بوابة:القرآن الكريم/مقالة مختارة/الأرشيف

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

يقسم القرآن إلى 114 فصلاً مختلفة الطول، تُعرف باسم "السُوَر" ومفردها "سورة". وتُقسم هذه السور إلى قسمين: مكية ومدنية. وقد قسّم علماء الشريعة سور القرآن إلى ثلاثة أقسام وفقًا لطولها، ألا وهي: السبع الطوال وهي البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، وبراءة. وسميت بالطوال لطولها، والطوال جمع طولى. والمئون، وهي ما ولي السبع الطوال، سُمِّيَت بذلك لأن كل سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها. والمثاني، وهي ما ولي المئين. أما السور المكية فهي التي نزلت في مدينة مكة قبل الهجرة إلى المدينة، وأغلبها يدور على بيان العقيدة وتقريرها والاحتجاج لها، وضرب الأمثال لبيانها وتثبيتها وعددها 86 سورة. أما السور المدنية فهي التي نزلت بعد الهجرة في المدينة المنورة، ويكثر فيها ذكر التشريع، وبيان الأحكام من حلال وحرام وعددها 28 سورة.



مصحف عثمان هو نسخةٌ من المصاحف الستّة التي نُسخت بأمرٍ من عثمان بن عفان بناءً على نصيحةٍ من حذيفة بن اليمان، ثم أرسل أربعةً منها إلى الأمصار فأًرسل إلى الكوفة، والبصرة، ومكة، والشام، وبقي اثنان منها في المدينة، مُصحفٌ لأهل المدينة، ومصحفٌ اختص به نفسه وقيل أن هذا المصحف محفوظٌ في خزانة كتب المدرسة الفاضليّة التي بناها السلطان الفاضل عبد الرحيم البيساني العسقلاني في العصر الأيّوبي ثم نقله السلطان الملك الأشرف قنصوه الغوري إلى القبة التي أنشأها تجاه مدرسته ونقل إليها أيضاً الآثار النبويّة وقد عمل للمصحف جلدةً خاصةً به. اختلف العلماء في عدد تلك المصاحف العُثمانيّة. فقيل أن المصاحف أربعةٌ، وقيل خمسةٌ وقيل ستّةٌ وقيل سبعةٌ وقيل ثمانيةٌ، بل قيل تسعة! وجمهور العلماء على أنها أربعة أو خمسة فقط.



يعتبر المسلمون القرآن هو كلمة الله ومعجزةُ بحد ذاتها، وأن فيه إعجازٌ أو معجزاتٌ لكن البعض اختلفوا حول ماهيّةِ المعجزات، لأن الإعجاز يعني ضمناً التحدي مع عجز الجهة التي تم تحدّيها، وهذا يُعدٌّ خاصاً بالإعجاز البلاغي الذي هو قُصد به تحدي العرب زمن نزول القرآن، ولكنّ البعض يُؤمن بشمولية القرآن للعلوم بشكلٍ مطلقٍ، ويرى معظم المسلمون أنّ الإعجاز العلمي هو توافق النصّ القرآني مع مقتضيات العلم الحديث أو وجود إلماحاتٍ أو تصريحاتٍ ضمنه تُؤكد حقائقاً علميّةً عُرفت لاحقاً، وأشهر من عمل بطريقةٍ منهجيّةٍ على الإعجاز العلمي الطبيب الفرنسي موريس بوكاي وألف في نهاية تجربته التي أعلن إسلامه كثمرةٍ لها كتابه المشهور الذي تُرجم إلى سبع عشرة لغةً التوراة والأناجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث. الإعجاز مشتقً من العجز، والعجز الضعف أو عدم القدرة، والإعجاز مصدره أعجز وهو بمعنى الفوت والسبق والمعجزة في اصطلاح العلماء أمر خارقٌ للعادة، مقرّون بالتحدي، سالمٌ من المعارضة، وإعجاز القرآن يقصد به إعجاز القرآن الناس أن يأتوا بمثله. أي نسبة العجز إلى الناس بسبب اعتقاد المسلمين بعدم قدرة أي شخص على الآتيان بمثله. وقد تحدّى القرآن المشككين بأن يأتوا بمثله أو بعشر سورٍ من مثله.



مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة هو أكبر مطبعة في العالم لطباعة المصحف. وضع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حجر أساس المجمع عام 1403 هـ وافتتحه عام 1405 هـ. وزّع المجمع خلال الفترة من 18 صفر 1434 إلى 18 صفر 1435هـ 13.425.863 نسخة، منها 8.550.716 نسخة من المصحف الشريف، و3.656.632 نسخة من الأجزاء، و243 نسخة من التسجيلات، و469.464 نسخة من الكتب، و733.808 نسخٍ من ترجمات معاني القرآن الكريم، فيما بلغ عدد اللغات المترجمة 62 لغة، منها 32 لغة آسيوية و15 لغة أوروبية و150 لغة إفريقية. وجرى توزيع 12.741.359 نسخة داخل المملكة، و684.504 نسخ خارج المملكة، فضلاً عن النسخ المهداة لزوار المجمع الذين بلغ متوسطهم للفترة نفس من 2.500 إلى 4.000 زائرٍ يومياً. تتولى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الإشراف على المجمع.



