جهاز مناعي: الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط بدء تطوير المقالة
سطر 49: سطر 49:


== الحواجز السطحية ==
== الحواجز السطحية ==
تحمي حواجز عديدة الكائنات من الإصابة بالممرضات ومنها: الحواجز الميكانيكية، الكيميائية والبيولوجية. [[إهاب النبات|الإهاب]] الشمعي لمعظم الأوراق، [[هيكل خارجي (أحياء)|الهيكل الخارجي]] الخاص بالحشرات، [[غشاء قشر البيض|أغشية]] {{وإو|لغ=en|تر=Eggshell|عر=قشرة البيض|نص=وقشور}} البيوض المودعة خارجيا، وال[[جلد]] هي أمثلة عن الحواجر الميكانيكية التي تعتبر خط الدفاع الأول ضد الإصابة.{{sfn|Alberts|Johnson|Lewis|Raff|2002|loc= sec. [https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK26833/#A4639 "Pathogens Cross Protective Barriers to Colonize the Host"]}} لا يمكن للكائنات الانغلاق كليا عن بيئاتها الخارجية، لذلك توجد آليات تعمل على حماية فتحات الجسم مثل الرئتين والأمعاء و[[جهاز بولي تناسلي|الجهاز البولي التناسلي]]. يقوم السعال والعطاس بإخراج الممراضات ميكانيكيا من الرئتين وكذلك تفعل حالات [[تهييج|التهييج]] الأخرى التي تحدث في [[السبيل التنفسي]]. تطرح وظيفة الصرف الخاصة ب[[الدموع]] وال[[بول]] الممرضات خارجا، ويعمل ال[[مخاط]] الذي يفرزه السبيل التنفسي و[[القناة الهضمية]] كمصيدة لحجز الكائنات الدقيقة.<ref>{{cite journal | vauthors = Boyton RJ, Openshaw PJ | title = Pulmonary defences to acute respiratory infection | journal = British Medical Bulletin | volume = 61 | issue = 1 | pages = 1–12 | year = 2002 | pmid = 11997295 | doi = 10.1093/bmb/61.1.1 | doi-access = free }}</ref>
هناك عدة حواجز تحمي الكائنات الحية عموما من الإصابات تشمل حواجز ميكانيكية وكيميائية وبيولوجية. فأوراق العديد من النباتات محمية بقشرة شمعية، وهياكل الحشرات، والصدفيات والأغشية الخارجية للبيض، و[[جلد|الجلد]] في الإنسان والحيوان. هذه الحواجز تعتبر خط الدفاع الأول الذي يحمي الكائن الحي من الإصابة بميكروبات. مع ذلك الكائنات الحية لا تستطيع الانغلاق كليا عن البيئة الخارجية إذ أن هناك آليات وقاية للأعضاء المفتوحة على البيئة الخارجية مثل [[رئة|الرئة]] و[[أمعاء|الأمعاء]] والجهاز البولي التناسلي. ففي الرئة يعتبر [[سعال|السعال]] و[[عطاس|العطس]] أحد آليات الحماية التي تطرد الممرضات والمثيرات من [[سبيل تنفسي|المجاري التنفسية]]. و[[دموع|الدموع]] وإخراج ال[[بول]] هي أيضا من آليات الحماية الميكانيكية التي يلجأ لها الجسم لتنظيف مجاريه. والمخاط الذي يفرزه الجهاز التنفسي، والجهاز البولي التناسلي يعمل كمصيدة لل[[جراثيم (توضيح)|جراثيم]] الدقيقة وإخراجها أولاً بأول.


