انتقل إلى المحتوى

جان تاتلوك: الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط بوت: أضاف قالب:روابط شقيقة
لا ملخص تعديل
وسوم: مُسترجَع المحرر المرئي: تبديل وصلات صفحات توضيح
سطر 1: سطر 1:
{{Redirect|أوبينهايمر|فيلم|أوبنهايمر (فيلم){{!}}''أوبينهايمر'' (فيلم)|مَعَانٍ أخرى}}
{{يتيمة|تاريخ =يوليو 2023}}
{{صندوق معلومات شخص}}
{{صندوق معلومات عالم
|الاسم = ج. روبرت أوبينهايمر
|الصورة = Oppenheimer (cropped).jpg
|حجم الصورة =
|بديل = صورة شخصية تظهر الوجه والأكتاف
|التعليق = أوبينهايمر، حوالي 1944م
|لغة الاسم الأصلي = الإنجليزية
|الاسم الأصلي = J. Robert Oppenheimer
|اسم الولادة = جوليوس روبرت أوبينهايمر
|تاريخ الولادة = {{birth date|1904|4|22}}
|مكان الولادة = [[نيويورك|مدينة نيويورك]]، الولايات المتحدة.
|تاريخ الوفاة = {{death date and age|1967|2|18|1904|4|22}}
|مكان الوفاة = [[برينستون (نيو جيرسي)|برينستون]]، [[نيوجيرسي]]، الولايات المتحدة.
|سبب الوفاة = [[سرطان الرأس والعنق|سرطان الحنجرة]]
|الجنسية = الأمريكية
|المجال = [[فيزياء نظرية|الفيزياء النظرية]]
|أماكن العمل = {{قائمة بسيطة|
* [[جامعة كاليفورنيا (بركلي)|جامعة كاليفورنيا في بيركلي]]
* [[معهد كاليفورنيا للتقنية]]
* [[مشروع Y|منشأة لوس ألاموس]]
*[[معهد الدراسات المتقدمة]]}}
|التخرج = {{قائمة بسيطة|
* [[جامعة هارفارد]] ([[بكالوريوس الآداب|بكالوريوس]])
* [[كلية المسيح، كامبريدج]]
* [[جامعة غوتينغن]] ([[دكتور في الفلسفة|دكتوراه]])}}
|مشرف الدكتوراه = [[ماكس بورن]]
|طلاب الدكتوراه = {{قائمة مخفية
| عنوان = {{nobold|''افْتَح القائمة''}}
| {{قائمة بسيطة|
* [[روبرت إف كريستي|روبرت كريستي]]
* [[ديفيد بوم]]
* [[سيندني دانكوف]]
* [[ليزلي لورنس فولدي|ليزلي فولدي]]
* [[ستان فرانكل]]
* [[ويليس لامب]]
* [[هارولد لويس]]
* [[فيليب موريسون]]
* [[أرنولد نوردسيك]]
* [[برنارد بيترز]]
* [[ميلبا فيليبس]]
* [[هارتلاند سنايدر]]
* [[جورج فولكوف]]
* [[جوزيف واينبيرغ]]
* [[سيغفريد أدولف واتهاوسين|سيغفريد واتهاوسين]]}}
}}
|عنوان الأطروحة = Zur Quantentheorie kontinuierlicher Spektren
|وصلة الأطروحة = https://worldcat.org/title/71902137
|سنة الأطروحة = 1927
|اشتهر بـ ={{قائمة بسيطة|
* [[سلاح نووي|القنبلة الذرية]]
* [[نموذج أوبينهايمر-سنايدر]]
* [[معادلة تولمان-أوبينهايمر-فولكوف]]
* [[حد كتلة توف|نهاية تولمان-أوبينهايمر-فولكوف]]
* [[عملية أوبنهايمر-فيليبس]]
* [[تقريب بورن-أوبنهايمر]]}}
|الجوائز = {{قائمة بسيطة|
* [[ميدالية الاستحقاق]] (1946)
* [[جائزة إنريكو فيرمي]] (1963)}}
|الزوج = {{زواج |[[كاثرين أوبنهايمر|بكاثرين ("كيتي") بيونينغ]]|1940}}
|التوقيع = J Robert Oppenheimer signature.svg
|أولاد = 2
| أنسباء = [[فرانك أوبنهايمر|فرانك أوبينهايمر]] (أخ)}}


'''ج. روبرت أوبينهايمر''' ([[اللغة الإنجليزية|بالإنجليزية]]: J. Robert Oppenheimer، عاش فترة: 22 إبريل 1904م - 18 فبراير 1967م) المولود باسم '''جوليوس روبرت أوبينهايمر''' ([[اللغة الإنجليزية|بالإنجليزية]]: Julius Robert Oppenheimer) كان عالم [[فيزياء نظرية]] أمريكي ومدير [[مشروع Y|منشأة لوس ألاموس]] ضمن [[مشروع مانهاتن]] خلال [[الحرب العالمية الثانية]]. وكثيرًا ما يُطْلَق عليه لقب "أبو [[سلاح نووي|القنبلة الذرية]]".
جان '''فرانسيس تاتلوك''' (21 فبراير 1914-4 يناير 1944) طبيبة نفسية وطبيبة عامة أمريكية. هي عضو في الحزب الشيوعي للولايات المتحدة الأمريكية، ومراسلة، وكاتبة في منشور حزب العامل الغربي. معروفة أيضًا بعلاقتها الرومانسية مع جاي. روبرت أوبنهايمر، مدير مختبر لوس ألاموس التابع لمشروع مانهاتن خلال الحرب العالمية الثانية.


وُلِد في [[نيويورك|مدينة نيويورك]]، وحصل على درجة [[بكالوريوس الآداب|البكالوريوس]] في الكيمياء من جامعة هارفارد عام 1925م وأكمل الدراسات العليا في الفيزياء وحصل على الدكتوراه من [[جامعة غوتينغن]] في ألمانيا عام 1927م بإشراف [[ماكس بورن]]. وبعد إجراءه أبحاثًا في معاهد أخرى، انضم إلى قسم الفيزياء في [[جامعة كاليفورنيا (بركلي)|جامعة كاليفورنيا في بيركلي]] حيث أصبح أستاذًا متفرغًا بدوام كامل في 1936م. وكانت له مساهمات بازرة في الفيزياء النظرية، بما في ذلك إنجازات في [[ميكانيكا الكم]] و[[فيزياء نووية|الفيزياء النووية]]، ومن أهم تلك الإنجازات كان تطوير [[تقريب بورن-أوبنهايمر]] الذي يُسَهِّل حساب [[دالة موجية|الاقترانات الموجية]] للجزيئات، بالإضافة إلى الدراسات النظرية في [[إلكترون|الإلكترونات]] و[[بوزيترون|البوزترونات]]، و[[عملية أوبنهايمر-فيليبس]] المتعلقة [[انشطار نووي|بالانشطار النووي]]، وعمله في بداية مسيرته على [[نفق ميكانيكا الكم|النفق الكمومي]]. وبالتشارك مع طلابه، قَدَّم أوبينهايمر مُسَاهَمَات في نظرية [[نجم نيوتروني|النجوم النيوترونية]] و[[ثقب أسود|الثقوب السوداء]]، و[[نظرية الحقل الكمومي]]، وتَفَاعُلَات [[أشعة كونية|الأشعة الكَوْنِيَّة]].
هي ابنة جون سترونغ بيري تاتلوك، عالم فقه اللغة الإنجليزية القديم البارز والخبير في جيفري تشوسر، خريجة كلية فاسار وكلية الطب بجامعة ستانفورد، حيث درست لتصبح طبيبة نفسية. بدأت تاتلوك في مواعدة أوبنهايمر في عام 1936، عندما كانت طالبة دراسات عليا في جامعة ستانفورد، وكان أوبنهايمر أستاذًا للفيزياء في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. نتيجة لعلاقتهما وعضويتها في الحزب الشيوعي، وضعها مكتب التحقيقات الفيدرالي تحت المراقبة وتنصت على هاتفها.


وفي 1942م، وٌظِّف أوبينهايمر للعمل في [[مشروع مانهاتن]]، وفي 1943م، جرى تعيينه مديرًا [[مشروع Y|لمنشأة لوس ألاموس]] التابعة للمشروع والواقعة في ولاية [[نيومكسيكو]] الأمريكية، وكانت مُهِمَّة العاملين في هذه المنشأة هي تطوير أول [[سلاح نووي|أسلحة نووية]] في العالم. وكانت قيادته وخبرته العِلْمِيَّة أساسًا في نجاح المشروع. وفي 16 يوليو 1945م، كان أوبينهايمر موجودًا لمراقبة أول اختبار للقنبلة الذرية الذي أُطْلِق عليه اسم [[ترينيتي (اختبار نووي)|ترينيتي]]. وفي أغسطس 1945م، اسْتُخْدِمَت الأسلحة النووية ضد اليابان من خلال [[القصف الذري على هيروشيما وناجازاكي|قصف هيروشيما وناغازاكي]]، وهو الاستخدام الوحيد للأسلحة النووية في حرب مُسَلَّحَة.
عانت من الاكتئاب وانتحرت في 4 يناير 1944.


وفي 1947م، أصبح أوبينهايمر مدير [[معهد الدراسات المتقدمة]] في مدينة [[برينستون (نيو جيرسي)|برينستون]] في ولاية [[نيوجيرسي]]، كما أصبح رئيس الجنة الاستشارية العامة [[هيئة الطاقة الذرية الأمريكية|لهيئة الطاقة الذرية الأمريكية]] المُنْشأة حديثًا وقتها. ومارس ضغطًا سياسيًّا لِفَرْض رقابة على [[طاقة نووية|الطاقة النووية]] لاجتناب [[انتشار الأسلحة النووية]] وكذلك لاجتناب حصول [[سباق التسلح النووي|سباق تَسَلُّح نووي]] مع [[الاتحاد السوفيتي|الاتحاد السوفييتي]]. وعَارَض تطوير [[قنبلة هيدروجينية|القنبلة الهيدروجينية]] خلال النقاش الحكومي الذي دار في فترة 1949-1950م حول ذلك، بل وأيَّد تطوير المنظومات والتدابير الدفاعية من الهجمات النووية بدلًا من ذلك، مما أثار غضب بعض أطراف الحكومة الأمريكية والجيش من أوبينهايمر. وخلال أحداث [[مكارثية|الخوف الأحمر الثاني]]، أَدَّت مواقف أوبينهايمر مُجْتَمِعَة مع ارتباطاته السابقة [[الحزب الشيوعي الأمريكي|بالحزب الشيوعي الأمريكي]] إلى إلغاء تصريحه الأمني بعد خضوعه إلى [[جلسة الاستماع الأمنية لأوبنهايمر|جلسات استماع أمنية عام 1954م]]. أدى ذلك إلى إنهاء وصوله إلى الأسرار الذرية الحكومية ما قاد إلى إنهاء مسيرته المهنية كَعَالِم فيزياء نووية. كما جَرَّدَه ذلك من تأثيره السياسي، ولكن أوبينهايمر استمر في إعطاء المحاضرات والكتابة والعمل في الفيزياء. وفي 1963م، مُنِح [[جائزة إنريكو فيرمي]] كبادرة حكومية [[إعادة اعتبار سياسي|لإعادة اعتباره السياسي]]. وتوفي بعد 4 سنوات من ذلك بعدما شُخِّص [[سرطان الرأس والعنق|بسرطان الحنجرة]]. وفي 2022م، أَبْطَلَتْ الحكومة الأمريكية قرار إلغاء التصريح الأمني لأوبينهايمر الذي صدر سنة 1954م بعد جلسات الاستماع.
== الرومانسية مع أوبنهايمر ==
كافحت تاتلوك مع حياتها الجنسية،<ref>Streshinsky and Klaus, ''An Atomic Love Story'', pp. 76, 104.</ref> وكتبت في وقت ما لصديق «كانت هناك فترة اعتقدت فيها أنني [[مثلية جنسية|مثلية الجنس]]. ما زلت، بطريقة ما، مجبرةً على تصديق ذلك، لكن حقًا، منطقيًا، أنا متأكدة من أنني لا أستطيع أن أكون بسبب عدم رجولتي».<ref>Streshinsky and Klaus, ''An Atomic Love Story'', p. 68.</ref> بدأت في مواعدة روبرت أوبنهايمر في عام 1936، عندما كانت طالبة دراسات عليا هناك وكان أوبنهايمر أستاذًا للفيزياء في بيركلي.<ref>Bird and Sherwin, ''American Prometheus'', p. 105</ref> التقيا من خلال صاحبة المنزل، ماري إلين واشبورن، التي كانت أيضًا عضوًا في الحزب الشيوعي، عندما عقدت واشبورن حملة لجمع التبرعات للجمهوريين الإسبان المدعومين من الشيوعية. بدآ المواعدة وكانت بينهما علاقة عاطفية، تقدم لها مرتين لكنها رفضت.<ref>Streshinsky and Klaus, ''An Atomic Love Story'', p. 118.</ref><ref name="Herken-P-29">Herken, ''Brotherhood of the Bomb'', p. 29.</ref> يُنسب إليها الفضل في تقديم أوبنهايمر للسياسة الراديكالية خلال أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين،<ref>Bird and Sherwin, ''American Prometheus'', p. 114.</ref> وللأشخاص المشاركين أو المتعاطفين مع الحزب الشيوعي أو الجماعات ذات الصلة، مثل رودي لامبرت وتوماس أديس.<ref name="Herken-P-29" /> استمرا في رؤية بعضهما البعض بعد زواجه من كيتي هاريسون في 1 نوفمبر 1940. أمضى أوبنهايمر وتاتلوك العام الجديد معًا في عام 1941، والتقيا مرة في فندق مارك هوبكنز في سان فرانسيسكو.<ref>Streshinsky and Klaus, ''An Atomic Love Story'', pp. 131, 138.</ref>


و على الرغم من دعوة أوبينهايمر المستمرة للسلام عامة وللسلام النووي خاصة وكذلك دعوته للابتعاد عن سباقات التسلح النووي في العالم، إلا أنه دعم تطوير [[إسرائيل وأسلحة الدمار الشامل|برنامج التسلح النووي الإسرائيلي]]، وكانت بداية ذلك سنة 1947م أي قبل تأسيس دولة [[إسرائيل|الاحتلال الإسرائيلي]]، وذلك حينما التقى به [[حاييم وايزمان]] -الذي أصبح فيما بعد أول رئيس إسرائيلي- في مدينة [[برينستون (نيو جيرسي)|برينستون]] في ولاية [[نيوجيرسي]]. حيث سَعَت القيادات الإسرائيلية منذ البداية إلى اجتذابه وكسب تعاطفه تجاه مصالحهم، وكذلك بالنسبة لباقي العلماء المشاركين في صناعةالقنبلة الذرية في [[مشروع مانهاتن]].
استخدِم ارتباط أوبنهايمر بأصدقائها كدليل ضده خلال جلسة الاستماع الأمنية لعام 1954.<ref>Evans, Ward V. [http://avalon.law.yale.edu/20th_century/opp01.asp "Findings and Recommendations of the Personnel Security Board in the Matter of Dr. J. Robert Oppenheimer"], United States Atomic Energy Commission (c/o Lillian Goldman Law Library, Yale Law Library, Yale Law School). May 27, 1954. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20230529053100/https://avalon.law.yale.edu/20th_century/opp01.asp|date=2023-05-29}}</ref><ref name="Smyth">Smyth, Henry D. [http://avalon.law.yale.edu/20th_century/opp06.asp "Decision and Opinions of the United States Atomic Energy Commission in the Matter of Dr. J. Robert Oppenheimer"] (c/o Lillian Goldman Law Library, Yale Law Library, Yale Law School). June 29, 1954. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20230321165229/https://avalon.law.yale.edu/20th_century/opp06.asp|date=2023-03-21}}</ref> في رسالة إلى اللواء كينيث دي نيكولز، المدير العام ل<nowiki/>[[هيئة الطاقة الذرية الأمريكية]]، بتاريخ 4 مارس 1954، وصف أوبنهايمر ارتباطهما على النحو التالي:<blockquote>في ربيع عام 1936، تعرفت من قبل أصدقائي على جان تاتلوك، ابنة أستاذ مشهور في اللغة الإنجليزية في الجامعة، وفي الخريف، بدأت بالتودد إليها، وكنا قريبين من بعضنا البعض. لقد اقتربنا مرتين على الأقل من الزواج لدرجة اعتبرنا أنفسنا مخطوبين. نادرًا ما رأيتها بين عام 1939 ووفاتها عام 1944. أخبرتني عن عضويتها في الحزب الشيوعي، لقد عادوا مرة أخرى، وخرجوا من الشؤون مرة أخرى، ولم يبدو أبدًا أنهم يوفرون لها ما كانت تسعى إليه. لا أعتقد أن اهتماماتها كانت سياسية حقًا. أحبت هذا البلد وشعبه وحياته. لقد كانت، كما اتضح فيما بعد، صديقة للعديد من رفاقها الرحالة والشيوعيين، وقد تعرفت على عدد منهم فيما بعد. لا ينبغي أن أعطي انطباعًا بأنه بسبب جان تاتلوك بالكامل، فقد كونت صداقات يسارية، أو شعرت بالتعاطف مع قضايا كانت حتى الآن تبدو بعيدة جدًا عني، مثل قضية الموالين في إسبانيا، ومنظمة العمال المهاجرين. لقد ذكرت بعض الأسباب المساهمة الأخرى. لقد أحببت الإحساس الجديد بالرفقة، وفي ذلك الوقت شعرت أنني قادم لأكون جزءًا من حياة وقتي وبلدي.<ref name="مولد تلقائيا1">Streshinsky and Klaus, ''An Atomic Love Story'', pp. 143–144.</ref></blockquote>بينما اعتقد بعض المؤرخين أن أوبنهايمر كان على علاقة خارج نطاق الزواج مع تاتلوك أثناء عمله في [[مشروع مانهاتن]]،<ref name="مولد تلقائيا1" /> يؤكد آخرون أنه التقى مع تاتلوك مرة واحدة فقط بعد اختياره لرئاسة مختبر لوس ألاموس في منتصف يونيو 1943.<ref name="Herken-P-101-102">Herken, ''Brotherhood of the Bomb'', pp. 101–102.</ref> في 14 يونيو 1943،<ref name="Huffington Post">{{استشهاد بخبر|صحيفة=Huffington Post|تاريخ=4 November 2013|الأول=Shirley|الأخير=Streshinsky|الأول2=Patricia|الأخير2=Klaus|عنوان=The Day That Could Have Brought Down Robert Oppenheimer|مسار= http://www.huffingtonpost.com/shirley-streshinsky/the-day-that-could-have-b_b_4274182.html|تاريخ الوصول=January 27, 2017|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20221023105632/https://www.huffingtonpost.com/shirley-streshinsky/the-day-that-could-have-b_b_4274182.html|تاريخ أرشيف=2022-10-23}}</ref> كان أوبنهايمر في بيركلي لتوظيف ديفيد هوكينز كمساعد إداري.<ref name="Restricted Data">{{استشهاد ويب|مسار= http://blog.nuclearsecrecy.com/2015/12/11/the-curious-death-of-oppenheimers-mistress/|عنوان=The curious death of Oppenheimer's mistress|تاريخ=December 11, 2015|ناشر=Restricted Data|تاريخ الوصول=January 10, 2017|الأخير=Wellerstein|الأول=Alex|مؤلف-وصلة=Alex Wellerstein|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230613064334/https://blog.nuclearsecrecy.com/2015/12/11/the-curious-death-of-oppenheimers-mistress/|تاريخ أرشيف=2023-06-13}}</ref> ذهبوا إلى مطعم مكسيكي بسيارتها الخضراء بليموث كوبيه عام 1935، وقضوا الليلة معًا في شقتها في سان فرانسيسكو في شارع 1405 مونتغمري. طوال الوقت، خضع عملاء الجيش الأمريكي، المنتظرين في الشارع بالخارج، للمراقبة.<ref name="Huffington Post" /> أخبرته في ذلك الاجتماع أنها ما تزال تحبه وتريد أن تكون معه.<ref>Smith, and Weiner, ''Robert Oppenheimer: Letters and Recollections'', p. 262.</ref><ref>Chafe, ''The Achievement of American Liberalism'', p. 141.</ref> لم يرها مرة أخرى أبدًا.<ref>Bird and Sherwin, ''American Prometheus'', p. 232</ref><ref>Conant, ''109 East Palace'', pp. 193–194.</ref>


== الحياة المبكرة ==
تذكرت إديث أرنستين جينكينز محادثة مع ماسون روبرتسون، وهي صديقة مقربة لتاتلوك، ادعت فيها أن تاتلوك أخبرتها أنها مثلية. من المعقول أن تاتلوك كانت على علاقة مع ماري إلين واشبورن. بصفتها محللة نفسية في الأربعينيات من القرن العشرين، رأت أن شذوذها الجنسي هي حالة مرضية يجب التغلب عليها، والتي ربما أدت إلى انتحارها في نهاية المطاف.<ref>Bird and Sherwin, ''American Prometheus'', pp. 251-252.</ref><ref>Jenkins, ''Against a Field Sinister'', p. 28.</ref>
=== الطفولة والدراسة ===
ولد أوبينهايمر في [[نيويورك|مدينة نيويورك]] بتاريخ 22 إبريل 1904م لعائلة [[علمانية يهودية|يهودية غير مُتَدَيِّنَة]]، واسمه في شهادة الميلاد كان جوليوس روبرت أوبينهايمر، ثم تحول فيما بعد إلى ج. روبرت أوبينهايمر،{{Refn|group=ملاحظة|اسم أوبينهايمر في شهادة الميلاد هو "جوليوس روبرت أوبينهايمر"،{{sfn|Cassidy|2005|p=2}}<ref>{{harvnb|Pais|2006|p=355 (end plates)}}</ref> أما في شهادة الجامعة فكان "ج روبرت أوبينهايمر".{{sfn|Smith|Weiner|1980|p=337}} أوبينهايمر نفسه كان يقول أن الـ(ج) في بداية الاسم لا تشير إلى شيء، وذلك لأنه من عائلة يهودية غير متدينة لم تَكْتَرِث لدِينِهَا وتقاليده وفضلت تبني تقاليد المجتمع الأمريكي والاندماج فيه، فَفَضَّل أوبينهايمر التخلي عن اسم جوليوس باعتباره اسمًا يهوديًّا.<ref name="jewish_story_of_oppenheimer"/>}} وكان أبوه جوليوس سيليغمان أوبينهايمر تاجر أَنْسِجَة ناجح، وأمه كانت إيلا فريدمان وهي رَسَّامة.<ref>{{harvnb|Schweber|2008|p=283}}</ref><ref name="Cassidy, pp. 5-11">{{harvnb|Cassidy|2005|pp=5–11}}</ref> وكان لروبرت أخ أصغر منه اسمه فرانك الذي أصبح فيزيائيًّا أيضًا.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=16, 145, 282}}</ref> وكان مجموعة إخوة أوبينهايمر هو: أَخَوَان وثلاث أخوات. وُلِد أبوهما في مدينة [[هاناو]] التي كانت وقتها جزءًا من مقاطعة [[هسن-ناساو]] ضمن [[مملكة بروسيا]] الألمانية، ثم جاء إلى الولايات المتحدة سنة 1888م وهو مُرَاهِق بدون مال وفير أو تعليم عالٍ أو معرفة باللغة الإنجليزية، وذلك ليعمل في شركة تجارة أنسجة مملوكة لأقاربه الذين دَعَوْه للمجيء، وتطور عمله حتى أصبح تاجرًا غنيًّا.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=10}}</ref> وفي 1912م، انتقلت عائلة روبرت إلى شقة في [[ريفرسايد درايف (مانهاتن)|ريفرسايد درايف]] بالقرب من الشارع رقم 88 غرب مقاطعة [[مانهاتن]] في مدينة نيويورك، وهي منطقة معروفة بالقصور والمنازل الفاخرة.<ref name="Cassidy, pp. 5-11"/> وكان لدى العائلة مجموعة من المُقْتَنَيَات الفنية التي تَضَمَّنَت أعمالًا [[بابلو بيكاسو|لبابلو بيكاسو]] و[[إدوارد فويار]]، و[[فينسنت فان خوخ|فينسنت فان غوخ]].<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=12}}</ref>


التَحَق أوبينهايمر في البداية بمدرسة أَلْكْوِين الإعدادية. وفي 1911م، التحق [[مدرسة فيلدستون للثقافة الأخلاقية|بمدرسة فيلدستون للثقافة الأخلاقية]]،<ref name="Cassidy 2005 35">{{harvnb|Cassidy|2005|p=35}}</ref> وهي مدرسة خاصة أسسها [[فيليكس أدلر]] للترويج للتعليم المُسْتَنِد إلى [[الحركة الأخلاقية|حركة الثقافة الأخلاقية]] التي كان شعارها: "العَمَل قبل الإيمان". وكان أبو أوبينهايمر عضوًا في رابطة الحركة لسنوات كثيرة، فكان أحد أعضاء مجلس أُمَنَاء الرابطة.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=23, 29}}</ref> وكان أوبينهايمر طالبًا مُتَنَوِّعًا، فكان مهتمًّا بالأدب الإنجليزي والفرنسي، كما كان مهتمًّا [[علم المعادن|بعلم المعادن]] بشكل خاص.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=16–17}}</ref> واستطاع إنهاء الصف الثالث والرابع في سنة واحدة، كما أنه تَجَاوَز عن نِصْف الصَّف الثامن.<ref name="Cassidy 2005 35" /> وفي سنته الدراسية الأخيرة في المدرسة، أصبح أوبينهايمر مهتمًّا بالكيمياء.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=43–46}}</ref> وأنهى المدرسة عام 1921م، ولكن دراسته الجامعية تأخرت سنة بسبب نوبة [[التهاب القولون التقرحي|التهاب قولون تقرحي]] أَصَابَتْه حينما كان [[استكشاف (رحلات)|يستكشف]] بلدة [[ياهيموف]] خلال إجازة أخذها مع عائلته في [[تشيكوسلوفاكيا]]. وقضى فترة التعافي في ولاية [[نيومكسيكو]] الأمريكية، وهناك طَوَّر حبًّا لركوب الخيل ولمناطق جنوب غرب الولايات المتحدة.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=61–63}}</ref>
== موتها ==
عانت تاتلوك من اكتئاب سريري حاد، وخضعت للعلاج في مستشفى جبل صهيون.<ref name="Herken-P-101-102" /> نحو الساعة 1 مساءً، في 5 يناير 1944، وصل والدها إلى شقتها في شارع 1405 مونتغمري. قرع الجرس ولكن بدا أن لا أحدًا في المنزل، فدخل من النافذة.<ref name="KashnerS-JM-p65">Kashner and MacNair, ''The Bad & the Beautiful'', p. 65.</ref><ref name="Bird and Sherwin, p. 250">Bird and Sherwin, ''American Prometheus'', p. 250.</ref> وجدها ميتة، ملقاة على كومة من الوسائد في الحمام، ورأسها مغمور في حوض الاستحمام الممتلئ جزئيًا.<ref>{{استشهاد بدورية محكمة|عنوان=Letters to the Editor: "Comment on book review of: ''Brotherhood of the Bomb'' by Gregg Herken (2003)"|صحيفة=American Journal of Physics|تاريخ=July 2003|المجلد=71|العدد=7|صفحة=647|doi=10.1119/1.1579499|الأخير1=Herken|الأول1=Gregg|مؤلف-وصلة=Gregg Herken|bibcode=2003AmJPh..71..647H}}</ref><ref name="Crease">Serber and Crease, ''Peace & War'', p. 86.</ref><ref name="Pais">Pais and Crease, ''J. Robert Oppenheimer: A Life'', p. 36.</ref><ref name="Thorpe">Thorpe, ''Oppenheimer: The Tragic Intellect'', p. 55.</ref> كانت هناك رسالة انتحار غير موقعة نصها:


التحق أوبينهايمر [[كلية هارفارد|بكلية هارفارد]] عام 1922م وهو ابن 18 عامًا. وكان في تخصص الكيمياء؛ وتَطَلَّبَت هارفارد أيضًا دراسة التاريخ، أوالأدب، أو الفلسفة، أو الرياضيات. ولتعويض الفترة الضائعة بسبب المرض، كان يأخذ سِتّ مواد في كل فَصْل بدلًا من من أربع مواد في الوضع الطبيعي، ذلك بالإضافة إلى أن تعليمه الثانوي مَكَّنَه من التَجَاوُز عن المواد الأساسية في الفيزياء والكيمياء ليبدأ بالمواد التي بعدها مباشرة. وقُبِل في رابطة [[فاي بيتا كابا]]، وهي رابطة شَرَفِيَّة للطلاب الذين لم يتخرجوا بعد. وبعد إنهاءه للرسالة البحثية اللازمة للحصول على درجة الشرف في الكيمياء بالإضافة إلى معظم المواد المطلوبة في قسم الكيمياء، بدأ أوبينهايمر تَدْرِيجِيًّا خلال عامه الدراسي الثاني بتقليل دراسة الكيمياء والدخول أكثر في الفيزياء، وكانت العَقَبَة التي تواجهه هي قُصُورُه في الرياضيات، فأخذ عدة مواد رياضية لازمة لذلك، وبالرغم من أنه كان لا يزال في عامه الدراسي الثاني، إلا أنه استطاع أَخْذ مواد مهمة في الفيزياء سَمَحَتْ له فيما بعد بإكمال الدراسات العليا في الفيزياء على الرغم من أنه تخرج من هارفارد بتخصص الكيمياء. وقد انجذب أوبينهايمير للفيزياء التجريبية بعدما أخذ مادة عن [[ديناميكا حرارية|الديناميكا الحرارية]] كان مُدَرِّسُهَا هو [[بيرسي ويليامز بريجمان|بيرسي بريجمان]]. وتخرج أوبينهايمر من هارفارد عام 1925م وهو يحمل درجة [[بكالوريوس الآداب|البكالوريوس]] بامتياز مع مرتبة الشَّرَف، وذلك بعد ثلاثة أعوام من الدراسة فقط.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=75–76, 88–89}}</ref>
أشعر بالاشمئزاز من كل شيء... لمن أحبني وساعدني كل الحب والشجاعة. أردت أن أعيش وأن أعطي وأصبت بالشلل بطريقة ما. حاولت جاهدة أن أفهم ولم أستطع... أعتقد أنني كنت سأكون ذات مسؤولية طوال حياتي -على الأقل يمكنني التخلص من عبء الروح المشلولة من عالم القتال.


=== الدراسة في أوروبا ===
وجد والدها مراسلاتها وغربلها، وحرق الرسائل والصور في المدفأة. في الساعة 5:10 مساءً، اتصل بمنزل هالستيد الجنائزي، الذي اتصل بالشرطة. وصلت الشرطة الساعة 5:30 مساءً برفقة نائب الطبيب الشرعي. في وقت وفاتها، كانت تحت المراقبة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، وتنصتوا على هاتفها، لذلك كان من أوائل الأشخاص الذين أبلغوا بذلك هو مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جاي. إدغار هوفر، عبر المبرقة الكاتبة.<ref>Streshinsky and Klaus, ''An Atomic Love Story'', pp. 192–194, 198–199</ref> وردت أنباء وفاتها في صحف منطقة الخليج.<ref name="Bird and Sherwin, p. 252">Bird and Sherwin, ''American Prometheus'', p. 252.</ref>
[[ملف:Leiden Kamerlingh-Onnes Lab.jpg|تصغير|upright=1.5|يمين|بديل= 15 رجلًا يرتدون بدلات رسمية بالإضافة إلى امرأة، يقفون لالتقاط صورة جماعية.|مختبر [[هايك كامرلينغ أونس]] في مدينة [[لايدن]] الهولندية، يوليو 1927م. يقف أوبينهايمر في الصف الأوسط، الرجل الثاني من اليسار.]]
بعد قبوله عام 1924م في [[كلية المسيح، كامبريدج|كلية المسيح]] التابعة [[جامعة كامبريدج|لجامعة كامبريدج]] في بريطانيا، كَتَب أوبينهايمر إلى [[إرنست رذرفورد]] طالبًا منه الإذن بالعمل في [[مختبر كافندش]] في قسم الفيزياء التابع للجامعة وأن يصبح طالبًا تحت إشرافه، ولكن رسالة التوصية التي كتبها أستاذه في هارفارد بيرسي بريجمان قالت بأن تَصَرُّفَات أوبينهايمر الخَرْقَاء في المختبر تُشِير إلى أن الفيزياء النظرية قد تكون مَوْطِن إبداع بالنسبة إليه أكثر من الفيزياء التجريبية. وبناءًا على ذلك كان رذرفورد غير مهتم بقبول أوبينهايمر ليكون أحد طلابه، ولكن أوبينهايمر ذهب إلى كامبريدج بالرغم من ذلك لعله يجد إداريًّا يجد أستاذ فيزياء تجريبية غير رذرفورد يقبل به طالبًا عنده؛<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=90–92}}</ref> وفي نهاية المطاف قَبِلَه [[جوزيف جون طومسون|ج. ج. تومسون]] شريطة أن يُنْهِي مادة في أساسيات المُخْتَبَرَات.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|p=94}}</ref>


كان أوبينهايمر غير سعيد إطلاقًا في كامبريدج، فكتب لأحد أصدقاءه قائلًا: "أنا أقضي وقتًا سيئًا للغاية. فعمل المختبر ممل جدًّا، وأنا سيء جدًّا فيه لدرجة أنني من المستحيل أن أشعر بأني أتعلم أي شيء".{{sfn|Monk|2012|p=92}} وطَوَّر علاقة عدائية مع الأستاذ المشرف عليه [[باتريك بلاكيت]] الذي حاز على جائزة نوبل في وقت لاحق. واستنادًا إلى صديق أوبينهايمر [[فرنسيس فيرجاسن|فرانسيس فيرغيسون]]، اعترف أوبينهايمر مرة أنه ترك تفاحة مَحْقُونَة بمادة سامة على مكتب بلاكيت؛ ولكن لم يأكل منها أحد. وأقنع والِدَا أوبينهايمر سُلُطَات الجامعة لكيلا ترفع دعوات جنائية عليه أو تَطْرُدَه من الجامعة، وبدلًا من ذلك، وُضِع أوبينهايمر تحت المراقبة وتَلَقَّى جلسات منتظمة مع أَخِصَّائي نفسي في [[هارلي ستريت|شارع هارلي]] في العاصمة البريطانية [[لندن]].{{sfn|Bird|Sherwin|2005|p=46}}{{sfn|Monk|2012|p=97}}<ref>{{cite magazine|author=McCluskey, Megan|title=J. Robert Oppenheimer's Grandson on What the Movie Gets Right and the One Scene He Would Have Changed|url=https://time.com/6297743/oppenheimer-grandson-movie-interview/|magazine=[[Time (magazine)|Time]]|date=July 25, 2023|access-date=July 26, 2023|archive-date=July 27, 2023|archive-url=https://archive.ph/20230727190222/https://time.com/6297743/oppenheimer-grandson-movie-interview/|url-status=live}}</ref>
أبرقت واشبورن لشارلوت سيربر في لوس ألاموس.<ref name="Bird and Sherwin, p. 252" /> بصفتها أمينة المكتبة، تمكنت من الوصول إلى المنطقة التقنية، وأخبرت زوجها الفيزيائي روبرت سيربر، الذي ذهب بعد ذلك لإبلاغ أوبنهايمر. عندما وصل إلى مكتبه، اكتشف أن أوبنهايمر يعرف بالفعل.<ref>Conant, ''109 East Place'', pp. 193–194.</ref> تلقى قائد الأمن في لوس ألاموس، الكابتن بير دي سيلفا، الأخبار من خلال التنصت واستخبارات الجيش، ونقلها إلى أوبنهايمر.<ref>Monk, ''Inside the Centre'', pp. 386–387.</ref> قدمت تاتلوك لأوبنهايمر شعر جون دون، ويعتقد على نطاق واسع أنه أطلق على أول اختبار لسلاح نووي اسم «ترينيتي» في إشارة إلى إحدى قصائد دون، تكريمًا لها.<ref name="Herken-P-129">Herken, ''Brotherhood of the Bomb'', p. 129.</ref><ref>{{استشهاد بخبر|صحيفة=[[النيويوركر]]|مسار= http://www.newyorker.com/tech/elements/the-first-light-of-the-trinity-atomic-test|تاريخ الوصول=January 14, 2017|الأول=Alex|الأخير=Wellerstein|تاريخ=July 16, 2015|عنوان=The First Light of Trinity|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20230524201801/https://www.newyorker.com/tech/elements/the-first-light-of-the-trinity-atomic-test|تاريخ أرشيف=2023-05-24}}</ref> في عام 1962، كتبت ليزلي غروفز إلى أوبنهايمر عن أصل الاسم، واستخلصت هذا الرد:


كان أوبينهايمر طويلًا ونحيلًا و[[تدخين سلسلي|مُدَخِّنًا شَرِهًا]]،<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=39–40, 96, 258}}</ref> وكان غالبًا ما يتجنب الطعام أثناء فترات التركيز المُكَثَّف. وقال العديد من أصدقاءه أنه من الممكن أن يكون مُدَمِّرًا لنفسه. وحاول فيرغيسون مرة تَشْتِيت أوبينهايمر عن حالة الاكتئاب الظاهرة عليه من خلال إخباره بأنه -أي فريغيسون- سيتزوج عشيقة أوبينهايمر، فانْقَضّ عليه أوبينهايمر وحاول خَنْقَه. وعَانى أوبينهايمر من فترات اكتئاب خلال حياته،<ref>{{harvnb|Smith|Weiner|1980|p=91}}</ref><ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=35–36, 43–47, 51–52, 320, 353}}</ref> وأخبر أخاه مرة أنه "يحتاج الفيزياء أكثر من الأصدقاء".<ref>{{harvnb|Smith|Weiner|1980|p=135}}</ref>
نعم لقد اقترحته... لا أعرف لما اخترت الاسم، لكنني أعرف ما هي الأفكار التي كانت في ذهني. هناك قصيدة أحبها وأعرفها لجون دون، كتبها قبل وفاته مباشرة. أقتبس منها:<blockquote>كما الغرب والشرق


وفي عام 1926م، ترك أوبينهايمر كامبريدج ليلتحق [[جامعة غوتينغن|بجامعة غوتينغن]] الألمانية للدراسة تحت إشراف [[ماكس بورن]]؛ حيث كانت غوتينغن أحد المراكز الرائدة في العَالَم في الفيزياء النظرية. وكَوَّن أوبينهايمر هناك صداقات مع أشخاص حققوا نجاحات عظيمة فيما بعد، مثل [[فيرنر هايزنبيرغ]]، و[[باسكوال جوردان]]، و[[فولفغانغ باولي]]، و[[بول ديراك]]، و[[إنريكو فيرمي]]، و[[إدوارد تيلر]]. وكان حماسيًّا جدًّا في نقاشاته لدرجة أنه في بعض الأحيان كان يتحدث بغزارة بشكل منع أصدقاءه من المشاركة في النقاش.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|p=108}}</ref> وقَدَّمَت [[ماريا غوبرت ماير|ماريا غوبرت]] التماسًا مُوَقَّعًا منها ومن غيرها إلى بورن المشرف على صَفِّهِم، ويهددون فيه بمقاطعة الصف إذا لم يستطع بورن تهدئة أوبينهايمر. وترك بورن الالتماس على طاولته حيث يستطيع أوبينهايمر قراءته، وكان ذلك ناجعًا بدون الحاجة إلى التًّفَوُّه بأي كلمة.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=60}}</ref>
في كل الخرائط المسطحة –وأنا واحد- وهي واحدة


حصل أوبينهايمر على درجة [[دكتور في الفلسفة|دكتوراه الفلسفة]] في الفيزياء في مارس 1927م وهو في الـ23 من عمره تحت إشراف ماكس بورن.<ref name=phd>{{cite thesis|degree=PhD|first=Julius Robert|last=Oppenheimer|year=1927|title=Zur Quantentheorie kontinuierlicher Spektren|oclc=71902137}}</ref><ref>{{harvnb|Cassidy|2005|p=109}}</ref> وبعد الامتحان الشَّفَوِي، قال [[جيمس فرانك]] الأستاذ الذي امْتَحَنَه بأنه سعيد بانتهاء الامتحان لأن أوبينهايمر وصل إلى درجة يظهر فيها بأنه هو من يَمْتَحِن فرانك وليس العكس.<ref name="Eternal Apprentice">{{cite magazine |date=November 8, 1948 |title=The Eternal Apprentice |magazine=[[Time (magazine)|Time]] |url=http://content.time.com/time/magazine/article/0,9171,853367,00.html |url-access=subscription |access-date=May 23, 2008 |archive-date=October 7, 2013 |archive-url=https://web.archive.org/web/20131007024559/http://content.time.com/time/magazine/article/0,9171,853367,00.html |url-status=live }}</ref> ونَشَر أوبينهايمر أكثر من 12 ورقة بحثية خلال فترة تواجده في أوروبا، وتضمنت تلك الأوراق العديد من المساهمات في حقل ميكانيكا الكم الذي كان جديدًا وقتها. ونشر هو وبورن ورقة بحثية شهيرة عن [[تقريب بورن-أوبنهايمر]]، وفي هذه الورقة، فَصَلا حركة الإلكترونات عن حركة النواة عند التعامل الرياضي مع الجزيئات، مما سمح بإهمال حركة النواة لتبسيط الحسابات الرياضية المتعلقة بالجزيئات، وذلك لأن النواة أثقل بكثير من الإلكترونات بالتالي تتحرك بسرعة أبطأ بكثير مما يعني أن تأثيرها في الحسابات يكون ضئيلًا لدرجة يمكن فيها إهماله. وتبقى هذه الورقة البحثية هي أكثر أعمال أوبينهايمر استشهادًا.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|p=112}}</ref>
لذلك فالموت يمس القيامة


== المسيرة المهنية المبكرة ==
في قصيدة تعبدية أخرى معروفة، يفتتح دون:
=== التَّدْرِيس ===
[[ملف:University of California Radiation Laboratory staff on the magnet yoke for the 60-inch cyclotron, 1938.jpg|تصغير|upright=1.8|يسار|بديل=مجموعة من الرجال يتجهزون للتصوير أمام وحول وفوق هَيْكَل معدني ضَخْم.|طاقم العمل في مختبر الأشعة في جامعة كاليفورنيا، ويتضمن الطاقم [[روبرت راثبون ويلسون|روبرت ر. ويلسون]]، والحاصلون على جوائز نوبل: [[إرنست لورنس]]، و[[إدوين ماكميلان]]، و[[لويس ألفاريز]]. وهم يتواجدون على الإطار المغناطيسي [[مسرع دوراني|للمُسَرِّع الدوراني]] البالغ طوله 60 إنشًا (152 سم)، وذلك في 1938م. أوبينهايمر هو الرجل الطويل الذي يمسك غَلْيُونًا في الصف العلوي، إلى اليمين قليلًا من المُنْتَصَف.]]


حصل أوبينهايمر في سبتمبر 1927م على زَمَالَة [[الأكاديميات الوطنية للعلوم، والهندسة، والطب#وِحْدات البرنامج|مجلس الأبحاث الوطني الأمريكي]] للعمل في [[معهد كاليفورنيا للتقنية]] (''كالتيك''). ولكن [[بيرسي ويليامز بريجمان|بيرسي بريجمان]] أراده أيضًا في هارفارد، فتوصلوا إلى تسوية بِمُقْتَضَاها يَقْسِم أوبينهايمر زمالته للعام الدراسي 1927-1928م، بحيث يكون في هارفارد في 1927م، وفي كالتيك في 1928م.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=115–116}}</ref> وأثناء تواجده في كالتيك، كَوَّن صداقة وثيقة مع [[لينوس باولنغ|لينوس بَاوْلِنْغ]]؛ وخَطَّطَا للتعاون معًا لإجراء دراسات مكثفة على طبيعة [[رابطة كيميائية|الرابطة الكيميائية]] في الذرة، وكان باولنغ رائدًا في ذلك الحقل، فكان تعاونهما بأن يتولى أوبينهايمر العمليات الرياضية وبأن يتولى باولنغ تفسير النتائج. وانتهى هذا التعاون وكذلك صداقتهما عندما دَعَا أوبينهايمر زوجة باولينغ -[[آفا هيلين بولينغ|آفا هيلين باولنغ]]- للانضمام إليه في لقاء حميم في المكسيك.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|p=142}}</ref> وفي وقت لاحق، دعا أوبينهايمر باولنغ لِيَرْأَس قسم الكيمياء في [[مشروع مانهاتن]]، ولكنه رفض قائلًا بأنه لا يدعم الحرب.<ref name="Cassidy 2005 151–152">{{harvnb|Cassidy|2005|pp=151–152}}</ref>
ضرب قلبي، الثالوث المقدس.<ref>Rhodes, ''The Making of the Atomic Bomb'', pp. 571–572.</ref></blockquote>عاد تحقيق رسمي في فبراير 1944 وحكم «بالانتحار، الدافع غير معروف».<ref name="Bird and Sherwin, p. 251">Bird and Sherwin, ''American Prometheus'', p. 251.</ref> في تقريره، وجد الطبيب الشرعي أن تاتلوك قد أكلت وجبة كاملة قبل وفاتها بوقت قصير. لقد تناولت بعض الباربتيورات، لكن ليس جرعة قاتلة. عُثر على آثار هيدرات الكلورال، وهو عقار يرتبط عادة «بميكي فين» عند دمجه مع الكحول، ولكن لم يكن هناك كحول في دمها، على الرغم من الضرر الذي لحق بالبنكرياس الذي يشير إلى أنها كانت تشرب بكثرة. بصفتها طبيبة نفسية تعمل في المستشفى، كان لديها وصول إلى المهدئات مثل هيدرات الكلورال.<ref>Bird and Sherwin, ''American Prometheus'', pp. 249–253.</ref> وجد الطبيب الشرعي أنها توفيت نحو الساعة 4:30 من مساء يوم 4 يناير. سُجل سبب الوفاة على أنه «وذمة حادة في الرئتين مع احتقان رئوي»<ref>Streshinsky and Klaus, ''An Atomic Love Story'', p. 192</ref> -غرق في حوض الاستحمام. يبدو أنها ركعت فوق حوض الاستحمام، وأخذت هيدرات الكلورال، وأغرقت رأسها في [[ماء|الماء]].<ref name="Bird and Sherwin, p. 253">Bird and Sherwin, ''American Prometheus'', p. 253.</ref>

وفي خريف عام 1928م، زار أوبينهايمر معهد [[بول إهرنفست]] في [[جامعة لايدن]] في هولندا، وهناك أثار الإعجاب حينما أعطى محاضرات [[اللغة الهولندية|باللغة الهولندية]] بالرغم من خبرته القليلة بتلك اللغة. وهناك أُطْلِق عليه لقب ''أُوبْيِه'' (بالهولندية: ''Opje'')،<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=73–74}}</ref> ولاحقًا حَوَّل أصدقاؤه في أمريكا ذلك الاسم ليغدو إنجليزيًّا، فأصبح "أُوبِي" (بالإنجليزية: Oppie).<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=84}}</ref> ومن لايدن، ذهب إلى [[المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ|المعهد الفدرالي للتكنولوجيا]] في [[زيورخ|زيوريخ]] في سويسرا ليعمل مع [[فولفغانغ باولي]] على [[ميكانيكا الكم]] و[[طيف (علوم فيزيائية)|الطَّيْف المُتَّصِل]]. واحترم أوبينهايمر باولي وأٌعْجِب به، ومن المحتمل أنه حاول تقليد أسلوبه الشخصي وطريقته النَّاقِدَة في التعامل مع المشاكل.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=75–76}}</ref>

وعند عودته إلى الولايات المتحدة، قَبِل مَنْصِب أستاذ مُشَارِك في [[جامعة كاليفورنيا (بركلي)|جامعة كاليفورنيا في بيركلي]]، حيث أراده [[رايموند ثاير بيرغ]] بشدة لدرجة أنه عَبَّر عن رغبته بمشاركة أوبينهايمر مع كالتيك.<ref name="Cassidy 2005 151–152" />

وقبل بدءه في المنصب الجديد في بيركلي، شُخِّصَت إصابة أوبينهايمر بحالة خفيفة من [[سل|السّل]] وقضى بعض الأسابيع مع أخيه فرانك في ولاية [[نيومكسيكو]] في بيت ريفي استأجره واشتراه في النهاية. وحينما سمع أن البيت كان معروضًا للإيجار هَتَف قائلًا: "هوت دوغ!"، وسمَّاها لاحقًا بِيرُّو كَالْيِنْتِيه ([[اللغة الإسبانية|بالإسبانية]]: Perro Caliente، وتعني "هوت دوغ").<ref>{{cite web |url=http://ohst.berkeley.edu/oppenheimer/exhibit/text/ch1page1.html | title = The Early Years | access-date=May 23, 2008 | year = 2004 | publisher = [[University of California, Berkeley]]|archive-url=https://web.archive.org/web/20071015123633/http://ohst.berkeley.edu/oppenheimer/exhibit/text/ch1page1.html |archive-date = October 15, 2007}}</ref> واعتاد لاحقًا أن يقول أن "الفيزياء والريف الصحراوي" هما "حُبَّاه العظيمان".<ref>{{harvnb|Conant|2005|p=75}}</ref> وتَعَافَى من السل وعاد ليَسْتَهِل عمله في بيركلي، وهناك انقسم المختلطون به إلى مجموعتَيْن، إحداهما ترى أنه عبقري مُبْهِر ويفضل الانعزال، بينما ترى المجموعة الأخرى بأنه مُتَصِنّع مُبْتَذَل وغير مُطْمَأِن.<ref>{{harvnb|Herken|2002|pp=14–15}}</ref> وقَلَّد بعضُ طلابه طريقته في المشي، والخطاب، وغير ذلك من السلوكيَّات، حتى أنهم قلدوا مُيُولَه لقراءة نصوص كاملة بلغاتها الأصلية.<ref name="Bird&Sherwin, pp. 96-97">{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=96–97}}</ref> ويقول عنه [[هانز بيته]]:

{{اقتباس|لعل أهم عنصر أضافه لتدريسه كان ذوقه الانْتِقَائيّ. فعلم دائمًا المسائل المهمة، وذلك يظهر في اختياره للمواضيع الدراسية. ولقد عاش بالفعل مع تلك المسائل، يعاني لإيجاد حل، ونقل اهتمامه هذا للمجموعة التي يُدَرِّسُهَا. وفي أفضل الأيام، كان هناك ثمانية أو عشر طلاب دراسات عليا في مجموعته الدراسية وحوالي ستة باحثين زملاء في مرحلة ما بعد الدكتوراه. والتقى بهذه المجموعة مرة كل يوم في مكتبه وتحاور معهم الواحد تلو الآخر لمناقشة المشكلة التي يوجهها كل طالب في البحث الخاص به. وكان مهتمًّا بكل شيء، وفي المساء كان من الممكن أن يتناقشوا في الكهروديناميكا الكمية، والأشعة الكونية، وإنتاج زوج الإلكترون، والفيزياء النووية.<ref name="BetheNAS">{{harvnb|Bethe|1968a}}; reprinted as {{harvnb|Bethe|1997|p=184}}</ref>}}

وعمل أوبينهايمر بشكل وثيق مع عالم الفيزياء التجريبية [[إرنست لورنس]] الحاصل على [[جائزة نوبل في الفيزياء|جائزة نوبل]] لاختراعه [[مسرع دوراني|المُسَرِّع الدوراني]]، بالإضافة إلى زملاءه الرائدين في العمل على هذه المُسَرِّعَات، حيث كان أوبينهايمر يساعدهم في استيعاب البيانات التي كانت تُعْطِيها أَجْهِزَتُهُم في مختبر الإشعاع في بيركلي، ذلك المختبر الذي تطور ليصبح ما يُعْرَف اليوم باسم [[مختبر لورنس بيركلي الوطني]].<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=91}}</ref> وفي 1936م، قامت جامعة كاليفورنيا في بيركلي بترقيته ليصبح أستاذًا مُتَفَرِّغًا يعمل بدوام كامل براتب سنوي يبلغ 3,300$ ({{Inflation|US|3300|1936|r=-3|fmt=eq}}). وفي المقابل اشْتَرَطَتْ عليه الجامعة تقليل تدريسه في معهد كالتيك، وجرى التَّوَصُّل إلى تسوية بِمُوجِبِهَا تُعْفِيه الجامعة من العمل لديها لستة أسابيع من كل عام، وهي مدة كافية لتدريس قصل دراسي واحد في كالتيك.<ref>{{harvnb|Conant|2005|p=141}}</ref>

=== الإنجازات العلمية ===
أجرى اوبينهايمر بحوثًا مهمة في [[علم الفلك النظري|علم الفلك النظري]] (خاصة فيما يتعلق بارتباطه [[النسبية العامة|بالنسبية العامة]] والنظرية النووية)، وفي [[فيزياء نووية|الفيزياء النووية]]، و[[مطيافية|علم الأطياف]]، و[[نظرية الحقل الكمومي|نظرية الحقل الكمٍّي]] بما في ذلك امتدادها في مجال [[كهروديناميكا كمية|الكهروديناميكية الكمّية]]. كما وجذبت [[شكلية (فلسفة الرياضيات)|الشَّكْلِيَّة الرياضيّة]] في ميكانيكا الكمّ [[النسبية الخاصة|النسبية]] انتباهه على الرغم من أنه شَكَّك في صِحَّتِهَا. وتنبَّأ عمله بالكثير من الاكتشافات اللاحقة، مثل [[نيوترون|النيوترون]]، و[[ميزون|الميزون]]، و[[نجم نيوتروني|النجم النيوترونيّ]].<ref name="Bird, p. 88">{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=88}}</ref>

في البداية، كان اهتمامه الرئيسيّ منصبًّا على الطيف المستمر. وكانت أول ورقة بحثية ينشرها - عام 1926م - متعلقة بالنظرية الكمية الخاصة بأطياف النطاق الجزيئي ('''بالإنجليزية:''' molecular band spectra). وطوّر طريقة لإجراء الحسابات على [[سلسلة ماركوف|احتمالات الانتقال]] بين حالاتها المختلفة. وقام بحساب احتمالية [[ظاهرة كهروضوئية|تحرُّر وانبعاث]] الإلكترون من ذرة الهيدروجين عند امتصاصها لفوتونات أشعة سينية تمتلك طاقة تساوي أو تفوق طاقة ارتباط إلكترون المدار الأول (الأقرب للنواة)، وبذلك يكون [[معامل الامتصاص#التهدئة والامتصاص|معامل الامتصاص]] عند [[حافة كيه]]. وكانت حساباته متوافقة مع نتائج رصد امتصاص الشمس للأشعة السينية، ولكنها مخالفة لامتصاص الهيليوم. بعدها أعوام، تبيّن أن الشمس تتكوَّن في معظمها من الهيدروجين (وليس الهيليوم) وأن حساباته كانت صحيحة.<ref>{{harvnb|Bethe|1968a}}; reprinted as {{harvnb|Bethe|1997|p=178}}</ref><ref>{{cite journal
|last=Oppenheimer
|first=J.R.
|year=1930
|title=On the Theory of Electrons and Protons
|journal=[[Physical Review]]
|volume=35
|issue=1
|pages=562–563
|doi=10.1103/PhysRev.35.562
|bibcode=1930PhRv...35..562O
|url=https://authors.library.caltech.edu/1547/1/OPPpr30a.pdf
|type=Submitted manuscript
|access-date=November 5, 2018
|archive-date=July 24, 2018
|archive-url=https://web.archive.org/web/20180724011053/https://authors.library.caltech.edu/1547/1/OPPpr30a.pdf
|url-status=live
}}</ref>

قدّم أوبينهايمر مساهمات هامّة في نظرية زَخَّات [[أشعة كونية|الأشعة الكونية]]، والتي تُعْنَى بدراسة تفاعل الأشعة الكونية مع الغلاف الجوي مما يؤدي إلى تشكيل زخات من الجزيئات الثانوية (إلكترونات، بروتونات ... إلخ). كما عمل على مسألة [[انبعاث الإلكترونات الميداني|الانبعاث الميداني للإلكتورنات]].<ref>{{Cite journal
|last=Oppenheimer |first=J.R.
|date=1928-01-01
|title=Three Notes on the Quantum Theory of Aperiodic Effects
|doi=10.1103/PhysRev.31.66
|journal=[[Physical Review]]
|volume=31 |issue=1 |pages=66–81|bibcode=1928PhRv...31...66O
}}</ref><ref>{{Cite journal
|last=Oppenheimer |first=J.R.
|year=1928
|title=On the Quantum Theory of the Autoelectric Field Currents
|journal=Proceedings of the National Academy of Sciences
|volume=14 |issue=5 |pages=363–365
|doi=10.1073/pnas.14.5.363 |pmid=16577110
|pmc=1085522
|bibcode=1928PNAS...14..363O
|issn=0027-8424
|doi-access=free
}}</ref> وأسهم هذا العمل في تطوير مبدأ [[نفق ميكانيكا الكم|النفق الكمومي]].<ref>{{Cite journal
|last=Merzbacher |first=Eugen
|date=2002-08-01
|title=The Early History of Quantum Tunneling
|journal=Physics Today
|volume=55
|issue=8
|pages=44–49
|doi=10.1063/1.1510281 |bibcode=2002PhT....55h..44M
|issn=0031-9228}}</ref> وفي 1931م، تشارك مع طالبه هارفي هال بكتابة ورقة بحثية بعنوان "النظرية النسبية والتأثير الكهرضوئي" ('''بالإنجليزية:''' Relativistic Theory of the Photoelectric Effect )،<ref>{{cite journal
|last1=Oppenheimer |first1=J.R.
|last2=Hall|first2=Harvey
|year=1931
|title=Relativistic Theory of the Photoelectric Effect
|journal=[[Physical Review]]
|volume=38 |issue=1 |pages=57–79
|doi=10.1103/PhysRev.38.57
| bibcode = 1931PhRv...38...57H }}</ref> رفض فيها- مستندًا إلى دليل تجريبيّ - تأكيد ديراك بأن اثنين من مستويات طاقة ذرة الهيدروجين يمتلكات نفس الطاقة. وفيما بعد، أثبت طالب الدكتوراه عنده [[ويليس لامب]] بأن ذلك كان نتيجة لما أصبح يُعْرَف فيما بعد باسم [[انزياح لامب]]، والذي أخذ عنه لامب جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1955م.<ref name="Bird, p. 88" />

