انتقل إلى المحتوى

معركة وادي لكة

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
(بالتحويل من معركة شذونة)
معركة وادي لكة
Batalla de Guadalete
جزء من الفتح الإسلامي للأندلس
انسحاب القوط الغربيين أمام فرسان المسلمين، صورة من مخيلة سلفادور مارتينيز كوبيلز
معلومات عامة
التاريخ 19 يوليو 711 (28 رمضان 92 هـ)
البلد مملكة القوط الغربيين  تعديل قيمة خاصية (P17) في ويكي بيانات
الموقع ضفاف نهر وادي لكة، قادس،  إسبانيا
36°36′00″N 6°13′00″W / 36.6°N 6.21667°W / 36.6; -6.21667   تعديل قيمة خاصية (P625) في ويكي بيانات
النتيجة انتصار المسلمين
المتحاربون
مملكة القوط الغربيين الدولة الأموية
القادة
لذريق   طارق بن زياد
القوة
تقدير القرون الوسطى: 40,000 - 100,000 [1]

تقدير لويس: 33,000 [2]


تقدير كولنز: ~2,500 [3]

تقدير القرون الوسطى: 187,000 [4][5]

تقدير لويس: 10,000-15,000 [6]
(على الأرجح 12,000)[7]


تقدير كولنز: ~1,900 [3]

الخسائر
غير محدد
(لكنه عدد كبير من النبلاء وموت الملك)
3,000 شهيد
خريطة

معركة وادي لكة أو معركة شذونة أو معركة سهل البرباط هي معركة وقعت في 28 رمضان 92 هـ / 19 يوليو 711 م بين قوات الدولة الأموية بقيادة طارق بن زياد وجيش القوط الغربيين بقيادة الملك لذريق. انتصر الأمويون في تلك المعركة انتصارًا ساحقًا أدى لسقوط دولة القوط الغربيين، وبالتالي سقوط معظم أراضي شبه الجزيرة الأيبيرية تحت سيطرة الأمويين وموت لذريق آخر حاكم قوطي في شبه الجزيرة الأيبيرية.

المصادر حول المعركة

[عدل]

لم تتناول الكثير من المصادر الغربية المعركة، حيث كان المصدر الرئيسي في المصادر الغربية التي تناولت هو تأريخ عام 754 م الذي كتب بعد عام 754 م بفترة قصيرة.[8] المصدر اللاتيني المسيحي الآخر الذي كتب خلال قرن من تاريخ المعركة هو تأريخ اللومبارد الذي كتبه بولس الشماس، الذي لم يكن قوطيًا غربيًا ولا هسبانيًا، ويعتقد أنه كتب بين عامي 787 – 796 م.[9] يعد تأريخ عام 741 م هو الأقرب لتاريخ وقوع هذه المعركة، لكنه لم يحتو على أي مادة أصلية تتعلق بالمعركة. احتوت عدد من المصادر المسيحية اللاتينية في وقت لاحق على وصف لأحداث المعركة التي اعتمد عليها أحيانًا المؤرخون، لعل أبرزها تأريخ ألفونسو الثالث، الذي كتبه ألفونسو الثالث ملك أستورياس في أواخر القرن التاسع.

أما المصادر الإسلامية، فهناك العديد منها، لكنها محل انتقادات من قبل المؤرخين الغربيين، حيث لم يكتب أيا منها قبل منتصف القرن التاسع الميلادي، وأقدمها «فتوح مصر والمغرب» لابن عبد الحكم، الذي كتبه في مصر.[10]

خلفية

[عدل]

في السنوات التي سبقت المعركة، نجح موسى بن نصير والي إفريقية من قبل الدولة الأموية في السيطرة على المغرب الأقصى الذي كانت تسوده الاضطرابات والخروج عن سلطة الأمويين من آنٍ إلى آخر. كما نجح في ضم مناطق لم تكن خاضعة للأمويين هناك، أهمها طنجة[11] التي جعل من مولاه طارق بن زياد حاكمًا عليها. ولم يعد بالمغرب الأقصى سوى سبتة التي لم تكن تخضع لسلطان الأمويين. كانت سبتة تحت حكم رجل يدعى بيُليان[12][13] وعلى الجانب الآخر، شهدت السنوات التي سبقت المعركة، انقلاب لذريق دوق باطقة[14][15] على الملك غيطشة ملك القوط الغربيين، واستيلائه على المملكة. إلا أن سيطرته على المملكة لم تكن كاملة، نظرًا لوجود مناصرين لأبناء الملك المخلوع في الشمال.[16]