التجويد في الإسلام علم تعرف به كيفية النطق بالكلمات القرآنية كما نطقها نبي الإسلام محمد بن عبد الله، ويؤخذ مشافهةً عن شيخٍ أو أستاذٍ عنده إجازةٌ بتعليم التجويد. بداية علم التجويد كانت عند اتساع رقعة الدولة الإسلامية في القرن الثالث للهجرة، حيث كثر الخطأ واللحن في القرآن بسبب دخول كثير من غير العرب في الإسلام. فما كان من علماء القرآن إلّا أن بدؤوا في تدوين أحكام التجويد وقواعده. الأخذ بالتجويد بمعنى: (تطبيق أحكامه)، عمليا عند قراءة "القرآن الكريم" حكمه في الشرع الإسلامي (مطلوب شرعاً)، وبعض العلماء مثل: ابن الجزري، -من كبار علماء القراءة- يرى أن الأخذ به فرض عين، على كل مكلف. لذا قال في منظومة الجزرية: من لم يجود القران ءاثم. ويرى البعض أنه مستحب، إلا أن الأمر فيه تفصيل، باعتبار نوع الخطأ الذي يعذر فيه القارئ، واختلاف الأحوال، والظروف. جمع الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في القرن الثالث الهجري، هذا العلم في كتاب ألّفه وسمّاه "كتاب القراءات"، وذلك باستخلاص قواعد هذا العلم من خلال تتبع قراءات المشاهير من القراء المتقنين. ثم توالى البحث في مجال استخلاص القواعد الأخرى للتجويد وتوالت الكتب في هذا العلم توضح أصول القراءة وكيفيّة الطريقة الصحيحة لتجويد القرآن.



التفسير في اللغة هو البيان والتوضيح، وكشف المغطى، وفي الاصطلاح عرّفه العلماء بأنه «علم يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد وذلك ببيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه»، أي هو العلم الذي يُفسِّر به المختصون القرآن واستخراج الأحكام الواردة فيه. والتفسير هو أحد أقدم العلوم الإسلامية، ووفقًا للمعتقد الإسلامي فإن محمدًا هو أوّل المفسرين، إذ كشف الله إليه معاني الآيات المنزلات، وبالتالي فالمسلمين لا يجزموا بمعنى أي آية ما لم يكن قد ورد عن الرسول أو عن بعض أصحابه الذين شهدوا نزول الوحي وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع، وخالطوا النبي محمد ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن. فمنذ عهد النبي كان الصحابة يستفسرون منه عما أُشكل عليهم من معاني القرآن، واستمروا يتناقلون هذه المعاني بينهم لتفاوت قدرتهم على الفهم وتفاوت ملازمتهم للنبي، وبذلك بدأ علم تفسير القرآن. وبعد أن مضى عصر الصحابة، جاء عهد التابعين الذين أخذوا علم الكتاب والسنة عنهم وكل طبقة من هؤلاء التابعين تلقت العلم على يد من كان عندها من الصحابة فجمعوا منهم ما رُوي عن الرسول من الحديث، وما تلقوه عنهم من تفسير للآيات وما يتعلق بها، فكان علماء كل بلد يقومون بجمع ما عُرف لأئمة بلدهم، كما فعل ذلك أهل مكة في تفسير ابن عباس وأهل الكوفة فيما روي عن ابن مسعود.



كانت ترجمة القرآن إلى لغات أخرى غير العربية إحدى أبرز المشاكل التي واجهت الدعاة الإسلاميين وغير المسلمين ممن لا يعرفون العربية ويرغبون بالاطلاع على هذا الكتاب ودراسته. وقد اعتبر علماء الشريعة الإسلامية وعدد من اللغويين أن ترجمة القرآن أمرٌ في غاية العسر، ومن أبرز الأسباب التي تحول دون ذلك هي فصاحة القرآن ذاته، فاللغة العربية الفصحى تتميز بطائفة واسعة من المشتركات اللفظية، والكلمات التي يختلف معناها باختلاف موقعها من النص، وبما أن النص القرآني أكثر النصوص العربية فصاحةً، فإن ترجمته ترجمةً دقيقة أمرٌ فائق الصعوبة. تقول الدكتورة ليلى عبد الرازق عثمان، وهي رئيسة قسم اللغة الإنگليزية والترجمة الفورية بجامعة الأزهر: «أن ترجمة معاني القرآن إلى اللغات الأخرى بنفس الدقة التي جاءت بها اللغة العربية التي نزل بها القرآن أمرٌ مستحيل» ونوَّهت إلى أن القرآن يمكن أن تترجم كلماته حرفيًّا، لكن من الصعوبة بمكان ترجمة ما تحمله هذه الكلمات بباطنها من مدلولات ومعان تمثل روح القرآن وسر بلاغته. وذكرت في دراسة لها أن كثيرين ممن ترجموا معاني القرآن اعترفوا بصعوبة ذلك وعجز اللغات الأخرى عن مجاراة اللغة العربية التي نزل بها القرآن. ومن الذين اعترفوا بهذه الحقيقة على سبيل المثال لا الحصر - أ.ج اربري - الذي كان من أشد المعجبين بلغة القرآن - حيث قال: «بدون شك لغة القرآن العربية تتحدى أية ترجمة مناسبة؛ لأن البيان المعجز يتلاشى حتى في أكثر الترجمات دقة».



