to Biblical Literature |pages=60, 61}}</ref> وبدأ النقد الكتابي في تطبيق مناهج أدبية جديدة مثل ال[[بنيوية]] و{{ال|نقد|بلاغي}}، والتي ركّزت بشكل أقل على التاريخ وبشكل أكثر على النصوص نفسها.<ref name="Pierre Bühler">{{استشهاد بكتاب|last= Bühler |first= Pierre |chapter= Hermeneutics |editor1-last= Hastings |editor1-first= Adrian |editor2-last= Mason |editor2-first= Alistair |editor3-last= Pyper |editor3-first= Hugh |title= The Oxford Companion to Christian Thought |year= 2000 |publisher= Oxford University Press |isbn= 978-0-19-860024-4 |chapter-url= https://archive.org/details/oxfordcompaniont00hast |url-access= registration |url= https://archive.org/details/oxfordcompaniont00hast |page=296}}</ref> في سبعينيات القرن العشرين، طرح عالم العهد الجديد [[إد باريش ساندرز|إد ساندرز]] [[منظور جديد حول بولس|منظورً جديدًا حول بولس]]، والذي أثر بشكل كبير على آراء العلماء حول العلاقة بين {{ال|مسيحية|بولسية}} و[[مسيحيون يهود|المسيحية اليهودية]] في [[رسائل بولس|الرسائل البولسية]].<ref name="D. A. Carson">{{استشهاد بكتاب|last1= O'Brien|first1= P. T. |title= Right With God: Justification in the Bible and the World |year= 2002 |publisher= Wipf & Stock|editor-last= Carson | editor-first= D. A. |isbn= 978-1-59244-044-3|chapter= Justification in Paul and Some Crucial Issues of the Last Two Decades |pages=69–92,260}}</ref><ref name="Beckstrom">{{استشهاد بكتاب|last1= Beckstrom |first1= Edward A. |title= Beyond Christian Folk Religion: Re-grafting into Our Roots (Romans 11:17–23) |year= 2013 |publisher= Resource Publications |isbn= 978-1-62032-884-2 |pages=xviii–xxi}}</ref> كما طور ساندرز الدراسة حول يسوع التاريخي من خلال وضع حياة يسوع في سياق [[يهودية الهيكل الثاني]] خلال القرن الأول الميلادي.<ref name="Casey2010">{{استشهاد بكتاب|last= Casey|first= Maurice|year= 2010|title= Jesus of Nazareth: An Independent Historian's Account of His Life and Teaching|publisher= T&T Clark|isbn= 978-0-567-64517-3}}</ref>{{صفحات مرجع|13–18}} في سنة 1974م، نشر اللاهوتي [[هانس فري|هانز فراي]] كتابه "كسوف السرد الكتابي"، الذي أصبح عملاً بارزًا أدى إلى تطوير التفسير ما بعد النقدي،<ref name="Peter Ochs">{{استشهاد بكتاب|last1= Ochs |first1= Peter |editor1-last= Ochs |editor1-first= Peter |title= The Return to Scripture in Judaism and Christianity: Essays in Postcritical Scriptural Interpretation |year= 1993 |publisher= Wipf & Stock |isbn= 978-1-55635-815-9 |chapter= An Introduction to Post-critical Interpretation |page=13}}</ref> لتبدأ الموجة الثالثة من الدراسات المركزة على يسوع التاريخي سنة 1988م.<ref>{{استشهاد بكتاب|last1= Miller |first1= Robert J. |title= The Jesus Seminar and Its Critics |year= 1999 |publisher= Polebridge Press |isbn= 978-0-944344-78-1}}</ref>

بحلول سنة 1990م، تغير النقد الكتابي من كونه تخصصًا تاريخيًا في المقام الأول إلى مجموعة من التخصصات المتعارضة في كثير من الأحيان.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|21,22}} قدّمت وجهات نظر جديدة من أعراق مختلفة، ومن {{ال|لاهوت|نسوي}}، ومن الكاثوليكية، واليهودية رؤى تجاهلها من قبل غالبية البروتستانت الذكور البيض الذين هيمنوا على نقد الكتاب المقدس منذ بداياته.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|21}}{{Refn|group=note|
* تقول فيورنزا: "لقد صاغ اللاهوتيون المسيحيون الذكور مفاهيم لاهوتية من خلال تجربتهم الثقافية الخاصة، مصرين على اللغة الذكورية المتعلقة بالإله، وعلى عالم رمزي لا تظهر فيه النساء... وتصر الباحثات النسويات على أن النصوص والتقاليد الدينية "يجب إعادة تفسيرها حتى تتمكن النساء وغيرهم من "غير الأشخاص" من تحقيق الأهلية الكاملة في الدين والمجتمع".<ref name="Elizabeth Schüssler Fiorenza">{{استشهاد بكتاب|last1= Fiorenza |first1= Elisabeth Schüssler |editor1-last= Fiorenza |editor1-first= Elisabeth Schüssler |title= Feminist Biblical Studies in the Twentieth Century: Scholarship and Movement |year= 2014 |publisher= Society of Biblical Literature|isbn= 978-1-58983-583-2|chapter= Between Movement and Academy: Feminist Biblical Studies in the Twentieth Century |page=15}}</ref>
* وهذا "يؤدي بطبيعة الحال إلى اتهام ثانٍ ضد النقد الكتابي: وهو أنه حكر على زمرة صغيرة من الناس في العالم الغربي الغني، حاولوا وضع تشريعات حول الكيفية التي يجب أن تقرأ بها الكتلة الهائلة من البشرية الكتاب المقدس. ...لم يفصل فقط هذا النقد الكتاب المقدس عن المجتمعات المؤمنة، بل خصّصه أيضًا لمجموعة معينة: وهم العلماء البيض والذكور والغربيون.<ref name="John Barton"/>{{صفحات مرجع|150}}}} قدّمت العولمة أيضًا [[رؤية كونية|وجهات نظر عالمية]] مختلفة؛ شكّلت وجهات النظر الجديدة هذه وعيًا بأن الكتاب المقدس يمكن تفسيره بشكل عقلاني من خلال وجهات نظر مختلفة عديدة. وفي المقابل، غيّر هذا الوعي المفهوم الأساسي للنقد الكتابي من معيار الحكم المحايد إلى مبدأ البدء بالاعتراف بالتحيزات المختلفة التي يجلبها القارئ لدراسة النصوص.<ref name="Soulenthird"/>{{صفحات مرجع|22}}

==== يسوع التاريخي: البحث الجديد حتى القرن الواحد والعشرين ====
[[ملف:Kreuzigung Christi.jpeg|thumb|لوحة لإرنست هيلدبراند سنة 1910م، تُصوّر [[صلب يسوع]]. يعتبر العديد من المؤرخين حادثة الصلب حدثًا تاريخيًا.<ref name="Dunn">{{استشهاد بكتاب| author1-last=Dunn | author1-first=James | title=Jesus Remembered|series=Christianity in the Making|volume=1|publisher=Eerdmans| year=2003 | page=339 | isbn=978-0-8028-3931-2}}</ref><ref name="Verhoeven">{{استشهاد بكتاب| author1-last=Verhoeven | author1-first=Paul | author2-last=van Sheers| author2-first=Rob| title=Jesus of Nazareth |publisher=Seven Stories Press| page=39 | year=2010 | isbn=978-1-58322-905-7}}</ref>]]

لا يوجد اتفاق عام بين العلماء حول كيفية تقسيم موجات البحث عن يسوع التاريخي المختلفة. يتفق معظم العلماء على أن الموجة الأولى بدأت مع ريماروس وانتهى مع شفايتزر، وعلى وجود فترة توقّف خلال النصف الأول من القرن العشرين الميلادي؛ وأنه كان هناك موجة ثانية بدأت سنة 1953م، واستمرت حتى سنة 1988م حين بدأت الفترة الثالثة.<ref name="Holmén"/>{{صفحات مرجع|697}} ومع ذلك، يرى ستانلي بورتر أن هذا التقسيم "لا يمكن الدفاع عنه، وتكذبه كل الحقائق ذات الصلة"،<ref name="Holmén"/>{{صفحات مرجع|697,698}} زاعمًا بأن الناس كانوا يبحثون عن يسوع التاريخي قبل ريماروس، وأنه لم يكن هناك أبدًا فترة لم يكن العلماء يفعلون فيها ذلك.<ref name="Holmén"/>{{صفحات مرجع|698,699}}

في سنة 1953م، ألقى إرنست كيسمان (1906-1998)، محاضرة شهيرة أمام زملائه القدامى في [[جامعة ماربورغ]]، حيث درس على يد بولتمان.<ref>{{استشهاد ويب|last1=Anderson |first1=Paul N. |title=Foreword to The Testament of Jesus, A Study of the Gospel of John in the Light of Chapter 17 |url=https://digitalcommons.georgefox.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1275&context=ccs |website=Digital Commons @ George Fox University |publisher=George Fox University |access-date=19 November 2020 |archive-date=19 June 2021 |archive-url=https://web.archive.org/web/20210619192851/https://digitalcommons.georgefox.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1275&context=ccs |url-status=live }}</ref> إدعى كيسمان أن "شكوك بولتمان حول ما يمكن اكتشافه عن يسوع التاريخي كانت متطرفة للغاية".<ref name="Witherington III1997"/>{{صفحات مرجع|10}} إدعى بولتمان أنه بما أن كُتّاب الأناجيل كتبوا اللاهوت، فإن كتاباتهم لا يمكن اعتبارها تاريخًا، لكن كيسمان رأى أنهما لا يتعارضان.<ref name="Witherington III1997"/>{{صفحات مرجع|10,11}}<ref name="Strawn">{{استشهاد بدورية محكمة|last1=Strawn |first1=Brent A. |title=Docetism, Käsemann, and Christology: Can Historical Criticism Help Christological Orthodoxy (and Other Theology) After All? |journal=Journal of Theological Interpretation |date=2008 |volume=2 |issue=2 |pages=161–180 |doi=10.2307/26421399 |jstor=26421399 |url=https://www.jstor.org/stable/26421399 |access-date=19 November 2020}}</ref> أطلق [[جيمس روبنسون]] سنة 1959م في مقالته "البحث الجديد عن يسوع التاريخي" اسم البحث الجديد على موجة البحث الثانية عن يسوع التاريخي التي انطلقت سنة 1953م.<ref name="Holmén"/>{{صفحات مرجع|34}} ركّزت الموجة الثانية إلى حد كبير على تعاليم يسوع حسبما فسّرتها الفلسفة الوجودية. ثم تضاءل الاهتمام مرة أخرى بحلول السبعينيات.<ref name="Holmén"/>{{صفحات مرجع|668}}<ref name="Witherington III1997"/>{{صفحات مرجع|11}}

أطلق [[نيكولاس رايت]] موجة البحث الثالثة في [[ندوة يسوع]] سنة 1988م. بحلول ذلك الوقت، أصبح من الضروري الاعتراف بأن "نتيجة الموجتين الأوليين... كانت الكشف عن القيود المحبطة للدراسة التاريخية لأي شخص قديم".<ref name="Witherington III1997"/>{{صفحات مرجع|12}} كتب بول مونتغمري في صحيفة [[نيويورك تايمز]] أنه "على مر العصور، اتخذ العلماء والعلمانيون مواقف مختلفة بشأن حياة يسوع، بدءًا من القبول الكامل بما جاء في الكتاب المقدس إلى التأكيد على أن يسوع الناصري مخلوق أسطوري لم يتواجد أبدًا."<ref>{{استشهاد بخبر|last=Montgomery|first=Paul L.|title=Scholars Differ On Life Of Jesus; Research Is Complicated by Conflicting Gospel Data|url=https://www.nytimes.com/1964/01/04/archives/scholars-differ-on-life-of-jesus-research-is-complicated-by.html|work=The New York Times|date=4 January 1964|access-date=21 October 2020|archive-date=24 October 2020|archive-url=https://web.archive.org/web/20201024093743/https://www.nytimes.com/1964/01/04/archives/scholars-differ-on-life-of-jesus-research-is-complicated-by.html|url-status=live}}</ref> أوضح ساندرز أنه بسبب الرغبة في معرفة كل شيء عن يسوع، بما في ذلك أفكاره ودوافعه، ولأن هناك استنتاجات متنوعة عنه، بدا للعديد من العلماء بأنه من المستحيل التأكد من أي شيء حوله. ومع ذلك، وفقًا لساندرز، "فنحن نعرف الكثير" عن يسوع.<ref name="Sanders Historical">{{استشهاد بكتاب|last1=Sanders |first1=E. P. |title=The Historical Figure of Jesus |year=1993 |publisher=Penguin Books |isbn=978-0-14014-499-4 |page=5}}</ref> يعتقد وذرنجتون أنه في الوقت الذي نادرًا ما يتفق العلماء فيه حول ما هو معروف أو غير معروف عن يسوع التاريخي، إلا أن العلماء يتفقون على أنه "لا ينبغي التهرب من الأسئلة التاريخية حوله".<ref name="Witherington III1997"/>{{صفحات مرجع|271}}