تذكر المصادر الإسلامية، أن السبب وراء فكرة غزو المسلمين لأيبيريا أن يُليان كانت له ابنة أرسلها لبلاط لذريق كما كان يفعل جميع النبلاء في تلك الفترة، فأعجب بها لذريق واغتصبها، مما أثار غضب يُليان وعزم على الانتقام. عرض يُليان موسى بن نصير[12] وقيل طارق بن زياد[17] مساعدتهم على غزو إسبانيا بأن يمدهم بسفنه. استشار موسى الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك فأجابه قائلًا: «خضها بالسرايا حتى تختبرها ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال.» أرسل موسى سرية للاستطلاع في رمضان 91 هـ قوامها 100 فارس و400 من المشاة تحت قيادة طريف بن مالك الذي نزل بهم جزيرة طريف.[12] شكك بعض المؤرخين الغربيين في كون يُليان قُمَّس سبتة قد أعار المسلمين سفنه للعبور إلى أيبيريا، إضافة إلى قصة اغتصاب ابنته من قبل لذريق، وقالها بأنها أسطورة اختلقها المؤرخون المسلمون في نهاية القرن التاسع، مستدلين على ذلك بكون المسلمين قد كانت لهم قواتهم البحرية في غرب البحر المتوسط بالفعل، وهو ما يؤكده مهاجمتهم للجزائر الشرقية قبل ذلك بأعوام.[18]

وبعد عام تقريبًا، عبر 7,000 مقاتل مسلم أغلبهم من البربر تحت قيادة طارق بن زياد على سفن يوليان إلى جبل طارق، واجتاحوا الجزيرة الخضراء. في تلك الفترة، كان لذريق يشن حملة في الشمال على المتمردين البشكنس، حيث بلغته تحركات المسلمين، فقرر التوجه جنوبًا لقتالهم. وحين بلغ طارق تحرك جيش لذريق لقتاله، طلب المدد من موسى بن نصير الذي أمده بخمسة آلاف آخرين.[19]

موقع المعركة وتقديرات الأعداد

[عدل]

تذكر المصادر العربية وقوع المعركة قرب شذونة، في موقع يقال له البحيرة[20] أو وادي لكة أو وادي بكة[21] أو وادي برباط.[22] ويرجح المؤرخ طوماس هودجكين رأي رودريغو خيمينيز دي رادا، بأن المعركة وقعت في فحص شريش.[23][24] فيما يعتقد خواكين بالبي بأن المعركة دارت على ضفاف وادي رانكة.[25]

تذكر المصادر العربية أن جيش لذريق كان قوامه 100,000 جندي،[20] وقيل 40,000 جندي.[23] في المقابل، قدر «تاريخ ألفونسو الثالث» يقدرهم بنحو 187,000 جندي. فيما تذكر المصادر العربية أن طارق عبر بسبعة آلاف جندي، ثم أمده موسى بن نصير بخمسة آلاف أخرى، أي أنه دخل المعركة باثني عشر ألف مقاتل على أقصى تقدير. وفي تقدير روجر كولينز الذي تجاهل المصادر الأولية، أن عدد المسلمين كان حوالي ألفي جندي، ولم يكن عدد قوات القوط الغربيين أكبر من ذلك بكثير.[26] أما ديفيد لويس فقد قدّر عدد قوات القوط الغربيين بحوالي 33,000 جندي.[27]

المعركة

[عدل]

التقت القوتان في 28 رمضان 92 هـ، في معركة استمرت لثمانية أيام، انتهت بهزيمة كبيرة للقوط، بعد أن تعرض لذريق لخيانة في داخل جيشه[20] أدت إلى هذا النصر الإسلامي الكبير. فوفقًا لتأريخ المستعربين، فقد ساهم منافسي لذريق الطامحين في الحكم في هزيمة القوط الغربيين.[28]

ألقى تأريخ ألفونسو الثالث باللوم على أبناء غيطشة لتآمرهم على لذريق.[29] كما كان ظهور أوبا شقيق غيطشة في طليطلة وقت أن دخلها موسى بن نصير، سببًا في اعتقاد بعض المؤرخين أنه شارك في المؤامرة التي حيكت ضد لذريق.[30] كما رجّح بعض المؤرخين الغربيين المعاصرين أن يهود أيبيريا المضطهدين من قبل القوط الغربيين[31][32][33] قد ساهموا بفاعلية وشاركوا في صفوف المسلمين،[34] مستشهدين بما ذكره صاحب كتاب أخبار مجموعة بأن المسلمين كانوا يستخدمون اليهود في حامياتهم.[35][36] ورغم كل ذلك، فلم يذكر تأريخ المستعربين مشاركة اليهود في جانب المسلمين.