تفسير القرآن العظيم المشهور بـ "تفسير ابن كثير"، للإمام عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي المعروف بابن كثير (المتوفى 774 هـ)، هو من أشهر الكتب الإسلامية المختصة بعلم تفسير القرآن الكريم، ويُعدُّ من أشهر ما دُوِّن في موضوع التفسير بالمأثور أو تفسير القرآن بالقرآن، فيعتمد على تفسير القرآن بالقرآن الكريم، والسنة النبوية، وكذلك يذكر الأحاديث والآثار المسندة إلى أصحابها، وأقوال الصحابة والتابعين، كما اهتم باللغة العربية وعلومها، واهتم بالأسانيد ونقدها، واهتم بذكر القراءات المختلفة وأسباب نزول الآيات، كما يشتمل على الأحكام الفقهية، ويعتني بالأحاديث النبوية، ويشتهر بأنه يخلو من الإسرائيليات تقريبًا، ويضعه البعض بعد تفسير الطبري في المنزلة، ويفضله آخرون عليه. لم يحدد ابن كثير تاريخ بدايته في كتابة هذا التفسير ولا تاريخ انتهائه منه، لكن يستنبط البعض الحقبة التي ألفه فيها استنادًا إلى عدد من الأدلة؛ منها: أنه ألف أكثر من نصف التفسير في حياة شيخه المزي (المتوفى 742 هـ)، استنادًا أنه ذكر عند تفسير سورة الأنبياء شيخه المزي ودعا له بطول العمر، وأن عبد الله الزيلعي (المتوفي 762 هـ) اقتبس منه في كتابه تخريج أحاديث الكشاف، مما يدل على أنه قد انتشر قبل عام 762 هـ. ويُرجَح أنه انتهى من التفسير في يوم الجمعة 10 جمادى الآخرة 759 هـ، لما جاء في النسخة المكية والتي تُعتَبر أقدم النسخ، وقد جاء بآخرها: «آخر كتاب فضائل القرآن وبه تم التفسير للحافظ العلامة الرحلة الجهبذ مفيد الطالبين الشيخ عماد الدين إسماعيل الشهير بابن كثير، على يد أفقر العباد إلى الله الغني محمد بن أحمد بن معمر المقري البغدادي، عفا الله عنه ونفعه بالعلم، ووفقه للعمل به آمين بتاريخه يوم الجمعة عاشر جمادى الآخرة من سنة تسع وخمسين وسبعمائة هلالية هجرية». يُعتَبر تفسير القرآن العظيم من الكتب التي انتشرت في خزائن المكتبات الإسلامية، فقد وُجِدت نسخه في مكة والرياض ومصر وإسطنبول والهند والمغرب وإيرلندا وباريس.



جامع البيان عن تأويل آي القرآن المعروف بـ "تفسير الطبري" للإمام محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الشهير بالإمام أبو جعفر الطبري، (224 هـ - 310 هـ - 839 - 923م)، هو من أشهر الكتب الإسلامية المختصة بعلم تفسير القرآن الكريم، ويُعِدَه البعض المرجع الأول التفسير بالمأثور، حيث يذكر الآية من القرآن، ثم يذكر أقوال الصحابة والتابعين في تفسيرها، ويهتم بالقراءات المختلفة في كل آية ويرجح أحداها، ويذكر الأحاديث النبوية والأحكام الفقهية، ويشتهر عنه كثرة القصص الإسرائيلي أو ما يُسمى الإسرائيليات، واعتني به العلماء والباحثون كثيرًا. كان الطبري يحدّث نفسه منذ صباه بكتابة هذا التفسير، وروى ياقوت الحموي أنه كان يستخير الله تعالى قبل أن يشرع في كتابته بثلاثة أعوام، وروى عن الخطيب البغدادي أنه قال: «سمعت علي بن عبيد الله اللغوي يحكي : أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة .»، فقام الطبري بإملاء تفسيره على أبي بكر بن كامل سنة 270 هـ، ثم قام بإملائه على أبي بكر بن بالويه من سنة 283 هـ إلى سنة 290 هـ،لذلك يُعَده بعض العلماء أقدم كتب التفسير التي وصلت كاملة إلى العصر الحاضر، ويلقبون الطبري لذلك بإمام المفسرين.