== الأساليب الرئيسية ==
=== النقد النصي ===
يتضمن النقد النصي فحص النص نفسه وجميع [[مخطوطات الكتاب المقدس|المخطوطات]] المرتبطة به بهدف تحديد النص الأصلي،<ref name="McKenzie & Kaltner">{{استشهاد بكتاب|last1=McKenzie |first1= Steven L. |last2=Kaltner |first2=John |title=The Old Testament: Its Background, Growth, & Content |year=2007 |publisher=Wipf & Stock |isbn=978-1-62564-264-6}}</ref>{{صفحات مرجع|47}} وهو أحد أكبر مجالات النقد الكتابي من حيث الكم الهائل من المعلومات التي يتناولها. تتضمن المخطوطات الـ 900 التي عُثر عليها في قمران تقريبًا أقدم المخطوطات الموجودة للكتاب المقدس العبري، حيث وجد فيها كل الأسفار ما عدا [[سفر إستير]]، وإن كان معظم الأسفار وُجدت في شكل قطع وقصاصات.<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Bruce |first1=F. F. |title=Second Thoughts on the Dead Sea Scrolls |date=June 2006 |publisher=Wipf & Stock |isbn=978-1-59752-700-2 |page=31}}</ref> أما [[العهد الجديد]]، فقد حُفظت منه مخطوطات أكثر من أي عمل آخر قديم، حيث هناك على أكثر من 5,800 مخطوطة [[اللغة اليونانية|يونانية]] كاملة أو مجزأة، و10,000 مخطوطة [[اللغة اللاتينية|لاتينية]] و9,300 مخطوطة بمختلف اللغات القديمة الأخرى بما في ذلك النصوص [[اللغة السريانية|السريانية]] و[[لغات سلافية|السلافية]] و[[اللغة القوطية|القوطية]] و[[اللغة الجعزية|الجعزية]] و[[اللغة القبطية|القبطية]] و[[اللغة الأرمنية|الأرمنية]]. تتراوح تواريخ هذه المخطوطات بين 110م-125م تقريبًا ([[بردية 52|𝔓52]]) وحتى زمن دخول الطباعة إلى ألمانيا في القرن الخامس عشر الميلادي. وهناك أيضًا ما يقرب من مليون اقتباس مباشر من العهد الجديد في الكتابات المجمعة ل[[آباء الكنيسة]] في القرون الميلادية الأربعة الأولى. على سبيل المقارنة، فإن النص القديم الذي يلي العهد الجديد في أفضلية المصادر هو [[الإلياذة]]، التي من المفترض أن كتبها الإغريقي [[هوميروس]] في أواخر القرن الثامن أو أوائل القرن السابع قبل الميلاد، والتي بقيت موجودة في أكثر من 1,900 مخطوطة، معظمها مُجزّأ.<ref name="Graeme D. Bird">{{استشهاد بكتاب|last=Bird |first=Graeme D.|title= Multitextuality in the Homeric ''Iliad'': The Witness of the Ptolemaic Papyri|publisher=Harvard University Press |year=2010|isbn=978-0-674-05323-6|chapter=Textual Criticism as Applied to Classical and Biblical Texts}}</ref>

[[ملف:P52 verso.jpg|thumb|[[بردية 52]] أقدم بردية موجودة للعهد الجديد،<ref>{{استشهاد ويب|last1=Hurtado |first1=Larry W |title=P52 (P. Rylands Gk. 457) and the Nomina Sacra: Method and Probability |url=https://era.ed.ac.uk/handle/1842/648 |website=Edinburgh Research Archive |publisher=University of Edinburgh |access-date=15 November 2020 |archive-date=2 June 2021 |archive-url=https://web.archive.org/web/20210602212623/https://era.ed.ac.uk/handle/1842/648 |url-status=live }}</ref> وتحتوي على عبارات من [[إنجيل يوحنا]].]]

كُتبت كل هذه النصوص بخط اليد، عن طريق النسخ من نص مكتوب آخر بخط اليد، لذا فهي لا تتطابق تمامًا كما في الأعمال المطبوعة. تسمى الاختلافات بينهم متغيرات. <ref name="Soulenthird">{{استشهاد بكتاب|last1= Soulen |first1=Richard N. |last2=Soulen |first2=R. Kendall |title=Handbook of Biblical Criticism |year= 2001 |edition=Third |publisher=Westminster John Knox Press |isbn=978-0-664-22314-4 |url= https://archive.org/details/handbookofbiblic0000soul_z2x8 }}</ref>{{صفحات مرجع|204}} المتغيّر ببساطة هو أي اختلاف بين نصين. العديد من المتغيرات عبارة عن أخطاء إملائية بسيطة أو أخطاء في النسخ. على سبيل المثال، قد يقوم الناسخ بإسقاط حرف واحد أو أكثر، أو تخطي كلمة أو سطر، أو كتابة حرف بدلاً من الآخر، أو تبديل الأحرف، وما إلى ذلك. كما قد تكون بعض المتغيرات محاولة نسخية للتبسيط أو التنسيق، عن طريق تغيير كلمة أو عبارة.<ref name="Wegner2004">{{استشهاد بكتاب|last1=Wegner |first1=Paul D. |title=The Journey from Texts to Translations The Origin and Development of the Bible |year=2004 |publisher=Baker Publishing Group |isbn=978-0-8010-2799-4 |pages=178–180}}</ref> يختلف العدد الدقيق للمتغيرات، كلما زاد عدد النصوص الباقية، وبالتالي تزيد احتمالة وجود متغيرات من نوع ما.<ref name="variants">{{استشهاد بكتاب|last1=Rezetko |first1=Robert |last2=Young |first2=Ian |title= Historical Linguistics and Biblical Hebrew Steps Toward an Integrated Approach |year=2014 |publisher=SBL Press |isbn= 978-1-62837-046-1 |page=164}}</ref> عادةً ما يتم اختبار تأثير المتغيرات على موثوقية النص الواحد من خلال مقارنته بمخطوطة تم التأكد من موثوقيتها منذ فترة طويلة. على الرغم من اكتشاف العديد من المخطوطات القديمة منذ سنة 1881م، إلا أن هناك إصدارات نقدية [[العهد الجديد|للعهد الجديد]] اليوناني، مثل NA28 وUBS5، والتي "لم تتغير تقريبًا" عن هذه الاكتشافات، مما يعني أيضًا أن أفضل نصوص القرن الرابع، أي المخطوطات [[نص إسكندراني|السكندرية]] [[المخطوطة الفاتيكانية|الفاتيكانية]] و[[المخطوطة السينائية|السينائية]]، لها أصول دامت طوال القرن الثالث الميلادي بأكمله وحتى القرن الثاني الميلادي".<ref name="Andrews">{{استشهاد بكتاب|last1=Andrews |first1=Edward D. |title=400,000+ Scribal Errors in the Greek New Testament Manuscripts What Assurance Do We Have that We Can Trust the Bible? |year=2019 |publisher=Christian Publishing House |isbn=978-1-949586-92-3 |page= 56}}</ref>
[[ملف:Codex Alexandrinus f41v - Luke.jpg|thumb|الورقة 41v من [[المخطوطة الإسكندرانية|المخطوطة السكندرية]]. اعتمدت [[نص إسكندراني|النصوص السكندرية]] على تلك المخطوطة.<ref>{{استشهاد بكتاب| last=Gregory | first=C. R. | title=Canon and Text of the New Testament | volume=1 | publisher= T&T Clark | year=1907| url=https://archive.org/stream/canonandtextnew00greguoft#page/n357/mode/2up | page=340 }}</ref>]]

تُصنّف المتغيرات إلى عائلات. لنفترض أن الكاتب "أ" ارتكب خطأ، والكاتب "ب" لم يخطئ. ستحتوي نسخ نص الكاتب "أ" الذي يحتوي على الخطأ بعد ذلك على نفس الخطأ. بمرور الوقت، ستتباعد النصوص المنحدرة من "أ" التي تشترك في الخطأ، وتلك الواردة من "ب" التي لا تشترك فيه، بشكل أكبر، ولكن النصوص اللاحقة ستظل قابلة للتحديد على أنها تنحدر من أحدهما أو الآخر بسبب وجود أو غياب ذاك الخطأ الأصلي.<ref name="Metzger and Ehrman" />{{صفحات مرجع|207,208}} ويشار إلى الأجيال المتعددة من النصوص التي تلت ذلك، والتي تحتوي على نفس الخطأ، على أنها "عائلة" من النصوص. يدرس نقاد النص الاختلافات بين هذه العائلات ليجمعوا معًا شكل النص الأصلي.<ref name="Metzger and Ehrman" />{{صفحات مرجع|205}} يُعد فرز ثروة المواد المصدرية أمرًا معقدًا، لذلك فُرزت العائلات النصية إلى فئات مرتبطة بالمناطق الجغرافية. قُسّمت عائلات نصوص العهد الجديد إلى نص [[نص إسكندراني|سكندري]] (وتسمى أيضًا "النص المحايد")، و[[نص غربي|غربي]] (الترجمات اللاتينية)، و[[نص بيزنطي|شرقي]] (المستخدم من قبل الكنائس المتمركزة في [[أنطاكية (مدينة تاريخية)|أنطاكية]] و[[القسطنطينية]]).<ref name="Paul D. Wegner">{{استشهاد بكتاب|last1=Wegner |first1=Paul D. |title=A Student's Guide to Textual Criticism of the Bible: Its History, Methods and Results |year=2006 |publisher=IVP Academic |isbn=978-0-8308-2731-2}}</ref>{{صفحات مرجع|213}}{{Refn|group=note|هناك إجماع بين نقاد النصوص في القرن الحادي والعشرين الميلادي على أن المواقع المختلفة المحددة تقليديًا لأنواع النص غير صحيحة ومضللة. وبالتالي، ينبغي استخدام التسميات الجغرافية بحذر؛ يفضل بعض العلماء الإشارة إلى أنواع النص باسم "المجموعات النصية" بدلاً من ذلك.<ref name="Tommy Wasserman">{{استشهاد بكتاب|last1= Wasserman |first1= Tommy|last2= Gurry |first2= Peter J.|title= A New Approach to Textual Criticism: An Introduction to the Coherence-Based Genealogical Method |year=2017 |publisher=SBL Press |isbn= 978-3-438-05174-5 |chapter=Introduction}}</ref>{{صفحات مرجع|3–9}}}}

==== مشكلات النقد النصي ====
اعتمد النص النقدي على عمليتين رئيسيتين، وهما [[تحقيق ابتدائي|التنقيح]] والتعديل:<ref name="Metzger and Ehrman">{{استشهاد بكتاب|last1= Metzger |first1= B. M.|last2= Ehrman |first2= Bart|title= The Text of the New Testament |year=2005 |publisher=Oxford University Press |isbn=978-0-19-516667-5 |edition= Fourth}}</ref>{{صفحات مرجع|205,209}}
* التنقيح هو اختيار الأدلة الأكثر جدارة بالثقة التي يبنى عليها النص.
* التعديل هو محاولة إزالة الأخطاء الموجودة حتى في أفضل المخطوطات.

يقول جيروم ماكغان إن هذه الأساليب تُدخل بشكل فطري عاملًا شخصيًا في النقد النصي على الرغم من محاولتها وضع قواعد موضوعية.<ref>{{استشهاد بكتاب|last1= McGann |first1=Jerome J. |title= A Critique of Modern Textual Criticism |year= 2014 |publisher=University of Virginia Press |isbn=978-0-8139-3377-1 |page=107}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|last1=Tov |first1='Emanu'el |title=Textual criticism of the Hebrew Bible |year=2001 |publisher=Fortress Press |isbn= 978-90-232-3715-0 |page=310}}</ref> ناقش آلان كوبر هذه الصعوبة باستخدام مثال [[سفر عاموس|عاموس]] [https://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showChapter.php?book=38&chapter=6 6: 12] الذي يقول: "أو يحرث عليه بالبقر؟" الجواب الواضح هو "نعم"، ولكن يبدو أن سياق المقطع يتطلب "لا". يوضح كوبر أن إعادة تركيب الحروف الساكنة تسمح بقراءة "هل يحرث المرء ''البحر'' بالثيران؟" التعديل ذو داعٍ، وهو الاعتقاد بأنه مُحرّف، ولكنه مع ذلك تبقى مسألة حكم شخصي.<ref>{{استشهاد بدورية محكمة|last1= Cooper |first1= Alan |title= The Absurdity of Amos 6:12a |journal=Journal of Biblical Literature |date=December 1988 |volume=107 |issue=4 |pages= 725–727 |url= https://www.jstor.org/stable/3267633|doi= 10.2307/3267633 |jstor= 3267633 }}</ref> يساهم ذلك في كون النقد النصي أحد أكثر مجالات النقد الكتابي إثارة للجدل، كما أنه أكبرها، حيث أشار إليه علماء مثل آرثر فيرال على أنه "فن جميل ومثير للجدل".<ref>{{استشهاد بكتاب|author1-last= Mackail |author1-first= J. W. |editor1-last= Duff |editor1-first= James|editor2-last= Bayfield |editor2-first=Matthew Albert |chapter=Commemorative address |title=Collected Literary Essays, Classical and Modern |year= 1913 |publisher=Cambridge University Press |page= cv|url= https://books.google.com/books?id=BFM7AQAAMAAJ}}</ref><ref name="Güting">{{استشهاد بكتاب|last1= Güting |first1= Eberhard W. |title= Textual Criticism and the New Testament Text Theory, Practice, and Editorial Technique |year=2020 |publisher=SBL Press |isbn=978-0-88414-353-6 |page=222}}</ref><ref name="Richard Tarrant">{{استشهاد بكتاب|last1= Tarrant |first1= Richard |title= Texts, Editors, and Readers: Methods and Problems in Latin Textual Criticism |year=2016 |publisher=Cambridge University Press |isbn= 978-0-521-76657-9 |pages=68, 85–86}}</ref>