نتج عن انهيار جيش القوط خسارتهم لعدد كبير من الجنود، بينما خسر المسلمون على أقصى تقدير 3,000 رجل.[27] أما عن مصير لذريق، فتقول المصادر الإسلامية أنه اختفى أثره بعد المعركة، ولكنها تستدل على موته غارقًا في الوحل بعثور المسلمين على فرس لذريق الأبيض وقد غاص في بركة موحلة، ووجود خُف منغمس في الطين، رجحوا من خلاله غرقه في الوحل.[37]

نتائج المعركة

[عدل]
كانت معركة وادي لكة بداية الفتح الإسلامي لشبه الجزيرة الأيبيرية.
غلاف كتاب "وقائع الملك رودريغو"، والذي تضمن قصص من التراث حول آخر ملك قوطي وخروج المسيحية من شبه الجزيرة الإيبيرية.

مهدت المعركة لاستكمال الفتح الإسلامي للأندلس، وكان الدافع وراء تقدم المسلمين السريع هو الارتباك الذي أصاب القوط بعد الهزيمة الساحقة لجيشهم ومقتل الملك، مما أدى للسقوط السريع للعاصمة فحال ذلك دون انتخاب ملك جديد أو إنشاء قوة مقاومة. وبعيدًا عن ذلك، لم يتوقع المتآمرون أن طلبهم مساعدة العرب لاستعادة الحُكم في مُقابل الحُصُول على الغنائم، سيكلفهم هذا الثمن الباهظ، كما لم يكونوا على دراية بالنوايا الحقيقية لدخول العرب.

ومع مرور الوقت، بدأت الحقائق تتكشف، فقد كانت هناك عوامل مهمة ساعدت في نجاح المسلمين، منها أن العديد من الساخطين على نظام الحكم القوطي قد انضموا إلى القوات الفاتحة، بالإضافة إلى تعاون سكان أيبيريا من الرومان، الذين لم يكن لديهم حق المشاركة في الحكم (باستثناء المناصب الكنسية)، مع المسلمين حيث رأوا فيهم حليفًا محتملًا ضد الجرمان. هناك حديث أيضًا عن وجود مساعدات من قبل اليهود، الذي تعرضوا للاضطهاد من قبل الملكية القوطية الكاثوليكية، ومن الكثير من باقي السكان الذين لم يقاوموا بسبب غضبهم من المجاعات والأوبئة والتواقون للاستقرار السياسي.