سورة الفاتحة أو السبع المثاني أو أم الكتاب هي أعظم سورة في القرآن الكريم، لقول النبي محمد: «الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته»، وذلك لأنها افتتح بها المصاحف في الكتابة، ولأنها تفتتح بها الصلاة في القراءة. لسورة الفاتحة أسماء كثيرة عدها السيوطي في كتاب الإتقان في علوم القرآن خمسًا وعشرين اسمًا بين ألقاب وصفات جرت على ألسنة القراء من عهد السلف، ومنها: القرآن العظيم، وسورة الحمد، والوافية، والكافية. ولقد أجمع جمهور العلماء على أن آيات سورة الفاتحة سبع آيات وذلك باتفاق القراء والمفسرين، ولم يشذ عن ذلك إلا ثلاثة: الحسن البصري وقال أنهن ثمان آيات، وقال عمرو بن عبيد والحسين الجعفي أنهن ست آيات، واستدل الجمهور بقول الرسول: «السبع المثاني». وتعد السورة سورة مكية أُنزلت قبل هجرة الرسول من مكة، وهو قول أكثر العلماء، وكان ترتيبها في النزول خامسًا على قول بدر الدين الزركشي بعد سورة العلق وسورة القلم وسورة المزمل وسورة المدثر. اشتملت السورة على أغراض عدة، وهي: حمد الله وتمجيده، والثناء عليه بذكر أسمائه، وتنزيهه عن جميع النقائص، وإثبات البعث والجزاء، وإفراده بالعبادة والاستعانة، والتوجه إليه بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم، والتضرع إليه بتثبيتهم على الصراط المستقيم، والإخبار عن قصص الأمم السابقين، كما اشتملت السورة على الترغيب في الأعمال الصالحة. وذكَّرت بأساسيات الدين: شكر نعم الله في قوله: الحمد لله، والاخلاص لله في قوله: إياك نعبد وإياك نستعين، والصحبة الصالحة في قوله: صراط الذين أنعمت عليهم، وتذكر أسماء الله الحسنى وصفاته في قوله: الرحمن الرحيم، والاستقامة في قوله: اهدنا الصراط المستقيم، والآخرة في قوله: مالك يوم الدين، بالإضافة لأهمية الدعاء في قوله: إياك نعبد، وإياك نستعين. وإن لسورة الفاتحة أهمية كبيرة في الإسلام وكذلك في حياة المسلم، فهي ركن عظيم من أركان الصلاة، فالصلاة لا تصح إذا لم تُقرأ الفاتحة فيها على الرأي الراجح عند جمهور العلماء، فقد روي عن أبي هريرة عن النبي قال: «من صلى صلاةً لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خِدَاجَ - ثلاثاً- غير تمام». وفي رواية أخرى: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».



تفسير البيضاوي هو الاسم الشائع للتفسير المسمى بـ «أنوار التنزيل وأسرار التأويل» قام بتأليفه الإمام شيخ الإسلام قاضي القضاة ناصر الدين البيضاوي (ت. 685 هـ). أحد أهم التفاسير التي حظيت بقبول جمهور أهل السنة، لما حواه من فنون ضمت كثيراً من فضائل تفاسير أخرى، فحظي بالاهتمام والشرح والتدريس في معاهد العلم الديني من أقصى الهند إلى المغرب الأقصى، وعلى رأسها الأزهر في مصر والزيتونة في تونس عدة قرون. وهو من أشهر كتب التفسير وأجمعها أقوالاً وأسهلها تناولاً وأوضحها عبارة مع تلخيص وإيجاز، ويعد من أمهات كتب التفسير بالرأي عند أهل السنة والجماعة. اشتهر هذا التفسير وتلقاه العلماء بالقبول، وذاع ذكره في سائر الأقطار، واشتغل به العلماء إقراءً وتدريسًا وشرحًا، وظل يدرس بالأزهر وغيره من معاهد العلم قرونًا عديدة، وهو كتاب عظيم الشأن غني عن البيان لخص فيه من الكشاف ما يتعلق بالإعراب والمعاني والبيان، ومن التفسير الكبير ما يتعلق بالحكمة والكلام، ومن تفسير الراغب ما يتعلق بالاشتقاق وغوامض الحقائق ولطائف الإشارات، وضم إليه ما رواه زناد فكره من الوجوه المعقولة والتصرفات المقبولة، فكان تفسيره يحتوي فنونًا من العلم وعرة المسالك وأنواعًا من القواعد مختلفة الطرائق، ثم إن هذا الكتاب رزق بحسن القبول عند جمهور الأفاضل والفحول فعكفوا عليه بالدرس والتحشية فمنهم من علق تعليقة على سورة منه، ومنهم من كتب على بعض مواضع منه، ومنهم من حشى تحشية تامة، ومن أوائلها حاشية أبي بكر بن الصائغ الحنبلي (ت: 714 هـ) المسماة «الحسام الماضي وإيضاح غوامض القاضي» احتوت على علوم جمة وفوائد كثيرة، ومنها حاشية الشيخ محمد بن قرة منلا الخسرواني (ت: 785 هـ) وهي من أحسن التعاليق وأرجحها، ومنها حاشية محمد بن محمد بن عبد الرحمن القاهري الشافعي بن إمام الكاملية (ت: 864 هـ) وهي مطولة اشتهرت وتداولها الناس كتابة وقراءة، ومنها حاشية الشيخ الصديقي الخطيب الإمام الكازروني (ت: 940 هـ) أورد فيها ما لا يحصى من الرقائق والحقائق، وقد طبعت مع التفسير في 5 أجزاء بطهران عام 1272 هـ، ثم بمطبعة الميمنية عام 1330 هـ، وحاشية محمد بن الشيخ العارف بالله الشيخ مصلح الدين القوجوي الشهير بشيخ زاده (ت: 951 هـ) وهي من أعظم الحواشي نفعًا وأكثرها فائدة وأسهلها عبارة كتبها على سبيل الإيضاح والبيان في 8 مجلدات ثم اختصرها بعد ذلك فعمت بركتها واستعملها العلماء وانتفع بها الطلاب، وقد طبعت في 3 مجلدات ببولاق عام 1263 هـ باعتناء وضبط الشيخ قُطَّة العدوي، ومنها حاشية القاضي عبد الحكيم السيالكوتي (ت: 1067 هـ) طبعت في القسطنطينية سنة 1271 هـ، ومنها حاشية الشيخ العلامة شهاب الدين أحمد بن محمد الخفاجي المصري (ت: 1069 هـ) المسماة «عناية القاضي وكفاية الراضي»