يستخدم النقد النصي منهجيات متخصصة، ومصطلحات متخصصة تكفي لإنشاء معجم خاص به،<ref>{{استشهاد ويب|title=Lexicon of Scholarly Editing|url= http://uahost.uantwerpen.be/lse/|publisher=European Research Council|access-date=15 June 2018|archive-url= https://web.archive.org/web/20181004200039/http://uahost.uantwerpen.be/lse/|archive-date=4 October 2018|url-status= dead}}</ref> كما أنه يسترشد بعدد من المبادئ، وإن كان من الممكن الاعتراض على أي من هذه المبادئ أو استنتاجاتها. على سبيل المثال، في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، طور الناقد النصي يوهان جاكوب جريسباخ (1745 – 1812) خمسة عشر مبدأً نقديًا لتحديد النصوص التي من المحتمل أن تكون الأقدم والأقرب إلى النص الأصلي.<ref name="Paul D. Wegner"/>{{صفحات مرجع|213}} كانت إحدى قواعده هي أن "القراءة الأقصر هي الأفضل". استند في فرضيته إلى أن الكتبة كانوا يميلون أكثر للإضافة إلى النص بدلاً من الحذف منه، مما يجعل النصوص الأقصر أكثر عرضة لأن تكون الأقدم.<ref>{{استشهاد بكتاب|last1=McCarter |first1= Peter Kyle |title= Textual Criticism: Recovering the Text of the Hebrew Bible |year= 1986 |publisher= Fortress Press |isbn=978-1-4514-1539-1 |page=73}}</ref> في سنة 1914م، عارض عالم اللاتينية ألبرت كلارك وجهة نظر جريسباخ بشأن النصوص الأقصر،<ref name="Metzger and Ehrman"/>{{صفحات مرجع|212–215}} حيث زعم أنه بناءً على دراسته ل[[شيشرون]]، فإن الحذف كان خطأ كتابيًا أكثر شيوعًا من الإضافة، قائلاً: {{مض|النص يشبه المسافر الذي ينتقل من نزل إلى آخر، ويفقد قطعة من الأمتعة عند كل توقف}}.<ref name="Metzger and Ehrman"/>{{صفحات مرجع|213}} تعرضت مزاعم كلارك لانتقادات من قبل أولئك الذين أيدوا مبادئ جريسباخ. وردّ عليهم كلارك، لكن الخلاف استمر. وبعد ما يقرب من ثمانين عامًا، تناول اللاهوتي والكاهن جيمس رويز هذه القضية. وبعد دراسة وثيقة للعديد من برديات العهد الجديد، خلص إلى أن كلارك كان على حق، وأن قاعدة جريسباخ للقياس كانت خاطئة.<ref name="Metzger and Ehrman" />{{صفحات مرجع|214}}<ref>{{استشهاد بدورية محكمة|last1=Miller |first1=J. David |title=The Long and Short of Lectio Brevior Potior |journal=The Bible Translator |date=January 2006 |volume=57 |issue=1 |page=11 |doi=10.1177/026009350605700102 |s2cid=170320665 |url= https://journals.sagepub.com/doi/abs/10.1177/026009350605700102?journalCode=tbtd}}</ref> ودعا بعض علماء القرن الحادي والعشرين الميلادي إلى التخلي عن هذه الأساليب القديمة في النقد النصي لصالح أساليب جديدة بمساعدة الحواسيب لمقارنة المخطوطات بطريقة أكثر موثوقية.<ref name="Tommy Wasserman"/>{{صفحات مرجع|5}}

=== نقد المصدر ===
يُعرّف [[نقد مصدري (دراسات كتابية)|نقد المصدر]] بأنه البحث عن المصادر الأصلية التي تشكل أساس النصوص الكتابية. في دراسات العهد القديم، يركز نقد المصدر عمومًا على تحديد مصادر النص الواحد. على سبيل المثال، كان الكاهن الفرنسي [[ريتشارد سيمون (قسيس)|ريتشارد سيمون]] في القرن السابع عشر الميلادي من أوائل المؤيدين للنظرية القائلة بأن موسى لا يمكن أن يكون المصدر الوحيد لأسفار موسى الخمسة بأكملها. وفقًا لسيمون، فإن أجزاء من العهد القديم لم تُكتب على يد أفراد على الإطلاق، ولكن كتبها كتبة سجّلوا الروايات الشفهية للمجتمع.<ref>{{استشهاد بكتاب|author1=Muller, R. A. |chapter=Biblical Interpretation in the Sixteenth and Seventeenth Centuries: The Post-reformation Era |editor1-last=McKim |editor1-first= Donald K. |title= Dictionary of Major Biblical Interpreters |year= 2007 |publisher= IVP Academic |isbn= 978-0-8308-2927-9 |page=915}}</ref><ref name="Pentateuch93">{{استشهاد بكتاب|last1=Campbell |first1=Antony F. |last2= O'Brien |first2=Mark A. |title=Sources of the Pentateuch: Texts, Introductions, Annotations |year=1993 |publisher= Fortress Press |isbn=978-1-4514-1367-0}}</ref>{{صفحات مرجع|1}} كما اعتقد الطبيب الفرنسي [[جان أستروك]] في سنة 1753م أن موسى هو الذي كتب سفر التكوين (أول أسفار موسى الخمسة) اعتمادًا على وثائق قديمة؛ وحاول تحديد هذه المصادر الأصلية والفصل بينها مرة أخرى.<ref name="Pentateuch93"/>{{صفحات مرجع|2}} قام أستروك بذلك من خلال تحديد تكرارات أحداث معينة، مثل أجزاء من قصة الطوفان التي تكررت ثلاث مرات، مما يشير إلى احتمال وجود ثلاثة مصادر. كما اكتشف استخدام اسمين مختلفين لله في سفر التكوين وحتى الأصحاح الثالث لسفر الخروج، ولكن ليس في بقية أسفار موسى الخمسة. كما وجد أيضًا مفارقات تاريخية واضحة: مثل عبارات تبدو وكأنها من وقت لاحق للوقت الذي جاءت عليه في سفر التكوين. قادت تلك الأدلة أستروك إلى افتراض أن مصادر سفر التكوين كانت في الأصل مواد منفصلة دُمجت فيما بعد في وحدة واحدة لتُكوّن سفر التكوين.<ref name="Jean Astruc"/>{{صفحات مرجع|166–168}}<ref name="Rudolf Smend">{{استشهاد بكتاب|last1= Smend |first1= Rudolf|title= From Astruc to Zimmerli: Old Testament Scholarship in Three Centuries |year=2007 |publisher=Mohr Siebeck |isbn=978-3-16-149338-6}}</ref>{{صفحات مرجع|7,8}}

هناك نظريتان هما الأكثر تأثيرًا وشهرة في نقد المصدر، الأولى تتعلق بأصول [[التوراة|أسفار موسى الخمسة]] في العهد القديم ([[الفرضية الوثائقية|فرضية فيلهاوزن]])؛ والثانية تتبع مصادر أناجيل العهد الجديد الأربعة ([[فرضية المصدرين]]).<ref name="Donald Guthrie"/>{{صفحات مرجع|147}}

==إقرأ أيضا==
*[[مراجعة كبسولية]]
*[[نقد أدبي (أديان)|نقد أدبي]]
*[[نقد أدبي (أديان)|نقد أدبي]]
*[[نقد تاريخي]]
*[[نقد تاريخي]]

== مراجع ==
== الملاحظات==
{{مراجع|2 ltr}}
{{NoteFoot}}

==المراجع==
{{مراجع|2|محاذاة=نعم}}

{{روابط شقيقة}}
{{روابط شقيقة}}
{{الإنجيل والتاريخ}}
{{الإنجيل والتاريخ}}
{{ضبط استنادي}}
{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات|الإنجيل|مسيحية}}
{{شريط بوابات|الإنجيل|مسيحية}}
{{بذرة مسيحية}}


[[تصنيف:نقد كتابي|نقد كتابي]]
[[تصنيف:نقد كتابي|نقد كتابي]]

نسخة 14:37، 3 مارس 2024

صفحة العنوان لكتاب التاريخ النقدي للكاهن ريتشارد سيمون (1685م)، أحد أقدم أعمال نقد الكتاب المقدس

النقد الكتابي هو استخدام التحليل النقدي لفهم وتفسير الكتاب المقدس. خلال القرن الثامن عشر الميلادي، عندما بدأ النقد الكتابي كنقد تاريخي كتابي، كان يعتمد على خاصيتين مميزتين: أولها "العلمية" بتجنب الجزم والتحيز من خلال تطبيق أحكام محايدة وغير طائفية مبنية على العقل في دراسة الكتاب المقدس؛ وثانيها "الاعتقاد" بأن إعادة بناء الأحداث التاريخية وراء النصوص، وكذلك تاريخ كيفية تطور النصوص نفسها، من شأنه أن يؤدي إلى الفهم الصحيح للكتاب المقدس. هذا ما ميّزها عن الأساليب السابقة لفترة ما قبل النقد الكتابي؛ وعن الأساليب المناهضة للنقد لأولئك الذين يعارضون الدراسة المبنية على النقد؛ وعن التوجهات ما بعد النقدية في الدراسات اللاحقة؛ وعن مدارس النقد المتعددة والمتميزة التي تطورت إليها في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين الميلاديين.

غالبًا ما يُنسب العلماء ظهور النقد الكتابي إلى عصر التنوير (ق. 1650م– ق. 1800م)، لكن البعض يُرجع جذوره إلى أبعد من ذلك، إلى حركة الإصلاح الديني. كانت دوافع هذه الحركة العلمية الأساسية عقلانية وبروتستانتية التوجُّه. وقد لعبت حركتا التقوى الألمانية والربوبية البريطانية دورًا في تطور النقد الكتابي. بدافع من شكوك عصر التنوير حول سلطة الكتاب المقدس والكنيسة، بدأ العلماء في دراسة حياة يسوع من خلال عدسة تاريخية، وكسروا التركيز الديني التقليدي حول طبيعته وتفسير ألوهيته. كان هذا التحول التاريخي بمثابة بداية البحث عن يسوع التاريخي [الإنجليزية]، والذي سيظل مجال اهتمام العلماء لأكثر من 200 سنة.

يتضمن النقد الكتابي التاريخي مجموعة واسعة من المقاربات والأسئلة ضمن أربع منهجيات رئيسية: النقد النصي ونقد المصدر ونقد الصياغة والنقد الأدبي. يدرس النقد النصي مخطوطات الكتاب المقدس ومحتواها لتحديد ما قد يقوله النص الأصلي. ويبحث نقد المصدر في النص عن أدلة على مصادره الأصلية. أما نقد الصياغة، فيحدد وحدات قصيرة من النص، ويفحصها سعيًا نحو تحديد مصدرها. وقد ظهر لاحقًا النقد التحريري باعتباره مشتقًا من نقد المصدر والصياغة. كانت كل طريقة من هذه الأساليب تاريخية في المقام الأول، وركزت على ما حدث قبل أن تصل النصوص إلى شكلها الحالي. وبخصوص النقد الأدبي الذي ظهر في القرن العشرين الميلادي، فقد اختلف عن هذه الأساليب السابقة، حيث ركّز على البنية الأدبية للنصوص في حالتها اليوم، بهدف تحديد، حيثما أمكن، غرض المؤلف، وتمييز استجابة القارئ للنص من خلال أساليب مثل النقد البلاغي، والنقد القانوني [الإنجليزية]، والنقد السردي [الإنجليزية]. غيرت هذه الأساليب المختلفة لنقد الكتاب المقدس معًا وبشكل دائم كيفية فهم الناس للكتاب المقدس ورؤيتهم له.

في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين الميلاديين، تأثر نقد الكتاب المقدس بمجموعة واسعة من التخصصات الأكاديمية الإضافية ووجهات النظر النظرية التي أدت إلى تغيره. فبعد أن هيمن عليه الأكاديميون البروتستانت الذكور البيض لفترة طويلة، شهد القرن العشرين الميلادي مشاركة علماء آخرين من غير البيض والنساء وأولئك الذين ينتمون إلى خلفيات يهودية وكاثوليكية، وأصبحوا أصواتًا بارزة في نقد الكتاب المقدس. قدمت العولمة مجموعة واسعة من وجهات النظر العالمية في هذا المجال، وظهرت تخصصات أكاديمية أخرى، فمثلًا شكّلت الدراسات الشرقية وفقه اللغة أساليب جديدة للنقد الكتابي. في هذه الأثناء، بدأت تفسيرات ما بعد الحداثة وما بعد النقد في التساؤل عما إذا كان لنقد الكتاب المقدس أي دور أو وظيفة على الإطلاق. مع هذه الأساليب الجديدة جاءت أهداف جديدة، حيث انتقل النقد الكتابي من النقد التاريخي إلى النقد الأدبي، وتغيرت فرضيته الأساسية من الحكم المحايد إلى الاعتراف بالتحيزات المختلفة التي يجلبها القارئ لدراسة النصوص.