تحمي الحواجز الكيميائية ضد الإصابة بالممراضات كذلك، إذ يفرز الجلد والسبيل التنفسي [[ببتيدات مضادة للميكروبات]] مثل: β-{{وإو|دیفنسین|Defensin}}.<ref>{{cite journal | vauthors = Agerberth B, Gudmundsson GH | title = Host antimicrobial defence peptides in human disease | volume = 306 | pages = 67–90 | year = 2006 | pmid = 16909918 | doi = 10.1007/3-540-29916-5_3 | isbn = 978-3-540-29915-8 | journal = Current Topics in Microbiology and Immunology }}</ref> الإنزيمات مثل ال[[ليزوزيم]] وال{{وإو|فسفو ليباز A2|Phospholipase A2}} في اللعاب والدموع و[[حليب ثدي|حليب الأم]] هي [[معقم|مضادات للجراثيم]] كذلك.<ref>{{cite journal|vauthors=Moreau JM, Girgis DO, Hume EB, Dajcs JJ, Austin MS, O'Callaghan RJ |title=Phospholipase A(2) in rabbit tears: a host defense against Staphylococcus aureus |journal=Investigative Ophthalmology & Visual Science |volume=42 |issue=10 |pages=2347–54 |date=Sep 2001 |pmid=11527949 |url=http://iovs.arvojournals.org/article.aspx?articleid=2200058}}</ref><ref>{{cite journal | vauthors = Hankiewicz J, Swierczek E | title = Lysozyme in human body fluids | journal = Clinica Chimica Acta; International Journal of Clinical Chemistry | volume = 57 | issue = 3 | pages = 205–09 | date = Dec 1974 | pmid = 4434640 | doi = 10.1016/0009-8981(74)90398-2 }}</ref> تعمل الإفرازات المهبلية كحاجز كيميائي بعد [[بدء الإحاضة]] حين تصبح حمضية قليلا، ويحتوي ال[[مني]] على ال[[ديفنسين]]ات وال[[زنك]] للقضاء على الممرضات.<ref>{{cite journal | vauthors = Fair WR, Couch J, Wehner N | title = Prostatic antibacterial factor. Identity and significance | journal = Urology | volume = 7 | issue = 2 | pages = 169–77 | date = Feb 1976 | pmid = 54972 | doi = 10.1016/0090-4295(76)90305-8 }}</ref><ref>{{cite journal | vauthors = Yenugu S, Hamil KG, Birse CE, Ruben SM, French FS, Hall SH | title = Antibacterial properties of the sperm-binding proteins and peptides of human epididymis 2 (HE2) family; salt sensitivity, structural dependence and their interaction with outer and cytoplasmic membranes of Escherichia coli | journal = The Biochemical Journal | volume = 372 | issue = Pt 2 | pages = 473–83 | date = Jun 2003 | pmid = 12628001 | pmc = 1223422 | doi = 10.1042/BJ20030225 }}</ref> يعمل [[الحمض المعدي]] في المعدة كدفاع كيميائي ضد الممرضات المبتلعة.<ref>{{cite journal|vauthors=Smith JL|year=2003|title=The role of gastric acid in preventing foodborne disease and how bacteria overcome acid conditions|journal=J Food Prot|volume=66|issue=7|pages=1292–1303|pmid=12870767|doi=10.4315/0362-028X-66.7.1292}}</ref>
وثمّة حواجز كيميائية تحمي من الإصابة من الميكروبات مثل [[جلد|الجلد]] والمجاري التنفسية تفرز [[مضادات جرثومية ببتيدية]] يفرزها الجلد مثل [[مضاد العفونة]] (β-defensins) و[[إنزيم|إنزيمات]] مثل [[الليزوزيم]] و[[الفوسفوليباز A2]] في [[لعاب|اللعاب]] و[[دموع|الدموع]]؛ وحليب الرضاعة الذي هو أيضاً به مواد مضادة للجراثيم. والإفرازات المهبلية المرافقة لبدء [[حيض|الطمث]] تعتبر حواجز كيميائية عندما تصبح حمضية قليلا؛ في حين يحتوي [[مني|المني]] على زنك قاتل لعوامل المرض. في المعدة والمجاري الهضمية تفرز [[حمض|أحماض]] وأنزيمات بروتينية تعمل كمقاوم كيميائي يقتل البكتيريا وكثير من الكائنات الصغيرة الغريبة عن الجسم.


داخل الجهاز البولي والتناسلي والقناة الهضمية، يعمل [[نبيت جرثومي معوي|النبيت]] [[معايشة|المُطاعم]] كحاجز بيولوجي من خلال التنافس مع البكتيريا الممرضة على الطعام والمكان، ويقوم في بعض الأحيان بتغيير الظروف في بيئته مثل الأس الهيدروجيني والحديد المتوفر ونتيجة لذلك تنقص احتمالية بلوغ الممراضات أعدادا كافية قادرة على التسبب في المرض.<ref>{{cite journal | vauthors = [[Sherwood Gorbach|Gorbach SL]] | title = Lactic acid bacteria and human health | journal = Annals of Medicine | volume = 22 | issue = 1 | pages = 37–41 | date = Feb 1990 | pmid = 2109988 | doi = 10.3109/07853899009147239 }}</ref>
داخل المجاري البولية والتناسلية والقنوات الهضمية ثمّة [[بكتيريا فلورية]] تستفيد منها هذه الأعضاء عن طريق [[معايشة|المطاعمة]] فتعمل كحواجز بيولوجية تنافس البكتيريا الممرضة على الطعام والمساحة. وفي بعض الحالات تقوم بتغيير ظروف وسطها مثل مستوى [[أس هيدروجيني|pH]] الذي يضبط حموضة أو قلوية الوسط، أو الحديد المتوفر وهو ما يؤدي إلى عدم تمكُن البكتيريا من التزايد والتسبب بالمرض. على أيّة حال بما أن معظم [[مضاد حيوي|المضادات الحيوية]] (أنتبيوتيكا) لا تستهدف البكتيريا بطريقة متخصصة وتؤثر على الفطريات فإن المضادات الحيوية قد تقود إلى تكاثر الفطريات وتهيأة الظروف المناسبة لحدوث فطريات مهبلية. وثمّة أدلة قوية على أن إعادة إنتاج بريبيوتيك فلورا (بكتيريا مفيدة) مثل بكتيريا lactobacilli التي تتواجد بشكل طبيعي في اللبن الزبادي تؤدي إلى توازن في عدد الجراثيم التي قد تحدث أمراضا في أمعاء الأطفال. وهي تشجع على دراسة الأمراض الجرثومية المعوية وأمراض التهابات الأمعاء وعدوى التهاب المسالك البولية.


