ظهر مصطلح «الإمبراطورية البيزنطية» بعد اختفائها عن مسرح التاريخ العالمي، لقد أشار مواطنوها إلى دولتهم ببساطة على أنها «الإمبراطورية الرومانية» أو «رومانيا» ، وأطلقوا على أنفسهم مصطلح «الرومان» (باليونانية البيزنطيَّة:Ῥωμαῖοι)، وهو مصطلح استمر اليونانيون في استخدامه عن أنفسهم في العصر العثماني، بينما أُطلقَ على سكان بيزنطة في العالم الإسلامي اسم «الروم»، وهي تسمية اتّخذتها طوائف مسيحية شرقية فيما بعد. ومع أن الدولة الرومانية استمرّت مع تقاليدها في القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية، إلا أن المؤرخين المعاصرين يُميزون بيزنطة عن سابقتها روما القديمة لأنها تأسست في القسطنطينية، وتوجهت نحو الثقافة اليونانية بدلاً من الثقافة اللاتينية، وكان سكانها في الغالب يتحدثون اللغة اليونانية بدلًا من اللاتينية، وتميزت بالمسيحيةالأرثوذكسية الشرقية.[2]
بما أن التمييز بين الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية البيزنطية حديث إلى حد كبير، فليس من الممكن تحديد تاريخٍ للفصل بينهما، ولكن النقطة المهمة كانت نقل الإمبراطور قسطنطين العظيم العاصمة في 324/330 من نيقوميديا (في الأناضول) إلى بيزنطة على البوسفور والتي أصبحت تسمى القسطنطينية أي «مدينة قسطنطين» (أو «روما الجديدة» أحيانًا)، بالإضافة إلى إضفائه الشرعية على المسيحية. وتُشير عدّة أحداث من القرن الرابع إلى القرن السادس إلى فترة الانتقال التي تباعد خلالها الشرق اليوناني عن الغرب اللاتيني. في عهد ثيودوسيوس الأول أصبحت المسيحيةدين الدولة وحُظرَت الممارسات الدينية الأخرى، وقُسِّمت الإمبراطورية الرومانية أخيرًا في عام 395 بعد وفاة الإمبراطور ثيودوسيوس الأول (حكم 379-395) لذلك فهذا التاريخ مهم جدًا حيث يعتبر تاريخ بداية الإمبراطورية البيزنطية (أو الإمبراطورية الرومانية الشرقية) وفصلها تمامًا عن الغربية. بدأ الانتقال إلى التاريخ البيزنطي الخاص أخيرًا في عهد الإمبراطور هرقل (حكم 610-641)، عندما أسس هرقل على نحو فعال دولة جديدة بعد إصلاح الجيش والإدارة من خلال إنشاء البنود وتغيير اللغة الرسمية للإمبراطورية من اللاتينية إلى اليونانية.[6]
الحصار الإسلامي الثاني للقسطنطينية في 717-718 (98-100)هـ) كان الهجوم برا وبحرا جنبا إلى جنب من قبل المسلمين من الدولة الأموية ضد عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، القسطنطينية. وتمثل هذه الحملة تتويجا لعشرين عاما من الفتوحات الإسلامية للأراضي الحدودية البيزنطية، في حين كانت قوة الدولة البيزنطية قد أنهكت بسبب الاضطراب الداخلي الذي طال أمده. في 716، بعد سنوات من التحضير، فإن المسلمين، بقيادة مسلمة بن عبد الملك، قاموا بغزو آسيا الصغرى البيزنطية.كان المسلمون يأملون في البداية إستغلال الحرب الأهلية البيزنطية وجعلها قضية مشتركة مع القائد ليو الثالث الإيساوري، الذي كان قد ثار ضد الإمبراطور ثيودوسيوس الثالث، ليو مع ذلك، قد غرر بهم وقام بتأمين العرش البيزنطي لنفسه. بعد فصل الشتاء في الأراضي الساحلية الغربية من آسيا الصغرى، عبر الجيش الإسلامي إلى تراقيا في أوائل الصيف 717 وفرض حصارا للمدينة، التي كانت محمية من قبل أسوار القسطنطينية الضخمة، الأسطول العربي الذي رافق القوات