التعريف

يُعرّف دانيال هارينجتون النقد الكتابي بأنه: «الجهد المبذول لاستخدام المعايير العلمية (التاريخية والأدبية) والعقل البشري لفهم وشرح، بأكبر قدر ممكن من الموضوعية، المعنى الذي قصده كتبة الكتاب المقدس.»[1] قديمًا وفي الغالب، كان يتم تعريف النقد الكتابي من الناحية التاريخية، حيث ركّز النقاد على الأحداث التاريخية وراء النص، بالإضافة إلى كيفية تطور النصوص نفسها مع مرور الزمن.[2]:33 ركّزت الكثير من أعمال النقد الكتابي مع الجانب التاريخي، وليس الديني، حتى أنه كان يُطلق عليه أحيانًا طريقة النقد التاريخي أو النقد الكتابي التاريخي (أو أحيانًا النقد الأعلى) بدلاً من النقد الكتابي فقط.[2]:31 استخدم النقاد الكتابيون نفس الأساليب العلمية والمقاربات التاريخية التي استخدمها نظرائهم العلمانيين، وشدّدوا على العقل والموضوعية.[2]:45 وكان يُنظر إلى الحيادية على أنها هدفًا محددًا.[3][2]:27

بحلول سنة 1990م، أدت وجهات النظر الجديدة والعولمة والمدخلات من مختلف المجالات الأكاديمية إلى توسيع نطاق النقد الكتابي، مما نقله إلى ما هو أبعد من معاييره الأصلية، وغيره إلى مجموعة من التخصصات ذات الاهتمامات المختلفة، والمتضاربة في كثير من الأحيان.[4]:21,22 تغيّر المفهوم الأساسي للنقد الكتابي من الحكم المحايد إلى البدء من الاعتراف بالتحيزات المختلفة التي يجلبها القارئ لدراسة النصوص.[4]:21,22 أصبحت الأشكال الأحدث من النقد الكتابي في المقام الأول أدبية، فلم تعد تركز على الجانب التاريخي، بل تهتم بالنص كما هو موجود الآن.[4]:21,22

التاريخ

القرن الثامن عشر

جان أستروك الذي يُطلق عليه غالبًا "أبو النقد الكتابي"، في مستشفى جامعة تولوز.

في عصر التنوير في أوروبا الغربية، بدأ فلاسفة ولاهوتيون مثل توماس هوبز وباروخ سبينوزا وريتشارد سيمون في التشكيك في النص اليهودي المسيحي الراسخ الذي يقول بأن موسى هو مؤلف الأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس المعروفة باسم أسفار موسى الخمسة.[5][6] كتب سبينوزا أن موسى لم يكن بإمكانه كتابة مقدمة السفر الخامس، سفر التثنية، لأنه لم يعبر نهر الأردن إلى أرض الميعاد. كانت هناك أيضًا مشاكل أخرى مثل التثنية 31: 9 التي تشير إلى موسى بضمير الغائب. وفقًا لسبينوزا: «كل هذه التفاصيل وطريقة السرد، والشهادة، وسياق القصة بأكملها تؤدي إلى استنتاج واضح مفاده أن هذه الأسفار كتبها شخص آخر، وليس موسى شخصيًا».[7]

اعتقد الطبيب الفرنسي جان أستروك، أن هؤلاء النقاد كانوا مخطئين بشأن التأليف الموسوي. وفقًا لعالم العهد القديم إدوارد يونغ، اعتقد أستروك أن موسى قام بتجميع أول أسفار موسى الخمسة، سفر التكوين، باستخدام الروايات التي توارثها الشعب العبراني.[8] ويقال في كثير من الأحيان أن النقد الكتابي قد بدأ عندما استعار أستروك أساليب النقد النصي (المستخدمة في تحقيق النصوص اليونانية والرومانية) وطبّقها على الكتاب المقدس بحثًا عن الروايات الأصلية في النص.[9]:204,217 اعتقد أستروك أنه من خلال هذا النهج، قد حدّد المصادر المنفصلة التي جُمعت معًا لتحرير سفر التكوين. فسّرت فكرة وجود مصادر منفصلة عدم الاتساق في أسلوب ومفردات سفر التكوين، والتناقضات في السرد، والروايات المختلفة والصعوبات التاريخية، وإن كان لا زال محتملًا أن تكون من تأليف موسى.[9]:xvi[10] كان عمل أستروك هذا بداية أعمال النقد الكتابي، ولأنه أصبح نموذجًا لكل من تبعه، غالبًا ما يُطلق عليه "أبو النقد الكتابي".[9]:204,217,210

ساهم تشكيك حركة التقوى الألمانية في السلطة الدينية في ظهور النقد الكتابي.[11]:6 كما كان للعقلانية أيضًا أثرها الكبير،[12][13]:8,224 ويُعد اللاهوتي السويسري جان ألفونس توريتان (1671–1737) مثالًا على "العقلانية المعتدلة" في ذلك العصر. اعتقد توريتان أن الكتاب المقدس هو وحي إلهي، لكنه أصر على أن الوحي يجب أن يكون متسقًا مع الطبيعة ومتناغمًا مع العقل، "لأن الله الذي هو مؤلف الوحي هو أيضًا خالق العقل".[14]:94,95 أما العقلانية المتطرفة، فقد مثّلتها أعمال هاينريش باولوس الذي أنكر وجود المعجزات. وقد حاول يوهان زملر (1725–1791) في عمله التنقل بين الوحي الإلهي والعقلانية المتطرفة من خلال دعم وجهة النظر القائلة بأن الوحي كان "كشفًا إلهيًا عن الحقيقة المُدركة من خلال عمق التجربة الإنسانية".[14]:201,118 ميّز زملر بين الدين "الداخلي" و"الظاهري": بالنسبة لبعض الناس، دينهم هو هدفهم الداخلي الأسمى، بينما بالنسبة للآخرين، الدين معظمه ممارسة خارجية - وسيلة لتحقيق أغراض أخرى أكثر أهمية للفرد، مثل السياسة أو الأهداف الاقتصادية. ويُشكّل الاعتراف بهذا التمييز الآن جزءًا من مجال للعلوم المعرفية للدين الحديث.[13]:43[15] دعا زملر إلى وضع حد لجميع الافتراضات العقائدية، معطيًا النقد التاريخي طابعه غير الطائفي. ونتيجة لذلك، غالبًا ما يُطلق على زملر لقب "أبو البحث النقدي التاريخي.[13]:43 على الرغم من الاختلاف في المواقف بين المفكرين والمؤرخين في عصر التنوير الألماني، إلا أن الجميع نظروا إلى التاريخ باعتباره المفتاح في بحثهم نحو الفهم.[11]:214

يقول عالم الاتصالات جيمس هيريك إنه على الرغم من أن معظم العلماء يتفقون على أن النقد الكتابي تطور من عصر التنوير الألماني، إلا أن هناك بعض مؤرخي النقد الكتابي وجدوا "روابط مباشرة قوية" مع حركة الربوبية البريطانية. أشار هيريك إلى اللاهوتي الألماني هينينغ غراف ريفينتلو (1929–2010) بأنه ربط الربوبية بالرؤية الإنسانية للعالم، والتي كانت ذات أهمية في النقد الكتابي.[16][17]:13–15 أكد ماثيو تيندال (1657–1733)، أحد أعضاء حركة الربوبية البريطانية، أن يسوع علّم دينًا طبيعيًا [الإنجليزية] غير عقائدي قامت الكنيسة فيما بعد بتغييره إلى شكله العقائدي الخاص. كانت وجهة نظر تيندال حول المسيحية أنها "مجرد تأكيد للدين الطبيعي وإنكاره الحازم لما هو خارق للطبيعة"، وقادته إلى استنتاج أن "الدين الموحى به غير ضروري".[18] كان للربوبية البريطانية أيضًا تأثير على الفيلسوف والكاتب هيرمان ريماروس في تطوير نقده للوحي.[17]:13

دعا عالم الكتاب المقدس يوهان ميكايليس إلى استخدام اللغات السامية الأخرى إلى جانب العبرية لفهم العهد القديم. وفي سنة 1750م، كتب أول مقدمة نقدية حديثة للعهد الجديد.[19][20] وبدلاً من تفسير الكتاب المقدس تاريخيًا، استخدم يوهان آيشهورن ويوهان جابلر وجورج باور مفهوم الأسطورة كأداة لتفسير الكتاب المقدس. كما استخدم رودولف بولتمان هذا النهج لاحقًا، وأصبح مؤثرًا بشكل خاص في أوائل القرن العشرين الميلادي.[14]:117, 149–150, 188–191

يقول عالم الدراسات السامية جورج بيري إن مصطلح "النقد الأعلى"، والذي يستخدم أحيانًا كاسم بديل للنقد التاريخي، استخدمه آيشهورن لأول مرة في عمله المؤلف من ثلاثة مجلدات «مقدمة للعهد القديم» الذي نُشر بين عامي 1780م و1783م. وقد استُخدم هذا المصطلح في الأصل للتمييز بين النقد الأعلى، وهو مصطلح النقد التاريخي، والنقد الأدنى، وهو المصطلح الشائع الاستخدام للنقد النصي في ذلك الوقت،[21] والذي لم يعد يستخدم كثيرًا في دراسات القرن الحادي والعشرين.[4]:108 وتُعد وجهة نظر القرن الحادي والعشرين الميلادي حول أصول النقد الكتابي، والتي تُرجعها إلى الإصلاح هي وجهة نظر أقلية، إلا أنهم يرون أن الإصلاح هو مصدر دفاع الكتاب المقدس عن التحرر من السلطة الخارجية التي تفرض وجهة نظرها على تفسير الكتاب المقدس.[22]:297–298[2]:189 قبل وقت طويل من عصر ريتشارد سيمون، كان السياق التاريخي لنصوص الكتاب المقدس مهمًا ليواكيم كاميراريوس (1500م–1574م) الذي كتب دراسة فقهية لأوجه الكلام في نصوص الكتاب المقدس باستخدام سياق الكلام لفهم مقاصد النص.[23] كما مهّد هوغو غروتيوس الطريق لدراسات مقارنة الأديان من خلال تحليل نصوص العهد الجديد في ضوء الكتابات القديمة واليهودية والمسيحية المبكرة.[24]:140

يسوع التاريخي: البحث الأول

يُشار أحيانًا إلى البحث الأول عن يسوع التاريخي باسم "البحث القديم".[25]:888 بدأ البحث مع نشر عمل لهيرمان ريماروس بعد وفاته، حيث إدعى إفرايم ليسينغ أنه اكتشف نسخًا من كتابات ريماروس في مكتبة فولفنبوتل عندما كان أمين المكتبة هناك.[25]:862 ترك ريماروس إذنًا بنشر أعماله بعد وفاته، وقد فعل ليسينغ ذلك بين عامي 1774م و1778م، ونشرها تحت عنوان «مقاطع لمؤلف مجهول».[26] بمرور الوقت، أصبحت تُعرف باسم مقاطع فولفنبوتيل. فرّق ريماروس بين ما علّمه يسوع، وكيف تم تصويره في العهد الجديد. وفقًا لريماروس، كان يسوع مسيحًا سياسيًا فشل في إحداث تغيير سياسي، وأُعدم من قبل الدولة الرومانية باعتباره متمردًا، ثم سرق تلاميذه جسده، واخترعوا قصة قيامته لتحقيق مكاسب شخصية.[17] يعترف ألبرت شفايتزر في كتابه البحث عن يسوع التاريخي بأن عمل ريماروس جدلي، وليس دراسة تاريخية موضوعية، وأشار إليه أيضًا على أنه "تحفة من روائع الأدب العالمي".[27]:22,16 وفقًا لشفايتزر، كان ريماروس مخطئًا في افتراضه أن أحاديث يسوع حول نهاية العالم لم تكن سماوية وذات أهداف سياسية، ولكنه كان على حق في النظر إلى يسوع باعتباره واعظًا متنبّئًا بنهاية العالم، كما يتضح من تحذيراته المتكررة حول تدمير القدس ونهاية الزمان. أصبح هذا النهج الأخروي لفهم يسوع منذ ذلك الحين عالميًا في النقد الكتابي الحديث.[27]:viii,23,195 علّق شفايتزر أيضًا بأنه بما أن ريماروس كان مؤرخًا وليس لاهوتيًا أو باحثًا في الكتاب المقدس، فإنه لم يكن لديه أدنى فكرة عن "إن نقد المصدر هذا من شأنه أن يوفر الحل لمشاكل الاتساق الأدبي التي أثارها رايماروس".[27]:15