وبالتشارك مع [[ميلبا فيليبس|ميلبا فيلبس]] أول طالبة تبدأ دراسة الدكتوراه تحت إشراف أوبينهايمر،{{Refn|group=ملاحظة|كان عند أوبينهايمر 3 طلاب دكتوراه ولكنهم بدؤوا تحت إشراف آخرين ثم انتقلوا عنده، وهم: هارفي هال وجي. فرانكلين كارلسون اللذَيْن كانا تحت إشراف ويليام هاويل وليامز، وليو نيديلسكي الذي بدأ تحت إشراف [[صموئيل كينج أليسون|سامويل كينغ أليسون]]. وفي 1931م، أصبح هال أول طالب ينهي الدكتوراه عند أوبينهايمر.}} أجرى أوبينهايمر حسابات رياضية للتنبؤ بمقدار النشاط الإشعاعي الاصطناعي الناتج عن قصف أنوية المادة بالديوتيرونات (أنوية [[ديوتيريوم|الديوتيريومات]]). فحينما قَصَف [[إرنست لورنس|إيرنيست لورينس]] و[[إدوين ماكميلان|إيدوين ماكميلان]] [[نواة الذرة|الأنوية]] بالديوتيرونات وَجَدَا أن النتائج تتوافق بشكل وثيق مع تنبّؤأت النظرية التي وضعها [[جورج جاموف|جورج غاموف]]، والتي كانت تستند إلى [[نفق ميكانيكا الكم|النفق الكمومي]] لشرح كيف أن جُزَيْئَيْن مشحونَيْن بشحنة موجبة يمكنهما التغلب على قوة تنافر الشحنات المتماثلة بينهما حتى وإن لم يمتلكا الطاقة اللازمة لذلك، بالتالي يمكنهما الالتقاء والاندماج معًا (تفاعل [[اندماج نووي]]). ولكن عند استخدام لورينس وماكميلان لمستويات أعلى من الطاقة وأنوية أثقل، لم تتوافق النتائج مع نظرية غاموف. وفي 1935م، طَوَّر أوبينهايمر وفيليبس نظرية - عُرِفَتْ فيما بعد باسم [[عملية أوبنهايمر-فيليبس|عملية أوبينهايمر-فيلييس]] - تشرح تلك النتائج، حيث أنها نظرية أعقد للاندماج النووي إذ أنها تأخذ بعين الاعتبار ما لم تعتبره عنه النظرية السابقة، مثل أن غاموف اعتبر أن الأنوية ذات بناء كرويّ أملس ولكنها في الواقع ذات بناء أصعب، كما أنه أخذ بعين الاعتبار فقط قوة التنافر بين الذرات المُنْدَمِجَة مختلفة الشحنة ولم يحتسب باقي التفاعلات والقوى المؤثر العاملة بين الذرات ([[قوة نووية|كالقوة النووية]]) والتي تؤثر على عملية الاندماج. ولا تزال عملية أوبينهايمر-فيليبس قيد الاستعمال حتى اليوم.{{sfn|Cassidy|2005|pp=358–362}}{{Refn|group=ملاحظة|طلاب الدكتوراه الآخرون عند أوبينهايمر: [[أرنولد نوردسيك]]، وغلين كامب، و[[ويليس لامب]]، وسامويل باتدورف، وسيدني دانكروفت، و[[جورج فولكوف]]، و[[فيليب موريسون]]، و[[هارتلاند سنايدر]]، وجوزيف كِيلَر، و[[روبرت إف كريستي|روبرت كريستي]]، ويُوجِين كُوبَر، وشِيتْشِي كُوسَاكا، وريتشارد دِيمْبْسْتَر، وروي توماس، وإلدريد نيلسون، و[[برنارد بيترز]]، وإدوارد جيرجوي، و[[ستان فرانكل]]، وتشيم ريتشمان، و[[جوزيف واينبيرغ]]، و[[ديفيد بوم]]، و[[ليزلي لورنس فولدي|ليزلي فولدي]]، و[[هارولد لويس]]، و[[سيغفريد أدولف واتهاوسين|سيغفريد واتهاوسين]].}}

وفي بدايات ثلاثينات القرن العشرين، كتب أوبينهايمر ورقة بحثية تنبَّأت بشكل جوهري بوجود [[بوزيترون|البوزيترون]]. وجاءت بعد ورقة بحثية نشرها ديراك تطرح بأن الإلكترون يمكنه امتلاك شحنة سالبة أو موجبة. وقدمت ورقة ديراك معادلة - أصبحت فيما بعد تُعْرف باسم [[معادلة ديراك]] - تُوَحِّد ميكانيكا الكم، والنسبية والخاصة، ومفهوم [[لف مغزلي|اللَّفْ المغزلي]] - الجديد وقتها - لشرح [[تأثير زيمان|ظاهرة تأثير زيمان]].<ref name="QuantumElectron">{{cite journal
|title=The quantum theory of the electron
|last=Dirac
|first=P. A. M.
|journal=Proceedings of the Royal Society of London. Series A
|issn=1364-5021
|volume=117 |pages=610–624
|year=1928
|author-link=Paul Dirac
|jstor=94981 |issue=778
|doi=10.1098/rspa.1928.0023
| bibcode = 1928RSPSA.117..610D |doi-access=free
}}</ref> وبالاستناد للمعرفة التجريبية الموجودة وقتها، رفض أوبينهايمر فكرة أن تكون الإلكترونات ذات الشحنة الموجبة التي تنبَّأ بها ديراك عبارة عن [[بروتون|بروتونات]]. وناقش أنها بموجب ما طرحه ديراك يجب أن تملك نفس وزن الإلكترونات بينما تثبت التجارب أن البروتونات أثقل بكثير من الإلكترونات. بعدها بعامَيْن، اكتشف [[كارل ديفيد أندرسون|كارل ديفيد أنديرسون]] البوزيترون، ما أدى إلى حصوله على جائزة نوبل للفيزياء عام 1936م.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=162–163}}</ref>

وفي أواخر ثلاثينات القرن العشرين، أصبح أوبينهايمر مهتمًّا [[فيزياء فلكية|بالفيزياء الفلكية]]، غالبًا بسبب صداقته مع [[ريتشارد تولمان]]، وأفضى ذلك الاهتمام إلى سلسلة من الأوراق البحثية. كانت أولها بعنوان "عن استقرار أَنْوِيَة النجوم النيوترونية" (بالإنجليزية: On the Stability of Stellar Neutron Cores) المنشورة عام 1938م،<ref>{{cite journal
|last1=Oppenheimer |first1=J.R.
|last2=Serber|first2=Robert |author-link2=Robert Serber
|year=1938
|title=On the Stability of Stellar Neutron Cores
|journal=[[Physical Review]]
|volume=54 |issue=7 |pages=540
|doi=10.1103/PhysRev.54.540
| bibcode = 1938PhRv...54..540O }}</ref> والتي كتبها بالتشارك مع [[روبرت سيربر]]، وهي تدرس خصائص [[قزم أبيض|الأقزام البيضاء]]. وجاءت بعدها ورقة بعنوان "عن أنوية النجوم النيوترونية العملاقة" ('''بالإنجليزية:''' On Massive Neutron Cores)، كتبها بالتشارك مع أحد طلابه وهو [[جورج فولكوف]]،<ref>{{cite journal
|last1 = Oppenheimer
|first1 = J.R.
|last2 = Volkoff
|first2 = G.M.
|author-link2 = George Volkoff
|url = http://www.mpia-hd.mpg.de/home/fendt/Lehre/Vorlesung_CO/1939_oppenheimer_volkoff.pdf
|access-date = January 15, 2014
|year = 1939
|title = On Massive Neutron Cores
|journal = [[Physical Review]]
|volume = 55
|issue = 4
|pages = 374–381
|doi = 10.1103/PhysRev.55.374
|bibcode = 1939PhRv...55..374O
|archive-date = January 16, 2014
|archive-url = https://web.archive.org/web/20140116084323/http://www.mpia-hd.mpg.de/home/fendt/Lehre/Vorlesung_CO/1939_oppenheimer_volkoff.pdf
|url-status = live
}}</ref> وتوضّح الورقة أن هناك حَدًّا - يعرف باسم [[حد تولمان–أوبنهايمر–فولكوف|حدّ تولمان-أوبينهايمر-فولكوف]]- لكتلة النجوم إذا تَجَاوَزَتْه فلن تبقى مستقرة [[نجم نيوتروني|كنجوم نيوترونية]] وستخضع [[انهيار جاذبي|لانهيار تجاذبيّ]]. وفي 1939م، أنتج أوبينهايمر وطالب آخر من طلابه - [[هارتلاند سنايدر]] - ورقة بحثية بعنوان "[[نموذج أوبينهايمر-سنايدر|عن الانكماش المستمر للجاذبية]]" ('''بالإنجليزية:''' On Continued Gravitational Contraction)،<ref>{{cite journal
|last1=Oppenheimer |first1=J.R.
|last2=Snyder |first2=H. |author-link2=Hartland Snyder
|year=1939
|title= On Continued Gravitational Contraction
|journal=[[Physical Review]]
|volume=56 |issue=5 |pages=455–459
|doi=10.1103/PhysRev.56.455
|bibcode = 1939PhRv...56..455O |doi-access=free
}}</ref> وتتنبَّأ بوجود ما أصبح يعرف لاحقًا [[ثقب أسود|بالثقوب السوداء]]. تبقى هذه الأوراق البحثية الأكثر استشهادًا بين أوراقه بعد الورقة الخاصة [[تقريب بورن-أوبنهايمر|بتقريب بورن-أوبنهايمر]]، وكانت عواملًا أساسية في نهضة أبحاث الفيزياء الفلكية في الولايات المتحدة في خمسينات القرن العشرين، تلك النهضة التي كانت بشكل رئيس على يد [[جون أرتشيبالد ويلر]].<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=89–90}}</ref>

اعتُبِرَتْ أوراق أوبينهايمر صعبة الفهم حتى من قِبَل العلماء القياسيين في المواضيع التجريدية التي كان خبيرًا بها. وكان مُولَعًا باستخدام طرق رياضية أنيقة وإن كانت غاية في التعقيد لوصف المباديء الفيزيائية، ذلك بالرغم من أنه يُنْتَقَد في بعض الأحيان لارتكابه أخطاءًا رياضية يُفْتَرَض أنها بسبب العَجَلَة. "كانت فيزياؤه جيدة"، يقول طالبه سنايدر، "ولكن رياضياته مُرِيعَة".<ref name="Bird, p. 88" />

وبعد [[الحرب العالمية الثانية]]، نشر أوبينهايمر 5 أوراق علمية فقط، إحداها كانت في الفيزياء الحيوية، ولم ينشر شيئًا بعد سنة 1950م قطّ. وعمل [[موري جيلمان]] - حاصل على جائزة نوبل فيما بعد - معه كعالم زائر في [[معهد الدراسات المتقدمة]] سنة 1951م، وقدَّم الرأي التالي عنه:

{{اقتباس|هو (أوبينهايمر) لا يمتلك القدرة على المواصلة عند جلوسه على الكرسي (للقيام بالبحث). وعلى حد معرفتي، فلم يكتب أبدًا ورقة بحثية طويلة ولا أجرى حسابًا طويلًا أو أي شيء من ذلك القبيل. لم يكن لديه الصبر لذلك؛ وتَكَوَّن عمله من أفكار ورؤى، ولكنها أفكار رؤى عبقرية. إلا أنه ألهم غيره من الناس ليقوموا بأشياء، وكان تأثيره مذهلًا.<ref name="Bird, p. 375">{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=375}}</ref>}}

== حياته السياسية والخاصة ==
[[ملف:J. Robert Oppenheimer at the Guest Lodge, Oak Ridge, in 1946 4.jpg|تصغير|upright=0.9|يسار|بديل=رجل يرتدي بدلة رسمية يجلس على كرسي ويدخن سيجارة.|أوبينهايمر في 1946م يحمل سيجارته دائمة الظهور.]]
=== السياسة ===
خلال عشرينات القرن العشرين، بقي أوبينهايمر غير مُدْرِك للقضايا العالمية. وزَعَم أنه لم يكن يقرأ الصُّحُف أو المجلات المشهورة وأنه لم يَعْلَم [[انهيار وول ستريت (1929)|بانهيار وول ستريت سنة 1929م]] إلا حينما كان في نزهة مع [[إرنست لورنس|إرنيست لورينس]] بعد 6 أشهر من الانهيار.<ref>{{harvnb|Herken|2002|p=12}}</ref><ref>{{harvnb|Childs|1968|p=145}}</ref> ويذكر أنه لم يُدْلِي بصوته الانتخابي بَتَاتًا قبل [[انتخابات الرئاسة الأمريكية 1936|انتخابات الرئاسة الأمريكية سنة 1936م]]. وابتداءًا من عام 1934م فصاعدًا، أصبح مهتمًّا بشكل متزايد بالسياسات والشؤون الدولية. وفي 1934م، خَصَّص 3% من راتبه السنوي -حوالي 100$ (ما يعادل {{Inflation|US|100|1937|r=-2}}$ في {{Inflation/year|US}})- لمدة سَنَتَيْن لدعم الفيزيائيين الألمان للهروب من [[ألمانيا النازية]]. وخلال [[إضراب شاطيء الساحل الغربي في أمريكا 1939م|إضراب شاطيء الساحل الغربي في أمريكا عام 1939م]]، حضر هو وبعض من طلابه -من ضمنهم [[ميلبا فيليبس]] و[[روبرت سيربر]]- مظاهرة [[عامل تحميل وتفريغ سفن|لعمال تحميل وتفريغ السُّفُن]] المُضْرِبِين. وحاول أوبينهايمر بشكل متكرر إيجاد مكان لسيربر في [[جامعة كاليفورنيا (بركلي)|جامعة كاليفورنيا في بيركلي]]، ولكنه كان يُقَابل بالمَنْع من قِبَل رئيس قسم الفيزياء في بيركلي وقتها ريموند ت. بيرج الذي شَعَر بأن "[[كوتا يهودية|يهوديًّا واحدًا في القِسْم كان كافيًا]]".<ref name="Bird 2005 104–107">{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=104–107}}</ref>

تُوُفِّيَتْ أم أوبينهايمر سنة 1931م، وأصبح أقرب لوالده الذي أصبح يزور أوبينهايمر بشكل دائم في كاليفورنيا بالرغم من أنه كان لا يزال يعيش في نيويورك.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=98}}</ref> وحينما توفى والده سنة 1937م، ترك أملاكًا بقيمة 392,602$ (ما يعادل {{Inflation|US|.392602|1937|r=1}} مليون دولار في {{Inflation/year|US}}) لتُقْسَم بين أوبينهايمر وأخيه فرانك، وكان لتلك الأملاك عائد سنوي يبلغ 10,000$ (ما يعادل {{Inflation|US|10000|1937|r=-2}}$ في {{Inflation/year|US}})،فكتب أوبينهايمر مباشرة وَصِيَّة يتبرع فيها بعد وفاته بحصته من الميراث إلى جامعة كاليفورنيا لتُسْتَخْدَم في تمويل طلاب الدراسات العُلْيَا.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=128}}</ref>

مثل الكثير من المُثَقَّفِين في ثلاثينات القرن العشرين، دَعَم أوبينهايمر إصلاحات اجتماعية صُنِّفَت لاحقًا كأفكار [[شيوعية]]. وتبرَّع لصالح العديد من القضايا التي اعْتُبِرَت ذات توجه [[يسارية|يَسَارِيّ]] خلال [[مكارثية|الحقبة المكارثية]]. كانت مُعْظَم أفعاله التي زُعِم بأنها أفعال متطرفة وانشقاقية عبارة عن استضافة لقاءات جمع التبرعات لدعم [[الجمهورية الإسبانية الثانية|الحكومة الجمهورية الإسبانية]] اليسارية في حربها الأهلية ضد القوميين الفاشيين وغيرها من النشاطات [[معاداة الفاشية|المعادية للفاشية]]. ولم ينضمّ البَتَّة بشكل عَلَنِيّ إلى [[الحزب الشيوعي الأمريكي]]، ذلك بالرغم من أنه قَدَّم المال لصالح قضايا يسارية عبر مَعَارِفٍ له يُزْعَم بأنهم أعضاء في الحزب.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=184–186}}</ref>

وعندما انضمّ إلى [[مشروع مانهاتن]] سنة 1942م، كتب أوبينهايمر في الاستبيان الأمني الخاص به أنه كان "عضوًا في جميع أَذْرِعَة الحزب الشيوعي في [[الساحل الغربي للولايات المتحدة|الساحل الغربي]] تقريبًا".<ref>{{cite magazine |last1=Teukolsky |first1=Rachel |date=Spring 2001 |title= Regarding Scientist X |magazine= Berkeley Science Review |issue=1 |page=17 |url=http://sciencereview.berkeley.edu/articles/issue1/scientistx.pdf | archive-url=https://web.archive.org/web/20060901083938/http://sciencereview.berkeley.edu/articles/issue1/scientistx.pdf | archive-date = September 1, 2006}}</ref> وبعد ذلك بِسَنَوَات، زَعَم أنه لا يتذكر بأنه قال وذلك، وأن ذلك التصريح ليس بصحيح، وأنه إن قال أي شيء يتماشى أو يشبه تلك العبارات، فلم يكن ذلك سوى "مُبَالَغَة نصف مَرِحَة".<ref>{{harvnb|United States Atomic Energy Commission|1954|p=9}}</ref> وكان مشتركًا بصحيفة ''[[عالم الناس]]''،<ref>{{cite web|access-date=May 22, 2008|url=http://www.nuclearfiles.org/menu/library/correspondence/oppenheimer-robert/corr_oppenheimer_1954-03-04.htm|title=Oppenheimer's Letter of Response on Letter Regarding the Oppenheimer Affair|publisher=[[Nuclear Age Peace Foundation]]|date=March 4, 1954|author=Oppenheimer, J. R.|archive-url=https://web.archive.org/web/20080514020045/http://www.nuclearfiles.org/menu/library/correspondence/oppenheimer-robert/corr_oppenheimer_1954-03-04.htm|archive-date=May 14, 2008|url-status=dead}}</ref> وهي إحدى أجهزة الحزب الشيوعي، وشهد في 1954م أنه "كان مُرْتَبِطًا بالحركة الشيوعية".<ref>{{harvnb|Strout|1963|p=4}}</ref> ومن 1937م حتى 1942م، كان أوبينهايمر عضوًا بما سمَّاه "مجموعة نقاش" في [[جامعة كاليفورنيا (بركلي)|جامعة كاليفورنيا في بيركلي]]، وعُرِف فيما بعد من خلال عُضْوَيْن زميلين لأوبينهايمر في تلك المجموعة هما [[هاكون شوفالييه]]<ref>{{cite web|url=http://www.brotherhoodofthebomb.com/bhbsource/document1.html|title=Chevalier to Oppenheimer, July 23, 1964|publisher=Brotherhood of the Bomb: The Tangled Lives and Loyalties of Robert Oppenheimer, Ernest Lawrence, and Edward Teller|access-date=February 24, 2011|archive-date=August 12, 2011|archive-url=https://web.archive.org/web/20110812215545/http://brotherhoodofthebomb.com/bhbsource/document1.html|url-status=live}}</ref><ref>{{cite web|url=http://www.brotherhoodofthebomb.com/bhbsource/new_evidence_2.html|title=Excerpts from Barbara Chevalier's unpublished manuscript|publisher=Brotherhood of the Bomb: The Tangled Lives and Loyalties of Robert Oppenheimer, Ernest Lawrence, and Edward Teller|access-date=February 24, 2011|archive-date=August 12, 2011|archive-url=https://web.archive.org/web/20110812220343/http://brotherhoodofthebomb.com/bhbsource/new_evidence_2.html|url-status=live}}</ref> وغوردون غريفيثز بأنها كانت وِحْدَة "مُغْلَقَة" (سرية) للحزب الشيوعي في كلية بيركلي.<ref>{{cite web|url=http://www.brotherhoodofthebomb.com/bhbsource/new_evidence_3.html|title=Excerpts from Gordon Griffith's unpublished memoir|publisher=Brotherhood of the Bomb: The Tangled Lives and Loyalties of Robert Oppenheimer, Ernest Lawrence, and Edward Teller|access-date=February 24, 2011|archive-date=August 21, 2011|archive-url=https://web.archive.org/web/20110821231219/http://www.brotherhoodofthebomb.com/bhbsource/new_evidence_3.html|url-status=live}}</ref>

وفَتَح [[مكتب التحقيقات الفيدرالي]] ملفًّا لأوبينهايمر في مارس 1941م للتحقيق في نشاطاته. وسجل مكتب التحقيقات أنه حضر اجتماعًا في 20 ديسمبر 1940م في منزل شوفالييه، ذلك الاجتماع حضره أيضًا أمين الحزب الشيوعي في ولاية كاليفورنيا، [[ويليام شنايدرمان]]، وكذلك أمين صندوقه [[آيزاك فولكوف]]. ولاحظ مكتب التحقيقات الفيديرالي أن أوبينهايمر كان في اللجنة التنفيذية [[الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية|للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية]] الذي يُعْتَبَر ذراعًا للحزب الشيوعي. بعدها بفترة قصيرة، أضاف مكتب التحقيقات اسم أوبينهايمر إلى [[فهرس مكتب التحقيقات الفيدرالي#قائمة الاحتجاز التَّحَفُّظي|قائمة الاحتجاز التَّحَفُّظي]]، وذلك يعني اعتقاله عند إعلان حالة طواريء وطنية.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=137–138}}</ref>

كان العديد من أقرب الناس لأوبينهايمر ناشطين في الحزب الشيوعي في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين، بِمَن فيهم أخوه فرانك، وجاكي زوجة فرانك،<ref>{{cite magazine|access-date=May 22, 2008|url=http://www.time.com/time/magazine/article/0,9171,800436,00.html|archive-url=https://web.archive.org/web/20071121210619/http://www.time.com/time/magazine/article/0,9171,800436,00.html|url-status=dead|archive-date=November 21, 2007|title=The Brothers|magazine=[[Time (magazine)|Time]]|date=June 27, 1949 |url-access=subscription}}</ref> وكيتي،<ref>{{cite web|access-date=December 16, 2013|url=http://vault.fbi.gov/Katherine%20Oppenheimer/Katherine%20Oppenheimer%20Part%201%20of%201|title=FBI file: Katherine Oppenheimer|date=May 23, 1944|publisher=[[Federal Bureau of Investigation]]|format=PDF|page=2|archive-date=May 25, 2013|archive-url=https://web.archive.org/web/20130525101636/http://vault.fbi.gov/Katherine%20Oppenheimer/Katherine%20Oppenheimer%20Part%201%20of%201/|url-status=live}}</ref> وتاتلوك، وماري إلين وُوشبيرن مَالِكَة المكان الذي كان يسأجره،<ref>{{cite web|access-date=May 22, 2008|url=http://ohst.berkeley.edu/oppenheimer/exhibit/text/ch2page2.html|title=A Life|publisher=[[University of California, Berkeley]]|archive-url=https://web.archive.org/web/20071127210103/http://ohst.berkeley.edu/oppenheimer/exhibit/text/ch2page2.html |archive-date = November 27, 2007}}</ref> وعدد من طلاب الدراسات العليا تحت إشرافه في جامعة بيركلي.<ref name="Haynes 2006 147">{{harvnb|Haynes|2006|p=147}}</ref> وكانت مسألة إن كان أوبينهايمر عضوًا في الحزب أم لا موضوعًا جَدَلِيًّا. اتَّفَق معظم المؤرخين على أنه كان يمتلك آراءًا يسارية قوية خلال هذا الوقت وتَعَامَل مع أعضاءٍ من الحزب، ولكن اختلف المؤرخون ما إن كان عضوًا رسميًّا فيه. في جلسات الاستماع المتعلقة بتصريحه الأمني في 1954م، أَنْكَر أوبينهايمر كُوْنَه عضوًا في الحزب الشيوعي وقال إنه [[رفيق سفر]]، وعَرَّف أوبينهايمر رفيق السفر بأنه شخص يوافق على الكثير من الأهداف الشيوعية ولكنه لا يريد الاتباع الأعمى لأوامر أي جهة تابعة للحزب الشيوعي.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=199–200}}</ref>

=== العلاقات والأبناء ===
في عام 1936م، انْخَرَط أوبينهايمر في علاقة مع [[جان تاتلوك|جين تَاتْلوك]]، ابنة أستاذ في [[جامعة كاليفورنيا (بركلي)|جامعة كاليفورنيا في بيركلي]] وطالبة في [[كلية الطب بجامعة ستانفورد]]. وكانت لديهما وجهات نظر سياسية مُتَمَاثِلَة؛ فكانت تاتلوك تَكْتُب في ''العَامِل الغَرْبِي''، وهي صحيفة تابعة للحزب الشيوعي الأمريكي.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=111–113}}</ref> وفي سنة 1939م، وبعد علاقة عاصِفَة بالمشاكل بين الاثنين، تَرَكَتْ تاتلوك أوبينهايمر. وفي أغسطس من تلك السنة، التقى أوبينهايمر [[كاثرين أوبنهايمر|بكاثرين ("كيتي") بيونينغ]]، طالبة ذات أفكار سياسية ثائرة في جامعة بيركلي وعضوة سابقة في الحزب الشيوعي. استمر زواج كيتي الأول عدة أشهر فقط. أما زاوجها الثاني، فكان [[زواج عرفي في الغرب|زواجًا عُرْفِيًّا]] من [[جو داليت]] العضو الفاعل في الحزب الشيوعي، وانتهى زواجهما بِمَقْتَل داليت في الحرب الأهلية الإسبانية.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=153–160}}</ref>

وعادت كيتي من أوروبا إلى الولايات المتحدة حيث حَصَلَتْ على درجة البكالوريوس في [[علم النبات]] من [[جامعة بنسيلفانيا]]. وفي 1938م، تزوجت من ريتشارد هاريسون، طبيب وباحث في المجال الطبي كذلك، وفي يونيو 1939م انتقلت معه إلى [[باسادينا (كاليفورنيا)|باسادينا]] في ولاية كاليفورنيا، وهناك أصبح ريتشارد رئيس قسم الأشعَّة في مستشفى محلي والتحقت كيتي [[جامعة كاليفورنيا (لوس أنجلوس)|بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجيلوس]] كطالبة دراسات عليا. وهناك الْتَقَتْ بأوبينهايمر في إحدى الحفلات التي حضرتها مع زوجها في أغسطس من نفس العام، ثم بدأت بعد ذلك علاقة غرامية معه، وفي صيف سنة 1940م، مَكَثَتْ مع أوبينهايمر في منزله الريفي في ولاية نيومكسيكو. وعندما اكتشفت بأنها حامل منه، طلبت من هاريسون الطلاق الذي وافق عليه. وفي 1 نوفمبر 1940م، حَصَلَتْ على طلاق سريع في مدينة [[رينو (نيفادا)|رينو]] في ولاية [[نيفادا]]، وتزوجت أوبينهايمر.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=160–162}}</ref><ref>{{harvnb|Streshinsky|Klaus|2013|pp=111–119}}</ref>

كان أول مولود لهما هو بيتر الذي وُلِد في مايو 1941م، وكانت كاثرين ("توني") هي ثاني أبناءهما، وقد ولدت في [[لوس ألاموس (نيومكسيكو)|لوس ألاموس]] في ولاية [[نيومكسيكو]] بتاريخ 7 ديسمبر 1944م.<ref name="Cassidy, pp. 186-187">{{harvnb|Cassidy|2005|pp=186–187}}</ref> وخلال زواجه من كيتي، أعاد أوبينهايمر علاقته مع تاتلوك.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=231–233}}</ref> ولاحقًا، شَكَّل استمرار تَوَاصُله مع تاتلوك مشكلةً له في جلسات الاستماع الخاصة بتصريحه الأمني وذلك بسبب ارتباطات تاتلوك الشيوعية.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=232–234, 511–513}}</ref>

وخلال تطوير القنبلة النووية، كان مكتب التحقيقات الفيديرالي وكذلك الجهاز الأمني الداخلي لمشروع مانهاتن يُحَقِّقَان في ارتباطات أوبينهايمر اليسارية في الماضي. وقد لاحقه أفراد أمنٍ عسكريون خلال رحلة ذهب فيها إلى ولاية كاليفورنيا في يونيو 1943م لزيارة تاتلوك التي كانت تعاني [[اضطراب اكتئابي|الاكتئاب]]. وقضى أوبينهايمر تلك الليلة في شَقَّتِهَا.<ref name="Herken, pp. 101-102">{{harvnb|Herken|2002|pp=101–102}}</ref> وقتَلَت تاتلوك نَفْسَهَا بتاريخ 4 يناير 1944م تاركةً أوبينهايمر في حالة حَسْرَة عميقة.<ref name="Bird 2005 249–254">{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=249–254}}</ref>

في [[مشروع Y|منشأة لوس ألاموس]]، بدأ أوبينهايمر علاقة غرامية مع [[روث تولمان]]، أَخِصَّائيَّة نفسية وزوجة صديقه [[ريتشارد تولمان]]. وانْتَهَت تلك العلاقة بعدما غادر أوبينهايمر منشأة لوس ألاموس وعاد إلى شرق الولايات المتحدة ليصبح مُدِيرًا [[معهد الدراسات المتقدمة|لمعهد الدراسات المتقدمة]]، ولكن بعد وفاة ريتشارد في أغسطس 1948م، أَعَادَا الاتصال معًا وصارا يَلْتَقِيَان بين الحين والآخر حتى وفاة روث في 1957م. نَجَتْ القليل من الرسائل التي دارت بينهما، ولكنها كانت كافية لتُظْهِر أنهما امتلكا علاقة وثيقة وعاطفية حيث كان يشير لها بتعبير "حٌبِّي".<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=363–365}}</ref><ref>{{harvnb|Streshinsky|Klaus|2013|pp=290–292}}</ref>

=== الروحانية ===
{{Quote box
|quote = بذل أوبينهايمر جُهْدًا جَهِيدًا [في ربيع عام 1929م] ولكنه امتلك موهبة تَخْبِأة عمله الدؤوب بادِّعَاء اللامبالاة. في الواقع، كان مُنْخَرِطًا بحسابات بالغة الصعوبة لعدم نَفَاذِيَّة أَسْطُح النجوم لإشعاعاتها الداخلية،{{Refn|group=ملاحظة|عدم نَفَاذِيَّة سطح النجم لإشعاعه الداخلي تعني قدرة سطح النجم على حَبْس (عدم إنفاذ) الإشعاع الكهرومغناطيسي المُتَوَلِّد من باطنه.}} وهو [عدم النفاذية] ثابت هام في البناء النظري للنماذج النجمية. لقد تحدث قليلًا عن تلك القضايا و[لكنَّه] بَدَا أكثر اهتمامًا بالأدب، خاصة الكلاسيكيَّات الهندوسية والكُتَّاب الغَرْبِيِّين الأبعد عن اهتمام غالبية الناس. ذَكَر لي [[فولفغانغ باولي|باولي]] ذات مرة أن أوبينهايمر يُعَامِل الفيزياء كَهِوَاية والتحليل النفسي كَمِهْنَة. <div style="text-align: left">— [[أيزيدور إسحق رابي]]{{sfn|Pais|2006|p=17–18}}</div>
| width = 30%
| align = left|salign=left
}}
كان لأوبينهايمر اهتمامات مُتَبَاعِدَة شَتَّتَتْ في بعض الأحيان تركيزه على العلم. فقد أحبّ الأشياء بالغة الصعوبة، وبما أن الكثير من العمل العِلْمِيّ بَدَا سهلًا بالنسبة له، أصبح مُهْتَمًّا بالمواضيع الروحانية والغامضة{{sfn|Bird|Sherwin|2005|p=99,102}}. وبعد مغادرة هارفارد، بدأ بالاطِّلَاع على [[نصوص هندوسية|النصوص الهندوسية]] الكلاسيكية من خلال نُسَخِهَا المترجمة إلى الإنجليزية.{{sfn|Schweber|2006|p=543}} وكان أيضًا مهتمًّا بتعلُّم اللغات فتعلَّم [[اللغة السنسكريتية|السنسكريتية]]،{{Refn|group=ملاحظة|يتحدث أوبينهايمر أيضًا الهولندية، والألمانية، والفرنسية، وبعض الصينية.{{sfn|Hunner|2012|p=17}}}} وذلك على يد [[آرثر ويليام رايدر|آرثر رايدر]] في [[جامعة كاليفورنيا (بركلي)|جامعة كاليفورنيا في بيركلي]] عام 1933م.<ref>{{Cite magazine |date=November 8, 1948 |title=The TIME Vault: November 8, 1948 |url=http://time.com/vault/issue/1948-11-08/spread/76/ |access-date=April 25, 2023 |magazine=[[Time (magazine)|Time]] |page=75}}</ref>{{sfn|Roy|2018|p=157}} وفي نهاية المطاف قرأ أعمالًا أدبية مثل ''[[البهاغافاد غيتا]]'' و[[الميغادوتا]] بالسنسكريتية الأصلية، وتَفَكَّر وتأمل فيما قرأه بشكل عميق. وذكر لاحقًا أن ''الغيتا'' كان أحد الكتب التي شَكَّلَتْ فلسفته في الحياة.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=99,102}}</ref><ref>{{harvnb|Hijiya|2000|p=133}}</ref> وكتب لأخيه مرة يقول له بأن ''الغيتا'' كان "سهلًا جدًّا ومُذْهِلًا للغاية"، كما وصفه بأنه "الأغنية الفلسفية الأجمل في أي لغة معروفة"، وهنا يقصد بأن الكتاب سيبقى الأغنية الفلسفية الأجمل بغض النظر عن اللغة التي كُتِب بها.{{sfn|Roy|2018|p=157}} وأعطى لاحقًا نُسَخًا من الكتاب كهدايا لأصدقاءه وأبقى لنفسه نسخة شخصية مُهْتَرِئَة في رَفّ الكتب المجاور لِمَكْتَبِه.{{sfn|Roy|2018|p=157}} ولَقَّب سيارته باسم [[جارودا]]، وهو الطائر الذي كان يركبه الإله الهندوسي [[فيشنو]].{{sfn|Boyce|2015|p=595}}

لم يصبح أوبينهايمر يومًا هندوسيًّا بالمعنى التقليدي؛ فلم يشارك في أي معبد أو صلاة ولم يعبد أيًّا من الآلهة الهندوسية.{{sfn|Roy|2018|p=158}}{{sfn|Hijiya|2000|p=126}} ولكنه كان "فعلًا مَأخُوذ بالسحر الجذاب والحِكْمَة العامة في البهاغافاد-غيتا" كما قال أخوه.{{sfn|Roy|2018|p=158}} ويُعْتَقَد بأن اهتمام أوبينهايمر بالفِكْر الهندوسي بدأ خلال تعاملاته السابقة مع [[نيلز بور]].{{sfn|Scott|Besmann|Goldberg|Hawkins|1994|p=60}} حيث كان أوبينهايمر وبور شَدِيدَا التحليل والنقد لقصص [[أساطير هندوسية|الأساطير الهندوسية]] القديمة و[[ما وراء الطبيعة|الغَيْبِيَّات]] (الميتافيزيقا) المُضَمَّنَة فيها.{{sfn|Scott|Besmann|Goldberg|Hawkins|1994|p=60}} وبينما كان يتحدث عن أدب [[اليونان القديمة]] في حديث له مع [[ديفيد هوكينز (أستاذ جامعي)|ديفيد هوكينز]] قبل الحرب، قال أوبينهايمر: "لقد قرأت للإغريق؛ وأَجِد أن الهندوسية أَعْمَق".{{sfn|Scott|Besmann|Goldberg|Hawkins|1994|p=60}}

[[أيزيدور إسحق رابي]] صديق أوبينهايمر المُقَرَّب وزميله الذي رآه خلال سنين خدمته في بيركلي ولوس ألاموس وبرينستون يَتَعَجَّب "لماذا الرجال الذين يمتلكون مواهب أوبينهايمر لا يكتشفون كل شيء يستحق الاكتشاف"،{{sfn|Pais|2006|p=143}} ويعبر عن رأيه قائلًا:

{{اقتباس|أوبينهايمر كان مُتَعَلِّمًا أكثر من اللازم في الحقول القابعة خارج التقاليد العلمية، مثل اهتمامه في الدين، في الدين الهندوسي على وجه الخصوص، وهذا وَلَّد شعورًا بغموض الكَوْن الذي طَوَّقَه كالضباب. لقد رأى الفيزياء بوضوح ناظرًا نحو ما تم إنجازه بالفعل، ولكن عند الحد [الفاصل ما بين ما تم اكتشافه والمجهول] كان يميل للشعور بأن هناك غَيْبِيَّات وبدائع أكثر مما كان الأمر عليه في الحقيقة ... [انْحَرَف] بعيدًا عن طرق الفيزياء النظرية الصعبة والواضحة مُتَّجِهًا نحو عَالَم روحانيّ من الحَدْس الواسع .... بداخل أوبينهايمر كان عنصر الوَاقِعِيَّة ضعيفًا. ومع ذلك فإن هذه السِّمَة الروحية، هذا النقاء الظاهر في كلامه وسلوكه، كان بشكل جوهريّ الأساس في شخصيته البَرَّاقة. لم يُعَبِّر يومًا عن نفسه بشكل كامل. دائمًا ما كان يترك [عند المستمعين] شعورًا أن هناك أعماقًا من الأحاسيس والمُدْرَكَات التي لم يكشف عنها بعد. قد تكون هذه هي سِمَات القائد بالفطرة الذي يبدو عليه امتلاك مخزونات من القوة الغامضة.<ref>Rabi, ''Oppenheimer'' (1969), p. 7, cited in {{harvnb|Rhodes|1977|p=149}}, {{harvnb|Hijiya|2000|p=166}} and {{harvnb|Pais|2006|p=143}}</ref>}}

وعلى الرغم من ذلك، أشار مُرَاقِبُون كالفيزيائي [[لويس ألفاريز]] بأن أوبينهايمر لو عاش كفاية ليشهد إثبات تَنَبُّؤَاتِه بالأدلة التجريبية، لَكَان من الممكن أن يحصل على جائزة نوبل عن عمله على [[انهيار تثاقلي|الانهيار التَّجَاذُبِيّ]] المتعلق بالنجوم النيوترونية والثقوب السوداء.<ref name="Gerjuoy">{{harvnb|Kelly|2006|p=128}}</ref><ref>{{harvnb|Feldman|2000|pp=196–198}}</ref> في الوقت الحاضر، يعتبر بعض الفيزيائيين والمؤرخين بأن هذا هو أهم إسهام علمي لأوبينهايمر، بالرغم من أن ذلك العمل لم يُقْنِع العلماء الآخرين خلال فترة حياته.<ref>{{harvnb|Hufbauer|2005|pp=31–47}}</ref> وسأل الفيزيائي والمؤرخ [[أبراهام بايز]] ذات مرة أوبينهايمر عن أكثر مساهماته العلمية أهميةً برأيه؛ فأشار أوبينهاير إلى عمله على الإلكترونات و[[بوزيترون|البوزيترونات]]، وليس إلى عمله على الانكماش التَّجَاذُبِيّ.<ref name="Pais 2006 33">{{harvnb|Pais|2006|p=33}}</ref> ترشَّح أوبينهاير لجائزة نوبل في الفيزياء ثلاث مرات، في 1946م، و1951م، و1967م، ولكنه لم يفز بأيٍّ منها.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|p=178}}</ref><ref>{{cite web |url=https://www.nobelprize.org/nomination/archive/show_people.php?id=6873 |title=Nomination Archive – Robert J. Oppenheimer |date=April 2020 |publisher=Nobel Media AB |access-date=July 16, 2020 |archive-date=July 17, 2020 |archive-url=https://web.archive.org/web/20200717141334/https://www.nobelprize.org/nomination/archive/show_people.php?id=6873 |url-status=live }}</ref>

== مشروع مانهاتن ==

=== لوس ألاموس ===
{{مفصلة|مشروع Y|ت1=منشأة لوس ألاموس}}
[[ملف:Oppenheimer-j r.jpg|تصغير|upright=0.8|يمين|بديل=صورة وجه تظهر عليها عبارة "K-6"|الصورة الشخصية لأوبينهايمر من منشأة لوس ألاموس.]]

بتاريخ 9 أكتوبر 1941م، قبل شَهْرَيْن من دخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، صادق الرئيس [[فرانكلين روزفلت|فرانكلين ديلانو روزفلت]] على برنامج مُسْتَعَجل لتطوير القنبلة الذرية. وكان [[إرنست لورنس]] هو من أحضر أوبينهايمر إلى البرنامج 21 أكتوبر. وفي 18 مايو 1942م،{{sfn|Hewlett|Anderson|1962|pp=44–46}} طلب رئيس [[لجنة بحوث الدفاع الوطني]] [[جيمس كونانت]] - الذي كان أستاذًا لأوبينهايمر في هارفارد - منه استلام مهمة إجراء الدراسات على [[حرارة النيوترون#النيوترونات السريعة|النيوترون السريع]]، وهي مهمة انْكَبَّ أوبينهايمر على تأديتها. وتقلَّد أوبينهايمر لقب "مُنَسِّق التَّمَزُّق السريع"، وذلك يشير بالتحديد إلى انتشار النيوترونات وتضاعف أعدادها وشَطْرِهَا لذرات المادة المكوِّنَة لقلب القنبلة الذرية في تفاعل متسلسل سريع يؤدي إلى تمزُّق قلب القنبلة. وكان أحد أول الإجراءات التي قام بها إقامة برنامج بحثيّ صيفي في [[جامعة كاليفورنيا (بركلي)|بيركلي]]. وكان المشاركون فيه مزيجًا من الفيزيائيين الأوروبيين ومجموعة من طلابه الذين عملوا جاهدين لمعرفة ما يجب فعله وكيفية تنظيم العمل عليه لصناعة القنبلة، ضمت المجموعة [[روبرت سيربر]]، و[[إميل كونوبينسكي]]، و[[فليكس بلوخ]]، و[[هانز بيته]]، و[[إدوارد تيلر]].{{sfn|Norris|2002|p=240}}{{sfn|Hoddeson|Henriksen|Meade|Westfall|1993|pp=42–44}}

في يونيو 1942م، أسَّس [[القوات المسلحة الأمريكية|الجيش الأمريكي]] [[مشروع مانهاتن|دائرة مانهاتن الهندسية]] لتتولى المهام الخاصة بالجيش في مشروع تصنيع القنبلة الذرية، وهو ما بدأ عملية نقْل المسؤولية من [[مكتب البحث العلمي والتطوير]] إلى الجيش.<ref>{{harvnb|Hewlett|Anderson|1962|pp=72–74}}</ref> وفي سيتمبر، عُيِّن العميد [[ليزلي غروفز|ليزلي ر. غروفز جونيور]] مديرًا لما أصبح يُعْرَف باسم مشروع مانهاتن (مشروع تطوير القنبلة الذرية).<ref>{{harvnb|Hewlett|Anderson|1962|pp=81–82}}</ref> وبحلول 12 أكتوبر 1942م، قرَّر غروفز وأوبينهايمر تأسيس منشأة بحثية سرية في مكان بعيد لغايات الحفاظ على السِّرِّيَّة وتحسين تواصل أفراد فريق العمل.{{sfn|Hoddeson|Henriksen|Meade|Westfall|1993|pp=57–58}}

غروفز اختار أوبينهايمر ليرأس منشأة الأسلحة السرية التابعة لمشروع مانهاتن، بالرغم من أن تاريخ التعيين غير معروف بدقة.{{sfn|Norris|2002|p=244}} وفاجأ ذلك القرار الكثيرين لأن أوبينهايمر كانت له آراء سياسية يسارية ولم تكن لديه تجارب سابقة في إدارة المشاريع الضخمة. سَاوَر القلق غروفز بأن أوبينهايمر لن يحظى باحترام العلماء الآخرين العاملين معه لأنه لم يحصل على جائزة نوبل،{{sfn|Groves|1962|pp=61–63}} ولكنه تفاجأ بإلمام أوبينهايمر بالجوانب العَمَلِيَّة للمشروع وبمعرفته الواسعة. وأدرك غروفز -باعتباره [[هندسة عسكرية|مهندسًا عسكريًّا]]- أن ذلك غاية في الأهمية بالنسبة لمشروع متعدد التخصصات يمكن أن لا يقتصر على الفيزياء فقط بل يمكن أن يضم أيضًا الكيمياء، و[[علم الفلزات]]، و[[سلاح متفجر|المتفجرات]]، و[[هندسة|الهندسة]]. كما رصد غروفز في أوبينهايمر ما لم يرصده الكثيرون غيره وهو "الطموح المَبَالَغ فيه"،{{sfn|Norris|2002|p=242}} ذلك الطموح الذي اعتقد غروفز أنه سيوفر الدافع الضروري لقيادة المشروع نحو نهاية ناجحة.{{sfn|Norris|2002|p=242}} وبالرغم من أنه لم يغفل عن ارتباطات أوبينهايمر الشيوعية في الماضي، ولكن في 20 يوليو 1943م أصدر غروفز أَمْرًا بأن يحصل أوبينهايمر على تصريح أمني "بدون تأخير بغض النظر عن المعلومات التي تملكونها عن السيد أوبينهايمر. إنه ذو أهمية جوهرية للمشروع".<ref>{{harvnb|Groves|1962|p=63}}</ref> واعتبر [[أيزيدور إسحق رابي]] أن تعيين أوبينهايمر كان "بالفعل حركة عبقرية من جانب الجنرال غروفز الذي لم يكن يُعْتَبَر عبقريًّا في العموم".{{sfn|Bird|Sherwin|2005|pp=185–187}}

فَضَّل أوبينهايمر إقامة المنشأة البحثية في ولاية [[نيومكسيكو]]، ليس بعيدًا عن منزله الريفيّ. وفي 16 نوفمبر 1942م، أخذ جولة مع غروفز وآخرين في موقع مُقْتَرَح. ولكن أوبينهايمر انتابه الخوف حيال أن المرتفعات شديدة الانحدار التي تُطَوِّق ذلك الموقع قد تعطي شعورًا برُهَاب الأماكن الضيقة، وكان قلقًا أيضًا حيال وقوع فيضان محتمل. فاقترح بعدها موقعًا يعرفه جيدًا بنفسه: [[هضيبة|هُضَيْبَة]] مٌسْتًوٍيَة بالقرب من [[سانتا فيه (نيومكسيكو)|سانتا فيه]] في ولاية نيومكسيكو والتي كانت موقعًا تابعًا لمدرسة أولاد خاصة، [[مدرسة لوس ألاموس الريفية]]. قَلِق المهندسون حيال رداءة طريق الوصول وحيال إمداد الماء، ولكن بخلاف ذلك بَدَا المكان مثاليًّا.{{sfn|Groves|1962|pp=66–67}} وبُنِيَت [[مشروع Y|منشأة لوس ألاموس]] في موقع المدرسة، واسْتَحْوَذُوا على بعض المباني التابعة لها، بينما بُنِيَت الكثير من المباني الجديدة بعجلة كبيرة. وفي تلك المنشأة، جمع أوبينهايمر مجموعة من كبار الفيزيائيين في ذلك الوقت، وأطلق عليهم لقب "النجوم".{{sfn|Smith|Weiner|1980|p=227}}

في باديء الأمر، كان من المفترض أن تكون لوس ألاموس منشأة عسكرية، وأن يَنْضَمّ أوبينهايمر والباحثون الآخرون إلى الجيش. وذهب أوبينهايمر بعيدًا في ذلك إلى حد أنه أوصى على بدلة عسكرية لرتبة كولونيل وخضع لاختبار الجيش الطبي الذي فشل فيه. حيث اعتبر الأطباء أنه يعاني نقص الوزن البالغ 128 باوند (58 كغم)، وشَخَّصُوا سَعْلَتَه المُزْمِنَة على أنها [[سل|سُلّ]]، وساورهم القلق حول الألم المزمن الذي يعاني منه في [[مفصل قطني عجزي|المَفصِل القَطَنِيّ العَجُزِيّ]].<ref name="Bird & Sherwin, p. 210">{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=210}}</ref> وأُلْغِيَت خطة انضمام العلماء إلى الجيش حينما رفض رابي و[[روبرت باشر]] الفكرة بشكل مفاجيء. وخرج كونانت، وغروفز، وأوبينهايمر بحل وسيط تُدِير فيه جامعة كاليفورنيا المنشأة بِمُوجِب عقد مع [[وزراة الحربية الأمريكية]].<ref>{{harvnb|Hewlett|Anderson|1962|pp=230–232}}</ref> واتَّضح بعد وقت قصير أن أوبينهايمر قدَّر حجم المشروع بشكل أقل بكثير مما غَدَا عليه، حيث ارتفع عدد الناس في لوس ألاموس من بضع مئات في 1943م إلى أكثر من 6,000 في 1945م.<ref name="Bird & Sherwin, p. 210" />

واجه أوبينهايمر في البداية صعوبة في تنظيم مجموعات العمل الكبيرة ولكنه سرعان ما تعلَّم فن الإدارة واسعة النطاق بعد حصوله على سَكَن دائم في لوس ألاموس. وقد لُوحِظ إتقانه لجميع الشؤون العلمية للمشروع ولوحظ أيَضًا مجهوده في السيطرة على الصراعات الثقافية التي كان لا مفر منها بين العلماء والجيش. وكتب [[فيكتور فايسكوبف]]:

{{اقتباس|لقد أدار أوبينهايمر هذه الأبحاث -النظرية والعَمَلِيَّة- بكل ما تحمله الكلمات من معنى. هنا كانت سرعته الخارقة للطبيعة في استيعاب النقاط الرئيسة لأي موضوع عنصرًا حاسمًا؛ فاستطاع تعريف نفسه بكافة التفاصيل الجوهرية لكل جزء في العمل.

لم يكن يدير المشروع من المكتب المركزي. فكان بعقله وجسده متواجدًا عند كل خطوة حاسمة. وكان متواجدًا في المختبر أو في غرف النَّدَوَات، ذلك عند اختبار تأثير جديد، وعند دراسة فكرة جديدة. لم يكن الأمر أنه كان يساهم بالكثير من الأفكار والمُقْتَرَحَات، كان يفعل ذلك في بعض الأحيان، ولكن تأثيره الرئيس جاء من شيء آخر. جاء من حضوره المستمر والكثيف، ما وَلَّد بداخلنا جميعًا إحساسًا بأهميتنا المباشرة في المشروع، ما خلق جوًّا من الحماس والتحدي الذي غَمَر المكان طيلة فترة إدارته.<ref>{{harvnb|Bethe|1968a}}; reprinted as {{harvnb|Bethe|1997|p=190}}</ref>}}

=== تصميم القنبلة ===
[[ملف:Groves and Oppenheimer.jpg|تصغير|upright=1.4|بديل=رجلان أحدها يرتدي زيًّا عسكريًّا والآخر بدلة رسمية يُجْرِيَان حوارًا|[[ليزلي غروفز]] القائد العسكري لمشروع مانهاتن مع أوبينهايمر عام 1942م.]]

عند هذه النقطة من الحرب كان هناك قلق كبير بين العلماء بأن [[برنامج التسلح النووي الألماني|برنامج التَّسَلُّح النووي الألماني]] كان يتقدم بشكل أسرع من مشروع مانهاتن (مشروع التسلح النووي الأمريكي).<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=221–222}}</ref>{{sfn|Rhodes|1986|pp=511–512}} وفي رسالة مُؤَرَّخَة بتاريخ 25 مايو 1943م، ردّ أوبينهايمر على اقتراح قدمه [[إنريكو فيرمي]] بِتَسْمِيم إمدادات الطعام الألمانية باستخدام المواد المشعة بدلًا من استخدامها في تطوير قنبلة نووية قد يسبقهم إليها الألمان، فكان رد أوبينهايمر بأن يسأله إن كان يستطيع إنتاج كمية كافية من [[سترونشيوم|السترونتيوم]] دون تعريف عدد أكثر من اللازم من الناس بهذه الخطة السرية، ويستكمل أوبينهايمر: "أعتقد أننا يجب أن لا نجرب الخطة إلا إن استطعنا تَسْمِيم طعام كافٍ لقتل نصف مليون رجل".{{sfn|Rhodes|1986|pp=510–511}}

[[ملف:كيفية تجميع الكتلة فوق الحرجة في السلاح المدفعي وسلاح الانبجار.svg|تصغير|upright=1.4|مقارنة آلية تكوين الكتلة فوق الحرجة بين سلاح الانشطار المدفعي (في الأعلى) وسلاح الانبجار (في الأسفل).]]