البرية وكان من المفترض أن يكمل الحصار على المدينة عن طريق البحر، وقامت البحرية البيزنطية بتحييده بعد وقت قصير من وصوله باستخدام سلاح النار الاغريقية. وهذا ما سمح للقسطنطينية أن تتلقى الامدادات عن طريق البحر، في حين كان الجيش الإسلامي قد تمت إعاقته من جراء المجاعةوالمرض خلال فصل شتاء صعب على غير العادة التي أعقبت ذلك. في ربيع 718، تم تدمير اثنين من الأساطيل الإسلامية التي ارسلت كتعزيزات من قبل البيزنطيين بعد أن انشقت طواقمها المسيحية، وأرسل جيشا إضافيا برا عن طريق آسيا الصغرى ولكنه تعرض لكمين وهزم. بالإضافة إلى هجمات من قبل البلغار في العمق، حيث أجبر المسلمين علي رفع الحصار في 15 أغسطس 718. وفي رحلة عودتها كان الأسطول العربي قد دمر بالكامل تقريبا من جراء الكوارث الطبيعية والهجمات البيزنطية.
فشل الحصار كان له تداعيات واسعة النطاق. إنقاذ القسطنطينية كان ضمان لاستمرار بقاء بيزنطة، في حين تم تغيير النظرة الاستراتيجية للخلافة: على الرغم من أن هجمات منتظمة على الأراضي البيزنطية تواصلت، تم التخلي عن الهدف من الغزو السافر. ويعتبر المؤرخون الحصار هو واحدا من أهم المعارك في التاريخ، كما أرجأ فشله تقدم المسلمين إلى جنوب شرق أوروبا لعدة قرون.
شكَّل فتح القسطنطينيَّة خاتمة المُحاولات الإسلاميَّة لضم هذه المدينة إلى دولة الخلافة، والتي بدأت مُنذ أوائل العهد الأُمويّ خلال خلافة مُعاوية بن أبي سُفيان واستمرَّت خلال العهد العبَّاسي، إلى أن تكللت بالنجاح في العهد العُثماني. كما شكَّل هذا الحدث (إضافةً إلى فتح منطقتين روميَّتين أُخريين لاحقًا) نهاية الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، وإلى حدٍ أبعد الإمبراطوريَّة الرومانيَّة التي استمرَّت موجودةً بهيئةٍ روميَّة شرقيَّة، بعد أن صمدت طيلة 1,500 سنة تقريبًا. كذلك شكَّل الفتح العُثماني للقسطنطينيَّة ضربةً موجعةً للعالم المسيحيوالبابويَّة الكاثوليكيَّة رُغم الاختلاف والخِلاف المذهبي والعقائدي بين الكنيستين الشرقيَّة الأرثوذكسيَّةوالغربيَّة الكاثوليكيَّة، ذلك أنَّ المدينة كانت تُشكِّلُ عائقًا وحاجزًا أمام التوغل الإسلامي في أوروپَّا، ولمَّا سقطت أصبح بإمكان العُثمانيين المضي قُدمًا في فتوحاتهم دون التخوُّف من ضربةٍ خلفيَّة تُثنيهم عن أهدافهم.
فتح مجموعةٌ من الأندلسيين المنفيين جزيرة كريت عام 824 أو 827/828م (212هـ)، وأقاموا لهم دولةً مستقلةً على الفور. حاولت الدولة البيزنطية مراراً استعادة الجزيرة لكن محاولاتها باءت بالفشل الذريع، وظلّت الإمارة التي دعاها العرب إقريطش (أو أقريطش) ما ينوف عن 135 سنة من وجودها أحد خصوم بيزنطة الرئيسيين. تحكمت إقريطش بالممرات المائية في شرق البحر المتوسط وخاصة في بحر إيجه، وشكّلت قاعدةً مُتقدمةً وملاذاً آمناً للأساطيل الإسلامية التي اجتاحت شواطئ هذا البحر. لايُعرف الكثير تاريخياً عن الوضع الداخلي للإمارة، لكنّ من الواضح أنها عاشت حقبةً مزدهرةً ناجمةً عن اقتصادٍ مزدهرٍ قائمٍ على التجارة، والزراعة. سقطت الإمارة على يد نقفور الثاني الذي شنّ عليها حملةً ضخمةً عام 960-961م (350هـ)، ولم يعد المسلمون إلى الجزيرة لأكثر من سبعة قرونٍ عندما سقطت بيد العثمانيين ما بين 1645 و1669م/1080هـ فيما عُرف بحرب كريت.
