انتقل إلى المحتوى

معركة أنقرة

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
معركة أنقرة
جزء من غزوات تيمورلنك
معركة أنقرة، تصوير مغولي
معلومات عامة
التاريخ 20 يوليو 1402م
البلد تركيا  تعديل قيمة خاصية (P17) في ويكي بيانات
الموقع سهل تشوبوك بالقرب من أنقرة
40°09′N 32°57′E / 40.15°N 32.95°E / 40.15; 32.95   تعديل قيمة خاصية (P625) في ويكي بيانات
النتيجة انتصار تيمورلنك
المتحاربون
الدولة العثمانية

- إمارة كاستريوتي الألبانية
- إمارة صربيا الموراڤية
- مقاطعة برانكوڤيتش
- إمارات الأناضول
- التتار السود(1)

الدولة التيمورية

- آق قويونلو
- إمارة كرمايان

القادة
بايزيد الأول  (أ.ح)

سليمان جلبي
محمد جلبي
موسى جلبي  (أ.ح)
مصطفى جلبي  (أ.ح)
قره تيمورطاش باشا  (أ.ح)
ستيفان لازاريڤيتش
فوك لازايڤيتش الصربي
جُريج برانكوڤيتش
يوحنا كاستريوتي
كوجا زكريا الألباني
ديميتري يونيما الألباني

تيمورلنك

شاه رخ
خليل سلطان
ميران شاه
سلطان حسين تايتشيود
محمد سلطان ميرزا
پير محمد بن جهانكير
شاه شاهان السيستاني
كارا يولوق عثمان بك[1]
يعقوب الثاني الكرماياني [2]

القوة
85,000[3]-120,000[4] 140,000[3]
الخسائر
عدة آلاف عدة آلاف
خريطة



معركة أنقرة (بالتركية: Ankara Muharebesi)‏، وقعت بين الدولة العثمانية والدولة التيمورية في 20 أو 28 يوليو 1402م وفقًا لمصادر مختلفة، وهي أكبر معارك القرون الوسطى من حيث حجم الجيشين والنتائج. جرت أحداث المعركة في سهل تشوبوك (بالتركية: Çubuk Ovası)‏ إلى الشمال الشرقي من أنقرة بين قوات القائد التتري تيمورلنك الفاتح التركي المغولي الذي أسس الإمبراطورية التيمورية، وبايزيد الأول سلطان الدولة العثمانية. انتصر تيمورلنك وأسر السلطان بايزيد الأول الذي توفي بعد فترة قصيرة، فدخلت من بعده الدولة العثمانية فترة عاصفة من 20 يوليو 1402م مدة أحد عشر عامًا من الحرب الأهلية والافتقار إلى النظام، تُعرف باسم "عهد الفترة العثماني" التي كادت أن تقضي على استمرار الدولة العثمانية، حيث استقلّ بعض أبنا السلطان بايزيد الأول ببعض أراضي الدولة العثمانية وانفصلوا بها وسط تجاذبات سياسية ومكائد وتوقفت الفتوحات العثمانية، إلى أن أعاد السلطان محمد الأول ابن السلطان بايزيد الأول توحيد الدولة العثمانية مرة أخرى في 5 يوليو 1413م [5][6][7]

تُعَدُّ معركة أنقرة واحدة من أكبر الحروب التي وقعت بين دولتين مسلمتين في التاريخ التركي. انهارت الوحدة التركية التي تأسست بعد صراعات طويلة في الأناضول، وتعطلت حركة الفتوحات الإسلامية ولاسيما محاولات فتح القسطنطينية الذي تأخر قرابة نصف قرن، وعادت الإمارات الأناضولية بعد المعركة إلى تفرقها مرة أخرى بعد وَحدتها، ونهبت الجيوش التيمورية المدن وتعطل النظام الذي وضعه العثمانيون.[8]

قادة المعركة[عدل]

تيمورلنك[عدل]

تيمورلنك (9 أبريل 1336م - 17-19 فبراير 1405م) مؤسس الإمبراطورية التيمورية في أفغانستان الحديثة وإيران وآسيا الوسطى وما حولها، وأول حاكم من السلالة التيمورية.[9] امتدت امبراطوريته من الهند إلى الأناضول.[8] ترأس الدولة التيمورية التركية المنغولية عام 1370م، فوحَّدَ جميع القبائل التركية والمغولية المتناثرة في بلاد ما وراء النهر، ثم توجه بجيشه صوب إيران وغزاها واستولى عليها عام 1378م، ثم استولى لاحقًا على أذربيجان والعراق، وهزم خانية القبيلة الذهبية مرتين، في 1391م ثم 1395م. استولى تيمورلنك على شمال الهند التي انضوت تحت سيطرته بحملة الهند عام 1399م، ثم اتجه إلى الغرب واحتل بغداد. شرع تيمورلنك في الحملة الغربية الثالثة، المسماة «حرب السنوات السبع»، بسبب اضطراب الصحة العقلية لابنه ميرانشاه، الذي كان قد وَلَّاهُ حُكم أذربيجان، وبسبب التمرد الحاصل هناك بعد إفلات زمام الحكم من ابنه واضطراب البلاد بسببه.

كان تيمورلنك على خلاف مع العثمانيين الذين ادّعوا أنهم أصحاب الأناضول والأسبق إليها.[8]

بايزيد الأول[عدل]

بايزيد الأول (1361م - 1403م)، انتصر مع والده السلطان مراد الأول نصراً حاسماً على الصليبيين في معركة كوسوڤو في 15 يونيو 1389م، [10] وكان بايزيد يومها قائد ميمنة الجيش العثماني. وبينما كان والده السلطان مراد الأول يتفقد أرض المعركة بعد النصر المبين طلب نبيل صربي أن يلتقي بالسلطان ليشهر إسلامه أمامه، فلمّا قابل السلطان غدر به وطعنهُ بخنجره المسموم فقتله.[11][12][13][14] تولّى الحُكم من بعده فورا ابنه بايزيد الأول وقاد السلطنة العثمانية، فأخضع إمارات الأناضول المتمردة وأخمد التمرد، وحاصر القسطنطينية عام 1391م، ثم هزم التحالف الصليبي الجرّار الذي شكله فرسان من أوروپا الغربية في معركة نيقوپوليس عام 1396م، ثم انتصر في معركة "آق تشاي" (بالتركية: Akçay Muharebesi)‏ ضد القرمانيين في خريف عام 1397م بعد أن تكرر غدرهم باحتلال أراضي العثمانيين الشرقية أثناء انشغالهم بمحاربة الصليبيين في الغرب، ثم انتزع ملاطية من يد المماليك عام 1399م.