وفي 1943م، كانت الجهود التطويرية مُنْصَبَّة على بناء [[مدافع الإنشطار النووي|سلاح انشطار من النوع المِدْفَعِيّ]] يستخدم [[بلوتونيوم|البلوتونيوم]] [[مادة انشطارية|كمادة انشطارية]]، كان اسم السلاح "[[الرجل النحيف (قنبلة)|الرجل النحيف]]". اُجْرِيَت البحوث الأولية على خصائص البلوتونيوم باستخدام [[بلوتونيوم-239|البلوتونيوم-239]] المُنصَنَّع باستخدام [[مسرع دوراني|المُسَرِّع الدوراني]]، وهو يمتلك درجة عالية من النقاء ولكنه يمكن أن يُصَنَّع بكميات ضئيلة فقط بتلك الطريقة. وحينما وصلت أول عينة من البلوتونيوم إلى لوس ألاموس من [[مفاعل جرافيت X-10 النووي|مُفَاعِل جرافيت X-10 النووي]] في إبريل 1944م ظَهَرَت مشكلة: كان العلماء مُدْرِكُون أن البلوتونيوم-239 الناتج من المفاعل لن يكون بنفس نَقَاء البلوتونيوم-239 الذي أُنْتِج باستخدام المسرع الدوراني، بالتالي سيحتوي البلوتونيوم على شوائب من نظار أخرى، ولكنهم اكتشفوا أن البلوتونيوم المُوَلَّد في المفاعل يحتوي على نسبة من النظير [[بلوتونيوم-240]] أعلى من النسبة المُفْتَرَضَة، ويجب العلم أن السلاح النووي المدفعي يقوم على تكوين [[كتلة حرجة|الكتلة الحرجة]] عند تفجير القنبلة، و'''الكتلة الحرجة''' هي الكمية الدنيا اللازمة من المادة الانشطارية لاستدامة التفاعل المُتَسَلْسِل الذي يحدث عند قَصْفِها بنيوترونات تؤدي إلى شَطْر (قَسْم)الذرات التي تصدر بدورها نيوترونات أخرى تشطر ذرات أخرى، وعند الكتلة الحرجة تحافظ المادة بنفسها على الانقسام المتسلسل دون الحاجة للمزيد من النيوترونات المقذوفة من الخارج أي أن كل عملية انشطار تٌنْتِج ما معدله (1) نيوترون يؤدي إلى انشطار ذرة أخرى بدلًا من خروجه من المادة أو امتصاص طاقته من الذرات دون انشطارها، أما إن كانت المادة تملك '''كتلةً تحت الحرجة'''، فإن هذا يعني أن النيوترونات المقذوفة على المادة المشعة لن تستطيع المحافظة على أعدادها وستنخفض بمعدل سريع جدًّا ومُتَضَاعِف باستمرار مما يعني انتهاء التفاعل المتسلسل لأن كل عملية انشطار تنتج ما معدله أقل من (1) نيوترون سيذهب ليحدث انشطارًا آخر، أما في حالة '''الكتلة فوق الحرجة'''، فإن النيوترونات ستؤدي إلى انقسامات مستمرة وكذلك ذات معدل يتضاعَف باستمرار، وهذه هي الكتلة المطلوبة في السلاح الانشطاري كي تُحْدِث انفجارًا كبيرًا، ولكن بداخل السلاح لا تُبْنَى الكتلة فوق الحرجة منذ التصنيع بل تَتَكوَّن عند الانفجار، وذلك لعدة أسباب منها السلامة حيث أنه عند تكوين الكتلة الحرجة يمكن لأي دفعة من النيوترونات الداخلة إلى المادة الانشطارية أن تولد تفاعلًا متسلسلًا في غير أوانه وخاصة النيوترونات القادمة المادة الانشطارية نفسها، حيث أن النظائر الانشطارية المستعملة في الأسلحة النووية تملك خاصية [[انشطار تلقائي|الانشطار التلقائي]] بمعدلات مختلفة حسب النظير، أي أن ذرات النظائر تنقسم في وقت ما بشكل تلقائي أي بدون أن تُصْدَم بأي جسيمات أخرى وينتج عن ذلك التفاعل نيوترونات تذهب لتحدث انشطارًا في ذرات أخرى، ما يعني حدوث تفاعل متسلسل بالتالي انفجارًا في غير أوانه ومكانه وخسارة للمادة المشعة باهظة الثمن، وهذا ما يُتَدَارَك إن كانت المادة تملك كتلة تحت حرجة، ففي السلاح النووي المِدْفَعِيّ، تُقْسَم الكتلة فوق الحرجة إلى كُتْلَتَيْن من فئة تحت الحرجة تُوضَعَان في نهايتَيْ ماسورة (داخل القذيفة)، تكون إحداهما على شكل أسطوانة مُجَوَّفَة (مُفْرَغَة من الداخل)، أما الأخرى فعلى شكل أسطوانيّ مُصْمَت أصغر يمكنه أن يملأ فراغ الأسطوانة الأكبر، وعند التفجير تُطْلَق الأسطوانة الكبيرة نحو الصغيرة لِتَدْخُلَا ببعضهما البعض بالتالي تندمجان معًا مَشَكِّلَتَيْن كتلة فوق حرجة فَينطلق نيوترون إما من مصدر خارجي أو من الانشطار التلقائي لذرات المادة مؤديًا لإطلاق التفاعل المتسلسل، ويجب مراعاة إطلاق الاسطوانة الكبيرة بقوة كبيرة عبر ماسورة بطول مناسب لجعلها تصل إلى أعلى تسارع بحيث يحصل اندماج الاسطوانتين في أقصر مدة زمنية حيث أن العلماء يحددون الكتلة فوق الحرجة اللازمة لإحداث انفجار بقوة معينة، ولكن أثناء اندماج الاسطوانين ببعضهما تتكون كتلة حرجة قبل اكتمال الاندماج، ما يعني أن النيوترونات الحرة يمكنها أن تؤدي إلى تفاعل متسلسل في الجُزْئِيَّة المُنْدَمِجَة من الاسطوانتين، فتنفجر تلك الجزئية وحدها مؤدية لانفجار أقل من المطلوب خاصة أن التفاعل المتسلسل أسرع بكثير من حركة الأسطوانة أي لا يمكن أن يتم الاندماج إذا بدأ التفاعل، وهذه النيوترونات تأتي من الانشطار التلقائي للنظائر، بالتالي يجب أخذ معدل الانشطار التلقائي للنظير المُسْتَعْمَل بعين الاعتبار، وهنا يجب أن نعلم أن معدل الانشطار التلقائي للبلوتونيوم-239 قليل نسبيًّا، ولكن شوائب البلوتونيوم-240 تجعلها أعلى بكثير مما جعل ذلك البلوتونيوم القادم من المفاعل غير ملائم للاستخدام في السلاح النووي المدفعيّ.<ref>{{harvnb|Hoddeson|Henriksen|Meade|Westfall|1993|pp=226–229}}</ref>

وفي يوليو 1944م، تَخَلَّى أوبينهايمر عن تصميم السلاح النووي المدفعي لصالح [[تصميم السلاح النووي|سلاح الانبجار]] ([[انبجار|الانبجار]] هو الانفجار نحو الداخل)، في هذا السلاح تُحَاط كُرَة من المادة الانشطارية بكتلة تحت حرجة [[عدسات انفجارية|بعدسات انْفِجَارِيَّة]] كيميائية عند انفجارها نحو الداخل تؤدي إلى ضَغْط الكرة وجعلها أصغر حجمًا بالتالي زيادة كثافتها مما يحولها إلى كتلة حرجة، حيث أن الكتلة الحرجة تقل بازدياد كثافة المادة. وعلى عكس السلاح المدفعيّ، فالمادة الانشطارية هنا لا تتحرك مسافة طويلة، بالتالي تتكون الكتلة فوق الحرجة بوقت أقل بكثير مما يسمح باستخدام ذلك البلوتونيوم ذو الشوائب الذي يمتلك معدل انشطار تلقائي عالٍ.<ref>{{harvnb|Hewlett|Anderson|1962|pp=312–313}}</ref> وفي أغسطس 1944م، طَبَّق أوبينهايمر إعادة تنظيم شاملة في منشأة لوس ألاموس للتركيز على تطوير سلاح الانبجار.<ref>{{harvnb|Hoddeson|Henriksen|Meade|Westfall|1993|pp=245–248}}</ref> وجعل مجموعة عمل واحدة فقط تعمل على تطوير سلاح مدفعي بتصميم أبسط يجب عليه فقط التعامل مع نظير [[يورانيوم-235|اليورانيوم-235]] كمادة انشطارية، حيث يُعْتَبَر تصنيعه أسهل ويخرج بدرجة نقاء أعلى من البلوتونيوم أي أن المادة يكون فيها نسبة أقل من النظائر التي من الممكن أن تُخَرِّب العملية. وأنتجت مجموعة العمل هذه ما أصبح يُعْرَف باسم [[الولد الصغير (قنبلة)|الولد الصغير]] في فبراير 1945م.<ref>{{harvnb|Hoddeson|Henriksen|Meade|Westfall|1993|pp=248–249}}</ref> وبعد مجهود بَحْثِيّ هائل، وُضِعَتْ الصيغة النهائية للتصميم الأعقد لسلاح الانبجار -المعروف باسم "أداة كريستي" تَيَمُّنًا [[روبرت إف كريستي|بروبرت كريستي]] طالب آخر لأوبينهايمر<ref>{{cite web |url=http://www.nuclearfiles.org/menu/library/biographies/bio_christy-robert.htm |title=Nuclear Files: Library: Biographies: Robert Christy |publisher=[[Nuclear Age Peace Foundation]] |access-date=March 8, 2011 |archive-url=https://web.archive.org/web/20060522003123/http://www.nuclearfiles.org/menu/library/biographies/bio_christy-robert.htm |archive-date=May 22, 2006 |url-status=dead }}</ref>- في اجتماع دار في مكتب أوبينهايمر بتاريخ 28 فبراير 1945م.<ref>{{harvnb|Hoddeson|Henriksen|Meade|Westfall|1993|p=312}}</ref>

وفي مايو 1945م، تَشكَّلَتْ [[اللجنةالمؤقتة|لجنة مؤقتة]] لإسداء المشورة وتقديم التقارير الخاصة بسياسات فترة الحرب وما بعد الحرب فيما يتعلق باستخدام الطاقة النووية. وأَسَّسَتْ اللجنة المؤقتة فريق خبراء عِلْمِيّ يتكون من أوبينهايمر و[[آرثر كومبتون]] وفيرمي ولورينس لتقديم المشورة في المسائل العلمية. وفي العرض التقديمي الذي قدمه هذا الفريق أمام اللَّجنة المؤقتة، قدَّم الفريق رأيه ليس فقط في الآثار المادية المُحْتَمَلَة للقنبلة الذرية وحَسْب بل وأيضًا في تأثيراتها العسكرية والسياسية المحتملة.<ref>{{harvnb|Jones|1985|pp=530–532}}</ref> وتَضَمَّن ذلك آراءًا في مسائل حساسة مثل إن كان يجب إخطار [[الاتحاد السوفيتي|الاتحاد السوفييتي]] بالسلاح قبل استخدامه ضد اليابان.<ref>{{harvnb|Rhodes|1986|pp=642–643}}</ref>

=== ترينيتي ===
{{مفصلة|ترينيتي (اختبار نووي)}}
[[ملف:Trinity Detonation T&B.jpg|تصغير|upright=1.2|يمين|بديل=غيمة دخان على شكل حبة فِطْر تَتَشَكَّل بعد انفجار نووي|كان [[ترينيتي (اختبار نووي)|اختبار ترينيتي]] أول تفجير لجهاز نووي.{{sfn|Jungk|1958|p=201}}]]
في ساعات الصباح المبكرة من يوم 16 يوليو 1945م، وبالقُرْب من مدينة [[ألاموغوردو]] في ولاية نيومكسيكو، بلغ العمل في لوس ألاموس أَوْجَه باختبار أول [[سلاح نووي]] في العالم. وأطلق أوبينهايمر الاسم الرمزي "[[ترينيتي (اختبار نووي)|ترينيتي]]" على موقع الاختبار في منتصف سنة 1944م، وكان قد استوحاه من [[القصائد المقدسة]] [[جون دون|لجون دون]]، وكان أوبينهايمر قد تعرف على أعمال دون في الثلاثينات على يد عشيقته [[جان تاتلوك|جِين تَاتْلُوك]] التي قَتَلَتْ نفسها في يناير 1944م.{{sfn|Herken|2002|pp=128–129}}{{sfn|Streshinsky|Klaus|2013|pp=194, 211}}

ويذكر العميد [[توماس فاريل]] الذي كان متواجدًا مع أوبينهايمر في موقع المراقبة والتحكم المُحَصَّن:

{{اقتباس|أصبح الدكتور أوبينهايمر -الذي كان يحمل عِبْءًا ثقيلًا على كاهليه- أكثر توترًا مع انقضاء الثواني الأخيرة. فنادرًا ما كان يَتَنَفَّس. وقَبَض على عمود لتثبيت نفسه. وفي البِضْعَة ثوانٍ الأخيرة، حَدَّق للأمام مباشرة وبعدها حينما صرخ المذيع قائلًا: "الآن!" وجاءت من الأمام دَفْقَة مذهلة من الضوء المتبوعة بعدها بوقت قصير بزئير الانفجار العميق الهادر، استرخى وجهه في تعبير عن ارتياح عظيم.<ref>{{harvnb|Szasz|1984|p=88}}</ref>}}
وتذكر فرانك أخو أبينهايمر كلمات أوبينهايمر الأولى بعد التفجير: "أعتقد أنها اشتغلت".<ref>{{cite journal |last1=Bernstein |first1=Jeremy |title=Letters : Bomb in the Head |journal=London Review of Books |date=April 26, 2018 |volume=40 |issue=8 |url=https://www.lrb.co.uk/the-paper/v40/n08/letters |access-date=January 10, 2022 |issn=0260-9592 |archive-date=July 15, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230715054555/https://www.lrb.co.uk/the-paper/v40/n08/letters |url-status=live }}</ref><ref name="WP-20220722">{{cite news |last=Johnson |first=Mark |title=How Oppenheimer weighed the odds of an atomic bomb test ending Earth |url=https://www.washingtonpost.com/science/2023/07/22/oppenheimer-manhattan-project-history-atomic-bomb-test/ |date=July 22, 2023 |newspaper=[[The Washington Post]] |url-status=live |archiveurl=https://archive.today/20230722123414/https://www.washingtonpost.com/science/2023/07/22/oppenheimer-manhattan-project-history-atomic-bomb-test/ |archivedate=July 22, 2023 |accessdate=July 22, 2023 }}</ref>

{{ملف خارجي | width=18em | float=right |فيديو1 = [https://www.atomicarchive.com/media/videos/oppenheimer.html أوبينهايمر يستذكر أفكاره حينما شهد اختبار ترينيتي]}}
[[ملف:Trinity Test - Oppenheimer and Groves at Ground Zero 002.jpg|تصغير|يسار|upright=0.8|بديل=رَجُلَان، أحدهما يرتدي بدلة رسمية وقبعة والآخر بدلة عسكرية، يَقِفَان أمام قطع معدن مُلْتَوِيَة بينما يرتديان أحذية فوقيّة بيضاء|أوبينهايمر وغروفز يَقِفَان عند بقايا البرج الذي وُضِعَتْ وفُجِّرَتْ في قمته القنبلة في اختبار ترينيتي. أوبينهايمر برتدي [[قبعة فطيرة لحم الخنزير|قُبَّعَة فطيرة لحم الخنزير]] التي اشتهر بها. الأحذية الفَوْقِيَّة البيضاء تُلْبَس فوق الأحذية للحماية من [[سقط نووي|الغبار النووي]].<ref>{{cite magazine |magazine=[[Time (magazine)|Time]] |date=September 17, 1945 |url=http://www.time.com/time/magazine/article/0,9171,854500-2,00.html |archive-url=https://web.archive.org/web/20110629043245/http://www.time.com/time/magazine/article/0,9171,854500-2,00.html |url-status=dead |archive-date=June 29, 2011 |url-access=subscription |title=Science: Atomic Footprint |access-date=March 16, 2011 }}</ref>]]

واستنادًا إلى مقالٍ نُشِر في إحدى المجلات سنة 1949م، فبينما كان يشهد أوبينهايمر الانفجار كان يفكر في أبيات شعرية من ''[[البهاغافاد غيتا]]'': "إذا انْطَلَقَتْ أشعة ألف شمس دفعة واحدة في السماء، فسيكون ذلك كَبَهَاء القدير{{nbsp}} ... الآن أَصْبَحْتُ أنا الموت، مُمَزِّق العَوَالِم."<ref name="life-1949">{{cite news | url=https://books.google.com/books?id=GVIEAAAAMBAJ&dq=oppenheimer+%22if+the+radiance+of+a+thousand+suns+were+to+%22&pg=PA133 | title=J. Robert Oppenheimer | author-first=Lincoln | author-last=Barnett | magazine=[[Life (magazine)|Life]] | date=October 10, 1949 | page=133 | access-date=July 31, 2023 | archive-date=August 9, 2023 | archive-url=https://web.archive.org/web/20230809204214/https://books.google.com/books?id=GVIEAAAAMBAJ&dq=oppenheimer+%22if+the+radiance+of+a+thousand+suns+were+to+%22&pg=PA133 | url-status=live }}</ref> وفي 1965م ذكر تلك اللحظة على النحو التالي:

{{اقتباس مركزي|أدركنا [لَحْظَتَهَا] أن العالم لن يكون نفس ما كان عليه. بعض الناس ضحكوا، وبعض الناس بَكَوْا. معظم الناس كانوا صامتين. تَذَكَّرْتُ بيتًا شعريًّا الكتاب الهندوسي المقدس ''البهاغافاد غيتا''، فيه يحاول الإله [[فيشنو]] إقناع [[أرجونا|الأمير]] بأنه يجب عليه القيام بواجبه، ولإذهاله، يتحول إلى [[فيشفاروبا|شكله متعدد الأسلحة]]، ويقول: "الآن أصبحتُ أنا الموت، مُدَمِّر العوالم". أفترض اننا جميعًا فكرنا بذلك، بطريقة أو بأخرى.<ref>{{cite AV media |url=https://www.atomicarchive.com/media/videos/oppenheimer.html | title = "Now I am become death..." | people=Oppenheimer, J.R. |year=1965 |type=video |access-date = November 19, 2021 |publisher = Atomic Archive | archive-date = May 16, 2008 | archive-url=https://web.archive.org/web/20080516104658/http://www.atomicarchive.com/Movies/Movie8.shtml | url-status = live }}</ref>{{Refn|group=ملاحظة|"إذا انْطَلَقَتْ أشعة ألف شمس دفعة واحدة في السماء، فسيكون ذلك كَبَهَاء القدير" ([[ديوناكري|بالديوَناكَري]] (نظام كتابة [[اللغة السنسكريتية|للسنسكريتية]]): ''divi sūryasahasrasya bhavedyugapadutthitā / yadi bhāḥ sadṛṥī sā syādbhāsastasya mahātmanaḥ'') هو البيت الشعري رقم 12 من الفصل الحادي عشر من ''[[البهاغافاد غيتا]]''،<ref>{{cite web |url=https://www.gitasupersite.iitk.ac.in/srimad?language=dv&field_chapter_value=11&field_nsutra_value=12&choose=1 |date=September 2, 2017 |title=Bhagavad Gita XI.12 |publisher=Gita Supersite by [[Indian Institute of Technology Kanpur]] |access-date=April 25, 2023 |archive-date=August 4, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230804015213/https://www.gitasupersite.iitk.ac.in/srimad?language=dv&field_chapter_value=11&field_nsutra_value=12&choose=1 |url-status=live }}</ref><ref>{{cite web |access-date=October 24, 2012 |url=http://www.asitis.com/11/12.html |title=Chapter 11. The Universal Form, text 12 |work=Bhagavad As It Is |archive-date=August 4, 2013 |archive-url=https://web.archive.org/web/20130804075758/http://www.asitis.com/11/12.html |url-status=live }}</ref> أما "الآن أصبحت أنا الموت، مُمَزِّق العوالم" (بالديوَناكَري: ''kālo'smi lokakṣayakṛtpravṛddho lokānsamāhartumiha pravṛttaḥ'') فهو البيت الشعري رقم 32 من الفصل الحادي عشر، قرأ أوبينهايمر ''البهاغافاد غيتا'' بنسخته الأصلية باللغة [[اللغة السنسكريتية|السنسكريتية]]، وهذه الترجمة هي ترجمته.<ref name="Hijiya">{{harvnb|Hijiya|2000}}</ref><ref>{{cite web |access-date=October 24, 2012 |url=http://www.asitis.com/11/32.html |title=Chapter 11. The Universal Form, text 32 |work=Bhagavad As It Is |archive-date=November 17, 2012 |archive-url=https://web.archive.org/web/20121117120052/http://www.asitis.com/11/32.html |url-status=live }}</ref> في الكتب، يُفَضَّل عادة استخدام كلمة "مُمَزِّق" على كلمة "مُدَمِّر" في العبارة المنقولة عن أوبينهايمر، لأنها تظهر في أول نسخة مطبوعة لحكاية اوبينهايمر والتي كانت في إصدار ''[[تايم (مجلة)|مجلة تايم]]'' بتاريخ 8 نوفمبر 1948م.<ref name="Eternal Apprentice"/> وظهرت نسخة العبارة التي تستعمل كلمة "ممزق" أيضًا في كتاب [[روبرت جونك]] الصادر عام 1958م: ''أكثر إشعاعًا من ألف شمس: تاريخ شخصي لعلماء الذرة''،<ref name="Jungk, p. 201">{{harvnb|Jungk|1958|p=201}}</ref> والذي كان مستندًا إلى مقابلة مع أوبينهايمر.<ref>{{harvnb|Hijiya|2000|pp=123–124}}</ref>}}
}}

ويَصِف رابي رؤيته لأوبينهايمر في وقت ما بعد ذلك: "لن أنسى مِشْيَتَه ... كانت تشبه [المشية التي ظهرت في فيلم] [[ظهيرة مشتعلة (فيلم)|هاي نون]]&nbsp;... هذا الشكل من الخُيَلَاء. لقد فَعَلَهَا".{{sfn|Monk|2012|pp=456–457}} وبالرغم من معارضة العديد من العلماء - كومبتون، وفيرمي، وأوبينهايمر - لاستعمال القنبلة النووية على اليابان، ولكنهم اعتقدوا أن التفجير التجريبي لن يكون كافيًا لإقناع اليابان بالاستسلام.<ref>{{cite web |title=Debate over how to use the bomb |url=https://www.osti.gov/opennet/manhattan-project-history/Events/1945/debate.htm |website=The Manhattan Project |publisher=U.S. Department of Energy History Office |access-date=September 13, 2023 |archive-date=September 2, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230902103805/https://www.osti.gov/opennet/manhattan-project-history/Events/1945/debate.htm |url-status=live }}</ref> وفي تَجَمُّع منعقد في لوس ألاموس بتاريخ 6 أغسطس، في المساء يوم [[القصف الذري على هيروشيما وناجازاكي|القصف الذري على هيروشيما]]، صَعَد أوبينهايمر المنصة وشبك يديه في احتفال منه بالانتصار "كَمُلَاكِم حاصل على جائزة" وسط تشجيع الحاضرين. وقال أنه آسف على عدم إنهاء القنبلة في وقت أبكر بحيث يستخدمها على ألمانيا النازية.{{sfn|Monk|2012|pp=467–468}}{{Refn|group=ملاحظة|وقتها كانت ألمانيا النازية قد سقطت بأيدي الحلفاء بالفعل فلم يعد هناك جدوى من قصفها.}}

ومع ذلك، سافر أوبينهايمر إلى واشنطن في 17 أغسطس ليعطي يدويًّا رسالة إلى وزير الحربية [[هنري ستيمسون]] يُعَبِّر له فيها عن نفوره من استخدام الأسلحة النووية وأمنيته بأن يراها محظورة.{{sfn|Monk|2012|p=476}} وفي أكتوبر، التقى الرئيس الأمريكي [[هاري ترومان]] الذي رفض تَخَوُّف أوبينهايمر من حدوث سباق تَسَلُّح مع [[الاتحاد السوفيتي|الاتحاد السوفييتي]] ورفض كذلك إيمانه بأن الطاقة النووية يجب أن تكون تحت إدارة دولية. واسْتَشَاط تورمان غَضَبًا حين قال له أوبينهايمر: "سيادة الرئيس، أشعر أن يَدَاي مُلَطَّخَتَان بالدماء"، وأجابه ترومان بأنه -أي ترومان- الوحيد الذي يحمل مسؤولية اتخاذ قرار استخدام الأسلحة النووية ضد اليابان، وقال لاحقًا : "لا أريد أن أرى ذلك اللعين أبدًا في هذا المكتب مرة أخرى".{{sfn|Monk|2012|pp=493–494}}{{sfn|Bird|Sherwin|2005|pp=331–332}}

وتكريمًا لخدماته كمدير لمنشأة لوس ألاموس، حصل أوبينهايمر على [[ميدالية الاستحقاق]] من ترومان سنة 1946م.<ref>{{cite news |last1=Bella |first1=Timothy |title=The atomic bombings left Oppenheimer shattered: 'I have blood on my hands' |url=https://www.washingtonpost.com/history/2023/07/21/oppenheimer-truman-atomic-bomb-guilt/ |newspaper=[[The Washington Post]] |date=July 21, 2023 |access-date=August 18, 2023 |archive-date=August 13, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230813140643/https://www.washingtonpost.com/history/2023/07/21/oppenheimer-truman-atomic-bomb-guilt/ |url-status=live }}</ref>

==== الأضرار الواقعة على السكان المَحَلِّيِّين ====
خلافًا للاعتقاد والتصوير الشائعَيْن، كان موقع [[ترينيتي (اختبار نووي)|اختبار ترينيتي]] مأهولًا بالسكان، واستنادًا للكاتبة والصحفية أليسا فالديز-رودريغيز، فقد أَمْلَهَم الجيش الأمريكي 24 ساعة فقط لإخلاء المنطقة واستُخْدِمَت الجرافات لإزالة مَزَارِعِهِم التي كانوا يَعْتَاشون منها، والجدير بالذكر هنا هو أن معظم هؤلاء السكان وكذلك سكان المناطق المحيطة كانوا من [[هسبان|الهِيسْبَانو]] وكذلك من [[الأمريكيون الأصليون في الولايات المتحدة|السكان الأصليين لأمريكا]]، ولإصرار [[ليزلي غروفز]] على الحفاظ على السرية التامة لأي شيء متعلق بمشروع مانهاتن، لم يٌنْذَر سكان المناطق المحيطة بالاختبار.<ref>{{استشهاد ويب | العنوان= Oppenheimer’s test site wasn’t remote. It was populated by Hispanos and Native Americans| المسار= https://www.latimes.com/delos/story/2023-07-26/oppenheimer-atomic-bomb-new-mexico-cancer-aftermath|الأخير= Cardenas|الأول= Cat|الناشر= [[لوس أنجلوس تايمز|Los Angeles Times]]| التاريخ= July 26, 2023| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20231005110834/https://www.latimes.com/delos/story/2023-07-26/oppenheimer-atomic-bomb-new-mexico-cancer-aftermath| تاريخ الأرشيف = October 5, 2023}}</ref> حتى أنه كان من سكان المنطقة شهود عيان رأوا الانفجار جليًّا بأعينهم، فأمر غروفز القوات الجوية بنشر بيان صحفي يحتوي على قصة لتغطية الأمر بأنه كان انفجارًا عن طريق الخطأ في أحد مخازن الأسلحة التابعة لها. {{sfn|Norris|2002|p=407}}

تَكَوَّن قلب القنبلة المستعملة في الانفجار من 13 باوندًا (5.9 كغم) من [[بلوتونيوم|البلوتونيوم]] المُشِعّ، وبالرغم من نجاح الاختبار، إلا أن تفاعل الانشطار المُتَسَلْسِل لم يستهلك سوى 3 باوندات (1.4 كغم)،<ref>{{cite web |url=https://www.nps.gov/articles/000/trinity-test-downwinders.htm |title=Trinity Test Downwinders |author=<!--Not stated--> |publisher=[[National Park Service]] |access-date=2023-08-09 |archive-date=August 7, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230807223723/https://www.nps.gov/articles/000/trinity-test-downwinders.htm |url-status=live }}</ref> مما يعني أنه ترك 10 باوندات (4.5 كغم) من المادة المشعة لتُشَكِّل [[سقط نووي|غبارًا نوويًّا]] يصعد مع الانفجار إلى الغلاف الجوي وينتقل بالرياح إلى المناطق المجاورة. وكان يسكن في الدائرة البالغ نصف قطرها 50 ميلًا (80.5 كم) فقط حول موقع الاختبار أكثر من 13,000 نسمة، ذلك فضْلًا عَمَّن يسكن أبعد من ذلك، وتقول دراسة نٌشِرَت عام 2010م أن مستويات الإشعاع التي رُصِدَتْ قرب بعض البيوت في المنطقة المحيطة بَلَغَتْ "ما يقارب 10,000 ضِعْف ما يُسْمَح به حاليًّا في المناطق العامة"، فكان للغبار النووي تَبِعَات صحية جسيمة، حيث جرى رَصْد الكثير من العائلات التي أُصِيبَتْ بأنواع سرطان مختلفة لأربعة أو خمسة أجيال منذ تفجير القنبلة، وعلى الرغم من ذلك، لم يُشْمَل المُتَضَرِّرُون من اختبار ترينيتي يومًا بالحصول على تعويض تحت [[قانون تعويضات التعرض للإشعاع|قانون تعويضات التَّعَرُّض للإشعاع]].<ref>{{استشهاد ويب | العنوان= What ‘Oppenheimer’ Doesn’t Tell You About the Trinity Test| المسار= https://www.nytimes.com/2023/07/30/opinion/international-world/oppenheimer-nuclear-bomb-cancer.html|الأخير= Cordova|الأول= Tina| الناشر= [[نيويورك تايمز|The New York Times]]| التاريخ= July 30, 2023| مسار الأرشيف = https://web.archive.org/web/20231005175228/https://www.nytimes.com/2023/07/30/opinion/international-world/oppenheimer-nuclear-bomb-cancer.html| تاريخ الأرشيف = October 5, 2023}}</ref>

== نشاطات بعد الحرب ==
بمجدر معرفة عامة الناس [[مشروع مانهاتن|بمشروع مانهاتن]] بعد [[القصف الذري على هيروشيما وناجازاكي|قَصْف هيروشيما وناغازاكي]]، أصبح أوبينهايمر - الذي حمل فجأة لقب "أب القنبلة الذرية"- متحدثًا وطنيًّا باسم العلم، ورمزًا للسلطة التكنوقراطية؛<ref name="Bird 2005 249–254" />{{sfn|Bird|Sherwin|2005|pp=3, 323, 352, 391, 547}}{{sfn|Kelly|2006|pp=41, 154}} فظهر على غلاف مجلة [[لايف (مجلة)|لايف]] وكذلك على غلاف مجلة [[تايم (مجلة)|تايم]]..<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|p=253}}</ref><ref>{{cite magazine |url=http://www.time.com/time/covers/0,16641,19481108,00.html |archive-url=https://web.archive.org/web/20081122221112/http://www.time.com/time/covers/0,16641,19481108,00.html |url-status=dead |archive-date=November 22, 2008 |title=TIME Magazine Cover: Dr. Robert Oppenheimer |date=November 8, 1948 |access-date=December 11, 2010 |magazine=[[Time (magazine)|Time]]}}</ref> وأصبحت الفيزياء النووية قوة مؤثرة لأن الشعوب أدركت الأفضلية الاستراتيجية والسياسية التي تمنحها الأسلحة النووية. وكالكثير من علماء جيله، اعتقد أوبينهايمر أن اجتناب مخاطر القنابل النووية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال منظمة عابرة للحدود تستطيع وَضْع برنامج لإخماد [[سباق التسلح النووي]] مثل [[الأمم المتحدة]] التي كانت حديثة التأسيس وقتها.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=344–347}}</ref>

=== معهد الدراسات المتقدمة ===
[[ملف:Einstein oppenheimer.jpg|تصغير|يمين|بديل=أينشتاين يجلس على مكتب ويكتب، وأوبينهايمر يجلس بجانبه يراقب ما يكتبه|أوبينهايمر مع زميله الفيزيائي [[ألبرت أينشتاين]]، حوالي 1950م.]]

في نوفمبر 1945م، غادر أوبينهايمر [[مختبر لوس ألاموس الوطني|منشأة لوس ألاموس]] ليعود للتدريس في [[معهد كاليفورنيا للتقنية|معهد كالتيك]]،<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=333–335}}</ref> وما لبث أن وجد أنه لم يعد لديه شغف التدريس.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=351}}</ref> وفي عام 1947م، ترك التدريس وقَبِل عرضًا قدمه [[لويس ستراوس]] ليستلم إدارة معهد الدراسات المتقدمة في [[برينستون (نيو جيرسي)|برينستون، نيو جيرسي]]. كان ذلك يعني أنه سيعود إلى الشرق ويترك [[روث تولمان]]، زوجة صديقه ريتشارد تولمان، التي كان قد بدأ بعلاقة عاطفية معها بعد مغادرته لوس ألاموس.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=360–365}}</ref> جاءت تلك الوظيفة براتب 20,000$ سنويًّا، مع إقامة مجانية في منزل المدير الذي كان عبارة عن منزل ضخم يعود بناؤه للقرن السايع عشر فيه طباخ و[[حراسة الأرض|راعٍ للأرض]]، وهو محاط بـ256 فدانًا (107 هكتارات) من الغابات.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=369}}</ref> وكان أوبينهايمر قد جمع أثاثًا أوروبيًّا وأعمالًا فنية تابعة لحركة [[ما بعد الانطباعية]] الفرنسية وكذلك [[وحشية|المدرسة الوحشية]]. وتضمنت مجموعته الفنية أعمالًا [[بول سيزان|لبول سيزان]]، و[[أندريه ديراين|ديراين]]، و[[موريس دي فلامينك]]، و[[تشارلز ديسبيو]]، وبيكاسو، و[[رامبرانت]]، و[[أوجست رينوار]]، وفان غوخ، و[[إدوارد فويار|فويار]].<ref>{{cite web |url=http://research.frick.org/directoryweb/browserecord.php?-action=browse&-recid=12000 |title=Oppenheimer, J. Robert, 1904–1967 |publisher=Archives Directory for the History of Collecting |access-date=August 24, 2019 |archive-date=April 5, 2016 |archive-url=https://web.archive.org/web/20160405200608/http://research.frick.org/directoryweb/browserecord.php?-action=browse&-recid=12000 |url-status=live }}</ref>

استقطب أوبينهايمر العلماء الأنجح في مجالات متنوعة للعمل على إيجاد إجابات لأكثر الأسئلة أهمية في ذلك الوقت. وأدار وشجَّع المشاريع البحثية للكثير من العلماء المشهورين، بمن فيهم [[فريمان دايسون]]، والثنائي [[تشين يانج|تشين نينج يانج]] و[[تسونج لي|تسونج داو لي]] اللَّذَيْن حَصَلَا على جائزة نوبل لاكتشافهما ظاهرة عدم انحفاظ [[تكافؤ (فيزياء)|التكافؤ]]. كما أتاح الحصول على عضويات مؤقتة للباحثين في العلوم الإنسانية مثل [[ت. س. إليوت]]، و[[جورج كينان]]. بعض من تلك النشاطات أثار استياء بعض أعضاء كلية الرياضيات الذين أرادوا أن يبقى المعهد مَعْقِلًا للبحوث العلمية الخالصة. ويقول الفيزيائي والمؤرخ العلمي أبراهام بايس (بالإنجليزية: Abraham Pais) أن أوبينهايمر يعتقد أن أحد إخفاقات إدارته للمعهد كان عدم استطاعته إحضار باحثين في العلوم الطبيعية والإنسانية بالقدر الذي كان يتأمله.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=371–377}}</ref>

وخلال سلسلة من المؤتمرات المنعقدة في نيويورك ابتداءًا من 1947م وحتى 1949م، عاد الباحثون من العمل الحربيّ إلى المسائل النظرية. وتحت إدارة أوبينهايمر، عمل الفيزيائيون على حل أعظم مشكلة فيزيائية من فترة ما قبل الحرب، وهي مشكلة الحسابات (كحساب طاقة الإلكترون) التي تعطي عددًا لانهائيًّا من الحلول (بالتالي نتائج غير منطقية) في [[كهروديناميكا كمية|الكهروديناميكا الكمية]] الخاصة [[جسيم أولي|بالجسيمات الأولية]]. وتُحَلّ تلك المشكلة بطريقة [[تنظيم (فيزياء)|التنظيم]] التي تشوبها الكثير من المشاكل، فعمل كُلٌّ من [[جوليان شفينجر]]، و[[ريتشارد فاينمان]]، و[[شينيتشيرو توموناغا]] على حل واحدة من أكبر مشاكل عملية التنظيم، واستطاع كل واحد منهم إيجاد طريقته الخاصة لحلها، وأصبحت تلك الطرق معروفة باسم [[استبدال غير المتناهي|الاستبدال غير المتناهي]]. واستطاع فريمان دايسون إثبات أن كل طرق الاستبدال غير المتناهي التي طورها هؤلاء العلماء تعطي نتائج متماثلة. كما سعى العلماء تحت إدارة أوبينهايمر إلى فهم امتصاص الأنوية [[ميزون|للميزونات]] وتفسير نظرية [[يوكاوا هيديكي]] بأن الميزونات هي الجسيمات الحاملة [[تآثر قوي|للقوة النووية الشديدة]]. وكان أوبينهايمر قد وَجَّه سلسلة من الأسئلة الاستقصائية في ذلك الموضوع [[روبرت مارشاك|لروبرت مارشاك]] ما دفع به إلى تطوير فرضية ''ثُنَائية الميزون'' المُبْتَكَرَة والتي تقول بأن هناك في الواقع نوعان من الميزونات: [[بيون|البيونات]]، و[[ميوون|الميونات]]. وهذا قاد لاحقًا إلى اكتشاف [[سيسل باول|سيسيل فرانك باول]] للبيون وحصوله على جائزة نوبل لذلك.{{Refn|group=ملاحظة|بسبب التطورات اللاحقة [[نظرية النموذج المعياري|للنموذج المعياري]] يُعْتَبَر [[ميوون|الميون]] الآن [[لبتون (فيزياء)|ليبتونًا]] وليس [[ميزون|ميزونًا]].<ref>{{harvnb|Spangenburg|Moser|2004|pp=41–44}}</ref>}}<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=269–272}}</ref>

بقي أوبينهايمر مديرًا للمعهد حتى سنة 1966م حينما تخلى عن منصبه بسبب تدهور حالته الصحية.<ref name="nyt-obit"/> ووصولًا إلى 2023م، كان هو المدير صاحب فترة الخدمة الأطول في المعهد.<ref>{{Cite web |title=J. Robert Oppenheimer – Past Director |url=https://www.ias.edu/scholars/oppenheimer |access-date=2023-08-10 |website=[[Institute for Advanced Study]]|date=December 9, 2019 }}</ref>

=== هيئة الطاقة الذرية ===
[[ملف:HD.4G.039 (10537699636).jpg|تصغير|بديل=رجال في بدلات رسمية يقفون أمام طائرة عسكرية لالتقاط صورة جماعية|اللجنة الاستشارية الذرية عام 1947م. أوبينهايمر هو الشخص الثاني من جهة اليسار.|upright=1.4]]

كأحد أعضاء مجلس مُسْتَشَارِي اللجنة التي عَيَّنَها الرئيس الأمريكي وقتها [[هاري ترومان]] لتحديد سياسة الطاقة الذرية الأمريكية، كان لأوبينهايمر تأثير كبير على [[تقرير أنتشيستون-ليلينتال|تقرير أنتشيستون-لِيلْيِنْتَال]] الصادر عام 1946م. في هذا التقرير، دَعَت اللجنة إلى إنشاء هيئة تطوير طاقة ذرية دولية تمتلك جميع المواد القابلة للانشطار وجميع وسائل إنتاجها، مثل مناجم المواد المُشِعَّة، والمختبرات التي يجري فيها العمل على تلك المواد، وكذلك محطات توليد الطاقة الذرية التي يمكن استخدامها لإنتاج الطاقة لغايات غير عسكرية. وعُيِّن [[برنارد باروخ]] لترجمة هذا التقرير إلى مُقْتَرَح يُقَدَّم للأمم المتحدة، مما نتج عنه [[خطة باروخ]] التي قُدِّمَت للأمم المتحدة عام 1946م. وطرح باروخ العديد من الشروط الإضافية لإنجاح الخطة، خاصة طلبه التفتيش في موارد اليورانيوم الخاصة بالاتحاد السوفييتي. اعتُبِرت الخطة محاولة للحفاظ على الهيمنة النووية الأمريكية ورفضها السوفييت. وبذلك اتضح جليًّا لأوبينهايمر أن سباق التسلّح كان لا مفر منه بسبب الشكوك المتبادلة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي،<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=347–349}}</ref> لدرجة أن أوبينهايمر نفسه بدأ بالتشكيك إمكانية تنازل أيٍّ من البلدين لتحقيق إدارة دولية للتطوير النووي.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=353}}</ref>

وبعد أن رأت هيئة الطاقة الذرية الأمريكية النور في 1947م كوكالة مدنية تدير الأبحاث النووية وقضايا الأسلحة، عُيِّن أوبينهايمر رئيس اللجنة الاستشارية العامة الخاصة بها، والتي كانت تُعْرَف اختصارًا باسم "الغاك".{{Refn|group=ملاحظة|الغاك هو اختصار للأحرف الأولى من الاسم الإنجليزي للجنة الاستشارية الذرية ('''بالإنجليزية:''' '''G'''eneral '''A'''dvisory '''C'''ommittee)، اختصارًا: الغاك: (GAC).}} ومن هذا المنصب، قَدَّم نصائحًا في عدد من القضايا المتعلقة بالشأن النووي، بما في ذلك تمويل المشاريع، وبناء المختبرات، وحتى السياسة الدولية، ذلك بالرغم من أن نصائح اللجنة لم بكن يُسْتَجَاب لها دائمًا.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=264–267}}</ref> وكرئيس للّجنة الاستشارية، مارس أوبينهايمر الضغط الحثيث لصالح فرض إدارة دولية على التسلح ولصالح تمويل العلوم الأساسية، وكذلك حاول إبعاد التوجه السياسي عن سباق التسلح المُحْتَدِم.<ref>{{harvnb|Hewlett|Duncan|1969|pp=380–385}}</ref>

كانت [[إر ده إس - 1|أول تجربة قنبلة ذرية من الاتحاد السوفييتي]] عام 1949م، وبذلك جاءت أقرب مما كان يتوقعه الأمريكيون، وخلال الشهور التالية، كان هناك نقاش حاد داخل الحكومة الأمريكية، والجيش، والمجتمعات العلمية حول ما إذا كان يجب المُضِيّ قُدُمًا في تطوير [[قنبلة هيدروجينية|القنبلة الهيدروجينية]] المبنيَّة على [[اندماج نووي|الاندماج النووي]] والأقوى بكثير من سابقتها والتي تُعْرَف باسم "القنبلة الخارقة" ('''بالإنجليزية:''' The Super).<ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|pp=1–2}}</ref> كان أوبينهايمر مُدْرِكًا لإمكانية تطوير سلاح نووي حراري مُتَمِثِّلًا بالقنبلة الهيدروجينية منذ كان في مشروع مانهاتن ولكنه خصص للموضوع وقتًا محدودًا من البحث النظري في تلك الفترة، ولا شيء أكثر، ذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار الحاجة الماسة وقتها لتطوير سلاح انشطاري.<ref>{{harvnb|Hewlett|Anderson|1962|pp=104, 240}}</ref> ومباشرةً بعد نهاية الحرب، اعترض أوبينهايمر على استمرار العمل على القنبلة الخارقة في ذلك الوقت، وذلك لقلة الحاجة إليها وكذلك للضحايا البشرية الكثيرة المُحْتَمَلَة نتيجة استخدامها.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=418}}</ref><ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|p=36}}</ref>

وفي أكتوبر 1949م، قدم أوبينهايمر واللجنة الاستشارية توصية ضد تطوير القنبلة الخارقة.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=293–295}}</ref> كان أوبينهايمر وباقي أعضاء اللجنة الاستشارية مدفوعين لذلك جزئيًّا باعتبارات أخلاقية، شاعرين أن سلاح كهذا لا يمكن استخدامه بشكل تكتيكي أو في معركة، بل يُسْتَخْدَم بشكل استراتيجي فقط مما سنتج عنه ملايين الضحايا، حيث ورد في تقريرهم ما يلي: "إن استخدامها بناءًا على ذلك يحمل سياسة إبادة الشعوب المدنية أكثر بكثير مما هو الحال في القنبلة الذرية".<ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|p=46}}</ref> كما كان لدى اللجنة شكوك في إمكانية بناءها باعتبار أنه لم يكن يوجد وقتها تصميم ناجع للقنبلة الهيدروجينية.<ref>{{harvnb|Rhodes|1995|pp=399–400}}</ref> أما فيما يتعلق بإمكانية تطوير السوفييت لقنبلة نووية حرارية مماثلة، فاعتقد أعضاء اللجنة أن الولايات المتحدة تمتلك مخزونًا كافيًا من القنابل الذرية للانتقام من أي هجوم نووي حراري.<ref>{{harvnb|Hewlett|Duncan|1969|p=384}}</ref> وعلى صعيد متصل، سَاوَر أوبينهايمر والباقين القلق بخصوص [[تكلفة الفرصة البديلة|التكلفة]] التي من الممكن أن تتحملها الولايات المتحدة إذا ما تحولت المفاعلات النووية من تصنيع المواد اللازمة لبناء القنابل الذرية إلى تصنيع المواد - مثل [[تريتيوم|التريتيوم]] - اللازمة لصناعة القنابل النووية الحرارية.<ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|p=10}}</ref><ref>{{harvnb|Pais|2006|p=172}}</ref>

وتَبَنَّى معظم أفراد هيئة الطاقة الذرية توصية اللجنة الاستشارية، واعتقد أوبينهايمر أن المعركة ضد تطوير القنبلة الخارقة ستنتهي بانتصاره هو وزملاؤه، ولكن أنصار القنبلة ضغطوا على البيت الأبيض بشدة.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=423–424}}</ref> وفي 31 يناير لعام 1950م، ترومان، الذي كان مستعدًا للمُضِيّ في تطوير القنبلة على أية حال، أصدر قرارًا رسميًّا بذلك.<ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|pp=62–64}}</ref> شَعَر أوبينهايمر وآخرون من معارضي تطوير القنبلة في اللجنة الاستشارية - خاصة [[جيمس كونانت]] - بالاحباط وفكروا في الاستقالة من اللجنة.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=429}}</ref> ولكنهم بَقَوْا فيها، بالرغم من أن آراءهم حول القنبلة الهيدروجينية كانت معروفة.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|p=300}}</ref>

وفي 1951م، طَوَّر [[إدوارد تيلر]] وعالم الرياضيات [[ستانيسلو أولام]] [[قنبلة هيدروجينية|تصميم تيلر-أولام]] للقنبلة الهيدروجينية.<ref>{{harvnb|Hewlett|Duncan|1969|pp=535–537}}</ref> وبَدَى هذا التصميم الجديد ملائمًا تقنيًّا لبناء القنبلة فأصبح أوبينهايمر رسميًّا موافقًا على تطويرها،<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=443}}</ref> بينما استمر بالبحث عن المشاكل التي يمكن أن تشكك في إمكانية اختبار القنبلة أو نقلها أو استخدامها لعله يحول دون استكمال التطوير.<ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|pp=85, 92, 160–161, 164}}</ref> وكما أفاد في وقت لاحق:

{{اقتباس|كان برنامجنا في 1949م مُتَهَالِكًا بحيث يمكنك أن تجادل بأنه لم يكن صفقة عظيمة من الناحية التقنية. بالتالي يمكنك الجدال أنك لا تريده حتى لو استطعت امتلاكه. ولكن البرنامج في 1951م كان مُرْضِيًا جدًّا من الناحية التقنية بحيث أنك لا تستطيع طرح نفس الجدال. وأصْبَحَت مشاكل البرنامج مُقْتَصِرَة بالكامل على المُعْضِلَة العسكرية والسياسية والإنسانية المتعلقة بما سَتَفْعَلُه بالقنبلة حينما تمتلكها.<ref>{{harvnb|Polenberg|2002|pp=110–111}}</ref>}}

غادر أوبينهايمر، وكونانت، و[[لي ألفين دوبريدج|لِي ألفين دوبريدج]] -عضو آخر معارض لقرار القنبلة الهيدروجينية- اللجنة الاستشارية الذرية حينما انتهت عقودهم في أغسطس 1952م.<ref>{{harvnb|Rhodes|1995|p=496}}</ref> ورفض ترومان إعادة تعيينهم لأنه أراد أصواتًا جديدة في اللجنة تكون أكثر تأييدًا لتطوير القنبلة الهيدروجينية.<ref>{{harvnb|Rhodes|1995|pp=496–497}}</ref> بالإضافة إلى ذلك، تواصل العديد من أعداء أوبينهايمر مع ترومان وأبلغوه برغبتهم بأن يغادر أوبينهايمر اللجنة.<ref>{{harvnb|McMillan|2005|pp=145–149}}</ref>

=== الهيئات ولجان البحث والدراسة والنقاش ===
[[ملف:Los Alamos colloquium.jpg|تصغير|upright=1.3|يمين|بديل=جمهور من الأشخاص ذوي الزي الرسمي يجلسون على كراسٍ قابلة للطيّ ويستمعون إلى محاضرة|الحلقة النقاشية التي دارت في [[مختبر لوس ألاموس الوطني|لوس ألاموس]] سنة 1946م حول [[تصميم القنبلة الهيدروجينية تيلر-أولام|القنبلة الهيدروجينية]]. الجالسون في الصف الأمامي من اليسار إلى اليمين هم [[نوريس برادبيري]]، و[[جون هنري مانلي]]، و[[إنريكو فيرمي]]، وج.م.ب. كيلوغ. وراء مانلي يظهر أوبينهايمر (يرتدي سترة وربطة عنق) وإلى يساره يجلس [[ريتشارد فاينمان]]. الكولونيل العسكري الجالس أقصى يسار الصورة هو [[أوليفر هايوود]]، وبين أوبينهايمر وهايوود ولكن في الصف الذي خلفهما (الصف الثالث) يجلس [[إدوارد تيلر]].]]

لعب أوبينهايمر دورًا في عدد من هيئات ومشاريع الدراسة والبحث والنقاش الحكومية في نهاية أربيعينات وبداية خمسينات القرن العشرين، بعضها أَقْحَمَه في خلافات وصراعات سلطة.<ref>{{harvnb|Hewlett|Holl|1989|pp=47–48}}</ref>

في 1948م، تَرَأَّس أوبينهايمر هيئة الأهداف طويلة المدى التابعة لوزارة الدفاع والتي نَظَرَتْ في الاستخدامات العسكرية للأسلحة النووية وفي كيفية نقلها.<ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|pp=90, 102}}</ref> وعلى صعيد منفصل في ربيع عام 1952م، وبعد عام من الدراسة، كتب أوبينهايمر مسودة التقرير الخاصة [[بمشروع غابرييل]] الذي درس مخاطر [[سقط نووي|الغبار النووي]].<ref name="pais-189">{{harvnb|Pais|2006|p=189}}</ref> كما كان أوبينهايمر عضوًا في لجنة الاستشارة العلمية [[لمكتب التعبئة الدفاعية]].<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=450}}</ref>

وشارك أوبينهايمر خلال عام 1951م في [[مشروع تشارلز]] الذي درس إمكانية إنشاء دفاع جوي فعَّال في الولايات المتحدة ضد الهجمات النووية، وشارك أوبينهايمر في مشروع إيست ريفر ('''بالإنجليزية:''' East River Project) التابع لمشروع تشارلز، والذي أخذ بما طرحه أوبينهايمر وأوصى بإقامة نظام تحذير يعطي إنذارًا قبل ساعة من أي هجوم ذري مُرْتَقَب على المدن الأمريكية.<ref name="pais-189"/> ونَتَج عن هذان المشروعان في 1952م مشروع لينكولن الذي كان عملًا بحثيًّا واسع النطاق وكان أوبينهايمر أحد العلماء الكبار فيه.<ref name="pais-189"/> جرى العمل على المشروع في إحدى الجهات التابعة [[معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا|لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا]] وهي [[مختبر لينكولن]] الذي كان قد تأسس حديثًا لدراسة مسائل الدفاع الجوي، وكانت إحدى نتائج العمل على المشروع تشكيل مجموعة لينكولن البحثية الصيفية ('''بالإنجليزية:''' Lincoln Summer Study Group) والتي اختصَّت بالدفاع الجوي أيضًا ولكنها اقتصرت على مجموعة صغيرة من العلماء ذوي الخبرة الكبيرة للحصول على دراسة للمشاكل المُلِحَّة ضمن فترة زمنية قصيرة، وكان أوبينهايمر عنصرًا أساسيًّا فيها.<ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|pp=125–126}}</ref> وعلى صعيد منفصل، دَعَا أوبينهايمر وعلماء آخرون لاستثمار الموارد في الدفاع الجوي على حساب بناء إمكانيات تنفيذ ضربات انتقامية هائلة، وقُوبِلَتْ تلك الدعوة بالرفض من [[القوات الجوية الأمريكية]]،<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=445–446}}</ref> وأثار ذلك الخلاف فيما بعد جدالًا فيما إن كان أوبينهايمر والعلماء المؤيدون أو القوات الجوية بتعاملون بفلسفة "[[خط ماجينو]]" التي أثبتت فشلها في السابق حينما فشل الخط الدفاعي في حماية القوات الفرنسية من الهجوم الألماني لأنهم صبُّوا تركيزهم على بناء هذا الخط الدفاعي، فيجادل البعض أن العلماء يريدون التركيز على الدفاع فقط وهذا لن يحمي الولايات المتحدة كما حصل مع الفرنسيين، بينما رأى البعض أن القوات الجوية ركزت على الهجوم فقط وهذا بشكل مماثل لن يحمي الولايات المتحدة من الأخطار أيضًا.<ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|pp=126–127}}</ref> وفي كل الأحوال، قاد عمل المجموعة الصيفية إلى بناء [[خط التحذير المبكر البعيد]].<ref>{{cite magazine |url=https://books.google.com/books?id=31iE3uChRGwC&pg=RA1-PA257 |author-first=Clement L. |author-last=Grant |title=Air Defense of North America |magazine=[[Air Force Magazine]] |date=August 1957 |page=257 |access-date=July 14, 2020 |archive-date=July 16, 2020 |archive-url=https://web.archive.org/web/20200716174559/https://books.google.com/books?id=31iE3uChRGwC&pg=RA1-PA257 |url-status=live }}</ref>

لم يكن [[إدوارد تيلر]] مهتمًّا بالعمل على القنبلة الذرية في [[مختبر لوس ألاموس الوطني|منشأة لوس ألاموس]] خلال الحرب فأعطاه أوبينهايمر أيامها وقتًا للعمل على مشروعه الخاص بالقنبلة الهيدروجينية،<ref>{{harvnb|Pais|2006|pp=126–128}}</ref> وغادر تيلر لوس ألاموس في 1951م، ليعمل في 1952م على تأسيس منشأة تطوير سلاح نووي ثانية أصبحت تُعْرَف باسم [[مختبر لورانس ليفرمور الوطني]].<ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|p=68}}</ref> ودافع أوبينهايمر عن إنجازات لوس ألاموس وعارض إقامة منشأة ثانية.<ref>{{harvnb|McMillan|2005|p=4}}</ref>

بحث [[مشروع فيستا]] في تطوير الإمكانيَّات الحربية التكتيكيّة.<ref name="pais-189"/> وأُضِيف أوبينهايمر متأخرًا إلى المشروع في 1951م ولكنه كتب فصلًا مِفْتَاحِيًّا من تقرير المشروع الذي تحدَّى عقيدة القصف الاستراتيجي (واسع النطاق) ودَعَا إلى استعمال [[سلاح نووي تكتيكي|أسلحة نووية تكتيكية]] أصغر يمكنها أن تكون أكثر فائدة ضد قوات الأعداء في ساحات المعارك محدودة المساحة.<ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|pp=118–119}}</ref> تُنْقَل الأسلحة النووية الحرارية الاستراتيجية بواسطة [[قاذفة قنابل|قاذفات القنابل]] النفاثة التي تحلق لمسافات بعيدة، وكان من الضروري أن تكون تلك الأسلحة تحت سيطرة سلاح الجو الأمريكي فقط لأنه ناقلاتها من الطائرات، بينما أَوْصَتْ استنتاجات مشروع فيستا بزيادة دور الجيش والبحرية الأمريكيَّان في ذلك أيضًا.<ref>{{harvnb|McMillan|2005|pp=152–153}}</ref> وكانت ردة فعل القوات الجوية مُعَادِيَة بشكل مباشر،<ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|p=121}}</ref> ونجحت في تَحْييد تقرير فيستا.<ref>{{harvnb|McMillan|2005|p=154}}</ref>

خلال سنة 1952م، تَرَأَّس أوبينهايمر [[هيئة مستشاري وزارة الخارجية لشؤون نزع السلاح]] المُتَكَوِّنَة من خمسة أعضاء،<ref name="y-s-92-93">{{harvnb|Young|Schilling|2019|pp=92–93}}</ref> ودعت هذه الهيئة أولًا لأن تُؤَجِّل الولايات المتحدة أول اختبار مُخَطَّط للقنبلة الهيدروجينية ثم للسَّعْي في عقد معاهدة حظر الاختبارات النووية الحرارية مع الاتحاد السوفييتي، وذلك على أساس أن اجتناب الاختبارات من الممكن أن يُوقِف تطوير أسلحة كارثية جديدة ويتفتح طريقًا لعقد اتفاقيات جديدة متعلقة بالأسلحة بين البلدين.<ref>{{harvnb|McMillan|2005|pp=140–141}}</ref> ولكن الهيئة افتقَرَتْ إلى وجود حلفاء سياسيين لها في واشنطن، وأُجْرِي اختبار [[أيفي مايك]] في وقته المحدد.<ref name="y-s-92-93"/> أَصْدَرَت بعدها الهيئة في يناير 1953م تقريرًا نهائيًّا متؤثرًا بالكثير من القناعات العميقة لأوبينهايمر، وقدم التقرير تَصَوُّرًا تَشَاؤُمِيًّا للمستقبل الذي لن تحقق فيه الولايات المتحدة ولا الاتحاد السوفييتي السيادة النووية الكاملة بل سيشكل الطرفان خطرًا مُدْقِعًا على بعضهما البعض.<ref name="b-s-451">{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=451}}</ref>

وكانت إحدى توصيات الهيئة ذات الأهمية الخاصة بحسب اعتقاد أوبينهايمر،<ref>{{harvnb|Bundy|1988|p=289}}</ref> هي أن تكون الحكومة الأمريكية أقل سرية وأكثر انفتاحًا مع الشعب الأمريكي بخصوص حقائق توازن القوى النووية بين الدول وأخطار الحرب النووية.<ref name="b-s-451"/> ولاقَتْ هذه الفكرة آذانًا صاغية خلال [[رئاسة دوايت د. أيزنهاور|إدارة الرئيس أيزنهاور]] وتَسَبَّبَت بإطلاق [[مشروع كوندور]].<ref>{{harvnb|Pais|2006|pp=194–195}}</ref> وقَدَّم أوبينهايمر لاحقًا إلى عامة الشعب الأمريكي وجهة نظره عن قلة جدوى الترسانة النووية ذات القوة التدميرية المُتَعَاظِمَة وذلك في مقال نشره في مجلة ''[[الشؤون الخارجية (مجلة)|الشؤون الخارجية]]'' في يونيو 1953م،<ref>{{harvnb|Rhodes|1995|p=528}}</ref><ref>{{cite journal |last1=Oppenheimer |first1=J Robert |title=Atomic Weapons and American Policy |url=https://www.foreignaffairs.com/united-states/robert-oppenheimer-atomic-weapons-american-policy |journal=Foreign Affairs |date=July 1953 |volume=31 |issue=July 1953 |pages=525–535 |publisher=Council on Foreign Relations |doi=10.2307/20030987 |jstor=20030987 |access-date=July 21, 2023}}</ref> واجتذب المقال انتباه الصحف الأمريكية الكبرى.<ref>{{harvnb|Pais|2006|pp=195}}</ref>

ولذلك كله، وصل أوبينهايمر إلى ذروة أخرى لنفوذه وتأثيره بحلول عام 1953م باعتباره مشاركًا في عدة وظائف حكومية ومشاريع ويمتلك صلاحية الوصول إلى خطط استراتيجية حساسة وإلى المخزون النووي.<ref name="Pais 2006 33"/> ولكنه في نفس الوقت أصبح عدو أنصار القصف الاستراتيجي الذين رَمَقُوا معارضته للقنبلة الهيدروجينية التي أُتْبِعَتْ بتلك الآراء والمواقف بنظرة يمتزج فيها الغضب وعدم الثقة.<ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|pp=124, 127}}</ref> تلك النظرة اقترنت بخوفهم أن شهرة أوبينهايمر وقدراته على الاقناع قد جعلت منه مؤثرًا خطيرًا في الحكومة، والجيش، والأوساط العلمية.<ref>{{harvnb|Bundy|1988|pp=307–308}}</ref>

=== جلسات الاستماع الأمنية ===
{{مفصلة|جلسة الاستماع الأمنية لأوبنهايمر}}
[[ملف:Eisenhower and Strauss.jpg|تصغير|بديل=الرئيس الأمريكي أيزنهاور ولويس ستراوس يجلسان على مكتب|الرئيس الأمريكي [[دوايت أيزنهاور|دوايت ديفيد أيزنهاور]] يَسْتَلِم تقريرًا من [[لويس ستراوس]] رئيس [[هيئة الطاقة الذرية الأمريكية]] بتاريخ 30 مارس 1954م فيما يتعلق باختبارات القنبلة الهيدروجينية ضمن [[عملية القلعة]]. ستراوس مارس ضغطًا لإلغاء التصريح الأمني الخاص بأوبينهايمر.]]