== مناعة فطرية ومناعة مكتسبة ==
== مناعة فطرية ومناعة مكتسبة ==

نسخة 13:57، 7 يناير 2023

صورة مجهرية إلكترونية لخلية متعادلة (باللون الأصفر) تهاجم بكتيريا الجمرة الخبيثة باللون البرتقالي.

الجهاز المناعي أو جهاز المناعة هو منظومة من العمليات الحيوية التي تقوم بها أعضاء وخلايا وجسيمات داخل أجسام الكائن الحي بغرض حمايتها من الأمراض والسموم والخلايا السرطانية والجسيمات الغريبة. هذه المنظومة الحيوية تقوم بالتعرف على مسببات للمرض، مثل الميكروبات أو فيروسات وتحييدها أو إبادتها. يميز جهاز المناعة السليم خلايا الجسم السليمة وأنسجته الحيوية وبين كائنات غريبة عنه تسبب المرض.

الجهاز المناعي للجسم يستطيع التعرف على أعداد لا تُحصى من الممرضات (أنتيجينات) والأجسام الغريبة بدءًا من الفيروسات والطفيليات والديدان والميكروبات؛ علما بأن هذه الممرضات يمكنها التطور بسرعة وتستطيع تجنب جهاز المناعة وتتكيف وتتكاثر في جسم المضيف بشكل ناجح. ولمواجهة هذا التحدي توجد في الجهاز المناعي آليات متطورة تستطيع التعرف على الممرضات وتحييد خطرها.

الجهاز المناعي غير مقتصر على الإنسان والحيوانات الفقارية فالميكروبات البسيطة مثل البكتيريا تمتلك إنزيما مناعيا يحميها من الإصابات الفيروسية. نظام المناعة لدى الكائنات الحية تطورت مع الكائنات حقيقيات النوى القديمة حيث بقيت هذه الآلية المناعية مع خلفها الحديث من نبات وأسماك وزواحف وحشرات وجميع الكائنات. وهي آليات مناعية تشمل خلايا دفاعية ببتيدية مضادة للجراثيم (Antimicrobial peptides)، والبلعمة والمنظومة المتممة. هذا ناهيك عن بعض الفقاريات مثل الإنسان الذي يمتلك آليات دفاعية أكثر تعقيدًا وذكاءً. فالجهاز المناعي للفقريات يتركب من عديد من أعضاء الخاصة بالمناعة وخلايا المناعة والبروتينات التي تتفاعل مع بعضها بطريقة ديناميكية متطورة عبر شبكة معقدة من الاتصالات لمقاومة كائنات دخيلة مسببة للمرض.

جميع الكائنات الحية لها منظومة للوقاية من المرض. فحتى البكتيريا لها آلية لحمايتها، وهي تُسمّى مناعة طبيعية. تلك المناعة الطبيعية متوارثة، يأخذها النسل عن الآباء. ثم تطورت آليات حماية الجسم من المرض في الفقريات ونشأ فيها ما يعرف بمناعة مكتسبة، يحميها بطريقة أفضل من الأنتيجينات الضارة بها.

للنباتات مناعة طبيعية أيضا يشبه المناعة الطبيعية في الحيوانات. ولكن ليس للنباتات مناعة مكتسبة، فليس لها خلايا تائية ولا أجسام مضادة.