البسملة أو بسم الله الرحمن الرحيم هي مفتاح القرآن، وأول ما جرى به القلم في اللوح المحفوظ، وأول ما أمر الله به جبريل أن يُقرِأَه النبي محمد:  اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ   ، فكان أول أمر ينزل عليه. معنى بسم الله أي: أبدأ قراءتي باسم الله، أو باسم الله أبدأ قراءتي والبدأ بها للتبرك، اتفق العلماء على أن بسم الله الرحمن الرحيم آية من سورة النمل في قول الله:  إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ   واتفقوا على عدم قراءتها في أول سورة التوبة (سورة براءة)، لأنها نزلت بالسيف ولأنها نزلت بالإذن والأمر من الله بقتال المشركين كافة، وإخراجهم من جزيرة العرب، فلذلك لم يتناسب أن يُبدأ بها بالبسملة، واختلف العلماء هل هي آية من القرآن أو آية من سورة الفاتحة. ذهب جمهور المسلمين على إثباتها في أول سورة الفاتحة، واختلف القراء السبعة على الإتيان بها عند ابتداء القراءة بأول أي سورة من سور القرآن ما عدا سورة التوبة، فمنهم من قرأ بها ومنهم من قرأ بحذفها، والقارئ مخير في الإتيان بها في أجزاء السورة من القرآن. البسملة في اللغة هي كلمة منحوتة من لفظ بسم الله الرحمن الرحيم، يقول ابن عاشور: «البسملة اسم لكلمة باسم الله، صيغ هذا الاسم من حروف الكلمتين بسم والله على طريقة تسمى النَّحْت، وهو صوغ فعلِ مُضِيٍ على زنة "فَعْلَل" مما ينطق به الناس اختصاراً عن ذكر الجملة كلها لقصد التخفيف لكثرة دوران ذلك على الألسنة». كانت البسملة في الجاهلية: باسمك اللهم، فلما نزلت آية: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم، كتبها النبي بهذه الصيغة. للبسملة أهمية كبيرة في حياة المسلم، فقد شرعها الإسلام في كل أمر حسن وخاصة فيما يتعلق بابتداء أفعال العباد، تشرع البسملة وهي قول: بسم الله الرحمن الرحيم في عدة مواضع منها: عند قراءة القرآن الكريم وبخاصة عند الابتداء بأوائل السور باستثناء سورة التوبة، كما تشرع في بداية الكتب والرسائل والخطب والمسائل العلمية، تأسيًا بكتاب الله وبسنة الرسول حين كان يبتدىء بها في كتبه للملوك. للبسملة فضل كبير فقد ورد عن النبي قوله: «أُنزلت عليَّ آيةٌ لم تنزل على نبي غير سليمان بن داود وغيري وهي: بسم الله الرحمن الرحيم».



جوائز محمد السادس للقرآن الكريم هي جوائز سنوية تنظمها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، وتتكون من عدة جوائز، أولها جائزة الكتاتيب القرآنية التي تنقسم إلى ثلاثة أصناف: جائزة على التيسير، وجائزة على منهجية التلقين، وجائزة على المردودية، وقيمة الجائزة الكبرى خمسون ألف درهم في كل صنف. كانت جائزة الكتاتيب القرآنية أول الجوائز انطلاقًا؛ حيث بدأ تنظيمها بعد مرسوم ملكي من ملك المغرب محمد السادس في 12 جمادى الأولى 1423هـ الموافق 23 يوليو 2002م، وحسب ما جاء في المرسوم فإن هدف الجائزة هو: «دعم دور الكتاتيب القرآنية في تكوين الناشئة المسلمة، وتثبيت القيم الإسلامية لديها، وتربيتها التربية الإسلامية المتسمة بالاستقامة والصلاح والاعتدال والتسامح.» وتنقسم إلى ثلاثة أصناف: جائزة على التيسير، وجائزة على منهجية التلقين، وجائزة على المردودية، وقيمة الجائزة الكبرى خمسون ألف درهم في كل صنف، يتم توزيع الجوائز في ليلة القدر. وبعدها تم إصدار جائزة في حفظ القرآن وترتيله وتجويده وتفسيره وتتكون من مسابقة دولية تُقدر قيمتها الكبرى بخمسين ألف درهم وتقام بين مشاركين من أكثر من ثلاثين دولة، وتنقسم إلى فرعين: فرع الحفظ الكامل مع الترتيل والتفسير، وفرع حفظ خمسة أحزاب مع التجويد وحسن الترتيل. ومسابقة وطنية يشارك فيها مشاركون من المغرب فقط، وتنقسم إلى ثلاثة فروع أساسية هي: فرع حفظ القرآن وترتيله، وفرع التجويد بالطريقة المغربية، وفرع التجويد بالطريقة المشرقية. وتُقام على هامش المسابقة الوطنية جائزة الطفل الحافظ، وتقدر قيمتها أيضا بخمسين ألف درهم. ثم صَدَرت جائزة أهل القرآن التي تُمنح للمتميزين في خدمة القرآن أو في علم من علومه والعاملين على نشره وأدائه، وقيمتها مائة ألف درهم.



