الغزوات البحرية الإسلامية على جزر المتوسط

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

هذه نسخة قديمة من هذه الصفحة، وقام بتعديلها JarBot (نقاش | مساهمات) في 02:55، 25 ديسمبر 2019 (بوت:الإبلاغ عن رابط معطوب أو مؤرشف V4.6). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة، وقد تختلف اختلافًا كبيرًا عن النسخة الحالية.

الفتحُ الإسلاميُّ لِقبرص
جزء من الفُتوحاتُ الإسلاميَّة
موقع قبرص في الحوض الشرقي للمتوسط
معلومات عامة
التاريخ 28 هـ \ 649م - 32 هـ \ 653م
الموقع قبرص
النتيجة انتصار المسلمين
المتحاربون
قبرص دولة الخِلافةُ الرَّاشدة
القادة
عثمان بن عفان

الفتح الإسلامي لقبرص هو دخول جيش الخلفاء الراشدين لجزيرة قبرص في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، حيث طلب معاوية بن أبي سفيان - والي الشام حينيذٍ - من الخليفة عثمان أن يأذن له بركوب البحر لفتح جزيرة قبرص، فوافق عثمان، وحدثت المعركة وانتصر المسلمون، وكان ذلك سنة 28 هـ،[1] ويعد الأُسطول الذي أعده معاوية أول أسطول بحري في الدولة الإسلامية.[2]

محاولة معاوية إقناع عمر بغزو قبرص

كان معاوية بن أبي سفيان قد سأل عمر بن الخطاب أن يأذن له بغزو قبرص؛ معللًا ذلك بقرب الروم من حمص، وقال: «إن قرية من قرى حمص ليسمع أهلها نُباح كلابهم وصياح دجاجهم.»، ولكن كان عمر يخشى على المسلمين ركوب البحر، فكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص: «صف لي البحر وراكبه.»، فكتب إليه عمرو بن العاص: «إني رأيت خلقًا كبيرًا يركبه خلق صغير ليس إلا السماء والماء. إن ركد خرق القلوب وإن تحرك أزاغ العقول. يزاد فيه اليقين قلة. والشك كثرة. وهم فيه كدود على عود إن مال غرق وإن اعتدل برق.»، فلما قرأ الكتاب عمر كتب إلى معاوية:[3]

الغزوات البحرية الإسلامية على جزر المتوسط والذي بعث محمدًا بالحق لا أحمل فيه مسلمًا أبدًا، وقد بلغني أن بحر الشام يشرف على أطول شيء من الأرض فيستأذن اللَّه في كل يوم وليلة أن يغرق الأرض!، فكيف أحمل الجنود على هذا الكافر باللَّه، لمسلم أحب إليَّ مما حوت الروم وإياك أن تعرض إليَّ فقد علمت ما لقي العلاء مني. الغزوات البحرية الإسلامية على جزر المتوسط

المعركة

بعد وفاة عمر بن الخطاب ألح معاوية على عثمان بن عفان، فأذن له، ولكن قال له ألا يجبر أحد على ركوب البحر معه قائلًا: «لا تنتخب الناس ولا تقرع بينهم. خيِّرهم، فمن اختار الغزو طائعًا فاحمله وأعنه»، حيث كان عثمان لا يزال متأثرًا برأي عمر من حيث تخوفه من البحر،[4] فلما قرأ معاوية ذلك، كتب لأهل السواحل يأمرهم بإصلاح المراكب وتقريبها إلى ساحل حصن عكا، حيث رممه ليكون ركوب المسلمين منه إلى قبرص،[5] فجهز الأسطول وأعد الجيش، وكان في الجيش أبو ذر الغفاري وأبو الدرداء الأنصاري وشداد بن أوس وعبادة بن الصامت وزوجته أم حرام بنت ملحان، واستعمل عثمان على الجيش عبد الله بن قيس الحارثي.[4]

أحداث المعركة

عكا كانت مكان انطلاق الأسطول البحري المتجه لغزو قبرص سنة 28 هـ.