سنوات ما قبل المعركة[عدل]

قبل تصادم العثمانيين مع المغول في معركة أنقرة، كانت التحديات أمام الدولتين مختلفة ومتباينة، حيث حرص السلطان بايزيد على توحيد الأناضول واستقرار البلاد تحت إدارة حُكم قوي موحد مستقر ومقارعة الصليبيين، بينما انشغل المغول بتوحيد القبائل المتناثرة لغزو الدول المجاورة وكسب الغنائم ولم يكن هدف تيمورلنك الرئيسي هو إقامة دولة.

العثمانيون[عدل]

بعد مقتل السلطان مُراد الأول والد السلطان يلدرم بايزيد الأول غدرا بنهاية معركة قوصوه الأولى في 15 يونيو 1389 / 20 جمادى الآخرة 791 هـ ضد الصليبيين وانتصاره عليهم انتصارا ساحقا، تولى ابنه بايزيد الحكم فورا وبدأ بضم الإمارات الأناضولية إلى أراضيه في غضون عام واحد ليضمن بذلك وحدة الأناضول أولا، ثم قام بعدها بحصار القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية عام 1391م. وفي عام 1396م، هزم الجيش الصليبي بقيادة ملك المجر سيغسموند والمؤلف من فرسان أوروبا الغربية في معركة نيقوبوليس هزيمة ساحقة. وفي العام التالي، ونتيجةً لمعركة آق تشاي (بالتركية: Akçay Muharebesi)‏ التي انتصر فيها بايزيد على إمارة "قره مان" في خريف عام 1397م، ضم قونية (بالتركية: Konya)‏ ونيغدا (بالتركية: Niğde)‏ وآق سراي (بالتركية: Aksaray)‏ وقرمان (بالتركية: Karaman)‏ وديڤيلي (بالتركية: Develi)‏ في شمال جبال طوروس، التي كانت في أيدي القرمانيين، إلى أملاك الدولة العثمانية. وفي عام 1398م، خضعت سيواس وتوكات وقيصري وأماسية أيضًا للحكم العثماني بعد مقتل القاضي برهان الدين الذي كان يسيطر على سيواس وضواحيها. [15]

بعد وفاة السلطان المملوكي الظاهر سيف الدين برقوق عام 1399م، استولى بايزيد الأول على ملاطية من المماليك مستغلاًّ صعود الطفل الناصر زين الدين فرج بن برقوق الذي كان عمره 13 عاما إلى الحكم بعد وفاة والده السلطان برقوق.

كما فتح العثمانيون بقيادة السلطان بايزيد قلاع كاخته (بالتركية: Kâhta)‏ وديڤريغي (بالتركية: Divriği)‏ وبيسني (بالتركية: Besni)‏ ودرنده (بالتركية: Darende)‏، التي كانت في يد إمارة بنو ذو القدر (بالتركية: Dulkadiroğulları Beyliği)‏. وبعد هذه الفتوحات وصلت حدود الدولة العثمانية إلى نهر الفرات. ثم اتجه السلطان بايزيد الأول نحو تنحية السلالات الحاكمة المحلية وإقامة هيكل مركزي محكم.

المغول[عدل]

توختامش خان، جالس على عرش القبيلة الذهبية.

وفي الفترة نفسها، كانت هناك دولة تركية مغولية أخرى في المغول في بلاد ما وراء النهر برئاسة تيمورلنك تتوسع في المنطقة. أصبح تيمورلنك على رأس الدولة في عام 1370م، فقام بتوحيد القبائل التركية والمغولية المتناثرة في المناطق المحيطة بها. وفي عام 1378م، استولى تيمورلنك على إيران، ثم تبعها بالاستيلاء على أذربيجان والعراق.

وفي عام 1391م، انتصر على توختامش خان، رئيس القبيلة الذهبية، في معركة نهر كوندورشا، ضمن سلسلة من الحروب بينهما استمرت تسعة أعوام ما بين عام 1386م إلى عام 1395م. وفي معركة نهر تيريك عام 1395م، هزم مرةً أخرى جيش القبيلة الذهبية وأنهى حكمهم على روسيا.

ثم اتجه تيمور شرقًا واستولى على شمال الهند بأكمله في نهاية حملته الهندية عام 1399م، وبعد هذه الحملة اتجه غربًا مرةً أخرى واستولى على بغداد، فهرب قرة يوسف حاكم قبيلة قره قويونلو إلى الأناضول مع أحمد جلائر سلطان الدولة الجلائرية ولجئا إلى السلطان العثماني بايزيد الأول.

ونتيجةً لضغوط تيمورلنك، أعلنت الدولة المملوكية في مصر أنها خاضعة لتيمورلنك بالاسم. كان تيمورلنك الذي هيمن على إيران يهدف إلى إقامة سيادته الخاصة في الأناضول باعتباره وريث الدولة السلجوقية والدولة الإلخانية، ولم يكن هدف تيمورلنك الرئيسي هو إقامة دولة جديدة ودائمة، بل كان هدفه الأساسي هو كسب الغنائم والشهرة والرد على الإهانات والتحديات التي كانت تُوجَّه ضده، كما كان يهدف إلى إخضاع الدولة العثمانية لسيطرته.

مقدمات المعركة[عدل]

رحل تيمورلنك عن بغداد بعد أن دمرها وأمعن السلب والنهب فيها، وسار حتى نزل «قره باغ» فجعلها دكاً خراباً ثم قضى فيها شتاء 1399م-1400م، ومن بعدها انتقل إلى پاسنلر (بالتركية: Pasinler)‏، حيث لجأ إليه هناك أمراء الأناضول وطالبوه بمعاونتهم على استعادة الأراضي التي استولى عليها السلطان بايزيد الأول وضمها إلى الدولة العثمانية.

استمال تيمورلنك كلا من «قره يولوك عثمان باي» حاكم قبيلة «آق قويونلو» (قبيلة الأغنام البيضاء التركمانية)، و«مُطّهَرْتَن» حاكم إمارة إرزنجان بوعودٍ سياسية. وفي المقابل، لجأ إلى السلطان بايزيد الأول كلا من «قره يوسف بن محمد براني» حاكم قبيلة قره قويونلو (قبيلة الأغنام السوداء التركمانية) وحليفه السلطان «غياث الدين أحمد بن أويس جلائر» سلطان الجلائريين، هرباً من توغل تيمورلنك.