رد زملر على عمل ريماروس المثير للجدل سنة 1779م بكتابه «الرد على مقاطع المؤلف المجهول».[28] كتب شفايتزر أن زملر "قام وقتل ريماروس باسم اللاهوت العلمي".[27]:25 أدت مكانة زملر إلى قمع نشر ودراسة أعمال ريماروس مؤقتًا، لكن لم يكن لرد زملر تأثيرًا طويل المدى.[27]:25,26 من ناحية أخرى، كان لكتابات ريماروس تأثيرًا طويل المدى، حيث أحدثت تغييرًا دائمًا في أسلوب النقد الكتابي من خلال توضيح أنه بالإمكان وجود منحى مستقل عن اللاهوت والإيمان.[13]:46[27]:23–26 أظهر عمل ريماروس أيضًا أن النقد الكتابي يمكن أن يخدم أهدافه الخاصة، وأن يكون محكومًا فقط بالمعايير العقلانية الرافضة للإذعان للتقاليد الدينية.[13]:46–48 ظل تساؤل ريماروس الذي يدور حول "إلى أي حد كان يسوع سياسيًا؟"، موضع نقاش من قبل اللاهوتيين والمؤرخين مثل فولفغانغ شتيجمان وجيرد ثيسن وكريج كينر.[29][30][31]

بالإضافة إلى إشرافه على نشر أعمال ريماروس، قدم ليسينغ مساهمات خاصة به، زاعمًا بأن الدراسة الصحيحة للنصوص الكتابية تتطلب معرفة السياق الذي كتبت فيه، وهو ما يقبله الآن أهل العلم.[13]:49

القرن التاسع عشر الميلادي

يقول ريتشارد وكيندال سولين أن النقد الكتابي وصل إلى ذروته في القرن التاسع عشر الميلادي، ليصبح "تحوّلًا حقيقيًا رئيسيًا في الدراسات الكتابية في العصر الحديث".[4]:79 تمثّلت ذروة تأثير النقد الكتابي في مدرسة تاريخ الأديان،[note 1] حين تشارك مجموعة من اللاهوتيين البروتستانت الألمان مع جامعة غوتينغن[4]:161 في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي في سعيهم إلى فهم اليهودية والمسيحية من خلال دراسة شاملة لتاريخ الدين.[14]:222 استخدم علماء كتاب مقدس آخرون من خارج مدرسة غوتينغن، مثل هاينريش يوليوس هولتزمان (1832–1910) النقد الكتابي أيضًا، حيث قام هولتزمان بتطوير القائمة الأولى للترتيب الزمني لنصوص العهد الجديد بناءً على الدراسات النقدية.[4]:82

لا تزال العديد من الأفكار حول فهم الكتاب المقدس التي بدأت في القرن التاسع عشر الميلادي قيد المناقشة للآن في القرن الحادي والعشرين الميلادي. فمثلًا، في سنة 1835م ثم في سنة 1845م، افترض اللاهوتي فرديناند باور أن هناك جدالاً دار بين التلميذين بطرس وبولس أدى إلى شقاق بينهما، وبالتالي أثّر على نمط المسيحية من ذاك الحين.[32][33]:91–95 لا زالت تلك الفرضية تثير جدلاً واسع النطاق في موضوعات مثل الدراسات البولسية، ودراسات العهد الجديد، ودراسات الكنيسة المبكرة، والشريعة اليهودية، ولاهوت النعمة، وعقيدة التبرير.[32]:286–287 كما لا يزال تحدي ألبرخت ريتشل لنظرية الكفارة الأرثوذكسية مؤثرًا على الفكر المسيحي.[14]:92

اعتقد علماء النقد الكتابي في القرن التاسع عشر الميلادي أن عملهم يُعد استمرارًا لأهداف الإصلاح البروتستانتي.[34]:89 وفقًا لروبرت غرانت وديفيد تريسي، كانت إحدى أبرز السمات لفتًا للانتباه في تطور تفسير الكتاب المقدس خلال القرن التاسع عشر الميلادي هي الطريقة التي كانت توجّه بها الافتراضات الفلسفية هذا التطوّر ضمنيًا.[35]:91 fn.8 أشار مايكل جوزيف براون إلى أن النقد الكتابي كان يعمل وفقًا لمبادئ ترتكز على عقلانية أوروبية متميزة. بحلول نهاية القرن التاسع عشر، تم الاعتراف بهذه المبادئ من قبل إرنست ترويلتش في مقال بعنوان "المنهج التاريخي والعقائدي في اللاهوت"، حيث وصف ثلاثة مبادئ للنقد الكتابي: الشك المنهجي (البحث عن اليقين من خلال الشك في كل شيء)؛ التشبيه (فكرة فهم الماضي من خلال ربطه بحاضرنا)؛ والاعتماد المتبادل (ربط كل حدث بالأحداث التي سبقته).[36]

أدى تركيز النقد الكتابي على العقل الخالص إلى إحداث نقلة نوعية أدت إلى تغيير عميق في اللاهوت المسيحي فيما يتعلق باليهود. استخدم أندرس جيردمار المعنى القانوني للتحرر، حيث قال "إن عملية تحرير العقل من الكتاب المقدس ... تسير بالتوازي مع تحرير المسيحية من اليهود".[37]:22 في القرن الماضي، كان زملر أول بروتستانتي تنويري يدعو إلى "نزع اليهودية" عن المسيحية، وكتب أيضًا مقالًا دينيًا كان سلبيًا بشدة تجاه اليهود واليهودية؛[37]:25,27 وقال بأن المسيحية تُلغي ما قبلها.[37]:39, 40 أصبحت عقيدة الاستبدالية بديلة للتفسير الحرفي عند يوهان هردر وفريدريك شلايرماخر وفيلهلم مارتن ليبرخت دي فيت وفرديناند باور وديفيد شتراوس وألبرخت ريتشل أعضاء مدرسة تاريخ الأديان في تسعينيات القرن التاسع عشر الميلادي، وفي مجال نقد الصياغة خلال القرن العشرين الميلادي حتى الحرب العالمية الثانية.[37]:vii–xiii

يسوع التاريخي: حيوات يسوع

شهد أواخر القرن التاسع عشر اهتمامًا متجددًا بالبحث عن يسوع التاريخي، والذي تضمن في المقام الأول كتابة عدة إصدارات من حياة يسوع. كان ديفيد شتراوس من أبرز العلماء المهتمين بهذا المجال حيث استخدم في كتابه "حياة يسوع" تفسيرًا خُرافيًا للأناجيل لتقويضها تاريخيًا. كان لهذا الكتاب أهمية ثقافية لمساهمته في إضعاف سلطة الكنيسة، كما كانت له أهمية لاهوتية لأنه تحدى لاهوتية المسيح.[38] في سنة 1900م، وصف أدولف فون هارناك في كتابه "جوهر المسيحية" يسوع بأنه كان مُصلحًا.[39] كما رفض ويليام وريد جميع الجوانب الدينية ليسوع، وأكّد أن وصف يسوع بالمسيح ظهر فقط في مجتمع المسيحية المبكر، ولم يأت باعتراف من يسوع نفسه.[40] أما إرنست رينان، فقد روّج للمنهج النقدي، وكان معارضًا للعقيدة التقليدية حول يسوع.[41] حصل فيلهلم بوسيت [الإنجليزية] على تكريمات من مدرسة تاريخ الأديان من خلال مقارنته لما أسماه التعاليم المبهجة لبر يسوع الجديد في مقابل ما رآه بوسيت الدعوة القاتمة للتوبة التي دعا إليها يوحنا المعمدان.[42] أثناء تواجده في غوتينغن، كتب يوهانس فايس أكثر أعماله أثرًا عن تصريحات يسوع حول نهاية العالم.[43]

في سنة 1896م، كتب مارتن كاهلر كتابه "ما يسمى بيسوع التاريخي والمسيح التاريخي الكتابي"، الذي انتقد فيه منهجية البحث عن يسوع التاريخي، حيث ذكّر بحدود البحث التاريخي، حيث قال بأنه من المستحيل فصل يسوع التاريخي دون الإيمان بيسوع، حيث أن يسوع معروف فقط من خلال الوثائق التي اعتبرته المسيح.[44]:10 لم يُعتبر منهج "البحث القديم عن يسوع التاريخي" مغلقًا، حتى كتب ألبرت شفايتزر كتابه "البحث عن يسوع التاريخي" سنة 1910م، الذي انتقد فيه بشكل لاذع السير المختلفة عن حياة يسوع التي كُتبت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، ووصفها بأنها تعكس حياة مؤلفيها أكثر من حياة يسوع.[45] أحدث كتاب شفايتزر ثورة في دراسة العهد الجديد في مطلع القرن العشرين الميلادي من خلال إثباته لمعظم العالم الأكاديمي أن تعاليم يسوع وأفعاله كانت منطلقة من نظرته الأخروية؛ وبذلك أنهى مجال البحث حول يسوع الأخروي،[34]:173[46]:2–4 لذا قال شفايتزر بأن أي بحث مستقبلي عن يسوع التاريخي لا معنى له.[44]:10

القرن العشرين الميلادي

في أوائل القرن العشرين الميلادي، تشكّل النقد الكتابي من خلال عاملين رئيسيين يتصارعان فيما بينهما. أولاً، نشأة نقد الصياغة وتحوُّل محور النقد الكتابي من المؤلف إلى النص الأدبي، ومن الفرد إلى المجتمع. ثانيًا، بدأ الجهد العلمية لاستعادة الأهمية الدينية للكتاب المقدس.[4]:20 ابتعد كارل بارث ورودولف بولتمان وغيرهم عن الاهتمام بيسوع التاريخي، وركّزوا بدلاً من ذلك على البشارة: رسالة العهد الجديد.[4]:20[47]

يتفق معظم العلماء على أن بولتمان هو أحد أكثر اللاهوتيين تأثيرًا في القرن العشرين الميلادي، لكنه كان يتمتع أيضًا "بسمعة سيئة السمعة لنزعته نحو نزع الأساطير"، وهو الأمر الذي أثار جدلًا حول العالم.[48][49] يشير مصطلح "نزع الأساطير" إلى إعادة تفسير القصص الكتابية من خلال أفكار الفلسفة الوجودية لمارتن هايدغر.[50] زعم بولتمان أن القصص "حقيقية" من الناحيتين الأنثروبولوجية والوجودية، ولكنها لا تتفق مع دراسات نشأة الكون.[51] وبصفته مؤيدًا رئيسيًا لمنهج نقد الصياغة، وضع بولتمان جدول أعمال لجيل لاحق من علماء العهد الجديد الرائدين في هذا المجال.[4]:21 وفي منتصف القرن تقريبًا، بدأت التوجهات الجماعية للنقاد الكتابيين تتغير. كان ذلك بسبب اسهامات علماء من خلفيات غير بروتستانتية.[4]:21 كما بدأ النقد التحريري أيضًا مع منتصف القرن العشرين الميلادي. وفي الوقت الذي كان فيه نقد الصياغة يُقسّم النص إلى وحدات صغيرة، كان النقد التحريري بدلًا من ذلك يهتم بالتأكد من السلامة الأدبية للوحدات الأدبية الأكبر حجمًا.[52][53]:443

جدّد اكتشاف مخطوطات البحر الميت في قمران سنة 1945م الاهتمام بمساهمات الآثار المكتشفة في الدراسات الكتابية، لكنه شكّل أيضًا تحديات للنقد الكتابي.[54]:9,149 فمثلًا، ترتبط غالبية نصوص البحر الميت ارتباطًا وثيقًا بالنص الماسوري الذي يرتكز عليه العهد القديم المسيحي، بينما تشابهت نصوص أخرى أكثر مع الترجمة السبعينية (النسخة اليونانية القديمة من النصوص العبرية)، وتشابهت مجموعة ثالثة مع نصوص من أسفار موسى الخمسة السامرية.[54]:241,149[55] أثار ذلك التساؤلات حول ما إذا كان هناك شيء يسمى "النص الأصلي" أم لا؟. وإذا لم يكن هناك نص أصلي، فإن الهدف من النقد النصي نفسه، سيصبح محل تساؤل.[13]:82

استخدم عالم العهد الجديد يواكيم إيريمياس (1900–1979) علم اللغة والبيئة اليهودية التي عاش فيها يسوع في القرن الأول الميلادي لتفسير العهد الجديد.[53]:495 أثارت حركة اللاهوت الكتابي في الخمسينيات جدلاً بين علماء العهد القديم والعهد الجديد حول وحدة الكتاب المقدس. أدى ظهور النقد التحريري إلى إنهاء هذا الجدال من خلال التركيز بشكل أكبر على الاختلافات.[56] وفي سنة 1953م، بدأت موجة جديدة من البحث عن يسوع التاريخي.[25]:34

بعد سنة 1970م، تغيّر النقد الكتابي بشكل جذري وشامل.[4]:vii,21 كان النقد الجديد الذي تطور كمساعد للنقد الأدبي، يهتم بتفاصيل الأسلوب.[57] كما تطورت التاريخية الجديدة، وهي نظرية أدبية تنظر إلى التاريخ من خلال الأدب.[58] وبدأ النقد الكتابي في تطبيق مناهج أدبية جديدة مثل البنيوية والنقد البلاغي، والتي ركّزت بشكل أقل على التاريخ وبشكل أكثر على النصوص نفسها.[59] في سبعينيات القرن العشرين، طرح عالم العهد الجديد إد ساندرز منظورً جديدًا حول بولس، والذي أثر بشكل كبير على آراء العلماء حول العلاقة بين المسيحية البولسية والمسيحية اليهودية في الرسائل البولسية.[60][61] كما طور ساندرز الدراسة حول يسوع التاريخي من خلال وضع حياة يسوع في سياق يهودية الهيكل الثاني خلال القرن الأول الميلادي.[46]:13–18 في سنة 1974م، نشر اللاهوتي هانز فراي كتابه "كسوف السرد الكتابي"، الذي أصبح عملاً بارزًا أدى إلى تطوير التفسير ما بعد النقدي،[62] لتبدأ الموجة الثالثة من الدراسات المركزة على يسوع التاريخي سنة 1988م.[63]

