سليم الثاني: الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[نسخة منشورة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط بوت: تعريب V2.0
سطر 44: سطر 44:
قام ابنه السلطان "سليم الثاني" ببناء ضريح ومجمع للتعليم الديني في المكان الذي دفنت فيه أعضاء والده، وظلت مباني الضريح والمجمع قائمة لمدة 150 عاماً، إلى أن خرجت المنطقة عن سيطرة العثمانيين، ومن ثم تعرضت للتخريب.
قام ابنه السلطان "سليم الثاني" ببناء ضريح ومجمع للتعليم الديني في المكان الذي دفنت فيه أعضاء والده، وظلت مباني الضريح والمجمع قائمة لمدة 150 عاماً، إلى أن خرجت المنطقة عن سيطرة العثمانيين، ومن ثم تعرضت للتخريب.
يذكر أن سليم الثاني أعطى العديد من سلطاته لوزرائه، وعندما امتنع عن إعطاء العطايا للجنود أظهروا العصيان وعدم إطاعتهم لأوامر قادتهم فاضطر إلى العطاء، ويرى البعض أنه لولا هيبة الدولة في السابق وقوة وزيره [[محمد باشا الصقلي]] الذي غدا يدير البلاد من خلف الكواليس لسقطت الدولة وكان مما أقدم عليه أن عقد صلحًا مع [[النمسا]] يعترف فيه بأملاكها في [[المجر]] مقابل دفع [[جزية]] سنوية للسلطنة.
يذكر أن سليم الثاني أعطى العديد من سلطاته لوزرائه، وعندما امتنع عن إعطاء العطايا للجنود أظهروا العصيان وعدم إطاعتهم لأوامر قادتهم فاضطر إلى العطاء، ويرى البعض أنه لولا هيبة الدولة في السابق وقوة وزيره [[محمد باشا الصقلي]] الذي غدا يدير البلاد من خلف الكواليس لسقطت الدولة وكان مما أقدم عليه أن عقد صلحًا مع [[النمسا]] يعترف فيه بأملاكها في [[المجر]] مقابل دفع [[جزية]] سنوية للسلطنة.

<nowiki>=حقيقة ادمانه الخمر=</nowiki>

'''لا شك أن السلطان "سليم الثاني" كان -حتى عهده- أقل السلاطين العثمانيين كفاءة، فلم يكن كأحد من أجداده في القوة والحزم والصرامة في تطبيق الأوامر الشرعية، ولكن هذا لا يستوجب تصديق كل ما قيل في حقه، مثل أنه كان مخنسًا أو زانيًا أو سكيرًا وخلاصة المسألة كالآتي:'''

'''1- عندما كان الأمير سليم واليًا على سنجق "مغنضيا" لم يعش مع الأسف حياة مستقيمة مثل السلاطين العثمانيين الآخرين، وذلك بتأثير الجو المحيط به والذي أستغل شبابه. كان من ناحية الخلق هادئ وحليم، وكان أول سلطان نستطيع القول إنه لم يكن يبلغ كعب أسلافه من أجداده، وانقطعت به سلسلة الدهاة، وبدأ عهد لا تُرى فيه سوى بعض اللمعات من حين لآخر. وهو أول سلطان ولد في إسطنبول وتوفى بها، كما أنه أول سلطان لا يخرج على رأس الجيش الذاهب إلى القتال، وكان يحيط نفسه بالموسيقيين والرسامين، وكان يعيش حياة لهو وطرب.'''

'''هناك مؤرخون موثقون يذكرون بأنه حاول اقتراف بعض الآثام، ولكنه مثل غيره من السلاطيين العثمانيين لم يقترف جريمة شرب الخمر، ولا دليل موجود يثبت هذا، والادعاءات في هذا الخصوص غير صحيحة. قام برفع الحظر الذي فرضه والده السلطان سليمان القانوني على أستيراد الخمر الذي كان يتناوله غير المسلمين، كما أباح لغير المسلمين إعادة فتح خمارتهم، ونكرر هنا بأن هذا كان خاصًا لغير المسلمين فقط، وكان والده قد سد هذه الخمارات بعدما بلغته الأخبار بارتياد بعض الشباب المسلمين لهم سرًا.'''