آق قويونلو وإرزنجان[عدل]

بيرق إمارة "بنو آرتين". ضمّ السلطان بايزيد الأول أراضي إمارة بنو آرتين إلى الدولة العثمانية بعد وفاة سلطانها القاضي أحمد برهان الدين.
خريطة تبيّن موقع إمارة بنو آرتين بشرق الأناضول.

خضعت مدينة إرزنجان والمناطق المحيطة بها إلى سلطة إمارة بنو آرتين (بالتركية: Eretna Beyliği)‏ وأصبحت إحدى ممتلكات الإمارة وضمن حدودها، وكانت تحت حكم «آخي عَينا باي» (بالتركية: Ahi Ayna Bey)‏ ثم پير حُسَيْن (بالتركية: Pir Hüseyin)‏ على التوالي. توفي الحاكم المُعَيَّن على المدينة پير حسين عام 1379م، فسيطر مُطّهَّرْتَن (بالتركية: Mutahharten)‏ من بعده على إرزنجان وضواحيها واستقل عن إمارة بنو آرتين وسكّ النقود باسمه وألقى الخطب.[16]

على الرغم من أن أصول مُطّهَّرْتَن مجهولة إلا أنه من المرجح أن أصوله تعود إلى أتراك الأوغوز ولعله كان أحد أقرباء أمير بنو آرتين.[17][18] وكان أتراك الأويغور يعملون كمسئولين حكوميين (بيروقراط) في الإمارات المنغولية. يُعرف مُطّهَّرْتَن أيضا باسم «تراطا» أو «طاهيرتِن».[19]

أعلن مُطّهَّرْتَن سنة 1380م-1381م استقلال إرزنجان عن إمارة بني آرتين خلال فترة خلو عرش بنو آرتين.[20] وجد مُطّهَّرْتَن نفسه في وضع حرج بعد أن أُعلن القاضي برهان الدين أميراً على إمارة بنو آرتين فأصبح محاطاً بالعديد من الأعداء، فبالإضافة إلى القاضي برهان الدين كان تتربص به أيضا إمبراطورية طرابزون ومملكة جورجيا وسلطنة آق قويونلو، فاعتمد سياسة المكائد لحماية استقلاليته.[16]

واجه مُطّهَّرْتَن أمير إرزنجان خطرا جديدا في عام 1387م، إذ أسس تيمورلنك المغولي الذي احتل غرب إيران معسكره في قره باغ وبدأ في التحضير لحملة عسكرية استكشافية إلى شرق الأناضول. عندما وصلت الأخبار تفيد بأن تيمورلنك قد وصل إلى أرضروم، أرسل الأمير مُطّهَّرْتَن عائلته إلى صديقه القاضي مالك أحمد بك في شبين قره‌ حصار (بالتركية: Şarkikarahisar أو Şebinkarahisar)‏. أرسل تيمورلنك رسولا إلى إرزنجان وطلب من مُطّهَّرْتَن طاعته فأجابه على الفور بأنه سيطيعه. استولى تيمورلنك على أخلاط (بالتركية: Ahlat)‏ وهبط على جانبي بحيرة ڤان.[16]

استمال تيمورلنك كلا من «قره يولوك عثمان باي» (؟ - 1435م)(بالتركية: Kara Yulük Osman Bey)‏ حاكم قبيلة «آق قويونلو» (قبيلة الأغنام البيضاء التركمانية) (بالتركية: Akkoyunlular)‏، و«مُطّهَرْتَن» حاكم إمارة إرزنجان (حُكم: 1379م-وفاة 1403م)(بالتركية: Mutahharten)‏ الذي كان يواجه الصعوبات بإمارته الصغيرة التي استقل بها عن إمارة بني آرتين، فانحازا له بعد أن قطع على نفسه وعوداً سياسية لهما.[16]

أرسل «مُطّهَّرْتَن» هدايا قيمة إلى تيمورلنك مع مبعوثيه خلال حملة تيمورلنك الغربية، [21] فطلب السلطان بايزيد الأول من «مُطّهَّرْتَن» أن يَخْضَعَ له مرة أخرى وأن يدفع له ضرائبه ويُعيد تبعيته للدولة العثمانية كما كان من قبل. وكان السلطان بايزيد الأول قد ضم أراضي إمارة بنو آرتين إلى الدولة العثمانية بعد وفاة سلطانها القاضي أحمد برهان الدين (1345م-1398م)(بالتركية: Kadı Burhâneddin)‏.

كان مُطّهَّرْتَن يدفع ضرائب إرزنجان للعثمانيين، فلما تحول إلى دفعها لتيمورلنك تحت حكمه في ذلك الوقت، تسبب ذلك في حدوث مزيد من الشقاق بين الحاكمين.[8]

خريطة تبين أراضي دولة قره قويونلو والجلائريين عام 1393م، اللتان قد انحازتا إلى السلطان بايزيد الأول عند اجتياح تيمورلنك لأراضيهما. أما بنو آرتين (على الخريطة) وآق قويونلو فلم تصطدما بتيمورلنك بل انحازتا إليه بعد أن قطع على نفسه وعوداً سياسية لهما.

قره قويونلو والجلائريين[عدل]

بيرق سلطنة الجلائريين. لجأ السلطان «غياث الدين أحمد بن أويس جلائر» سلطان الجلائريين إلى السلطان بايزيد الأول، هرباً من توغل تيمورلنك وسطوته.
خريطة تبيّن موقع سلطنة الجلائريين.

وفي المقابل، لجأ إلى السلطان بايزيد الأول كلا من «قره يوسف بن محمد براني» (1356م- 1420م)(بالتركية: Kara Yusuf)‏ حاكم قبيلة قره قويونلو (قبيلة الأغنام السوداء التركمانية) (بالتركية: Karakoyunlular)‏ وحليفه السلطان «غياث الدين أحمد بن أويس جلائر» (؟ - 1410م)(بالتركية: Sultan Ahmed Celâyirî)‏ سلطان الجلائريين، هرباً من توغل تيمورلنك غرباً وسطوته.

بيرق آق قويونلو(بالتركية: Ak Koyunlu)‏ وهو على شكل جسم خروف أقرن باللون الأبيض على خلفية زرقاء
بيرق قره قويونلو(بالتركية: Kara Koyunlu)‏ وهو على شكل رأس خروف أقرن باللون الأسود على خلفية زرقاء
انحازت آق قويونلو إلى تيمورلنك، بينما انحازت قره قويونلو إلى السلطان بايزيد الأول.