تطور جهاز المناعة مع مرور الزمن وتعقد ليشمل ما يعرف بالمناعة المكتسبة والذاكرة المناعية والتي بفضلهما أصبح الجهاز المناعي لدى الإنسان يستطيع التعرف على عدد غير محصور من الجسيمات ويستطيع غالبا التعامل بكفاءة مع مختلف الجراثيم المتسببة للمرض. المناعة المكتسبة تـُكتسب بالتدريب والتحفيز، وهذا يُستغل في إجراء التطعيم.

دفاع متعدد الطبقات

يحمي نظام المناعة مضيفه من الإصابة بالأمراض بواسطة عدد من خطوط الدفاع التي يزداد تخصصها بعد كل خط. تمنع الجواجز البدنية مثل الجلد الممراضات مثل البكتيريا والفيروسات من الدخول إلى الكائن الحي.[1] وإذا تمكن الممراض من اختراق هذه الحواجز يقوم جهاز المناعة الفطري باستجابة فورية لكنها غير متخصصة. تتواجد أنظمة المناعة الفطرية لدى جميع الحيوانات،[2] وإذا تمكن الممراض من تجنب الاستجابة المناعية الفطرية بنجاح فإن الفقاريات تملك خطا ثانيا من الحماية هو جهاز المناعة التكيفي الذي يُنشّط بواسطة استجابة المناعة الفطرية.[3] يقوم جهاز المناعة بتكييف استجابته أثناء الإصابة لتحسين التعرف على الممراض، وبعد القضاء على هذا الأخير يتم الحفاظ على هذه الاستجابة المحسنة على هيئة ذاكرة مناعية تسمح لجهاز المناعة التكيفي بالقيام باستجابات أسرع وأقوى في المرات القادمة التي يصادف فيها نفس الممراض.[4][5]

مكونات جهاز المناعة
جهاز المناعة الفطري جهاز المناعة التكيفي
استجابة غير متخصصة استجابة متخصصة للمستضدات والممراضات
التعرض للإصابة يؤدي إلى استجابة فورية وقصوى الاستجابة القصوى تستغرق وقتا بعد التعرض للإصابة
مناعة خلوية ومكونات المناعة الخلطية مناعة خلوية ومكونات المناعة الخلطية
لا توجد ذاكرة مناعية التعرض للإصابة يؤدي إلى ذاكرة مناعية
توجد لدى جميع أشكال الحياة تقريبا توجد لدى الفقاريات الفكية فقط

تعتمد كلا المناعتان الفطرية والتكيفية على قدرة جهاز المناعة على التمييز بين الجزيئات الذاتية وغير الذاتية. في علم المناعة، الجزيئات الذاتية هي جزيئات من مكونات جسم الكائن ويمكن تميزها عن المواد الغريبة بواسطة جهاز المناعة.[6] وبالعكس الجزيئات غير الذاتية هي جزيئات ليست من مكونات الجسم ويتم التعرف عليها بأنها جزيئات غريبة. أحد أقسام الجزيئات غير الذاتية هو المستضدات (سميت كذلك لأنها تتسبب في توليد الأجسام المضادة) وتُعرف على أنها مواد ترتبط بمستقبلات مناعية خاصة وتثير استجابة مناعية.[7]

أعضاء المناعة في الإنسان

تشترك عدة أعضاء في جسم للإنسان في نظام المناعة له، منها الأعضاء التالية:

الحواجز السطحية

تحمي حواجز عديدة الكائنات من الإصابة بالممرضات ومنها: الحواجز الميكانيكية، الكيميائية والبيولوجية. الإهاب الشمعي لمعظم الأوراق، الهيكل الخارجي الخاص بالحشرات، أغشية وقشور [الإنجليزية] البيوض المودعة خارجيا، والجلد هي أمثلة عن الحواجر الميكانيكية التي تعتبر خط الدفاع الأول ضد الإصابة.[8] لا يمكن للكائنات الانغلاق كليا عن بيئاتها الخارجية، لذلك توجد آليات تعمل على حماية فتحات الجسم مثل الرئتين والأمعاء والجهاز البولي التناسلي. يقوم السعال والعطاس بإخراج الممراضات ميكانيكيا من الرئتين وكذلك تفعل حالات التهييج الأخرى التي تحدث في السبيل التنفسي. تطرح وظيفة الصرف الخاصة بالدموع والبول الممرضات خارجا، ويعمل المخاط الذي يفرزه السبيل التنفسي والقناة الهضمية كمصيدة لحجز الكائنات الدقيقة.[9]