'''2- لذا وبسبب من صفاته هذه يصح القول بأن الدولة العثمانية دخلت في عهده فترة الركودة والتوقف؛ لأن  جميع  الأسباب والعوامل التي تؤدي لاضمحلال الدول كالاستبداد والرشوة والجهل بدأت تظهر في عهده، غير أن وقوف رجال العلم من عهد السلطان سليمان أما الجهل كوقوف رجال دولة محنكين من أمثال "صوقوللو محمد پاشا" أمام الرشوة، ووجود فقهاء مشهورين من الذين كانوا يقبضون على القضاء من أمثال العالِم أبي السعود أفندي، الذين كانوا يشكلون سدًا جزئيًا أمام الاستبداد، كل هذه العوامل كانت سببًا في عدم ظهور النتائج المرة بوضوح في عهده.'''

'''وهناك علماء ورجال دولة من أمثال "قوجي بك" يرون أن عهد الركود بدأ منذ أواخر عهد السلطان سليمان القانوني، وهذا صحيح؛ لأن الزيادة غير الطبيعية في كوادر الدولة وتسليم بعض الوظائف الكبيرة لغير الأكفاء، وغير ذلك من الأمور السلبية بدأت في أواخر عهد سليمان. ويُمثل "رَستم پاشا" أفضل مثال على هذا، ودوره المعروف في إثارة الفتن بين الأمراء -راجع قصة قتل سليمان لابنه مصطفى- دليل على ما نقول. يقول "قوجي بك": "كما هو معلوم للحضرة السلطانية، فإن الدولة العثمانية بلغت أوج قوتها وغناها في عهد المرحوم المغفور له السلطان سليمان خان، وإن العوامل الباعثة على الاختلال ظهرت في عهده، ولكن لكون الدولة في أوج قوتها، لم تظهر للعيان آنذاك. بل بدأت بالظهور قبل بضع سنوات".'''

'''وعلى الرغم من كل هذا، واستمرارًا للجهود السابقة، تم فتح جزيرة قبرص، واستسلمت موسكو، وألحقت اليمن بالدولة العثمانية، كما أن القوانين التي نظمت ووضعت في عهده تشير إلى سرعة الرقي لم تكن قد أنقطعت تمامًا. يقول المؤرخ الروماني والموسيقي ورجل الدولة "ديميتري كانتمير" -وهو من أعداء الدولة العثمانية- حول السلطان سليم الثاني، بسبب كونه أكثر السلاطين العثمانيين تعرضًا للإشاعات: "مثلما كان يحب مجالسة العلماء، كان يعرف كيف يقضي أوقات أنس مع مهرجيه، ومع هذا كان يؤدي صلواته الخمس بانتظام، وهناك مؤرخون يذكرون بأنه كان ينزوي في أماكن خاصة في القصر بحجة الاعتكاف والعبادة، حيث يقوم بمعاقرة الخمر والتلذذ بلذائذ الدنيا، وهذا غير صحيح وليس إلا نتيجة محاولة من هؤلاء المؤرخين للتزلف إلى قرائهم وإيهامهم أنهم يقدمون لهم معلومات جديدة، والحقيقة أن السلطان سليم كان يبدو متدينا جدًا".'''

'''إذن بناء على ما سبق وبناء على شهادة عدو للدولة -والحق ما شهدت به الأعداء- تُكشف لنا الشخصية الحقيقة للسلطان سليم الثاني، دون تحامل أو دفاع. '''

لو كان السلطان سليم الثاني سكيرا لعزل من منصبه كما عزل عض السلاطين من قبله وبعده فمؤسسات مثل شيخ الاسلام والقضاء كانت مستقلة تماما عن السلطة وفتوى من شيخ الاسلام كفيلة بطيران راس السلطان من مكانه.

وكذلك الانكشارية لم يكونوا ليسكتوا عن مجون السلطان وكان لهم دور كبير في عزل السلاطين بل وقتل بعضهم.