سُوْرَةُ الكَوْثَر هي سورة مكية، وقيل مدنية، ترتيبها 108 بين سور المصحف البالغة 114 سورة، وعدد آياتها ثلاث آياتٍ، وهي أقصر سور القرآن الكريم إذ تتكون من عشر كلماتٍ واثنين وأربعين حرفاً، وفي ترتيب القرآن الكريم تقع بعد سورة الماعون وقبل سورة الكافرون. وهي السورة الخامسة عشر من حيث النزول (مما يرجح أنها مكية)، فقد نزلت بعد سورة العاديات وقبل سورة التكاثر. تتحدث السورة عن فضل الله تعالى على النبي محمد بن عبد الله، فقد أعطاه نهر الكوثر، وهو أحد أنهار الجنة، فعن عبد الله بن عمر: قال رسول الله : «الكَوْثَرُ نهرٌ في الجنةِ حافَتَاهُ من ذهبٍ ومَجْرَاهُ على الدُّرِّ والياقوتِ تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ من المِسْكِ وماؤُهُ أَحْلَى من العَسَلِ وأَبْيَضُ من الثَّلْجِ»، وأمر الله نبيه في السورة بإدامة الصلاة، ونحر الهدي شُكرًا لله، وبشره في نهايتها بخزي أعدائه، وأن مبغضيه سينقطع ذكرهم. وفقًا لتقسيم المُصحف الشهير الذي يُعتقد أن واضعه هو الحجاج بن يوسف الثقفي، فإن سورة الكوثر تقع في الجزء الثلاثين والأخير من القرآن الكريم والمُسمى جزء عم، وفي آخر حزبٍ وهو الحزب الستون، كما أن الكلمات: (الكوثر) و(انحر) و(الأبتر) لم تردْ في القرآن الكريم إلا في هذه السورة فقط. لا تحتوي السورة على سجدات تلاوة، وعدد حروفها بدون تكرار ستة عشر حرفًا، وهي: (أ، ن، ع، ط، ي، ك، ل، و، ث، ر، ف، ص، ح، ش، هـ، ت). تبدأ السورة بخطاب الله تعالى لنبيه قائلاً إنه أعطاه نهر الكوثر أحد أنهار الجنة وعليه حوضه الذي سترد عليه أمته يوم القيامة وكل من شرب من حوضه لن يظمأ من بعد أبداَ، وهُناك من قال إن لفظة الكوثر يُعنى بها الخير الكثير الذي وهبه الله لنبيه كالنبوة والقرآن الكريم والشفاعة، ثم أمر الله نبيه في الآية الثانية بإدامة الصلاة لله الخالق ربِّ السماوات والأرض، وبذبح النسك طاعةً له -عز وجل-، وفي الآية الثالثة يصف البيان الإلهي الرجلَ الذي يبغض النبي وشمت بوفاة أبنائه الذكور -ويُرجح أنه العاص بن وائل السهمي- بالمُنقطع عن كل خير أو المنقطع العقب.