لاحق [[مكتب التحقيقات الفيدرالي|مكتب التحقيقات الفيديرالي]] بقيادة [[إدغار هوفر|جون إدغار هوفر]] أوبينهايمر منذ فترة ما قبل الحرب، وذلك حينما أظهر ميولًا شيوعية أثناء عمله أستاذًا في [[جامعة كاليفورنيا (بركلي)|جامعة بيركلي]] وكان قريبًا من أعضاء الحزب الشيوعي، واشتملت الملاحقة على أخيه وزوجته. واشتبه أفراد مكتب التحقيقات بشكل وثيق بأنه كان عضوًا في الحزب شخصيًّا، وذلك بناءًا على تسجيلات هاتفية أشار له فيها أعضاء من الحزب أو ظهروا بأنهم يشيرون له بأنه شيوعي، بالإضافة إلى تقارير مُخْبِرِين من داخل الحزب.<ref>J Robert Oppenheimer FBI security file [microform]: Wilmington, Del.: Scholarly Resources, 1978</ref> وكان تحت رقابة مشددة منذ بداية أربعينات القرن العشرين، فكان منزله يحوي أجهزة تنصُّت وكانت مكالماته مراقبة وكانت رسائله البريديَّة تُفْتَح.<ref>{{harvnb|Stern|1969|p=2}}</ref>

وفي أغسطس من عام 1943م، أخبر أوبينهايمر عناصر الأمن في مشروع مانهاتن بأن [[جورج إلتينتون]] - الذي لا يعرفه - حاول الحصول على أسرار نووية من 3 رجال في لوس ألاموس لصالح [[الاتحاد السوفيتي|الاتحاد السوفييتي]]. وعند الضغط عليه في هذا الموضوع في مقابلات لاحقة، أَقَرّ أوبينهايمر بأن الشخص الوحيد الذي تقرّب منه بذلك الخصوص كان صديقه [[هاكون شوفالييه]] أستاذ في بيركلي في قسم الأدب الفرنسي، وكان شوفالييه قد أخبره في عشاء خاص في بيت أوبينهايمر عن إلتينتون.<ref name="Bird, pp. 195-201">{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=195–201}}</ref>

وزوَّد مكتب التحقيقات الفيديرالي أعداء أوبينهايمر السياسيين بدلائل على ارتباطاته الشيوعية. هؤلاء الأعداء اشتملوا على [[لويس ستراوس|لِوِيس سْتَراوْس]]: مسؤول [[هيئة الطاقة الذرية الأمريكية]] الذي كان يُبْطِن غضبًا شديدًا تجاه أوبينهايمر لمعارضته مشروع القنبلة الهيدروجينية ولإذلاله له أمام مجلس الهيئة، حيث كان ستراوس قد أبدى اعتراضه على تصدير النظائر المشعة للشعوب الأخرى خوفًا من تطوير سلاح نووي، ولكن أوبينهايمر سخر منه قائلًا باستهزاء بأن النظائر "أقل أهمية من الأجهزة الكهربائية ولكنها أكثر أهمية من... فلْنَقُل الفيتامينات".<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|p=286}}</ref>

وفي 7 يوليو سنة 1949م، مَثَل أوبينهايمر أمام [[لجنة الأنشطة غير الأمريكية التابعة لمجلس النواب الأمريكي]]، وأقر بأنه كان لديه علاقات مع الحزب الشيوعي الأمريكي في ثلاثينات القرن العشرين.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=394–396}}</ref> وشهد بأن بعض طلابه كانوا شيوعيين في الوقت الذي عملوا فيه معه في بيركلي، هؤلاء الطلاب يشملون [[ديفيد بوم]]، و[[جيوفاني روسي لومانيتز]]، و[[فيليب موريسون]]، و[[برنارد بيترز]]، و[[جوزيف واينبيرغ]]. وشهد فرانك أوبينهايمر - أخو روبرت أوبينهايمر - وزوجته جاكي أمام لجنة الأنشطة غير الأمريكية بأنهما كانا في الحزب الشيوعي الأمريكي. وأدى ذلك إلى إقالة فرانك من منصبه في [[جامعة منيسوتا]]. ولأنه لم يستطع العمل في الفيزياء ذهب إلى [[مربى مواشي|رعاية المواشي]] في [[كولورادو]]. وأصبح فيما بعد معلم فيزياء في مدرسة ثانوية وكان مؤسس متحف [[إكسبلوراتوريوم|الإكسبلوراتوريوم]] في سان فرانسيسكو.<ref name="Haynes 2006 147" /><ref name="Cassidy, pp. 282-284">{{harvnb|Cassidy|2005|pp=282–284}}</ref>

وقع الحدث المؤدي لإجراء جلسة الاستماع الأمنية في 7 نوفمبر لعام 1953م،<ref>{{harvnb|Stern|1969|p=1}}</ref> وذلك على يد [[ويليام بوردين]] الذي كان بداية تلك السنة مديرًا تنفيذيًّا [[لجنة الكونغريس المشتركة للطاقة الذرية|للجنة الكونغريس المشتركة للطاقة الذرية]]، حيث أرسل بوردين إلى جون إدغار هوفر يخبره بأن "أوبينهايمر عميل مُحْتَمَل للاتحاد السوفييتي أكثر من كونه غير ذلك".<ref>{{harvnb|Rhodes|1995|pp=532–533}}</ref> لم يصدق الرئيس [[دوايت أيزنهاور|أيزنهاور]] يومًا الادعاءات الواردة في الرسالة بشكل كامل، ولكنه وجد نفسه مضطرًّا لفتح تحقيق،<ref>{{harvnb|Bundy|1988|p=305}}</ref> وفي 3 ديسمبر، أمر بوضع "جدار لا يُخْتَرَق" بين أوبينهايمر وأية أسرار حكومية أو عسكرية.<ref>{{harvnb|Rhodes|1995|pp=534–535}}</ref>

وفي 21 ديسمبر لعام 1953م، أخبر ستراوس أوبينهايمر بأن تصريحه الأمني أصبح مُعَلَّقًا بانتظار ما سَتُفْضِي إليه مجموعة اتهامات مطروحة في رسالة رسمية، وناقشه في أن يستقيل من لجنة الطاقة الذرية من خلال أن يطلب إنهاء عقد الاستشارة مع اللجنة.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=481–484}}</ref> واختار أوبينهايمر عدم الاستقالة وطلب جلسة استماع بدلًا من ذلك.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=484}}</ref> كانت التُّهَم مطروحة في رسالة من [[كينيث نيكولز]] المدير العام للجنة الطاقة الذرية.<ref>{{harvnb|Stern|1969|pp=229–230}}</ref><ref>{{harvnb|United States Atomic Energy Commission|1954|pp=3–7}}</ref> وكتب نيكولاس في مذكراته أنه "لم يكن سعيدًا بإدراجه إشارةً إلى معارضة أوبينهايمر لتطوير القنبلة الهيدروجينية" في الرسالة.<ref>{{harvnb|Nichols|1987|p=307}}</ref> حيث اعتبر أنه "بالرغم من سجلّه [الأمني] إلا أنه وَفِيّ للولايات المتحدة".<ref>{{harvnb|Nichols|1987|p=305}}</ref>

عُقِدَتْ جلسات الاستماع في فترة إبريل-مايو 1954م بشكل سريّ، وكان التركيز فيها على ارتباطات أوبينهايمر الشيوعية في الماضي وعلى علاقاته خلال مشروع مانهاتن بعلماء مشكوك في ولاءهم أو علماء شيوعيين.<ref>{{harvnb|Rhodes|1995|pp=543–549}}</ref> ثم استُكْمِلَت الجلسات بتفحُّص موقف أوبينهايمر المعارض لمشروع القنبلة الهيدروجينية ومواقفه في المشاريع ولِجَان النقاش التي لَحِقَتْ ذلك.<ref>{{harvnb|Rhodes|1995|pp=550–556}}</ref> ونُشِر جزء من نص جلسات الاستماع في يونيو 1954م،<ref>{{harvnb|Rhodes|1995|p=557}}</ref> مع بعض التعديلات. وفي 2014م، جعلت [[وزارة الطاقة الأمريكية]] النص بالكامل متاحًا للعامة.<ref name="NYTimes.com">{{cite news |url=https://www.nytimes.com/2014/10/12/us/transcripts-kept-secret-for-60-years-bolster-defense-of-oppenheimers-loyalty.html?smid=tw-share |title=Transcripts Kept Secret for 60 Years Bolster Defense of Oppenheimer's Loyalty |first=William J. |last=Broad |date=October 11, 2014 |newspaper=[[The New York Times]] |access-date=January 17, 2015 |archive-date=January 18, 2015 |archive-url=https://web.archive.org/web/20150118123710/http://www.nytimes.com/2014/10/12/us/transcripts-kept-secret-for-60-years-bolster-defense-of-oppenheimers-loyalty.html?smid=tw-share |url-access=limited |url-status=live}}</ref><ref>{{cite web |url=https://www.osti.gov/opennet/hearing.jsp |title=J. Robert Oppenheimer Personnel Hearings Transcripts |author=Department of Energy |publisher=Department of Energy (DOE) OpenNet documents |access-date=January 17, 2015 |archive-date=January 18, 2015 |archive-url=https://web.archive.org/web/20150118123907/https://www.osti.gov/opennet/hearing.jsp |url-status=live }}</ref>

[[ملف:Edward Teller (1958)-LLNL-restored.jpg|تصغير|يمين|بديل=إدوارد تيلر يلبس بدلة وهو يبتسم|زميل أوبينهايمر السابق، [[إدوارد تيلر]]، شهد ضد أوبينهايمر في جلسات الاستماع المنعقدة سنة 1954م.{{sfn|Stern|1969|p=335}}]]

وكانت شهادة أوبينهايمر القديمة المتعلقة بمحاولة جورج إلتينتون التقرب من عدة علماء في لوس ألاموس عنصرًا مفتاحيًّا في جلسات الاستماع، تلك القصة التي اعترف أوبينهايمر بأنه اختلقها لحماية صديقه [[هاكون شوفالييه]]. ودون علم من أوبينهايمر، كان نُسْخَتَا تلك القصة التي رواهما خلال التحقيقات مُسَجَّلَتَيْن منذ أكثر من عَقْد. وفي الحقيقة، لم يخبر أوبينهايمر قط شوفالييه بأنه ذكر اسمه في نهاية المطاف، وأن تلك الشهادة كبَّدَتْ شوفالييه خسارة عمله. وأكَّد كُلُّ من شوفالييه وإلتينتون قصة أوبينهايمر بالإشارة إلى امتلاكهما طريقة لإيصال المعلومات للسوفييت، حيث اعترف إلتينتون بأنه ذكر وجود طريقة للتواصل مع السوفييت لشوفالييه الذي اعترف بدوره بأنه ذكر ذلك لأوبينهايمر ولكنهما وَضَعَا ذلك في سياق القيل والقال وأنهما كانا يقولان ذلك بشكل يقوم على الافتراض فقط ونَفَيَا أي فكرة أو اقتراح للخيانة أو نوايا للتجسس، سواء أكان ذلك بالتخطيط أم بالتنفيذ. ولم يُدَنْ أي منهما بأي جريمة قطّ.<ref name="Cassidy, pp. 313-319">{{harvnb|Cassidy|2005|pp=313–319}}</ref>

وشهد [[إدوارد تيلر]] في جلسات الاستماع واعتبر أن أوبينهايمر يُكِنّ الوفاء للولايات المتحدة، ولكن:

{{اقتباس|في عدد كبير من المواقف، رأيت د.أوبينهايمر يتصرف -وأنا أردك أن د.أوبينهايمر دَبَّر الأمور- بطريقة بالنسبة إليّ كانت صعبة الفهم إلى حد كبير. اعترضْتُ معه بشكل كامل في الكثير من القضايا وبَدَتْ لي أفعاله مرتبكة ومعقدة بصراحة. وفي هذا النطاق، أشعر أني كنت أفضِّل أن أرى المصالح الحيوية لهذا البلد بين أيدٍ أستطيع استيعابها بشكل أفضل، وبالتالي أثق فيها أكثر. وفي هذا الجانب بالتحديد، أحب أن أعبِّر عن شعوري الشخصي بالمزيد من الأمان إن كانت الشؤون العامة مُؤْتَمَنَة في أيدٍ أخرى.<ref>{{cite web |series=American Experience |title=Race for the Superbomb . Edward Teller's Testimony in the Oppenheimer Hearings |website=[[PBS]] |url=http://www.shoppbs.pbs.org/wgbh/amex/bomb/filmmore/reference/primary/tellertestimony.html |access-date=July 23, 2023 |archive-date=July 23, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230723233331/http://www.shoppbs.pbs.org/wgbh/amex/bomb/filmmore/reference/primary/tellertestimony.html |url-status=dead }}</ref>}}

أشعلت شهادة تيلر غضب المجتمع العلمي، وكان منبوذًا بشكل غير رسمي من المساهمة أو الإفادة العلمية الأكاديمية.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=532–534}}</ref> ورفض [[إرنست لورنس]] الشهادة بحجة عودة أعراض التهاب القولون التقرحي إليه، ولكن قُدِمَتْ مقابلة له وهو يُدِين فيها أوبينهايمر كدليل في الجلسة.<ref name="Distillations">{{cite magazine|year=2016|first=Haertsch|last=Emilie|title=Large and in charge|url=https://www.sciencehistory.org/distillations/magazine/large-and-in-charge|magazine=Distillations|volume=2|issue=3|pages=40–43|access-date=March 22, 2018|archive-date=March 23, 2018|archive-url=https://web.archive.org/web/20180323032531/https://www.sciencehistory.org/distillations/magazine/large-and-in-charge|url-status=live}}</ref>

شهد الكثير من العلماء الكبار بالإضافة إلى شخصيات حكومية وعسكرية في صالح أوبينهايمر. وقال [[أيزيدور إسحق رابي]] أثناء شهادته بأن نعليق التصريح الأمني كان غير ضروري: "إنه مستشار، وإذا كنتم لا تريدون استشارته فلا تستشيروه، نقطة انتهى".<ref>{{cite web |title=Testimony in the Matter of J. Robert Oppenheimer |url=http://www.nuclearfiles.org/menu/key-issues/nuclear-weapons/history/cold-war/oppenheimer-affair/testimony.htm |url-status=dead |archive-url=https://web.archive.org/web/20060115205507/http://www.nuclearfiles.org/menu/key-issues/nuclear-weapons/history/cold-war/oppenheimer-affair/testimony.htm |archive-date=January 15, 2006 |access-date=December 11, 2010 |publisher=Nuclear Age Peace Foundation}}</ref> ولكن الضابط [[ليزلي غروفز]] شهد بأنه تحت معايير الأمن الأكثر صرامة التي كان معمولًا بها وقت الجلسة سنة 1954م (لم تكن نفس المعايير حينما وَظَّف أوبينهايمر)، فإنه "لن يعطي التصريح الأمني لد.أوبينهايمر اليوم".<ref>{{harvnb|Stern|1969|p=288}}</ref>

وكانت نتيجة جلسات الاستماع، بأن المجلس يلغي التصريح الأمني لأوبينهايمر وذلك بنتيجة تصويت 2-1.<ref>Hewlett and Holl, ''Atoms for Peace and War'', p. 98.</ref> ولكن النتيجة برَّأتْه بالإجماع من عدم الولاء، ولكن الغالبية أيَّدَتْ أن 20 من أصل 24 تهمة كانت إما صحيحة أو صحيحة بشكل ملحوظ، وأن أوبينهايمر يشكل خطرًا أمنيًّا.<ref>{{harvnb|Stern|1969|pp=376, 380–381}}</ref> ثم في 29 يونيو 1954م، أيَّدَتْ لجنة الطاقة الذرية استنتاجات مجلس أمن الموظفين بنتيجة تصويت 4-1، وكتب ستراوس رأي الأغلبية.<ref>{{harvnb|Stern|1969|pp=412–413}}</ref> في ذلك الرأي، شدَّد أن "عيوب شخصية" أوبينهايمر، و"الكذب، والتهرب، والتحريف" بالإضافة إلى علاقاته السابقة بالشيوعيين والناس القريبة منهم هي الأسباب الرئيسة لقراره. ولم يعلق على ولاء أوبينهايمر.<ref>{{harvnb|Stern|1969|pp=413, 415–418}}</ref>

خلال جلسات الاجتماع، شهد أوبينهايمر بإرادته غلى النشاطات اليسارية للكثير من زملاءه. وإن كان لم يُجَرَّد من تصريحه الأمني، لكان من الممكن أن يتذكره الناس كشخص "يذكر الأسماء" لحفظ سمعته الشخصية،<ref>{{harvnb|Polenberg|2005|pp=267–268}}</ref> ولكن بفضل تجريده من التصريح الأمني، رأى معظم المجتمع العلمي بأنه شهيد للمكارثية، وبأنه ليبرالي انتقائي التوجهات هُوجِم ظلمًا من أعداء يمتلكون عداوة مع أطراف أخرى، وبأنه رمز لتحول العمل العلمي من المؤسسات الأكاديمية إلى المؤسسات العسكرية.<ref>{{harvnb|Polenberg|2005|pp=268–272}}</ref> وأخبر [[فيرنر فون براون]] إحدى لجان الكونغريس بأنه "في إنجلترا، لَكان أوبينهايمر سَيُلَقَّب فارسًا".<ref>{{harvnb|Bethe|1968b|p=27}}</ref>

وفي ندوة عُقِدَت في [[مركز وودرو ولسون الدولي للعلماء|مركز وودرو وِلْسُون الدولي للعلماء]] سنة 2009م، وبناءًا على التحليل المستفيض [[لملاحظات فاسيليف]] التي أخذها من أرشيف [[لجنة أمن الدولة (الاتحاد السوفيتي)|الاستخبارات السوفيتية]]، أكّد [[جون إيرل هاينز]]، و[[هارفي كلير]]، و[[أليكسندر فاسيليف]] أن أوبينهايمر لم يكن يومًا متورطًا في التجسس لصالح الاتحاد السوفييتي، بالرغم من محاولات الاستخبارات السوفييتية المتكررة لتَجْنِيده. وعلاوة على ذلك، كان قد أزال عدة شخصيات متضامنة مع الاتحاد السوفييتي من مشروع مانهاتن.<ref name="Haynes">{{harvnb|Haynes|2006|pp=133–144}}</ref> وكذلك صرّح هاينز، وكلير، وفاسيليف بأن أوبينهايمر "كان في الواقع عضوًا مُسْتَتِرًا للحزب الشيوعي الأمريكي في أواخر ثلاثينات القرن العشرين".{{sfn|Haynes|Klehr|Vassiliev|2009|p=58}} واستنادًا للكاتب المتخصص بالسير الذاتية [[راي مونك]]: "لقد كان داعمًا للحزب الشيوعي بالمعنى العملي والحقيقي للكلمة. أَضِف إلى ذلك، أنه من حيث الوقت والجهد والمال المبذولين على نشاطات الحزب، فقد كان داعمًا ملتزمًا للغاية."<ref>{{harvnb|Monk|2012|p=244}}.</ref>

وفي 16 ديسمبر لعام 2022م، أَبْطَلَتْ [[وزير الطاقة الأمريكي|وزيرة الطاقة الأمريكية]] [[جينيفر غرانهولم]] قرار إلغاء التصريح الأمني لأوبينهايمر الذي صدر سنة 1954م بعد جلسات الاستماع.<ref name="NYT-20221216">{{cite news |last=Broad |first=William J. |title=J. Robert Oppenheimer Cleared of 'Black Mark' After 68 Years |url=https://www.nytimes.com/2022/12/16/science/j-robert-oppenheimer-energy-department.html |date=December 16, 2022 |url-access=limited |work=[[The New York Times]] |access-date=December 17, 2022}}</ref> وقالت في بيانها: "في 1954م، ألْغَتْ لجنة الطاقة الذرية التصريح الأمنيّ للد.أوبينهايمر من خلال إجراءات تتخللها الأخطاء وتَتَعَدَّى على قوانين اللجنة نفسها. وبمرور الوقت، ظهرت إلى النور مزيد من الأدلة على تحيّز وظلم الإجراءات التي تعرض لها الد.أوبينهايمر بينما الدلائل على وفاءه وحبه لبلده ازدادت تأكيدًا."<ref>{{cite web |author=Staff |title=Secretary Granholm Statement on DOE Order Vacating 1954 Atomic Energy Commission Decision In the Matter of J. Robert Oppenheimer |url=https://www.energy.gov/articles/secretary-granholm-statement-doe-order-vacating-1954-atomic-energy-commission-decision |date=December 16, 2022 |publisher=[[United States Department of Energy]] |accessdate=December 17, 2022 }}</ref><ref name="NYT-20221216"/><ref>{{cite news |first=Gloria |last=Oladipo |date=December 17, 2022 |newspaper=[[The Guardian]] |title=US voids 1954 revoking of J Robert Oppenheimer's security clearance |url=https://www.theguardian.com/us-news/2022/dec/17/j-robert-oppenheimer-atomic-bomb-security-clearance }}</ref>

== السنوات الأخيرة ==
{{Quote box
| quote = إن حدود العلم بعيدة اليوم عن المعرفة العامة حتى لأكثر المُجْتَمَعَات تَحَضُّرًا، حيث تَفْصِلُهُمَا سنوات طويلة من الدراسة، ومٌفْرَدَات متخصصة، وأساليب فنية، ومعرفة؛ ومن هذا المُنْطَلَق فإن أي شخص يعمل عند الحدّ الذي وصله علم مُعَيَّن يكون بعيدًا جدًّا عن الوطن، وبعيدًا جدًّا كذلك عن الفنون التطبيقية التي كانت أساس ذلك العلم وأصله، ذلك مثلما كانت أساس وأصل ما ندعوه اليوم بالفن.{{Refn|group=ملاحظة|يتحدث أوبينهايمر هنا عن الفرق الشاسع ما بين حدود العلم والمعرفة المشتركة والمتوارثة بين عامة المجتمع، وهنا يشير إلى الرحلة الصعبة التي سيواجهها أي إنسان في لدراسة علم معين حتى يصل إلى حدوده، وحدود العلم تعني آخر ما توصل له ذلك العلم، فيبدأ هذا الانسان في الخروج عن حدود ذلك العلم والإتيان بما هو جديد أي توسيع دائرة ذلك العلم. فيقول أوبينهايمر هنا أن وصول شخص إلى تلك المرحلة سيشكل حاجزًا بينه وبين باقي أفراد المجتمع ("يصبح بعيدًا جدًّا عن الوطن")، وذلك بسبب امتلاكه لمفردات وأساليب ومعلومات لا يعرفها العامة. كما يشير إلى أن التخصص المتزايد في العلم أدى إلى فقدان الاتصال بين العلم وأصوله العَمَلِيَّة (التطبيقية)، وكذلك بين العلم وغيره من الفنون والعلوم الإنسانية. ويذكر أوبينهايمر هنا أن الممارسات التطبيقية التي كانت أساسًا في ظهور وانطلاق العلم، هي أيضًا الأساس الذي شَكَّل الفن الذي نعرفه اليوم.}}
|align = left
| salign=left |source = أوبينهايمر، محاضرة "تَطَلُّعَات في الفنون والعلوم" {{nobr|ضمن برنامج ''[[حق المرء بالمعرفة|حَقّ المَرْء بالمعرفة]]''<ref>{{Cite news |date=December 27, 1954 |title=Text of Oppenheimer Lecture Ending the Columbia Bicentenary |work=[[The New York Times]] |url-access=limited |url=https://timesmachine.nytimes.com/timesmachine/1954/12/27/84181413.html?pageNumber=10 |access-date=August 10, 2022 |archive-date=March 27, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230327133740/https://timesmachine.nytimes.com/timesmachine/1954/12/27/84181413.html?pageNumber=10 |url-status=live }}</ref>}}
| width = 30%
}}

ابتداءًا من عام 1954م، سكن أوبينهايمر عدة أشهر من كل سنة في جزيرة [[سانت جون (جزر العذراء الأمريكية)|سانت جون]] وهي إحدى [[جزر العذراء الأمريكية]]. وفي 1957م، اشترى قطعة أرض بمساحة 2 فدان (0.81 هكتار) على [[شاطيء غيبني|شاطيء غِيبْنِي]] حيث بَنَى منزلًا ريفيًّا بسيطًا على الشاطيء.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=566–569}}</ref> وقضى وقتًا طويلًا في الإبحار مع ابنته توني وزوجته كيتي.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=573}}</ref>

وكان أول ظهور عَلَنِيّ لأوبينهايمر بعد تجريده من تصريحه الأمني في محاضرة بعنوان "تَطَلُّعَات في الفنون والعلوم" ضمن برنامج إذاعي أَطْلَقَتْه [[جامعة كولومبيا]] بمناسبة [[المئوية الثانية لتأسيس جامعة كولومبيا|مرور 200 عام على تأسيسها]] والذي حَمَل اسم ''[[حق المرء بالمعرفة|حَقّ المَرْء بالمعرفة]]''، وفي تلك المحاضرة، بَيَّن أوبينهايمر فلسلفته وأفكاره حول دَوْر العلم في العَالَم الحديث.<ref>{{Cite news |date=December 27, 2004 |title=1954: Nuclear Scientist Speaks |work=[[The New York Times]] |url=https://www.nytimes.com/2004/12/27/news/1954nuclear-scientist-speaks-in-our-pages100-75-and-50-years-ago.html |access-date=July 18, 2022 |archive-date=July 18, 2022 |archive-url=https://web.archive.org/web/20220718152028/https://www.nytimes.com/2004/12/27/news/1954nuclear-scientist-speaks-in-our-pages100-75-and-50-years-ago.html |url-status=live }}</ref><ref>{{harvnb|Pais|2006|p=291}}</ref> وكان قد اخْتِير للظهور في الحلقة الأخيرة لسلسلة من المحاضرات في ذلك البرنامج الإذاعي قبل سَنَتَيْن من تجريده من تصريحه الأمني، ولكن الجامعة بَقِيَت مُصِرَّة على إبقاءه في الحلقة حتى بعد الجَدَل الذي دار حوله.<ref>{{Cite news |date=December 27, 1954 |title=Oppenheimer Sets Path for Mankind |work=[[The New York Times]] |url-access=limited |url=https://timesmachine.nytimes.com/timesmachine/1954/12/27/84181342.html?pageNumber=10 |access-date=July 18, 2022 |archive-date=April 2, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230402211451/https://timesmachine.nytimes.com/timesmachine/1954/12/27/84181342.html?pageNumber=10 |url-status=live }}</ref>

وفي فبراير من عام 1955م، أَلْغَى [[قائمة رؤساء جامعة واشنطن|هينري شميتز]] رئيس [[جامعة واشنطن]] بشكل مفاجيء دعوة الجامعة لأوبينهايمر لإلقاء سلسلة من المحاضرات هناك. واسْتَشَاط طلاب الجامعة غضبًا من قرار شميتز؛ فَوَقَّع 1,200 طالب عَرِيضَة تَحْتَج على القرار، و[[Effigy|أُحْرِقَتْ دُمْيَة]] تٌمَثِّل شميتز كإشارة احتاجية. وبينما اسْتَمَرُّوا بالاحتجاج، حَظَرَتْ ولاية واشنطن الحزب الشيوعي، وألزَمَتْ جميع موظفي الحكومة بأن يُقْسِمُوا [[يمين الولاء|يَمِين الولاء]]. وقام [[إدوين ألبرشت أهلينغ]] -رئيس قسم الفيزياء جامعة واشنطن وزميل سابق لأوبينهايمر في [[جامعة كاليفورنيا (بركلي)|جامعة كاليفورنيا في بيركلي]]- بمناشدة مجلس إدارة الجامعة للعُدُول عن القرار، وصوَّت المجلس لصالح إلغاء قرار شميتز بنتيجة تصويت 56 إلى 40. وخلال رحلة سفر إلى ولاية [[أوريغن|أوريغون]]، توقف أوبينهايمر لفترة قصيرة في مدينة [[سياتل]] في ولاية [[واشنطن (ولاية)|واشنطن]] لتغيير طائرته، وبينما هو هناك التقى به عدد من أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة واشنطن لشرب القهوة معًا، وبالرغم من ذلك، لم يُعْطِ أوبينهايمر أي محاضرة في الجامعة قطّ.{{sfn|Sanders|1979|pp=8–19}}{{sfn|Wolverton|2008|pp=57–61}}

سَاوَر أوبينهايمر القلق المتزايد بخصوص الخطر الذي قد تَتَعَرَّض له البشرية من الاختراعات العلمية. وتَشَارك هو و[[ألبرت أينشتاين|ألبيرت أينشتاين]]، و[[بيرتراند راسل]]، و[[جوزيف روتبلت]] وغيرهم من العلماء والأكاديميين المَرْمُوقِين في تأسيس ما أصبح يُعْرَف في النهاية باسم [[الأكاديمية العالمية للفنون والعلوم]] التي خَرَجَتْ إلى النور رسميًّا عام 1960م. وعلى نحو لَافِت، وبعد إذلاله على العَلَن في جلسات الاستماع، امتنع أوبينهايمر عن المشاركة في حركات الاحتجاج الواسعة ضد السلاح النووي التي انطلقت في خمسينات القرن العشرين، فلم يوقع على [[بيان راسل-أينشتاين]] المنشور عام 1955م، وكذلك لم يَحْضُر النسخة الأولى من [[مؤتمر باجواش للعلوم والشؤون الدولية]] عام 1957م على الرغم من أنه دُعِي إليه.<ref name="Bird&Sherwin, pp. 559-561" />

وفي خطاباته وكتاباته المنشورة للعامة، شَدَّد أوبينهايمر باستمرار على صعوبة إدارة قوة المعرفة في عالم تُقَيَّد فيه حرية تبادل الأفكار العلمية بين الأطراف المختلفة بسبب المَخَاوِف السياسية. وألقى أوبينهايمر عدة محاضرات إذَاعِيَّة سنة 1953م ضمن سلسلة [[محاضرات ريث]] عبر أثير إذاعة [[بي بي سي]]، وجُمِعَت هذه المحاضرات في كتاب نُشِر لاحقًا تحت عنوان ''العِلْم والفَهْم العام'' (بالإنجليزية: ''Science and the Common Understanding'').<ref>{{cite web |url=http://www.ias.edu/people/oppenheimer |title=J. Robert Oppenheimer |access-date=March 11, 2011 |publisher=[[Institute for Advanced Study]] |archive-date=May 14, 2011 |archive-url=https://web.archive.org/web/20110514213850/http://www.ias.edu/people/oppenheimer |url-status=dead }}</ref>

وفي عام 1955م، نشر أوبينهايمر كتابًا بعنوان ''العَقْل المُتَفَتِّح'' (بالإنجليزية: ''The Open Mind'')، وهو تجميع لثَمَانِيَة محاضرات أعطاها منذ 1946م بخصوص الأسلحة النووية والثقافة العامة.<ref>{{harvnb|Wolverton|2008|pp=84–87}}</ref> ورفض أوبينهايمر تطبيق [[دبلوماسية مدافع الأسطول|دبلوماسية مَدَافِع الأسطول]] فيما يتعلق بالسلاح النووي، حيث قال في إحدى تلك المحاضرات المنشورة في الكتاب: "إن أهداف هذا البلد في حقل السياسة الخارجية لا يمكنها أن تتحقق بشكل فعلي أو مُسْتَدَام باستخدام التَّخْويف".<ref>{{استشهاد بكتاب|الأخير= Oppenheimer|الأول= J. Robert|السنة= 1955|الفصل= III: The Open Mind—December 1948|العنوان= The Open Mind|الناشر= Simon and Schuster|الصفحات= 50-51|lccn=55-10043|الطبعة=THIRD PAPERBACK PRINTING, 1963}}</ref>

وفي 1957م، أرسل قسم الفسلفة وعلم النفس في جامعة هارفارد دعوة إلى أوبينهايمر لِيُحَاضر ضمن سلسلة [[محاضرات ويليام جيمس]]. واحْتَجّ على ذلك مجموعة مؤثرة من خريجي جامعة هارفارد بقيادة الخبير المالي البارز إيدوين غين الذي كان قد تخرج في 1918م، وضَمَّت تلك المجموعة أيضًا الكولونيل [[أرشيبالد روزفلت]] ابن الرئيس الأمريكي السابق [[ثيودور روزفلت]].<ref>{{harvnb|Wolverton|2008|pp=84–87}}</ref> وحضر 1,200 طالب محاضرات أوبينهايمر الستة التي ألقاها في الجامعة في [[الفاعة التذكارية (جامعة هارفارد)#مسرح ساندرز|مسرح ساندرز]]، وقد جَمَع تلك المحاضرات في كتاب تحت عنوان "أمل النظام" (بالإنجليزية: The Hope of Order).<ref name="Bird&Sherwin, pp. 559-561">{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=559–561}}</ref> وفي 1962م، ألقى أوبينهايمر محاضرات ضمن سلسلة [[محاضرات ويدين]] في [[جامعة ماكماستر]]، وجمعها في كتاب نُشِر عام 1964م يحمل عنوان ''الأرجوحة البَهْلَوَانِيَّة الطائرة: ثلاثة أزمات تواجه الفيزيائيين'' (بالإنجليزية: ''The Flying Trapeze: Three Crises for Physicists'').<ref>{{harvnb|Wolverton|2008|pp=227–228}}</ref>

[[ملف:Robert Oppenheimer 1964 Com L13-0299-0001-0028.tif|تصغير|upright=1.3|يسار|بديل=رجل كبير في العمر يلبس بدلة رسمية يقف على مسرح يخاطب الناس ويظهر أمامه ميكروفون.|أوبينهايمر في [[سيرن|المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية]].]]

بعد حِرْمَانِه من تأثيره السياسي، استمر أوبينهايمر في إعطاء المحاضرات، والكتابة، والعمل على الفيزياء. وقام بجولات في أوروبا واليابان قَدَّم فيها محاضرات في تاريخ العلم، ودور العلم في المجتمع، وطبيعة الكَوْن.<ref>{{harvnb|Wolverton|2008|pp=174–180}}</ref> وتحدث أوبينهايمر عن أهمية دراسة تاريخ العلم في فعالية تَدْشِين دار نيلز بور للكتب والأرشيف التابعة [[المعهد الأمريكي للفيزياء|للمعهد الأمريكي للفيزياء]] في سبتمبر 1963م.<ref>{{Cite web |last=Holland |first=Sam |date=February 26, 2021 |title=In the Sky with Diamonds: Physics in the 1960s |url=https://www.aip.org/history-programs/niels-bohr-library/ex-libris-universum/sky-diamonds-physics-1960s |publisher=American Institute of Physics |access-date=July 9, 2023 |archive-date=August 4, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230804205954/https://www.aip.org/history-programs/niels-bohr-library/ex-libris-universum/sky-diamonds-physics-1960s |url-status=live }}</ref><ref>{{YouTube |title=Niels Bohr Library Dedication Ceremony, American Institute of Physics, September 26, 1962 |id=V6pIkADY7x4 }}</ref>

وفي سبتمبر 1957م، أعطَت فرنسا أوبينهايمر رُتْبَة ضابط في [[وسام جوقة الشرف|جوقة الشرف]]،<ref>{{harvnb|Wolverton|2008|pp=105–106}}</ref> وفي 3 مايو 1962م، انْتُخِب [[زمالة الجمعية الملكية|عُضْوًا أَجْنَبِيًّا في الجمعية الملكية]] في بريطانيا.<ref name="frs">{{Cite journal | last1 = Bethe | first1 = H. A. | author-link = Hans_Bethe| doi = 10.1098/rsbm.1968.0016 | title = J. Robert Oppenheimer. 1904–1967 | journal = [[Biographical Memoirs of Fellows of the Royal Society]] | volume = 14 | pages = 390–416 | year = 1968a |issn=0080-4606 | doi-access = free }} reprinted as {{cite journal | last = Bethe | first = Hans | author-link = Hans Bethe | title = J. Robert Oppenheimer 1904–1967 | journal = Biographical Memoirs | volume = 71 | pages = 175–218 |url=http://books.nap.edu/openbook.php?record_id=5737&page=175 | year = 1997 | access-date = March 5, 2011 | archive-date = October 10, 2011 | archive-url=https://web.archive.org/web/20111010232837/http://books.nap.edu/openbook.php?record_id=5737&page=175 | url-status = live }}</ref><ref>{{cite web |title=List of Fellows of the Royal Society |url=http://royalsociety.org/WorkArea/DownloadAsset.aspx?id=4294972811 |format=PDF |publisher=Royal Society |access-date=December 11, 2010 |archive-date=November 30, 2010 |archive-url=https://web.archive.org/web/20101130205428/http://royalsociety.org/WorkArea/DownloadAsset.aspx?id=4294972811 |url-status=live }}</ref>

=== جائزة إنريكو فيرمي ===
في 1959م، صَوَّت [[جون كينيدي|جون ف. كينيدي]] الذي كان عضوًا في [[مجلس الشيوخ الأمريكي|مجلس الشيوخ]] وقتها على رَفْض إقرار تعيين [[لويس ستراوس]] -أكثر مُحَرِّض ضد في أوبينهايمر في جلسات الاستماع- [[وزير التجارة الأمريكي|وزيرًا للتجارة]]، وكان ذلك من شأنه إنهاء حياة ستراوس السياسية. وفي 1962م، دَعَا كينيدي الذي كان قد أصبح رئيسًا للولايات المتحدة وقتها أوبينهايمر لحضور حفل سَيُكَرَّم فيه 49 فائزًا بجائزة نوبل. وخلال تلك الفعالية، سأل رئيس هيئة الطاقة الذرية الأمريكية [[غلين سيبورغ]] أوبينهايمر إن كان يرغب بإجراء جلسات استماع أمنية أخرى بظروف أَعْدَل. ولكن أوبينهايمر رفض.<ref name="Fermi3"/>

وفي مارس 1963م، اختارت اللجنة الاستشاريَّة لهيئة الطاقة الذرية أوبينهايمر للحصول على [[جائزة إنريكو فيرمي]]، وهي جائزة ابتكرها [[الكونغرس الأمريكي]] سنة 1954م.<ref name="Fermi3"/> وقد [[اغتيال جون كينيدي|اغْتِيل كينيدي]] قبل أن يستطيع تسليم الجائزة لأوبينهايمر، ولكن خليفته [[ليندون جونسون]] قام بذلك في ديسمبر 1963م في حَفْل أشار فيه إلى "مساهمات [أوبينهايمر] في الفيزياء النظرية كَمُعَلِّم ومَنْبَعٍ للأفكار، [كما أشار إلى] قيادته [[مشروع Y|لمنشأة لوس ألاموس]] ولبرنامج الطاقة الذرية خلال السَّنَوَات الحَرِجَة".<ref name=bs574575/> وقال جونسون أيضًا بأن توقيع كينيدي على استلام أوبينهايمر للجائزة كان من أعظم أعمال كينيدي كرئيس للولايات المتحدة.<ref name="Fermi2"/> وقال أوبينهايمر لجونسون: "أعتقد أنه من الممكن يا سيدي الرئيس أن الأمر تَطَلَّب منك بعض الإحسان وبعض الشجاعة لإعطائي هذه الجائزة اليوم".<ref name="Fermi2">{{cite news |title = Oppenheimer Gets Praise of Johnson with Fermi Prize |newspaper = [[The New York Times]] |first = John W. |last = Finney |date = December 2, 1963 |pages = 1, 22 |url = https://www.nytimes.com/1963/12/03/archives/oppenheimer-gets-praise-of-johnson-with-fermi-prize-charity-and.html |url-access = subscription |access-date = August 19, 2023 |archive-date = August 18, 2023 |archive-url = https://web.archive.org/web/20230818205835/https://www.nytimes.com/1963/12/03/archives/oppenheimer-gets-praise-of-johnson-with-fermi-prize-charity-and.html |url-status = live }}</ref><ref>{{cite magazine | title = Tales of the Bomb | magazine= [[Time (magazine)|Time]] | date = October 4, 1968 |url=http://www.time.com/time/magazine/article/0,9171,838820-1,00.html | archive-url=https://web.archive.org/web/20090114194627/http://www.time.com/time/magazine/article/0,9171,838820-1,00.html | url-status = dead | archive-date = January 14, 2009 |url-access=subscription | access-date=May 23, 2008}}</ref>

وحرصت [[جاكلين كينيدي|جاكي]] -أرملة كينيدي- على حضور حفل تسليم الجائزة كي تستطيع إخبار أوبينهايمر كم كان يرغب زوجها الراحل بحصوله عليها.<ref name=bs574575>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=574–575}}</ref> كما حضر الحفل [[إدوارد تيلر]] الذي كان قد أوصى بأن يحصل أوبينهايمر على الجائزة أملًا في لمعالجة الصَّدْع النَّاجِم بينهما بسبب موقفه المضاد لأوبينهايمر في جلسات الاستماع،<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=348–349}}</ref> كما حضر [[هنري ديولف سميث|هنري د. سميث]]، وهو الوحيد في 1954م الذي صَوَّت ضد قرار هيئة الطاقة الذرية باعتبار أوبينهايمر خطرًا أمنيًّا، ذلك القرار الذي حُسِم بنتيجة 4-1.

ومع ذلك استمرت عِدَائِيَّة أفراد الكونغرس تجاه أوبينهايمر. فبعد ثمانية أيام فقط من مَقْتَل كينيدي، احتجّ عضو مجلس الشيوخ [[بروك ب. هيكينلوبر]] بشكل رسمي على اختيار أوبينهايمر للجائزة،<ref name="Fermi3">{{cite web |title=Johnson Awards AEC's Fermi Award to Oppenheimer, Once Branded Risk |newspaper=[[The New York Times]] |date=November 29, 1963 |url=https://timesmachine.nytimes.com/timesmachine/1963/11/30/89979687.html?pageNumber=8 |url-access=subscription |agency=United Press International |via=TimesMachine |access-date=August 18, 2023 |archive-date=September 21, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230921154807/https://timesmachine.nytimes.com/timesmachine/1963/11/30/89979687.html?pageNumber=8 |url-status=live }}</ref> كما قَاطَع حَفْل التسليم عدة أعضاء جمهوريين في لجنة الطاقة الذرية التابعة لمجلس الشيوخ.<ref>{{cite web |url=https://www.presidency.ucsb.edu/documents/remarks-upon-presenting-the-fermi-award-dr-j-robert-oppenheimer |title=Lyndon B. Johnson – Remarks Upon Presenting the Fermi Award to Dr. J. Robert Oppenheimer |date=December 2, 1963 |work=The American Presidency Project |publisher=[[University of California, Santa Barbara]] |access-date=August 20, 2023 |archive-date=August 20, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230820071713/https://www.presidency.ucsb.edu/documents/remarks-upon-presenting-the-fermi-award-dr-j-robert-oppenheimer |url-status=live }}</ref>

كان إصلاح الأضرار الواقعة على أوبينهايمر من خلال إعطاءه الجائزة رمزيًّا فقط، حيث أن أوبينهايمر بقي يَفْتَقِر إلى تصريح أمني ولم يَسْتَطِع امتلاك أي تأثير على السياسة الرسمية، ولكن الجائزة تَصَاحَبَتْ مع مكافأة مالية قدرها 50,000$ غير خاضعة للضريبة.<ref name="Fermi2" />

== العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي ==
[[ملف:J. Robert Oppenheimer visit to Israel (997009326988305171) (cropped).jpg|تصغير|upright=1.4|يسار|بديل=أوبينهايمر يقف وراء تمثال ضخم لرأس نيلز بور ويلقي خطابًا |روبرت أوبينهايمر يلقي خطابًا أثناء حفل افتتاح قسم الأبحاث النووية في [[معهد وايزمان للعلوم]] في إسرائيل بتاريخ 4 إبريل 1958م. التمثال الظاهر في الصورة هو لرأس [[نيلز بور]].]]
يَنْحَدِر والد أوبينهايمر -جوليوس أوبينهايمر- من بَلْدَة [[هاناو]] الألمانية، وأتى إلى الولايات المتحدة ليعمل مع أقاربه في تجارة الأَنْسِجَة فأصبح تاجرًا غنيًّا، وهناك تَعَرَّف على والدة أوبينهايمر -إيلا فريدمان- الرَّسَّامة التي كانت عائلتها قد انتقلت من ألمانيا إلى الولايات المتحدة في أربعينات القرن التاسع عشر. وبالرغم من أنهما ينتميان إلى عائلات يهودية، إلا أنهما تَجَاهَلَا الديانة اليهودية وفَضَّلَا تَبَنِّي تقاليد وأفكار المجتمع الأمريكي والاندماج فيه بالكامل، فلم تذهب العائلة إلى [[كنيس|الكَنِيس]] ولم يُقِيمَا حفل [[بار متسفا]] لأبناءهما، وكان أوبينهايمر نفسه ذو توجه مماثل لوالديه، فكان مُصِرًّا على عدم التحدث [[اللغة الألمانية|بالألمانية]]، كما أنه أَكَّد على أن اختصار ج. في ج. روبرت أوبينهايمر لا يشير إلى شيء بالرغم من أن اسمه في شهادة الميلاد هو: جوليوس روبرت أوبينهايمر، وذلك لإخفاء أصوله اليهودية باعتبار أن جوليوس اسم يهودي.<ref name="jewish_story_of_oppenheimer">{{استشهاد ويب|عنوان=The Jewish story behind Christopher Nolan’s ‘Oppenheimer,’ explained|مسار=https://www.timesofisrael.com/the-jewish-story-behind-christopher-nolans-oppenheimer-explained|مؤلف=Shiri Li Bartov|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20230731035327/https://www.timesofisrael.com/the-jewish-story-behind-christopher-nolans-oppenheimer-explained/|تاريخ أرشيف=02-08-2023|ناشر=The Times Of Israel|تاريخ النشر=2023-07-21}}</ref>

وبالرغم من عدم ارتياحه لأصله اليهودي وكذلك عدم اهتمامه المزعوم بالسياسة [[صهيونية|الصهيونية]]، إلا أن وثائقًا رُفِعَتْ عنها السرية من أرشيف دولة [[إسرائيل]] تُفِيد بأنه من المحتمل أن أوبينهايمر قد لعب دورًا في تطوير [[إسرائيل وأسلحة الدمار الشامل|البرنامج النووي الإسرائيلي]].<ref name="haazretz_when_opp_met">{{استشهاد ويب|عنوان=The Time Oppenheimer Met Ben-Gurion to Discuss Israel’s Nuclear Quest|مسار=https://www.haaretz.com/israel-news/2023-08-04/ty-article-magazine/.premium/the-time-oppenheimer-met-ben-gurion-to-discuss-israels-nuclear-quest/00000189-bcae-d9f3-a1cd-bfbf59f50000|مؤلف=Amir Oren|تاريخ الوصول=2023-07-04|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20230804072336/https://www.haaretz.com/israel-news/2023-08-04/ty-article-magazine/.premium/the-time-oppenheimer-met-ben-gurion-to-discuss-israels-nuclear-quest/00000189-bcae-d9f3-a1cd-bfbf59f50000|url-access=subscription|تاريخ أرشيف=04-08-2023|ناشر=[[هاآرتس|Haaretz]]|تاريخ النشر=2023-08-04}}</ref> وفي سنة 1947م أي قبل تأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي، سَعَى [[حاييم وايزمان]] -قائد صهيوني مولود في روسيا أصبح فيما بعد أول رئيس إسرائيلي- لترويج بناء مفاعل نووي "صهيوني" على أراضي فلسطين التي كانت تحت [[الانتداب البريطاني على فلسطين|الاحتلال البريطاني]] وقتها، وكان يحاول استقطاب العلماء اليهود خاصة المُنْخَرِطِين والمؤثرين في التطوير النووي لإعانته على ذلك. وفي 11 نوفمبر 1947م، زار وايزمان مدينة [[برينستون (نيو جيرسي)|برينستون]] في ولاية [[نيوجيرسي]] الأمريكية، وهناك التقى [[ألبرت أينشتاين|بألبرت أينشتاين]]، وكذلك بِروبرت أوبينهايمر الذي كان وقتها مديرًا [[معهد الدراسات المتقدمة|لمعهد الدراسات المتقدمة]] في المدينة.<ref>{{استشهاد ويب|عنوان=Imagining a Jewish Atom Bomb|مسار=https://www.tabletmag.com/sections/history/articles/imagining-jewish-atom-bomb|مؤلف=Or Rabinpwitz|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20230323122021/https://www.tabletmag.com/sections/history/articles/imagining-jewish-atom-bomb|تاريخ أرشيف=March 23, 2023|ناشر=Tablet Magazine|تاريخ النشر=2022-11-09|مؤلف2=Yehonaton Abramson}}</ref> وتحدث وايزمان وأوبينهايمر في لقاءهما عن إمكانية إقامة برنامج نووي "صهيوني" على الأراضي الفلسطينية المحتلة.<ref name="jewishpress_oppenheimer">{{استشهاد ويب|عنوان=J. Robert Oppenheimer: Indifferent To Judaism, Concerned About Israel|مسار=https://www.jewishpress.com/sections/features/features-on-jewish-world/j-robert-oppenheimer-indifferent-to-judaism-concerned-about-israel/2020/08/26/|مؤلف=Saul Jay Singer|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20230811062423/https://www.jewishpress.com/sections/features/features-on-jewish-world/j-robert-oppenheimer-indifferent-to-judaism-concerned-about-israel/2020/08/26/|تاريخ أرشيف=11-08-2023|ناشر=The Jewish Press|تاريخ النشر=2020-08-26}}</ref>

ودَعَا رئيس الوزراء الإسرائيلي [[دافيد بن غوريون|ديفيد بن-غوريون]] العلماء الأمريكيين الذين ساهموا في بناء القُنْبُلَتَيْن النَّوَوِيَّتَيْن اللَّتَيْن أُلْقِيَتَا على اليابان ضمن [[مشروع مانهاتن]] إلى زيارة إسرائيل. وكانت أول وأهم زيارة هي ذهاب روبيرت أوبينهايمر رئيس العلماء في مشروع مانهاتن وكذلك [[إدوارد تيلر]] عَرَّاب [[قنبلة هيدروجينية|القنبلة الهيدروجينية]] إلى إسرائيل،<ref name="michael_karpin">{{استشهاد بكتاب|عنوان=The Bomb in the Basement: How Israel Went Nuclear and What That Means for the World|isbn=978-0-7432-6594-2|صفحات=51-52|مؤلف=Michael Karpin|ناشر=[[سايمون وشوستر|Simon & Schuster]]}}</ref> حيث قَضَيَا معًا عدة ساعات في منزل بن-غوريون في العاصمة الإسرائيلية [[تل أبيب]]، حيث تَبَاحَثُوا في أفضل طرق استثمار مَخْزُونَات إسرائيل من [[بلوتونيوم|البلوتونيوم]].<ref name="jewishpress_oppenheimer"/> وفي 1954م، وفي خِضَمّّ جلسات الاستماع الأمنية التي خضع لها أوبينهايمر، استطاع الإسرائيليون تَجَاوُز الرقابة الأمنية التي كان يفرضها مكتب التحقيقات الفيديرالي على أوبينهايمر لتسليمه باليد دعوة لأن يصبح أستاذًا زائرًا في [[معهد وايزمان للعلوم]] في إسرائيل، ذلك بالرغم من إدراكهم أنه من المستحيل له قبول دعوة كهذه في ظل الشكوك الأمنية المُتَمَحْوِرَة حوله والتي قد تمنعه من مغادرة البلاد أصلًا، ولكن الإسرائيليين أرادوا اسْتِمَالَتَه لصالح قضاياهم، وكذلك فإن تقوية العلاقة معه كانت من الممكن أن تعطي العلماء الإسرائيليين مجالًا أكبر للاستفادة من معهد الدراسات المتقدمة الذي كان يديره أوبينهايمر. وبعد فترة من انتهاء جلسات الاستماع واستقرار أوضاعه، سافر أوبينهايمر سنة 1958م إلى إسرائيل لحضور حفل افتتاح قسم الأبحاث النووية في معهد وايزمان للعلوم،<ref name="michael_karpin"/> حيث دُعِي من إدارة المعهد كضيف شرف، وهناك التقى بن-غوريون وتَحَدَّثَا طويلًا، ويقول بن-غوريون أن أوبينهايمر في ذلك اللقاء قد عَبَّر له عن خوفه على مصير إسرائيل من التحالف السوفييتي المصري، خاصة إن ساعد السوفييت المصريين على بناء مفاعل نووي وتطوير أسلحة نووية، وأخبره أن الاتحاد السوفييتي لن يخشى دخول حرب نووية عالمية إن امتلك أسلحة مضادة تُعَطِّل الهَجَمَات النووية، وهي معلومة لم يكن أوبينهايمر واثقًا من تأكيدها أو نَفْيِهَا، ونصحه باللجوء إلى [[مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة]] لحل هذه المشكلة، وأكد له أوبينهايمر أن الإسرائيليين يجب أن يبذلوا الغالي والنفيس لامتلاك محطة توليد نووية.<ref name="haazretz_when_opp_met"/>

ويرى الكثيرون مشاكلًا أخلاقية وتناقضات في وقوف أوبينهايمر إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، فمثلًا يقول الباحث الفلسطيني-البريطاني عماد موسى أن ذلك يعارض دعوة أوبينهايمر المستمرة للسلام النووي والابتعاد عن التسلح النووي في العالم، فإسرائيل موجودة في مكان جغرافي لا يوجد فيه دول مالكة للسلاح النووي، وإن حصولها على السلاح سيقود دولًا أخرى في المنطقة لتطوير برامج نووية، ويطرح موسى أن التسلح النووي الإسرائيلي كان أحد الأسباب الرئيسة لقيام [[برنامج إيران النووي|البرنامج النووي الإيراني]] الذي قد يكون سببًا رئيسًا بدوره لبداية برنامج نووي في [[السعودية|المملكة العربية السعودية]]، بالتالي فإن "دَوْر أوبينهايمر في تطوير البرنامج النووي الإسرائيلي ساهم -بطريقة أو بأخرى- بإطلاق تفاعل نووي متسلسل في الشرق الأوسط".<ref>{{استشهاد ويب|عنوان=By helping Israel, Oppenheimer sparked a regional nuclear arms race|مسار=https://www.newarab.com/opinion/israel-part-oppenheimers-moral-dilemma|مؤلف=Emad Moussa|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20230922155846/https://www.newarab.com/opinion/israel-part-oppenheimers-moral-dilemma|تاريخ أرشيف=22-09-2023|ناشر=[[العربي الجديد|The New Arab]]|تاريخ النشر=2023-08-10}}</ref>

== الوفاة ==
شُخِّص أوبينهايمر الذي كان مُدَخِّنًا شَرِهًا [[سرطان الرأس والعنق|بسرطان الحنجرة]] في 1965م. وبعد عملية جراحية لم تَسْتَطِع القضاء على السرطان بالكامل، خضع أوبينهايمر لعلاج إشعاعي و[[علاج كيميائي|كيميائي]] غير ناجح في 1966م. وفي 18 فبراير 1967م، تُوُفِّي أثناء نومه في منزله في مدينة [[برينستون (نيو جيرسي)|برينستون]] في ولاية [[نيوجيرسي]]، وكان بعمر 62 سنة.<ref name="nyt-obit">{{cite news |title=J. Robert Oppenheimer, Atom Bomb Pioneer, Dies |url=https://timesmachine.nytimes.com/timesmachine/1967/02/19/issue.html |work=[[The New York Times]] |date=February 19, 1967 |via=TimesMachine |url-access=subscription |pages=1, 66 |access-date=August 19, 2023 |archive-date=September 21, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230921154808/https://timesmachine.nytimes.com/timesmachine/1967/02/19/issue.html |url-status=live }}</ref> وأُقِيم له حفل تأبين بعدها بأسبوع في [[قاعة أليكسندر (جامعة برينستون)|قاعة أليكسندر]] في [[جامعة برينستون]].<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=585–588}}</ref> وحضر الحفل 600 شخص من مَعَارِفه في الميدان العلمي والسياسي والعسكري، بمن فيهم [[هانز بيته]]، و[[ليزلي غروفز]]، و[[جورج كينان]]، و[[ديفيد ليلينثال]]، و[[أيزيدور إسحق رابي|أيزيدور رابي]]، و[[هنري ديولف سميث|هنري سميث]]،و[[يوجين ويغنر|يوجين فيغنر]]. وكان أخوه [[فرانك أوبنهايمر|فرانك]] وباقي العائلة متواجدون هناك، بالإضافة إلى المؤرخ [[آرثر ماير شليزنجر]]، والروائي [[جون أوهارا]]، و[[جورج بالانتشاين]] مدير [[شركة نيويورك لأداءات رقص الباليه]]. وألقى بيته وكينان وسميث خطابات تأبين مٌقْتَضَبَة.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=351–352}}</ref> وأُحْرِق جسد أوبينهايمر بعد وفاته ووُضِع رَمَادُه في جَرَّة رَمَتْهَا زوجته كيتي في البحر بالقرب من منزلهما على شاطيء جزيرة [[سانت جون (جزر العذراء الأمريكية)|سانت جون]] ضمن [[جزر العذراء الأمريكية]].<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|p=588}}</ref>

وفي أكتوبر 1972م، تُوُفِّيَت كيتي بعمر 62 سنة جَرَّاء التهاب مِعَوِيّ ازداد سوءًا بسبب [[انصمام رئوي]].<ref>{{cite news |title=Mrs. J. Robert Oppenheimer, 62, Nuclear Physicist's Widow, Dies |url=https://www.nytimes.com/1972/10/29/archives/mrs-j-robert-oppenheimer-62i-nuclear-physicists-widow-dies.html |work=[[The New York Times]] |agency=Reuters |date=October 28, 1972 |access-date=August 18, 2023 |archive-date=July 30, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230730002549/https://www.nytimes.com/1972/10/29/archives/mrs-j-robert-oppenheimer-62i-nuclear-physicists-widow-dies.html |url-status=live }}</ref> بعد ذلك، وَرِث بيتر ابنهما بيت أوبينهايمر الريفي في ولاية [[نيومكسيكو]]، أما منزل الشاطيء في سانت جون فَوَرِثَتْه ابنتهما كاثرين "توني" أوبينهايمر سيلبر. وعانت توني من اضطراب نفسي ومرت في فترات اكتئاب، كما أنها حصلت على وظيفة مؤقتة كمترجمة بثلاث لغات في [[الأمم المتحدة]]، ولكن الوظيفة تطلبت تصريحًا أمنيًّا، فقام [[مكتب التحقيقات الفيدرالي|مكتب التحقيقات الفيديرالي]] بفتح تحقيق كامل نُبِشَت فيه التُّهَم التي كانت موجهة لوالدها، ولم تحصل توني على التصريح الأمني، فَتَقَبَّلَت الأمر وذهبت لتعيش في منزل الشاطيء في سانت جون الذي وَرِثَتْه عن أهلها. وفي يناير 1977م، بعد ثلاثة أشهر من طلاقها الثاني، شَنَقَتْ نفسها في منزل عائلتها على الشاطيء. وتَرَكَتْ ملكية المنزل إلى "شَعْب سانت جون".<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=590–591}}</ref> ولكن لم تُتَّخَذْ أية إجراءات لاستدامة الملكية بعد وفاة توني، ورسم الناس وكتبوا على الجدران حتى غَطَّوْهَا، وتعرض المنزل للتخريب. وبعد ذلك تَوَلَّتْ حكومة جزر العذراء الأمريكية إدارة شؤون المِلْكِيَّة فأنشأت مركزًا مجتمعيًّا يُمْكِن حَجْزُه بمقابل رَمْزِيّ لإقامة فَعَالِيَّات مُجْتَمَعِيَّة كَحَفَلَات الزواج.<ref>{{cite web|access-date=May 22, 2008 |url=http://www.stjohnbeachguide.com/Gibney%20Beach.htm |title=Gibney Beach |publisher=St. John's Beach Guide |url-status=dead |archive-url=https://web.archive.org/web/20071013000816/http://stjohnbeachguide.com/Gibney%20Beach.htm |archive-date=October 13, 2007 }}</ref>

== الإرث ==
[[ملف:Oppenheimer Marshall Conant Bradley and others at Harvard.jpg|تصغير|يمين|بديل=مجموعة رجال يرتدون بدلات ورداءات أكاديمية ويجلسون في لقاء رسمي لالتقاط صورة جماعية|حاصلون على شهادات هارفارد التكريمية، 5 يونيو 1947م. الصف الأمامي من اليسار: أوبينهايمر، [[إرنست كادمان كولويل]]، الجنرال [[جورج مارشال]]، رئيس هارفارد [[جيمس كونانت|جيمس براينت كونانت]]، الجنرال [[عمر برادلي|أومار برادلي]]، [[ت. س. إليوت]].]]