بحلول سنة 1990م، تغير النقد الكتابي من كونه تخصصًا تاريخيًا في المقام الأول إلى مجموعة من التخصصات المتعارضة في كثير من الأحيان.[4]:21,22 قدّمت وجهات نظر جديدة من أعراق مختلفة، ومن اللاهوت النسوي، ومن الكاثوليكية، واليهودية رؤى تجاهلها من قبل غالبية البروتستانت الذكور البيض الذين هيمنوا على نقد الكتاب المقدس منذ بداياته.[4]:21[note 2] قدّمت العولمة أيضًا وجهات نظر عالمية مختلفة؛ شكّلت وجهات النظر الجديدة هذه وعيًا بأن الكتاب المقدس يمكن تفسيره بشكل عقلاني من خلال وجهات نظر مختلفة عديدة. وفي المقابل، غيّر هذا الوعي المفهوم الأساسي للنقد الكتابي من معيار الحكم المحايد إلى مبدأ البدء بالاعتراف بالتحيزات المختلفة التي يجلبها القارئ لدراسة النصوص.[4]:22

يسوع التاريخي: البحث الجديد حتى القرن الواحد والعشرين

لوحة لإرنست هيلدبراند سنة 1910م، تُصوّر صلب يسوع. يعتبر العديد من المؤرخين حادثة الصلب حدثًا تاريخيًا.[65][66]

لا يوجد اتفاق عام بين العلماء حول كيفية تقسيم موجات البحث عن يسوع التاريخي المختلفة. يتفق معظم العلماء على أن الموجة الأولى بدأت مع ريماروس وانتهى مع شفايتزر، وعلى وجود فترة توقّف خلال النصف الأول من القرن العشرين الميلادي؛ وأنه كان هناك موجة ثانية بدأت سنة 1953م، واستمرت حتى سنة 1988م حين بدأت الفترة الثالثة.[25]:697 ومع ذلك، يرى ستانلي بورتر أن هذا التقسيم "لا يمكن الدفاع عنه، وتكذبه كل الحقائق ذات الصلة"،[25]:697,698 زاعمًا بأن الناس كانوا يبحثون عن يسوع التاريخي قبل ريماروس، وأنه لم يكن هناك أبدًا فترة لم يكن العلماء يفعلون فيها ذلك.[25]:698,699

في سنة 1953م، ألقى إرنست كيسمان (1906-1998)، محاضرة شهيرة أمام زملائه القدامى في جامعة ماربورغ، حيث درس على يد بولتمان.[67] إدعى كيسمان أن "شكوك بولتمان حول ما يمكن اكتشافه عن يسوع التاريخي كانت متطرفة للغاية".[44]:10 إدعى بولتمان أنه بما أن كُتّاب الأناجيل كتبوا اللاهوت، فإن كتاباتهم لا يمكن اعتبارها تاريخًا، لكن كيسمان رأى أنهما لا يتعارضان.[44]:10,11[68] أطلق جيمس روبنسون سنة 1959م في مقالته "البحث الجديد عن يسوع التاريخي" اسم البحث الجديد على موجة البحث الثانية عن يسوع التاريخي التي انطلقت سنة 1953م.[25]:34 ركّزت الموجة الثانية إلى حد كبير على تعاليم يسوع حسبما فسّرتها الفلسفة الوجودية. ثم تضاءل الاهتمام مرة أخرى بحلول السبعينيات.[25]:668[44]:11

أطلق نيكولاس رايت موجة البحث الثالثة في ندوة يسوع سنة 1988م. بحلول ذلك الوقت، أصبح من الضروري الاعتراف بأن "نتيجة الموجتين الأوليين... كانت الكشف عن القيود المحبطة للدراسة التاريخية لأي شخص قديم".[44]:12 كتب بول مونتغمري في صحيفة نيويورك تايمز أنه "على مر العصور، اتخذ العلماء والعلمانيون مواقف مختلفة بشأن حياة يسوع، بدءًا من القبول الكامل بما جاء في الكتاب المقدس إلى التأكيد على أن يسوع الناصري مخلوق أسطوري لم يتواجد أبدًا."[69] أوضح ساندرز أنه بسبب الرغبة في معرفة كل شيء عن يسوع، بما في ذلك أفكاره ودوافعه، ولأن هناك استنتاجات متنوعة عنه، بدا للعديد من العلماء بأنه من المستحيل التأكد من أي شيء حوله. ومع ذلك، وفقًا لساندرز، "فنحن نعرف الكثير" عن يسوع.[70] يعتقد وذرنجتون أنه في الوقت الذي نادرًا ما يتفق العلماء فيه حول ما هو معروف أو غير معروف عن يسوع التاريخي، إلا أن العلماء يتفقون على أنه "لا ينبغي التهرب من الأسئلة التاريخية حوله".[44]:271

الأساليب الرئيسية

النقد النصي

يتضمن النقد النصي فحص النص نفسه وجميع المخطوطات المرتبطة به بهدف تحديد النص الأصلي،[71]:47 وهو أحد أكبر مجالات النقد الكتابي من حيث الكم الهائل من المعلومات التي يتناولها. تتضمن المخطوطات الـ 900 التي عُثر عليها في قمران تقريبًا أقدم المخطوطات الموجودة للكتاب المقدس العبري، حيث وجد فيها كل الأسفار ما عدا سفر إستير، وإن كان معظم الأسفار وُجدت في شكل قطع وقصاصات.[72] أما العهد الجديد، فقد حُفظت منه مخطوطات أكثر من أي عمل آخر قديم، حيث هناك على أكثر من 5,800 مخطوطة يونانية كاملة أو مجزأة، و10,000 مخطوطة لاتينية و9,300 مخطوطة بمختلف اللغات القديمة الأخرى بما في ذلك النصوص السريانية والسلافية والقوطية والجعزية والقبطية والأرمنية. تتراوح تواريخ هذه المخطوطات بين 110م-125م تقريبًا (𝔓52) وحتى زمن دخول الطباعة إلى ألمانيا في القرن الخامس عشر الميلادي. وهناك أيضًا ما يقرب من مليون اقتباس مباشر من العهد الجديد في الكتابات المجمعة لآباء الكنيسة في القرون الميلادية الأربعة الأولى. على سبيل المقارنة، فإن النص القديم الذي يلي العهد الجديد في أفضلية المصادر هو الإلياذة، التي من المفترض أن كتبها الإغريقي هوميروس في أواخر القرن الثامن أو أوائل القرن السابع قبل الميلاد، والتي بقيت موجودة في أكثر من 1,900 مخطوطة، معظمها مُجزّأ.[73]

بردية 52 أقدم بردية موجودة للعهد الجديد،[74] وتحتوي على عبارات من إنجيل يوحنا.

كُتبت كل هذه النصوص بخط اليد، عن طريق النسخ من نص مكتوب آخر بخط اليد، لذا فهي لا تتطابق تمامًا كما في الأعمال المطبوعة. تسمى الاختلافات بينهم متغيرات. [4]:204 المتغيّر ببساطة هو أي اختلاف بين نصين. العديد من المتغيرات عبارة عن أخطاء إملائية بسيطة أو أخطاء في النسخ. على سبيل المثال، قد يقوم الناسخ بإسقاط حرف واحد أو أكثر، أو تخطي كلمة أو سطر، أو كتابة حرف بدلاً من الآخر، أو تبديل الأحرف، وما إلى ذلك. كما قد تكون بعض المتغيرات محاولة نسخية للتبسيط أو التنسيق، عن طريق تغيير كلمة أو عبارة.[75] يختلف العدد الدقيق للمتغيرات، كلما زاد عدد النصوص الباقية، وبالتالي تزيد احتمالة وجود متغيرات من نوع ما.[76] عادةً ما يتم اختبار تأثير المتغيرات على موثوقية النص الواحد من خلال مقارنته بمخطوطة تم التأكد من موثوقيتها منذ فترة طويلة. على الرغم من اكتشاف العديد من المخطوطات القديمة منذ سنة 1881م، إلا أن هناك إصدارات نقدية للعهد الجديد اليوناني، مثل NA28 وUBS5، والتي "لم تتغير تقريبًا" عن هذه الاكتشافات، مما يعني أيضًا أن أفضل نصوص القرن الرابع، أي المخطوطات السكندرية الفاتيكانية والسينائية، لها أصول دامت طوال القرن الثالث الميلادي بأكمله وحتى القرن الثاني الميلادي".[77]

الورقة 41v من المخطوطة السكندرية. اعتمدت النصوص السكندرية على تلك المخطوطة.[78]

تُصنّف المتغيرات إلى عائلات. لنفترض أن الكاتب "أ" ارتكب خطأ، والكاتب "ب" لم يخطئ. ستحتوي نسخ نص الكاتب "أ" الذي يحتوي على الخطأ بعد ذلك على نفس الخطأ. بمرور الوقت، ستتباعد النصوص المنحدرة من "أ" التي تشترك في الخطأ، وتلك الواردة من "ب" التي لا تشترك فيه، بشكل أكبر، ولكن النصوص اللاحقة ستظل قابلة للتحديد على أنها تنحدر من أحدهما أو الآخر بسبب وجود أو غياب ذاك الخطأ الأصلي.[79]:207,208 ويشار إلى الأجيال المتعددة من النصوص التي تلت ذلك، والتي تحتوي على نفس الخطأ، على أنها "عائلة" من النصوص. يدرس نقاد النص الاختلافات بين هذه العائلات ليجمعوا معًا شكل النص الأصلي.[79]:205 يُعد فرز ثروة المواد المصدرية أمرًا معقدًا، لذلك فُرزت العائلات النصية إلى فئات مرتبطة بالمناطق الجغرافية. قُسّمت عائلات نصوص العهد الجديد إلى نص سكندري (وتسمى أيضًا "النص المحايد")، وغربي (الترجمات اللاتينية)، وشرقي (المستخدم من قبل الكنائس المتمركزة في أنطاكية والقسطنطينية).[80]:213[note 3]

مشكلات النقد النصي

اعتمد النص النقدي على عمليتين رئيسيتين، وهما التنقيح والتعديل:[79]:205,209

  • التنقيح هو اختيار الأدلة الأكثر جدارة بالثقة التي يبنى عليها النص.
  • التعديل هو محاولة إزالة الأخطاء الموجودة حتى في أفضل المخطوطات.

يقول جيروم ماكغان إن هذه الأساليب تُدخل بشكل فطري عاملًا شخصيًا في النقد النصي على الرغم من محاولتها وضع قواعد موضوعية.[82][83] ناقش آلان كوبر هذه الصعوبة باستخدام مثال عاموس 6: 12 الذي يقول: "أو يحرث عليه بالبقر؟" الجواب الواضح هو "نعم"، ولكن يبدو أن سياق المقطع يتطلب "لا". يوضح كوبر أن إعادة تركيب الحروف الساكنة تسمح بقراءة "هل يحرث المرء البحر بالثيران؟" التعديل ذو داعٍ، وهو الاعتقاد بأنه مُحرّف، ولكنه مع ذلك تبقى مسألة حكم شخصي.[84] يساهم ذلك في كون النقد النصي أحد أكثر مجالات النقد الكتابي إثارة للجدل، كما أنه أكبرها، حيث أشار إليه علماء مثل آرثر فيرال على أنه "فن جميل ومثير للجدل".[85][86][87]

يستخدم النقد النصي منهجيات متخصصة، ومصطلحات متخصصة تكفي لإنشاء معجم خاص به،[88] كما أنه يسترشد بعدد من المبادئ، وإن كان من الممكن الاعتراض على أي من هذه المبادئ أو استنتاجاتها. على سبيل المثال، في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، طور الناقد النصي يوهان جاكوب جريسباخ (1745 – 1812) خمسة عشر مبدأً نقديًا لتحديد النصوص التي من المحتمل أن تكون الأقدم والأقرب إلى النص الأصلي.[80]:213 كانت إحدى قواعده هي أن "القراءة الأقصر هي الأفضل". استند في فرضيته إلى أن الكتبة كانوا يميلون أكثر للإضافة إلى النص بدلاً من الحذف منه، مما يجعل النصوص الأقصر أكثر عرضة لأن تكون الأقدم.[89] في سنة 1914م، عارض عالم اللاتينية ألبرت كلارك وجهة نظر جريسباخ بشأن النصوص الأقصر،[79]:212–215 حيث زعم أنه بناءً على دراسته لشيشرون، فإن الحذف كان خطأ كتابيًا أكثر شيوعًا من الإضافة، قائلاً: «النص يشبه المسافر الذي ينتقل من نزل إلى آخر، ويفقد قطعة من الأمتعة عند كل توقف».[79]:213 تعرضت مزاعم كلارك لانتقادات من قبل أولئك الذين أيدوا مبادئ جريسباخ. وردّ عليهم كلارك، لكن الخلاف استمر. وبعد ما يقرب من ثمانين عامًا، تناول اللاهوتي والكاهن جيمس رويز هذه القضية. وبعد دراسة وثيقة للعديد من برديات العهد الجديد، خلص إلى أن كلارك كان على حق، وأن قاعدة جريسباخ للقياس كانت خاطئة.[79]:214[90] ودعا بعض علماء القرن الحادي والعشرين الميلادي إلى التخلي عن هذه الأساليب القديمة في النقد النصي لصالح أساليب جديدة بمساعدة الحواسيب لمقارنة المخطوطات بطريقة أكثر موثوقية.[81]:5

