مذبحة دير ياسين

مذبحة دير ياسين
جزء من حرب 1948	حرب التطهير العرقي لفلسطين 1947–48، والتطهير العرقي لفلسطين
دير ياسين اليوم
المعلومات
البلد	فلسطين الانتدابية
الموقع	فلسطين المحتلة دير ياسين، القدس
الإحداثيات	31°47′11″N 35°10′41″E
التاريخ	9 ابريل 1948
الهدف	الاهالي و المدنيين في القرية
نوع الهجوم	استراتيجية الأرض المحروقة، الإبادة الجماعية
الخسائر
الوفيات	الاهالي (التقديرات العربية 250-360، التقديرات الغربية 109)/ المليشيات اليهودية 4
الإصابات	الاهالي 12 / المليشيات اليهودية 35
المنفذون	أرجون شتيرن

مذبحة دير ياسين هي مذبحة حدثت في فجر يوم 9 أبريل/نيسان 1948. نفذتها عصابات صهيونية مسلحة تمثلت في منظمتي الأرغون وشتيرن، بدعم من عناصر من الهاغاناه والبلماح، في قرية دير ياسين الواقعة غرب مدينة القدس، وذلك بهدف تهجير سكانها وبث الرعب في نفوس الفلسطينيين ودفعهم للنزوح عن قراهم. خلفت المجزرة، بحسب المصادر الفلسطينية، نحو 254 شهيدًا من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، وشكّلت علامة فارقة في تاريخ نكبة فلسطين عام 1948.

موقع دير ياسين وتاريخها

تقع قرية دير ياسين على منحدرات تل يبلغ ارتفاعه حوالي 800 متر، وتبعد قرابة كيلومتر واحد فقط عن الضواحي الغربية لمدينة القدس. تميزت بموقعها الاستراتيجي، وارتبطت بالقدس عبر طريق ترابية تمر عبر مستوطنة جفعات شاؤول، وكانت أقرب القرى العربية إليها عين كارم ولفتا.

شهدت القرية نموًا ديموغرافيًا ملحوظًا، حيث ارتفع عدد سكانها من 428 نسمة عام 1931 إلى حوالي 750 عام 1948، وكان فيها 144 منزلاً. كما نشطت اقتصاديًا، حيث كان أكثر من نصف أراضيها المزروعة (2700 دونم تقريبًا) تُستغل للزراعة، لاسيما أشجار اللوز والتين والزيتون وكروم العنب.

بدأ الاستيطان اليهودي في دير ياسين في أوائل القرن العشرين، وتحديدًا عام 1906. وفي أثناء الحرب العالمية الأولى، قامت الإمبراطورية العثمانية بتحصين مرتفعاتها ضمن منظومة الدفاع عن القدس، إلا أن قوات الجنرال إدموند اللنبي البريطانية اقتحمتها عام 1917، ما أدى إلى سقوط القدس في يد الحلفاء.

على الرغم من أن اليهود عاشوا في دير ياسين بأمان، فإن العلاقات بينهم وبين سكان القرية الفلسطينيين تدهورت خلال ثورة 1936-1939، ثم ما لبثت أن تحسنت مجددًا إلى أن اندلعت نكبة 1948.

خلفية سياسية وعسكرية

وقعت مجزرة دير ياسين في سياق صراع مسلح متصاعد بين المنظمات الصهيونية والسكان الفلسطينيين، في الفترة التي تلت صدور قرار تقسيم فلسطين في نوفمبر/تشرين الثاني 1947. كانت قرية دير ياسين قد عقدت اتفاق سلام وعدم اعتداء مع المستوطنات المجاورة، من بينها جفعات شاؤول، وذلك في يناير/كانون الثاني 1948، إلا أن الاتفاق لم يمنع وقوع المجزرة.

في تلك الفترة، كانت منظمة الهاغاناه قد بدأت تنفيذ خطة دالت، التي هدفت إلى السيطرة على الأراضي المخصصة للدولة اليهودية وفق قرار التقسيم، واحتلال أراضٍ عربية إضافية عبر القوة المسلحة والتطهير العرقي، وكان من أبرز أهدافها مدينة القدس وضواحيها.