فسلطة الحاكم بالدولة العثمانية كانت محدودة بالشرع الاسلامي وليست مطلقة وكانت مؤسسات شيخ الاسلام والقضاء والانكشارية تعمل كجهاز رقابي على افعال السلطان وبصلاحيات واسعة.

ان اغلب نقاد عهد السلطان سليم الثاني انما بسبب معركة ليبانتو التي انتهت بهزيمة الاسطول العثماني ولكن كانت تلك معركة من بين سلسلة معارك كثيرة حدثت في عهده انتهت اغلبها بالنصر المؤزر ولقد تم تدارك الهزيمة واعادة بناء اسطول عثماني عد الأضخم في ذلك العصر وتم تحرير تونس من الاحتلال الصليبي وتم تطهير البحر المتوسط من السفن الصليبية وفي عهده توسعت مساحة الدولة وبني جامع السليمية في ادرنة أجمل الجوامع العثمانية واعلاها ارتفاعا.

== العلاقات مع فرنسا ==
== العلاقات مع فرنسا ==
[[ملف:16th century copy of the 1569 Capitulations between Charles IX and Selim II.jpg|thumb|صورة عن الامتيازات العثمانية للملك الفرنسي تشارلز التاسع.]]
[[ملف:16th century copy of the 1569 Capitulations between Charles IX and Selim II.jpg|thumb|صورة عن الامتيازات العثمانية للملك الفرنسي تشارلز التاسع.]]

نسخة 18:30، 14 يونيو 2017

سليم الثاني
Tughra of Selim II.JPG
Tughra of Selim II.JPG
سليم الثاني (1524م-1574م)

الحكم
عهد توسع الدولة العثمانية
اللقب السلطان 11
لقب2 خليفة المسلمين
التتويج 1566
العائلة الحاكمة آل عثمان
السلالة الملكية العثمانية
معلومات شخصية
الاسم الكامل سليم الثاني بن سليمان الأول بن سليم الأول
الميلاد 28 مايو 1524(1524-05-28)
إسطنبول، الدولة العثمانية
الوفاة 15 ديسمبر 1574 (50 سنة) (50 عاما)
إسطنبول، الدولة العثمانية
مكان الدفن اسطنبول
الإقامة قصر طوب قابي  تعديل قيمة خاصية (P551) في ويكي بيانات
مواطنة الدولة العثمانية  تعديل قيمة خاصية (P27) في ويكي بيانات
الزوجة نوربانو سلطان
العشير نوربانو سلطان  تعديل قيمة خاصية (P451) في ويكي بيانات
الأولاد
الأب سليمان القانوني
الأم خُرَّم سلطان
إخوة وأخوات
الحياة العملية
المهنة حاكم  [لغات أخرى]‏  تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات
الطغراء
 
سليم الثاني (1524 - 1574)

السلطان سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد الأول جلبي بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل (930 هـ/ 28 مايو 1524 م-982 هـ/ 12 (توضيح) /15 ديسمبر1574 م) هو السلطان العثماني الحادي عشر. فترة حكم السلطان سليم الثاني(1566م - 1574م)

يعتقد أن النشاط المبكر لوالدته خُرَّم سلطان، الزوجة الثانية والأثيرة للقانوني، كان وراء وصول سليم إلى عرش السلطنة؛ حيث تُتهم بالتورط في إسقاط الصدر الأعظم إبراهيم باشا الموالي لولي العهد الشرعي مصطفى وحياكة المؤامرات التي أدت إلى إعدام الأخير، فيما خلت الساحة العثمانية لسليم إثر وفاة شقيقه الأكبر محمد والأصغر جهانكير، وإعدام شقيقه الذي تمرد على تعيينه وليًا للعهد بايزيد[1]