تحمي الحواجز الكيميائية ضد الإصابة بالممراضات كذلك، إذ يفرز الجلد والسبيل التنفسي ببتيدات مضادة للميكروبات مثل: β-دیفنسین [الإنجليزية].[10] الإنزيمات مثل الليزوزيم والفسفو ليباز A2 في اللعاب والدموع وحليب الأم هي مضادات للجراثيم كذلك.[11][12] تعمل الإفرازات المهبلية كحاجز كيميائي بعد بدء الإحاضة حين تصبح حمضية قليلا، ويحتوي المني على الديفنسينات والزنك للقضاء على الممرضات.[13][14] يعمل الحمض المعدي في المعدة كدفاع كيميائي ضد الممرضات المبتلعة.[15]

داخل الجهاز البولي والتناسلي والقناة الهضمية، يعمل النبيت المُطاعم كحاجز بيولوجي من خلال التنافس مع البكتيريا الممرضة على الطعام والمكان، ويقوم في بعض الأحيان بتغيير الظروف في بيئته مثل الأس الهيدروجيني والحديد المتوفر ونتيجة لذلك تنقص احتمالية بلوغ الممراضات أعدادا كافية قادرة على التسبب في المرض.[16]

مناعة فطرية ومناعة مكتسبة

يعمل الجهاز المناعي وفق نظامين مناعيين: الجهاز المناعي الفطري أو الطبيعي (innate immunity)وهو متوارث، يتوارثه الأبناء عن الآباء، ومناعة مكتسبة (acquired immunity ,adaptive immunity) يكتسبها كل فرد بنفسه خلال حياته مما يتعرّض له من أمراض يكتسب جسمه منها حصانة. هذان النظامان المناعيّان يختلفان عن بعضهما في الجوهر لكنها مترابطان مع بعضها ويعملان بتعاون وتنسيق مع بعضهما، فكل واحد من هذين النظامين يعمل وفق آليات مختلفة تقوم بتنشيط وزيادة نجاعة رد الفعل المناعي للنظام المناعي الآخر. أكثر من ذلك هذان النظامان مرتبطان ببعضهما إذ أن عدة مركبات من الجهاز المناعي الفطري حيوية لنجاح أداء المناعة المكتسبة والعكس صحيح. هذا الترابط يسمح للجسم التعامل بنجاح مع مسبّبات المرض. يعتبر الجهاز المناعي الفطري خط الدفاع الأول الذي يحمي الجسم من الممرضات منذ التعرض لمستضد وحتى بدء عمل المناعة المكتسبة. نظام المناعة الفطرية غير المتخصص يستطيع في الغالب بقواه الذاتية القضاء على الكثير من الميكروبات والبكتيريا والجسيمات الغريبة التي تغزو الجسم. يقوم جهاز المناعة المكتسبة بزيادة كفاءة القدرة المناعية، سيّما حين تصبح المناعة الفطرية غير فعالة وتنجح الممرضات في التملص منها.

المناعة الطبيعية

المناعة الطبيعية أو الفطرية موجودة في الكائن الحي منذ الولادة وحتى قبل الولادة خلال المرحلة الجنينية، فهي مناعة متوارثة، يرثها الأبناء عن الآباء. عموما يتميز نظام المناعة الطبيعية بالعمل بطريقة غير متخصصة، بمعنى أن كل خلية أو جزيء تابع لها يعمل ضد عدد كبير ومتنوع من مسببات المرض ولكن فقط حسب التمييز بين ما هو ذاتي - أي تابع للجسم - أو ما هو جسيم غريب عن الجسم، فيتعامل معه ويعمل على تحييده. فضلا عن ذلك فالمناعة الطبيعية لا يوجد لها ذاكرة مناعية.

يشتمل جهاز المناعة الطبيعية على أربع آليات دفاعية أساسية:

  • حواجز جسدية وكيميائية تمنع أو تؤخر دخول الممرضات للجسم أو تكاثرها داخله. هذه الحواجز تبدأ من الجلد والأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والأعضاء التناسلية والعيون وحرارة الجسم ومستوى الحموضة في المعدة (الأس الهيدروجيني ph).
  • عناصر بيوكيميائية ذائبة مثل الليزيزيوم-أنزيم يخترق طبقة البيبتيدوجليكان في جدار خلية الميكروب. الأنترفيرون وهو بروتين من عائلة سيتوكين التي تنتج وتفرز من الخلايا التي تلتصق في الجرثومة، تعلمها، حيث يتم استيعابها من خلايا سليمة تتواجد بقربها وتجعلها في وضع استعداد لمقاومة العدوى بالميكروب.

المنظومة المتممة: هي مجموعة من بروتينات بلازما الدم تحيد مختلف الممرضات وتساعد على القضاء عليها، كذلك لها نشاط يتعلق باستثارة رد التهاب. خلايا أكولة كبيرة وخلايا تائية قاتلة وغيرها.