مراسلات تيمورلنك وبايزيد[عدل]

كتب تيمورلنك إلى بايزيد الأول أن يُخرج السلطان أحمد بن أويس جلائر وقره يوسف وإلا قصده بجيشه، فرد السلطان بايزيد الأول جوابه بلفظ خشن للغاية وأرسل إليه رسالة مهينة وقال أنه يعرف أن هذا القول يدفع تيمورلنك إلى مهاجمه بلاده؛ مما أثار تيمورلنك بشدة.

أراد تيمورلنك تسوية قضية الأناضول التي كانت تمثل خطرًا كبيرًا عليه، قبل أن يتوجه إلى الشرق بسبب وفاة الإمبراطور الصيني هناك. تلقى تيمورلنك تعزيزات عسكرية من قواته الموجودة في آسيا الوسطى، وأرسل بعض الطلبات لوضع مسؤولية الحرب على بايزيد من خلال المبعوث الذي أرسله من تبريز في 13 مارس 1402م. كان من بين طلبات تيمورلنك: عودة كيماه إلى مُطّهَّرْتَن، وعودة أراضي أمراء الأناضول التي فتحها السلطان بايزيد وضمها للدولة العثمانية إلى أولئك الأمراء، وقبول المخروط والحزام الذي سيرسله إليه أحد الأمراء كعلامة على تبعية السلطان بايزيد إلى تيمورلنك، وتسليم قره يوسف حاكم قره قويونلو. لم يقبل السلطان بايزيد أيًا من هذه العروض، فجمع تيمورلنك كل جيشه واتخذ إجراءاته لغزو الأناضول.[8]

حذر تيمورلنك بايزيد بأنه لم يهاجمه فقط لأن بايزيد كان منشغلا بقتال الصليبيين، وأنه يجب على بايزيد أن يعرف حدوده وألا يجبر نفسه على الحرب. بعث السلطان بايزيد الأول برسالة إلى تيمورلنك؛ ذكر له فيها «أنه كان دائما يريد قتال تيمورلنك وأنه إذا لم يأته تيمورلنك فسوف يذهب إليه بنفسه». تقدم تيمورلنك غرباً واستولى على قلعة سيواس الواقعة غرب أنقرة بحوالي 350 كيلومتر، ثم انتقل إلى سوريا. وفي الوقت نفسه تقدم بايزيد واستعاد إرزينجان وكيماه (بالتركية: Kemah)‏ من مُطّهَرْتَن ليعاقبه على انحيازه لتيمورلنك ويسترد تلك المناطق للدولة العثمانية، كما احتجز عائلته أيضا. فأرسل تيمورلنك إلى بايزيد يطالبه:

  • بتسليم قلعة كيماه ومحيطها إلى تيمورلنك
  • رهن أحد أبناء بايزيد عند تيمورلنك لضمان العهد
  • إعلان بايزيد خضوعه لتيمورلنك
  • إعادة أراضي إمارات الأناضول
  • وتسليم قره يوسف حاكم قره قويونلو وعائلته إلى تيمورلنك

رفض بايزيد هذه الطلبات بشدة، فتوجه تيمورلنك إلى قلعة كيماه واستولى عليها مرة أخرى عام 1402م.

أرسل السلطان بايزيد سفراءه العثمانيون في وقت لاحق إلى تيمورلنك بخطاب مُهين، لا يتوافق مع الممارسات الدبلوماسية. بعد أن قرأ تيمورلنك الخطاب تحدث مع السفراء محذراً: «النصيحة التي أُقدمها لبايزيد لا جدوى منها وأن على بايزيد، الذي لم يفِ بمطالبه، أن ينتظرني بصبر وأن يكون مستعدًا لانتقامي منه»، ولم يتخل تيمورلنك عن مطالبه السابقة التي أرسلها إلى السلطان بايزيد، وعندما علم أن بايزيد قد تحرك مع جيشه، قرر القتال.

حشد الجيوش[عدل]

تجهز السلطان بايزيد للخروج بالجيش لمواجهة تيمورلنك، فبدأ بعقد اتفاق مع الامبراطور البيزنطي مانويل الثاني باليولوجوس، تلاه برفع الحصار العثماني الذي كان السلطان قد ضربه على القسطنطينية منذ عام 1394م وحتى ذلك الحين من عام 1402م، لكي يتفرغ لمقارعة تيمورلنك.[8]

حشد السلطان بايزيد الأول جيوشه من المسلمين الترك والنصارى الصرب وطوائف التتر في مدينة بورصة عاصمة آسيا الوسطى، فلما تكامل جيشه سار نحو تيمورلنك لمحاربته.

كان الجيش العثماني يضم وحدات من الحرس النظامي للسلطان المُسمَّى قابيكولو (حرس باب القصر) (بالتركية: Kapıkulu)‏ الذي يشمل فيلق مشاة الانكشارية وفرسان سباهية القابيكولو، بالإضافة إلى الوحدات غير نظامية من سلاح الفرسان الثقيل السباهية، والمشاة غير النظاميين، ووحدات المتطوعين من مناطق البلقان،

وبالإضافة إلى القوات العثمانية نفسها والإنكشارية والصرب الموثوق بهم بقيادة الحاكم الصربي ستيفان لازاريڤيتش، كان جيش السلطان بايزيد يضم جنودًا من ولايات الأناضول الصغيرة التي كان قد ألغاها قبل عشر سنوات، وبعض وحدات فرسان التتار الذين كانوا في آسيا الصغرى منذ العهد المغولي.

استطاع تيمورلنك بالاعتماد على خبرة أسلافه الثرية أن يُنشئ جيشًا قويًّا متعدد الأعراق والمذاهب، وكانت نواته من الأتراك المحاربين البدو الرُّحَّل. وقد انقسم جيش تيمورلنك إلى سلاح الفرسان وسلاح المشاة، الذي ازداد دوره بشكل كبير في مطلع القرنين الرابع عشر والخامس عشر. ومع ذلك، كان الجزء الأكبر من الجيش يتألف من وحدات الفرسان الرحل، التي كان عمودها الفقري يتألف من وحدات النخبة من الفرسان المدججين بالسلاح، بالإضافة إلى مفارز من الحرس الشخصي لتيمورلنك. كان المشاة يلعبون دورًا مساعدًا في كثير من الأحيان، ولكنهم كانوا أساسيين في حصار الحصون. كان سلاح المشاة في الغالب خفيف التسليح ويتألف أساسًا من الرماة، ولكن كانت هناك أيضًا قوات مشاة ثقيلة التسليح من المشاة.