فاتحة عهده

قام الصدر الأعظم محمد باشا الصقلي بإخفاء موت الخليفة القانوني خوفاً من ثورة الانكشارية حتى تسلم سليم الثاني الحكم، كان ضعيفًا غير متصف بما يؤهله للحفاظ على فتوحات أبيه وضبط الداخلية، فبدأ سليم الثاني سلطنته، بالتوجه فورا إلى إسطنبول حيث جلس على العرش العثماني، بعدها توجه إلى الجبهة النمساوية، فقابل الجيش العثماني العائد من انتصاره على النمساويين يتقدمه نعش العاهل العظيم السلطان سليمان القانوني، وسلم الصدر الأعظم محمد باشا الصقلي على سليم الثاني بسلام السلطنة، وفي صحراء سيرم خارج بلغراد، بايع الجيش العثماني وريث العرش، بعدها أدى السلطان الجديد وخلفه الجيش صلاة الميت للقانوني ثم نادى خواجه سلطاني "عطاء الله أفندي" مربي سليم الثاني في الجيش قائلا: «الصلاة للميت»، وأقام الصلاة، ،يذكر أن القانوني الذي توفي بعد حصار مدينة "سيكتوار" بالمجر في السابع من سبتمبر عام 1566، قد أوصى بدفن جثمانه في "إسطنبول" ولتحقيق وصيته، تم استخراج أعضائه الداخلية بما فيها القلب ودفنها في "سيكتوار"، وتحنيط جثمانه ليتحمل الطريق إلى "إسطنبول" حيث دفن هناك، ثم قام السلطان "سليم الثاني" ببناء ضريح ومجمع للتعليم الديني في المكان الذي دفنت فيه أعضاء والده. انطلق الجيش في موكب جنائزي تحيطه ذكرى سليمان القانوني بالهيبة والوقار، وفي مدينة إسطنبول أقيمت مراسم جنائزية ضخمة تليق بالقانوني، وكان لافتا اشتراك الآلاف من أهالي مدينة إسطنبول في حمل جثمان السلطان الراحل إلى مدفنه بمسجد السليمانية عرفانا بالعدل الذي أسبغه على رعيته طوال عهده الطويل. قام ابنه السلطان "سليم الثاني" ببناء ضريح ومجمع للتعليم الديني في المكان الذي دفنت فيه أعضاء والده، وظلت مباني الضريح والمجمع قائمة لمدة 150 عاماً، إلى أن خرجت المنطقة عن سيطرة العثمانيين، ومن ثم تعرضت للتخريب. يذكر أن سليم الثاني أعطى العديد من سلطاته لوزرائه، وعندما امتنع عن إعطاء العطايا للجنود أظهروا العصيان وعدم إطاعتهم لأوامر قادتهم فاضطر إلى العطاء، ويرى البعض أنه لولا هيبة الدولة في السابق وقوة وزيره محمد باشا الصقلي الذي غدا يدير البلاد من خلف الكواليس لسقطت الدولة وكان مما أقدم عليه أن عقد صلحًا مع النمسا يعترف فيه بأملاكها في المجر مقابل دفع جزية سنوية للسلطنة.

=حقيقة ادمانه الخمر=

لا شك أن السلطان "سليم الثاني" كان -حتى عهده- أقل السلاطين العثمانيين كفاءة، فلم يكن كأحد من أجداده في القوة والحزم والصرامة في تطبيق الأوامر الشرعية، ولكن هذا لا يستوجب تصديق كل ما قيل في حقه، مثل أنه كان مخنسًا أو زانيًا أو سكيرًا وخلاصة المسألة كالآتي:

1- عندما كان الأمير سليم واليًا على سنجق "مغنضيا" لم يعش مع الأسف حياة مستقيمة مثل السلاطين العثمانيين الآخرين، وذلك بتأثير الجو المحيط به والذي أستغل شبابه. كان من ناحية الخلق هادئ وحليم، وكان أول سلطان نستطيع القول إنه لم يكن يبلغ كعب أسلافه من أجداده، وانقطعت به سلسلة الدهاة، وبدأ عهد لا تُرى فيه سوى بعض اللمعات من حين لآخر. وهو أول سلطان ولد في إسطنبول وتوفى بها، كما أنه أول سلطان لا يخرج على رأس الجيش الذاهب إلى القتال، وكان يحيط نفسه بالموسيقيين والرسامين، وكان يعيش حياة لهو وطرب.