  • الخلايا البالعة، مثل البلعميات والخلايا المتعادلة Neutrophil granulocytes، وهي خلايا متخصصة في بلع وقتل وهضم مختلف الكائنات الدقيقة.والخلايا الفاتكة الطبيعية هي خلايا لمفاوية وخلايا حبيبية التي تؤدي دورا هاما في الوقاية من الخلايا السرطانية وجراثيم معينة.
  • الالتهاب - وهو رد مناعي يحدث أعقاب تلوث أو تهتك في الأنسجة وهو يرتبط بتوظيف عدد متنوع من الخلايا والجسيمات المناعية وارسالها إلى مكان الإصابة.

مناعة مكتسبة

المناعة المكتسبة هي مناعة يتم اكتسابها خلال حياة الكائن الحي بعد تعرضه لميكروبات وبكتيريا مسببة مرضه. وتتميز مركباتها بالعمل بطريقة انتقائية ومتخصصة، إذ أن كل خلية أو جسيم تابع لها يستطيع العمل ضد أنتيجين ممرض واحد ووحيد. وخلافا للمناعة الطبيعية التي هي متشابهة عند أفراد نوع معين فإن الاستجابة المناعية المكتسبة تختلف من فرد لأخر وفق عامل الحصانة المناعية المكتسبة التي مر بها جسم كل شخص على انفراد، وبحسب الممرضات التي تعرض لها خلال حياته. ميزة أخرى تضاف للحصانة المكتسبة ألا وهي القدرة على إنتاج ذاكرة مناعية. جهاز المناعة المكتسبة تشمل الخلايا اللمفاوية من نوع الخلايا بي والخلايا تي التي تعمل على مقاومة (الأنتيجينات).

نظام المناعة المكتسبة

جهاز المناعة التكيفية تطور في الفقاريات المبكرة ويسمح باستجابة مناعية أقوى وكذلك ينشط الذاكرة المناعية، حيث كل مسبب مرضى يتم «تذكره» بواسطة توقيع الجسم المضاد.[17] الاستجابة المناعية التكيفية تكون مضادة لدخيل معين (أنتيجين) وتتعرف عليه خلال عملية تسمى عرض مولد الضد. خصوصية مولد الضد (الأنتيجين) تسمح بتوليد الاستجابات التي صممها جهاز المناعة لمقاومته هذا الأنتيجين بعينه أو لمقاومة الخلايا المصابة بالمرض. يتم الحفاظ على قدرة استرجاع الردود في الجسم بواسطة خلايا ذاكرة. فإذا أصاب أنتيجين مرضي الجسم أكثر من مرة واحدة، فتتذكره خلايا الذاكرة المتخصصة له وتعمل على القضاء عليه بسرعة.

ملحوظة: نظرا لتعدد كتاب هذا المقال تستخدم عدة مصطلحات لشيء واحد وهذا بشأن: مولد ضد أو أنتيجين، وكلاهما يعني مسببات مرض من جراثيم وفيروس وغيرها.


الخلايا اللمفاوية

خلايا الجهاز المناعي التكيفى هي أنواع خاصة من الكريات البيضاء، والخلايا التائية. الخلايا البائية والخلايا التائية هي أنواع رئيسية من الخلايا الليمفاوية مستمدة من الخلايا الجذعية المكونة للدم وتنشأ في نخاع العظم [18] وتشارك الخلايا البائية في الاستجابة المناعية الخلطية humoral immune response، في حين تشارك الخلايا التائية في الاستجابة المناعية الخلوية cell-mediated immune response.

كلا من الخلايا البائية والخلايا التائية تحمل جزيئات مستقبلات التي تتعرف على مستضدات، مثل بكتيريا أو فيروس معين. خلايا T تتعرف على ما يدعى «هدفا غير ذاتى»، مثل أنتيجين، إلا بعد أن يطلق الأنتجين شظايا صغيرة منه، التي تتقدم مع جزيء مستقبل «ذاتي» يسمى معقد التوافق النسيجي الكبير major histocompatibility complex (MHC).