حينما جُرِّد أوبينهايمر من تأثيره السياسي في 1954م، أصبح بالنسبة للكثيرين رمزًا لسذاجة العلماء الذين يعتقدون أنهم يستطيعون التحكم باستخدام أبحاثهم، وكذلك رمز إلى معضلات المسؤولية الأخلاقية التي يطرحها العلم في العصر النووي.<ref name="Thorpe" /> كانت جلسات الاستماع مدفوعة بالسياسات والعداوات الشخصية، وأدت إلى انقسام شاسع في مجتمع الأسلحة النووية، حيث انقسم الأفراد إلى مجموعتين.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=305–308}}</ref> فالمجموعة الأولى تخاف الاتحاد السوفييتي كعدو قاتل، وتؤمن أن أفضل استراتيجية لمواجهة ذلك الخطر هي امتلاك أقوى ترسانة أسلحة قادرة على تنفيذ الانتقام الأكثر هَوْلًا في حالة اعتداء السوفييت. أما المجموعة الأخرى، فاعتقدت أن تطوير القنبلة الهيدروجينية لن يحسّن الأمن في الغرب وأن [[محرقة نووية|استخدام الأسلحة ضد الكثير من المدنيين]] يُعْتَبَر [[إبادة جماعية]]، ويدعو أفراد هذه المجموعة إلى تَجَاوُب بديل أكثر مرونة مع السوفييت يتضمن بناء أسلحة نووية تكتيكية مما يمكِّن الولايات المتحدة من الرد وفي نفس الوقت لا يؤدي إلى دمار شامل أو إبادات جماعية هائلة، وكذلك دَعَا أفراد المجموعة إلى تعزيز القوات عسكرية غير نووية للدفاع الناجع عن البلاد في حالة وقوع هجوم، بالإضافة إلى إبرام اتفاقيات تنظيم التَّسَلُّح. كانت المجموعة الأولى أقوى سياسيًّا، وأصبح أوبينهايمر مُسْتَهْدَفًا من أفرادها.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=305–306}}</ref><ref>{{harvnb|Young|Schilling|2019|pp=154, 163–164}}</ref>

وبدلًا من الاستمرار في رفص اتهامات الشيوعية في نهاية أربيعينات وبداية خمسينات القرن العشرين، شهد أوبينهايمر بالنشاطات الشيوعية ضد زملاء وطلاب سابقين قبل وخلال جلسات الاستماع خاصته. وفي إحدى الوقائع، تَسَرَّبَتْ شهادته التي يُدِين فيها بيرنارد بيترز - طالب سابق عنده - إلى الإعلام بشكل انتقائي. وفَسَّر المؤرخون ذلك على أنه محاولة من أوبينهايمر لاسترضاء زملاءه في الحكومة وربما لِتَشْتِيت التركيز على ارتباطاته اليسارية في الماضي وكذلك ارتباطات أخيه. وفي النهاية، أصبح الأمر مسؤولية قانونية يتحملها أوبينهايمر حينما تبيَّن أنه فعلًا قد شكَّك في ولاء بيترز، بالتالي أصبح ترشيحه إياه للعمل في مشروع مانهاتن عملًا مُسْتَهْتِرًا، أو متناقضًا على أقل تقدير.<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|pp=281–284}}</ref>

في التصورات الشعبية، يُنْظَر إلى صراعات أوبينهايمر الأمنية على أنها مواجهة بين اليمينيِّين أصحاب النزعة العسكرية (متمثلين [[إدوارد تيلر|بإدوارد تيلر]]) وبين اليساريين العقلانيين (متمثلين بأوبينهايمر) حول التساؤل الأخلاقي المتعلق بأسلحة الدمار الشامل.<ref>{{harvnb|Carson|2005|pp=1–10}}</ref> ويعتبر كُتَّاب السِّيَر الذاتية والمؤرخون أن قصة أوبينهايمر عبارة عن مأساة.<ref>{{harvnb|Bird|Sherwin|2005|pp=3, 5, ''passim''}}</ref><ref>{{harvnb|Hewlett|Holl|1989|p=xxii}}</ref><ref name="mcgeorge-316">{{harvnb|Bundy|1988|p=316}}</ref> وكتب مستشار الأمن القومي والأكاديمي الذي عمل مع أوبينهايمر في لجنة مستشاري وزارة الخارجية [[مكجورج بوندي]]: "بعيدًا عن الصعود والهبوط الاستثنائِيَّيْن في الجَاه والسُّلْطَة اللذَيْن خاضهما أوبينهايمر، تمتلك شخصيته أبعادًا مليئة بالمأساوية في مَزْجِهَا بين السِّحْر والتَّعَجْرُف، وكذلك الذكاء وعَمَى البصيرة، والإدراك وعدم الإحساس، ولعل فوق ذلك كله بين التحدِّي والتسليم للقدر. كل ذلك، وبطرق مختلفة، انقلب ضده في جلسات الاجتماع."<ref name="mcgeorge-316"/>

أَلْهَم التساؤل حول مسؤولية العلماء تجاه الإنسانية المسرحية الدرامية الصادرة عام 1955م للمخرج الألماني [[برتولت بريشت]]: ''[[حياة غاليليو]]''، وترك ذلك التساؤل بَصْمَتَه على مسرحية [[فريدريش دورينمات]] التي حملت عنوان ''[[الفيزيائيون (مسرحية)|الفيزيائيون]]''، وكان أيضًا أساس أُوبِيرا ''[[الدكتور الذري]]'' الصادرة عام 2005م [[جون آدامز (مؤلف موسيقي)|لجون آدامز]]، وقد صوَّرَت أوبينهايمر على أنه [[فاوست]] بِحُلَّة عصرية. وبعد عرض مسرحية الكاتب [[هاينر كيبهارت|هاينَر كِيبْهَارْت]] بعوان في ''مسألة ج. روبرت أوبينهايمر'' على التلفاز في ألمانيا الغربية، كان عرضها المسرحي في ميونخ وبرلين في شهر أكتوبر عام 1964م.<ref>{{cite news |title=Playwright Suggests Corrections to Oppenheimer Drama |newspaper=[[The New York Times]] |date=November 14, 1964 |url=https://select.nytimes.com/mem/archive/pdf?res=F70B14FF39581B728DDDAD0994D9415B848AF1D3 |url-access=subscription |access-date=May 23, 2008 }}</ref> وأدّت اعتراضات أوبينهايمر إلى مراسلة بينه وبين كيبهارت عَرَض فيها كيبهارت القيام بتصحيحات ولكنه دافع عن المسرحية. وكان عرضها الأول في نيويورك عام 1968م، وأدَّى [[جوزيف ويزمان]] دور أوبينهايمر. وصفها الناقد المسرحي في صحيفة نيويورك تايمز [[كلايف بارنز]] بأنها "مسرحية غاضبة ومسرحية داعمة" في الوقت عينه حيث وقفت في صفّ أوبينهايمر ولكنها صورته "أحمقًا وعبقريًّا يعاني المآسي".<ref>{{cite news |title=Theater: Drama of Oppenheimer Case |first=Clive |last=Barnes |newspaper=The New York Times |date=June 7, 1968 |url=https://select.nytimes.com/mem/archive/pdf?res=F00E14FE3E5E1A7B93C5A9178DD85F4C8685F9 | access-date=May 23, 2008 |url-access=subscription}}</ref> وقد واجه أوبينهايمر صعوبة في تُقَبُّل ذلك التجسيد، وبعد قراءته لنسخة مكتوبة من المسرحية بعد فترة قريبة من بداية عرضها، هدد أوبينهايمر بمقاضاة كيبهارت شاجبًا "الارتجالات التي كانت مخالفة للتاريخ ولطبيعة الأشخاص الوَارِدِين" في المسرحية.<ref>{{cite news | title = The character speaks out |url=http://www.time.com/time/magazine/article/0,9171,830818,00.html | archive-url=https://web.archive.org/web/20080308010408/http://www.time.com/time/magazine/article/0,9171,830818,00.html | url-status = dead | archive-date = March 8, 2008 | newspaper = [[Time (magazine)|Time]] |url-access=subscription |date = November 11, 1964 | access-date=May 23, 2008}}</ref> وقال أوبينهايمر لاحقًا في إحدى المقابلات:

{{اقتباس|الشيء اللَّعِين كله [جلسات الاستماع خاصته] كان عبارة عن مهزلة، ويحاول هؤلاء الناس صناعة مأساة منه... لم أَقُلْ أبدًا أنني نَدِمْتُ على مشاركتي بطريقة عقلانية في بناء القنبلة. وقلت أنه [كيبهارت] ربما نَسِيَ ما حدث في [[قصف غرنيكا|غرنيكا]]، و[[حرب كوفنتري الخاطفة|كوفنتري]]، و[[قصف هامبورغ في الحرب العالمية الثانية|هامبورغ]]، و[[قصف درسدن (الحرب العالمية الثانية)|دريسدين]]، و[[معسكر الاعتقال داخاو|داخاو]]، و[[تدمير وارسو|وارسو]]، و[[الغارة الجوية على طوكيو|طوكيو]]، ولكنني لم أَنْسَ، وإن وَجَد الأمر صعب الفهم، [هنا يشير إلى فكرة أنه لولا إنهاء القنبلة للحرب لحدثت مآسٍ أخرى كالتي ذَكَرَها]، فيجب عليه أن يكتب مسرحية عن شيء آخر.<ref>{{cite news | last = Seagrave | first = Sterling | title = Play about him draws protests of Oppenheimer | page = B8 | newspaper= [[The Washington Post]] | date = November 9, 1964 }}</ref>}}

أوبينهايمر هو موضوع الكثير من كتب السِّيَر الذاتية، بما في ذلك ''[[بروميثيوس الأمريكي]]'' (2005م) [[كاي بيرد|لكاي بيرد]] و[[مارتن ج. شيروين]]، والتي فازت [[جائزة بوليتزر عن فئة السيرة الذاتية|بجائزة بوليتزر عن فئة السيرة الذاتية]] لعام 2006م.<ref>{{cite web |url=http://www.pulitzer.org/citation/2006-Biography-or-Autobiography |title=The 2006 Pulitzer Prize Winners – Biography or Autobiography |publisher=The Pulitzer Prizes |access-date=March 5, 2011 |archive-date=August 14, 2011 |archive-url=https://web.archive.org/web/20110814140845/http://www.pulitzer.org/citation/2006-Biography-or-Autobiography |url-status=live }}</ref> وفاز المسلسل التفازي القصير ''[[أوبينهايمر (مسلسل قصير)|أوبينهايمر]]'' من إنتاج تلفاز بي بي سي وبطولة [[سام واتيرستون]] بثلاث جوائز [[الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون|بافتا]] من الفئات تلفازية.<ref>{{cite news |url=https://movies.nytimes.com/movie/74400/The-Day-After-Trinity-Oppenheimer-the-Atomic-Bomb/overview |archive-url=https://web.archive.org/web/20090206180919/http://movies.nytimes.com/movie/74400/The-Day-After-Trinity-Oppenheimer-the-Atomic-Bomb/overview |url-status=dead |archive-date=February 6, 2009 |title=The Day After Trinity: Oppenheimer & the Atomic Bomb (1980) |access-date=December 11, 2010 |first=Vincent |department=Movies & TV Dept. |work=[[The New York Times]] |author-link=Vincent Canby |date=2009 |last=Canby}}</ref> وترشح الوثائقي ''[[اليوم التالي لترينيتي]]'' الصادر عام 1980م والذي يتحدث عن أوبينهايمر والقنبلة الذرية [[حفل توزيع جوائز الأوسكار الثالث والخمسون|لجائزة أوسكار]] ضمن فئة أفضل فيلم وثائقي، كما حصل على [[جوائز جورج فوستر بيبودي|جائزة بيبودي]].<ref>{{cite web|title=Peabody Award Winners |publisher=University of Georgia |url=http://www.peabody.uga.edu/winners/PeabodyWinnersBook.pdf |access-date=December 11, 2010 |url-status=dead |archive-url=https://web.archive.org/web/20110726163315/http://www.peabody.uga.edu/winners/PeabodyWinnersBook.pdf |archive-date=July 26, 2011 }}</ref><ref>{{IMDb title|id=0080594|title=The Day After Trinity}} Retrieved December 11, 2010.</ref> وتُسْتَعْرَض حياة أوبينهايمر في مسرحية [[توم مورتون-سميث]] بعنوان ''[[أوبينهايمر (مسرحية 2015)|أوبينهايمر]]'' الصادرة سنة 2015م،<ref>{{cite news |newspaper=[[The Guardian]] |first=Michael |last=Billington |url=https://www.theguardian.com/stage/2015/jan/23/oppenheimer-review-rsc-atomic-bomb-drama-tom-morton-smith |date=January 24, 2015 |title=Oppenheimer five-star review – father of atomic bomb becomes tragic hero at RSC |access-date=May 1, 2015 |archive-date=April 4, 2015 |archive-url=https://web.archive.org/web/20150404074129/http://www.theguardian.com/stage/2015/jan/23/oppenheimer-review-rsc-atomic-bomb-drama-tom-morton-smith |url-status=live }}</ref> وكذلك في فيلم ''[[الرجل البدين والولد الصغير]]'' الصادر سنة 1989م، حيث جسَّد دوره [[دوايت شولتز]].<ref>{{cite web |title=Fat Man and Little Boy (1989) |date=May 3, 2004 |publisher=Popmatters |url=https://www.popmatters.com/fat-man-and-little-boy-2496240254.html |access-date=August 1, 2022}}</ref> وفي نفس العام، جَسَّد [[ديفيد ستراثيرن]] دوره في الفيلم التلفازي الذي يحمل عنوان ''[[اليوم الأول]]''.<ref>{{cite web |url=https://www.imdb.com/title/tt0097159/|title= Day One (1989 TV Movie) |publisher= Internet Movie Database |access-date= June 17, 2023}}</ref> وفي فيلم [[أوبنهايمر (فيلم)|أوبينهايمر]] الصادر عام 2023م للمخرج [[كريستوفر نولان|كريستوفَر نولان]] والمستند لكتاب بروميثيوس الأمريكي، لعب دور أوبينهايمر الممثل [[كيليان مورفي]].<ref>{{Cite web |last=Kroll |first=Justin |date=October 8, 2021 |title=Cillian Murphy Confirmed to Star As J. Robert Oppenheimer In Christopher Nolan's Next Film At Universal, Film Will Bow in July 2023 |url=https://deadline.com/2021/10/cillian-murphy-j-robert-oppenheimer-christopher-nolans-universal-film-july-2023-1234852888/ |url-status=live |archive-url=https://web.archive.org/web/20211008180121/https://deadline.com/2021/10/cillian-murphy-j-robert-oppenheimer-christopher-nolans-universal-film-july-2023-1234852888/ |archive-date=October 8, 2021 |access-date=October 8, 2021 |publisher=[[Deadline Hollywood]] }}</ref>

وعُقِد اجتماع حول الإرث الذي تركه أوبينهايمر سنة 2004م بمناسبة مرور 100 عام على ذكرى ميلاده، وجرت أحداثه في [[جامعة كاليفورنيا (بركلي)|جامعة كاليفورنيا، بيركلي]]، وتصاحب ذلك مع عرض رقمي لحياته،<ref>{{cite web |url=http://ohst.berkeley.edu/publications/oppenheimer/exhibit/index.html | archive-url=https://web.archive.org/web/20100611004046/http://ohst.berkeley.edu/publications/oppenheimer/exhibit/index.html | archive-date = June 11, 2010 |title=J. Robert Oppenheimer Centennial at Berkeley |publisher=University of California, Berkeley |access-date=December 16, 2013}}</ref> ونُشِرَت وقائع المؤتمر عام 2005م في كتاب يحمل عنوان ''إعادة تقدير أوبينهايمر: دراسات وتأثيرات مئوية''.<ref>{{cite web |url=http://ohst.berkeley.edu/publications/oppenheimer/oppenheimer.html | archive-url=https://web.archive.org/web/20120125100243/http://ohst.berkeley.edu/publications/oppenheimer/oppenheimer.html | archive-date = January 25, 2012 |title=Reappraising Oppenheimer – Centennial Studies and Reflections |publisher=Office for History of Science and Technology, University of California, Berkeley |access-date=December 16, 2013}}</ref> ويمكن إيجاد أوراقه البحثية في [[مكتبة الكونغرس]].<ref>{{cite web |url=http://memory.loc.gov/service/mss/eadxmlmss/eadpdfmss/1998/ms998007.pdf |title=J. Robert Oppenheimer Papers |access-date=March 23, 2011 |publisher=[[Library of Congress]] |archive-date=October 18, 2012 |archive-url=https://web.archive.org/web/20121018083519/http://memory.loc.gov/service/mss/eadxmlmss/eadpdfmss/1998/ms998007.pdf |url-status=live }}</ref>

كَعَالِم، يَذْكُر أوبينهايمر طلابه وزملاؤه الأكاديميون كباحث عبقريّ وأستاذ جذاب الأسلوب أسَّس الفيزياء النظرية الحديثة في الولايات المتحدة. "أكثر من أي رجل آخر"، يكتب [[هانز بيته]]، "كان المسؤول عن ارتقاء الفيزياء النظرية الأمريكية من التَّبَعِيَّة الإقليمية لأوروبا إلى قيادة العالم".<ref>Quoted in {{harvnb|Cassidy|2005|p=xvi}}</ref> ولأن اهتماماته العلمية كانت سريعة التَّبَدُّل في الكثير من الأحيان، فلم يعمل أوبينهايمر أبدًا لمدة كافية على أحد المواضيع ليُنْجِز فيه بشكل يحقق له جائزة نوبل،<ref>{{harvnb|Cassidy|2005|p=175}}</ref> على الرغم من أن بحوثه التي ساهمت في ظهور نظرية الثقوب السوداء كانت من الممكن أن تضمن له الحصول على الجائزة لو أنه عاش كفاية ليشهدها تؤتي ثمارها لاحقًا على أيدي علماء فيزياء فلكية آخرين.<ref name="Gerjuoy" /> وفي 4 يناير لعام 2000م، سُمِّي كُوَيْكب - [[67085 أوبينهايمر]] - باسمه تكريمًا له،<ref>{{cite web |url=http://ssd.jpl.nasa.gov/sbdb.cgi?sstr=67085+Oppenheimer |title=Small-Body Database Browser 67085 Oppenheimer (2000 AG42) |publisher=[[Jet Propulsion Laboratory]] |access-date=February 27, 2011 |archive-date=January 30, 2012 |archive-url=https://web.archive.org/web/20120130121134/http://ssd.jpl.nasa.gov/sbdb.cgi?sstr=67085+Oppenheimer |url-status=live }}</ref> وكذلك الأمر بالنسبة لفوَّهَة [[أوبينهايمر (فوهة قمرية)|أوبينهايمر]] القمرية التي اتَّخَتْ اسمه عام 1970م.<ref>{{harvnb|Anderson|Whitaker|1982|p=54}}</ref>

وكمستشار للشؤون العسكرية والسياسة العامة، كان أوبينهايمر قائدًا [[تكنوقراطية|تيكنوقراطيًّا]] مما أسهم في تغيير العلاقة ما بين العلم والعسركية، كما أدى ذلك إلى ظهور "[[علم كبير|العلم الكبير]]". حيث أنه خلال الحرب العالمية الثانية، أصبح العلماء أكثر انخراطًا في البحوث العسكرية إلى حد غير مسبوق، وبسبب تهديد [[فاشية|الفاشية]] للحضارة الغربية، تطوّع العلماء بأعداد كبيرة للمساهمة في الجهود التقنية والتنظيمية في صفوف قوات الحلفاء مما أدى إلى ظهور أدوات قوية كالرادار، و[[شعيلة التقارب]]، و[[بحوث العمليات|علم القرار]]. وكعالم فيزياء نظرية مثقف وذكي أصبح مُنَسِّقًا عسكريًّا منضبطًا، يُمَثِّل أوبينهايمر نقيض الفكرة المُتَمَثِّلَة بأن العلماء "يسبحون في عالم آخر" وأن المعرفة في المواضيع المتخصصة كتركيب نواة الذرة لا يمتلك تطبيقات في "العالم الحقيقيّ".<ref name="Thorpe">{{cite journal|author= Thorpe, Charles|title=Disciplining Experts: Scientific Authority and Liberal Democracy in the Oppenheimer Case |journal=[[Social Studies of Science]] |issn=0306-3127 |volume=32 |issue=4 |year=2002 |pages=525–562 |doi=10.1177/0306312702032004002|s2cid=144059198 }}</ref>

بعد يومين من اختبار ترينيتي، عبَّر أوبينهايمر عن آماله ومخاوفه باقتباس من كتاب الشعر [[اللغة السنسكريتية|السنسكريتي]] [[الشاتاكاترايا]] للفيلسوف الهندي [[بارتراري]]:

{{اقتباس|في المعركة، في الغابة، عند حافة السقوط في الجبال،
في البحر العظيم المظلم، بين الرِّمَاح والسهام،<br>
في النوم، في الارتباك، في أعماق الخِزْي،<br>
تحمي الشخص أفعاله الصالحة التي قام بها قبل ذلك.<ref>{{harvnb|Hollinger|2005|p=387}}</ref><ref> See {{harvnb|Wortham|1886|p=15}} for a different translation.</ref>}}

== المنشورات ==
=== نُشِر في حياته ===
* {{استشهاد بكتاب|الأخير= أوبينهايمر|الأول= ج. روبرت|السنة= 1954|العنوان= العِلْم والفَهْم العام|العنوان الأجنبي= Science and the Common Understanding|مسار= https://archive.org/details/scienceandthecom007308mbp |المكان= نيويورك|الناشر= [[سايمون وشوستر]]|oclc=34304713 |ref=none}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير= أوبينهايمر|الأول= ج. روبرت|السنة= 1955|العنوان= العَقْل المُتَفَتِّح|العنوان الأجنبي= The Open Mind|مسار= https://archive.org/details/in.ernet.dli.2015.547640|المكان= نيويورك|الناشر= سايمون وشوستر|oclc=297109 |ref=none}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير= أوبينهايمر|الأول= ج. روبرت|السنة= 1964|العنوان= الأرجوحة البَهْلَوَانِيَّة الطائرة: ثلاثة أزمات تواجه الفيزيائيين|العنوان الأجنبي= The Flying Trapeze: Three Crises for Physicists|مسار= https://archive.org/details/flyingtrapezethr0000jrob|المكان= لندن|الناشر= [[دار نشر جامعة أكسفورد]]|oclc=592102 |ref=none}}

=== نُشِر بعد وفاته ===
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1= أوبينهايمر|الأول1= ج. روبرت|الأخير2= رابي|الأول2= أيزيدور إسحق|السنة= 1969|العنوان= أوبينهايمر|العنوان الأجنبي= Oppenheimer|مسار= https://archive.org/details/oppenheimer00rabi|المكان= نيويورك|الناشر= سكريبنر(Scribner)|oclc=2729 |ref=none|url-access=registration}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1= أوبينهايمر|الأول1= ج. روبرت|الأخير2= سميث|الأول2= أليس كيمبال|الأخير3= واينر|الأول3= تشارلز|السنة= 1980|العنوان= روبرت أوبينهايمر، رسائل وذكريات|العنوان الأجنبي= Robert Oppenheimer, Letters and Recollections|مسار= https://archive.org/details/robertoppenheime00oppe|المكان= كامبريدج وماساتشوستس|الناشر= [[دار نشر جامعة هارفارد]]|oclc=5946652|isbn=978-0-674-77605-0|ref=none}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير1= أوبينهايمر|الأول1= ج. روبرت|الأخير2= ميتروبوليس|الأول2= ن.|الأخير3= روتا|الأول3= جيان-كارلو|الأخير4= شارب|الأول4= د. هـ.|السنة= 1984|العنوان= فَهْم غير مألوف|العنوان الأجنبي= Uncommon Sense|مسار= https://archive.org/details/uncommonsense00jrob_0|المكان= كامبريدج وماساتشوستس|الناشر= بِيرْكْهُويْزَر بُوسْطُن(Birkhäuser Boston)|oclc=10458715|isbn=978-0-8176-3165-9|ref=none}}
* {{استشهاد بكتاب|الأخير= أوبينهايمر|الأول= ج. روبرت|السنة= 1989|العنوان= الذرة والفراغ: مقالات في العلم والمُجْتَمَع|العنوان الأجنبي= Atom and Void: Essays on Science and Community|مسار= https://archive.org/details/atomvoidessayson00oppe |المكان= برينستون، نيوجيرسي|الناشر= [[دار نشر جامعة برنستون]]|oclc=19981106 |isbn=978-0-691-08547-0 |url-access=registration|ref=none}}

== ملاحظات ==
{{مراجع|group=ملاحظة|30em}}

== المصادر ==
{{مراجع|محاذاة=نعم|22em}}


== المراجع ==
== المراجع ==
{{refbegin|colwidth=30em}}
{{مراجع}}
=== الكتب ===
{{ضبط استنادي}}
<div style="float:left; text-align:left; direction:ltr">
{{روابط شقيقة|commons=Jean Tatlock}}
* {{cite book |last1=Anderson |first1=Leif E. |last2=Whitaker |first2=Ewen A. |title=NASA Catalogue of Lunar Nomenclature |publisher=[[National Aeronautics and Space Administration]] |location=Springfield, Virginia |year=1982 |url=https://planet4589.org/astro/lunar/RP-1097.pdf |access-date=August 15, 2023 |archive-date=August 15, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230815215505/https://planet4589.org/astro/lunar/RP-1097.pdf |url-status=live }}
{{شريط بوابات|أعلام|الحرب العالمية الثانية|الولايات المتحدة|شيوعية|طب|علم النفس}}
* {{cite book |last=Bethe |first=Hans |author-link=Hans Bethe |title=The Road from Los Alamos |publisher=[[Springer Science+Business Media]] |location=New York |year=1968b |isbn=978-0-88318-707-4 |url=https://archive.org/details/roadfromlosalamo00beth |url-access=registration }}
* {{cite book |last1=Bird |first1=Kai |author-link=Kai Bird |first2=Martin J. |last2=Sherwin |author-link2=Martin J. Sherwin |title=American Prometheus: The Triumph and Tragedy of J. Robert Oppenheimer |location=New York |publisher=Alfred A. Knopf |year=2005 |isbn=978-0-375-41202-8 |url=https://archive.org/details/americanpromethe00bird/mode/2up |url-access=registration }}
* {{cite book |author-first=McGeorge |author-last=Bundy | author-link=McGeorge Bundy |title=Danger and Survival: Choices About the Bomb in the First Fifty Years |publisher=Random House |location=New York |year=1988 | isbn=978-0-394-52278-4}}
* {{cite book |last=Carson |first=Cathryn |author-link=Cathryn Carson|contribution=§Introduction |pages=1–10 |editor-last=Carson |editor-first=Cathryn|editor2-last=Hollinger |editor2-first=David A. |title=Reappraising Oppenheimer: Centennial Studies and Reflections|location=Berkeley, California|year=2005|isbn=978-0-9672617-3-7|publisher=Office for History of Science and Technology, University of California }}
* {{cite book |last = Cassidy |first = David C. |author-link = David C. Cassidy |title = J. Robert Oppenheimer and the American Century |publisher = Pi Press |location = New York |year = 2005 |isbn = 978-0-13-147996-8 |url = https://archive.org/details/jrobertoppenheim00cass_0 }}
* {{cite book |last1 = Childs |first1 = Herbert |title = An American Genius: The Life of Ernest Orlando Lawrence, Father of the Cyclotron |url = https://archive.org/details/americangeniusl00chil |url-access = registration |publisher = E. P. Dutton |location = New York City |year = 1968 |isbn = 978-0-525-05443-6 }}
* {{cite book |last=Conant |first=Jennet |author-link=Jennet Conant |title=109 East Palace: Robert Oppenheimer and the Secret City of Los Alamos |publisher=Simon & Schuster |location=New York |year=2005 |isbn=978-0-7432-5007-8 |url=https://archive.org/details/109eastpalacerob00cona }}
* {{cite book |last=Feldman |first=Burton |author-link=Burton Feldman |title=The Nobel Prize: A History of Genius, Controversy, and Prestige |publisher=Arcade Publishing |location=New York |year=2000 |isbn=978-1-55970-537-0 |url=https://archive.org/details/nobelprizehistor00feld }}
* {{cite book |last=Groves |first=Leslie |author-link=Leslie Groves |title=Now it Can be Told: The Story of the Manhattan Project. |url=https://archive.org/details/nowitcanbetolds00grov |location=New York |publisher=Harper & Brothers |year=1962 |isbn=978-0-306-70738-4 |url-access=registration }}
* {{cite book |last= Haynes |first=John Earl |author-link=John Earl Haynes |title= Early Cold War Spies: The Espionage Trials that Shaped American Politics|location=Cambridge, Massachusetts |publisher=Cambridge University Press|year=2006|isbn= 978-0-521-67407-2 }}
* {{cite book |last1= Haynes |first1=John Earl |author-link1=John Earl Haynes |last2=Klehr |first2=Harvey |author-link2=Harvey Klehr |last3=Vassiliev |first3=Alexander |author-link3=Alexander Vassiliev |title=Spies: The Rise and Fall of the KGB in America |location=New Haven, Connecticut |publisher=Yale University Press |year=2009 |isbn=978-0-300-12390-6 }}
* {{cite book|last=Herken|first=Gregg|author-link=Gregg Herken|title=Brotherhood of the Bomb: The Tangled Lives and Loyalties of Robert Oppenheimer, Ernest Lawrence, and Edward Teller|url=https://archive.org/details/brotherhoodofbom0000herk_e3u2|url-access=registration|location=New York|publisher=Henry Holt and Company|year=2002|isbn=978-0-8050-6588-6}}
* {{cite book |last1=Hewlett |first1=Richard G. |author-link=Richard G. Hewlett |last2=Anderson |first2=Oscar E. |title=The New World, 1939–1946 |volume=I |series=A History of the United States Atomic Energy Commission |location=University Park, Pennsylvania |publisher=Pennsylvania State University Press |year=1962 |isbn=978-0-520-07186-5 |url=https://archive.org/details/historyofuniteds0001unse_h9c4 |url-access=registration }}
* {{cite book |last1=Hewlett |first1=Richard G. |author-link=Richard G. Hewlett |last2=Duncan |first2=Francis |title=Atomic Shield, 1947–1952 |volume=II |series=A History of the United States Atomic Energy Commission |publisher=Pennsylvania State University Press |location=University Park, Pennsylvania |year=1969 |isbn=978-0-520-07187-2 |url=https://archive.org/details/atomicshield19470000hewl |url-access=registration }}
* {{cite book |author-last = Hewlett |author-first = Richard G. |author-link = Richard G. Hewlett |author2-last = Holl |author2-first = Jack M. |title = Atoms for Peace and War, 1953–1961: Eisenhower and the Atomic Energy Commission |url = https://www.energy.gov/sites/prod/files/2013/08/f2/HewlettandHollAtomsforPeaceandWarComplete.pdf |series = A History of the United States Atomic Energy Commission |publisher = University of California Press |location = Berkeley, California |year = 1989 |isbn = 978-0-520-06018-0 |access-date = July 19, 2020 |archive-date = September 23, 2020 |archive-url = https://web.archive.org/web/20200923022050/https://www.energy.gov/sites/prod/files/2013/08/f2/HewlettandHollAtomsforPeaceandWarComplete.pdf |url-status = live }}
* {{cite book |last1=Hoddeson |first1=Lillian |author-link=Lillian Hoddeson |first2=Paul W. |last2=Henriksen |first3=Roger A. |last3=Meade |first4=Catherine L. |last4=Westfall |author4-link=Catherine Westfall |title=Critical Assembly: A Technical History of Los Alamos During the Oppenheimer Years, 1943–1945 |location=New York |publisher=Cambridge University Press |year=1993 |isbn=978-0-521-44132-2 |url-access=registration |url=https://archive.org/details/criticalassembly0000unse }}
* {{cite book |last=Hollinger |first=David A. |author-link=David Hollinger |contribution=§Afterward |pages=385–390 |editor-last=Carson |editor-first=Cathryn|editor2-last=Hollinger |editor2-first=David A. |title=Reappraising Oppenheimer: Centennial Studies and Reflections|location=Berkeley, California|year=2005|isbn=978-0-9672617-3-7|publisher=Office for History of Science and Technology, Univ. of California}}
* {{cite book |last=Hufbauer |first=Karl |contribution=J. Robert Oppenheimer's Path to Black Holes |pages=31–47 |editor-last=Carson |editor-first=Cathryn|editor2-last=Hollinger |editor2-first=David A. |title=Reappraising Oppenheimer: Centennial Studies and Reflections|location=Berkeley, California|year=2005|isbn=978-0-9672617-3-7|publisher=Office for History of Science and Technology, Univ. of California}}
* {{cite book |last1=Hunner |first1=John |title=J. Robert Oppenheimer, the Cold War, and the Atomic West |date=2012 |publisher=University of Oklahoma Press |location=Norman, Oklahoma |isbn=978-0-8061-6308-6 |url-access=registration |url=https://archive.org/details/jrobertoppenheim0000hunn }}
* {{cite book |last = Jones |first = Vincent |title = Manhattan: The Army and the Atomic Bomb |publisher = [[United States Army Center of Military History]] |location = Washington, D.C. |year = 1985 |url = https://archive.org/details/manhattanarmyato00jone |url-access = registration }}
* {{cite book |last=Jungk |first=Robert |author-link=Robert Jungk |year=1958 |title=Brighter than a Thousand Suns: A Personal History of the Atomic Scientists |location=New York |publisher=Harcourt Brace |isbn=978-0-15-614150-5 |url=https://archive.org/details/brighterthanthou0000unse_k5e8 |url-access=registration }}
* {{cite book |last=Kelly |first=Cynthia C. |title=Oppenheimer and the Manhattan Project: Insights into J. Robert Oppenheimer, "Father of the Atomic Bomb" |location=Hackensack, New Jersey |publisher=World Scientific |year=2006 |isbn=978-981-256-418-4 |url=https://archive.org/details/oppenheimermanha0000unse |url-access=registration }}
* {{cite book |last=McMillan |first=Priscilla Johnson |author-link=Priscilla Johnson McMillan |title=The Ruin of J. Robert Oppenheimer and the Birth of the Modern Arms Race |publisher=Viking |location=New York |year=2005 |isbn=978-0-670-03422-2 |url=https://archive.org/stream/ruinofjrobertopp00mcmi |url-access=registration }}
* {{cite book | last = Monk | first = Ray | author-link = Ray Monk | title = Robert Oppenheimer: A Life Inside the Center | year = 2012 | publisher = Doubleday | location = New York; Toronto | isbn = 978-0-385-50407-2 | url = https://archive.org/details/robertoppenheime0000monk | url-access = registration }}
* {{cite book |last= Nichols |first= Kenneth |author-link= Kenneth Nichols |title= The Road to Trinity: A Personal Account of How America's Nuclear Policies Were Made |url= https://archive.org/details/roadtotrinity0000nich |year= 1987 |publisher= William Morrow and Company |location= New York |isbn= 978-0688069100 |url-access= registration }}
* {{cite book | last = Norris | first = Robert S. | title = Racing for the Bomb: General Leslie R. Groves, the Manhattan Project's Indispensable Man | year = 2002 | publisher = Steerforth Press | location = South Royalton, Vermont | isbn = 1-58642-039-9 | url-access = registration | url = https://archive.org/details/racingforbombgen00norr }}
* {{cite book|last=Pais|first=Abraham|author-link=Abraham Pais|title=J. Robert Oppenheimer: A Life|publisher=Oxford University Press|year=2006|isbn=978-0-19-516673-6|location=Oxford|url=https://archive.org/details/jrobertoppenheim00pais_0|url-access=registration}}
* {{cite book |last=Polenberg|first=Richard|author-link=Richard Polenberg|title=In the Matter of J. Robert Oppenheimer: The Security Clearance Hearing|location=Ithaca, New York |publisher=Cornell University |year=2002 |isbn=978-0-8014-3783-0}}
* {{cite book |last=Polenberg |first=Richard |author-link=Richard Polenberg |contribution=The Fortunate Fox |title=Reappraising Oppenheimer: Centennial Studies and Reflections |pages=267–272 |editor-last=Carson |editor-first=Cathryn|editor2-last=Hollinger |editor2-first=David A.|location=Berkeley, California|year=2005|isbn=978-0-9672617-3-7|publisher=Office for History of Science and Technology, Univ. of California}}
* {{cite book |last=Rhodes |first=Richard |author-link=Richard Rhodes |title=The Making of the Atomic Bomb |location=New York |publisher=Simon & Schuster |year=1986 |isbn=978-0-671-44133-3 |url=https://archive.org/details/makingofatomicbo00rhod |url-access=registration }}
* {{cite book |author-last = Rhodes |author-first = Richard |author-link = Richard Rhodes |title = Dark Sun: The Making of the Hydrogen Bomb |publisher = Simon & Schuster |location = New York |year = 1995 |isbn = 978-0-684-82414-7 |url = https://archive.org/details/darksunmakingofh0000rhod_b5m7 |url-access = registration }}
* {{cite book |last=Roy |first=Kaustuv |title=Rethinking Curriculum in Times of Shifting Educational Context |publisher=Palgrave Macmillan |year=2018 |isbn=978-3-319-61105-1 |doi=10.1007/978-3-319-61106-8 }}
* {{cite book |last=Schweber |first=Silvan S. |author-link=Silvan S. Schweber |title=Einstein and Oppenheimer: the Meaning of Genius |location=Cambridge, Massachusetts |publisher=Harvard University Press |year=2008 |isbn=978-0-674-02828-9 |url-access=registration |url=https://archive.org/details/einsteinoppenhei00schw }}
* {{cite book|last1=Smith|first1=Alice Kimball|author-link=Alice Kimball Smith|last2=Weiner|first2=Charles|title=Robert Oppenheimer: Letters and Recollections|url=https://archive.org/details/robertoppenheime00oppe|publisher=Harvard University Press|location=Cambridge, Massachusetts|year=1980|isbn=978-0-8047-2620-7|url-access=registration}}
* {{cite book |last1=Spangenburg |first1=Ray |first2=Diane |last2=Moser |year=2004 |title=Science Frontiers, 1946 to the Present |url=https://archive.org/details/sciencefrontiers00span |location=New York |publisher=Facts On File |isbn=978-0-816-06880-7 |url-access=registration }}
* {{cite book|last=Stern|first=Philip M.|title=The Oppenheimer Case: Security on Trial|location=New York|publisher=Harper & Row|year=1969|url=https://archive.org/details/oppenheimercases0000phil|url-access=registration}}
* {{cite book |last1=Streshinsky |first1=Shirley |last2=Klaus |first2=Patricia |title=An Atomic Love Story: The Extraordinary Women in Robert Oppenheimer's Life |location=New York |publisher=Turner Publishing |year=2013 |isbn=978-1-61858-019-1 |url=https://archive.org/details/atomiclovestorye0000stre |url-access=registration }}
* {{cite book |last=Strout |first=Cushing |author-link=Cushing Strout |title=Conscience, Science and Security: The Case of Dr. J. Robert Oppenheimer |location=Chicago |publisher=Rand McNally |year=1963 }}
* {{cite book |last=Szasz |first=Ferenc M. |title=The Day the Sun Rose Twice |publisher=University of New Mexico Press |year=1984 |location=Albuquerque, New Mexico |isbn=978-0-8263-0767-5 |url-access=registration |url=https://archive.org/details/daysunrosetwic00szas }}
* {{cite book |last=United States Atomic Energy Commission |author-link=United States Atomic Energy Commission |title=In the Matter of Dr. J. Robert Oppenheimer |year=1954 |publisher=United States Government Printing Office |location=Washington, D.C. |url=https://archive.org/details/unitedstatesatom007206mbp |url-access=registration }}
* {{cite book |last=Wolverton |first=Mark |title=A Life in Twilight: The Final Years of J. Robert Oppenheimer |location=New York |publisher=St. Martin's Press |year=2008 |isbn=978-0-312-37440-2 |url=https://archive.org/details/lifeintwilightfi00wolv |url-access=registration }}
* {{cite book |last=Wortham |first=Biscoe Hale |title=The Śatakas of Bhartr̥ihari |series=Trübner's Oriental series |publisher=Trübner |location=London |year=1886 |url=https://archive.org/details/satakasofbhartri00bharuoft/page/n30/mode/1up |url-access=registration }}
* {{cite book |last1=Young |first1=Ken |author-link1=Ken Young |first2=Warner R. |last2=Schilling |author-link2=Warner R. Schilling |title=Super Bomb: Organizational Conflict and the Development of the Hydrogen Bomb |publisher=Cornell University Press |location=Ithaca, New York |year=2019 |isbn=978-1-5017-4516-4 }}
</div>
<div style="clear:both"></div>

=== المقالات ===
<div style="float:left; text-align:left; direction:ltr">
* {{Cite journal |last=Boyce |first=Niall |date=February 14, 2015 |title=Man of steel |journal=[[The Lancet]] |volume=385 |issue=9968 |pages=577–662 |doi=10.1016/S0140-6736(15)60221-5 |s2cid=54252502 |url=https://www.thelancet.com/journals/lancet/issue/vol385no9968/PIIS0140-6736(15)X6127-7 |access-date=July 15, 2023 |archive-date=March 27, 2023 |archive-url=https://web.archive.org/web/20230327172648/https://www.thelancet.com/journals/lancet/issue/vol385no9968/PIIS0140-6736(15)X6127-7 |url-status=live }}
* {{cite journal |last=Hijiya |first=James A. |title=The ''Gita'' of Robert Oppenheimer |journal=Proceedings of the American Philosophical Society |volume=144 |issue=2 |date=June 2000 |issn=0003-049X |access-date=December 23, 2013 |url=http://www.amphilsoc.org/sites/default/files/proceedings/Hijiya.pdf |url-status=dead |archive-url=https://web.archive.org/web/20131126020921/http://www.amphilsoc.org/sites/default/files/proceedings/Hijiya.pdf |archive-date=November 26, 2013 }}
* {{cite magazine |last=Rhodes |first=Richard |author-link=Richard Rhodes |title='I Am Become Death ... ': The Agony of J. Robert Oppenheimer |magazine=[[American Heritage (magazine)|American Heritage]] |date=October 1977 |url=http://www.americanheritage.com/articles/magazine/ah/1977/6/1977_6_70.shtml |access-date=May 23, 2008 |url-status=dead |archive-url=https://web.archive.org/web/20080612140401/http://www.americanheritage.com/articles/magazine/ah/1977/6/1977_6_70.shtml |archive-date=June 12, 2008 }}
* {{cite journal |last=Sanders |first=Jane A. |date=1979 |title=The University of Washington and the Controversy over J. Robert Oppenheimer |journal=The Pacific Northwest Quarterly |volume=70 |issue=1 |pages=8–19 |issn=0030-8803 |jstor=40489791}}
* {{cite journal |last=Schweber |first=Silvan S. |author-link=Silvan S. Schweber |date=2006 |title=Einstein and Oppenheimer: Interactions and Intersections |journal=Science in Context |volume=19 |issue=4 |pages=513–559 |publisher=Cambridge University Press |doi=10.1017/S0269889706001050 |location=United Kingdom|s2cid=145807656 }}
* {{cite journal |last1=Scott |first1=Terry |last2=Besmann |first2=Theodore M. |last3=Goldberg |first3=Stanley |last4=Hawkins |first4=David |date=1994 |title=Letters |journal=Bulletin of the Atomic Scientists |volume=50 |issue=5 |pages=3–60 |doi=10.1080/00963402.1994.11456544 |bibcode=1994BuAtS..50e...3S |issn=0096-3402}}
</div>
<div style="clear:both"></div>
{{refend}}

{{بداية صندوق}}
{{S-gov}}
{{صندوق تعاقب/سبقه| before = مَنْصِب جديد}}
{{تعاقب-لقب| title = مدير [[مختبر لوس ألاموس الوطني]] | years = 1945–1970}}
{{صندوق تعاقب/تبعه| after = [[نوريس برادبيري]]}}
{{نهاية صندوق}}

{{مشروع مانهاتن}}
{{رؤساء الجمعية الفيزيائية الأمريكية}}

{{شريط بوابات|أعلام|تقانة نووية|الفيزياء|تاريخ العلوم|الحرب العالمية الثانية|الولايات المتحدة}}


<nowiki>
[[تصنيف:انتحار في 1944]]
[[تصنيف:أشخاص من آن آربر (ميشيغان)]]
[[تصنيف: روبرت أوبنهايمر]]
[[تصنيف:أطباء أمريكيون في القرن 20]]
[[تصنيف: مواليد 1904]]
[[تصنيف:أطباء من كاليفورنيا]]
[[تصنيف: وفيات 1967]]
[[تصنيف:أعضاء الحزب الشيوعي الأمريكي]]
[[تصنيف: فيزيائيون أمريكيون في القرن 20]]
[[تصنيف:أعلام إل جي بي تي أمريكية في القرن 20]]
[[تصنيف: يهود أمريكيون في القرن 20]]
[[تصنيف:خريجو جامعة ستانفورد]]
[[تصنيف: أكاديميو جامعة كامبريدج]]
[[تصنيف:خريجو جامعة كاليفورنيا (بركلي)]]
[[تصنيف: خريجو كلية كريست (جامعة كامبريدج)]]
[[تصنيف:خريجو كلية فاسار]]
[[تصنيف: لاأدريون أمريكيون]]
[[تصنيف:خريجو مدرسة كامبريدج اللاتينية]]
[[تصنيف: أمريكيون مناهضون للفاشية]]
[[تصنيف:روبرت أوبنهايمر]]
[[تصنيف: علماء ذرة أمريكيون]]
[[تصنيف:شخصيات إل جي بي تي من ميشيغان]]
[[تصنيف: أمريكيون من أصل يهودي ألماني]]
[[تصنيف:شيوعيون أمريكيون]]
[[تصنيف: أمريكيون في الحرب العالمية الثانية]]
[[تصنيف:طبيبات نفسيات أمريكيات]]
[[تصنيف: مدفونون في البحار]]
[[تصنيف: أعضاء هيئة تدريس معهد كاليفورنيا للتقنية]]
[[تصنيف:كاتبات أمريكيات في القرن 20]]
[[تصنيف: وفيات السرطان في نيو جيرسي]]
[[تصنيف: وفيات بسبب سرطان الحنجرة]]
[[تصنيف: أعضاء أجانب في الجمعية الملكية]]
[[تصنيف: خريجو كلية هارفارد]]
[[تصنيف: أعضاء هيئة تدريس معهد الدراسات المتقدمة]]
[[تصنيف: لاأدريون يهود]]
[[تصنيف: علماء أمريكيون يهود]]
[[تصنيف: يهود معادون للفاشية]]
[[تصنيف: فيزيائيون يهود]]
[[تصنيف: أشخاص مرتبطون بمشروع مانهاتن]]
[[تصنيف: أعضاء الجمعية الفلسفية الأمريكية]]
[[تصنيف: ضباط وسام جوقة الشرف]]
[[تصنيف: علماء فيزياء الكم]]
[[تصنيف: علماء من مدينة نيويورك]]
[[تصنيف: أساتذة جامعة كاليفورنيا في بركلي]]
[[تصنيف: خريجو جامعة غوتنغن]]
[[تصنيف: ضحايا المكارثية]]
</nowiki>

نسخة 20:06، 9 نوفمبر 2023

ج. روبرت أوبينهايمر
J. Robert Oppenheimer
أوبينهايمر، حوالي 1944م

معلومات شخصية
اسم الولادة جوليوس روبرت أوبينهايمر
الميلاد 22 أبريل 1904(1904-04-22)
مدينة نيويورك، الولايات المتحدة.
الوفاة 18 فبراير 1967 (62 سنة)
برينستون، نيوجيرسي، الولايات المتحدة.
سبب الوفاة سرطان الحنجرة
الجنسية الأمريكية
الزوج بكاثرين ("كيتي") بيونينغ (ز. 1940)
الأب جي.إس.بي. تاتلوك  تعديل قيمة خاصية (P22) في ويكي بيانات
الحياة العملية
المؤسسات
الأطروحات Zur Quantentheorie kontinuierlicher Spektren 1927
المدرسة الأم
مشرف الدكتوراه ماكس بورن
طلاب الدكتوراه
المهنة طبيبة نفسية  تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات
مجال العمل الفيزياء النظرية
سبب الشهرة
الجوائز
التوقيع

ج. روبرت أوبينهايمر (بالإنجليزية: J. Robert Oppenheimer، عاش فترة: 22 إبريل 1904م - 18 فبراير 1967م) المولود باسم جوليوس روبرت أوبينهايمر (بالإنجليزية: Julius Robert Oppenheimer) كان عالم فيزياء نظرية أمريكي ومدير منشأة لوس ألاموس ضمن مشروع مانهاتن خلال الحرب العالمية الثانية. وكثيرًا ما يُطْلَق عليه لقب "أبو القنبلة الذرية".

وُلِد في مدينة نيويورك، وحصل على درجة البكالوريوس في الكيمياء من جامعة هارفارد عام 1925م وأكمل الدراسات العليا في الفيزياء وحصل على الدكتوراه من جامعة غوتينغن في ألمانيا عام 1927م بإشراف ماكس بورن. وبعد إجراءه أبحاثًا في معاهد أخرى، انضم إلى قسم الفيزياء في جامعة كاليفورنيا في بيركلي حيث أصبح أستاذًا متفرغًا بدوام كامل في 1936م. وكانت له مساهمات بازرة في الفيزياء النظرية، بما في ذلك إنجازات في ميكانيكا الكم والفيزياء النووية، ومن أهم تلك الإنجازات كان تطوير تقريب بورن-أوبنهايمر الذي يُسَهِّل حساب الاقترانات الموجية للجزيئات، بالإضافة إلى الدراسات النظرية في الإلكترونات والبوزترونات، وعملية أوبنهايمر-فيليبس المتعلقة بالانشطار النووي، وعمله في بداية مسيرته على النفق الكمومي. وبالتشارك مع طلابه، قَدَّم أوبينهايمر مُسَاهَمَات في نظرية النجوم النيوترونية والثقوب السوداء، ونظرية الحقل الكمومي، وتَفَاعُلَات الأشعة الكَوْنِيَّة.

وفي 1942م، وٌظِّف أوبينهايمر للعمل في مشروع مانهاتن، وفي 1943م، جرى تعيينه مديرًا لمنشأة لوس ألاموس التابعة للمشروع والواقعة في ولاية نيومكسيكو الأمريكية، وكانت مُهِمَّة العاملين في هذه المنشأة هي تطوير أول أسلحة نووية في العالم. وكانت قيادته وخبرته العِلْمِيَّة أساسًا في نجاح المشروع. وفي 16 يوليو 1945م، كان أوبينهايمر موجودًا لمراقبة أول اختبار للقنبلة الذرية الذي أُطْلِق عليه اسم ترينيتي. وفي أغسطس 1945م، اسْتُخْدِمَت الأسلحة النووية ضد اليابان من خلال قصف هيروشيما وناغازاكي، وهو الاستخدام الوحيد للأسلحة النووية في حرب مُسَلَّحَة.

وفي 1947م، أصبح أوبينهايمر مدير معهد الدراسات المتقدمة في مدينة برينستون في ولاية نيوجيرسي، كما أصبح رئيس الجنة الاستشارية العامة لهيئة الطاقة الذرية الأمريكية المُنْشأة حديثًا وقتها. ومارس ضغطًا سياسيًّا لِفَرْض رقابة على الطاقة النووية لاجتناب انتشار الأسلحة النووية وكذلك لاجتناب حصول سباق تَسَلُّح نووي مع الاتحاد السوفييتي. وعَارَض تطوير القنبلة الهيدروجينية خلال النقاش الحكومي الذي دار في فترة 1949-1950م حول ذلك، بل وأيَّد تطوير المنظومات والتدابير الدفاعية من الهجمات النووية بدلًا من ذلك، مما أثار غضب بعض أطراف الحكومة الأمريكية والجيش من أوبينهايمر. وخلال أحداث الخوف الأحمر الثاني، أَدَّت مواقف أوبينهايمر مُجْتَمِعَة مع ارتباطاته السابقة بالحزب الشيوعي الأمريكي إلى إلغاء تصريحه الأمني بعد خضوعه إلى جلسات استماع أمنية عام 1954م. أدى ذلك إلى إنهاء وصوله إلى الأسرار الذرية الحكومية ما قاد إلى إنهاء مسيرته المهنية كَعَالِم فيزياء نووية. كما جَرَّدَه ذلك من تأثيره السياسي، ولكن أوبينهايمر استمر في إعطاء المحاضرات والكتابة والعمل في الفيزياء. وفي 1963م، مُنِح جائزة إنريكو فيرمي كبادرة حكومية لإعادة اعتباره السياسي. وتوفي بعد 4 سنوات من ذلك بعدما شُخِّص بسرطان الحنجرة. وفي 2022م، أَبْطَلَتْ الحكومة الأمريكية قرار إلغاء التصريح الأمني لأوبينهايمر الذي صدر سنة 1954م بعد جلسات الاستماع.

و على الرغم من دعوة أوبينهايمر المستمرة للسلام عامة وللسلام النووي خاصة وكذلك دعوته للابتعاد عن سباقات التسلح النووي في العالم، إلا أنه دعم تطوير برنامج التسلح النووي الإسرائيلي، وكانت بداية ذلك سنة 1947م أي قبل تأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك حينما التقى به حاييم وايزمان -الذي أصبح فيما بعد أول رئيس إسرائيلي- في مدينة برينستون في ولاية نيوجيرسي. حيث سَعَت القيادات الإسرائيلية منذ البداية إلى اجتذابه وكسب تعاطفه تجاه مصالحهم، وكذلك بالنسبة لباقي العلماء المشاركين في صناعةالقنبلة الذرية في مشروع مانهاتن.

الحياة المبكرة

الطفولة والدراسة

ولد أوبينهايمر في مدينة نيويورك بتاريخ 22 إبريل 1904م لعائلة يهودية غير مُتَدَيِّنَة، واسمه في شهادة الميلاد كان جوليوس روبرت أوبينهايمر، ثم تحول فيما بعد إلى ج. روبرت أوبينهايمر،[ملاحظة 1] وكان أبوه جوليوس سيليغمان أوبينهايمر تاجر أَنْسِجَة ناجح، وأمه كانت إيلا فريدمان وهي رَسَّامة.[5][6] وكان لروبرت أخ أصغر منه اسمه فرانك الذي أصبح فيزيائيًّا أيضًا.[7] وكان مجموعة إخوة أوبينهايمر هو: أَخَوَان وثلاث أخوات. وُلِد أبوهما في مدينة هاناو التي كانت وقتها جزءًا من مقاطعة هسن-ناساو ضمن مملكة بروسيا الألمانية، ثم جاء إلى الولايات المتحدة سنة 1888م وهو مُرَاهِق بدون مال وفير أو تعليم عالٍ أو معرفة باللغة الإنجليزية، وذلك ليعمل في شركة تجارة أنسجة مملوكة لأقاربه الذين دَعَوْه للمجيء، وتطور عمله حتى أصبح تاجرًا غنيًّا.[8] وفي 1912م، انتقلت عائلة روبرت إلى شقة في ريفرسايد درايف بالقرب من الشارع رقم 88 غرب مقاطعة مانهاتن في مدينة نيويورك، وهي منطقة معروفة بالقصور والمنازل الفاخرة.[6] وكان لدى العائلة مجموعة من المُقْتَنَيَات الفنية التي تَضَمَّنَت أعمالًا لبابلو بيكاسو وإدوارد فويار، وفينسنت فان غوخ.[9]

التَحَق أوبينهايمر في البداية بمدرسة أَلْكْوِين الإعدادية. وفي 1911م، التحق بمدرسة فيلدستون للثقافة الأخلاقية،[10] وهي مدرسة خاصة أسسها فيليكس أدلر للترويج للتعليم المُسْتَنِد إلى حركة الثقافة الأخلاقية التي كان شعارها: "العَمَل قبل الإيمان". وكان أبو أوبينهايمر عضوًا في رابطة الحركة لسنوات كثيرة، فكان أحد أعضاء مجلس أُمَنَاء الرابطة.[11] وكان أوبينهايمر طالبًا مُتَنَوِّعًا، فكان مهتمًّا بالأدب الإنجليزي والفرنسي، كما كان مهتمًّا بعلم المعادن بشكل خاص.[12] واستطاع إنهاء الصف الثالث والرابع في سنة واحدة، كما أنه تَجَاوَز عن نِصْف الصَّف الثامن.[10] وفي سنته الدراسية الأخيرة في المدرسة، أصبح أوبينهايمر مهتمًّا بالكيمياء.[13] وأنهى المدرسة عام 1921م، ولكن دراسته الجامعية تأخرت سنة بسبب نوبة التهاب قولون تقرحي أَصَابَتْه حينما كان يستكشف بلدة ياهيموف خلال إجازة أخذها مع عائلته في تشيكوسلوفاكيا. وقضى فترة التعافي في ولاية نيومكسيكو الأمريكية، وهناك طَوَّر حبًّا لركوب الخيل ولمناطق جنوب غرب الولايات المتحدة.[14]

التحق أوبينهايمر بكلية هارفارد عام 1922م وهو ابن 18 عامًا. وكان في تخصص الكيمياء؛ وتَطَلَّبَت هارفارد أيضًا دراسة التاريخ، أوالأدب، أو الفلسفة، أو الرياضيات. ولتعويض الفترة الضائعة بسبب المرض، كان يأخذ سِتّ مواد في كل فَصْل بدلًا من من أربع مواد في الوضع الطبيعي، ذلك بالإضافة إلى أن تعليمه الثانوي مَكَّنَه من التَجَاوُز عن المواد الأساسية في الفيزياء والكيمياء ليبدأ بالمواد التي بعدها مباشرة. وقُبِل في رابطة فاي بيتا كابا، وهي رابطة شَرَفِيَّة للطلاب الذين لم يتخرجوا بعد. وبعد إنهاءه للرسالة البحثية اللازمة للحصول على درجة الشرف في الكيمياء بالإضافة إلى معظم المواد المطلوبة في قسم الكيمياء، بدأ أوبينهايمر تَدْرِيجِيًّا خلال عامه الدراسي الثاني بتقليل دراسة الكيمياء والدخول أكثر في الفيزياء، وكانت العَقَبَة التي تواجهه هي قُصُورُه في الرياضيات، فأخذ عدة مواد رياضية لازمة لذلك، وبالرغم من أنه كان لا يزال في عامه الدراسي الثاني، إلا أنه استطاع أَخْذ مواد مهمة في الفيزياء سَمَحَتْ له فيما بعد بإكمال الدراسات العليا في الفيزياء على الرغم من أنه تخرج من هارفارد بتخصص الكيمياء. وقد انجذب أوبينهايمير للفيزياء التجريبية بعدما أخذ مادة عن الديناميكا الحرارية كان مُدَرِّسُهَا هو بيرسي بريجمان. وتخرج أوبينهايمر من هارفارد عام 1925م وهو يحمل درجة البكالوريوس بامتياز مع مرتبة الشَّرَف، وذلك بعد ثلاثة أعوام من الدراسة فقط.[15]

الدراسة في أوروبا

15 رجلًا يرتدون بدلات رسمية بالإضافة إلى امرأة، يقفون لالتقاط صورة جماعية.
مختبر هايك كامرلينغ أونس في مدينة لايدن الهولندية، يوليو 1927م. يقف أوبينهايمر في الصف الأوسط، الرجل الثاني من اليسار.

بعد قبوله عام 1924م في كلية المسيح التابعة لجامعة كامبريدج في بريطانيا، كَتَب أوبينهايمر إلى إرنست رذرفورد طالبًا منه الإذن بالعمل في مختبر كافندش في قسم الفيزياء التابع للجامعة وأن يصبح طالبًا تحت إشرافه، ولكن رسالة التوصية التي كتبها أستاذه في هارفارد بيرسي بريجمان قالت بأن تَصَرُّفَات أوبينهايمر الخَرْقَاء في المختبر تُشِير إلى أن الفيزياء النظرية قد تكون مَوْطِن إبداع بالنسبة إليه أكثر من الفيزياء التجريبية. وبناءًا على ذلك كان رذرفورد غير مهتم بقبول أوبينهايمر ليكون أحد طلابه، ولكن أوبينهايمر ذهب إلى كامبريدج بالرغم من ذلك لعله يجد إداريًّا يجد أستاذ فيزياء تجريبية غير رذرفورد يقبل به طالبًا عنده؛[16] وفي نهاية المطاف قَبِلَه ج. ج. تومسون شريطة أن يُنْهِي مادة في أساسيات المُخْتَبَرَات.[17]

كان أوبينهايمر غير سعيد إطلاقًا في كامبريدج، فكتب لأحد أصدقاءه قائلًا: "أنا أقضي وقتًا سيئًا للغاية. فعمل المختبر ممل جدًّا، وأنا سيء جدًّا فيه لدرجة أنني من المستحيل أن أشعر بأني أتعلم أي شيء".[18] وطَوَّر علاقة عدائية مع الأستاذ المشرف عليه باتريك بلاكيت الذي حاز على جائزة نوبل في وقت لاحق. واستنادًا إلى صديق أوبينهايمر فرانسيس فيرغيسون، اعترف أوبينهايمر مرة أنه ترك تفاحة مَحْقُونَة بمادة سامة على مكتب بلاكيت؛ ولكن لم يأكل منها أحد. وأقنع والِدَا أوبينهايمر سُلُطَات الجامعة لكيلا ترفع دعوات جنائية عليه أو تَطْرُدَه من الجامعة، وبدلًا من ذلك، وُضِع أوبينهايمر تحت المراقبة وتَلَقَّى جلسات منتظمة مع أَخِصَّائي نفسي في شارع هارلي في العاصمة البريطانية لندن.[19][20][21]

كان أوبينهايمر طويلًا ونحيلًا ومُدَخِّنًا شَرِهًا،[22] وكان غالبًا ما يتجنب الطعام أثناء فترات التركيز المُكَثَّف. وقال العديد من أصدقاءه أنه من الممكن أن يكون مُدَمِّرًا لنفسه. وحاول فيرغيسون مرة تَشْتِيت أوبينهايمر عن حالة الاكتئاب الظاهرة عليه من خلال إخباره بأنه -أي فريغيسون- سيتزوج عشيقة أوبينهايمر، فانْقَضّ عليه أوبينهايمر وحاول خَنْقَه. وعَانى أوبينهايمر من فترات اكتئاب خلال حياته،[23][24] وأخبر أخاه مرة أنه "يحتاج الفيزياء أكثر من الأصدقاء".[25]

وفي عام 1926م، ترك أوبينهايمر كامبريدج ليلتحق بجامعة غوتينغن الألمانية للدراسة تحت إشراف ماكس بورن؛ حيث كانت غوتينغن أحد المراكز الرائدة في العَالَم في الفيزياء النظرية. وكَوَّن أوبينهايمر هناك صداقات مع أشخاص حققوا نجاحات عظيمة فيما بعد، مثل فيرنر هايزنبيرغ، وباسكوال جوردان، وفولفغانغ باولي، وبول ديراك، وإنريكو فيرمي، وإدوارد تيلر. وكان حماسيًّا جدًّا في نقاشاته لدرجة أنه في بعض الأحيان كان يتحدث بغزارة بشكل منع أصدقاءه من المشاركة في النقاش.[26] وقَدَّمَت ماريا غوبرت التماسًا مُوَقَّعًا منها ومن غيرها إلى بورن المشرف على صَفِّهِم، ويهددون فيه بمقاطعة الصف إذا لم يستطع بورن تهدئة أوبينهايمر. وترك بورن الالتماس على طاولته حيث يستطيع أوبينهايمر قراءته، وكان ذلك ناجعًا بدون الحاجة إلى التًّفَوُّه بأي كلمة.[27]

حصل أوبينهايمر على درجة دكتوراه الفلسفة في الفيزياء في مارس 1927م وهو في الـ23 من عمره تحت إشراف ماكس بورن.[28][29] وبعد الامتحان الشَّفَوِي، قال جيمس فرانك الأستاذ الذي امْتَحَنَه بأنه سعيد بانتهاء الامتحان لأن أوبينهايمر وصل إلى درجة يظهر فيها بأنه هو من يَمْتَحِن فرانك وليس العكس.[30] ونَشَر أوبينهايمر أكثر من 12 ورقة بحثية خلال فترة تواجده في أوروبا، وتضمنت تلك الأوراق العديد من المساهمات في حقل ميكانيكا الكم الذي كان جديدًا وقتها. ونشر هو وبورن ورقة بحثية شهيرة عن تقريب بورن-أوبنهايمر، وفي هذه الورقة، فَصَلا حركة الإلكترونات عن حركة النواة عند التعامل الرياضي مع الجزيئات، مما سمح بإهمال حركة النواة لتبسيط الحسابات الرياضية المتعلقة بالجزيئات، وذلك لأن النواة أثقل بكثير من الإلكترونات بالتالي تتحرك بسرعة أبطأ بكثير مما يعني أن تأثيرها في الحسابات يكون ضئيلًا لدرجة يمكن فيها إهماله. وتبقى هذه الورقة البحثية هي أكثر أعمال أوبينهايمر استشهادًا.[31]

المسيرة المهنية المبكرة

التَّدْرِيس

مجموعة من الرجال يتجهزون للتصوير أمام وحول وفوق هَيْكَل معدني ضَخْم.
طاقم العمل في مختبر الأشعة في جامعة كاليفورنيا، ويتضمن الطاقم روبرت ر. ويلسون، والحاصلون على جوائز نوبل: إرنست لورنس، وإدوين ماكميلان، ولويس ألفاريز. وهم يتواجدون على الإطار المغناطيسي للمُسَرِّع الدوراني البالغ طوله 60 إنشًا (152 سم)، وذلك في 1938م. أوبينهايمر هو الرجل الطويل الذي يمسك غَلْيُونًا في الصف العلوي، إلى اليمين قليلًا من المُنْتَصَف.