هناك مؤرخون موثقون يذكرون بأنه حاول اقتراف بعض الآثام، ولكنه مثل غيره من السلاطيين العثمانيين لم يقترف جريمة شرب الخمر، ولا دليل موجود يثبت هذا، والادعاءات في هذا الخصوص غير صحيحة. قام برفع الحظر الذي فرضه والده السلطان سليمان القانوني على أستيراد الخمر الذي كان يتناوله غير المسلمين، كما أباح لغير المسلمين إعادة فتح خمارتهم، ونكرر هنا بأن هذا كان خاصًا لغير المسلمين فقط، وكان والده قد سد هذه الخمارات بعدما بلغته الأخبار بارتياد بعض الشباب المسلمين لهم سرًا.

2- لذا وبسبب من صفاته هذه يصح القول بأن الدولة العثمانية دخلت في عهده فترة الركودة والتوقف؛ لأن  جميع  الأسباب والعوامل التي تؤدي لاضمحلال الدول كالاستبداد والرشوة والجهل بدأت تظهر في عهده، غير أن وقوف رجال العلم من عهد السلطان سليمان أما الجهل كوقوف رجال دولة محنكين من أمثال "صوقوللو محمد پاشا" أمام الرشوة، ووجود فقهاء مشهورين من الذين كانوا يقبضون على القضاء من أمثال العالِم أبي السعود أفندي، الذين كانوا يشكلون سدًا جزئيًا أمام الاستبداد، كل هذه العوامل كانت سببًا في عدم ظهور النتائج المرة بوضوح في عهده.

وهناك علماء ورجال دولة من أمثال "قوجي بك" يرون أن عهد الركود بدأ منذ أواخر عهد السلطان سليمان القانوني، وهذا صحيح؛ لأن الزيادة غير الطبيعية في كوادر الدولة وتسليم بعض الوظائف الكبيرة لغير الأكفاء، وغير ذلك من الأمور السلبية بدأت في أواخر عهد سليمان. ويُمثل "رَستم پاشا" أفضل مثال على هذا، ودوره المعروف في إثارة الفتن بين الأمراء -راجع قصة قتل سليمان لابنه مصطفى- دليل على ما نقول. يقول "قوجي بك": "كما هو معلوم للحضرة السلطانية، فإن الدولة العثمانية بلغت أوج قوتها وغناها في عهد المرحوم المغفور له السلطان سليمان خان، وإن العوامل الباعثة على الاختلال ظهرت في عهده، ولكن لكون الدولة في أوج قوتها، لم تظهر للعيان آنذاك. بل بدأت بالظهور قبل بضع سنوات".

وعلى الرغم من كل هذا، واستمرارًا للجهود السابقة، تم فتح جزيرة قبرص، واستسلمت موسكو، وألحقت اليمن بالدولة العثمانية، كما أن القوانين التي نظمت ووضعت في عهده تشير إلى سرعة الرقي لم تكن قد أنقطعت تمامًا. يقول المؤرخ الروماني والموسيقي ورجل الدولة "ديميتري كانتمير" -وهو من أعداء الدولة العثمانية- حول السلطان سليم الثاني، بسبب كونه أكثر السلاطين العثمانيين تعرضًا للإشاعات: "مثلما كان يحب مجالسة العلماء، كان يعرف كيف يقضي أوقات أنس مع مهرجيه، ومع هذا كان يؤدي صلواته الخمس بانتظام، وهناك مؤرخون يذكرون بأنه كان ينزوي في أماكن خاصة في القصر بحجة الاعتكاف والعبادة، حيث يقوم بمعاقرة الخمر والتلذذ بلذائذ الدنيا، وهذا غير صحيح وليس إلا نتيجة محاولة من هؤلاء المؤرخين للتزلف إلى قرائهم وإيهامهم أنهم يقدمون لهم معلومات جديدة، والحقيقة أن السلطان سليم كان يبدو متدينا جدًا".

إذن بناء على ما سبق وبناء على شهادة عدو للدولة -والحق ما شهدت به الأعداء- تُكشف لنا الشخصية الحقيقة للسلطان سليم الثاني، دون تحامل أو دفاع. 

لو كان السلطان سليم الثاني سكيرا لعزل من منصبه كما عزل عض السلاطين من قبله وبعده فمؤسسات مثل شيخ الاسلام والقضاء كانت مستقلة تماما عن السلطة وفتوى من شيخ الاسلام كفيلة بطيران راس السلطان من مكانه.