أفاد المؤرخ البيزنطي تيوفان المعرف، كان الهجوم العربي منهجيًا: في سنة 672-673 أمّن أسطولًا عربيًا قواعد على طول سواحل آسيا الصغرى (الأناضول)، ثم شرع في فرض حصار واسع حول القسطنطينية. استخدموا شبه جزيرة سيزيكوس بالقرب من المدينة كقاعدة لقضاء الشتاء، وعادوا كل ربيع لشن هجمات على تحصينات المدينة. أخيرًا، تمكن البيزنطيون، تحت حكم الإمبراطور قسطنطين الرابع، من تدمير البحرية العربية باستخدام اختراع جديد، وهو المادة الحارقة السائلة المعروفة باسم النار الإغريقية. كما هزم البيزنطيون الجيش العربي البري في آسيا الصغرى، ما أجبرهم على رفع الحصار. كان للنصر البيزنطي أهمية كبرى لبقاء الدولة البيزنطية، حيث انحسر التهديد العربي لبعض الوقت. وُقع على معاهدة سلام بعد فترة وجيزة، وبعد اندلاع حرب أهلية إسلامية أخرى (الفتنة الثانية)، شهد البيزنطيون فترة من الهيمنة على الخلافة.
في الفترة الكلاسيكية من تاريخ اليونان عرفت شبه جزيرة كالسيديس بأكتي Ακτή، اليوم تعرف المنطقة سياسيا بولاية الجبل المقدس النسكية المستقلة ذاتياً. يخضع الجبل روحيا لسلطة بطريرك القسطنطينية المسكوني.
كان النظام الاقتصادي البيزنطي واحدًا من أقوى الاقتصادات في حوض البحر الأبيض المتوسط لقرون عدة. كانت مدينة القسطنطينية مركزًا جوهريًا لشبكة تجارية امتدت عبر فترات مختلفة لشتميل تقريبًا كلًا من أوراسياوشمال أفريقيا. يزعم بعض الباحثين، أنه وحتى وصول العرب في القرن السابع، كانت الإمبراطورية الرومانية الشرقية صاحبة أقوى اقتصاد في العالم. إلا أن الفتوحات العربية مثلت تراجعًا كبيرًا في الثروات مساهمةً بفترة من الانحدار والركود. كانت إصلاحات قسطنطين الخامس (نحو العام 765) بداية إحياء استمر حتى عام 1204. منذ بداية القرن العاشر وحتى نهاية القرن الثاني عشر، مثلت الإمبراطورية البيزنطية صورة عن الترف، وانبهر المسافرون بالثروة المتركزة بالعاصمة. تغير كل ذلك مع وصول الحملة الصليبية الرابعة، والتي مثلت كارثة اقتصادية. حاول الباليولوغس إنعاش الاقتصاد، ولكن الدولة البيزنطية لم تتمكن من بسط سيطرتها سواء على القوى الاقتصادية الأجنبية أو المحلية.
كانت التجارة أحد الأسس الاقتصادية للإمبراطورية. فرضت الدولة سيطرة صارمة على التجارة الداخلية والدولية، واحتكرت عملية سك العملة. ظلت القسطنطينية المركز التجاري الوحيد الأكثر أهمية لأوروبا طيلة القسم الأعظم من القرون الوسطى، وهي المكانة التي حافظت عليها حتى حتى جمهورية البندقية ببطء بتخطي التجار البيزنطيين في مجال التجارة؛ أولًا من خلال الإعفاء الضريبي في عهد سلالة الكومنينيون، ثم في ظل الإمبراطورية اللاتينية.