سورة الناس، هي سورة مكية، وقيل مدنية، من المفصل. عدد آياتها 6 وترتيبها 114 وهي الأخيرة بين سور المصحف في الجزء الثلاثين، نزلت بعد سورة الفلق، وهي السورة الحادية والعشرون وفقًا لترتيب النزول «عند من يُرجِّح أنها مكية». سُمّيت بأسماء عدة، منها: سورة «قلْ أعوذ بربّ النّاس»، و«سورةُ الْمعوّذةِ الثّانية»، ومع سورة الفلق تسمّيان «بالْمعوّذتيْن» أو «المشقشقتين» أو «المقشقشتين»، وتسميتُها في المصاحف وكتب التفسير «سُورَةُ النَّاسِ». ولا يوجد اختلاف تقريبًا في القراءات العشر للسورة، إلا في إمالة كلمة «الناسِ» في رواية حفص الدوري عن الكسائي. وكذلك قراءة ورش عن نافع لـ «قُلْ أَعُوذُ» بنقل حركة الهمزة إلى اللام الساكنة قبلها وحذف الهمزة. تتحدث السورة عن أمر الله للنبي محمد بأن يتعوذ بالله رب الناس من شر الوسواس، ووردت العديد من الأحاديث النبوية في فضلها، فكان النبي يقرأ هاتين المعوذتين إذا آوى إلى فراشه وينفث يديه ويمسح بهما ما أقبل وأدبر من بدنه، ويأمر بقراءتهما دُبُرَ كل صلاة، كما حثَّ النبي على قراءتهما ثلاثًا في الصباح والمساء مع سورة الإخلاص. ذكر المفسرون أن المعوذتين نزلتا بسبب أن لبيد بن الأعصم سَحَرَ النبي محمدًا، وبالرغم من أن قصة لبيد بن الأعصم وردت في الصحيحين إلا أن الربط بينها وبين نزول السورتين لم يرد في الكتب الستة، وقد قيل إنَّ سبب نزولهما أن قريشًا ندبوا من اشتهر بينهم أنه يصيب النبي بعينه -أي بالحسد-، فنزلت المعوذتان ليتعوذ منهم بهما؛ لكن السبب الأول أشهر. وجاء في كتاب «البرهان في تفسير القرآن»: «عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، قَالَ: «كَانَ سَبَبُ نُزُولِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ أَنَّهُ وُعِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فَعَوَّذَهُ بِهِمَا»».



سورة الفلق هي سورة مكية من القرآن، في قسم المفصل، آياتها 5، وترتيبها في المصحف 113، في الجزء الثلاثين، بدأت بفعل أمر  قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ  ، نزلت بعد سورة الفيل، ويُطلق عليها وعلى سورة الناس اسم المعوذتين. سُمّيت بأسماء عدة، منها: سورة «قلْ أعوذ بربّ الفلق»، و«سورةُ الْمعوّذةِ الأولى»، ومع سورة الناس تسمّيان «بالْمعوّذتيْن» أو «المشقشقتين» أو «المقشقشتين»، وتسميتُها في المصاحف وكتب التفسير «سُورَةُ الفلق». لا اختلاف تقريبًا في القراءات العشر للسورة، إلا في قراءة ورش عن نافع لـ «قُلْ أَعُوذُ» بنقل حركة الهمزة إلى اللام الساكنة قبلها وحذف الهمزة. تتحدث السورة عن أمر الله للنبي بأن يتعوذ بالله ربِّهِ من شر ما يُتّقى شره من المخلوقات الشريرة، والأوقات التي يكثر فيها حدوث الشر، والأحوال التي تستتر أفعال الشر من ورائها؛ لئلا يرمى فاعلوها بتبعاتها، فعلَّم الله النبي هذه المعوذة ليتعوذ بها. فاشتملت السورة بالأمر بالاستعاذة من كل شر، ومن الليل إذا أظلم ومن شر الساحرات اللواتي ينفخن في العُقد، ومن شر حسد الحاسدين. وورد العديد من الأحاديث النبوية في فضلها، فكان النبي يقرأ هاتين المعوذتين إذا أوى إلى فراشه وينفث في يديه ويمسح بهما ما أقبل وأدبر من بدنه، ويأمر بقراءتهما دُبُرَ كل صلاة، كما حثَّ النبي على قراءتهما ثلاثًا في الصباح والمساء مع سورة الإخلاص.



سُورَةُ الإِخْلَاصِ هي سورة مكية، من المفصل، آياتها 4، وترتيبها في المصحف 112، في الجزء الثلاثين، بدأت بفعل أمر ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ۝١، ونزلت بعد سورة الناس. لها العديد من الفضائل، فقد ورد العديد من الأحاديث النبوية في فضل سورة الإخلاص، فمن فضلها أن قراءتها تعدل قراءة ثلث القرآن لقول النبي: «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟»، كما أن بها صفة الرحمن، وقراءتها من أذكار النبي الدائمة، فكان يقرؤها إذا أوى إلى فراشه، ويقرؤها في صلاة الوتر، ويقرؤها دبر كل صلاة مكتوبة. وقد أمر النبي بقراءتها مع المعوذتين دبر كل صلاة، كما حث النبي على قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاثًا في الصباح والمساء وأن قراءتهنّ تكفي المرء من كل شيء. تتحدث السورة عن صفة الله تعالى، وإثبات وحدانية الله تعالى، وأنه الصمد الذي لا يقصد في الحوائج غيره، وعن تنزيهه عن سمات المحدثات فليس كمثله شيء وليس له مثيل ولا كفء، وإبطال أن يكون له ابن، وإبطال أن يكون المولود إلهًا مثل عيسى بن مريم. وللسورة العديد من الأسماء التي جاءت في الآثار ومما أطلق عليها العلماء، وتسميتُها في المصاحف وكتب التفسير «سُورَةُ الإخلاص». ولا اختلافَ في القراءات العشر بين كلمات السورة، إلا في كلمة «كُفُوًا». وعدد آياتها أربع آيات، وخمس آيات حسب التعداد المكي والشامي، والاختلاف في اعتبار «لَمْ يَلِدْ» آية، «وَلَمْ يُولَدْ» آية، عدها المكي والشامي آية منفردة ولم يعدها الباقون. أما عدد كلماتها فخمس عشرة كلمة. وحروفها المرسومة 47 حرفًا حسب الرسم العثماني.