حصل أوبينهايمر في سبتمبر 1927م على زَمَالَة مجلس الأبحاث الوطني الأمريكي للعمل في معهد كاليفورنيا للتقنية (كالتيك). ولكن بيرسي بريجمان أراده أيضًا في هارفارد، فتوصلوا إلى تسوية بِمُقْتَضَاها يَقْسِم أوبينهايمر زمالته للعام الدراسي 1927-1928م، بحيث يكون في هارفارد في 1927م، وفي كالتيك في 1928م.[32] وأثناء تواجده في كالتيك، كَوَّن صداقة وثيقة مع لينوس بَاوْلِنْغ؛ وخَطَّطَا للتعاون معًا لإجراء دراسات مكثفة على طبيعة الرابطة الكيميائية في الذرة، وكان باولنغ رائدًا في ذلك الحقل، فكان تعاونهما بأن يتولى أوبينهايمر العمليات الرياضية وبأن يتولى باولنغ تفسير النتائج. وانتهى هذا التعاون وكذلك صداقتهما عندما دَعَا أوبينهايمر زوجة باولينغ -آفا هيلين باولنغ- للانضمام إليه في لقاء حميم في المكسيك.[33] وفي وقت لاحق، دعا أوبينهايمر باولنغ لِيَرْأَس قسم الكيمياء في مشروع مانهاتن، ولكنه رفض قائلًا بأنه لا يدعم الحرب.[34]

وفي خريف عام 1928م، زار أوبينهايمر معهد بول إهرنفست في جامعة لايدن في هولندا، وهناك أثار الإعجاب حينما أعطى محاضرات باللغة الهولندية بالرغم من خبرته القليلة بتلك اللغة. وهناك أُطْلِق عليه لقب أُوبْيِه (بالهولندية: Opje[35] ولاحقًا حَوَّل أصدقاؤه في أمريكا ذلك الاسم ليغدو إنجليزيًّا، فأصبح "أُوبِي" (بالإنجليزية: Oppie).[36] ومن لايدن، ذهب إلى المعهد الفدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ في سويسرا ليعمل مع فولفغانغ باولي على ميكانيكا الكم والطَّيْف المُتَّصِل. واحترم أوبينهايمر باولي وأٌعْجِب به، ومن المحتمل أنه حاول تقليد أسلوبه الشخصي وطريقته النَّاقِدَة في التعامل مع المشاكل.[37]

وعند عودته إلى الولايات المتحدة، قَبِل مَنْصِب أستاذ مُشَارِك في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، حيث أراده رايموند ثاير بيرغ بشدة لدرجة أنه عَبَّر عن رغبته بمشاركة أوبينهايمر مع كالتيك.[34]

وقبل بدءه في المنصب الجديد في بيركلي، شُخِّصَت إصابة أوبينهايمر بحالة خفيفة من السّل وقضى بعض الأسابيع مع أخيه فرانك في ولاية نيومكسيكو في بيت ريفي استأجره واشتراه في النهاية. وحينما سمع أن البيت كان معروضًا للإيجار هَتَف قائلًا: "هوت دوغ!"، وسمَّاها لاحقًا بِيرُّو كَالْيِنْتِيه (بالإسبانية: Perro Caliente، وتعني "هوت دوغ").[38] واعتاد لاحقًا أن يقول أن "الفيزياء والريف الصحراوي" هما "حُبَّاه العظيمان".[39] وتَعَافَى من السل وعاد ليَسْتَهِل عمله في بيركلي، وهناك انقسم المختلطون به إلى مجموعتَيْن، إحداهما ترى أنه عبقري مُبْهِر ويفضل الانعزال، بينما ترى المجموعة الأخرى بأنه مُتَصِنّع مُبْتَذَل وغير مُطْمَأِن.[40] وقَلَّد بعضُ طلابه طريقته في المشي، والخطاب، وغير ذلك من السلوكيَّات، حتى أنهم قلدوا مُيُولَه لقراءة نصوص كاملة بلغاتها الأصلية.[41] ويقول عنه هانز بيته:

«لعل أهم عنصر أضافه لتدريسه كان ذوقه الانْتِقَائيّ. فعلم دائمًا المسائل المهمة، وذلك يظهر في اختياره للمواضيع الدراسية. ولقد عاش بالفعل مع تلك المسائل، يعاني لإيجاد حل، ونقل اهتمامه هذا للمجموعة التي يُدَرِّسُهَا. وفي أفضل الأيام، كان هناك ثمانية أو عشر طلاب دراسات عليا في مجموعته الدراسية وحوالي ستة باحثين زملاء في مرحلة ما بعد الدكتوراه. والتقى بهذه المجموعة مرة كل يوم في مكتبه وتحاور معهم الواحد تلو الآخر لمناقشة المشكلة التي يوجهها كل طالب في البحث الخاص به. وكان مهتمًّا بكل شيء، وفي المساء كان من الممكن أن يتناقشوا في الكهروديناميكا الكمية، والأشعة الكونية، وإنتاج زوج الإلكترون، والفيزياء النووية.[42]»

وعمل أوبينهايمر بشكل وثيق مع عالم الفيزياء التجريبية إرنست لورنس الحاصل على جائزة نوبل لاختراعه المُسَرِّع الدوراني، بالإضافة إلى زملاءه الرائدين في العمل على هذه المُسَرِّعَات، حيث كان أوبينهايمر يساعدهم في استيعاب البيانات التي كانت تُعْطِيها أَجْهِزَتُهُم في مختبر الإشعاع في بيركلي، ذلك المختبر الذي تطور ليصبح ما يُعْرَف اليوم باسم مختبر لورنس بيركلي الوطني.[43] وفي 1936م، قامت جامعة كاليفورنيا في بيركلي بترقيته ليصبح أستاذًا مُتَفَرِّغًا يعمل بدوام كامل براتب سنوي يبلغ 3,300$ (ما يعادل $62٬000 في 2020). وفي المقابل اشْتَرَطَتْ عليه الجامعة تقليل تدريسه في معهد كالتيك، وجرى التَّوَصُّل إلى تسوية بِمُوجِبِهَا تُعْفِيه الجامعة من العمل لديها لستة أسابيع من كل عام، وهي مدة كافية لتدريس قصل دراسي واحد في كالتيك.[44]

الإنجازات العلمية

أجرى اوبينهايمر بحوثًا مهمة في علم الفلك النظري (خاصة فيما يتعلق بارتباطه بالنسبية العامة والنظرية النووية)، وفي الفيزياء النووية، وعلم الأطياف، ونظرية الحقل الكمٍّي بما في ذلك امتدادها في مجال الكهروديناميكية الكمّية. كما وجذبت الشَّكْلِيَّة الرياضيّة في ميكانيكا الكمّ النسبية انتباهه على الرغم من أنه شَكَّك في صِحَّتِهَا. وتنبَّأ عمله بالكثير من الاكتشافات اللاحقة، مثل النيوترون، والميزون، والنجم النيوترونيّ.[45]

في البداية، كان اهتمامه الرئيسيّ منصبًّا على الطيف المستمر. وكانت أول ورقة بحثية ينشرها - عام 1926م - متعلقة بالنظرية الكمية الخاصة بأطياف النطاق الجزيئي (بالإنجليزية: molecular band spectra). وطوّر طريقة لإجراء الحسابات على احتمالات الانتقال بين حالاتها المختلفة. وقام بحساب احتمالية تحرُّر وانبعاث الإلكترون من ذرة الهيدروجين عند امتصاصها لفوتونات أشعة سينية تمتلك طاقة تساوي أو تفوق طاقة ارتباط إلكترون المدار الأول (الأقرب للنواة)، وبذلك يكون معامل الامتصاص عند حافة كيه. وكانت حساباته متوافقة مع نتائج رصد امتصاص الشمس للأشعة السينية، ولكنها مخالفة لامتصاص الهيليوم. بعدها أعوام، تبيّن أن الشمس تتكوَّن في معظمها من الهيدروجين (وليس الهيليوم) وأن حساباته كانت صحيحة.[46][47]

قدّم أوبينهايمر مساهمات هامّة في نظرية زَخَّات الأشعة الكونية، والتي تُعْنَى بدراسة تفاعل الأشعة الكونية مع الغلاف الجوي مما يؤدي إلى تشكيل زخات من الجزيئات الثانوية (إلكترونات، بروتونات ... إلخ). كما عمل على مسألة الانبعاث الميداني للإلكتورنات.[48][49] وأسهم هذا العمل في تطوير مبدأ النفق الكمومي.[50] وفي 1931م، تشارك مع طالبه هارفي هال بكتابة ورقة بحثية بعنوان "النظرية النسبية والتأثير الكهرضوئي" (بالإنجليزية: Relativistic Theory of the Photoelectric Effect )،[51] رفض فيها- مستندًا إلى دليل تجريبيّ - تأكيد ديراك بأن اثنين من مستويات طاقة ذرة الهيدروجين يمتلكات نفس الطاقة. وفيما بعد، أثبت طالب الدكتوراه عنده ويليس لامب بأن ذلك كان نتيجة لما أصبح يُعْرَف فيما بعد باسم انزياح لامب، والذي أخذ عنه لامب جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1955م.[45]

وبالتشارك مع ميلبا فيلبس أول طالبة تبدأ دراسة الدكتوراه تحت إشراف أوبينهايمر،[ملاحظة 2] أجرى أوبينهايمر حسابات رياضية للتنبؤ بمقدار النشاط الإشعاعي الاصطناعي الناتج عن قصف أنوية المادة بالديوتيرونات (أنوية الديوتيريومات). فحينما قَصَف إيرنيست لورينس وإيدوين ماكميلان الأنوية بالديوتيرونات وَجَدَا أن النتائج تتوافق بشكل وثيق مع تنبّؤأت النظرية التي وضعها جورج غاموف، والتي كانت تستند إلى النفق الكمومي لشرح كيف أن جُزَيْئَيْن مشحونَيْن بشحنة موجبة يمكنهما التغلب على قوة تنافر الشحنات المتماثلة بينهما حتى وإن لم يمتلكا الطاقة اللازمة لذلك، بالتالي يمكنهما الالتقاء والاندماج معًا (تفاعل اندماج نووي). ولكن عند استخدام لورينس وماكميلان لمستويات أعلى من الطاقة وأنوية أثقل، لم تتوافق النتائج مع نظرية غاموف. وفي 1935م، طَوَّر أوبينهايمر وفيليبس نظرية - عُرِفَتْ فيما بعد باسم عملية أوبينهايمر-فيلييس - تشرح تلك النتائج، حيث أنها نظرية أعقد للاندماج النووي إذ أنها تأخذ بعين الاعتبار ما لم تعتبره عنه النظرية السابقة، مثل أن غاموف اعتبر أن الأنوية ذات بناء كرويّ أملس ولكنها في الواقع ذات بناء أصعب، كما أنه أخذ بعين الاعتبار فقط قوة التنافر بين الذرات المُنْدَمِجَة مختلفة الشحنة ولم يحتسب باقي التفاعلات والقوى المؤثر العاملة بين الذرات (كالقوة النووية) والتي تؤثر على عملية الاندماج. ولا تزال عملية أوبينهايمر-فيليبس قيد الاستعمال حتى اليوم.[52][ملاحظة 3]

وفي بدايات ثلاثينات القرن العشرين، كتب أوبينهايمر ورقة بحثية تنبَّأت بشكل جوهري بوجود البوزيترون. وجاءت بعد ورقة بحثية نشرها ديراك تطرح بأن الإلكترون يمكنه امتلاك شحنة سالبة أو موجبة. وقدمت ورقة ديراك معادلة - أصبحت فيما بعد تُعْرف باسم معادلة ديراك - تُوَحِّد ميكانيكا الكم، والنسبية والخاصة، ومفهوم اللَّفْ المغزلي - الجديد وقتها - لشرح ظاهرة تأثير زيمان.[53] وبالاستناد للمعرفة التجريبية الموجودة وقتها، رفض أوبينهايمر فكرة أن تكون الإلكترونات ذات الشحنة الموجبة التي تنبَّأ بها ديراك عبارة عن بروتونات. وناقش أنها بموجب ما طرحه ديراك يجب أن تملك نفس وزن الإلكترونات بينما تثبت التجارب أن البروتونات أثقل بكثير من الإلكترونات. بعدها بعامَيْن، اكتشف كارل ديفيد أنديرسون البوزيترون، ما أدى إلى حصوله على جائزة نوبل للفيزياء عام 1936م.[54]

وفي أواخر ثلاثينات القرن العشرين، أصبح أوبينهايمر مهتمًّا بالفيزياء الفلكية، غالبًا بسبب صداقته مع ريتشارد تولمان، وأفضى ذلك الاهتمام إلى سلسلة من الأوراق البحثية. كانت أولها بعنوان "عن استقرار أَنْوِيَة النجوم النيوترونية" (بالإنجليزية: On the Stability of Stellar Neutron Cores) المنشورة عام 1938م،[55] والتي كتبها بالتشارك مع روبرت سيربر، وهي تدرس خصائص الأقزام البيضاء. وجاءت بعدها ورقة بعنوان "عن أنوية النجوم النيوترونية العملاقة" (بالإنجليزية: On Massive Neutron Cores)، كتبها بالتشارك مع أحد طلابه وهو جورج فولكوف،[56] وتوضّح الورقة أن هناك حَدًّا - يعرف باسم حدّ تولمان-أوبينهايمر-فولكوف- لكتلة النجوم إذا تَجَاوَزَتْه فلن تبقى مستقرة كنجوم نيوترونية وستخضع لانهيار تجاذبيّ. وفي 1939م، أنتج أوبينهايمر وطالب آخر من طلابه - هارتلاند سنايدر - ورقة بحثية بعنوان "عن الانكماش المستمر للجاذبية" (بالإنجليزية: On Continued Gravitational Contraction)،[57] وتتنبَّأ بوجود ما أصبح يعرف لاحقًا بالثقوب السوداء. تبقى هذه الأوراق البحثية الأكثر استشهادًا بين أوراقه بعد الورقة الخاصة بتقريب بورن-أوبنهايمر، وكانت عواملًا أساسية في نهضة أبحاث الفيزياء الفلكية في الولايات المتحدة في خمسينات القرن العشرين، تلك النهضة التي كانت بشكل رئيس على يد جون أرتشيبالد ويلر.[58]

اعتُبِرَتْ أوراق أوبينهايمر صعبة الفهم حتى من قِبَل العلماء القياسيين في المواضيع التجريدية التي كان خبيرًا بها. وكان مُولَعًا باستخدام طرق رياضية أنيقة وإن كانت غاية في التعقيد لوصف المباديء الفيزيائية، ذلك بالرغم من أنه يُنْتَقَد في بعض الأحيان لارتكابه أخطاءًا رياضية يُفْتَرَض أنها بسبب العَجَلَة. "كانت فيزياؤه جيدة"، يقول طالبه سنايدر، "ولكن رياضياته مُرِيعَة".[45]

وبعد الحرب العالمية الثانية، نشر أوبينهايمر 5 أوراق علمية فقط، إحداها كانت في الفيزياء الحيوية، ولم ينشر شيئًا بعد سنة 1950م قطّ. وعمل موري جيلمان - حاصل على جائزة نوبل فيما بعد - معه كعالم زائر في معهد الدراسات المتقدمة سنة 1951م، وقدَّم الرأي التالي عنه:

«هو (أوبينهايمر) لا يمتلك القدرة على المواصلة عند جلوسه على الكرسي (للقيام بالبحث). وعلى حد معرفتي، فلم يكتب أبدًا ورقة بحثية طويلة ولا أجرى حسابًا طويلًا أو أي شيء من ذلك القبيل. لم يكن لديه الصبر لذلك؛ وتَكَوَّن عمله من أفكار ورؤى، ولكنها أفكار رؤى عبقرية. إلا أنه ألهم غيره من الناس ليقوموا بأشياء، وكان تأثيره مذهلًا.[59]»

حياته السياسية والخاصة

رجل يرتدي بدلة رسمية يجلس على كرسي ويدخن سيجارة.
أوبينهايمر في 1946م يحمل سيجارته دائمة الظهور.

السياسة

خلال عشرينات القرن العشرين، بقي أوبينهايمر غير مُدْرِك للقضايا العالمية. وزَعَم أنه لم يكن يقرأ الصُّحُف أو المجلات المشهورة وأنه لم يَعْلَم بانهيار وول ستريت سنة 1929م إلا حينما كان في نزهة مع إرنيست لورينس بعد 6 أشهر من الانهيار.[60][61] ويذكر أنه لم يُدْلِي بصوته الانتخابي بَتَاتًا قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية سنة 1936م. وابتداءًا من عام 1934م فصاعدًا، أصبح مهتمًّا بشكل متزايد بالسياسات والشؤون الدولية. وفي 1934م، خَصَّص 3% من راتبه السنوي -حوالي 100$ (ما يعادل 1800$ في 2020)- لمدة سَنَتَيْن لدعم الفيزيائيين الألمان للهروب من ألمانيا النازية. وخلال إضراب شاطيء الساحل الغربي في أمريكا عام 1939م، حضر هو وبعض من طلابه -من ضمنهم ميلبا فيليبس وروبرت سيربر- مظاهرة لعمال تحميل وتفريغ السُّفُن المُضْرِبِين. وحاول أوبينهايمر بشكل متكرر إيجاد مكان لسيربر في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، ولكنه كان يُقَابل بالمَنْع من قِبَل رئيس قسم الفيزياء في بيركلي وقتها ريموند ت. بيرج الذي شَعَر بأن "يهوديًّا واحدًا في القِسْم كان كافيًا".[62]

تُوُفِّيَتْ أم أوبينهايمر سنة 1931م، وأصبح أقرب لوالده الذي أصبح يزور أوبينهايمر بشكل دائم في كاليفورنيا بالرغم من أنه كان لا يزال يعيش في نيويورك.[63] وحينما توفى والده سنة 1937م، ترك أملاكًا بقيمة 392,602$ (ما يعادل 7.1 مليون دولار في 2020) لتُقْسَم بين أوبينهايمر وأخيه فرانك، وكان لتلك الأملاك عائد سنوي يبلغ 10,000$ (ما يعادل 180000$ في 2020)،فكتب أوبينهايمر مباشرة وَصِيَّة يتبرع فيها بعد وفاته بحصته من الميراث إلى جامعة كاليفورنيا لتُسْتَخْدَم في تمويل طلاب الدراسات العُلْيَا.[64]

مثل الكثير من المُثَقَّفِين في ثلاثينات القرن العشرين، دَعَم أوبينهايمر إصلاحات اجتماعية صُنِّفَت لاحقًا كأفكار شيوعية. وتبرَّع لصالح العديد من القضايا التي اعْتُبِرَت ذات توجه يَسَارِيّ خلال الحقبة المكارثية. كانت مُعْظَم أفعاله التي زُعِم بأنها أفعال متطرفة وانشقاقية عبارة عن استضافة لقاءات جمع التبرعات لدعم الحكومة الجمهورية الإسبانية اليسارية في حربها الأهلية ضد القوميين الفاشيين وغيرها من النشاطات المعادية للفاشية. ولم ينضمّ البَتَّة بشكل عَلَنِيّ إلى الحزب الشيوعي الأمريكي، ذلك بالرغم من أنه قَدَّم المال لصالح قضايا يسارية عبر مَعَارِفٍ له يُزْعَم بأنهم أعضاء في الحزب.[65]

وعندما انضمّ إلى مشروع مانهاتن سنة 1942م، كتب أوبينهايمر في الاستبيان الأمني الخاص به أنه كان "عضوًا في جميع أَذْرِعَة الحزب الشيوعي في الساحل الغربي تقريبًا".[66] وبعد ذلك بِسَنَوَات، زَعَم أنه لا يتذكر بأنه قال وذلك، وأن ذلك التصريح ليس بصحيح، وأنه إن قال أي شيء يتماشى أو يشبه تلك العبارات، فلم يكن ذلك سوى "مُبَالَغَة نصف مَرِحَة".[67] وكان مشتركًا بصحيفة عالم الناس،[68] وهي إحدى أجهزة الحزب الشيوعي، وشهد في 1954م أنه "كان مُرْتَبِطًا بالحركة الشيوعية".[69] ومن 1937م حتى 1942م، كان أوبينهايمر عضوًا بما سمَّاه "مجموعة نقاش" في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وعُرِف فيما بعد من خلال عُضْوَيْن زميلين لأوبينهايمر في تلك المجموعة هما هاكون شوفالييه[70][71] وغوردون غريفيثز بأنها كانت وِحْدَة "مُغْلَقَة" (سرية) للحزب الشيوعي في كلية بيركلي.[72]

وفَتَح مكتب التحقيقات الفيدرالي ملفًّا لأوبينهايمر في مارس 1941م للتحقيق في نشاطاته. وسجل مكتب التحقيقات أنه حضر اجتماعًا في 20 ديسمبر 1940م في منزل شوفالييه، ذلك الاجتماع حضره أيضًا أمين الحزب الشيوعي في ولاية كاليفورنيا، ويليام شنايدرمان، وكذلك أمين صندوقه آيزاك فولكوف. ولاحظ مكتب التحقيقات الفيديرالي أن أوبينهايمر كان في اللجنة التنفيذية للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية الذي يُعْتَبَر ذراعًا للحزب الشيوعي. بعدها بفترة قصيرة، أضاف مكتب التحقيقات اسم أوبينهايمر إلى قائمة الاحتجاز التَّحَفُّظي، وذلك يعني اعتقاله عند إعلان حالة طواريء وطنية.[73]

كان العديد من أقرب الناس لأوبينهايمر ناشطين في الحزب الشيوعي في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين، بِمَن فيهم أخوه فرانك، وجاكي زوجة فرانك،[74] وكيتي،[75] وتاتلوك، وماري إلين وُوشبيرن مَالِكَة المكان الذي كان يسأجره،[76] وعدد من طلاب الدراسات العليا تحت إشرافه في جامعة بيركلي.[77] وكانت مسألة إن كان أوبينهايمر عضوًا في الحزب أم لا موضوعًا جَدَلِيًّا. اتَّفَق معظم المؤرخين على أنه كان يمتلك آراءًا يسارية قوية خلال هذا الوقت وتَعَامَل مع أعضاءٍ من الحزب، ولكن اختلف المؤرخون ما إن كان عضوًا رسميًّا فيه. في جلسات الاستماع المتعلقة بتصريحه الأمني في 1954م، أَنْكَر أوبينهايمر كُوْنَه عضوًا في الحزب الشيوعي وقال إنه رفيق سفر، وعَرَّف أوبينهايمر رفيق السفر بأنه شخص يوافق على الكثير من الأهداف الشيوعية ولكنه لا يريد الاتباع الأعمى لأوامر أي جهة تابعة للحزب الشيوعي.[78]

العلاقات والأبناء

في عام 1936م، انْخَرَط أوبينهايمر في علاقة مع جين تَاتْلوك، ابنة أستاذ في جامعة كاليفورنيا في بيركلي وطالبة في كلية الطب بجامعة ستانفورد. وكانت لديهما وجهات نظر سياسية مُتَمَاثِلَة؛ فكانت تاتلوك تَكْتُب في العَامِل الغَرْبِي، وهي صحيفة تابعة للحزب الشيوعي الأمريكي.[79] وفي سنة 1939م، وبعد علاقة عاصِفَة بالمشاكل بين الاثنين، تَرَكَتْ تاتلوك أوبينهايمر. وفي أغسطس من تلك السنة، التقى أوبينهايمر بكاثرين ("كيتي") بيونينغ، طالبة ذات أفكار سياسية ثائرة في جامعة بيركلي وعضوة سابقة في الحزب الشيوعي. استمر زواج كيتي الأول عدة أشهر فقط. أما زاوجها الثاني، فكان زواجًا عُرْفِيًّا من جو داليت العضو الفاعل في الحزب الشيوعي، وانتهى زواجهما بِمَقْتَل داليت في الحرب الأهلية الإسبانية.[80]

وعادت كيتي من أوروبا إلى الولايات المتحدة حيث حَصَلَتْ على درجة البكالوريوس في علم النبات من جامعة بنسيلفانيا. وفي 1938م، تزوجت من ريتشارد هاريسون، طبيب وباحث في المجال الطبي كذلك، وفي يونيو 1939م انتقلت معه إلى باسادينا في ولاية كاليفورنيا، وهناك أصبح ريتشارد رئيس قسم الأشعَّة في مستشفى محلي والتحقت كيتي بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجيلوس كطالبة دراسات عليا. وهناك الْتَقَتْ بأوبينهايمر في إحدى الحفلات التي حضرتها مع زوجها في أغسطس من نفس العام، ثم بدأت بعد ذلك علاقة غرامية معه، وفي صيف سنة 1940م، مَكَثَتْ مع أوبينهايمر في منزله الريفي في ولاية نيومكسيكو. وعندما اكتشفت بأنها حامل منه، طلبت من هاريسون الطلاق الذي وافق عليه. وفي 1 نوفمبر 1940م، حَصَلَتْ على طلاق سريع في مدينة رينو في ولاية نيفادا، وتزوجت أوبينهايمر.[81][82]

كان أول مولود لهما هو بيتر الذي وُلِد في مايو 1941م، وكانت كاثرين ("توني") هي ثاني أبناءهما، وقد ولدت في لوس ألاموس في ولاية نيومكسيكو بتاريخ 7 ديسمبر 1944م.[83] وخلال زواجه من كيتي، أعاد أوبينهايمر علاقته مع تاتلوك.[84] ولاحقًا، شَكَّل استمرار تَوَاصُله مع تاتلوك مشكلةً له في جلسات الاستماع الخاصة بتصريحه الأمني وذلك بسبب ارتباطات تاتلوك الشيوعية.[85]

وخلال تطوير القنبلة النووية، كان مكتب التحقيقات الفيديرالي وكذلك الجهاز الأمني الداخلي لمشروع مانهاتن يُحَقِّقَان في ارتباطات أوبينهايمر اليسارية في الماضي. وقد لاحقه أفراد أمنٍ عسكريون خلال رحلة ذهب فيها إلى ولاية كاليفورنيا في يونيو 1943م لزيارة تاتلوك التي كانت تعاني الاكتئاب. وقضى أوبينهايمر تلك الليلة في شَقَّتِهَا.[86] وقتَلَت تاتلوك نَفْسَهَا بتاريخ 4 يناير 1944م تاركةً أوبينهايمر في حالة حَسْرَة عميقة.[87]

في منشأة لوس ألاموس، بدأ أوبينهايمر علاقة غرامية مع روث تولمان، أَخِصَّائيَّة نفسية وزوجة صديقه ريتشارد تولمان. وانْتَهَت تلك العلاقة بعدما غادر أوبينهايمر منشأة لوس ألاموس وعاد إلى شرق الولايات المتحدة ليصبح مُدِيرًا لمعهد الدراسات المتقدمة، ولكن بعد وفاة ريتشارد في أغسطس 1948م، أَعَادَا الاتصال معًا وصارا يَلْتَقِيَان بين الحين والآخر حتى وفاة روث في 1957م. نَجَتْ القليل من الرسائل التي دارت بينهما، ولكنها كانت كافية لتُظْهِر أنهما امتلكا علاقة وثيقة وعاطفية حيث كان يشير لها بتعبير "حٌبِّي".[88][89]

الروحانية

بذل أوبينهايمر جُهْدًا جَهِيدًا [في ربيع عام 1929م] ولكنه امتلك موهبة تَخْبِأة عمله الدؤوب بادِّعَاء اللامبالاة. في الواقع، كان مُنْخَرِطًا بحسابات بالغة الصعوبة لعدم نَفَاذِيَّة أَسْطُح النجوم لإشعاعاتها الداخلية،[ملاحظة 4] وهو [عدم النفاذية] ثابت هام في البناء النظري للنماذج النجمية. لقد تحدث قليلًا عن تلك القضايا و[لكنَّه] بَدَا أكثر اهتمامًا بالأدب، خاصة الكلاسيكيَّات الهندوسية والكُتَّاب الغَرْبِيِّين الأبعد عن اهتمام غالبية الناس. ذَكَر لي باولي ذات مرة أن أوبينهايمر يُعَامِل الفيزياء كَهِوَاية والتحليل النفسي كَمِهْنَة.

كان لأوبينهايمر اهتمامات مُتَبَاعِدَة شَتَّتَتْ في بعض الأحيان تركيزه على العلم. فقد أحبّ الأشياء بالغة الصعوبة، وبما أن الكثير من العمل العِلْمِيّ بَدَا سهلًا بالنسبة له، أصبح مُهْتَمًّا بالمواضيع الروحانية والغامضة[91]. وبعد مغادرة هارفارد، بدأ بالاطِّلَاع على النصوص الهندوسية الكلاسيكية من خلال نُسَخِهَا المترجمة إلى الإنجليزية.[92] وكان أيضًا مهتمًّا بتعلُّم اللغات فتعلَّم السنسكريتية،[ملاحظة 5] وذلك على يد آرثر رايدر في جامعة كاليفورنيا في بيركلي عام 1933م.[94][95] وفي نهاية المطاف قرأ أعمالًا أدبية مثل البهاغافاد غيتا والميغادوتا بالسنسكريتية الأصلية، وتَفَكَّر وتأمل فيما قرأه بشكل عميق. وذكر لاحقًا أن الغيتا كان أحد الكتب التي شَكَّلَتْ فلسفته في الحياة.[96][97] وكتب لأخيه مرة يقول له بأن الغيتا كان "سهلًا جدًّا ومُذْهِلًا للغاية"، كما وصفه بأنه "الأغنية الفلسفية الأجمل في أي لغة معروفة"، وهنا يقصد بأن الكتاب سيبقى الأغنية الفلسفية الأجمل بغض النظر عن اللغة التي كُتِب بها.[95] وأعطى لاحقًا نُسَخًا من الكتاب كهدايا لأصدقاءه وأبقى لنفسه نسخة شخصية مُهْتَرِئَة في رَفّ الكتب المجاور لِمَكْتَبِه.[95] ولَقَّب سيارته باسم جارودا، وهو الطائر الذي كان يركبه الإله الهندوسي فيشنو.[98]

لم يصبح أوبينهايمر يومًا هندوسيًّا بالمعنى التقليدي؛ فلم يشارك في أي معبد أو صلاة ولم يعبد أيًّا من الآلهة الهندوسية.[99][100] ولكنه كان "فعلًا مَأخُوذ بالسحر الجذاب والحِكْمَة العامة في البهاغافاد-غيتا" كما قال أخوه.[99] ويُعْتَقَد بأن اهتمام أوبينهايمر بالفِكْر الهندوسي بدأ خلال تعاملاته السابقة مع نيلز بور.[101] حيث كان أوبينهايمر وبور شَدِيدَا التحليل والنقد لقصص الأساطير الهندوسية القديمة والغَيْبِيَّات (الميتافيزيقا) المُضَمَّنَة فيها.[101] وبينما كان يتحدث عن أدب اليونان القديمة في حديث له مع ديفيد هوكينز قبل الحرب، قال أوبينهايمر: "لقد قرأت للإغريق؛ وأَجِد أن الهندوسية أَعْمَق".[101]

أيزيدور إسحق رابي صديق أوبينهايمر المُقَرَّب وزميله الذي رآه خلال سنين خدمته في بيركلي ولوس ألاموس وبرينستون يَتَعَجَّب "لماذا الرجال الذين يمتلكون مواهب أوبينهايمر لا يكتشفون كل شيء يستحق الاكتشاف"،[102] ويعبر عن رأيه قائلًا:

«أوبينهايمر كان مُتَعَلِّمًا أكثر من اللازم في الحقول القابعة خارج التقاليد العلمية، مثل اهتمامه في الدين، في الدين الهندوسي على وجه الخصوص، وهذا وَلَّد شعورًا بغموض الكَوْن الذي طَوَّقَه كالضباب. لقد رأى الفيزياء بوضوح ناظرًا نحو ما تم إنجازه بالفعل، ولكن عند الحد [الفاصل ما بين ما تم اكتشافه والمجهول] كان يميل للشعور بأن هناك غَيْبِيَّات وبدائع أكثر مما كان الأمر عليه في الحقيقة ... [انْحَرَف] بعيدًا عن طرق الفيزياء النظرية الصعبة والواضحة مُتَّجِهًا نحو عَالَم روحانيّ من الحَدْس الواسع .... بداخل أوبينهايمر كان عنصر الوَاقِعِيَّة ضعيفًا. ومع ذلك فإن هذه السِّمَة الروحية، هذا النقاء الظاهر في كلامه وسلوكه، كان بشكل جوهريّ الأساس في شخصيته البَرَّاقة. لم يُعَبِّر يومًا عن نفسه بشكل كامل. دائمًا ما كان يترك [عند المستمعين] شعورًا أن هناك أعماقًا من الأحاسيس والمُدْرَكَات التي لم يكشف عنها بعد. قد تكون هذه هي سِمَات القائد بالفطرة الذي يبدو عليه امتلاك مخزونات من القوة الغامضة.[103]»

وعلى الرغم من ذلك، أشار مُرَاقِبُون كالفيزيائي لويس ألفاريز بأن أوبينهايمر لو عاش كفاية ليشهد إثبات تَنَبُّؤَاتِه بالأدلة التجريبية، لَكَان من الممكن أن يحصل على جائزة نوبل عن عمله على الانهيار التَّجَاذُبِيّ المتعلق بالنجوم النيوترونية والثقوب السوداء.[104][105] في الوقت الحاضر، يعتبر بعض الفيزيائيين والمؤرخين بأن هذا هو أهم إسهام علمي لأوبينهايمر، بالرغم من أن ذلك العمل لم يُقْنِع العلماء الآخرين خلال فترة حياته.[106] وسأل الفيزيائي والمؤرخ أبراهام بايز ذات مرة أوبينهايمر عن أكثر مساهماته العلمية أهميةً برأيه؛ فأشار أوبينهاير إلى عمله على الإلكترونات والبوزيترونات، وليس إلى عمله على الانكماش التَّجَاذُبِيّ.[107] ترشَّح أوبينهاير لجائزة نوبل في الفيزياء ثلاث مرات، في 1946م، و1951م، و1967م، ولكنه لم يفز بأيٍّ منها.[108][109]

مشروع مانهاتن

لوس ألاموس

صورة وجه تظهر عليها عبارة "K-6"
الصورة الشخصية لأوبينهايمر من منشأة لوس ألاموس.

بتاريخ 9 أكتوبر 1941م، قبل شَهْرَيْن من دخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، صادق الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت على برنامج مُسْتَعَجل لتطوير القنبلة الذرية. وكان إرنست لورنس هو من أحضر أوبينهايمر إلى البرنامج 21 أكتوبر. وفي 18 مايو 1942م،[110] طلب رئيس لجنة بحوث الدفاع الوطني جيمس كونانت - الذي كان أستاذًا لأوبينهايمر في هارفارد - منه استلام مهمة إجراء الدراسات على النيوترون السريع، وهي مهمة انْكَبَّ أوبينهايمر على تأديتها. وتقلَّد أوبينهايمر لقب "مُنَسِّق التَّمَزُّق السريع"، وذلك يشير بالتحديد إلى انتشار النيوترونات وتضاعف أعدادها وشَطْرِهَا لذرات المادة المكوِّنَة لقلب القنبلة الذرية في تفاعل متسلسل سريع يؤدي إلى تمزُّق قلب القنبلة. وكان أحد أول الإجراءات التي قام بها إقامة برنامج بحثيّ صيفي في بيركلي. وكان المشاركون فيه مزيجًا من الفيزيائيين الأوروبيين ومجموعة من طلابه الذين عملوا جاهدين لمعرفة ما يجب فعله وكيفية تنظيم العمل عليه لصناعة القنبلة، ضمت المجموعة روبرت سيربر، وإميل كونوبينسكي، وفليكس بلوخ، وهانز بيته، وإدوارد تيلر.[111][112]

في يونيو 1942م، أسَّس الجيش الأمريكي دائرة مانهاتن الهندسية لتتولى المهام الخاصة بالجيش في مشروع تصنيع القنبلة الذرية، وهو ما بدأ عملية نقْل المسؤولية من مكتب البحث العلمي والتطوير إلى الجيش.[113] وفي سيتمبر، عُيِّن العميد ليزلي ر. غروفز جونيور مديرًا لما أصبح يُعْرَف باسم مشروع مانهاتن (مشروع تطوير القنبلة الذرية).[114] وبحلول 12 أكتوبر 1942م، قرَّر غروفز وأوبينهايمر تأسيس منشأة بحثية سرية في مكان بعيد لغايات الحفاظ على السِّرِّيَّة وتحسين تواصل أفراد فريق العمل.[115]

غروفز اختار أوبينهايمر ليرأس منشأة الأسلحة السرية التابعة لمشروع مانهاتن، بالرغم من أن تاريخ التعيين غير معروف بدقة.[116] وفاجأ ذلك القرار الكثيرين لأن أوبينهايمر كانت له آراء سياسية يسارية ولم تكن لديه تجارب سابقة في إدارة المشاريع الضخمة. سَاوَر القلق غروفز بأن أوبينهايمر لن يحظى باحترام العلماء الآخرين العاملين معه لأنه لم يحصل على جائزة نوبل،[117] ولكنه تفاجأ بإلمام أوبينهايمر بالجوانب العَمَلِيَّة للمشروع وبمعرفته الواسعة. وأدرك غروفز -باعتباره مهندسًا عسكريًّا- أن ذلك غاية في الأهمية بالنسبة لمشروع متعدد التخصصات يمكن أن لا يقتصر على الفيزياء فقط بل يمكن أن يضم أيضًا الكيمياء، وعلم الفلزات، والمتفجرات، والهندسة. كما رصد غروفز في أوبينهايمر ما لم يرصده الكثيرون غيره وهو "الطموح المَبَالَغ فيه"،[118] ذلك الطموح الذي اعتقد غروفز أنه سيوفر الدافع الضروري لقيادة المشروع نحو نهاية ناجحة.[118] وبالرغم من أنه لم يغفل عن ارتباطات أوبينهايمر الشيوعية في الماضي، ولكن في 20 يوليو 1943م أصدر غروفز أَمْرًا بأن يحصل أوبينهايمر على تصريح أمني "بدون تأخير بغض النظر عن المعلومات التي تملكونها عن السيد أوبينهايمر. إنه ذو أهمية جوهرية للمشروع".[119] واعتبر أيزيدور إسحق رابي أن تعيين أوبينهايمر كان "بالفعل حركة عبقرية من جانب الجنرال غروفز الذي لم يكن يُعْتَبَر عبقريًّا في العموم".[120]

فَضَّل أوبينهايمر إقامة المنشأة البحثية في ولاية نيومكسيكو، ليس بعيدًا عن منزله الريفيّ. وفي 16 نوفمبر 1942م، أخذ جولة مع غروفز وآخرين في موقع مُقْتَرَح. ولكن أوبينهايمر انتابه الخوف حيال أن المرتفعات شديدة الانحدار التي تُطَوِّق ذلك الموقع قد تعطي شعورًا برُهَاب الأماكن الضيقة، وكان قلقًا أيضًا حيال وقوع فيضان محتمل. فاقترح بعدها موقعًا يعرفه جيدًا بنفسه: هُضَيْبَة مٌسْتًوٍيَة بالقرب من سانتا فيه في ولاية نيومكسيكو والتي كانت موقعًا تابعًا لمدرسة أولاد خاصة، مدرسة لوس ألاموس الريفية. قَلِق المهندسون حيال رداءة طريق الوصول وحيال إمداد الماء، ولكن بخلاف ذلك بَدَا المكان مثاليًّا.[121] وبُنِيَت منشأة لوس ألاموس في موقع المدرسة، واسْتَحْوَذُوا على بعض المباني التابعة لها، بينما بُنِيَت الكثير من المباني الجديدة بعجلة كبيرة. وفي تلك المنشأة، جمع أوبينهايمر مجموعة من كبار الفيزيائيين في ذلك الوقت، وأطلق عليهم لقب "النجوم".[122]

في باديء الأمر، كان من المفترض أن تكون لوس ألاموس منشأة عسكرية، وأن يَنْضَمّ أوبينهايمر والباحثون الآخرون إلى الجيش. وذهب أوبينهايمر بعيدًا في ذلك إلى حد أنه أوصى على بدلة عسكرية لرتبة كولونيل وخضع لاختبار الجيش الطبي الذي فشل فيه. حيث اعتبر الأطباء أنه يعاني نقص الوزن البالغ 128 باوند (58 كغم)، وشَخَّصُوا سَعْلَتَه المُزْمِنَة على أنها سُلّ، وساورهم القلق حول الألم المزمن الذي يعاني منه في المَفصِل القَطَنِيّ العَجُزِيّ.[123] وأُلْغِيَت خطة انضمام العلماء إلى الجيش حينما رفض رابي وروبرت باشر الفكرة بشكل مفاجيء. وخرج كونانت، وغروفز، وأوبينهايمر بحل وسيط تُدِير فيه جامعة كاليفورنيا المنشأة بِمُوجِب عقد مع وزراة الحربية الأمريكية.[124] واتَّضح بعد وقت قصير أن أوبينهايمر قدَّر حجم المشروع بشكل أقل بكثير مما غَدَا عليه، حيث ارتفع عدد الناس في لوس ألاموس من بضع مئات في 1943م إلى أكثر من 6,000 في 1945م.[123]

واجه أوبينهايمر في البداية صعوبة في تنظيم مجموعات العمل الكبيرة ولكنه سرعان ما تعلَّم فن الإدارة واسعة النطاق بعد حصوله على سَكَن دائم في لوس ألاموس. وقد لُوحِظ إتقانه لجميع الشؤون العلمية للمشروع ولوحظ أيَضًا مجهوده في السيطرة على الصراعات الثقافية التي كان لا مفر منها بين العلماء والجيش. وكتب فيكتور فايسكوبف:

«لقد أدار أوبينهايمر هذه الأبحاث -النظرية والعَمَلِيَّة- بكل ما تحمله الكلمات من معنى. هنا كانت سرعته الخارقة للطبيعة في استيعاب النقاط الرئيسة لأي موضوع عنصرًا حاسمًا؛ فاستطاع تعريف نفسه بكافة التفاصيل الجوهرية لكل جزء في العمل. لم يكن يدير المشروع من المكتب المركزي. فكان بعقله وجسده متواجدًا عند كل خطوة حاسمة. وكان متواجدًا في المختبر أو في غرف النَّدَوَات، ذلك عند اختبار تأثير جديد، وعند دراسة فكرة جديدة. لم يكن الأمر أنه كان يساهم بالكثير من الأفكار والمُقْتَرَحَات، كان يفعل ذلك في بعض الأحيان، ولكن تأثيره الرئيس جاء من شيء آخر. جاء من حضوره المستمر والكثيف، ما وَلَّد بداخلنا جميعًا إحساسًا بأهميتنا المباشرة في المشروع، ما خلق جوًّا من الحماس والتحدي الذي غَمَر المكان طيلة فترة إدارته.[125]»

تصميم القنبلة

رجلان أحدها يرتدي زيًّا عسكريًّا والآخر بدلة رسمية يُجْرِيَان حوارًا
ليزلي غروفز القائد العسكري لمشروع مانهاتن مع أوبينهايمر عام 1942م.

عند هذه النقطة من الحرب كان هناك قلق كبير بين العلماء بأن برنامج التَّسَلُّح النووي الألماني كان يتقدم بشكل أسرع من مشروع مانهاتن (مشروع التسلح النووي الأمريكي).[126][127] وفي رسالة مُؤَرَّخَة بتاريخ 25 مايو 1943م، ردّ أوبينهايمر على اقتراح قدمه إنريكو فيرمي بِتَسْمِيم إمدادات الطعام الألمانية باستخدام المواد المشعة بدلًا من استخدامها في تطوير قنبلة نووية قد يسبقهم إليها الألمان، فكان رد أوبينهايمر بأن يسأله إن كان يستطيع إنتاج كمية كافية من السترونتيوم دون تعريف عدد أكثر من اللازم من الناس بهذه الخطة السرية، ويستكمل أوبينهايمر: "أعتقد أننا يجب أن لا نجرب الخطة إلا إن استطعنا تَسْمِيم طعام كافٍ لقتل نصف مليون رجل".[128]

مقارنة آلية تكوين الكتلة فوق الحرجة بين سلاح الانشطار المدفعي (في الأعلى) وسلاح الانبجار (في الأسفل).

وفي 1943م، كانت الجهود التطويرية مُنْصَبَّة على بناء سلاح انشطار من النوع المِدْفَعِيّ يستخدم البلوتونيوم كمادة انشطارية، كان اسم السلاح "الرجل النحيف". اُجْرِيَت البحوث الأولية على خصائص البلوتونيوم باستخدام البلوتونيوم-239 المُنصَنَّع باستخدام المُسَرِّع الدوراني، وهو يمتلك درجة عالية من النقاء ولكنه يمكن أن يُصَنَّع بكميات ضئيلة فقط بتلك الطريقة. وحينما وصلت أول عينة من البلوتونيوم إلى لوس ألاموس من مُفَاعِل جرافيت X-10 النووي في إبريل 1944م ظَهَرَت مشكلة: كان العلماء مُدْرِكُون أن البلوتونيوم-239 الناتج من المفاعل لن يكون بنفس نَقَاء البلوتونيوم-239 الذي أُنْتِج باستخدام المسرع الدوراني، بالتالي سيحتوي البلوتونيوم على شوائب من نظار أخرى، ولكنهم اكتشفوا أن البلوتونيوم المُوَلَّد في المفاعل يحتوي على نسبة من النظير بلوتونيوم-240 أعلى من النسبة المُفْتَرَضَة، ويجب العلم أن السلاح النووي المدفعي يقوم على تكوين الكتلة الحرجة عند تفجير القنبلة، والكتلة الحرجة هي الكمية الدنيا اللازمة من المادة الانشطارية لاستدامة التفاعل المُتَسَلْسِل الذي يحدث عند قَصْفِها بنيوترونات تؤدي إلى شَطْر (قَسْم)الذرات التي تصدر بدورها نيوترونات أخرى تشطر ذرات أخرى، وعند الكتلة الحرجة تحافظ المادة بنفسها على الانقسام المتسلسل دون الحاجة للمزيد من النيوترونات المقذوفة من الخارج أي أن كل عملية انشطار تٌنْتِج ما معدله (1) نيوترون يؤدي إلى انشطار ذرة أخرى بدلًا من خروجه من المادة أو امتصاص طاقته من الذرات دون انشطارها، أما إن كانت المادة تملك كتلةً تحت الحرجة، فإن هذا يعني أن النيوترونات المقذوفة على المادة المشعة لن تستطيع المحافظة على أعدادها وستنخفض بمعدل سريع جدًّا ومُتَضَاعِف باستمرار مما يعني انتهاء التفاعل المتسلسل لأن كل عملية انشطار تنتج ما معدله أقل من (1) نيوترون سيذهب ليحدث انشطارًا آخر، أما في حالة الكتلة فوق الحرجة، فإن النيوترونات ستؤدي إلى انقسامات مستمرة وكذلك ذات معدل يتضاعَف باستمرار، وهذه هي الكتلة المطلوبة في السلاح الانشطاري كي تُحْدِث انفجارًا كبيرًا، ولكن بداخل السلاح لا تُبْنَى الكتلة فوق الحرجة منذ التصنيع بل تَتَكوَّن عند الانفجار، وذلك لعدة أسباب منها السلامة حيث أنه عند تكوين الكتلة الحرجة يمكن لأي دفعة من النيوترونات الداخلة إلى المادة الانشطارية أن تولد تفاعلًا متسلسلًا في غير أوانه وخاصة النيوترونات القادمة المادة الانشطارية نفسها، حيث أن النظائر الانشطارية المستعملة في الأسلحة النووية تملك خاصية الانشطار التلقائي بمعدلات مختلفة حسب النظير، أي أن ذرات النظائر تنقسم في وقت ما بشكل تلقائي أي بدون أن تُصْدَم بأي جسيمات أخرى وينتج عن ذلك التفاعل نيوترونات تذهب لتحدث انشطارًا في ذرات أخرى، ما يعني حدوث تفاعل متسلسل بالتالي انفجارًا في غير أوانه ومكانه وخسارة للمادة المشعة باهظة الثمن، وهذا ما يُتَدَارَك إن كانت المادة تملك كتلة تحت حرجة، ففي السلاح النووي المِدْفَعِيّ، تُقْسَم الكتلة فوق الحرجة إلى كُتْلَتَيْن من فئة تحت الحرجة تُوضَعَان في نهايتَيْ ماسورة (داخل القذيفة)، تكون إحداهما على شكل أسطوانة مُجَوَّفَة (مُفْرَغَة من الداخل)، أما الأخرى فعلى شكل أسطوانيّ مُصْمَت أصغر يمكنه أن يملأ فراغ الأسطوانة الأكبر، وعند التفجير تُطْلَق الأسطوانة الكبيرة نحو الصغيرة لِتَدْخُلَا ببعضهما البعض بالتالي تندمجان معًا مَشَكِّلَتَيْن كتلة فوق حرجة فَينطلق نيوترون إما من مصدر خارجي أو من الانشطار التلقائي لذرات المادة مؤديًا لإطلاق التفاعل المتسلسل، ويجب مراعاة إطلاق الاسطوانة الكبيرة بقوة كبيرة عبر ماسورة بطول مناسب لجعلها تصل إلى أعلى تسارع بحيث يحصل اندماج الاسطوانتين في أقصر مدة زمنية حيث أن العلماء يحددون الكتلة فوق الحرجة اللازمة لإحداث انفجار بقوة معينة، ولكن أثناء اندماج الاسطوانين ببعضهما تتكون كتلة حرجة قبل اكتمال الاندماج، ما يعني أن النيوترونات الحرة يمكنها أن تؤدي إلى تفاعل متسلسل في الجُزْئِيَّة المُنْدَمِجَة من الاسطوانتين، فتنفجر تلك الجزئية وحدها مؤدية لانفجار أقل من المطلوب خاصة أن التفاعل المتسلسل أسرع بكثير من حركة الأسطوانة أي لا يمكن أن يتم الاندماج إذا بدأ التفاعل، وهذه النيوترونات تأتي من الانشطار التلقائي للنظائر، بالتالي يجب أخذ معدل الانشطار التلقائي للنظير المُسْتَعْمَل بعين الاعتبار، وهنا يجب أن نعلم أن معدل الانشطار التلقائي للبلوتونيوم-239 قليل نسبيًّا، ولكن شوائب البلوتونيوم-240 تجعلها أعلى بكثير مما جعل ذلك البلوتونيوم القادم من المفاعل غير ملائم للاستخدام في السلاح النووي المدفعيّ.[129]

وفي يوليو 1944م، تَخَلَّى أوبينهايمر عن تصميم السلاح النووي المدفعي لصالح سلاح الانبجار (الانبجار هو الانفجار نحو الداخل)، في هذا السلاح تُحَاط كُرَة من المادة الانشطارية بكتلة تحت حرجة بعدسات انْفِجَارِيَّة كيميائية عند انفجارها نحو الداخل تؤدي إلى ضَغْط الكرة وجعلها أصغر حجمًا بالتالي زيادة كثافتها مما يحولها إلى كتلة حرجة، حيث أن الكتلة الحرجة تقل بازدياد كثافة المادة. وعلى عكس السلاح المدفعيّ، فالمادة الانشطارية هنا لا تتحرك مسافة طويلة، بالتالي تتكون الكتلة فوق الحرجة بوقت أقل بكثير مما يسمح باستخدام ذلك البلوتونيوم ذو الشوائب الذي يمتلك معدل انشطار تلقائي عالٍ.[130] وفي أغسطس 1944م، طَبَّق أوبينهايمر إعادة تنظيم شاملة في منشأة لوس ألاموس للتركيز على تطوير سلاح الانبجار.[131] وجعل مجموعة عمل واحدة فقط تعمل على تطوير سلاح مدفعي بتصميم أبسط يجب عليه فقط التعامل مع نظير اليورانيوم-235 كمادة انشطارية، حيث يُعْتَبَر تصنيعه أسهل ويخرج بدرجة نقاء أعلى من البلوتونيوم أي أن المادة يكون فيها نسبة أقل من النظائر التي من الممكن أن تُخَرِّب العملية. وأنتجت مجموعة العمل هذه ما أصبح يُعْرَف باسم الولد الصغير في فبراير 1945م.[132] وبعد مجهود بَحْثِيّ هائل، وُضِعَتْ الصيغة النهائية للتصميم الأعقد لسلاح الانبجار -المعروف باسم "أداة كريستي" تَيَمُّنًا بروبرت كريستي طالب آخر لأوبينهايمر[133]- في اجتماع دار في مكتب أوبينهايمر بتاريخ 28 فبراير 1945م.[134]

وفي مايو 1945م، تَشكَّلَتْ لجنة مؤقتة لإسداء المشورة وتقديم التقارير الخاصة بسياسات فترة الحرب وما بعد الحرب فيما يتعلق باستخدام الطاقة النووية. وأَسَّسَتْ اللجنة المؤقتة فريق خبراء عِلْمِيّ يتكون من أوبينهايمر وآرثر كومبتون وفيرمي ولورينس لتقديم المشورة في المسائل العلمية. وفي العرض التقديمي الذي قدمه هذا الفريق أمام اللَّجنة المؤقتة، قدَّم الفريق رأيه ليس فقط في الآثار المادية المُحْتَمَلَة للقنبلة الذرية وحَسْب بل وأيضًا في تأثيراتها العسكرية والسياسية المحتملة.[135] وتَضَمَّن ذلك آراءًا في مسائل حساسة مثل إن كان يجب إخطار الاتحاد السوفييتي بالسلاح قبل استخدامه ضد اليابان.[136]

ترينيتي

غيمة دخان على شكل حبة فِطْر تَتَشَكَّل بعد انفجار نووي
كان اختبار ترينيتي أول تفجير لجهاز نووي.[137]

في ساعات الصباح المبكرة من يوم 16 يوليو 1945م، وبالقُرْب من مدينة ألاموغوردو في ولاية نيومكسيكو، بلغ العمل في لوس ألاموس أَوْجَه باختبار أول سلاح نووي في العالم. وأطلق أوبينهايمر الاسم الرمزي "ترينيتي" على موقع الاختبار في منتصف سنة 1944م، وكان قد استوحاه من القصائد المقدسة لجون دون، وكان أوبينهايمر قد تعرف على أعمال دون في الثلاثينات على يد عشيقته جِين تَاتْلُوك التي قَتَلَتْ نفسها في يناير 1944م.[138][139]

ويذكر العميد توماس فاريل الذي كان متواجدًا مع أوبينهايمر في موقع المراقبة والتحكم المُحَصَّن:

«أصبح الدكتور أوبينهايمر -الذي كان يحمل عِبْءًا ثقيلًا على كاهليه- أكثر توترًا مع انقضاء الثواني الأخيرة. فنادرًا ما كان يَتَنَفَّس. وقَبَض على عمود لتثبيت نفسه. وفي البِضْعَة ثوانٍ الأخيرة، حَدَّق للأمام مباشرة وبعدها حينما صرخ المذيع قائلًا: "الآن!" وجاءت من الأمام دَفْقَة مذهلة من الضوء المتبوعة بعدها بوقت قصير بزئير الانفجار العميق الهادر، استرخى وجهه في تعبير عن ارتياح عظيم.[140]»

وتذكر فرانك أخو أبينهايمر كلمات أوبينهايمر الأولى بعد التفجير: "أعتقد أنها اشتغلت".[141][142]

مرئية خارجية
أوبينهايمر يستذكر أفكاره حينما شهد اختبار ترينيتي
رَجُلَان، أحدهما يرتدي بدلة رسمية وقبعة والآخر بدلة عسكرية، يَقِفَان أمام قطع معدن مُلْتَوِيَة بينما يرتديان أحذية فوقيّة بيضاء
أوبينهايمر وغروفز يَقِفَان عند بقايا البرج الذي وُضِعَتْ وفُجِّرَتْ في قمته القنبلة في اختبار ترينيتي. أوبينهايمر برتدي قُبَّعَة فطيرة لحم الخنزير التي اشتهر بها. الأحذية الفَوْقِيَّة البيضاء تُلْبَس فوق الأحذية للحماية من الغبار النووي.[143]

واستنادًا إلى مقالٍ نُشِر في إحدى المجلات سنة 1949م، فبينما كان يشهد أوبينهايمر الانفجار كان يفكر في أبيات شعرية من البهاغافاد غيتا: "إذا انْطَلَقَتْ أشعة ألف شمس دفعة واحدة في السماء، فسيكون ذلك كَبَهَاء القدير  ... الآن أَصْبَحْتُ أنا الموت، مُمَزِّق العَوَالِم."[144] وفي 1965م ذكر تلك اللحظة على النحو التالي:

ويَصِف رابي رؤيته لأوبينهايمر في وقت ما بعد ذلك: "لن أنسى مِشْيَتَه ... كانت تشبه [المشية التي ظهرت في فيلم] هاي نون ... هذا الشكل من الخُيَلَاء. لقد فَعَلَهَا".[152] وبالرغم من معارضة العديد من العلماء - كومبتون، وفيرمي، وأوبينهايمر - لاستعمال القنبلة النووية على اليابان، ولكنهم اعتقدوا أن التفجير التجريبي لن يكون كافيًا لإقناع اليابان بالاستسلام.[153] وفي تَجَمُّع منعقد في لوس ألاموس بتاريخ 6 أغسطس، في المساء يوم القصف الذري على هيروشيما، صَعَد أوبينهايمر المنصة وشبك يديه في احتفال منه بالانتصار "كَمُلَاكِم حاصل على جائزة" وسط تشجيع الحاضرين. وقال أنه آسف على عدم إنهاء القنبلة في وقت أبكر بحيث يستخدمها على ألمانيا النازية.[154][ملاحظة 7]

ومع ذلك، سافر أوبينهايمر إلى واشنطن في 17 أغسطس ليعطي يدويًّا رسالة إلى وزير الحربية هنري ستيمسون يُعَبِّر له فيها عن نفوره من استخدام الأسلحة النووية وأمنيته بأن يراها محظورة.[155] وفي أكتوبر، التقى الرئيس الأمريكي هاري ترومان الذي رفض تَخَوُّف أوبينهايمر من حدوث سباق تَسَلُّح مع الاتحاد السوفييتي ورفض كذلك إيمانه بأن الطاقة النووية يجب أن تكون تحت إدارة دولية. واسْتَشَاط تورمان غَضَبًا حين قال له أوبينهايمر: "سيادة الرئيس، أشعر أن يَدَاي مُلَطَّخَتَان بالدماء"، وأجابه ترومان بأنه -أي ترومان- الوحيد الذي يحمل مسؤولية اتخاذ قرار استخدام الأسلحة النووية ضد اليابان، وقال لاحقًا : "لا أريد أن أرى ذلك اللعين أبدًا في هذا المكتب مرة أخرى".[156][157]

وتكريمًا لخدماته كمدير لمنشأة لوس ألاموس، حصل أوبينهايمر على ميدالية الاستحقاق من ترومان سنة 1946م.[158]

الأضرار الواقعة على السكان المَحَلِّيِّين

خلافًا للاعتقاد والتصوير الشائعَيْن، كان موقع اختبار ترينيتي مأهولًا بالسكان، واستنادًا للكاتبة والصحفية أليسا فالديز-رودريغيز، فقد أَمْلَهَم الجيش الأمريكي 24 ساعة فقط لإخلاء المنطقة واستُخْدِمَت الجرافات لإزالة مَزَارِعِهِم التي كانوا يَعْتَاشون منها، والجدير بالذكر هنا هو أن معظم هؤلاء السكان وكذلك سكان المناطق المحيطة كانوا من الهِيسْبَانو وكذلك من السكان الأصليين لأمريكا، ولإصرار ليزلي غروفز على الحفاظ على السرية التامة لأي شيء متعلق بمشروع مانهاتن، لم يٌنْذَر سكان المناطق المحيطة بالاختبار.[159] حتى أنه كان من سكان المنطقة شهود عيان رأوا الانفجار جليًّا بأعينهم، فأمر غروفز القوات الجوية بنشر بيان صحفي يحتوي على قصة لتغطية الأمر بأنه كان انفجارًا عن طريق الخطأ في أحد مخازن الأسلحة التابعة لها. [160]

تَكَوَّن قلب القنبلة المستعملة في الانفجار من 13 باوندًا (5.9 كغم) من البلوتونيوم المُشِعّ، وبالرغم من نجاح الاختبار، إلا أن تفاعل الانشطار المُتَسَلْسِل لم يستهلك سوى 3 باوندات (1.4 كغم)،[161] مما يعني أنه ترك 10 باوندات (4.5 كغم) من المادة المشعة لتُشَكِّل غبارًا نوويًّا يصعد مع الانفجار إلى الغلاف الجوي وينتقل بالرياح إلى المناطق المجاورة. وكان يسكن في الدائرة البالغ نصف قطرها 50 ميلًا (80.5 كم) فقط حول موقع الاختبار أكثر من 13,000 نسمة، ذلك فضْلًا عَمَّن يسكن أبعد من ذلك، وتقول دراسة نٌشِرَت عام 2010م أن مستويات الإشعاع التي رُصِدَتْ قرب بعض البيوت في المنطقة المحيطة بَلَغَتْ "ما يقارب 10,000 ضِعْف ما يُسْمَح به حاليًّا في المناطق العامة"، فكان للغبار النووي تَبِعَات صحية جسيمة، حيث جرى رَصْد الكثير من العائلات التي أُصِيبَتْ بأنواع سرطان مختلفة لأربعة أو خمسة أجيال منذ تفجير القنبلة، وعلى الرغم من ذلك، لم يُشْمَل المُتَضَرِّرُون من اختبار ترينيتي يومًا بالحصول على تعويض تحت قانون تعويضات التَّعَرُّض للإشعاع.[162]

نشاطات بعد الحرب

بمجدر معرفة عامة الناس بمشروع مانهاتن بعد قَصْف هيروشيما وناغازاكي، أصبح أوبينهايمر - الذي حمل فجأة لقب "أب القنبلة الذرية"- متحدثًا وطنيًّا باسم العلم، ورمزًا للسلطة التكنوقراطية؛[87][163][164] فظهر على غلاف مجلة لايف وكذلك على غلاف مجلة تايم..[165][166] وأصبحت الفيزياء النووية قوة مؤثرة لأن الشعوب أدركت الأفضلية الاستراتيجية والسياسية التي تمنحها الأسلحة النووية. وكالكثير من علماء جيله، اعتقد أوبينهايمر أن اجتناب مخاطر القنابل النووية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال منظمة عابرة للحدود تستطيع وَضْع برنامج لإخماد سباق التسلح النووي مثل الأمم المتحدة التي كانت حديثة التأسيس وقتها.[167]

معهد الدراسات المتقدمة

أينشتاين يجلس على مكتب ويكتب، وأوبينهايمر يجلس بجانبه يراقب ما يكتبه
أوبينهايمر مع زميله الفيزيائي ألبرت أينشتاين، حوالي 1950م.