بالإضافة إلى الفروع الرئيسية للجيش كسلاح الفرسان الثقيل والخفيف، بالإضافة إلى سلاح المشاة، كان جيش تيمورلنك يضم مفارز من العمال والمهندسين ووحدات هندسية عسكرية مسؤولة عن تركيب الجسور على الممرات المائية لتمكين الجيوش من عبورها، وغيرهم من المتخصصين، بالإضافة إلى وحدات مشاة خاصة متخصصة في العمليات القتالية في الظروف الجبلية تم تجنيدهم من سكان القرى الجبلية. كان تنظيم جيش تيمورلنك يتوافق بشكل عام مع التنظيم العشري لجنكيز خان، ولكنه أضفا بعض التغييرات، فكانت هناك وحدات يتراوح عددها من 50 إلى 300 رجل، كما كان عدد الوحدات الأكبر حجماً متغيراً أيضاً.

كان السلاح الرئيسي لسلاح الفرسان الخفيف، مثل سلاح المشاة، هو القوس. استخدمت الفرسان الخفيفة أيضاً السيوف أو السيوف والفؤوس. كان الفرسان المسلحون تسليحًا ثقيلًا يرتدون الدروع ذات السلاسل التي غالبًا ما تكون معززة بصفائح معدنية، وكانوا محميّين بخوذات ويقاتلون بالسيوف بالإضافة إلى الأقواس والسهام التي كانت منتشرة على نطاق واسع. أما المشاة العاديون فكانوا مسلحين بالأقواس، بينما كان المشاة الثقيلون يقاتلون بالسيوف والفؤوس والصولجان وكانوا محميين بالدروع والخوذات والدروع.

أرسل تيمور جواسيسه إلى التتار الذين مع بايزيد الأول، قبل وصوله، يقول لهم: نحن جنس واحد، وهؤلاء تركمان ندفعهم من بيننا، ويكون لكم أرض الروم عوضا لكم، فانخدعوا له ووعدوه بأن يكونوا معه عند التقاء الجيشين، وكانوا يعرفون كيف يُكافئ تيمورلنك قادتَهُ.

الطريق إلى المعركة[عدل]

سار السلطان بايزيد الأول بعساكره قاصداً أن يلقى تيمور خارج سيواس، تاركا معسكره الحصين بالقرب من أنقرة، يريد أن يرد تيمورلنك عن عبور أراضي دولته، ولم يُرِدِ السلطان بايزيد الأول أن يترك تيمورلنك يعيث فساداً في أراضي دولته بالسلب والنهب في مدنه. كما أنه كان يخشى من ثورة الأقاليم المسيحية في البلقان إن هو أطال الغياب عنها.

سلك تيمورلنك طريقا غير الطريق الذي سلكه بايزيد الأول واختار الطريق الأطول، ومشى في أرض غير مسلوكة، ودخل البلاد العثمانية، ونزل بمعسكر بايزيد الأول بالقرب من أنقرة وضرب الحصار حولها. فلم يشعر بايزيد الأول إلا وقد نُهبت بلاده، فقامت قيامته وكر راجعاً، وقد بلغ منه ومن عسكره التعب مبلغاً أوهن قواهم، وكلّ خيولهم، وأنهكهم عطشاً مما جعل موقف الجيش العثماني باعثا على اليأس.

تعداد الجيشين[عدل]

مال الكثير من المؤرخين إلى الإفراط في أعداد المقاتلين من الجيشين، فيذكر العالم جروسيه ان حوالي مليون مقاتل اشتركوا في المعركة. ويذكر شيتلتبرجر الذي عاصر هزيمة المسيحين في نيقوپوليس وانتقل إلى خدمة العثمانيين، أن جيش بايزيد الأول كان حوالي مليون وأربعمائة ألف مقاتل وأن تيمورلنك كان يفوقه بمائتي ألف مقاتل إلا أن هذه الرواية مستبعدة، وأكثر الأرقام اعتدالا حسب رأي المستشرقين والمؤرخين الأوروبيين هي حوالي 200,000 ألف لكل جانب، ويستند اصحاب هذا الرأي إلى أن القوات التي تزيد عن هذه الأرقام لا يمكنها التحرك عبر الأناضول بالسهولة التي تحرك بها الجيشين، ولكن هناك رواية ذكرها المؤرخ الدكتور تامر بدر في كتابه «قادة لا تنسى» أن جيش تيمورلنك كان تعداده أربعة اضعاف الجيش العثماني وأن الكفة كانت مرجحة لجيش تيمورلنك من قبل بدء المعركة وتكون من 800,000 ضد 120,000 مقاتل فقط.

تذكر المصادر العثمانية أن القوة الصربية التي شاركت العثمانيين كانت قرابة 20,000 شخص، وأن جيش تيمورلنك بلغ 160,000 وبه 30 فيلاً، بينما كان الجيش العثماني 70,000 أو 90,000 رجلا.[8]

وبجمع المصادر المختلفة، فقد تراوحت تقديرات حجم جيش تيمورلنك ما بين 140,000 - 800,000 رجلا، وجيش بايزيد في المقابل ما بين 70.000 - 300.000 رجلا.

المعركة[عدل]

مُخطط معركة أنقرة يُوضح تموضع الجيشان العُثماني والمغولي قبل اندلاع القتال بينهما، وأبرز المعالم الطبيعيَّة والمُستوطنات البشريَّة في المنطقة.

التقى الجيشان في سهل تشوبوك شمال شرقي مدينة أنقرة، ولم يرد بايزيد أن ينتظر حتى يأخذ الجيش راحته ويحصل على الماء، فأسند قيادة الجناح الأيمن إلى صهره ديسپوت صربيا ستيفان لازاريڤيتش وفرسانه المدرعين، وأسند الجناح الأيسر إلى ابنه سليمان چلبي على رأس قوات من مقدونيا وآسيا الصغرى. أما السلطان بايزيد فتولى بنفسه قيادة قواته من الانكشارية وفرسان السپاهيّة المدرعة، ووضع بعض الفرسان في الاحتياط.

بداية المعركة[عدل]

اتخذ الجيشان تشكيل المعركة في سهل تشوبوك في صبيحة يوم 20 أو 28 يوليو 1402م، ودقت طبول الجيشين معلنة بداية القتال واستمرت محتدمة حتى الغسق. كان بجيش تيمورلنك حوالي 30 فيلا من الهند بالصفوف الامامية واستعمل الفريقان سلاح النار الإغريقية.

بدأ القتال بهجوم جيش تيمورلنك بالنبل ورمي السهام على الجناح الأيسر للجيش العثماني، فصدَّت فرسان سپاهية الروملي العثمانية ذلك الهجوم الأول.