سُورَةُ الكَافِرُون هي سورة مكية من مُفَصَّل القرآن، آياتها ستٌّ وترتيبها في المصحف تسعةٌ ومئة بعد سورة الكوثر وقبل سورة النصر، في الجزء الثلاثين، نزلت بعد سورة الماعون. وهي السورة الثامنة عشرة في عداد نزول السور. تتحدث السورة عن البراءة من الكافرين ومما يعبدون، وفيها تأييس الكافرين من أن يوافقهم النبي في شيءٍ مما هم عليه من الكفر سواءٌ كان في الزمن الحالي وقت نزول السورة أو في الزمن المستقبلي، وفيها أن دين الإسلام لا يخالطه شيءٌ من الشرك. وذلك بعدما جاء جماعة من صناديد قريش منهم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل السهمي والأسود بن المطلب وأمية بن خلف إلى النبي يعرضون عليه أن يعبدوا ما يعبد ويعبد ما عبدوا فقالوا: يَا مُحَمَّدُ، هَلُمَّ فَلْنَعْبُدْ مَا تَعْبُدُ، وَتَعْبُدُ مَا نَعْبُدُ، وَنَشْتَرِكُ نَحْنُ وَأَنْتَ فِي أَمْرِنَا كُلِّهِ، فنزلت السورة. لها عدة أسماء جاءت في الآثار ومما أطلق عليها العلماء، وتسميتُها في المصاحف وكتب التفسير «سُورَةُ الْكافِرُونَ». في الكشاف وتفسير ابن عطية وحرز الأماني بـ"سورة الكافرين" بياء الخفض، وعنَّونها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه بسورة "قل يا أيها الكافرون". وذكر الزمخشري في «الكشاف»: أنها وسورة الإخلاص تسميان المقشقشتين، ومن أسمائها أيضًا «سُورَةُ العبادة» و«سُورَةُ الدين» و«سُورَةُ الإخلاص». لا اختلافَ في القراءات العشر للسورة، إلا في كلمتي «وَلِيَ دِينِ»، قرأ حفص عن عاصم ونافع وهشام والبزي بِخُلْفٍ عنه بفتح الياء من "وَلِيَ دِينِ" وأسكنها الباقون من القراء. لها العديد من الفضائل، فقد ورد العديد من الأحاديث النبوية في فضل سورة الكافرون أن قراءتها براءة من الشرك، ووردت بعض الروايات أنها تعدل ربع القرآن، كان النبي يخصصها بالقراءة مع سورة الإخلاص في بعض السنن النوافل مثل ركعتي الطواف، وركعتي سنة الفجر، وركعتي سنة المغرب. كما أوصى النبي لأحد الصحابة أن يقرأها إذا أوى إلى فراشه.



سُورةُ المجادلة سورة مدنيَّة بالإجماع، من المُفصل إِلَّا ما ذُكر في «تفسير القُرطُبِيِّ» أَنَّ الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنها مدنِيٌّ وَبَاقِيَهَا مَكِّيٌّ. وقال محمد بن السائب الكلبي: نزل جميعها بالمدينة؛ غير قوله: ﴿ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ فإنَّها نزلت بمكة. آياتُها اثنتان وعشرون، وهي في المصحفِ السورةُ الثامنة والخمسون، أما في ترتيب النزول فالثالثة بعد المئة، إذ نزلت بعد سورة المنافقون وَقبل سُورَةِ التَّحْرِيم. وهي السُّورةُ الأولى في الجزء الثامن والعشرين في القرآن؛ بدأت بأسلوب توكيد: ﴿قَدْ سَمِعَ، ذُكر لفظ الجلالة في جميع آياتها، لتكون بذلك السورة الوحيدة في القرآن التي تكرر لفظ الجلالة في كل آية من آياتها؛ قال الإمام بدر الدين الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن: «كل آية منها فيها اسمه تعالى وهي سورة المجادلة». سُمِّيتْ في كُتُبِ التَّفسِير وفي المصاحف وكتب السُّنَّة «سورة المجادلة»،(1) وَتُسَمَّى «سُورَةُ قَدْ سَمِعَ»، وسُمِّيت في مُصحف أُبيِّ بن كعب «سُورَةُ الظِّهَارِ». وسُميّت السُّورةُ «سُورة المُجَادِلة»؛ لِأَنَّها اِبتدأْت بِقضِيَّة مُجادلة امْرَأَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامت لما ظاهر منها زوجها، وجاءت النبيَّ محمدًا فأجابها بأنَّها قد حرمت على زوجها، ولم تزل تراجعه حتى أنزل الله هذه الآيات التي بينت حكم الظهار. ومن الأحكام المُستنبطة من السُّورة: حكم الظهار وكفارته في الإسلام، وحكم موالاة غير المؤمنين. ومن الآداب التي اشتملت عليها: «آدابُ مجلِس الرَّسُول » وَالتَّصَدُّقُ «قبل مُناجاة الرَّسُول ».