في نوفمبر 1945م، غادر أوبينهايمر منشأة لوس ألاموس ليعود للتدريس في معهد كالتيك،[168] وما لبث أن وجد أنه لم يعد لديه شغف التدريس.[169] وفي عام 1947م، ترك التدريس وقَبِل عرضًا قدمه لويس ستراوس ليستلم إدارة معهد الدراسات المتقدمة في برينستون، نيو جيرسي. كان ذلك يعني أنه سيعود إلى الشرق ويترك روث تولمان، زوجة صديقه ريتشارد تولمان، التي كان قد بدأ بعلاقة عاطفية معها بعد مغادرته لوس ألاموس.[170] جاءت تلك الوظيفة براتب 20,000$ سنويًّا، مع إقامة مجانية في منزل المدير الذي كان عبارة عن منزل ضخم يعود بناؤه للقرن السايع عشر فيه طباخ وراعٍ للأرض، وهو محاط بـ256 فدانًا (107 هكتارات) من الغابات.[171] وكان أوبينهايمر قد جمع أثاثًا أوروبيًّا وأعمالًا فنية تابعة لحركة ما بعد الانطباعية الفرنسية وكذلك المدرسة الوحشية. وتضمنت مجموعته الفنية أعمالًا لبول سيزان، وديراين، وموريس دي فلامينك، وتشارلز ديسبيو، وبيكاسو، ورامبرانت، وأوجست رينوار، وفان غوخ، وفويار.[172]

استقطب أوبينهايمر العلماء الأنجح في مجالات متنوعة للعمل على إيجاد إجابات لأكثر الأسئلة أهمية في ذلك الوقت. وأدار وشجَّع المشاريع البحثية للكثير من العلماء المشهورين، بمن فيهم فريمان دايسون، والثنائي تشين نينج يانج وتسونج داو لي اللَّذَيْن حَصَلَا على جائزة نوبل لاكتشافهما ظاهرة عدم انحفاظ التكافؤ. كما أتاح الحصول على عضويات مؤقتة للباحثين في العلوم الإنسانية مثل ت. س. إليوت، وجورج كينان. بعض من تلك النشاطات أثار استياء بعض أعضاء كلية الرياضيات الذين أرادوا أن يبقى المعهد مَعْقِلًا للبحوث العلمية الخالصة. ويقول الفيزيائي والمؤرخ العلمي أبراهام بايس (بالإنجليزية: Abraham Pais) أن أوبينهايمر يعتقد أن أحد إخفاقات إدارته للمعهد كان عدم استطاعته إحضار باحثين في العلوم الطبيعية والإنسانية بالقدر الذي كان يتأمله.[173]

وخلال سلسلة من المؤتمرات المنعقدة في نيويورك ابتداءًا من 1947م وحتى 1949م، عاد الباحثون من العمل الحربيّ إلى المسائل النظرية. وتحت إدارة أوبينهايمر، عمل الفيزيائيون على حل أعظم مشكلة فيزيائية من فترة ما قبل الحرب، وهي مشكلة الحسابات (كحساب طاقة الإلكترون) التي تعطي عددًا لانهائيًّا من الحلول (بالتالي نتائج غير منطقية) في الكهروديناميكا الكمية الخاصة بالجسيمات الأولية. وتُحَلّ تلك المشكلة بطريقة التنظيم التي تشوبها الكثير من المشاكل، فعمل كُلٌّ من جوليان شفينجر، وريتشارد فاينمان، وشينيتشيرو توموناغا على حل واحدة من أكبر مشاكل عملية التنظيم، واستطاع كل واحد منهم إيجاد طريقته الخاصة لحلها، وأصبحت تلك الطرق معروفة باسم الاستبدال غير المتناهي. واستطاع فريمان دايسون إثبات أن كل طرق الاستبدال غير المتناهي التي طورها هؤلاء العلماء تعطي نتائج متماثلة. كما سعى العلماء تحت إدارة أوبينهايمر إلى فهم امتصاص الأنوية للميزونات وتفسير نظرية يوكاوا هيديكي بأن الميزونات هي الجسيمات الحاملة للقوة النووية الشديدة. وكان أوبينهايمر قد وَجَّه سلسلة من الأسئلة الاستقصائية في ذلك الموضوع لروبرت مارشاك ما دفع به إلى تطوير فرضية ثُنَائية الميزون المُبْتَكَرَة والتي تقول بأن هناك في الواقع نوعان من الميزونات: البيونات، والميونات. وهذا قاد لاحقًا إلى اكتشاف سيسيل فرانك باول للبيون وحصوله على جائزة نوبل لذلك.[ملاحظة 8][175]

بقي أوبينهايمر مديرًا للمعهد حتى سنة 1966م حينما تخلى عن منصبه بسبب تدهور حالته الصحية.[176] ووصولًا إلى 2023م، كان هو المدير صاحب فترة الخدمة الأطول في المعهد.[177]

هيئة الطاقة الذرية

رجال في بدلات رسمية يقفون أمام طائرة عسكرية لالتقاط صورة جماعية
اللجنة الاستشارية الذرية عام 1947م. أوبينهايمر هو الشخص الثاني من جهة اليسار.

كأحد أعضاء مجلس مُسْتَشَارِي اللجنة التي عَيَّنَها الرئيس الأمريكي وقتها هاري ترومان لتحديد سياسة الطاقة الذرية الأمريكية، كان لأوبينهايمر تأثير كبير على تقرير أنتشيستون-لِيلْيِنْتَال الصادر عام 1946م. في هذا التقرير، دَعَت اللجنة إلى إنشاء هيئة تطوير طاقة ذرية دولية تمتلك جميع المواد القابلة للانشطار وجميع وسائل إنتاجها، مثل مناجم المواد المُشِعَّة، والمختبرات التي يجري فيها العمل على تلك المواد، وكذلك محطات توليد الطاقة الذرية التي يمكن استخدامها لإنتاج الطاقة لغايات غير عسكرية. وعُيِّن برنارد باروخ لترجمة هذا التقرير إلى مُقْتَرَح يُقَدَّم للأمم المتحدة، مما نتج عنه خطة باروخ التي قُدِّمَت للأمم المتحدة عام 1946م. وطرح باروخ العديد من الشروط الإضافية لإنجاح الخطة، خاصة طلبه التفتيش في موارد اليورانيوم الخاصة بالاتحاد السوفييتي. اعتُبِرت الخطة محاولة للحفاظ على الهيمنة النووية الأمريكية ورفضها السوفييت. وبذلك اتضح جليًّا لأوبينهايمر أن سباق التسلّح كان لا مفر منه بسبب الشكوك المتبادلة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي،[178] لدرجة أن أوبينهايمر نفسه بدأ بالتشكيك إمكانية تنازل أيٍّ من البلدين لتحقيق إدارة دولية للتطوير النووي.[179]

وبعد أن رأت هيئة الطاقة الذرية الأمريكية النور في 1947م كوكالة مدنية تدير الأبحاث النووية وقضايا الأسلحة، عُيِّن أوبينهايمر رئيس اللجنة الاستشارية العامة الخاصة بها، والتي كانت تُعْرَف اختصارًا باسم "الغاك".[ملاحظة 9] ومن هذا المنصب، قَدَّم نصائحًا في عدد من القضايا المتعلقة بالشأن النووي، بما في ذلك تمويل المشاريع، وبناء المختبرات، وحتى السياسة الدولية، ذلك بالرغم من أن نصائح اللجنة لم بكن يُسْتَجَاب لها دائمًا.[180] وكرئيس للّجنة الاستشارية، مارس أوبينهايمر الضغط الحثيث لصالح فرض إدارة دولية على التسلح ولصالح تمويل العلوم الأساسية، وكذلك حاول إبعاد التوجه السياسي عن سباق التسلح المُحْتَدِم.[181]

كانت أول تجربة قنبلة ذرية من الاتحاد السوفييتي عام 1949م، وبذلك جاءت أقرب مما كان يتوقعه الأمريكيون، وخلال الشهور التالية، كان هناك نقاش حاد داخل الحكومة الأمريكية، والجيش، والمجتمعات العلمية حول ما إذا كان يجب المُضِيّ قُدُمًا في تطوير القنبلة الهيدروجينية المبنيَّة على الاندماج النووي والأقوى بكثير من سابقتها والتي تُعْرَف باسم "القنبلة الخارقة" (بالإنجليزية: The Super).[182] كان أوبينهايمر مُدْرِكًا لإمكانية تطوير سلاح نووي حراري مُتَمِثِّلًا بالقنبلة الهيدروجينية منذ كان في مشروع مانهاتن ولكنه خصص للموضوع وقتًا محدودًا من البحث النظري في تلك الفترة، ولا شيء أكثر، ذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار الحاجة الماسة وقتها لتطوير سلاح انشطاري.[183] ومباشرةً بعد نهاية الحرب، اعترض أوبينهايمر على استمرار العمل على القنبلة الخارقة في ذلك الوقت، وذلك لقلة الحاجة إليها وكذلك للضحايا البشرية الكثيرة المُحْتَمَلَة نتيجة استخدامها.[184][185]

وفي أكتوبر 1949م، قدم أوبينهايمر واللجنة الاستشارية توصية ضد تطوير القنبلة الخارقة.[186] كان أوبينهايمر وباقي أعضاء اللجنة الاستشارية مدفوعين لذلك جزئيًّا باعتبارات أخلاقية، شاعرين أن سلاح كهذا لا يمكن استخدامه بشكل تكتيكي أو في معركة، بل يُسْتَخْدَم بشكل استراتيجي فقط مما سنتج عنه ملايين الضحايا، حيث ورد في تقريرهم ما يلي: "إن استخدامها بناءًا على ذلك يحمل سياسة إبادة الشعوب المدنية أكثر بكثير مما هو الحال في القنبلة الذرية".[187] كما كان لدى اللجنة شكوك في إمكانية بناءها باعتبار أنه لم يكن يوجد وقتها تصميم ناجع للقنبلة الهيدروجينية.[188] أما فيما يتعلق بإمكانية تطوير السوفييت لقنبلة نووية حرارية مماثلة، فاعتقد أعضاء اللجنة أن الولايات المتحدة تمتلك مخزونًا كافيًا من القنابل الذرية للانتقام من أي هجوم نووي حراري.[189] وعلى صعيد متصل، سَاوَر أوبينهايمر والباقين القلق بخصوص التكلفة التي من الممكن أن تتحملها الولايات المتحدة إذا ما تحولت المفاعلات النووية من تصنيع المواد اللازمة لبناء القنابل الذرية إلى تصنيع المواد - مثل التريتيوم - اللازمة لصناعة القنابل النووية الحرارية.[190][191]

وتَبَنَّى معظم أفراد هيئة الطاقة الذرية توصية اللجنة الاستشارية، واعتقد أوبينهايمر أن المعركة ضد تطوير القنبلة الخارقة ستنتهي بانتصاره هو وزملاؤه، ولكن أنصار القنبلة ضغطوا على البيت الأبيض بشدة.[192] وفي 31 يناير لعام 1950م، ترومان، الذي كان مستعدًا للمُضِيّ في تطوير القنبلة على أية حال، أصدر قرارًا رسميًّا بذلك.[193] شَعَر أوبينهايمر وآخرون من معارضي تطوير القنبلة في اللجنة الاستشارية - خاصة جيمس كونانت - بالاحباط وفكروا في الاستقالة من اللجنة.[194] ولكنهم بَقَوْا فيها، بالرغم من أن آراءهم حول القنبلة الهيدروجينية كانت معروفة.[195]

وفي 1951م، طَوَّر إدوارد تيلر وعالم الرياضيات ستانيسلو أولام تصميم تيلر-أولام للقنبلة الهيدروجينية.[196] وبَدَى هذا التصميم الجديد ملائمًا تقنيًّا لبناء القنبلة فأصبح أوبينهايمر رسميًّا موافقًا على تطويرها،[197] بينما استمر بالبحث عن المشاكل التي يمكن أن تشكك في إمكانية اختبار القنبلة أو نقلها أو استخدامها لعله يحول دون استكمال التطوير.[198] وكما أفاد في وقت لاحق:

«كان برنامجنا في 1949م مُتَهَالِكًا بحيث يمكنك أن تجادل بأنه لم يكن صفقة عظيمة من الناحية التقنية. بالتالي يمكنك الجدال أنك لا تريده حتى لو استطعت امتلاكه. ولكن البرنامج في 1951م كان مُرْضِيًا جدًّا من الناحية التقنية بحيث أنك لا تستطيع طرح نفس الجدال. وأصْبَحَت مشاكل البرنامج مُقْتَصِرَة بالكامل على المُعْضِلَة العسكرية والسياسية والإنسانية المتعلقة بما سَتَفْعَلُه بالقنبلة حينما تمتلكها.[199]»

غادر أوبينهايمر، وكونانت، ولِي ألفين دوبريدج -عضو آخر معارض لقرار القنبلة الهيدروجينية- اللجنة الاستشارية الذرية حينما انتهت عقودهم في أغسطس 1952م.[200] ورفض ترومان إعادة تعيينهم لأنه أراد أصواتًا جديدة في اللجنة تكون أكثر تأييدًا لتطوير القنبلة الهيدروجينية.[201] بالإضافة إلى ذلك، تواصل العديد من أعداء أوبينهايمر مع ترومان وأبلغوه برغبتهم بأن يغادر أوبينهايمر اللجنة.[202]

الهيئات ولجان البحث والدراسة والنقاش

جمهور من الأشخاص ذوي الزي الرسمي يجلسون على كراسٍ قابلة للطيّ ويستمعون إلى محاضرة
الحلقة النقاشية التي دارت في لوس ألاموس سنة 1946م حول القنبلة الهيدروجينية. الجالسون في الصف الأمامي من اليسار إلى اليمين هم نوريس برادبيري، وجون هنري مانلي، وإنريكو فيرمي، وج.م.ب. كيلوغ. وراء مانلي يظهر أوبينهايمر (يرتدي سترة وربطة عنق) وإلى يساره يجلس ريتشارد فاينمان. الكولونيل العسكري الجالس أقصى يسار الصورة هو أوليفر هايوود، وبين أوبينهايمر وهايوود ولكن في الصف الذي خلفهما (الصف الثالث) يجلس إدوارد تيلر.

لعب أوبينهايمر دورًا في عدد من هيئات ومشاريع الدراسة والبحث والنقاش الحكومية في نهاية أربيعينات وبداية خمسينات القرن العشرين، بعضها أَقْحَمَه في خلافات وصراعات سلطة.[203]

في 1948م، تَرَأَّس أوبينهايمر هيئة الأهداف طويلة المدى التابعة لوزارة الدفاع والتي نَظَرَتْ في الاستخدامات العسكرية للأسلحة النووية وفي كيفية نقلها.[204] وعلى صعيد منفصل في ربيع عام 1952م، وبعد عام من الدراسة، كتب أوبينهايمر مسودة التقرير الخاصة بمشروع غابرييل الذي درس مخاطر الغبار النووي.[205] كما كان أوبينهايمر عضوًا في لجنة الاستشارة العلمية لمكتب التعبئة الدفاعية.[206]

وشارك أوبينهايمر خلال عام 1951م في مشروع تشارلز الذي درس إمكانية إنشاء دفاع جوي فعَّال في الولايات المتحدة ضد الهجمات النووية، وشارك أوبينهايمر في مشروع إيست ريفر (بالإنجليزية: East River Project) التابع لمشروع تشارلز، والذي أخذ بما طرحه أوبينهايمر وأوصى بإقامة نظام تحذير يعطي إنذارًا قبل ساعة من أي هجوم ذري مُرْتَقَب على المدن الأمريكية.[205] ونَتَج عن هذان المشروعان في 1952م مشروع لينكولن الذي كان عملًا بحثيًّا واسع النطاق وكان أوبينهايمر أحد العلماء الكبار فيه.[205] جرى العمل على المشروع في إحدى الجهات التابعة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وهي مختبر لينكولن الذي كان قد تأسس حديثًا لدراسة مسائل الدفاع الجوي، وكانت إحدى نتائج العمل على المشروع تشكيل مجموعة لينكولن البحثية الصيفية (بالإنجليزية: Lincoln Summer Study Group) والتي اختصَّت بالدفاع الجوي أيضًا ولكنها اقتصرت على مجموعة صغيرة من العلماء ذوي الخبرة الكبيرة للحصول على دراسة للمشاكل المُلِحَّة ضمن فترة زمنية قصيرة، وكان أوبينهايمر عنصرًا أساسيًّا فيها.[207] وعلى صعيد منفصل، دَعَا أوبينهايمر وعلماء آخرون لاستثمار الموارد في الدفاع الجوي على حساب بناء إمكانيات تنفيذ ضربات انتقامية هائلة، وقُوبِلَتْ تلك الدعوة بالرفض من القوات الجوية الأمريكية،[208] وأثار ذلك الخلاف فيما بعد جدالًا فيما إن كان أوبينهايمر والعلماء المؤيدون أو القوات الجوية بتعاملون بفلسفة "خط ماجينو" التي أثبتت فشلها في السابق حينما فشل الخط الدفاعي في حماية القوات الفرنسية من الهجوم الألماني لأنهم صبُّوا تركيزهم على بناء هذا الخط الدفاعي، فيجادل البعض أن العلماء يريدون التركيز على الدفاع فقط وهذا لن يحمي الولايات المتحدة كما حصل مع الفرنسيين، بينما رأى البعض أن القوات الجوية ركزت على الهجوم فقط وهذا بشكل مماثل لن يحمي الولايات المتحدة من الأخطار أيضًا.[209] وفي كل الأحوال، قاد عمل المجموعة الصيفية إلى بناء خط التحذير المبكر البعيد.[210]

لم يكن إدوارد تيلر مهتمًّا بالعمل على القنبلة الذرية في منشأة لوس ألاموس خلال الحرب فأعطاه أوبينهايمر أيامها وقتًا للعمل على مشروعه الخاص بالقنبلة الهيدروجينية،[211] وغادر تيلر لوس ألاموس في 1951م، ليعمل في 1952م على تأسيس منشأة تطوير سلاح نووي ثانية أصبحت تُعْرَف باسم مختبر لورانس ليفرمور الوطني.[212] ودافع أوبينهايمر عن إنجازات لوس ألاموس وعارض إقامة منشأة ثانية.[213]

بحث مشروع فيستا في تطوير الإمكانيَّات الحربية التكتيكيّة.[205] وأُضِيف أوبينهايمر متأخرًا إلى المشروع في 1951م ولكنه كتب فصلًا مِفْتَاحِيًّا من تقرير المشروع الذي تحدَّى عقيدة القصف الاستراتيجي (واسع النطاق) ودَعَا إلى استعمال أسلحة نووية تكتيكية أصغر يمكنها أن تكون أكثر فائدة ضد قوات الأعداء في ساحات المعارك محدودة المساحة.[214] تُنْقَل الأسلحة النووية الحرارية الاستراتيجية بواسطة قاذفات القنابل النفاثة التي تحلق لمسافات بعيدة، وكان من الضروري أن تكون تلك الأسلحة تحت سيطرة سلاح الجو الأمريكي فقط لأنه ناقلاتها من الطائرات، بينما أَوْصَتْ استنتاجات مشروع فيستا بزيادة دور الجيش والبحرية الأمريكيَّان في ذلك أيضًا.[215] وكانت ردة فعل القوات الجوية مُعَادِيَة بشكل مباشر،[216] ونجحت في تَحْييد تقرير فيستا.[217]

خلال سنة 1952م، تَرَأَّس أوبينهايمر هيئة مستشاري وزارة الخارجية لشؤون نزع السلاح المُتَكَوِّنَة من خمسة أعضاء،[218] ودعت هذه الهيئة أولًا لأن تُؤَجِّل الولايات المتحدة أول اختبار مُخَطَّط للقنبلة الهيدروجينية ثم للسَّعْي في عقد معاهدة حظر الاختبارات النووية الحرارية مع الاتحاد السوفييتي، وذلك على أساس أن اجتناب الاختبارات من الممكن أن يُوقِف تطوير أسلحة كارثية جديدة ويتفتح طريقًا لعقد اتفاقيات جديدة متعلقة بالأسلحة بين البلدين.[219] ولكن الهيئة افتقَرَتْ إلى وجود حلفاء سياسيين لها في واشنطن، وأُجْرِي اختبار أيفي مايك في وقته المحدد.[218] أَصْدَرَت بعدها الهيئة في يناير 1953م تقريرًا نهائيًّا متؤثرًا بالكثير من القناعات العميقة لأوبينهايمر، وقدم التقرير تَصَوُّرًا تَشَاؤُمِيًّا للمستقبل الذي لن تحقق فيه الولايات المتحدة ولا الاتحاد السوفييتي السيادة النووية الكاملة بل سيشكل الطرفان خطرًا مُدْقِعًا على بعضهما البعض.[220]

وكانت إحدى توصيات الهيئة ذات الأهمية الخاصة بحسب اعتقاد أوبينهايمر،[221] هي أن تكون الحكومة الأمريكية أقل سرية وأكثر انفتاحًا مع الشعب الأمريكي بخصوص حقائق توازن القوى النووية بين الدول وأخطار الحرب النووية.[220] ولاقَتْ هذه الفكرة آذانًا صاغية خلال إدارة الرئيس أيزنهاور وتَسَبَّبَت بإطلاق مشروع كوندور.[222] وقَدَّم أوبينهايمر لاحقًا إلى عامة الشعب الأمريكي وجهة نظره عن قلة جدوى الترسانة النووية ذات القوة التدميرية المُتَعَاظِمَة وذلك في مقال نشره في مجلة الشؤون الخارجية في يونيو 1953م،[223][224] واجتذب المقال انتباه الصحف الأمريكية الكبرى.[225]

ولذلك كله، وصل أوبينهايمر إلى ذروة أخرى لنفوذه وتأثيره بحلول عام 1953م باعتباره مشاركًا في عدة وظائف حكومية ومشاريع ويمتلك صلاحية الوصول إلى خطط استراتيجية حساسة وإلى المخزون النووي.[107] ولكنه في نفس الوقت أصبح عدو أنصار القصف الاستراتيجي الذين رَمَقُوا معارضته للقنبلة الهيدروجينية التي أُتْبِعَتْ بتلك الآراء والمواقف بنظرة يمتزج فيها الغضب وعدم الثقة.[226] تلك النظرة اقترنت بخوفهم أن شهرة أوبينهايمر وقدراته على الاقناع قد جعلت منه مؤثرًا خطيرًا في الحكومة، والجيش، والأوساط العلمية.[227]

جلسات الاستماع الأمنية

الرئيس الأمريكي أيزنهاور ولويس ستراوس يجلسان على مكتب
الرئيس الأمريكي دوايت ديفيد أيزنهاور يَسْتَلِم تقريرًا من لويس ستراوس رئيس هيئة الطاقة الذرية الأمريكية بتاريخ 30 مارس 1954م فيما يتعلق باختبارات القنبلة الهيدروجينية ضمن عملية القلعة. ستراوس مارس ضغطًا لإلغاء التصريح الأمني الخاص بأوبينهايمر.

لاحق مكتب التحقيقات الفيديرالي بقيادة جون إدغار هوفر أوبينهايمر منذ فترة ما قبل الحرب، وذلك حينما أظهر ميولًا شيوعية أثناء عمله أستاذًا في جامعة بيركلي وكان قريبًا من أعضاء الحزب الشيوعي، واشتملت الملاحقة على أخيه وزوجته. واشتبه أفراد مكتب التحقيقات بشكل وثيق بأنه كان عضوًا في الحزب شخصيًّا، وذلك بناءًا على تسجيلات هاتفية أشار له فيها أعضاء من الحزب أو ظهروا بأنهم يشيرون له بأنه شيوعي، بالإضافة إلى تقارير مُخْبِرِين من داخل الحزب.[228] وكان تحت رقابة مشددة منذ بداية أربعينات القرن العشرين، فكان منزله يحوي أجهزة تنصُّت وكانت مكالماته مراقبة وكانت رسائله البريديَّة تُفْتَح.[229]

وفي أغسطس من عام 1943م، أخبر أوبينهايمر عناصر الأمن في مشروع مانهاتن بأن جورج إلتينتون - الذي لا يعرفه - حاول الحصول على أسرار نووية من 3 رجال في لوس ألاموس لصالح الاتحاد السوفييتي. وعند الضغط عليه في هذا الموضوع في مقابلات لاحقة، أَقَرّ أوبينهايمر بأن الشخص الوحيد الذي تقرّب منه بذلك الخصوص كان صديقه هاكون شوفالييه أستاذ في بيركلي في قسم الأدب الفرنسي، وكان شوفالييه قد أخبره في عشاء خاص في بيت أوبينهايمر عن إلتينتون.[230]

وزوَّد مكتب التحقيقات الفيديرالي أعداء أوبينهايمر السياسيين بدلائل على ارتباطاته الشيوعية. هؤلاء الأعداء اشتملوا على لِوِيس سْتَراوْس: مسؤول هيئة الطاقة الذرية الأمريكية الذي كان يُبْطِن غضبًا شديدًا تجاه أوبينهايمر لمعارضته مشروع القنبلة الهيدروجينية ولإذلاله له أمام مجلس الهيئة، حيث كان ستراوس قد أبدى اعتراضه على تصدير النظائر المشعة للشعوب الأخرى خوفًا من تطوير سلاح نووي، ولكن أوبينهايمر سخر منه قائلًا باستهزاء بأن النظائر "أقل أهمية من الأجهزة الكهربائية ولكنها أكثر أهمية من... فلْنَقُل الفيتامينات".[231]

وفي 7 يوليو سنة 1949م، مَثَل أوبينهايمر أمام لجنة الأنشطة غير الأمريكية التابعة لمجلس النواب الأمريكي، وأقر بأنه كان لديه علاقات مع الحزب الشيوعي الأمريكي في ثلاثينات القرن العشرين.[232] وشهد بأن بعض طلابه كانوا شيوعيين في الوقت الذي عملوا فيه معه في بيركلي، هؤلاء الطلاب يشملون ديفيد بوم، وجيوفاني روسي لومانيتز، وفيليب موريسون، وبرنارد بيترز، وجوزيف واينبيرغ. وشهد فرانك أوبينهايمر - أخو روبرت أوبينهايمر - وزوجته جاكي أمام لجنة الأنشطة غير الأمريكية بأنهما كانا في الحزب الشيوعي الأمريكي. وأدى ذلك إلى إقالة فرانك من منصبه في جامعة منيسوتا. ولأنه لم يستطع العمل في الفيزياء ذهب إلى رعاية المواشي في كولورادو. وأصبح فيما بعد معلم فيزياء في مدرسة ثانوية وكان مؤسس متحف الإكسبلوراتوريوم في سان فرانسيسكو.[77][233]

وقع الحدث المؤدي لإجراء جلسة الاستماع الأمنية في 7 نوفمبر لعام 1953م،[234] وذلك على يد ويليام بوردين الذي كان بداية تلك السنة مديرًا تنفيذيًّا للجنة الكونغريس المشتركة للطاقة الذرية، حيث أرسل بوردين إلى جون إدغار هوفر يخبره بأن "أوبينهايمر عميل مُحْتَمَل للاتحاد السوفييتي أكثر من كونه غير ذلك".[235] لم يصدق الرئيس أيزنهاور يومًا الادعاءات الواردة في الرسالة بشكل كامل، ولكنه وجد نفسه مضطرًّا لفتح تحقيق،[236] وفي 3 ديسمبر، أمر بوضع "جدار لا يُخْتَرَق" بين أوبينهايمر وأية أسرار حكومية أو عسكرية.[237]

وفي 21 ديسمبر لعام 1953م، أخبر ستراوس أوبينهايمر بأن تصريحه الأمني أصبح مُعَلَّقًا بانتظار ما سَتُفْضِي إليه مجموعة اتهامات مطروحة في رسالة رسمية، وناقشه في أن يستقيل من لجنة الطاقة الذرية من خلال أن يطلب إنهاء عقد الاستشارة مع اللجنة.[238] واختار أوبينهايمر عدم الاستقالة وطلب جلسة استماع بدلًا من ذلك.[239] كانت التُّهَم مطروحة في رسالة من كينيث نيكولز المدير العام للجنة الطاقة الذرية.[240][241] وكتب نيكولاس في مذكراته أنه "لم يكن سعيدًا بإدراجه إشارةً إلى معارضة أوبينهايمر لتطوير القنبلة الهيدروجينية" في الرسالة.[242] حيث اعتبر أنه "بالرغم من سجلّه [الأمني] إلا أنه وَفِيّ للولايات المتحدة".[243]

عُقِدَتْ جلسات الاستماع في فترة إبريل-مايو 1954م بشكل سريّ، وكان التركيز فيها على ارتباطات أوبينهايمر الشيوعية في الماضي وعلى علاقاته خلال مشروع مانهاتن بعلماء مشكوك في ولاءهم أو علماء شيوعيين.[244] ثم استُكْمِلَت الجلسات بتفحُّص موقف أوبينهايمر المعارض لمشروع القنبلة الهيدروجينية ومواقفه في المشاريع ولِجَان النقاش التي لَحِقَتْ ذلك.[245] ونُشِر جزء من نص جلسات الاستماع في يونيو 1954م،[246] مع بعض التعديلات. وفي 2014م، جعلت وزارة الطاقة الأمريكية النص بالكامل متاحًا للعامة.[247][248]

إدوارد تيلر يلبس بدلة وهو يبتسم
زميل أوبينهايمر السابق، إدوارد تيلر، شهد ضد أوبينهايمر في جلسات الاستماع المنعقدة سنة 1954م.[249]

وكانت شهادة أوبينهايمر القديمة المتعلقة بمحاولة جورج إلتينتون التقرب من عدة علماء في لوس ألاموس عنصرًا مفتاحيًّا في جلسات الاستماع، تلك القصة التي اعترف أوبينهايمر بأنه اختلقها لحماية صديقه هاكون شوفالييه. ودون علم من أوبينهايمر، كان نُسْخَتَا تلك القصة التي رواهما خلال التحقيقات مُسَجَّلَتَيْن منذ أكثر من عَقْد. وفي الحقيقة، لم يخبر أوبينهايمر قط شوفالييه بأنه ذكر اسمه في نهاية المطاف، وأن تلك الشهادة كبَّدَتْ شوفالييه خسارة عمله. وأكَّد كُلُّ من شوفالييه وإلتينتون قصة أوبينهايمر بالإشارة إلى امتلاكهما طريقة لإيصال المعلومات للسوفييت، حيث اعترف إلتينتون بأنه ذكر وجود طريقة للتواصل مع السوفييت لشوفالييه الذي اعترف بدوره بأنه ذكر ذلك لأوبينهايمر ولكنهما وَضَعَا ذلك في سياق القيل والقال وأنهما كانا يقولان ذلك بشكل يقوم على الافتراض فقط ونَفَيَا أي فكرة أو اقتراح للخيانة أو نوايا للتجسس، سواء أكان ذلك بالتخطيط أم بالتنفيذ. ولم يُدَنْ أي منهما بأي جريمة قطّ.[250]

وشهد إدوارد تيلر في جلسات الاستماع واعتبر أن أوبينهايمر يُكِنّ الوفاء للولايات المتحدة، ولكن:

«في عدد كبير من المواقف، رأيت د.أوبينهايمر يتصرف -وأنا أردك أن د.أوبينهايمر دَبَّر الأمور- بطريقة بالنسبة إليّ كانت صعبة الفهم إلى حد كبير. اعترضْتُ معه بشكل كامل في الكثير من القضايا وبَدَتْ لي أفعاله مرتبكة ومعقدة بصراحة. وفي هذا النطاق، أشعر أني كنت أفضِّل أن أرى المصالح الحيوية لهذا البلد بين أيدٍ أستطيع استيعابها بشكل أفضل، وبالتالي أثق فيها أكثر. وفي هذا الجانب بالتحديد، أحب أن أعبِّر عن شعوري الشخصي بالمزيد من الأمان إن كانت الشؤون العامة مُؤْتَمَنَة في أيدٍ أخرى.[251]»

أشعلت شهادة تيلر غضب المجتمع العلمي، وكان منبوذًا بشكل غير رسمي من المساهمة أو الإفادة العلمية الأكاديمية.[252] ورفض إرنست لورنس الشهادة بحجة عودة أعراض التهاب القولون التقرحي إليه، ولكن قُدِمَتْ مقابلة له وهو يُدِين فيها أوبينهايمر كدليل في الجلسة.[253]

شهد الكثير من العلماء الكبار بالإضافة إلى شخصيات حكومية وعسكرية في صالح أوبينهايمر. وقال أيزيدور إسحق رابي أثناء شهادته بأن نعليق التصريح الأمني كان غير ضروري: "إنه مستشار، وإذا كنتم لا تريدون استشارته فلا تستشيروه، نقطة انتهى".[254] ولكن الضابط ليزلي غروفز شهد بأنه تحت معايير الأمن الأكثر صرامة التي كان معمولًا بها وقت الجلسة سنة 1954م (لم تكن نفس المعايير حينما وَظَّف أوبينهايمر)، فإنه "لن يعطي التصريح الأمني لد.أوبينهايمر اليوم".[255]

وكانت نتيجة جلسات الاستماع، بأن المجلس يلغي التصريح الأمني لأوبينهايمر وذلك بنتيجة تصويت 2-1.[256] ولكن النتيجة برَّأتْه بالإجماع من عدم الولاء، ولكن الغالبية أيَّدَتْ أن 20 من أصل 24 تهمة كانت إما صحيحة أو صحيحة بشكل ملحوظ، وأن أوبينهايمر يشكل خطرًا أمنيًّا.[257] ثم في 29 يونيو 1954م، أيَّدَتْ لجنة الطاقة الذرية استنتاجات مجلس أمن الموظفين بنتيجة تصويت 4-1، وكتب ستراوس رأي الأغلبية.[258] في ذلك الرأي، شدَّد أن "عيوب شخصية" أوبينهايمر، و"الكذب، والتهرب، والتحريف" بالإضافة إلى علاقاته السابقة بالشيوعيين والناس القريبة منهم هي الأسباب الرئيسة لقراره. ولم يعلق على ولاء أوبينهايمر.[259]

خلال جلسات الاجتماع، شهد أوبينهايمر بإرادته غلى النشاطات اليسارية للكثير من زملاءه. وإن كان لم يُجَرَّد من تصريحه الأمني، لكان من الممكن أن يتذكره الناس كشخص "يذكر الأسماء" لحفظ سمعته الشخصية،[260] ولكن بفضل تجريده من التصريح الأمني، رأى معظم المجتمع العلمي بأنه شهيد للمكارثية، وبأنه ليبرالي انتقائي التوجهات هُوجِم ظلمًا من أعداء يمتلكون عداوة مع أطراف أخرى، وبأنه رمز لتحول العمل العلمي من المؤسسات الأكاديمية إلى المؤسسات العسكرية.[261] وأخبر فيرنر فون براون إحدى لجان الكونغريس بأنه "في إنجلترا، لَكان أوبينهايمر سَيُلَقَّب فارسًا".[262]

وفي ندوة عُقِدَت في مركز وودرو وِلْسُون الدولي للعلماء سنة 2009م، وبناءًا على التحليل المستفيض لملاحظات فاسيليف التي أخذها من أرشيف الاستخبارات السوفيتية، أكّد جون إيرل هاينز، وهارفي كلير، وأليكسندر فاسيليف أن أوبينهايمر لم يكن يومًا متورطًا في التجسس لصالح الاتحاد السوفييتي، بالرغم من محاولات الاستخبارات السوفييتية المتكررة لتَجْنِيده. وعلاوة على ذلك، كان قد أزال عدة شخصيات متضامنة مع الاتحاد السوفييتي من مشروع مانهاتن.[263] وكذلك صرّح هاينز، وكلير، وفاسيليف بأن أوبينهايمر "كان في الواقع عضوًا مُسْتَتِرًا للحزب الشيوعي الأمريكي في أواخر ثلاثينات القرن العشرين".[264] واستنادًا للكاتب المتخصص بالسير الذاتية راي مونك: "لقد كان داعمًا للحزب الشيوعي بالمعنى العملي والحقيقي للكلمة. أَضِف إلى ذلك، أنه من حيث الوقت والجهد والمال المبذولين على نشاطات الحزب، فقد كان داعمًا ملتزمًا للغاية."[265]

وفي 16 ديسمبر لعام 2022م، أَبْطَلَتْ وزيرة الطاقة الأمريكية جينيفر غرانهولم قرار إلغاء التصريح الأمني لأوبينهايمر الذي صدر سنة 1954م بعد جلسات الاستماع.[266] وقالت في بيانها: "في 1954م، ألْغَتْ لجنة الطاقة الذرية التصريح الأمنيّ للد.أوبينهايمر من خلال إجراءات تتخللها الأخطاء وتَتَعَدَّى على قوانين اللجنة نفسها. وبمرور الوقت، ظهرت إلى النور مزيد من الأدلة على تحيّز وظلم الإجراءات التي تعرض لها الد.أوبينهايمر بينما الدلائل على وفاءه وحبه لبلده ازدادت تأكيدًا."[267][266][268]

السنوات الأخيرة

إن حدود العلم بعيدة اليوم عن المعرفة العامة حتى لأكثر المُجْتَمَعَات تَحَضُّرًا، حيث تَفْصِلُهُمَا سنوات طويلة من الدراسة، ومٌفْرَدَات متخصصة، وأساليب فنية، ومعرفة؛ ومن هذا المُنْطَلَق فإن أي شخص يعمل عند الحدّ الذي وصله علم مُعَيَّن يكون بعيدًا جدًّا عن الوطن، وبعيدًا جدًّا كذلك عن الفنون التطبيقية التي كانت أساس ذلك العلم وأصله، ذلك مثلما كانت أساس وأصل ما ندعوه اليوم بالفن.[ملاحظة 10]
أوبينهايمر، محاضرة "تَطَلُّعَات في الفنون والعلوم" ضمن برنامج حَقّ المَرْء بالمعرفة[269]

ابتداءًا من عام 1954م، سكن أوبينهايمر عدة أشهر من كل سنة في جزيرة سانت جون وهي إحدى جزر العذراء الأمريكية. وفي 1957م، اشترى قطعة أرض بمساحة 2 فدان (0.81 هكتار) على شاطيء غِيبْنِي حيث بَنَى منزلًا ريفيًّا بسيطًا على الشاطيء.[270] وقضى وقتًا طويلًا في الإبحار مع ابنته توني وزوجته كيتي.[271]

وكان أول ظهور عَلَنِيّ لأوبينهايمر بعد تجريده من تصريحه الأمني في محاضرة بعنوان "تَطَلُّعَات في الفنون والعلوم" ضمن برنامج إذاعي أَطْلَقَتْه جامعة كولومبيا بمناسبة مرور 200 عام على تأسيسها والذي حَمَل اسم حَقّ المَرْء بالمعرفة، وفي تلك المحاضرة، بَيَّن أوبينهايمر فلسلفته وأفكاره حول دَوْر العلم في العَالَم الحديث.[272][273] وكان قد اخْتِير للظهور في الحلقة الأخيرة لسلسلة من المحاضرات في ذلك البرنامج الإذاعي قبل سَنَتَيْن من تجريده من تصريحه الأمني، ولكن الجامعة بَقِيَت مُصِرَّة على إبقاءه في الحلقة حتى بعد الجَدَل الذي دار حوله.[274]

وفي فبراير من عام 1955م، أَلْغَى هينري شميتز رئيس جامعة واشنطن بشكل مفاجيء دعوة الجامعة لأوبينهايمر لإلقاء سلسلة من المحاضرات هناك. واسْتَشَاط طلاب الجامعة غضبًا من قرار شميتز؛ فَوَقَّع 1,200 طالب عَرِيضَة تَحْتَج على القرار، وأُحْرِقَتْ دُمْيَة تٌمَثِّل شميتز كإشارة احتاجية. وبينما اسْتَمَرُّوا بالاحتجاج، حَظَرَتْ ولاية واشنطن الحزب الشيوعي، وألزَمَتْ جميع موظفي الحكومة بأن يُقْسِمُوا يَمِين الولاء. وقام إدوين ألبرشت أهلينغ -رئيس قسم الفيزياء جامعة واشنطن وزميل سابق لأوبينهايمر في جامعة كاليفورنيا في بيركلي- بمناشدة مجلس إدارة الجامعة للعُدُول عن القرار، وصوَّت المجلس لصالح إلغاء قرار شميتز بنتيجة تصويت 56 إلى 40. وخلال رحلة سفر إلى ولاية أوريغون، توقف أوبينهايمر لفترة قصيرة في مدينة سياتل في ولاية واشنطن لتغيير طائرته، وبينما هو هناك التقى به عدد من أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة واشنطن لشرب القهوة معًا، وبالرغم من ذلك، لم يُعْطِ أوبينهايمر أي محاضرة في الجامعة قطّ.[275][276]

سَاوَر أوبينهايمر القلق المتزايد بخصوص الخطر الذي قد تَتَعَرَّض له البشرية من الاختراعات العلمية. وتَشَارك هو وألبيرت أينشتاين، وبيرتراند راسل، وجوزيف روتبلت وغيرهم من العلماء والأكاديميين المَرْمُوقِين في تأسيس ما أصبح يُعْرَف في النهاية باسم الأكاديمية العالمية للفنون والعلوم التي خَرَجَتْ إلى النور رسميًّا عام 1960م. وعلى نحو لَافِت، وبعد إذلاله على العَلَن في جلسات الاستماع، امتنع أوبينهايمر عن المشاركة في حركات الاحتجاج الواسعة ضد السلاح النووي التي انطلقت في خمسينات القرن العشرين، فلم يوقع على بيان راسل-أينشتاين المنشور عام 1955م، وكذلك لم يَحْضُر النسخة الأولى من مؤتمر باجواش للعلوم والشؤون الدولية عام 1957م على الرغم من أنه دُعِي إليه.[277]

وفي خطاباته وكتاباته المنشورة للعامة، شَدَّد أوبينهايمر باستمرار على صعوبة إدارة قوة المعرفة في عالم تُقَيَّد فيه حرية تبادل الأفكار العلمية بين الأطراف المختلفة بسبب المَخَاوِف السياسية. وألقى أوبينهايمر عدة محاضرات إذَاعِيَّة سنة 1953م ضمن سلسلة محاضرات ريث عبر أثير إذاعة بي بي سي، وجُمِعَت هذه المحاضرات في كتاب نُشِر لاحقًا تحت عنوان العِلْم والفَهْم العام (بالإنجليزية: Science and the Common Understanding).[278]

وفي عام 1955م، نشر أوبينهايمر كتابًا بعنوان العَقْل المُتَفَتِّح (بالإنجليزية: The Open Mind)، وهو تجميع لثَمَانِيَة محاضرات أعطاها منذ 1946م بخصوص الأسلحة النووية والثقافة العامة.[279] ورفض أوبينهايمر تطبيق دبلوماسية مَدَافِع الأسطول فيما يتعلق بالسلاح النووي، حيث قال في إحدى تلك المحاضرات المنشورة في الكتاب: "إن أهداف هذا البلد في حقل السياسة الخارجية لا يمكنها أن تتحقق بشكل فعلي أو مُسْتَدَام باستخدام التَّخْويف".[280]

وفي 1957م، أرسل قسم الفسلفة وعلم النفس في جامعة هارفارد دعوة إلى أوبينهايمر لِيُحَاضر ضمن سلسلة محاضرات ويليام جيمس. واحْتَجّ على ذلك مجموعة مؤثرة من خريجي جامعة هارفارد بقيادة الخبير المالي البارز إيدوين غين الذي كان قد تخرج في 1918م، وضَمَّت تلك المجموعة أيضًا الكولونيل أرشيبالد روزفلت ابن الرئيس الأمريكي السابق ثيودور روزفلت.[281] وحضر 1,200 طالب محاضرات أوبينهايمر الستة التي ألقاها في الجامعة في مسرح ساندرز، وقد جَمَع تلك المحاضرات في كتاب تحت عنوان "أمل النظام" (بالإنجليزية: The Hope of Order).[277] وفي 1962م، ألقى أوبينهايمر محاضرات ضمن سلسلة محاضرات ويدين في جامعة ماكماستر، وجمعها في كتاب نُشِر عام 1964م يحمل عنوان الأرجوحة البَهْلَوَانِيَّة الطائرة: ثلاثة أزمات تواجه الفيزيائيين (بالإنجليزية: The Flying Trapeze: Three Crises for Physicists).[282]

رجل كبير في العمر يلبس بدلة رسمية يقف على مسرح يخاطب الناس ويظهر أمامه ميكروفون.
أوبينهايمر في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية.

بعد حِرْمَانِه من تأثيره السياسي، استمر أوبينهايمر في إعطاء المحاضرات، والكتابة، والعمل على الفيزياء. وقام بجولات في أوروبا واليابان قَدَّم فيها محاضرات في تاريخ العلم، ودور العلم في المجتمع، وطبيعة الكَوْن.[283] وتحدث أوبينهايمر عن أهمية دراسة تاريخ العلم في فعالية تَدْشِين دار نيلز بور للكتب والأرشيف التابعة للمعهد الأمريكي للفيزياء في سبتمبر 1963م.[284][285]

وفي سبتمبر 1957م، أعطَت فرنسا أوبينهايمر رُتْبَة ضابط في جوقة الشرف،[286] وفي 3 مايو 1962م، انْتُخِب عُضْوًا أَجْنَبِيًّا في الجمعية الملكية في بريطانيا.[287][288]

جائزة إنريكو فيرمي

في 1959م، صَوَّت جون ف. كينيدي الذي كان عضوًا في مجلس الشيوخ وقتها على رَفْض إقرار تعيين لويس ستراوس -أكثر مُحَرِّض ضد في أوبينهايمر في جلسات الاستماع- وزيرًا للتجارة، وكان ذلك من شأنه إنهاء حياة ستراوس السياسية. وفي 1962م، دَعَا كينيدي الذي كان قد أصبح رئيسًا للولايات المتحدة وقتها أوبينهايمر لحضور حفل سَيُكَرَّم فيه 49 فائزًا بجائزة نوبل. وخلال تلك الفعالية، سأل رئيس هيئة الطاقة الذرية الأمريكية غلين سيبورغ أوبينهايمر إن كان يرغب بإجراء جلسات استماع أمنية أخرى بظروف أَعْدَل. ولكن أوبينهايمر رفض.[289]

وفي مارس 1963م، اختارت اللجنة الاستشاريَّة لهيئة الطاقة الذرية أوبينهايمر للحصول على جائزة إنريكو فيرمي، وهي جائزة ابتكرها الكونغرس الأمريكي سنة 1954م.[289] وقد اغْتِيل كينيدي قبل أن يستطيع تسليم الجائزة لأوبينهايمر، ولكن خليفته ليندون جونسون قام بذلك في ديسمبر 1963م في حَفْل أشار فيه إلى "مساهمات [أوبينهايمر] في الفيزياء النظرية كَمُعَلِّم ومَنْبَعٍ للأفكار، [كما أشار إلى] قيادته لمنشأة لوس ألاموس ولبرنامج الطاقة الذرية خلال السَّنَوَات الحَرِجَة".[290] وقال جونسون أيضًا بأن توقيع كينيدي على استلام أوبينهايمر للجائزة كان من أعظم أعمال كينيدي كرئيس للولايات المتحدة.[291] وقال أوبينهايمر لجونسون: "أعتقد أنه من الممكن يا سيدي الرئيس أن الأمر تَطَلَّب منك بعض الإحسان وبعض الشجاعة لإعطائي هذه الجائزة اليوم".[291][292]

وحرصت جاكي -أرملة كينيدي- على حضور حفل تسليم الجائزة كي تستطيع إخبار أوبينهايمر كم كان يرغب زوجها الراحل بحصوله عليها.[290] كما حضر الحفل إدوارد تيلر الذي كان قد أوصى بأن يحصل أوبينهايمر على الجائزة أملًا في لمعالجة الصَّدْع النَّاجِم بينهما بسبب موقفه المضاد لأوبينهايمر في جلسات الاستماع،[293] كما حضر هنري د. سميث، وهو الوحيد في 1954م الذي صَوَّت ضد قرار هيئة الطاقة الذرية باعتبار أوبينهايمر خطرًا أمنيًّا، ذلك القرار الذي حُسِم بنتيجة 4-1.

ومع ذلك استمرت عِدَائِيَّة أفراد الكونغرس تجاه أوبينهايمر. فبعد ثمانية أيام فقط من مَقْتَل كينيدي، احتجّ عضو مجلس الشيوخ بروك ب. هيكينلوبر بشكل رسمي على اختيار أوبينهايمر للجائزة،[289] كما قَاطَع حَفْل التسليم عدة أعضاء جمهوريين في لجنة الطاقة الذرية التابعة لمجلس الشيوخ.[294]

كان إصلاح الأضرار الواقعة على أوبينهايمر من خلال إعطاءه الجائزة رمزيًّا فقط، حيث أن أوبينهايمر بقي يَفْتَقِر إلى تصريح أمني ولم يَسْتَطِع امتلاك أي تأثير على السياسة الرسمية، ولكن الجائزة تَصَاحَبَتْ مع مكافأة مالية قدرها 50,000$ غير خاضعة للضريبة.[291]

العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي

أوبينهايمر يقف وراء تمثال ضخم لرأس نيلز بور ويلقي خطابًا
روبرت أوبينهايمر يلقي خطابًا أثناء حفل افتتاح قسم الأبحاث النووية في معهد وايزمان للعلوم في إسرائيل بتاريخ 4 إبريل 1958م. التمثال الظاهر في الصورة هو لرأس نيلز بور.