نقد المصدر

يُعرّف نقد المصدر بأنه البحث عن المصادر الأصلية التي تشكل أساس النصوص الكتابية. في دراسات العهد القديم، يركز نقد المصدر عمومًا على تحديد مصادر النص الواحد. على سبيل المثال، كان الكاهن الفرنسي ريتشارد سيمون في القرن السابع عشر الميلادي من أوائل المؤيدين للنظرية القائلة بأن موسى لا يمكن أن يكون المصدر الوحيد لأسفار موسى الخمسة بأكملها. وفقًا لسيمون، فإن أجزاء من العهد القديم لم تُكتب على يد أفراد على الإطلاق، ولكن كتبها كتبة سجّلوا الروايات الشفهية للمجتمع.[91][92]:1 كما اعتقد الطبيب الفرنسي جان أستروك في سنة 1753م أن موسى هو الذي كتب سفر التكوين (أول أسفار موسى الخمسة) اعتمادًا على وثائق قديمة؛ وحاول تحديد هذه المصادر الأصلية والفصل بينها مرة أخرى.[92]:2 قام أستروك بذلك من خلال تحديد تكرارات أحداث معينة، مثل أجزاء من قصة الطوفان التي تكررت ثلاث مرات، مما يشير إلى احتمال وجود ثلاثة مصادر. كما اكتشف استخدام اسمين مختلفين لله في سفر التكوين وحتى الأصحاح الثالث لسفر الخروج، ولكن ليس في بقية أسفار موسى الخمسة. كما وجد أيضًا مفارقات تاريخية واضحة: مثل عبارات تبدو وكأنها من وقت لاحق للوقت الذي جاءت عليه في سفر التكوين. قادت تلك الأدلة أستروك إلى افتراض أن مصادر سفر التكوين كانت في الأصل مواد منفصلة دُمجت فيما بعد في وحدة واحدة لتُكوّن سفر التكوين.[9]:166–168[93]:7,8

هناك نظريتان هما الأكثر تأثيرًا وشهرة في نقد المصدر، الأولى تتعلق بأصول أسفار موسى الخمسة في العهد القديم (فرضية فيلهاوزن)؛ والثانية تتبع مصادر أناجيل العهد الجديد الأربعة (فرضية المصدرين).[94]:147

إقرأ أيضا

الملاحظات

  1. ^ تُعرف بالألمانية باسم Kultgeschichtliche Schule أو Religionsgeschichtliche Schule.[4]:161
  2. ^
    • تقول فيورنزا: "لقد صاغ اللاهوتيون المسيحيون الذكور مفاهيم لاهوتية من خلال تجربتهم الثقافية الخاصة، مصرين على اللغة الذكورية المتعلقة بالإله، وعلى عالم رمزي لا تظهر فيه النساء... وتصر الباحثات النسويات على أن النصوص والتقاليد الدينية "يجب إعادة تفسيرها حتى تتمكن النساء وغيرهم من "غير الأشخاص" من تحقيق الأهلية الكاملة في الدين والمجتمع".[64]
    • وهذا "يؤدي بطبيعة الحال إلى اتهام ثانٍ ضد النقد الكتابي: وهو أنه حكر على زمرة صغيرة من الناس في العالم الغربي الغني، حاولوا وضع تشريعات حول الكيفية التي يجب أن تقرأ بها الكتلة الهائلة من البشرية الكتاب المقدس. ...لم يفصل فقط هذا النقد الكتاب المقدس عن المجتمعات المؤمنة، بل خصّصه أيضًا لمجموعة معينة: وهم العلماء البيض والذكور والغربيون.[2]:150
  3. ^ هناك إجماع بين نقاد النصوص في القرن الحادي والعشرين الميلادي على أن المواقع المختلفة المحددة تقليديًا لأنواع النص غير صحيحة ومضللة. وبالتالي، ينبغي استخدام التسميات الجغرافية بحذر؛ يفضل بعض العلماء الإشارة إلى أنواع النص باسم "المجموعات النصية" بدلاً من ذلك.[81]:3–9