خيانة التتار السود[عدل]

مُنمنمة مغوليَّة هنديَّة تُصوِّر المعركة الحاسمة بين المغول والعُثمانيين على تُخُوم مدينة أنقرة بِقلب الأناضول.

كانت فرقة «التتار السود» (بالتركية: Kara Tatarlar)‏ إحدى المكونات القتالية في الجيش العثماني، وهم مجموعة عرقية من أصول تتارية كانت تعيش بين جبال ألتاي بوسط آسيا والبحر الأسود، وهم شعب تركي ظهر في الأناضول عن طريق الاختلاط بين الأويغور والقرغيز والتتار وبعض المغول.

أطلق الصينيون اسم «طاطا» (تتار) على كل المجتمعات الناطقة باللغة المنغولية، وقسَّموا هذه القبائل المنغولية إلى ثلاث مجموعات: «التتار البيض» (بالتركية: Ak Tatarlar)‏ وهم الذين كانوا يعيشون بالقرب من سور الصين العظيم وكانوا أكثر أنواع التتار تحضرا، و«التتار السود» وهم الذين كانوا يعيشون حياة البداوة والتنقل والترحال، ثم «التتار البَرِّيُّون» (بالتركية: Yabani Tatarlar)‏ وهم الذين كانوا يعيشون على الصيد في البرّية.[22]

ارتحلت قبائل «التتار السود» المنغولية واستقرت في الأناضول بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر لغرض الغزو والفتوحات ومعهم أتراك آسيا الوسطى الذين جاءوا معهم.[22]

وضع السلطان بايزيد فرقة «التتار السود» على الجناح الأيسر للجيش العثماني الذي كان يقوده ابنه سليمان چلبي، وكانوا قد أضمروا الخيانة من قبل بدء المعركة. وأثناء القتال، انقلب «التتار السود» وانحازوا إلى تيمورلنك، وهاجموا ميسرة الجيش العثماني من الخلف أثناء اشتباكهم مع جيش تيمورلنك من جهة الأمام.[8]

شارك مُطّهَرْتَن حاكم إمارة إرزنجان في المعركة في المجموعة اليمنى من الطابور المركزي المغولي التي كان يقودها تيمورلنك بنفسه، ومكّن التتار السود الذين كانوا بجانب السلطان بايزيد على ميسرته من الانتقال إلى جانب تيمورلنك، وتسبب في تفرق جنود الروملي.[16]

خيانة جنود إقليم الأناضول[عدل]

في وقت لاحق، قام جنود الدولة التابعون لبكوات الأناضول (بالتركية: Eyalet askerleri)‏ بتغيير موقفهم أيضًا وأظهروا خيانتهم وانحازوا إلى جانب تيمورلنك أيضا، ففقد الجيش العثماني بذلك قوات الميمنة أيضا.

مغادرة قوات عثمانية ساحة المعركة[عدل]

وبعد خسارة كلا الجناحين، وحَّد الجيش العثماني ما تبقى من قواته في الوسط وأصبحوا فرقة واحدة.

ولكن حدث أن غادر كلا من الصدر الأعظم علي باشا الجاندرلي وأغا الإنكشارية «حسن آغا» الجيش العثماني في وسط المعركة مع قواتهما بدون صدور أوامر لهما، بعدما رأوا الغلبة ظاهرة للجيش المغولي وتعداده.

وغادر ساحة المعركة أيضاً أبناء السلطان بايزيد: سليمان چلبي ومحمد چلبي وعيسى چلبي مع قواتهم.

مغادرة سليمان چلبي بن بايزيد[عدل]

شعار ستيفان لازاريڤيتش، ديسپوت الصرب وصهر السلطان بايزيد الأول. كان أحد الأسباب التي دفعت ستيفان إلى الوفاء بالتزاماته التابعة للسلطان بايزيد ومشاركته بقواته الصربية في معركة أنقرة 1402م هو الرغبة في الحفاظ على قوة التحالف الصربي-العثماني تحت ضغط مملكة المجر الذي بدأ يلوح في الأفق. والسبب الآخر هو أن أوليڤيرا دسپينة خاتون أخت ستيفان كانت متزوجة من السلطان بعد معركة قوصوة مباشرة عام 1389م كاتفاقية سلام بين عائلة لازاريفيتش والإمبراطورية العثمانية. [23][24][25]

عندما علم ستيفان لازاريڤيتش بحرج موقف سليمان چلبي بن بايزيد، أرسل إليه فرسانه من أجل تأمين انسحابه، فرجع إلى مدينة بورصة بباقي عسكره تاركا ميدان المعركة.

مغادرة محمد چلبي بن بايزيد[عدل]

كان محمد چلبي بن السلطان بايزيد والذي سيصبح بعد سنوات السلطان محمد الأول، قد تولى قيادة قوات الحرس الخلفي في المعركة، وبسبب هذه المهمة، كان من بين أول من نجا من هزيمة معركة أنقرة بعدد قليل من الضحايا. إذ أنه لمّا رأى تداعي الجيش العثماني تحت وطئة الخيانات، خرج بقواته من ساحة المعركة ليجنبهم المهلكة ولم يصل إليه جيش تيمورلنك.

توحيد قلب الجيش العثماني[عدل]

توالت الخيانات والانسحابات من ساحة القتال تعصف بالجيش العثماني وفي القلب منه السلطان يلدرم بايزيد الصاعقة.

بعد أن فقد السلطان بايزيد كلا الجانبين، الميمنة والميسرة، وحّد قوات الجيش العثماني المتبقية في الوسط وأصبح فرقة واحدة مقابل جيش تيمورلنك ولم يبق في القتال إلا قلب الجيش العثماني بقيادة السلطان بايزيد الأول في نحو خمسة آلاف فارس من الانكشارية وفرسان السپاهية.

استمرت المعركة طوال اليوم حتَّى الغروب، ولم يصمد مع بايزيد إلَّا فرقة الإنكشاريَّة البالغ عدد أفرادها حوالي عشرة آلاف جُندي، والصرب، رغم التفوق العددي للجيش المغولي.

شجاعة السلطان بايزيد[عدل]

ثبت السلطان بايزيد بمن معه حتى أحاطت به عساكر تيمورلنك، وعندها صدمهم صدمة هائلة بالسيوف والأطبار حتى أفنوا من جنود تيمورلنك أضعافهم. واستمر القتال بينهم من ضحى يوم الأربعاء إلى العصر.