وكذلك الانكشارية لم يكونوا ليسكتوا عن مجون السلطان وكان لهم دور كبير في عزل السلاطين بل وقتل بعضهم.

فسلطة الحاكم بالدولة العثمانية كانت محدودة بالشرع الاسلامي وليست مطلقة وكانت مؤسسات شيخ الاسلام والقضاء والانكشارية تعمل كجهاز رقابي على افعال السلطان وبصلاحيات واسعة.

ان اغلب نقاد عهد السلطان سليم الثاني انما بسبب معركة ليبانتو التي انتهت بهزيمة الاسطول العثماني ولكن كانت تلك معركة من بين سلسلة معارك كثيرة حدثت في عهده انتهت اغلبها بالنصر المؤزر ولقد تم تدارك الهزيمة واعادة بناء اسطول عثماني عد الأضخم في ذلك العصر وتم تحرير تونس من الاحتلال الصليبي وتم تطهير البحر المتوسط من السفن الصليبية وفي عهده توسعت مساحة الدولة وبني جامع السليمية في ادرنة أجمل الجوامع العثمانية واعلاها ارتفاعا.

العلاقات مع فرنسا

صورة عن الامتيازات العثمانية للملك الفرنسي تشارلز التاسع.

تم تجديد المعاهدات مع بولونيا وفرنسا، واتفقت فرنسا مع الدولة العثمانية على تعيين هنري دي فالوا شقيق ملك فرنسا شارلز التاسع ملكا على بولونيا (مملكة بولندا) فأصبحت تلك البلاد تحت الوصاية الفعلية للدولة العثمانية حتى عهد مراد الثالث الذي جعلها وصاية رسمية تحت حكم والي البغدان، وتسيدت فرنسا التجارة في البحر الأبيض المتوسط وبدأت ترسل إرساليات مسيحية كاثوليكية إلى رعاياها في الدولة العثمانية لا سيما في الشام، وبذلك بدأ العمل ضد العثمانيين من الداخل وتربية النصارى على الارتباط بفرنسا، ومما يجدر ذكره أن الفرنسيين بدؤوا يظهرون مطامعهم في الشمال الإفريقي مستغلين نتيجة معركة ليبانتو، حيث قاموا بتقديم طلب لدى السلطنة العثمانية للسماح لفرنسا ببسط نفوذها على الجزائر بحجة حماية الإسلام والمسلمين مقابل مبلغ مالي تدفعه فرفض الخليفة ذلك ووافق بعد إلحاح على إعطائهم امتيازات تجارية.

الأعمال الحربية

كما جهز محمد باشا الصقلي حملة عسكرية لفتح أستراخان التي وقعت تحت سيطرة الروس بقيادة إيفان الرهيب وأخذوا يقطعون طرق التجارة والحج على أهل خوارزم وسمرقند وبخارى وما حولهم من المناطق، وكانت خطة العثمانيين تقضي بجعل أستراخان قاعدة عسكرية عثمانية للحماية من الروس وإيقاف طموحاتهم التوسعية وحفر قنا تربط بين نهري الدون والفولجا مما يسمح للبحرية العثمانية بالنفاذ إلى بحر قزوين، كما أن احتلال أستراخان سيوفر طريقا مفتوحا لغزو شاه الفرس من الشمال بدلا من الخوض من جهة جبال أذربيجان الوعرة. تمكن الجيش من حفر ثلث القناة المخطط لها حتى جاء فصل الشتاء مما جعل العمل يتوقف. استعمل العثمانيون سفنا صغيرة محملة بالمدافع للهجوم على أستراخان لكن دون نجاح حقيقي، وبشكل عام تمكنت الحملة من وضع حد لتقدم الروس مؤقتا. لكنها لم تنجح في حسم الصراع الذي سيصبح فيما بعد أحد أسباب ضعف وسقوط الدولة .