سار المسلمون من الشام وركبوا من ميناء عكا متوجهين إلى قبرص، ونزلوا إلى الساحل، تقدمت أم حرام لتركب دابتها، فنفرت الدابة وألقت أم حرام على الأرض فاندقت عنقها فماتت.[1] ودفنت هناك، وعرف قبرها بقبر المرأة الصالحة، واجتمع معاوية بأصحابه وكان فيهم أبو أيوب الأنصاري، وأبو الدرداء، وأبو ذر الغفاري، وعبادة بن الصامت، وواثلة بن الأسقع، وعبد الله بن بشر المازني، وشداد بن أوس بن ثابت، والمقداد بن الأسود، وكعب الحبر بن ماتع، وجبير بن نفير الحضرمي، وتشاوروا فيما بينهم وأرسلوا إلى أهل قبرص يخبرونهم أنهم لم يغزوهم للاستيلاء على جزيرتهم،ولكن أرادوا دعوتهم للإسلام ثم تأمين حدود الدولة الإسلامية بالشام؛ وذلك لأن البيزنطيين كانوا يتخذون من قبرص محطة يستريحون فيها إذا غزوا ويتموَّنون منها إذا قل زادهم، فكانت بلداً مهمة لإخضاعها تحت سيطرة المسلمين، ولكن سكان الجزيرة لم يستسلموا، بل تحصنوا في العاصمة ولم يخرجوا لمواجهة المسلمين.[6]

نتائج المعركة

تقدم المسلمون إلى عاصمة قبرص (قسطنطينا) وحاصروها، ما هي إلا ساعات حتى طلب الناس الصلح، وأجابهم المسلمون إلى الصلح، وقدموا للمسلمين شروطًا واشترط عليهم المسلمون شروطا، وأما شرط أهل قبرص فكان في طلبهم ألا يشترط عليهم المسلمون شروطا تورطهم مع الروم؛ لأنهم لا قبل لهم بهم، ولا قدرة لهم على قتالهم، وأما شروط المسلمين:[6][7]

  1. ألا يدافع المسلمون عن الجزيرة إذا هاجم سكانها محاربون.
  2. أن يدل سكان الجزيرة المسلمين على تحركات عدوهم من الروم.
  3. أن يدفع سكان الجزيرة للمسلمين سبعة آلاف ومائتي دينار في كل عام.
  4. ألا يساعدوا الروم إذا حاولوا غزو بلاد المسلمين، ولا يطلعوهم على أسرارهم.

نقض الصلح

في سنة 32 هـ، وقع سكان قبرص تحت ضغط رومي أجبرهم على إمداد جيش الروم بالسفن ليغزوا بها بلاد المسلمين، وبذلك يكون القبرصيون قد أخلوا بشروط الصلح، وعلم معاوية بنقض أهل قبرص للصلح، فعزم على الاستيلاء على الجزيرة ووضعها تحت سلطان المسلمين، فاتفق معاوية مع عبد الله بن سعد بن أبي السرح - والي مصر حينيذٍ - أن يلقاه من الجانب الآخر من الجزيرة، فهجم عليها جيش معاوية من جهة وعبد الله بن سعد من الجانب الآخر، فقتلوا خلقًا كثيرًا، وسبوا سبيًا كثيرًا وغنموا الغنائم،[1] فاستسلم حاكم قبرص وطلب الصلح، فأقرهم معاوية على صلحهم الأول، وخشى معاوية أن يتركهم هذه المرة بغير جيش يرابط في الجزيرة فيحميها من غارات الأعداء ويضبط الأمن فيها حتى لا تتمرد على المسلمين، فبعث إليهم اثني عشر ألفا من الجنود، ونقل إليهم جماعة من بعلبك، وبنى هناك مدينة، وأقام فيها مسجدًا، وأجرى معاوية على الجنود أرزاقهم. وكان أهل قبرص ليس فيهم قدرات عسكرية وحاميتهم ضعيفة،[4] وهم مستضعفون أمام من يغزوهم، قال إسماعيل بن عياش: «أهل قبرص أذلاء مقهورون يغلبهم الروم على أنفسهم ونسائهم، فقد يحق علينا أن نمنعهم ونحميهم.»[8]

ولما جيء بالأسرى جعل أبو الدرداء الأنصاري يبكي، فقال له جبير بن نفير:[1] «أتبكي وهذا يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟.» فقال: «ويحك، إن هذه كانت أمة قاهرة لهم ملك، فلما ضيعوا أمر الله صيرهم إلى ما ترى، سلط الله عليهم السبي، وإذا سلط على قوم السبي فليس لله فيهم حاجة. ما أهون العباد على الله تعالى إذا تركوا أمره؟!»