واصل السلطان بايزيد الحرب رغم أنه كان معه 3,000 شخص بحسب المصادر العثمانية، [8] وعند الغروب، اخترق السلطان بايزيد الأول دائرة العدو بقواته المتبقية وخرج من حصارهم، وتقدم حتى وصل إلى قرية «محمود أوغلان» (بالتركية: Mahmutoğlan)‏ التابعة لإقليم تشوبوك وتبعد حوالي 16 كيلومترًا عن ساحة المعركة، إلا أن فرسه أُصيبت إصابة قاتلة فوقع في الأسر على نحو ميل من مدينة أنقرة، في يوم الأربعاء السابع والعشرين من ذي الحجة سنة أربع وثمانمائة (27 ذي الحجة 804 هـ) بعد أن قُتل أغلب عسكره بالعطش، إذ كانت المعركة في فصل الصيف، بشهر يوليو/تموز.

عندما تعثر حصان السلطان وسقط عنه، أسره السلطان محمود جغاتاي، آخر سلاطين خانية جغتاي الغربية المغولية وكان تابعا لجيش تيمورلنك.

نهاية المعركة[عدل]

مطاردة سليمان چلبي[عدل]

أرسل تيمورلنك قوة لتعقب سليمان چلبي الذي توجه إلى بورصة عاصمة العثمانيين، ولكن عندما وصل جيش تيمورلنك إلى مدينة بورصة كان سليمان قد غادرها، فاكتفى تيمورلنك بإحراق ونهب تلك المدينة التجارية الكبرى وانتشرت قوات تيمورلنك في مناطق الأناضول تمعن فيها السلب والنهب.

أحرق تيمورلنك الأرشيف العثماني الذي كان يحوي تفاصيل السلاطين العثمانيين السابقين، كما حاول هدم الجامع الكبير بها «أولو جامع» فأضرم فيه النار وخَرَّب الواجهات الخارجية ولم يتم إصلاح أو إعادة إعمار الجامع إلا بعد 19 عاماً، بعد انتهاء عهد الفترة العثماني، وظل الجامع قائما حتى اليوم.

نهب المدن العثمانية[عدل]

بعد انتهاء المعركة، نهب الجيش التيموري العديد من المدن العثمانية، وأسروا عائلة السلطان بايزيد التي كانت في العاصمة بورصة، وأعاد تيمورلنك الأراضي التي فتحها السلطان بايزيد إلى بكوات إمارات الأناضول وانهارت الوحدة السياسية في الأناضول. ثم قسّم الأراضي المتبقية بين الأمراء العثمانيين ليضمن تفرقهم.

بعد وفاة السلطان بايزيد[عدل]

توفي السلطان بايزيد الأول في 8 مارس 1403 في مدينة آق شهير، ثم نُقل جثمانه ليُدفن لاحقاً في مدينة بورصة، عاصمة الدولة العثمانية.

وهكذا، دخلت الإمبراطورية العثمانية في فترة فراغ من السلطة اسمها "عهد الفترة العثماني" (بالتركية: Interregnum)‏ حيث تفرقت الدولة العثمانية وتنازعها أكثر من أمير، واستمر الحال 11 عاماً إلى أن استطاع محمد چلبي بن السلطان بايزيد إعادة توحيد الدولة العثمانية في كيان واحد عام 1413م.

تقلصت حدود الدولة العثمانية باستثناء جوروم وأماسية وتوقاد، إلى حدودها خلال فترة السلطان أورخان غازي جدّ السلطان بايزيد الأول. وبسبب حملات تيمور العسكرية في الأناضول والمناطق المحيطة بها، تعطل تدفق التجارة في الأناضول. تولت البندقية وجنوة التجارة البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط، بينما كان الهيكل الديموغرافي للأناضول يتغير جزئيًا بهجرة سكانها إلى أرض الروملي والبلقان.

مآلات المعركة[عدل]

صورة تخيلية لسفير قشتالة: روي غونزاليس دي كلافيخو. نقش من القرن التاسع عشر.
مخطوطة رحلة جونزاليس دي كلافيجو. "حياة وأفعال تيمورلنك العظيم".

بعد الانتصار تلقى تيمورلنك التهنئة من ملوك إنجلترا وفرنسا وقشتالة. وقام سفير قشتالة روي غونزاليس دي كلافيخو (بالإسبانية: Ruy González de Clavijo)‏ برحلة طويلة إلى سمرقند عاصمة دولة تيمورلنك، ووصفها بالتفصيل فيما بعد في أوروپا.

إكمال غزو الأناضول[عدل]

بعد تفكك القوات العثمانية في المعركة نتيجة الخيانات المتتابعة للّحاق بتيمورلنك، قام أمراء ينتمون إلى تيمورلنك بإكمال غزو الأناضول بأكملها لصالحه. فاستولت قوات تيمورلنك على آسيا الصغرى بأكملها.

تقلص الدولة العثمانية[عدل]

أدت الهزيمة إلى انهيار الدولة العثمانية، ورافقها اقتتال داخلي بين أبناء السلطان بايزيد، وتقلصت حدود الدولة العثمانية إلى حدود عهد السلطان أورخان غازي بن عثمان غازي بن أرطغرل، ثاني سلاطين الدولة العثمانية، باستثناء تشوروم (بالتركية: Çorum)‏ وأماسية (بالتركية: Amasya)‏ وتوكات (بالتركية: Tokat)‏.

تعطل التجارة في الأناضول[عدل]

تعطلت حركة التجارة في الأناضول بسبب حملات تيمورلنك في الأناضول والمناطق المجاورة. واستولت البندقية وجنوة على التجارة البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط.

تغير البنية الديموغرافية للأناضول[عدل]

تغيرت البنية الديموغرافية للأناضول جزئياً، حيث هاجر السكان غرباً إلى الروملي والبلقان.

حاكم الصرب[عدل]

بعد أن عاد ستيفان لازاريڤيتش إلى صربيا مع الجنود المتبقين حصل من الإمبراطور على لقب ديسپوت الصرب (الحاكم) وهو المنصب الثاني في الحُكم بعد منصب الإمبراطور.

الإمبراطورية البيزنطية[عدل]

منحت هزيمة الأتراك بيزنطة، التي كانت قد خسرت كل أراضيها تقريباً، فرصة استفادة الإمبراطور يوحنا السابع باليولوجوس من رفع الحصار العثماني المضروب على القسطنطينية منذ سنوات، فقام باستعادة الساحل الأوروبي لبحر مرمرة وسالونيك مرة أخرى، فانخفض تدفق المستوطنين الأتراك بعد انتقال ساحل بحر مرمرة إلى بيزنطة نتيجة للضعف المؤقت للدولة العثمانية وتفتتها.