المراجع

[عدل]
  1. ^ The Muslim conquest and settlement of North Africa and Spain. ʻAbd al-Wāḥid Dhannūn Ṭāhā. Routledge, 1989, pp. 89.
    «The scale of Roderic's army has been greatly exaggerated. It is estimated that it numbered between 40,000 and 100,000 men.»
  2. ^ Davis L. Lewis (2008). God's Crucible: Islam and the Making of Europe, 570–1215. W.W. Norton & Company, Nueva York, pp. 123-124, ISBN 978-0-393-06472-8.
  3. ^ ا ب Roger Collins (2005) [2004]. La España visigoda, 409–711. Editorial Crítica, Barcelona, pp. 141, ISBN 84-8432-636-5.
  4. ^ José Antonio Mases (2001). Asturias vista por viajeros románticos extranjeros y otros visitantes y cronistas famosos: siglos XV al XX. Volumen I. Ediciones Trea, Gijón, pp. 447
  5. ^ José María Escandón (1862). Historia monumental del heróico Rey Pelayo y sucesores en el trono cristiano de Asturias. Imprenta de La Esperanza. Editor A. Dubruill, Madrid, pp. 188. Basandóse en la Crónica de Alfonso III, versión "Crónica Sebastianense".
  6. ^ توماس إف. غليك (2005) [1979]. Islamic and Christian Spain in the early Middle Ages. BRILL, Universidad de Princeton, pp. 21, ISBN 978-0-691-05274-8.
  7. ^ Glick, pp. 19-20.
    «after a small reconnoitering expedition led by Tarīf in the summer of 710, a party of 7,000 Berbers under the command of Ṭāriq ibn Ziyād al-Layti landed near Gibraltar (...) on or about April 28, 711. Tāriq the occupied the area around Algeciras, sent a request for 5,000 aditional troops of the governor of Islamic North Africa, Mūsa ibn Nusayr (...)»
  8. ^ Roger Collins (1989), The Arab Conquest of Spain, 710–97 (London: Blackwell Publishing), 26–27.
  9. ^ Paul, VI.xlvi نسخة محفوظة 29 يونيو 2009 على موقع واي باك مشين.
  10. ^ Charles Cutler Torrey, trans. (1922), The History of the Conquest of Egypt, North Africa and Spain: Known as the Futūh Miṣr of Ibn ʻAbd al-Ḥakam (Yale University Press); also John Harris Jones, trans. (1858), History of the Conquest of Spain (Göttingen: W. Fr. Kaestner), pp. 18-22 excerpted at Ibn Abd-el-Hakem: The Islamic Conquest of Spain from Medieval Sourcebook. نسخة محفوظة 15 أكتوبر 2014 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ مؤلف مجهول 1989، صفحة 14-15
  12. ^ ا ب ج مؤلف مجهول 1989، صفحة 16
  13. ^ ابن عبد الحكم 1999، صفحة 276
  14. ^ 4118 كتاب صيغة ويب اتش تي ام Htm دولة الإسلام في الأندلس.
  15. ^ Bernard F. Reilly (1993), The Medieval Spains (Cambridge: Cambridge University Press), 49–50.
  16. ^ Collins (1989), 28, and (2004), Visigothic Spain, 409–711 (London: Blackwell Publishing), 130–2
  17. ^ ابن عبد الحكم 1999، صفحة 277
  18. ^ Dykes Shaw (1906), "The Fall of the Visigothic Power in Spain", The English Historical Review, 21:82 (April), 221, writing in 1906, rejects this as legend from the late ninth- and tenth-century Arabic histories. The first Latin chronicler to pick it up was the Monk of Silo in 1110. It blossomed under Pedro del Corral (who in the fifteenth century invented "Floresinda", an authentic Gothic name) and Miguel de Luna (who in the sixteenth turned her into a meretrix).
  19. ^ مؤلف مجهول 1989، صفحة 17
  20. ^ ا ب ج مؤلف مجهول 1989، صفحة 18
  21. ^ ابن القوطية 1989، صفحة 33
  22. ^ William E. Watson (1993), "The Battle of Tours-Poitiers Revisited", Providence: Studies in Western Civilization, 2. [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 4 فبراير 2012 على موقع واي باك مشين.
  23. ^ ا ب ابن خلدون ج4 1999، صفحة 254
  24. ^ Thomas Hodgkin (1887), "Visigothic Spain", The English Historical Review, 2:6 (April), 233.
  25. ^ Thomas F. Glick (1979), Islamic and Christian Spain in the Early Middle Ages: Comparative Perspectives on Social and Cultural Formation (Princeton: Princeton University Press), 32. نسخة محفوظة 24 يوليو 2018 على موقع واي باك مشين.
  26. ^ Collins (2004), 141.
  27. ^ ا ب David Levering Lewis (2008), God's Crucible: Islam and the Making of Europe, 570–1215 (W.W. Norton & Co.), 123-124.
  28. ^ Collins (1989), 28.
  29. ^ Collins (2004), 137-138
  30. ^ E. A. Thompson (1969), The Goths in Spain (Oxford: Clarendon Press), 250–51.
  31. ^ Wolfram Drews (2002), "Jews as Pagans? Polemical Definitions of Identity in Visigothic Spain", Early Medieval Europe, 11 (3), 189–207
  32. ^ Francis X. Murphy (1952), "Julian of Toledo and the Fall of the Visigothic Kingdom in Spain"
  33. ^ Bernard S. Bachrach (1977), Early Medieval Jewish policy in Western Europe (Minneapolis: University of Minnesota Press), 23–25.
  34. ^ Jewish Encyclopedia, s.v. "Kaula al-Yahudi". نسخة محفوظة 15 أكتوبر 2011 على موقع واي باك مشين.
  35. ^ Arie Schippers (1994), "The Jews in Muslim Spain", Spanish Hebrew Poetry and the Arabic Literary Tradition: Arabic Themes in Hebrew Andalusian Poetry, 43.
  36. ^ Bernard S. Bachrach (1973), "A Reassessment of Visigothic Jewish Policy, 589–711", The American Historical Review, 78:1 (February), 32.
  37. ^ مؤلف مجهول 1989، صفحة 19

المصادر

[عدل]