وأثناء تقسيم الغنائم، مر رجلان يسوقان حمارين، فقال لهما عبادة بن الصامت: «ما هذان الحماران؟» فقالا: «إن معاوية أعطاناهما من المغنم، وإنا نرجو أن نحج عليهما»، فقال لهما عبادة: «لا يحل لكما ذلك ولا لمعاوية أن يعطيكما»، فرد الرجلان الحمارين على معاوية، وسأل معاوية عبادة بن الصامت عن ذلك فقال عبادة: «شهدت رسول الله في غزوة حنين والناس يكلمونه في الغنائم فأخذ وبرة من بعير وقال: "ما لي مما أفاء الله عليكم من هذه الغنائم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم" فاتق الله يا معاوية واقسم الغنائم على وجهها ولا تعط منها أحدًا أكثر من حقه»، فقال له معاوية: «قد وليتك قسمة الغنائم ليس أحد بالشام أفضل منك ولا أعلم، فاقسمها بين أهلها واتق الله فيها»، فقسمها عبادة بين أهلها وأعانه أبو الدرداء الأنصاري وأبو أمامة الباهلي.[9]

تنبؤ النبي محمد بغزو قبرص

قبر أم حرام بنت ملحان في قبرص الذي يُعرَف بقبر المرأة الصالحة.

تبنأ النبي محمد بغزو المسلمين البحر وأن أم حرام بنت ملحان ستكون في هذه الغزوة، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما أن أنس بن مالك قال:[10][11]

الغزوات البحرية الإسلامية على جزر المتوسط كان رسولُ اللهِ إذا ذهَب إلى قُباءَ، يَدخُلُ على أمِّ حَرامٍ بنتِ مِلحانَ فتُطعِمُه، وكانت تحتَ عُبادَةَ بنِ الصامِتِ، فدخَل يومًا فأطعمْتُه، فنام رسولُ اللهِ ، ثم استيقَظَ يضحَكُ، قالتْ : فقلتُ: ما يُضحِكُكَ يا رسولَ اللهِ؟ فقال: ناسٌ من أمتي عُرِضوا عليَّ غُزاةً في سبيلِ اللهِ، يركَبونَ ثَبَجَ هذا البحرِ، مُلوكًا على الأسِرَّةِ، أو قال: مِثلَ المُلوكِ على الأسِرَّةِ، فقلتُ : ادعُ اللهَ أن يجعَلني منهم، فدعا، ثم وضَع رأسَه فنام، ثم استيقَظ يَضحَكُ، فقلتُ: ما يُضحِكُكَ يا رسولَ اللهِ، قال: ناسٌ من أمتي عُرِضوا عليَّ غُزاةً في سبيلِ اللهِ، يركَبونَ ثَبَجَ هذا البحرِ، مُلوكًا على الأسِرَّةِ، أو : مِثلَ المُلوكِ على الأسِرَّةِ، فقلتُ: ادعُ اللهَ أن يجعَلني منهم، قال: أنتِ من الأوَّلينِ. فرَكِبَتِ البحرَ في زمانِ مُعاوِيَةَ، فصُرِعَتْ عن دابَّتِها حين خرجَتْ من البحرِ، فهلَكَتْ. الغزوات البحرية الإسلامية على جزر المتوسط

انظر أيضًا


مراجع

  1. ^ أ ب ت ث البداية والنهاية، لابن كثير الدمشقي، الجزء السابع، فصل:ثم دخلت سنة ثمان وعشرين، فتح قبرص على ويكي مصدر
  2. ^ أول أسطول عربي إسلامي، فتاوى إسلام ويب نسخة محفوظة 26 فبراير 2019 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 600، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 2/ص 488.
  4. ^ أ ب ت كتاب عثمان بن عفان للكاتب محمد رضا، فصل: فتح قبرص، على موقع نداء الإيمان نسخة محفوظة 27 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه - شخصيته وعصره، د. علي محمد الصلابي، صـ 188، على المكتبة الشاملة نسخة محفوظة 11 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  6. ^ أ ب تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه - شخصيته وعصره، د. علي محمد الصلابي، صـ 190، على المكتبة الشاملة نسخة محفوظة 11 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه - شخصيته وعصره، د. علي محمد الصلابي، صـ 191، على المكتبة الشاملة نسخة محفوظة 11 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  8. ^ تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه - شخصيته وعصره، د. علي محمد الصلابي، صـ 193، على المكتبة الشاملة نسخة محفوظة 11 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  9. ^ النضرة في مناقب العشرة، أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد محب الدين الطبري (المتوفى: 694هـ)، الناشر: دار الكتب العلمية، جـ 3، صـ 95، على المكتبة الشاملة
  10. ^ صحيح البخاري، باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء وقال عمر اللهم ارزقني شهادة في بلد رسولك، حديث رقم: 2636 نسخة محفوظة 20 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ صحيح مسلم، كِتَاب الْإِمَارَةِ، بَاب فَضْلِ الْغَزْوِ فِي الْبَحْرِ، رقم الحديث: 3543 نسخة محفوظة 22 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.

وصلات خارجية