محاولة استعادة الأندلس

قام بكلربيك "سيد أسياد" الجزائر أولوج علي باشا بإرسال العتاد والسلاح والمؤونة لمسلمي الأندلس، وكان يتصل بهم سرا على الرغم من كل التضييق الذي لحق بهم، كما رتب معهم للقيام بثورة عارمة في البلاد مستغلا انشغال قوات الإسبان بالحرب المستعرة في الأراضي المنخفضة (هولندا)، وفي وقت محدد من تلك السنة تجمع 40 مركبا جزائريا مقابل السواحل الإسبانية لإمداد أهل الأندلس بالجند والسلاح والمؤن، لكن انكشاف أحد رجال الثورة الأندلسيين جعل الإسبان متيقظين لنقاط الإنزال التي ستعمد إليها السفن العثمانية، فصد الإسبان معظم محاولات أولوج علي باشا، ومما زاد من مشاكلات هذا النزاع العواصف والأعاصير التي حدثت في البحر المتوسط في ذلك الوقت من السنة مغرقة 32 سفينة جزائرية.

على الرغم مما سلف ذكره من الأهوال فقد تمكن قلج علي من إنزال 4000 جندي وكمية كبيرة من السلاح بالإضافة إلى عدد من الخبراء العسكريين العثمانيين لتولي مهمة القيادة البرية على الجبهة الأندلسية، وكاتب دار الخلافة قلج علي يأمره أن يستمر في دعم مسلمي الأندلس بكل همة، واستمر قلج علي يرسل كل ما يستطيع من من مساعدات إلى الأندلس وعزم على الذهاب بنفسه إليها ولكن دنو موعد معركة ليبانتو الشهيرة جعل القيادة العثمانية تأمره بالامتناع عن ذلك للمشاركة في المعركة.

معركة ليبانتو

تم في عهده فتح قبرص التابعة للبنادقة آنذاك، كما غزت البحرية العثمانية جزر كريت وظنته وغيرها بدون أن تحتلها واحتلت مدينتين على ساحل البحر الأدرياتيكي، فتوجس أهل البندقية الخوف على أراض إيطاليا ونفوذ البندقية فعقد البابا حلفا بين إسبانيا والبندقية وجنوى ورهبان جزيرة مالطة، فشكلوا أسطولا من 231 سفينة هاجمت العثمانيين الذين قابلوا هذا الحلف ب300 سفينة، وعلى الرغم من مشورة القادة العثمانيين بالتحصن في خليج إحدى الجزر إلا أن القائد الأعلى مؤذنزاده علي باشا صمم على ملاقاة عدوه في مياه البحر بقرب الساحل، وانتصر الحلفاء، فقتل مؤذنزاده علي باشا في صراع بين سفينته وسفينة دون جون قائد القوى المتحالفة وغنمت رايته العثمانية المطرزة بالذهب، وقتل وأسر العديد من نخبة البحارة المسلمين بالإضافة إلى استيلائهم على 300 مدفع عثماني، وخطب بابا الفاتيكان بهذه المناسبة وشكر دون جون على نصره، وكان هذا النصر نقطة تحول وتفاؤل لدى الأوروبيين حيث حظيت البحرية العثمانية بصيت أنها لا تهزم.

لوحة لمعركة ليبانتو في متحف الفاتيكان.

أما في الجانب العثماني فقد تمكن قائد الميسرة أولوج علي باشا (بكلربيك الجزائر) من الاستيلاء على راية سفن رهبان مالطا والحفاظ على عدد كبير من السفن التي كانت معه، وعند عودته إلى إسطنبول لقبه السلطان بالسيف ورقاه إلى منصب قائد القوات البحرية (قبودان باشا)، أما محمد باشا الصقلي فدأب يعيد بناء الأسطول البحري بكل ما أوتي من قوة وهمة مستغلا صعوبة الإبحار في فصل الشتاء، وتبرع سليم الثاني بجزء من قصره لتحويله إلى مكان تبنى فيه السفن وأنفق بسخاء من ماله الخاص ولم يقم بجمع أية أموال إضافية من مواطني الدولة التي كانت تنعم برخاء عجيب في تلك الفترة، وفي أقل من سنة تم تشييد 250 سفينة جديدة، فارتعدت البندقية من الخبر مما جعلها توافق على دفع غرامة حربية للخلافة العثمانية قدرها 300 ألف دوكا بالإضافة إلى التنازل عن جزيرة قبرص لا سيما بسبب الخلافات التي دبت بين قادة الحلفاء بعد نصرهم مما أدى تفرقهم، ولم تتجرأ أية أمة غربية على منازلة البحرية العثمانية في تلك السنة.