توجد عدة أنواع من خلايا T: خلايا تي القاتلة وخلايا تي المساعدة، وخلايا تي منظمة وكل منها له وظيفة في الاستجابة المناعية.الخلايا التائية القاتلة تدرك المستضدات (أنتيجينات) المرتبطة بجزيئات من نوع MHC (صنف 1)، في حين أن الخلايا التائية المساعدة تتعرف فقط على جزيئات المستضدات MHC II (صنف 2). تلك الآليتان للتعرف على مستضد توضح الدور الذي تقوم به كل من نوعي الخلايا تي في المناعة. كما توجد طائفة فرعية ثانوية من الخلايا تي تسمى خلايا غاما/دلتا (خلايا تي γδ T cells) وهي تتعرف على المستضدات السليمة التي ليست مرتبطة بمستقبلات جزيئات MHC.[19]

ومن ناحية أخرى، يكون على سطح خلية بي مستقبل مكون من جسم مضاد مناعي يقاوم مستضد أنتيجين معين، ويمكنه التعرف على أي دخيل على الجسم من دون القيام بعملية تحليل للكشف عنه. فكل نوع من أنواع الخلية بي يبدي ضدا مختلفا، وعلى ذلك تقوم مجموع المستقبلات المتعرفة على أنتيجينات بإنتاج كل الجسيمات المقاومة التي يستطيع الجسم إنتاجها.[18]

التنظيم الفيسيولوجي

اضطرابات المناعة البشرية

التلاعب بالمناعة في الطب

التطور وآليات أخرى

تاريخ علم المناعة

علم المناعة هو العلم الذي يدرس بنية ووظيفة الجهاز المناعي. أنها تنبع من الطب والدراسات منذ القديم في بحث عن أسباب الحصانة ضد المرض. كانت الإشارة أقرب إلى الحصانة المعروفة خلال طاعون أثينا في 430 قبل الميلاد. لاحظ «ثيودوروس» أن الناس الذين قد تعافوا من نوبة سابقة من هذا المرض يمكنهم من تمريض وخدمة المرضى دون الخوف من الإصابة بالمرض مرة ثانية.[20] وفي القرن الثامن عشر، «بيير لويس دي مايوبيرتوس» قدم تجارب مع سم العقرب، ولاحظ أن بعض الكلاب والفئران كانت في مأمن من هذا السم.[21] تم استغلال هذه الملاحظات وغيرها بخصوص المناعة المكتسبة لاحقا من قبل لويس باستور في تطويره لموضوع التطعيم ونظريتة التي اقترحها في شأن الأصل الجرثومي للأمراض.[22] لقد كانت نظرية باستور تختلف تماما عن النظريات التي كانت شائعة في عصره عن أسباب المرض، مثل نظرية مستنقع المرض. ولم يكن حتى روبرت كوخ عام 1891 في ما يدعى «براهين روبرت كوخ»، والتي حصل بموجبها على جائزة نوبل في الفسيولوجيا والطب في عام 1905، أن الكائنات الحية الدقيقة هي السبب المباشر في إحداث الأمراض المعدية.[23] وقد تأكد أن الفيروسات تعد من مسببات الأمراض البشرية في عام 1901، مع اكتشاف فيروس الحمى الصفراء بواسطة والتر ريد.[24]

أحرزت المناعة تقدما كبيرا نحو نهاية القرن التاسع عشر بفضل كثير من الباحثين والعلماء، من خلال التقدم السريعة في دراسة المناعة الخلطية ومناعة خلوية [25] من المهم بشكل خاص أبحاث بول إرليخ الذي اقترح نظرية السلسلة الجانبية لشرح خصوصية تفاعل الجسم والجسم المضاد؛ تم الاعتراف بإسهاماته في فهم المناعة خلطية، ونال جائزة نوبل في عام 1908، والتي مُنحت بشكل مشترك له مع مؤسس علم المناعة الخلوية، إيليا ميتشنيكوف.[26]