وفي المقابل، تقدمت القبائل التركمانية المحتشدة في آسيا الصغرى تحت ضغط المغول إلى بحر إيجة، فحرموا المسيحيين اليونانيين هناك من ميزة الكثرة الديموغرافية في المنطقة. ففي عشية المعركة، بدأ الأتراك بالعبور هاربين إلى أوروپا عبر غاليبولي الخاضعة للسيطرة العثمانية منذ عام 1352م، مما أدى إلى زيادة عدد السكان في وادي نهر ماريتسا وتراقيا، ولجأ الكثير منهم إلى العاصمة العثمانية آنذاك أدرنة (عاصمة العثمانيين منذ عام 1365م) الواقعة هناك.

تسبب نزوح الأتراك المسلمون غربا بعد الهزيمة وتحت الضغط العسكري لتيمورلنك إلى انعزال القسطنطينية اليونانية عن مجموعة الأمم المسيحية المجاورة، حيث وجدت القسطنطينية نفسها محاطة من جميع الجهات بسكان غالبيتهم من الأتراك ولم يُترك لها أي فرصة للحفاظ على استقلالها.

التنامي الإسلامي في تراقيا[عدل]

سرَّع غزو تيمورلنك من تتريك تراقيا البلقانية وإضفاء الطابع الإسلامي عليها بسبب نزوح الأتراك المسلمون إليها بعد هزيمة الدولة العثمانية.

ملاحظات[عدل]

المراجع[عدل]

  1. ^ Facts On File, Incorporated (2009). Encyclopedia of the Peoples of Africa and the Middle East. Infobase Publishing. ص. 31. ISBN:9781438126760. مؤرشف من الأصل في 2020-12-09.
  2. ^ Yaşar Yüce; Ali Sevim (1991). Türkiye tarihi (بالتركية). İstanbul: AKDTYKTTK Yayınları. Vol. 1. p. 226.
  3. ^ ا ب Nicolle 1983، صفحة 29.
  4. ^ Creasy 1878، صفحة 47.
  5. ^ "معلومات عن معركة أنقرة على موقع id.loc.gov". id.loc.gov. مؤرشف من الأصل في 2019-12-13.
  6. ^ "معلومات عن معركة أنقرة على موقع d-nb.info". d-nb.info. مؤرشف من الأصل في 2019-12-13.
  7. ^ "معلومات عن معركة أنقرة على موقع universalis.fr". universalis.fr. مؤرشف من الأصل في 2017-04-27.
  8. ^ ا ب ج د ه و ز ح ط "ANKARA SAVAŞI". TDV İslâm Ansiklopedisi (بالتركية). Archived from the original on 2022-09-22. Retrieved 2022-11-24.
  9. ^ ʻInāyat Khān, Muḥammad Ṭāhir Āšnā ʿInāyat Ḫān (1990). The Shah Jahan Nama of 'Inayat Khan: An Abridged History of the Mughal Emperor Shah Jahan, Compiled by His Royal Librarian: the Nineteenth-century Manuscript Translation of A.R. Fuller (British Library, Add. 30,777. Oxford University Press. ص. 11–17.
  10. ^ "السلطان مراد ثالث سلاطين الدولة العثمانية". موقع ترك بريس التركي. مؤرشف من الأصل في 07 يناير 2017. اطلع عليه بتاريخ 5/10/2018. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  11. ^ فريد بك، مُحمَّد؛ تحقيق: الدُكتور إحسان حقّي (1427هـ - 2006م). تاريخ الدولة العليَّة العُثمانيَّة (ط. العاشرة). بيروت - لُبنان: دار النفائس. ص. 135. مؤرشف من الأصل (pdf) في 9 مايو 2019. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  12. ^ Dimitri Kantemir (çev. Özdemir Çobanoğlu), (1979) Osmanlı İmparatorluğunun Yükseliş ve Çöküş Tarihi, C.1 Ankara
  13. ^ Feridun Bey, Münşeattü's Selâtin, İstanbul, Hicri. 1274-1275
  14. ^ أوزتونا، يلماز؛ ترجمة: عدنان محمود سلمان (1431هـ - 2010م). موسوعة تاريخ الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة السياسي والعسكري والحضاري، المُجلَّد الأوَّل (ط. الأولى). بيروت - لُبنان: الدار العربيَّة للموسوعات. ص. 100. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  15. ^ Uzunçarşılı 1998.
  16. ^ ا ب ج د ه "MUTAHHARTEN BEYLIGI". www.enfal.de. مؤرشف من الأصل في 2020-08-08. اطلع عليه بتاريخ 2022-11-19.
  17. ^ http://www.rehberim.net/forum/tarih-cograyfa-418/62140-beylikler.html نسخة محفوظة 2020-09-28 على موقع واي باك مشين.
  18. ^ Beylikler نسخة محفوظة 03 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  19. ^ History of Kemah district (بالتركية) نسخة محفوظة 08 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  20. ^ Prof.Yaşar Yücel-Prof Ali Sevim:Türkiye tarihi I, AKDTYKTTK Yayınları, 1991, pp 260-310
  21. ^ ŞAHBAZ، Mehibe؛ TAŞKIRAN، Hasan (9.06.2020). "Timur Dönemi Hediye ve Hediyeleşme". DergiPark (ط. Yıl: 2020 Cilt:20 Sayı:1 e-ISSN 2564-6427). Çukurova Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi. مؤرشف من الأصل في 13 نوفمبر 2022. اطلع عليه بتاريخ 11.11.2022. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= و|تاريخ= (مساعدة)
  22. ^ ا ب "TATARLAR". TDV İslâm Ansiklopedisi (بالتركية). Archived from the original on 2022-05-22. Retrieved 2022-11-24.
  23. ^ "معلومات عن أوليفيرا ديسبينا على موقع viaf.org". viaf.org. مؤرشف من الأصل في 2016-09-07.
  24. ^ "معلومات عن أوليفيرا ديسبينا على موقع id.loc.gov". id.loc.gov. مؤرشف من الأصل في 2019-12-09. {{استشهاد ويب}}: |archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)
  25. ^ "معلومات عن أوليفيرا ديسبينا على موقع aleph.nkp.cz". aleph.nkp.cz. مؤرشف من الأصل في 2019-12-09.
  • سبع معارك فاصلة في العصور الوسطى تأليف جوزيف داهموس.