المراجع

  1. ^ Harrington، Daniel J. "Biblical Criticism". Oxford Bibliographies. Oxford University Press. مؤرشف من الأصل في 2021-01-08. اطلع عليه بتاريخ 2020-11-15.
  2. ^ ا ب ج د ه و Barton، John (2007). The Nature of Biblical Criticism. Westminster John Knox Press. ISBN:978-0-664-22587-2.
  3. ^ Fitzmyer، Joseph A. (1995). The Biblical Commission's Document "The Interpretation of the Bible in the Church": Text and Commentary. Editrice Pontificio Istituto Biblico. ص. 37, 44. ISBN:978-88-7653-605-2.
  4. ^ ا ب ج د ه و ز ح ط ي يا يب يج يد يه يو يز Soulen، Richard N.؛ Soulen، R. Kendall (2001). Handbook of Biblical Criticism (ط. Third). Westminster John Knox Press. ISBN:978-0-664-22314-4.
  5. ^ Walther League (1924). The Walther League Messenger. University of Wisconsin. ص. 332.
  6. ^ Popkin، R. H. (2013). The Books of Nature and Scripture Recent Essays on Natural Philosophy, Theology and Biblical Criticism in the Netherlands of Spinoza's Time and the British Isles of Newton's Time. Springer Netherlands. ص. 5. ISBN:978-94-017-3249-9.
  7. ^ de Spinoza، Benedictus (1900). The Chief Works of Benedict de Spinoza: Introduction. Tractatus theologico-politicus. Tractatus politicus. ترجمة: Robert Harvey Monro Elwes. G. Bell and sons. ص. 123–124.
  8. ^ Young، Edward Joseph (1989) [1964]. An Introduction to the Old Testament. Eerdmans. ص. 119–120. ISBN:978-0-8028-0339-9.
  9. ^ ا ب ج د Nahkola، Aulikki (2007). "The Memoires of Moses and the Genesis of Method in Biblical Criticism: Astruc's Contribution". في Jarick، John (المحرر). Sacred Conjectures: The Context and Legacy of Robert Lowth and Jean Astruc. T&T Clark. ISBN:978-0-567-02932-4.
  10. ^ Grieve، Alexander James (1920). Peake، Arthur Samuel؛ Grieve، Alexander James (المحررون). A Commentary on the Bible. Harvard University. ص. 133.
  11. ^ ا ب Reill، Peter Hanns (1975). The German Enlightenment and the Rise of Historicism. University of California Press. ISBN:978-0-520-02594-3.
  12. ^ Thielman، Frank S. (2011). Theology of the New Testament A Canonical and Synthetic Approach. Zondervan. ص. 20, 22. ISBN:978-0-310-86433-2.
  13. ^ ا ب ج د ه و ز Law، David R. (2012). The Historical-Critical Method: A Guide for the Perplexed. T&T Clark. ISBN:978-0-56740-012-3.
  14. ^ ا ب ج د ه Baird، William (1992). History of New Testament Research, Volume One: From Deism to Tübingen. Fortress Press. ISBN:978-1-4514-2017-3.
  15. ^ Psiquiatr، Bras؛ Moreira-Almeida، Alexander؛ Neto، Francisco Lotufo؛ Koenig، Harold G (10 أغسطس 2006). "Religiousness and mental health: a review". Brazilian Journal of Psychiatry. ج. 28 ع. 3: 242–250. DOI:10.1590/S1516-44462006005000006.
  16. ^ Herrick، James A. (1997). "Characteristics of British Deism". The Radical Rhetoric of the English Deists: The Discourse of Skepticism, 1680–1750. Studies in rhetoric/communication. University of South Carolina Press. ص. 40. ISBN:978-1-57003-166-3. ويخلص [ريفنتلو] إلى: "لا يمكننا المبالغة في تقدير التأثير الذي يمارسه الفكر الربوبي، ومبادئ النظرة الإنسانية للعالم التي جعلها الربوبيون معيارًا لنقدهم الكتابي، على التفسير النقدي التاريخي أثناء القرن التاسع عشر [...]' (ريفنتلو، سلطة الكتاب المقدس، ص 412).
  17. ^ ا ب ج Groetsch، Ulrich (2015). Hermann Samuel Reimarus (1694–1768): Classicist, Hebraist, Enlightenment Radical in Disguise. Brill. ص. 239, 240. ISBN:978-90-04-27299-6.
  18. ^ Lucci، Diego؛ Wigelsworth، Jeffrey R. (2015). "God does not act arbitrarily, or interpose unnecessarily: providential deism and the denial of miracles in Wollaston, Tindal, Chubb, and Morgan". Intellectual History Review. ج. 25 ع. 2: 176, 177. DOI:10.1080/17496977.2014.992628. S2CID:170989245.
  19. ^ Michaelis، Johann David (1802). Introduction to the New Testament (ط. Second). F. and C. Rivington. ج. II (part II).
  20. ^ Rogerson، J. W. (2007). "Johann David Michaelis". في McKim، Donald K. (المحرر). Dictionary of Major Biblical Interpreters. InterVarsity Press. ص. 737. ISBN:978-0-8308-2927-9.
  21. ^ Berry، George Ricker (1938). "Biblical Criticism and Archaeology". Journal of Bible and Religion. ج. 6 ع. 3: 131–171. JSTOR:1457569. مؤرشف من الأصل في 2020-10-31. اطلع عليه بتاريخ 2020-10-22.
  22. ^ Rogerson، J. W. (2000). "Higher Criticism". في Hastings، Adrian؛ Mason، Alistair؛ Pyper، Hugh (المحررون). The Oxford Companion to Christian Thought. Oxford University Press. ISBN:978-0-19-860024-4.
  23. ^ Baier, Thomas, ed. (2017). Camerarius Polyhistor Wissensvermittlung im deutschen Humanismus (بالألمانية). Narr Francke Attempto Verlag. ISBN:978-3-8233-0037-3.
  24. ^ Muller، Richard (1998). "Biblical Interpretation in the Sixteenth and Seventeenth Centuries". في McKim، Donald K. (المحرر). Historical Handbook of Major Biblical Interpreters. InterVarsity Press. ISBN:978-0-8308-1452-7.
  25. ^ ا ب ج د ه و ز ح Holmén، Tom (2011). Handbook for the Study of the Historical Jesus. Brill. ISBN:978-90-04-16372-0.
  26. ^ Spalding، Almut (2015). Spalding، Almut؛ Spalding، Paul S. (المحررون). The Account Books of the Reimarus Family of Hamburg, 1728–1780. Brill. ص. 58. ISBN:978-90-04-30079-8.
  27. ^ ا ب ج د ه و Schweitzer، Albert (2001). Bowden، John (المحرر). The Quest of the Historical Jesus. Fortress Press. ISBN:978-1-4514-0354-1.
  28. ^ Brown، Colin (2010). Wilkens، Steve؛ Padgett، Alan G.؛ Brown، Colin (المحررون). Christianity and Western Thought From the Ancient World to the Age of Enlightenment. InterVarsity Press. ص. 305. ISBN:978-0-8308-3951-3.
  29. ^ Stegemann، Wolfgang (2002). Malina، Bruce J.؛ Stegemann، Wolfgang؛ Theissen، Gerd (المحررون). The Social Setting of Jesus and the Gospels. Fortress Press. ص. 225. ISBN:978-1-4514-2043-2.
  30. ^ Theissen، Gerd؛ Merz، Annette. The Historical Jesus A Comprehensive Guide. Fortress Press. ص. 443. ISBN:978-1-4514-0863-8.
  31. ^ Keener، Craig S. (2012). The Historical Jesus of the Gospels. Eerdmans. ص. 174, 320. ISBN:978-0-8028-6888-6.
  32. ^ ا ب Hengel، Martin (2010) [2006]. Saint Peter: The Underestimated Apostle. ترجمة: Thomas Trapp. Eerdmans. ص. viii, 58. ISBN:978-0-8028-2718-0.
  33. ^ Hafemann، S. J. (1998). "Baur, F. C.". في McKim، Donald K. (المحرر). Historical Handbook of Major Biblical Interpreters. InterVarsity Press. ISBN:978-0-8308-1452-7.
  34. ^ ا ب Soulen، Richard N.؛ Soulen، R. Kendall (2011). Handbook of Biblical Criticism (ط. Fourth). Westminster John Knox Press. ISBN:978-0-664-23534-5.
  35. ^ اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع Joseph G. Prior
  36. ^ Brown، Michael Joseph (2004). Blackening of the Bible: The Aims of African American Biblical Scholarship. Bloomsbury Academic. ص. 3, 4. ISBN:978-1-56338-363-2.
  37. ^ ا ب ج د Gerdmar، Anders (2009). Roots of Theological Anti-Semitism German Biblical Interpretation and the Jews, from Herder and Semler to Kittel and Bultmann. Brill. ISBN:978-90-04-16851-0.
  38. ^ Morgan، R. (1998). "Strauss, David Friedrich". في McKim، Donald K. (المحرر). Historical Handbook of Major Biblical Interpreters. InterVarsity Press. ص. 364, 365. ISBN:978-0-8308-1452-7.
  39. ^ Holmberg، Bengt (2011). "Futures for the Jesus Quest". في Holmén، Tom؛ Porter، Stanley (المحررون). Handbook for the Study of the Historical Jesus. Brill. ص. 888. ISBN:978-9-00416-372-0.
  40. ^ Dunn، James D. G. (2003). Jesus Remembered Christianity in the Making, Volume 1. Eerdmans. ص. 625. ISBN:9780802839312.
  41. ^ Wardman، Harold W. (28 سبتمبر 2020). "Ernest Renan". Encyclopaedia Britannica (ط. Online).
  42. ^ Backhaus، Knut (2011). "Echoes from the wilderness: The historical John the Baptist". في Porter، Stanley؛ Holmén، Tom (المحررون). Handbook for the Study of the Historical Jesus. Brill. ص. 1750. ISBN:978-90-04-16372-0.
  43. ^ Dawes، Gregory W. (2000). Dawes، Gregory W. (المحرر). The Historical Jesus Quest: Landmarks in the Search for the Jesus of History. Westminster John Knox Press. ص. 172–173. ISBN:978-0-664-22262-8.
  44. ^ ا ب ج د ه و ز Witherington III، Ben (1997). The Jesus Quest: The Third Search for the Jew of Nazareth. InterVarsity Press. ISBN:978-0-8308-1544-9.
  45. ^ McGuckin، J. A. (2000). "Quest of the Historical Jesus". في Hastings، Adrian؛ Mason، Alistair؛ Pyper، Hugh (المحررون). The Oxford Companion to Christian Thought. Oxford University Press. ص. 587. ISBN:978-0-19-860024-4.
  46. ^ ا ب Casey، Maurice (2010). Jesus of Nazareth: An Independent Historian's Account of His Life and Teaching. T&T Clark. ISBN:978-0-567-64517-3.
  47. ^ James، William Stacy (1998). "Karl Barth". في McKim، Donald K. (المحرر). Historical Handbook of Major Biblical Interpreters. InterVarsity Press. ص. 433. ISBN:978-0-83081-452-7.
  48. ^ Labron، Tim (2011). Bultmann Unlocked. Bloomsbury Academic. ص. 4. ISBN:978-0-567-03153-2.
  49. ^ Hammann، Konrad (2012). Rudolf Bultmann: a Biography. Polebridge Press. ISBN:978-1-59815-118-3.
  50. ^ Chan، Mark L. Y. (2009). "Hermeneutics". في Martinez، Juan F.؛ Chan، Simon؛ Kärkkäinen، Veli-Matti؛ William A.، William A. (المحررون). Global Dictionary of Theology: A Resource for the Worldwide Church. InterVarsity Press. ص. 381–382. ISBN:978-0-8308-7811-6.
  51. ^ Miles-Watson، Jonathan؛ Asimos، Vivian، المحررون (2019). The Bloomsbury Reader in the Study of Myth. Bloomsbury Publishing. ص. 280. ISBN:978-1-350-08226-7.
  52. ^ Perrin، Norman (2002). What is Redaction Criticism?. Wipf & Stock. ص. vi. ISBN:978-1-57910-545-7.
  53. ^ ا ب McKim، Donald K.، المحرر (1998). Historical Handbook of Major Biblical Interpreters. IVP Academic. ISBN:978-0-8308-1452-7.
  54. ^ ا ب Charlesworth، James H. (2006). "The Dead Sea Scrolls: Their Discovery and Challenge to Biblical Studies". في Charlesworth، James H. (المحرر). The Bible and the Dead Sea Scrolls: Scripture and the scrolls. Baylor University Press. ISBN:978-1-932792-19-5.
  55. ^ VanderKam، James؛ Flint، Peter (2005). The Meaning of the Dead Sea Scrolls Their Significance For Understanding the Bible, Judaism, Jesus, and Christianity. Bloomsbury Academic. ص. 143. ISBN:978-0-567-08468-2.
  56. ^ Sheppard، G. T.؛ Thiselton، A. C. (2007). "Biblical Interpretation in Europe in the Twentieth Century". في McKim، Donald K. (المحرر). Dictionary of Major Biblical Interpreters. IVP Academic. ص. 82. ISBN:978-0-8308-2927-9.
  57. ^ Ward، Graham (2000). Hastings، Adrian؛ Mason، Alistair؛ Bennett، Cecily؛ Pyper، Hugh؛ Lawrie، Ingrid (المحررون). The Oxford Companion to Christian Thought. Oxford University Press. ص. 13. ISBN:978-0-19-860024-4.
  58. ^ Berlin، Adele (2008). "Literary Approaches to Biblical Literature". في Greenspahn، Frederick E. (المحرر). The Hebrew Bible: New Insights and Scholarship. New York University Press. ص. 60, 61. ISBN:978-0-8147-3188-8.
  59. ^ Bühler، Pierre (2000). "Hermeneutics". في Hastings، Adrian؛ Mason، Alistair؛ Pyper، Hugh (المحررون). The Oxford Companion to Christian Thought. Oxford University Press. ص. 296. ISBN:978-0-19-860024-4.
  60. ^ O'Brien، P. T. (2002). "Justification in Paul and Some Crucial Issues of the Last Two Decades". في Carson، D. A. (المحرر). Right With God: Justification in the Bible and the World. Wipf & Stock. ص. 69–92, 260. ISBN:978-1-59244-044-3.
  61. ^ Beckstrom، Edward A. (2013). Beyond Christian Folk Religion: Re-grafting into Our Roots (Romans 11:17–23). Resource Publications. ص. xviii–xxi. ISBN:978-1-62032-884-2.
  62. ^ Ochs، Peter (1993). "An Introduction to Post-critical Interpretation". في Ochs، Peter (المحرر). The Return to Scripture in Judaism and Christianity: Essays in Postcritical Scriptural Interpretation. Wipf & Stock. ص. 13. ISBN:978-1-55635-815-9.
  63. ^ Miller، Robert J. (1999). The Jesus Seminar and Its Critics. Polebridge Press. ISBN:978-0-944344-78-1.
  64. ^ Fiorenza، Elisabeth Schüssler (2014). "Between Movement and Academy: Feminist Biblical Studies in the Twentieth Century". في Fiorenza، Elisabeth Schüssler (المحرر). Feminist Biblical Studies in the Twentieth Century: Scholarship and Movement. Society of Biblical Literature. ص. 15. ISBN:978-1-58983-583-2.
  65. ^ Dunn، James (2003). Jesus Remembered. Christianity in the Making. Eerdmans. ج. 1. ص. 339. ISBN:978-0-8028-3931-2.
  66. ^ Verhoeven، Paul؛ van Sheers، Rob (2010). Jesus of Nazareth. Seven Stories Press. ص. 39. ISBN:978-1-58322-905-7.
  67. ^ Anderson، Paul N. "Foreword to The Testament of Jesus, A Study of the Gospel of John in the Light of Chapter 17". Digital Commons @ George Fox University. George Fox University. مؤرشف من الأصل في 2021-06-19. اطلع عليه بتاريخ 2020-11-19.
  68. ^ Strawn، Brent A. (2008). "Docetism, Käsemann, and Christology: Can Historical Criticism Help Christological Orthodoxy (and Other Theology) After All?". Journal of Theological Interpretation. ج. 2 ع. 2: 161–180. DOI:10.2307/26421399. JSTOR:26421399. اطلع عليه بتاريخ 2020-11-19.
  69. ^ Montgomery، Paul L. (4 يناير 1964). "Scholars Differ On Life Of Jesus; Research Is Complicated by Conflicting Gospel Data". The New York Times. مؤرشف من الأصل في 2020-10-24. اطلع عليه بتاريخ 2020-10-21.
  70. ^ Sanders، E. P. (1993). The Historical Figure of Jesus. Penguin Books. ص. 5. ISBN:978-0-14014-499-4.
  71. ^ McKenzie، Steven L.؛ Kaltner، John (2007). The Old Testament: Its Background, Growth, & Content. Wipf & Stock. ISBN:978-1-62564-264-6.
  72. ^ Bruce، F. F. (يونيو 2006). Second Thoughts on the Dead Sea Scrolls. Wipf & Stock. ص. 31. ISBN:978-1-59752-700-2.
  73. ^ Bird، Graeme D. (2010). "Textual Criticism as Applied to Classical and Biblical Texts". Multitextuality in the Homeric Iliad: The Witness of the Ptolemaic Papyri. Harvard University Press. ISBN:978-0-674-05323-6.
  74. ^ Hurtado، Larry W. "P52 (P. Rylands Gk. 457) and the Nomina Sacra: Method and Probability". Edinburgh Research Archive. University of Edinburgh. مؤرشف من الأصل في 2021-06-02. اطلع عليه بتاريخ 2020-11-15.
  75. ^ Wegner، Paul D. (2004). The Journey from Texts to Translations The Origin and Development of the Bible. Baker Publishing Group. ص. 178–180. ISBN:978-0-8010-2799-4.
  76. ^ Rezetko، Robert؛ Young، Ian (2014). Historical Linguistics and Biblical Hebrew Steps Toward an Integrated Approach. SBL Press. ص. 164. ISBN:978-1-62837-046-1.
  77. ^ Andrews، Edward D. (2019). 400,000+ Scribal Errors in the Greek New Testament Manuscripts What Assurance Do We Have that We Can Trust the Bible?. Christian Publishing House. ص. 56. ISBN:978-1-949586-92-3.
  78. ^ Gregory، C. R. (1907). Canon and Text of the New Testament. T&T Clark. ج. 1. ص. 340.
  79. ^ ا ب ج د ه و Metzger، B. M.؛ Ehrman، Bart (2005). The Text of the New Testament (ط. Fourth). Oxford University Press. ISBN:978-0-19-516667-5.
  80. ^ ا ب Wegner، Paul D. (2006). A Student's Guide to Textual Criticism of the Bible: Its History, Methods and Results. IVP Academic. ISBN:978-0-8308-2731-2.
  81. ^ ا ب Wasserman، Tommy؛ Gurry، Peter J. (2017). "Introduction". A New Approach to Textual Criticism: An Introduction to the Coherence-Based Genealogical Method. SBL Press. ISBN:978-3-438-05174-5.
  82. ^ McGann، Jerome J. (2014). A Critique of Modern Textual Criticism. University of Virginia Press. ص. 107. ISBN:978-0-8139-3377-1.
  83. ^ Tov، 'Emanu'el (2001). Textual criticism of the Hebrew Bible. Fortress Press. ص. 310. ISBN:978-90-232-3715-0.
  84. ^ Cooper، Alan (ديسمبر 1988). "The Absurdity of Amos 6:12a". Journal of Biblical Literature. ج. 107 ع. 4: 725–727. DOI:10.2307/3267633. JSTOR:3267633.
  85. ^ Mackail، J. W. (1913). "Commemorative address". في Duff، James؛ Bayfield، Matthew Albert (المحررون). Collected Literary Essays, Classical and Modern. Cambridge University Press. ص. cv.
  86. ^ Güting، Eberhard W. (2020). Textual Criticism and the New Testament Text Theory, Practice, and Editorial Technique. SBL Press. ص. 222. ISBN:978-0-88414-353-6.
  87. ^ Tarrant، Richard (2016). Texts, Editors, and Readers: Methods and Problems in Latin Textual Criticism. Cambridge University Press. ص. 68, 85–86. ISBN:978-0-521-76657-9.
  88. ^ "Lexicon of Scholarly Editing". European Research Council. مؤرشف من الأصل في 2018-10-04. اطلع عليه بتاريخ 2018-06-15.
  89. ^ McCarter، Peter Kyle (1986). Textual Criticism: Recovering the Text of the Hebrew Bible. Fortress Press. ص. 73. ISBN:978-1-4514-1539-1.
  90. ^ Miller، J. David (يناير 2006). "The Long and Short of Lectio Brevior Potior". The Bible Translator. ج. 57 ع. 1: 11. DOI:10.1177/026009350605700102. S2CID:170320665.
  91. ^ Muller, R. A. (2007). "Biblical Interpretation in the Sixteenth and Seventeenth Centuries: The Post-reformation Era". في McKim، Donald K. (المحرر). Dictionary of Major Biblical Interpreters. IVP Academic. ص. 915. ISBN:978-0-8308-2927-9.
  92. ^ ا ب Campbell، Antony F.؛ O'Brien، Mark A. (1993). Sources of the Pentateuch: Texts, Introductions, Annotations. Fortress Press. ISBN:978-1-4514-1367-0.
  93. ^ Smend، Rudolf (2007). From Astruc to Zimmerli: Old Testament Scholarship in Three Centuries. Mohr Siebeck. ISBN:978-3-16-149338-6.
  94. ^ اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع Donald Guthrie