انظر أيضًا

مصادر

  1. ^ Sompayrac 2019، صفحة 1.
  2. ^ Litman GW، Cannon JP، Dishaw LJ (نوفمبر 2005). "Reconstructing immune phylogeny: new perspectives". Nature Reviews. Immunology. ج. 5 ع. 11: 866–79. DOI:10.1038/nri1712. PMC:3683834. PMID:16261174.
  3. ^ Sompayrac 2019، صفحة 4.
  4. ^ Restifo NP، Gattinoni L (أكتوبر 2013). "Lineage relationship of effector and memory T cells". Current Opinion in Immunology. ج. 25 ع. 5: 556–63. DOI:10.1016/j.coi.2013.09.003. PMC:3858177. PMID:24148236.
  5. ^ Kurosaki T، Kometani K، Ise W (مارس 2015). "Memory B cells". Nature Reviews. Immunology. ج. 15 ع. 3: 149–59. DOI:10.1038/nri3802. PMID:25677494. S2CID:20825732.
  6. ^ Sompayrac 2019، صفحة 11.
  7. ^ Sompayrac 2019، صفحة 146.
  8. ^ Alberts et al. 2002، sec. "Pathogens Cross Protective Barriers to Colonize the Host".
  9. ^ Boyton RJ، Openshaw PJ (2002). "Pulmonary defences to acute respiratory infection". British Medical Bulletin. ج. 61 ع. 1: 1–12. DOI:10.1093/bmb/61.1.1. PMID:11997295.
  10. ^ Agerberth B، Gudmundsson GH (2006). "Host antimicrobial defence peptides in human disease". Current Topics in Microbiology and Immunology. ج. 306: 67–90. DOI:10.1007/3-540-29916-5_3. ISBN:978-3-540-29915-8. PMID:16909918.
  11. ^ Moreau JM، Girgis DO، Hume EB، Dajcs JJ، Austin MS، O'Callaghan RJ (سبتمبر 2001). "Phospholipase A(2) in rabbit tears: a host defense against Staphylococcus aureus". Investigative Ophthalmology & Visual Science. ج. 42 ع. 10: 2347–54. PMID:11527949.
  12. ^ Hankiewicz J، Swierczek E (ديسمبر 1974). "Lysozyme in human body fluids". Clinica Chimica Acta; International Journal of Clinical Chemistry. ج. 57 ع. 3: 205–09. DOI:10.1016/0009-8981(74)90398-2. PMID:4434640.
  13. ^ Fair WR، Couch J، Wehner N (فبراير 1976). "Prostatic antibacterial factor. Identity and significance". Urology. ج. 7 ع. 2: 169–77. DOI:10.1016/0090-4295(76)90305-8. PMID:54972.
  14. ^ Yenugu S، Hamil KG، Birse CE، Ruben SM، French FS، Hall SH (يونيو 2003). "Antibacterial properties of the sperm-binding proteins and peptides of human epididymis 2 (HE2) family; salt sensitivity, structural dependence and their interaction with outer and cytoplasmic membranes of Escherichia coli". The Biochemical Journal. ج. 372 ع. Pt 2: 473–83. DOI:10.1042/BJ20030225. PMC:1223422. PMID:12628001.
  15. ^ Smith JL (2003). "The role of gastric acid in preventing foodborne disease and how bacteria overcome acid conditions". J Food Prot. ج. 66 ع. 7: 1292–1303. DOI:10.4315/0362-028X-66.7.1292. PMID:12870767.
  16. ^ Gorbach SL (فبراير 1990). "Lactic acid bacteria and human health". Annals of Medicine. ج. 22 ع. 1: 37–41. DOI:10.3109/07853899009147239. PMID:2109988.
  17. ^ Pancer Z, Cooper MD (2006). "The evolution of adaptive immunity". Annual Review of Immunology. ج. 24 ع. 1: 497–518. DOI:10.1146/annurev.immunol.24.021605.090542. PMID:16551257.
  18. ^ أ ب تشارلز جانواي (2005). Immunobiology (ط. 6th). Garland Science. ISBN:0-443-07310-4.
  19. ^ Holtmeier W, Kabelitz D (2005). "gammadelta T cells link innate and adaptive immune responses". Chemical Immunology and Allergy. Chemical Immunology and Allergy. ج. 86: 151–83. DOI:10.1159/000086659. ISBN:3-8055-7862-8. PMID:15976493.
  20. ^ Retief FP, Cilliers L (يناير 1998). "The epidemic of Athens, 430–426 BC". South African Medical Journal. ج. 88 ع. 1: 50–3. PMID:9539938.
  21. ^ Ostoya P (1954). "Maupertuis et la biologie". Revue d'histoire des sciences et de leurs applications. ج. 7 ع. 1: 60–78. DOI:10.3406/rhs.1954.3379. مؤرشف من الأصل في 2015-09-24.
  22. ^ Plotkin SA (أبريل 2005). "Vaccines: past, present and future". Nature Medicine. ج. 11 ع. 4 Suppl: S5–11. DOI:10.1038/nm1209. PMID:15812490.
  23. ^ The Nobel Prize in Physiology or Medicine 1905 Nobelprize.org Accessed 8 January 2009. نسخة محفوظة 17 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  24. ^ Major Walter Reed, Medical Corps, U.S. Army Walter Reed Army Medical Center. Accessed 8 January 2007. نسخة محفوظة 18 مايو 2016 على موقع واي باك مشين.
  25. ^ Metchnikoff، Elie (1905). Immunity in Infective Diseases. Cambridge University Press. مؤرشف من الأصل (Full Text Version: Google Books) في 2020-01-26. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
  26. ^ The Nobel Prize in Physiology or Medicine 1908 Nobelprize.org Accessed 8 January 2007 نسخة محفوظة 02 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.

وصلات خارجية