يَنْحَدِر والد أوبينهايمر -جوليوس أوبينهايمر- من بَلْدَة هاناو الألمانية، وأتى إلى الولايات المتحدة ليعمل مع أقاربه في تجارة الأَنْسِجَة فأصبح تاجرًا غنيًّا، وهناك تَعَرَّف على والدة أوبينهايمر -إيلا فريدمان- الرَّسَّامة التي كانت عائلتها قد انتقلت من ألمانيا إلى الولايات المتحدة في أربعينات القرن التاسع عشر. وبالرغم من أنهما ينتميان إلى عائلات يهودية، إلا أنهما تَجَاهَلَا الديانة اليهودية وفَضَّلَا تَبَنِّي تقاليد وأفكار المجتمع الأمريكي والاندماج فيه بالكامل، فلم تذهب العائلة إلى الكَنِيس ولم يُقِيمَا حفل بار متسفا لأبناءهما، وكان أوبينهايمر نفسه ذو توجه مماثل لوالديه، فكان مُصِرًّا على عدم التحدث بالألمانية، كما أنه أَكَّد على أن اختصار ج. في ج. روبرت أوبينهايمر لا يشير إلى شيء بالرغم من أن اسمه في شهادة الميلاد هو: جوليوس روبرت أوبينهايمر، وذلك لإخفاء أصوله اليهودية باعتبار أن جوليوس اسم يهودي.[4]

وبالرغم من عدم ارتياحه لأصله اليهودي وكذلك عدم اهتمامه المزعوم بالسياسة الصهيونية، إلا أن وثائقًا رُفِعَتْ عنها السرية من أرشيف دولة إسرائيل تُفِيد بأنه من المحتمل أن أوبينهايمر قد لعب دورًا في تطوير البرنامج النووي الإسرائيلي.[295] وفي سنة 1947م أي قبل تأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي، سَعَى حاييم وايزمان -قائد صهيوني مولود في روسيا أصبح فيما بعد أول رئيس إسرائيلي- لترويج بناء مفاعل نووي "صهيوني" على أراضي فلسطين التي كانت تحت الاحتلال البريطاني وقتها، وكان يحاول استقطاب العلماء اليهود خاصة المُنْخَرِطِين والمؤثرين في التطوير النووي لإعانته على ذلك. وفي 11 نوفمبر 1947م، زار وايزمان مدينة برينستون في ولاية نيوجيرسي الأمريكية، وهناك التقى بألبرت أينشتاين، وكذلك بِروبرت أوبينهايمر الذي كان وقتها مديرًا لمعهد الدراسات المتقدمة في المدينة.[296] وتحدث وايزمان وأوبينهايمر في لقاءهما عن إمكانية إقامة برنامج نووي "صهيوني" على الأراضي الفلسطينية المحتلة.[297]

ودَعَا رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن-غوريون العلماء الأمريكيين الذين ساهموا في بناء القُنْبُلَتَيْن النَّوَوِيَّتَيْن اللَّتَيْن أُلْقِيَتَا على اليابان ضمن مشروع مانهاتن إلى زيارة إسرائيل. وكانت أول وأهم زيارة هي ذهاب روبيرت أوبينهايمر رئيس العلماء في مشروع مانهاتن وكذلك إدوارد تيلر عَرَّاب القنبلة الهيدروجينية إلى إسرائيل،[298] حيث قَضَيَا معًا عدة ساعات في منزل بن-غوريون في العاصمة الإسرائيلية تل أبيب، حيث تَبَاحَثُوا في أفضل طرق استثمار مَخْزُونَات إسرائيل من البلوتونيوم.[297] وفي 1954م، وفي خِضَمّّ جلسات الاستماع الأمنية التي خضع لها أوبينهايمر، استطاع الإسرائيليون تَجَاوُز الرقابة الأمنية التي كان يفرضها مكتب التحقيقات الفيديرالي على أوبينهايمر لتسليمه باليد دعوة لأن يصبح أستاذًا زائرًا في معهد وايزمان للعلوم في إسرائيل، ذلك بالرغم من إدراكهم أنه من المستحيل له قبول دعوة كهذه في ظل الشكوك الأمنية المُتَمَحْوِرَة حوله والتي قد تمنعه من مغادرة البلاد أصلًا، ولكن الإسرائيليين أرادوا اسْتِمَالَتَه لصالح قضاياهم، وكذلك فإن تقوية العلاقة معه كانت من الممكن أن تعطي العلماء الإسرائيليين مجالًا أكبر للاستفادة من معهد الدراسات المتقدمة الذي كان يديره أوبينهايمر. وبعد فترة من انتهاء جلسات الاستماع واستقرار أوضاعه، سافر أوبينهايمر سنة 1958م إلى إسرائيل لحضور حفل افتتاح قسم الأبحاث النووية في معهد وايزمان للعلوم،[298] حيث دُعِي من إدارة المعهد كضيف شرف، وهناك التقى بن-غوريون وتَحَدَّثَا طويلًا، ويقول بن-غوريون أن أوبينهايمر في ذلك اللقاء قد عَبَّر له عن خوفه على مصير إسرائيل من التحالف السوفييتي المصري، خاصة إن ساعد السوفييت المصريين على بناء مفاعل نووي وتطوير أسلحة نووية، وأخبره أن الاتحاد السوفييتي لن يخشى دخول حرب نووية عالمية إن امتلك أسلحة مضادة تُعَطِّل الهَجَمَات النووية، وهي معلومة لم يكن أوبينهايمر واثقًا من تأكيدها أو نَفْيِهَا، ونصحه باللجوء إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لحل هذه المشكلة، وأكد له أوبينهايمر أن الإسرائيليين يجب أن يبذلوا الغالي والنفيس لامتلاك محطة توليد نووية.[295]

ويرى الكثيرون مشاكلًا أخلاقية وتناقضات في وقوف أوبينهايمر إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، فمثلًا يقول الباحث الفلسطيني-البريطاني عماد موسى أن ذلك يعارض دعوة أوبينهايمر المستمرة للسلام النووي والابتعاد عن التسلح النووي في العالم، فإسرائيل موجودة في مكان جغرافي لا يوجد فيه دول مالكة للسلاح النووي، وإن حصولها على السلاح سيقود دولًا أخرى في المنطقة لتطوير برامج نووية، ويطرح موسى أن التسلح النووي الإسرائيلي كان أحد الأسباب الرئيسة لقيام البرنامج النووي الإيراني الذي قد يكون سببًا رئيسًا بدوره لبداية برنامج نووي في المملكة العربية السعودية، بالتالي فإن "دَوْر أوبينهايمر في تطوير البرنامج النووي الإسرائيلي ساهم -بطريقة أو بأخرى- بإطلاق تفاعل نووي متسلسل في الشرق الأوسط".[299]

الوفاة

شُخِّص أوبينهايمر الذي كان مُدَخِّنًا شَرِهًا بسرطان الحنجرة في 1965م. وبعد عملية جراحية لم تَسْتَطِع القضاء على السرطان بالكامل، خضع أوبينهايمر لعلاج إشعاعي وكيميائي غير ناجح في 1966م. وفي 18 فبراير 1967م، تُوُفِّي أثناء نومه في منزله في مدينة برينستون في ولاية نيوجيرسي، وكان بعمر 62 سنة.[176] وأُقِيم له حفل تأبين بعدها بأسبوع في قاعة أليكسندر في جامعة برينستون.[300] وحضر الحفل 600 شخص من مَعَارِفه في الميدان العلمي والسياسي والعسكري، بمن فيهم هانز بيته، وليزلي غروفز، وجورج كينان، وديفيد ليلينثال، وأيزيدور رابي، وهنري سميث،ويوجين فيغنر. وكان أخوه فرانك وباقي العائلة متواجدون هناك، بالإضافة إلى المؤرخ آرثر ماير شليزنجر، والروائي جون أوهارا، وجورج بالانتشاين مدير شركة نيويورك لأداءات رقص الباليه. وألقى بيته وكينان وسميث خطابات تأبين مٌقْتَضَبَة.[301] وأُحْرِق جسد أوبينهايمر بعد وفاته ووُضِع رَمَادُه في جَرَّة رَمَتْهَا زوجته كيتي في البحر بالقرب من منزلهما على شاطيء جزيرة سانت جون ضمن جزر العذراء الأمريكية.[302]

وفي أكتوبر 1972م، تُوُفِّيَت كيتي بعمر 62 سنة جَرَّاء التهاب مِعَوِيّ ازداد سوءًا بسبب انصمام رئوي.[303] بعد ذلك، وَرِث بيتر ابنهما بيت أوبينهايمر الريفي في ولاية نيومكسيكو، أما منزل الشاطيء في سانت جون فَوَرِثَتْه ابنتهما كاثرين "توني" أوبينهايمر سيلبر. وعانت توني من اضطراب نفسي ومرت في فترات اكتئاب، كما أنها حصلت على وظيفة مؤقتة كمترجمة بثلاث لغات في الأمم المتحدة، ولكن الوظيفة تطلبت تصريحًا أمنيًّا، فقام مكتب التحقيقات الفيديرالي بفتح تحقيق كامل نُبِشَت فيه التُّهَم التي كانت موجهة لوالدها، ولم تحصل توني على التصريح الأمني، فَتَقَبَّلَت الأمر وذهبت لتعيش في منزل الشاطيء في سانت جون الذي وَرِثَتْه عن أهلها. وفي يناير 1977م، بعد ثلاثة أشهر من طلاقها الثاني، شَنَقَتْ نفسها في منزل عائلتها على الشاطيء. وتَرَكَتْ ملكية المنزل إلى "شَعْب سانت جون".[304] ولكن لم تُتَّخَذْ أية إجراءات لاستدامة الملكية بعد وفاة توني، ورسم الناس وكتبوا على الجدران حتى غَطَّوْهَا، وتعرض المنزل للتخريب. وبعد ذلك تَوَلَّتْ حكومة جزر العذراء الأمريكية إدارة شؤون المِلْكِيَّة فأنشأت مركزًا مجتمعيًّا يُمْكِن حَجْزُه بمقابل رَمْزِيّ لإقامة فَعَالِيَّات مُجْتَمَعِيَّة كَحَفَلَات الزواج.[305]

الإرث

مجموعة رجال يرتدون بدلات ورداءات أكاديمية ويجلسون في لقاء رسمي لالتقاط صورة جماعية
حاصلون على شهادات هارفارد التكريمية، 5 يونيو 1947م. الصف الأمامي من اليسار: أوبينهايمر، إرنست كادمان كولويل، الجنرال جورج مارشال، رئيس هارفارد جيمس براينت كونانت، الجنرال أومار برادلي، ت. س. إليوت.

حينما جُرِّد أوبينهايمر من تأثيره السياسي في 1954م، أصبح بالنسبة للكثيرين رمزًا لسذاجة العلماء الذين يعتقدون أنهم يستطيعون التحكم باستخدام أبحاثهم، وكذلك رمز إلى معضلات المسؤولية الأخلاقية التي يطرحها العلم في العصر النووي.[306] كانت جلسات الاستماع مدفوعة بالسياسات والعداوات الشخصية، وأدت إلى انقسام شاسع في مجتمع الأسلحة النووية، حيث انقسم الأفراد إلى مجموعتين.[307] فالمجموعة الأولى تخاف الاتحاد السوفييتي كعدو قاتل، وتؤمن أن أفضل استراتيجية لمواجهة ذلك الخطر هي امتلاك أقوى ترسانة أسلحة قادرة على تنفيذ الانتقام الأكثر هَوْلًا في حالة اعتداء السوفييت. أما المجموعة الأخرى، فاعتقدت أن تطوير القنبلة الهيدروجينية لن يحسّن الأمن في الغرب وأن استخدام الأسلحة ضد الكثير من المدنيين يُعْتَبَر إبادة جماعية، ويدعو أفراد هذه المجموعة إلى تَجَاوُب بديل أكثر مرونة مع السوفييت يتضمن بناء أسلحة نووية تكتيكية مما يمكِّن الولايات المتحدة من الرد وفي نفس الوقت لا يؤدي إلى دمار شامل أو إبادات جماعية هائلة، وكذلك دَعَا أفراد المجموعة إلى تعزيز القوات عسكرية غير نووية للدفاع الناجع عن البلاد في حالة وقوع هجوم، بالإضافة إلى إبرام اتفاقيات تنظيم التَّسَلُّح. كانت المجموعة الأولى أقوى سياسيًّا، وأصبح أوبينهايمر مُسْتَهْدَفًا من أفرادها.[308][309]

وبدلًا من الاستمرار في رفص اتهامات الشيوعية في نهاية أربيعينات وبداية خمسينات القرن العشرين، شهد أوبينهايمر بالنشاطات الشيوعية ضد زملاء وطلاب سابقين قبل وخلال جلسات الاستماع خاصته. وفي إحدى الوقائع، تَسَرَّبَتْ شهادته التي يُدِين فيها بيرنارد بيترز - طالب سابق عنده - إلى الإعلام بشكل انتقائي. وفَسَّر المؤرخون ذلك على أنه محاولة من أوبينهايمر لاسترضاء زملاءه في الحكومة وربما لِتَشْتِيت التركيز على ارتباطاته اليسارية في الماضي وكذلك ارتباطات أخيه. وفي النهاية، أصبح الأمر مسؤولية قانونية يتحملها أوبينهايمر حينما تبيَّن أنه فعلًا قد شكَّك في ولاء بيترز، بالتالي أصبح ترشيحه إياه للعمل في مشروع مانهاتن عملًا مُسْتَهْتِرًا، أو متناقضًا على أقل تقدير.[310]

في التصورات الشعبية، يُنْظَر إلى صراعات أوبينهايمر الأمنية على أنها مواجهة بين اليمينيِّين أصحاب النزعة العسكرية (متمثلين بإدوارد تيلر) وبين اليساريين العقلانيين (متمثلين بأوبينهايمر) حول التساؤل الأخلاقي المتعلق بأسلحة الدمار الشامل.[311] ويعتبر كُتَّاب السِّيَر الذاتية والمؤرخون أن قصة أوبينهايمر عبارة عن مأساة.[312][313][314] وكتب مستشار الأمن القومي والأكاديمي الذي عمل مع أوبينهايمر في لجنة مستشاري وزارة الخارجية مكجورج بوندي: "بعيدًا عن الصعود والهبوط الاستثنائِيَّيْن في الجَاه والسُّلْطَة اللذَيْن خاضهما أوبينهايمر، تمتلك شخصيته أبعادًا مليئة بالمأساوية في مَزْجِهَا بين السِّحْر والتَّعَجْرُف، وكذلك الذكاء وعَمَى البصيرة، والإدراك وعدم الإحساس، ولعل فوق ذلك كله بين التحدِّي والتسليم للقدر. كل ذلك، وبطرق مختلفة، انقلب ضده في جلسات الاجتماع."[314]

أَلْهَم التساؤل حول مسؤولية العلماء تجاه الإنسانية المسرحية الدرامية الصادرة عام 1955م للمخرج الألماني برتولت بريشت: حياة غاليليو، وترك ذلك التساؤل بَصْمَتَه على مسرحية فريدريش دورينمات التي حملت عنوان الفيزيائيون، وكان أيضًا أساس أُوبِيرا الدكتور الذري الصادرة عام 2005م لجون آدامز، وقد صوَّرَت أوبينهايمر على أنه فاوست بِحُلَّة عصرية. وبعد عرض مسرحية الكاتب هاينَر كِيبْهَارْت بعوان في مسألة ج. روبرت أوبينهايمر على التلفاز في ألمانيا الغربية، كان عرضها المسرحي في ميونخ وبرلين في شهر أكتوبر عام 1964م.[315] وأدّت اعتراضات أوبينهايمر إلى مراسلة بينه وبين كيبهارت عَرَض فيها كيبهارت القيام بتصحيحات ولكنه دافع عن المسرحية. وكان عرضها الأول في نيويورك عام 1968م، وأدَّى جوزيف ويزمان دور أوبينهايمر. وصفها الناقد المسرحي في صحيفة نيويورك تايمز كلايف بارنز بأنها "مسرحية غاضبة ومسرحية داعمة" في الوقت عينه حيث وقفت في صفّ أوبينهايمر ولكنها صورته "أحمقًا وعبقريًّا يعاني المآسي".[316] وقد واجه أوبينهايمر صعوبة في تُقَبُّل ذلك التجسيد، وبعد قراءته لنسخة مكتوبة من المسرحية بعد فترة قريبة من بداية عرضها، هدد أوبينهايمر بمقاضاة كيبهارت شاجبًا "الارتجالات التي كانت مخالفة للتاريخ ولطبيعة الأشخاص الوَارِدِين" في المسرحية.[317] وقال أوبينهايمر لاحقًا في إحدى المقابلات:

«الشيء اللَّعِين كله [جلسات الاستماع خاصته] كان عبارة عن مهزلة، ويحاول هؤلاء الناس صناعة مأساة منه... لم أَقُلْ أبدًا أنني نَدِمْتُ على مشاركتي بطريقة عقلانية في بناء القنبلة. وقلت أنه [كيبهارت] ربما نَسِيَ ما حدث في غرنيكا، وكوفنتري، وهامبورغ، ودريسدين، وداخاو، ووارسو، وطوكيو، ولكنني لم أَنْسَ، وإن وَجَد الأمر صعب الفهم، [هنا يشير إلى فكرة أنه لولا إنهاء القنبلة للحرب لحدثت مآسٍ أخرى كالتي ذَكَرَها]، فيجب عليه أن يكتب مسرحية عن شيء آخر.[318]»

أوبينهايمر هو موضوع الكثير من كتب السِّيَر الذاتية، بما في ذلك بروميثيوس الأمريكي (2005م) لكاي بيرد ومارتن ج. شيروين، والتي فازت بجائزة بوليتزر عن فئة السيرة الذاتية لعام 2006م.[319] وفاز المسلسل التفازي القصير أوبينهايمر من إنتاج تلفاز بي بي سي وبطولة سام واتيرستون بثلاث جوائز بافتا من الفئات تلفازية.[320] وترشح الوثائقي اليوم التالي لترينيتي الصادر عام 1980م والذي يتحدث عن أوبينهايمر والقنبلة الذرية لجائزة أوسكار ضمن فئة أفضل فيلم وثائقي، كما حصل على جائزة بيبودي.[321][322] وتُسْتَعْرَض حياة أوبينهايمر في مسرحية توم مورتون-سميث بعنوان أوبينهايمر الصادرة سنة 2015م،[323] وكذلك في فيلم الرجل البدين والولد الصغير الصادر سنة 1989م، حيث جسَّد دوره دوايت شولتز.[324] وفي نفس العام، جَسَّد ديفيد ستراثيرن دوره في الفيلم التلفازي الذي يحمل عنوان اليوم الأول.[325] وفي فيلم أوبينهايمر الصادر عام 2023م للمخرج كريستوفَر نولان والمستند لكتاب بروميثيوس الأمريكي، لعب دور أوبينهايمر الممثل كيليان مورفي.[326]

وعُقِد اجتماع حول الإرث الذي تركه أوبينهايمر سنة 2004م بمناسبة مرور 100 عام على ذكرى ميلاده، وجرت أحداثه في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، وتصاحب ذلك مع عرض رقمي لحياته،[327] ونُشِرَت وقائع المؤتمر عام 2005م في كتاب يحمل عنوان إعادة تقدير أوبينهايمر: دراسات وتأثيرات مئوية.[328] ويمكن إيجاد أوراقه البحثية في مكتبة الكونغرس.[329]

كَعَالِم، يَذْكُر أوبينهايمر طلابه وزملاؤه الأكاديميون كباحث عبقريّ وأستاذ جذاب الأسلوب أسَّس الفيزياء النظرية الحديثة في الولايات المتحدة. "أكثر من أي رجل آخر"، يكتب هانز بيته، "كان المسؤول عن ارتقاء الفيزياء النظرية الأمريكية من التَّبَعِيَّة الإقليمية لأوروبا إلى قيادة العالم".[330] ولأن اهتماماته العلمية كانت سريعة التَّبَدُّل في الكثير من الأحيان، فلم يعمل أوبينهايمر أبدًا لمدة كافية على أحد المواضيع ليُنْجِز فيه بشكل يحقق له جائزة نوبل،[331] على الرغم من أن بحوثه التي ساهمت في ظهور نظرية الثقوب السوداء كانت من الممكن أن تضمن له الحصول على الجائزة لو أنه عاش كفاية ليشهدها تؤتي ثمارها لاحقًا على أيدي علماء فيزياء فلكية آخرين.[104] وفي 4 يناير لعام 2000م، سُمِّي كُوَيْكب - 67085 أوبينهايمر - باسمه تكريمًا له،[332] وكذلك الأمر بالنسبة لفوَّهَة أوبينهايمر القمرية التي اتَّخَتْ اسمه عام 1970م.[333]

وكمستشار للشؤون العسكرية والسياسة العامة، كان أوبينهايمر قائدًا تيكنوقراطيًّا مما أسهم في تغيير العلاقة ما بين العلم والعسركية، كما أدى ذلك إلى ظهور "العلم الكبير". حيث أنه خلال الحرب العالمية الثانية، أصبح العلماء أكثر انخراطًا في البحوث العسكرية إلى حد غير مسبوق، وبسبب تهديد الفاشية للحضارة الغربية، تطوّع العلماء بأعداد كبيرة للمساهمة في الجهود التقنية والتنظيمية في صفوف قوات الحلفاء مما أدى إلى ظهور أدوات قوية كالرادار، وشعيلة التقارب، وعلم القرار. وكعالم فيزياء نظرية مثقف وذكي أصبح مُنَسِّقًا عسكريًّا منضبطًا، يُمَثِّل أوبينهايمر نقيض الفكرة المُتَمَثِّلَة بأن العلماء "يسبحون في عالم آخر" وأن المعرفة في المواضيع المتخصصة كتركيب نواة الذرة لا يمتلك تطبيقات في "العالم الحقيقيّ".[306]

بعد يومين من اختبار ترينيتي، عبَّر أوبينهايمر عن آماله ومخاوفه باقتباس من كتاب الشعر السنسكريتي الشاتاكاترايا للفيلسوف الهندي بارتراري:

«في المعركة، في الغابة، عند حافة السقوط في الجبال،

في البحر العظيم المظلم، بين الرِّمَاح والسهام،
في النوم، في الارتباك، في أعماق الخِزْي،

تحمي الشخص أفعاله الصالحة التي قام بها قبل ذلك.[334][335]»

المنشورات

نُشِر في حياته

  • أوبينهايمر، ج. روبرت (1954). العِلْم والفَهْم العام [Science and the Common Understanding]. نيويورك: سايمون وشوستر. OCLC:34304713.
  • أوبينهايمر، ج. روبرت (1955). العَقْل المُتَفَتِّح [The Open Mind]. نيويورك: سايمون وشوستر. OCLC:297109.
  • أوبينهايمر، ج. روبرت (1964). الأرجوحة البَهْلَوَانِيَّة الطائرة: ثلاثة أزمات تواجه الفيزيائيين [The Flying Trapeze: Three Crises for Physicists]. لندن: دار نشر جامعة أكسفورد. OCLC:592102.

نُشِر بعد وفاته

ملاحظات

  1. ^ اسم أوبينهايمر في شهادة الميلاد هو "جوليوس روبرت أوبينهايمر"،[1][2] أما في شهادة الجامعة فكان "ج روبرت أوبينهايمر".[3] أوبينهايمر نفسه كان يقول أن الـ(ج) في بداية الاسم لا تشير إلى شيء، وذلك لأنه من عائلة يهودية غير متدينة لم تَكْتَرِث لدِينِهَا وتقاليده وفضلت تبني تقاليد المجتمع الأمريكي والاندماج فيه، فَفَضَّل أوبينهايمر التخلي عن اسم جوليوس باعتباره اسمًا يهوديًّا.[4]
  2. ^ كان عند أوبينهايمر 3 طلاب دكتوراه ولكنهم بدؤوا تحت إشراف آخرين ثم انتقلوا عنده، وهم: هارفي هال وجي. فرانكلين كارلسون اللذَيْن كانا تحت إشراف ويليام هاويل وليامز، وليو نيديلسكي الذي بدأ تحت إشراف سامويل كينغ أليسون. وفي 1931م، أصبح هال أول طالب ينهي الدكتوراه عند أوبينهايمر.
  3. ^ طلاب الدكتوراه الآخرون عند أوبينهايمر: أرنولد نوردسيك، وغلين كامب، وويليس لامب، وسامويل باتدورف، وسيدني دانكروفت، وجورج فولكوف، وفيليب موريسون، وهارتلاند سنايدر، وجوزيف كِيلَر، وروبرت كريستي، ويُوجِين كُوبَر، وشِيتْشِي كُوسَاكا، وريتشارد دِيمْبْسْتَر، وروي توماس، وإلدريد نيلسون، وبرنارد بيترز، وإدوارد جيرجوي، وستان فرانكل، وتشيم ريتشمان، وجوزيف واينبيرغ، وديفيد بوم، وليزلي فولدي، وهارولد لويس، وسيغفريد واتهاوسين.
  4. ^ عدم نَفَاذِيَّة سطح النجم لإشعاعه الداخلي تعني قدرة سطح النجم على حَبْس (عدم إنفاذ) الإشعاع الكهرومغناطيسي المُتَوَلِّد من باطنه.
  5. ^ يتحدث أوبينهايمر أيضًا الهولندية، والألمانية، والفرنسية، وبعض الصينية.[93]
  6. ^ "إذا انْطَلَقَتْ أشعة ألف شمس دفعة واحدة في السماء، فسيكون ذلك كَبَهَاء القدير" (بالديوَناكَري (نظام كتابة للسنسكريتية): divi sūryasahasrasya bhavedyugapadutthitā / yadi bhāḥ sadṛṥī sā syādbhāsastasya mahātmanaḥ) هو البيت الشعري رقم 12 من الفصل الحادي عشر من البهاغافاد غيتا،[146][147] أما "الآن أصبحت أنا الموت، مُمَزِّق العوالم" (بالديوَناكَري: kālo'smi lokakṣayakṛtpravṛddho lokānsamāhartumiha pravṛttaḥ) فهو البيت الشعري رقم 32 من الفصل الحادي عشر، قرأ أوبينهايمر البهاغافاد غيتا بنسخته الأصلية باللغة السنسكريتية، وهذه الترجمة هي ترجمته.[148][149] في الكتب، يُفَضَّل عادة استخدام كلمة "مُمَزِّق" على كلمة "مُدَمِّر" في العبارة المنقولة عن أوبينهايمر، لأنها تظهر في أول نسخة مطبوعة لحكاية اوبينهايمر والتي كانت في إصدار مجلة تايم بتاريخ 8 نوفمبر 1948م.[30] وظهرت نسخة العبارة التي تستعمل كلمة "ممزق" أيضًا في كتاب روبرت جونك الصادر عام 1958م: أكثر إشعاعًا من ألف شمس: تاريخ شخصي لعلماء الذرة،[150] والذي كان مستندًا إلى مقابلة مع أوبينهايمر.[151]
  7. ^ وقتها كانت ألمانيا النازية قد سقطت بأيدي الحلفاء بالفعل فلم يعد هناك جدوى من قصفها.
  8. ^ بسبب التطورات اللاحقة للنموذج المعياري يُعْتَبَر الميون الآن ليبتونًا وليس ميزونًا.[174]
  9. ^ الغاك هو اختصار للأحرف الأولى من الاسم الإنجليزي للجنة الاستشارية الذرية (بالإنجليزية: General Advisory Committee)، اختصارًا: الغاك: (GAC).
  10. ^ يتحدث أوبينهايمر هنا عن الفرق الشاسع ما بين حدود العلم والمعرفة المشتركة والمتوارثة بين عامة المجتمع، وهنا يشير إلى الرحلة الصعبة التي سيواجهها أي إنسان في لدراسة علم معين حتى يصل إلى حدوده، وحدود العلم تعني آخر ما توصل له ذلك العلم، فيبدأ هذا الانسان في الخروج عن حدود ذلك العلم والإتيان بما هو جديد أي توسيع دائرة ذلك العلم. فيقول أوبينهايمر هنا أن وصول شخص إلى تلك المرحلة سيشكل حاجزًا بينه وبين باقي أفراد المجتمع ("يصبح بعيدًا جدًّا عن الوطن")، وذلك بسبب امتلاكه لمفردات وأساليب ومعلومات لا يعرفها العامة. كما يشير إلى أن التخصص المتزايد في العلم أدى إلى فقدان الاتصال بين العلم وأصوله العَمَلِيَّة (التطبيقية)، وكذلك بين العلم وغيره من الفنون والعلوم الإنسانية. ويذكر أوبينهايمر هنا أن الممارسات التطبيقية التي كانت أساسًا في ظهور وانطلاق العلم، هي أيضًا الأساس الذي شَكَّل الفن الذي نعرفه اليوم.

المصادر

  1. ^ Cassidy 2005، صفحة 2.
  2. ^ Pais 2006، صفحة 355 (end plates)
  3. ^ Smith & Weiner 1980، صفحة 337.
  4. ^ ا ب Shiri Li Bartov (21 يوليو 2023). "The Jewish story behind Christopher Nolan's 'Oppenheimer,' explained". The Times Of Israel. مؤرشف من الأصل في 2023-08-02. {{استشهاد ويب}}: |archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)
  5. ^ Schweber 2008، صفحة 283
  6. ^ ا ب Cassidy 2005، صفحات 5–11
  7. ^ Cassidy 2005، صفحات 16, 145, 282
  8. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 10
  9. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 12
  10. ^ ا ب Cassidy 2005، صفحة 35
  11. ^ Cassidy 2005، صفحات 23, 29
  12. ^ Cassidy 2005، صفحات 16–17
  13. ^ Cassidy 2005، صفحات 43–46
  14. ^ Cassidy 2005، صفحات 61–63
  15. ^ Cassidy 2005، صفحات 75–76, 88–89
  16. ^ Cassidy 2005، صفحات 90–92
  17. ^ Cassidy 2005، صفحة 94
  18. ^ Monk 2012، صفحة 92.
  19. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 46.
  20. ^ Monk 2012، صفحة 97.
  21. ^ McCluskey, Megan (25 يوليو 2023). "J. Robert Oppenheimer's Grandson on What the Movie Gets Right and the One Scene He Would Have Changed". Time. مؤرشف من الأصل في 2023-07-27. اطلع عليه بتاريخ 2023-07-26.
  22. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 39–40, 96, 258
  23. ^ Smith & Weiner 1980، صفحة 91
  24. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 35–36, 43–47, 51–52, 320, 353
  25. ^ Smith & Weiner 1980، صفحة 135
  26. ^ Cassidy 2005، صفحة 108
  27. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 60
  28. ^ Oppenheimer، Julius Robert (1927). Zur Quantentheorie kontinuierlicher Spektren (PhD thesis). OCLC:71902137.
  29. ^ Cassidy 2005، صفحة 109
  30. ^ ا ب "The Eternal Apprentice". Time. 8 نوفمبر 1948. مؤرشف من الأصل في 2013-10-07. اطلع عليه بتاريخ 2008-05-23.
  31. ^ Cassidy 2005، صفحة 112
  32. ^ Cassidy 2005، صفحات 115–116
  33. ^ Cassidy 2005، صفحة 142
  34. ^ ا ب Cassidy 2005، صفحات 151–152
  35. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 73–74
  36. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 84
  37. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 75–76
  38. ^ "The Early Years". University of California, Berkeley. 2004. مؤرشف من الأصل في 2007-10-15. اطلع عليه بتاريخ 2008-05-23.
  39. ^ Conant 2005، صفحة 75
  40. ^ Herken 2002، صفحات 14–15
  41. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 96–97
  42. ^ Bethe 1968a; reprinted as Bethe 1997، صفحة 184
  43. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 91
  44. ^ Conant 2005، صفحة 141
  45. ^ ا ب ج Bird & Sherwin 2005، صفحة 88
  46. ^ Bethe 1968a; reprinted as Bethe 1997، صفحة 178
  47. ^ Oppenheimer، J.R. (1930). "On the Theory of Electrons and Protons" (PDF). Physical Review (Submitted manuscript). ج. 35 ع. 1: 562–563. Bibcode:1930PhRv...35..562O. DOI:10.1103/PhysRev.35.562. مؤرشف (PDF) من الأصل في 2018-07-24. اطلع عليه بتاريخ 2018-11-05.
  48. ^ Oppenheimer، J.R. (1 يناير 1928). "Three Notes on the Quantum Theory of Aperiodic Effects". Physical Review. ج. 31 ع. 1: 66–81. Bibcode:1928PhRv...31...66O. DOI:10.1103/PhysRev.31.66.
  49. ^ Oppenheimer، J.R. (1928). "On the Quantum Theory of the Autoelectric Field Currents". Proceedings of the National Academy of Sciences. ج. 14 ع. 5: 363–365. Bibcode:1928PNAS...14..363O. DOI:10.1073/pnas.14.5.363. ISSN:0027-8424. PMC:1085522. PMID:16577110.
  50. ^ Merzbacher، Eugen (1 أغسطس 2002). "The Early History of Quantum Tunneling". Physics Today. ج. 55 ع. 8: 44–49. Bibcode:2002PhT....55h..44M. DOI:10.1063/1.1510281. ISSN:0031-9228.
  51. ^ Oppenheimer، J.R.؛ Hall، Harvey (1931). "Relativistic Theory of the Photoelectric Effect". Physical Review. ج. 38 ع. 1: 57–79. Bibcode:1931PhRv...38...57H. DOI:10.1103/PhysRev.38.57.
  52. ^ Cassidy 2005، صفحات 358–362.
  53. ^ Dirac، P. A. M. (1928). "The quantum theory of the electron". Proceedings of the Royal Society of London. Series A. ج. 117 ع. 778: 610–624. Bibcode:1928RSPSA.117..610D. DOI:10.1098/rspa.1928.0023. ISSN:1364-5021. JSTOR:94981.
  54. ^ Cassidy 2005، صفحات 162–163
  55. ^ Oppenheimer، J.R.؛ Serber، Robert (1938). "On the Stability of Stellar Neutron Cores". Physical Review. ج. 54 ع. 7: 540. Bibcode:1938PhRv...54..540O. DOI:10.1103/PhysRev.54.540.
  56. ^ Oppenheimer، J.R.؛ Volkoff، G.M. (1939). "On Massive Neutron Cores" (PDF). Physical Review. ج. 55 ع. 4: 374–381. Bibcode:1939PhRv...55..374O. DOI:10.1103/PhysRev.55.374. مؤرشف (PDF) من الأصل في 2014-01-16. اطلع عليه بتاريخ 2014-01-15.
  57. ^ Oppenheimer، J.R.؛ Snyder، H. (1939). "On Continued Gravitational Contraction". Physical Review. ج. 56 ع. 5: 455–459. Bibcode:1939PhRv...56..455O. DOI:10.1103/PhysRev.56.455.
  58. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 89–90
  59. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 375
  60. ^ Herken 2002، صفحة 12
  61. ^ Childs 1968، صفحة 145
  62. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 104–107
  63. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 98
  64. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 128
  65. ^ Cassidy 2005، صفحات 184–186
  66. ^ Teukolsky، Rachel (Spring 2001). "Regarding Scientist X" (PDF). Berkeley Science Review. ع. 1. ص. 17. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2006-09-01.
  67. ^ United States Atomic Energy Commission 1954، صفحة 9
  68. ^ Oppenheimer, J. R. (4 مارس 1954). "Oppenheimer's Letter of Response on Letter Regarding the Oppenheimer Affair". Nuclear Age Peace Foundation. مؤرشف من الأصل في 2008-05-14. اطلع عليه بتاريخ 2008-05-22.
  69. ^ Strout 1963، صفحة 4
  70. ^ "Chevalier to Oppenheimer, July 23, 1964". Brotherhood of the Bomb: The Tangled Lives and Loyalties of Robert Oppenheimer, Ernest Lawrence, and Edward Teller. مؤرشف من الأصل في 2011-08-12. اطلع عليه بتاريخ 2011-02-24.
  71. ^ "Excerpts from Barbara Chevalier's unpublished manuscript". Brotherhood of the Bomb: The Tangled Lives and Loyalties of Robert Oppenheimer, Ernest Lawrence, and Edward Teller. مؤرشف من الأصل في 2011-08-12. اطلع عليه بتاريخ 2011-02-24.
  72. ^ "Excerpts from Gordon Griffith's unpublished memoir". Brotherhood of the Bomb: The Tangled Lives and Loyalties of Robert Oppenheimer, Ernest Lawrence, and Edward Teller. مؤرشف من الأصل في 2011-08-21. اطلع عليه بتاريخ 2011-02-24.
  73. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 137–138
  74. ^ "The Brothers". Time. 27 يونيو 1949. مؤرشف من الأصل في 2007-11-21. اطلع عليه بتاريخ 2008-05-22.
  75. ^ "FBI file: Katherine Oppenheimer" (PDF). Federal Bureau of Investigation. 23 مايو 1944. ص. 2. مؤرشف من الأصل في 2013-05-25. اطلع عليه بتاريخ 2013-12-16.
  76. ^ "A Life". University of California, Berkeley. مؤرشف من الأصل في 2007-11-27. اطلع عليه بتاريخ 2008-05-22.
  77. ^ ا ب Haynes 2006، صفحة 147
  78. ^ Cassidy 2005، صفحات 199–200
  79. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 111–113
  80. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 153–160
  81. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 160–162
  82. ^ Streshinsky & Klaus 2013، صفحات 111–119
  83. ^ Cassidy 2005، صفحات 186–187
  84. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 231–233
  85. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 232–234, 511–513
  86. ^ Herken 2002، صفحات 101–102
  87. ^ ا ب Bird & Sherwin 2005، صفحات 249–254
  88. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 363–365
  89. ^ Streshinsky & Klaus 2013، صفحات 290–292
  90. ^ Pais 2006، صفحة 17–18.
  91. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 99,102.
  92. ^ Schweber 2006، صفحة 543.
  93. ^ Hunner 2012، صفحة 17.
  94. ^ "The TIME Vault: November 8, 1948". Time. 8 نوفمبر 1948. ص. 75. اطلع عليه بتاريخ 2023-04-25.
  95. ^ ا ب ج Roy 2018، صفحة 157.
  96. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 99,102
  97. ^ Hijiya 2000، صفحة 133
  98. ^ Boyce 2015، صفحة 595.
  99. ^ ا ب Roy 2018، صفحة 158.
  100. ^ Hijiya 2000، صفحة 126.
  101. ^ ا ب ج Scott et al. 1994، صفحة 60.
  102. ^ Pais 2006، صفحة 143.
  103. ^ Rabi, Oppenheimer (1969), p. 7, cited in Rhodes 1977، صفحة 149, Hijiya 2000، صفحة 166 and Pais 2006، صفحة 143
  104. ^ ا ب Kelly 2006، صفحة 128
  105. ^ Feldman 2000، صفحات 196–198
  106. ^ Hufbauer 2005، صفحات 31–47
  107. ^ ا ب Pais 2006، صفحة 33
  108. ^ Cassidy 2005، صفحة 178
  109. ^ "Nomination Archive – Robert J. Oppenheimer". Nobel Media AB. أبريل 2020. مؤرشف من الأصل في 2020-07-17. اطلع عليه بتاريخ 2020-07-16.
  110. ^ Hewlett & Anderson 1962، صفحات 44–46.
  111. ^ Norris 2002، صفحة 240.
  112. ^ Hoddeson et al. 1993، صفحات 42–44.
  113. ^ Hewlett & Anderson 1962، صفحات 72–74
  114. ^ Hewlett & Anderson 1962، صفحات 81–82
  115. ^ Hoddeson et al. 1993، صفحات 57–58.
  116. ^ Norris 2002، صفحة 244.
  117. ^ Groves 1962، صفحات 61–63.
  118. ^ ا ب Norris 2002، صفحة 242.
  119. ^ Groves 1962، صفحة 63
  120. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 185–187.
  121. ^ Groves 1962، صفحات 66–67.
  122. ^ Smith & Weiner 1980، صفحة 227.
  123. ^ ا ب Bird & Sherwin 2005، صفحة 210
  124. ^ Hewlett & Anderson 1962، صفحات 230–232
  125. ^ Bethe 1968a; reprinted as Bethe 1997، صفحة 190
  126. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 221–222
  127. ^ Rhodes 1986، صفحات 511–512.
  128. ^ Rhodes 1986، صفحات 510–511.
  129. ^ Hoddeson et al. 1993، صفحات 226–229
  130. ^ Hewlett & Anderson 1962، صفحات 312–313
  131. ^ Hoddeson et al. 1993، صفحات 245–248
  132. ^ Hoddeson et al. 1993، صفحات 248–249
  133. ^ "Nuclear Files: Library: Biographies: Robert Christy". Nuclear Age Peace Foundation. مؤرشف من الأصل في 2006-05-22. اطلع عليه بتاريخ 2011-03-08.
  134. ^ Hoddeson et al. 1993، صفحة 312
  135. ^ Jones 1985، صفحات 530–532
  136. ^ Rhodes 1986، صفحات 642–643
  137. ^ Jungk 1958، صفحة 201.
  138. ^ Herken 2002، صفحات 128–129.
  139. ^ Streshinsky & Klaus 2013، صفحات 194, 211.
  140. ^ Szasz 1984، صفحة 88
  141. ^ Bernstein، Jeremy (26 أبريل 2018). "Letters : Bomb in the Head". London Review of Books. ج. 40 ع. 8. ISSN:0260-9592. مؤرشف من الأصل في 2023-07-15. اطلع عليه بتاريخ 2022-01-10.
  142. ^ Johnson، Mark (22 يوليو 2023). "How Oppenheimer weighed the odds of an atomic bomb test ending Earth". The Washington Post. مؤرشف من الأصل في 2023-07-22. اطلع عليه بتاريخ 2023-07-22.
  143. ^ "Science: Atomic Footprint". Time. 17 سبتمبر 1945. مؤرشف من الأصل في 2011-06-29. اطلع عليه بتاريخ 2011-03-16.
  144. ^ Barnett، Lincoln (10 أكتوبر 1949). "J. Robert Oppenheimer". Life. ص. 133. مؤرشف من الأصل في 2023-08-09. اطلع عليه بتاريخ 2023-07-31.
  145. ^ Oppenheimer, J.R. (1965). "Now I am become death..." (video). Atomic Archive. مؤرشف من الأصل في 2008-05-16. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-19.
  146. ^ "Bhagavad Gita XI.12". Gita Supersite by Indian Institute of Technology Kanpur. 2 سبتمبر 2017. مؤرشف من الأصل في 2023-08-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-04-25.
  147. ^ "Chapter 11. The Universal Form, text 12". Bhagavad As It Is. مؤرشف من الأصل في 2013-08-04. اطلع عليه بتاريخ 2012-10-24.
  148. ^ Hijiya 2000
  149. ^ "Chapter 11. The Universal Form, text 32". Bhagavad As It Is. مؤرشف من الأصل في 2012-11-17. اطلع عليه بتاريخ 2012-10-24.
  150. ^ Jungk 1958، صفحة 201
  151. ^ Hijiya 2000، صفحات 123–124
  152. ^ Monk 2012، صفحات 456–457.
  153. ^ "Debate over how to use the bomb". The Manhattan Project. U.S. Department of Energy History Office. مؤرشف من الأصل في 2023-09-02. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-13.
  154. ^ Monk 2012، صفحات 467–468.
  155. ^ Monk 2012، صفحة 476.
  156. ^ Monk 2012، صفحات 493–494.
  157. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 331–332.
  158. ^ Bella، Timothy (21 يوليو 2023). "The atomic bombings left Oppenheimer shattered: 'I have blood on my hands'". The Washington Post. مؤرشف من الأصل في 2023-08-13. اطلع عليه بتاريخ 2023-08-18.
  159. ^ Cardenas، Cat (26 يوليو 2023). "Oppenheimer's test site wasn't remote. It was populated by Hispanos and Native Americans". Los Angeles Times. مؤرشف من الأصل في 2023-10-05.
  160. ^ Norris 2002، صفحة 407.
  161. ^ "Trinity Test Downwinders". National Park Service. مؤرشف من الأصل في 2023-08-07. اطلع عليه بتاريخ 2023-08-09.
  162. ^ Cordova، Tina (30 يوليو 2023). "What 'Oppenheimer' Doesn't Tell You About the Trinity Test". The New York Times. مؤرشف من الأصل في 2023-10-05.
  163. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 3, 323, 352, 391, 547.
  164. ^ Kelly 2006، صفحات 41, 154.
  165. ^ Cassidy 2005، صفحة 253
  166. ^ "TIME Magazine Cover: Dr. Robert Oppenheimer". Time. 8 نوفمبر 1948. مؤرشف من الأصل في 2008-11-22. اطلع عليه بتاريخ 2010-12-11.
  167. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 344–347
  168. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 333–335
  169. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 351
  170. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 360–365
  171. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 369
  172. ^ "Oppenheimer, J. Robert, 1904–1967". Archives Directory for the History of Collecting. مؤرشف من الأصل في 2016-04-05. اطلع عليه بتاريخ 2019-08-24.
  173. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 371–377
  174. ^ Spangenburg & Moser 2004، صفحات 41–44
  175. ^ Cassidy 2005، صفحات 269–272
  176. ^ ا ب "J. Robert Oppenheimer, Atom Bomb Pioneer, Dies". The New York Times. 19 فبراير 1967. ص. 1, 66. مؤرشف من الأصل في 2023-09-21. اطلع عليه بتاريخ 2023-08-19 – عبر TimesMachine.
  177. ^ "J. Robert Oppenheimer – Past Director". Institute for Advanced Study. 9 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 2023-08-10.
  178. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 347–349
  179. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 353
  180. ^ Cassidy 2005، صفحات 264–267
  181. ^ Hewlett & Duncan 1969، صفحات 380–385
  182. ^ Young & Schilling 2019، صفحات 1–2
  183. ^ Hewlett & Anderson 1962، صفحات 104, 240
  184. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 418
  185. ^ Young & Schilling 2019، صفحة 36
  186. ^ Cassidy 2005، صفحات 293–295
  187. ^ Young & Schilling 2019، صفحة 46
  188. ^ Rhodes 1995، صفحات 399–400
  189. ^ Hewlett & Duncan 1969، صفحة 384
  190. ^ Young & Schilling 2019، صفحة 10
  191. ^ Pais 2006، صفحة 172
  192. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 423–424
  193. ^ Young & Schilling 2019، صفحات 62–64
  194. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 429
  195. ^ Cassidy 2005، صفحة 300
  196. ^ Hewlett & Duncan 1969، صفحات 535–537
  197. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 443
  198. ^ Young & Schilling 2019، صفحات 85, 92, 160–161, 164
  199. ^ Polenberg 2002، صفحات 110–111
  200. ^ Rhodes 1995، صفحة 496
  201. ^ Rhodes 1995، صفحات 496–497
  202. ^ McMillan 2005، صفحات 145–149
  203. ^ Hewlett & Holl 1989، صفحات 47–48
  204. ^ Young & Schilling 2019، صفحات 90, 102
  205. ^ ا ب ج د Pais 2006، صفحة 189
  206. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 450
  207. ^ Young & Schilling 2019، صفحات 125–126
  208. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 445–446
  209. ^ Young & Schilling 2019، صفحات 126–127
  210. ^ Grant، Clement L. (أغسطس 1957). "Air Defense of North America". Air Force Magazine. ص. 257. مؤرشف من الأصل في 2020-07-16. اطلع عليه بتاريخ 2020-07-14.
  211. ^ Pais 2006، صفحات 126–128
  212. ^ Young & Schilling 2019، صفحة 68
  213. ^ McMillan 2005، صفحة 4
  214. ^ Young & Schilling 2019، صفحات 118–119
  215. ^ McMillan 2005، صفحات 152–153
  216. ^ Young & Schilling 2019، صفحة 121
  217. ^ McMillan 2005، صفحة 154
  218. ^ ا ب Young & Schilling 2019، صفحات 92–93
  219. ^ McMillan 2005، صفحات 140–141
  220. ^ ا ب Bird & Sherwin 2005، صفحة 451
  221. ^ Bundy 1988، صفحة 289
  222. ^ Pais 2006، صفحات 194–195
  223. ^ Rhodes 1995، صفحة 528
  224. ^ Oppenheimer، J Robert (يوليو 1953). "Atomic Weapons and American Policy". Foreign Affairs. Council on Foreign Relations. ج. 31 ع. July 1953: 525–535. DOI:10.2307/20030987. JSTOR:20030987. اطلع عليه بتاريخ 2023-07-21.
  225. ^ Pais 2006، صفحات 195
  226. ^ Young & Schilling 2019، صفحات 124, 127
  227. ^ Bundy 1988، صفحات 307–308
  228. ^ J Robert Oppenheimer FBI security file [microform]: Wilmington, Del.: Scholarly Resources, 1978
  229. ^ Stern 1969، صفحة 2
  230. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 195–201
  231. ^ Cassidy 2005، صفحة 286
  232. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 394–396
  233. ^ Cassidy 2005، صفحات 282–284
  234. ^ Stern 1969، صفحة 1
  235. ^ Rhodes 1995، صفحات 532–533
  236. ^ Bundy 1988، صفحة 305
  237. ^ Rhodes 1995، صفحات 534–535
  238. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 481–484
  239. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 484
  240. ^ Stern 1969، صفحات 229–230
  241. ^ United States Atomic Energy Commission 1954، صفحات 3–7
  242. ^ Nichols 1987، صفحة 307
  243. ^ Nichols 1987، صفحة 305
  244. ^ Rhodes 1995، صفحات 543–549
  245. ^ Rhodes 1995، صفحات 550–556
  246. ^ Rhodes 1995، صفحة 557
  247. ^ Broad، William J. (11 أكتوبر 2014). "Transcripts Kept Secret for 60 Years Bolster Defense of Oppenheimer's Loyalty". The New York Times. مؤرشف من الأصل في 2015-01-18. اطلع عليه بتاريخ 2015-01-17.
  248. ^ Department of Energy. "J. Robert Oppenheimer Personnel Hearings Transcripts". Department of Energy (DOE) OpenNet documents. مؤرشف من الأصل في 2015-01-18. اطلع عليه بتاريخ 2015-01-17.
  249. ^ Stern 1969، صفحة 335.
  250. ^ Cassidy 2005، صفحات 313–319
  251. ^ "Race for the Superbomb . Edward Teller's Testimony in the Oppenheimer Hearings". PBS. American Experience. مؤرشف من الأصل في 2023-07-23. اطلع عليه بتاريخ 2023-07-23.
  252. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 532–534
  253. ^ Emilie، Haertsch (2016). "Large and in charge". Distillations. ج. 2 رقم  3. ص. 40–43. مؤرشف من الأصل في 2018-03-23. اطلع عليه بتاريخ 2018-03-22.
  254. ^ "Testimony in the Matter of J. Robert Oppenheimer". Nuclear Age Peace Foundation. مؤرشف من الأصل في 2006-01-15. اطلع عليه بتاريخ 2010-12-11.
  255. ^ Stern 1969، صفحة 288
  256. ^ Hewlett and Holl, Atoms for Peace and War, p. 98.
  257. ^ Stern 1969، صفحات 376, 380–381
  258. ^ Stern 1969، صفحات 412–413
  259. ^ Stern 1969، صفحات 413, 415–418
  260. ^ Polenberg 2005، صفحات 267–268
  261. ^ Polenberg 2005، صفحات 268–272
  262. ^ Bethe 1968b، صفحة 27
  263. ^ Haynes 2006، صفحات 133–144
  264. ^ Haynes, Klehr & Vassiliev 2009، صفحة 58.
  265. ^ Monk 2012، صفحة 244.
  266. ^ ا ب Broad، William J. (16 ديسمبر 2022). "J. Robert Oppenheimer Cleared of 'Black Mark' After 68 Years". The New York Times. اطلع عليه بتاريخ 2022-12-17.
  267. ^ Staff (16 ديسمبر 2022). "Secretary Granholm Statement on DOE Order Vacating 1954 Atomic Energy Commission Decision In the Matter of J. Robert Oppenheimer". United States Department of Energy. اطلع عليه بتاريخ 2022-12-17.
  268. ^ Oladipo، Gloria (17 ديسمبر 2022). "US voids 1954 revoking of J Robert Oppenheimer's security clearance". The Guardian.
  269. ^ "Text of Oppenheimer Lecture Ending the Columbia Bicentenary". The New York Times. 27 ديسمبر 1954. مؤرشف من الأصل في 2023-03-27. اطلع عليه بتاريخ 2022-08-10.
  270. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 566–569
  271. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 573
  272. ^ "1954: Nuclear Scientist Speaks". The New York Times. 27 ديسمبر 2004. مؤرشف من الأصل في 2022-07-18. اطلع عليه بتاريخ 2022-07-18.
  273. ^ Pais 2006، صفحة 291
  274. ^ "Oppenheimer Sets Path for Mankind". The New York Times. 27 ديسمبر 1954. مؤرشف من الأصل في 2023-04-02. اطلع عليه بتاريخ 2022-07-18.
  275. ^ Sanders 1979، صفحات 8–19.
  276. ^ Wolverton 2008، صفحات 57–61.
  277. ^ ا ب Bird & Sherwin 2005، صفحات 559–561
  278. ^ "J. Robert Oppenheimer". Institute for Advanced Study. مؤرشف من الأصل في 2011-05-14. اطلع عليه بتاريخ 2011-03-11.
  279. ^ Wolverton 2008، صفحات 84–87
  280. ^ Oppenheimer، J. Robert (1955). "III: The Open Mind—December 1948". The Open Mind (ط. THIRD PAPERBACK PRINTING, 1963). Simon and Schuster. ص. 50–51. LCCN:55-10043.
  281. ^ Wolverton 2008، صفحات 84–87
  282. ^ Wolverton 2008، صفحات 227–228
  283. ^ Wolverton 2008، صفحات 174–180
  284. ^ Holland، Sam (26 فبراير 2021). "In the Sky with Diamonds: Physics in the 1960s". American Institute of Physics. مؤرشف من الأصل في 2023-08-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-07-09.
  285. ^ Niels Bohr Library Dedication Ceremony, American Institute of Physics, September 26, 1962 على يوتيوب
  286. ^ Wolverton 2008، صفحات 105–106
  287. ^ Bethe، H. A. (1968a). "J. Robert Oppenheimer. 1904–1967". Biographical Memoirs of Fellows of the Royal Society. ج. 14: 390–416. DOI:10.1098/rsbm.1968.0016. ISSN:0080-4606. reprinted as Bethe، Hans (1997). "J. Robert Oppenheimer 1904–1967". Biographical Memoirs. ج. 71: 175–218. مؤرشف من الأصل في 2011-10-10. اطلع عليه بتاريخ 2011-03-05.
  288. ^ "List of Fellows of the Royal Society" (PDF). Royal Society. مؤرشف من الأصل في 2010-11-30. اطلع عليه بتاريخ 2010-12-11.
  289. ^ ا ب ج "Johnson Awards AEC's Fermi Award to Oppenheimer, Once Branded Risk". The New York Times. United Press International. 29 نوفمبر 1963. مؤرشف من الأصل في 2023-09-21. اطلع عليه بتاريخ 2023-08-18 – عبر TimesMachine.
  290. ^ ا ب Bird & Sherwin 2005، صفحات 574–575
  291. ^ ا ب ج Finney، John W. (2 ديسمبر 1963). "Oppenheimer Gets Praise of Johnson with Fermi Prize". The New York Times. ص. 1, 22. مؤرشف من الأصل في 2023-08-18. اطلع عليه بتاريخ 2023-08-19.
  292. ^ "Tales of the Bomb". Time. 4 أكتوبر 1968. مؤرشف من الأصل في 2009-01-14. اطلع عليه بتاريخ 2008-05-23.
  293. ^ Cassidy 2005، صفحات 348–349
  294. ^ "Lyndon B. Johnson – Remarks Upon Presenting the Fermi Award to Dr. J. Robert Oppenheimer". The American Presidency Project. University of California, Santa Barbara. 2 ديسمبر 1963. مؤرشف من الأصل في 2023-08-20. اطلع عليه بتاريخ 2023-08-20.
  295. ^ ا ب Amir Oren (4 أغسطس 2023). "The Time Oppenheimer Met Ben-Gurion to Discuss Israel's Nuclear Quest". Haaretz. مؤرشف من الأصل في 2023-08-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-07-04.
  296. ^ Or Rabinpwitz؛ Yehonaton Abramson (9 نوفمبر 2022). "Imagining a Jewish Atom Bomb". Tablet Magazine. مؤرشف من الأصل في 2023-03-23.
  297. ^ ا ب Saul Jay Singer (26 أغسطس 2020). "J. Robert Oppenheimer: Indifferent To Judaism, Concerned About Israel". The Jewish Press. مؤرشف من الأصل في 2023-08-11.
  298. ^ ا ب Michael Karpin. The Bomb in the Basement: How Israel Went Nuclear and What That Means for the World. Simon & Schuster. ص. 51–52. ISBN:978-0-7432-6594-2.
  299. ^ Emad Moussa (10 أغسطس 2023). "By helping Israel, Oppenheimer sparked a regional nuclear arms race". The New Arab. مؤرشف من الأصل في 2023-09-22.
  300. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 585–588
  301. ^ Cassidy 2005، صفحات 351–352
  302. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحة 588
  303. ^ "Mrs. J. Robert Oppenheimer, 62, Nuclear Physicist's Widow, Dies". The New York Times. Reuters. 28 أكتوبر 1972. مؤرشف من الأصل في 2023-07-30. اطلع عليه بتاريخ 2023-08-18.
  304. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 590–591
  305. ^ "Gibney Beach". St. John's Beach Guide. مؤرشف من الأصل في 2007-10-13. اطلع عليه بتاريخ 2008-05-22.
  306. ^ ا ب Thorpe, Charles (2002). "Disciplining Experts: Scientific Authority and Liberal Democracy in the Oppenheimer Case". Social Studies of Science. ج. 32 ع. 4: 525–562. DOI:10.1177/0306312702032004002. ISSN:0306-3127. S2CID:144059198.
  307. ^ Cassidy 2005، صفحات 305–308
  308. ^ Cassidy 2005، صفحات 305–306
  309. ^ Young & Schilling 2019، صفحات 154, 163–164
  310. ^ Cassidy 2005، صفحات 281–284
  311. ^ Carson 2005، صفحات 1–10
  312. ^ Bird & Sherwin 2005، صفحات 3, 5, passim
  313. ^ Hewlett & Holl 1989، صفحة xxii
  314. ^ ا ب Bundy 1988، صفحة 316
  315. ^ "Playwright Suggests Corrections to Oppenheimer Drama". The New York Times. 14 نوفمبر 1964. اطلع عليه بتاريخ 2008-05-23.
  316. ^ Barnes، Clive (7 يونيو 1968). "Theater: Drama of Oppenheimer Case". The New York Times. اطلع عليه بتاريخ 2008-05-23.
  317. ^ "The character speaks out". Time. 11 نوفمبر 1964. مؤرشف من الأصل في 2008-03-08. اطلع عليه بتاريخ 2008-05-23.
  318. ^ Seagrave، Sterling (9 نوفمبر 1964). "Play about him draws protests of Oppenheimer". The Washington Post. ص. B8.
  319. ^ "The 2006 Pulitzer Prize Winners – Biography or Autobiography". The Pulitzer Prizes. مؤرشف من الأصل في 2011-08-14. اطلع عليه بتاريخ 2011-03-05.
  320. ^ Canby، Vincent (2009). "The Day After Trinity: Oppenheimer & the Atomic Bomb (1980)". Movies & TV Dept. The New York Times. مؤرشف من الأصل في 2009-02-06. اطلع عليه بتاريخ 2010-12-11.
  321. ^ "Peabody Award Winners" (PDF). University of Georgia. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2011-07-26. اطلع عليه بتاريخ 2010-12-11.
  322. ^ The Day After Trinity في قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت (بالإنجليزية) Retrieved December 11, 2010.
  323. ^ Billington، Michael (24 يناير 2015). "Oppenheimer five-star review – father of atomic bomb becomes tragic hero at RSC". The Guardian. مؤرشف من الأصل في 2015-04-04. اطلع عليه بتاريخ 2015-05-01.
  324. ^ "Fat Man and Little Boy (1989)". Popmatters. 3 مايو 2004. اطلع عليه بتاريخ 2022-08-01.
  325. ^ "Day One (1989 TV Movie)". Internet Movie Database. اطلع عليه بتاريخ 2023-06-17.
  326. ^ Kroll، Justin (8 أكتوبر 2021). "Cillian Murphy Confirmed to Star As J. Robert Oppenheimer In Christopher Nolan's Next Film At Universal, Film Will Bow in July 2023". Deadline Hollywood. مؤرشف من الأصل في 2021-10-08. اطلع عليه بتاريخ 2021-10-08.
  327. ^ "J. Robert Oppenheimer Centennial at Berkeley". University of California, Berkeley. مؤرشف من الأصل في 2010-06-11. اطلع عليه بتاريخ 2013-12-16.
  328. ^ "Reappraising Oppenheimer – Centennial Studies and Reflections". Office for History of Science and Technology, University of California, Berkeley. مؤرشف من الأصل في 2012-01-25. اطلع عليه بتاريخ 2013-12-16.
  329. ^ "J. Robert Oppenheimer Papers" (PDF). Library of Congress. مؤرشف (PDF) من الأصل في 2012-10-18. اطلع عليه بتاريخ 2011-03-23.
  330. ^ Quoted in Cassidy 2005، صفحة xvi
  331. ^ Cassidy 2005، صفحة 175
  332. ^ "Small-Body Database Browser 67085 Oppenheimer (2000 AG42)". Jet Propulsion Laboratory. مؤرشف من الأصل في 2012-01-30. اطلع عليه بتاريخ 2011-02-27.
  333. ^ Anderson & Whitaker 1982، صفحة 54
  334. ^ Hollinger 2005، صفحة 387
  335. ^ See Wortham 1886، صفحة 15 for a different translation.

المراجع

الكتب

المقالات

مناصب حكومية
سبقه
مَنْصِب جديد
مدير مختبر لوس ألاموس الوطني

1945–1970

تبعه
نوريس برادبيري

[[تصنيف: روبرت أوبنهايمر]] [[تصنيف: مواليد 1904]] [[تصنيف: وفيات 1967]] [[تصنيف: فيزيائيون أمريكيون في القرن 20]] [[تصنيف: يهود أمريكيون في القرن 20]] [[تصنيف: أكاديميو جامعة كامبريدج]] [[تصنيف: خريجو كلية كريست (جامعة كامبريدج)]] [[تصنيف: لاأدريون أمريكيون]] [[تصنيف: أمريكيون مناهضون للفاشية]] [[تصنيف: علماء ذرة أمريكيون]] [[تصنيف: أمريكيون من أصل يهودي ألماني]] [[تصنيف: أمريكيون في الحرب العالمية الثانية]] [[تصنيف: مدفونون في البحار]] [[تصنيف: أعضاء هيئة تدريس معهد كاليفورنيا للتقنية]] [[تصنيف: وفيات السرطان في نيو جيرسي]] [[تصنيف: وفيات بسبب سرطان الحنجرة]] [[تصنيف: أعضاء أجانب في الجمعية الملكية]] [[تصنيف: خريجو كلية هارفارد]] [[تصنيف: أعضاء هيئة تدريس معهد الدراسات المتقدمة]] [[تصنيف: لاأدريون يهود]] [[تصنيف: علماء أمريكيون يهود]] [[تصنيف: يهود معادون للفاشية]] [[تصنيف: فيزيائيون يهود]] [[تصنيف: أشخاص مرتبطون بمشروع مانهاتن]] [[تصنيف: أعضاء الجمعية الفلسفية الأمريكية]] [[تصنيف: ضباط وسام جوقة الشرف]] [[تصنيف: علماء فيزياء الكم]] [[تصنيف: علماء من مدينة نيويورك]] [[تصنيف: أساتذة جامعة كاليفورنيا في بركلي]] [[تصنيف: خريجو جامعة غوتنغن]] [[تصنيف: ضحايا المكارثية]]