كان من نتائج معركة ليبانتو تخلي العثمانيين عن مشروع استعادة الأندلس كما يجدر بالذكر أن تأثير هذه الموقعة البحرية الهامة في التاريخ كان بخسارة العثمانيين لعدد كبير من خبرائهم البحريين مما صعب عليهم تعويضه فيما بعد، وظهر ذلك جليا على البحرية العثمانية لاحقا.

فتح تونس والحملة على اليمن

صدرت أوامر الخليفة بتخليص تونس من الإسبان الذين احتلوا تونس عام (980هـ) فانطلق وزير الحربية سنان باشا بجيشه الذي قدم بحرا من إسطنبول مع عدد كبير من القطع البحرية العثمانية لنجدة أهل تونس واستمر حصار المسلمين للإسبان حتى انسحبت القوات الإسبانية وتراجعت إلى جصن منيع جدا عرف باسم البستيون فحوصر الحصن حصارا شديدا حتى افتتحه، وكان سنان باشا يشارك جنده مبادرا حيث راح يشارك في أبسط الأعمال كحمل الأتربة والحجارة، حتى إذا تعرف عليه أحد ضباط الجند قال له: ما هذا أيها الوزير؟ نحن إلى رأيك أحوج منا إلى جسمك، فقال له سنان: لاتحرمني من الثواب.

أرسل الصدر الأعظم محمد باشا الصقلي جيشا كبير وأمر عليه عثمان باشا لردع ثورة في اليمن بإمرة المطهر بن شرف الدين، فدعمه سنان باشا وزير الحرب ووالي مصر بكل ما استطاع جمعه من الأفراد والمواطنين المسلمين في مصر فقضى على الثورة عام 976 هـ، وكانت اليمن من الأهمية لدى الخلافة أنها درع أمام تقدم البرتغاليين إلى الحجاز وقاعدة لضرب نفوذ البرتغاليين في البحر الأحمر والمحيط الهندي.

وفاته

فيما يشير المؤرخون الغربيون إلى أن وفاة السلطان سليم الثاني تعود إلى إفراطه في تناول الخمر، يذكر المؤرخون المسلمون أنه قضى نحبه بعد انزلاق قدمه أثناء استحمامه في قصر طوب قابي، إذ توفي بعد ذلك بأيام (يوم 15 ديسمبر 1574) متأثرًا بنزيف دماغي[2].

يعد سليم الثاني أول سلطان عثماني يولد في إسطنبول، وكذلك أول من يموت فيها منهم، كما أنه أول سلطان قعد عن قيادة الحملات، إذ رغم تلقيه تعليمًا رفيعًا إلا أنه ترك أمور الدولة إلى صهره ووزيره الأول الصدر الأعظم سوكولو محمد باشا، ومع هذا وقف سليم بذكاء ضد الكثير من قرارات وزيره الأول كما عارض بعضها[2].

و رغم ارتباط المشروبات بشخصيته، و أطلاق اسم "سليم السكيّر" عليه ، فإن السلطان سليم الثاني حظي بمميزات، مثل تواضعه وإدراكه لمصلحة الدولة، و"شاعريته المشهورة"[2].

انظر أيضا

مصادر

  • إسلام أون لاين.
  • كتاب الدولة العلية العثمانية للأستاذ محمد فريد بك المحامي
  • كتاب الدولة العثمانية أسباب السقوط وعوامل النهوض للأستاذ علي محمد الصلابي

مراجع

  1. ^ أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية (عدنان محمود سلمان). المجلد الأول. (1988). ط1.
  2. ^ أ ب ت أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية (عدنان محمود سلمان). المجلد الأول. (1988). ط1. مؤسسة فيصل للتمويل، تركيا، إسطنبول. ص 381-383.