حُكمت الإمبراطورية البيزنطية من قبل أباطرة سلالة هرقل بين 610 و 711. ترأس الهرقليون على فترة من الأحداث الكارثية التي كانت نقطة تحول في تاريخ الإمبراطورية والعالم بشكل عام.
حُكِمت الإمبراطورية البيزنطية من قبل أباطرة من سلالة هرقل بين عامي 610-711. ترأس الهرقليون على مدى فترة من أحداث كارثية كانت نقطة تحول في تاريخ الإمبراطورية والعالم بوجه عام.
هو أسقف بيزنطيّ جمع كتبا قديمة وكتب على ضوئها تاريخه سنة 813 تقريبا، يسمى اليوم «تاريخ ثيوفان» حيث سرد فيه الأحداث في الفترة الممتدة بين 284و813 ميلادي.
قسطنطين الخامس (بالإنجليزية: Constantine V)، (باليونانية: Κωνσταντῖνος Ε΄, Kōnstantinos V)، هو إمبراطور بيزنطي حكم خلال الفترة الممتدة من عام 741 حتى عام 775. شهد عهده توطيد الوضع الأمني في بيزنطة في وجه التهديدات الخارجية. استفاد قسطنطين من الحرب الأهلية التي دارت رحاها في العالم الإسلامي من أجل شن هجمات محدودة على الجبهة العربية وذلك بحكم كونه قائدًا عسكريًا متمكنًا. كذلك بادر قسطنطين إلى شن حملات عسكرية متكررة على البلغار في البلقان بعد تأمينه الجبهة الشرقية. لعب نشاطه العسكري وسياسته الرامية إلى توطين السكان المسيحيين من الجبهة العربية في تراقيا دورًا في إحكام قبضة بيزنطة على أقاليمها في البلقان.
كانت الفتنة واللغو الديني من السمات البارزة التي ميزت عهده. إذ أدى دعمه الشديد لتحطيم الأيقونات ومعارضته للرهبانية إلى ذم المؤرخين والكتاب البيزنطيين اللاحقين لشخصه ووصل بهم الأمر أن لقبوه بـ«صاحب الاسم الملطخ بالروث».
وُلِد ثيودوسيوس في هسبانيا، وكان ابن قائد رفيع المستوى، وتحت قيادته ترقى في صفوف الجيش. وفي عام 374 تولى ثيودوسيوس قيادة مستقلة في مويسيا، حيث حقق بعض النجاح ضد غزو السارماتيين. وبعد ذلك بوقت قصير، أُجبر على التقاعد، وأُعدم والده في ظروف غامضة، لكن سرعان ما استعاد ثيودوسيوس منصبه بعد بعض المؤامرات وعمليات الإعدام في بلاط الإمبراطور جراتيان. وفي عام 379، بعد وفاة الإمبراطور الروماني الشرقي فالنس في معركة أدريانوبل ضد القوط، عين جراتيان ثيودوسيوس خلفًا له وتولى مسؤولية الطوارئ العسكرية. لم تكن موارد الإمبراطور الجديد والجيوش المستنزفة كافية لطرد الغزاة، وفي عام 382، سُمح للقوط بالاستقرار جنوب نهر الدانوب كحلفاء مستقلين للإمبراطورية. في عام 386، وقع ثيودوسيوس معاهدة مع الإمبراطورية الساسانية، والتي قسمت مملكة أرمينيا المتنازع عليها منذ فترة طويلة وأمنت سلامًا دائمًا بين القوتين.
إسحاق هو نجل الجنرال مانويل إروتيكوس كومنينوس، وتيتم في سن مبكرة، ثم نشأ تحت رعاية الإمبراطور باسيل الثاني. أثبت جدارته كقائد عسكري ناجح، وشغل منصب القائد العام للجيوش الشرقية بين عامي 1042 و1054. ترأس في عام 1057 تآمرًا لمجموعة من الجنرالات الشرقيين غير الراضين ضد المتوج حديثًا ميخائيل السادس برينغاس.