جاء قرار مهاجمة دير ياسين من قبل الأرغون وشتيرن في 6 أبريل، بعد نجاح الهاغاناه في احتلال قرية القسطل القريبة، والتي قُتل فيها القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني. وقد اختيرت دير ياسين لهجوم رمزي وعقابي، لكونها قرية غنية ولم تشترك في أي مواجهات عسكرية ضد القوات الصهيونية، إضافة إلى رغبة المنفذين في الانتقام والنهب وبث الرعب.

تفاصيل المجزرة

في فجر الجمعة 9 أبريل/نيسان 1948، بدأت العملية العسكرية ضد دير ياسين. قُسّمت القوات المهاجمة إلى أربع مجموعات انطلقت من مستوطنات بيت هكيرم وجفعات شاؤول، مدعومة بمصفحة تحمل مكبرات صوت دعت السكان للاستسلام ومغادرة القرية. قاوم سكان القرية الهجوم ببنادق قديمة حتى نفدت ذخيرتهم، لكن سرعان ما تحوّلت المعركة إلى مجزرة جماعية.

وبحسب المصادر، ارتكب عناصر الأرغون وشتيرن عمليات قتل جماعي طالت الرجال والنساء والأطفال، مع عمليات تمثيل بالجثث، وحرق المنازل، وقتل الأهالي وهم يحاولون الهرب. نُفّذت المذبحة بقيادة مناحيم بيغن، الذي أصبح لاحقًا رئيس وزراء إسرائيل (1977–1983)، وإسحق شامير، الذي تولى المنصب ذاته لاحقًا (1983–1992).

أُعدم أكثر من 25 أسيرًا من الرجال بعد عرضهم في شوارع القدس بشاحنات، في استعراض "نصر"، قبل أن يُطلق عليهم الرصاص. كما نقلت عصابات شتيرن والأرغون نحو 150 من النساء والأطفال والشيوخ إلى القدس الغربية، حيث أُجبروا على السير بين الحشود قبل إطلاق سراحهم في المناطق العربية، ليُخبروا بما حدث في قريتهم.

وبحسب جاك دو رينييه، ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والذي دخل القرية بعد يومين من المذبحة، فقد وجد "مشاهد مروعة" من جثث مكدسة وسكاكين مضرجة بالدماء، ووصف منفذي المجزرة بأنهم "مراهقون مدججون بالسلاح يتباهون بمهماتهم الدموية".

الأثر السياسي والإعلامي

بعد تنفيذ المجزرة، عقدت الأرغون وشتيرن مؤتمرًا صحافيًا في القدس دعوا إليه صحفيين أمريكيين فقط، وتباهوا فيه بـ"الانتصار العسكري". وأعلنت الإذاعات العبرية والدولية أن 245 عربيًا قتلوا، وهو رقم فاق التقديرات الفلسطينية التي أشارت إلى استشهاد 100 إلى 254 شخصًا، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ. ويُعتقد أن الهدف من تضخيم الأرقام كان ترهيب سكان القرى والمدن الفلسطينية الأخرى ودفعهم إلى الفرار.

أدت المجزرة إلى موجة من الذعر، وساهمت في تسريع حركة النزوح الجماعي للفلسطينيين. كما أثرت في مواقف بعض الدول العربية، إذ أعلن الملك فاروق بعد أيام من المجزرة عن استعداد الجيش المصري للمشاركة في الدفاع عن فلسطين.

بعد المجزرة

مع انتهاء حرب 1948، تم تهجير سكان دير ياسين بالكامل، ولم يُسمح لهم بالعودة إليها. وقد قامت السلطات الإسرائيلية لاحقًا بتحويل مباني القرية إلى مصحّ للأمراض العقلية، وأحاطتها بسياج ومنعت دخولها دون إذن خاص، في محاولة لطمس معالم المجزرة. يُعتبر ما حدث في دير ياسين نموذجًا لسياسة التطهير العرقي التي اتبعتها المنظمات الصهيونية المسلحة خلال النكبة، وأصبحت المجزرة رمزًا لمأساة الفلسطينيين وللعمليات الممنهجة التي أدت إلى تهجير مئات الآلاف من وطنهم.

وصلات خارجية

• حقوق الإنسان